نقد حجج المرجئة فى باب الايمان
ذكر شيخ الإسلام أن للمرجئة حججا - بسببها اشتبه الأمر عليهم، فوقعوا في الغلط في باب الإيمان.
يقول رحمه الله: "والمرجئة الذين قالوا الإيمان تصديق القلب وقول اللسان، والأعمال ليست منه، كان منهم طائفة من فقهاء الكوفة وعبادها، ولم يكن قولهم مثل قول جهم،...، ولكن هؤلاء لهم حجج شرعية بسببها اشتبه الأمر عليهم:
فإنهم رأوا أن الله قد فرق في كتابه بين الإيمان والعمل، فقال في غير موضع: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ [البقرة: 277].
ورأوا أن الله خاطب الإنسان بالإيمان قبل وجود الأعمال، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة: 6]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ[الجمعة: 9].
وقالوا: لو أن رجلا آمن بالله ورسوله ضحوة، ومات قبل أن يجب عليه شيء من الأعمال، مات مؤمنا، وكان من أهل الجنة، فدل على أن الأعمال ليست من الإيمان"،-------------- ثم قال شيخ الإسلام:
"والمرجئة - المتكلمون منهم، والفقهاء منهم - يقولون: إن الأعمال قد تسمى إيمانا مجازا؛ لأن العمل ثمرة الإيمان ومقتضاه؛ ولأنها دليل عليه.
ويقولون: قوله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)): مجاز" (1) .
فهذه أربع حجج ساقها شيخ الإسلام في هذا الموضع، وهي حجج مشتركة بين فقهاء المرجئة وغيرهم من المرجئة،وثمة حجج أخرى مشتركة بينهم أيضا، ومنها:
- توهمهم أن الإيمان لو كان مركبا للزم منه ذهابه كله بذهاب بعضه، ولخرج العصاة من الإيمان، وهذا قول الخوارج، وللزم منه اجتماع الإيمان والكفر في الشخص، وهذا مخالف للإجماع عندهم.
- دعواهم أن الإيمان في اللغة مجرد التصديق.
- الاحتجاج بنصوص الوعد.
- الاحتجاج بحديث الجارية.
فهذه هي حجج المرجئة فيما ذهبوا إليه اشتركوا بالقول بها، وقد بلغت سبع حجج، سيقت على وجه الإجمال، وتحتجا إلى تفصيل يبين وجه الاستدلال، وجواب يزيل الإشكال----[موسوعة الفرق]