النجاح والفشل بين القوة والضعف

هدى محمد نبيه

قد يعتقد الكثيرون ممن اطلعوا على عنوان المقالة أنني اقصد بالنجاح هنا القوة، وبالتالي فأن الضعف يساوى الفشل، وإذا كنت عزيزي القارئ قد فهمت عنوان مقالتي على هذا النحو فأقول لك لقد أخطأت فهم مقصدي ومغزاي، فليس كل ناجح قوى، وليس كل فاشل ضعيف، قد يتعجب الكثيرون من هذا القول ويتساءلون ماذا يعنى هذا القول؟، فهل يمكن أن يكون الناجح ضعيف؟، وهل يمكن أن يكون الفاشل قويا؟!

نعم، أقولها بكل ثقة، فالشخص ضعيف الشخصية قد ينجح وقد يفشل، كما أن الشخص قوى الشخصية قد ينجح وقد يفشل، لكن الاختلاف هنا يكمن في كيفية استقبال الشخص للنجاح والفشل، ويكمن أيضا في مدى تأثير النجاح والفشل في كلتا الشخصيتين، وشتان هنا بين الشخصية القوية والشخصية الضعيفة.

تأثير الفشل على الشخصية الضعيفة:

الفشل هو عجز الشخص عن الوصول إلى الهدف الذي كان يسعى إليه، وليس هناك عيب من أن يفشل الإنسان في تحقيق آيا من أهدافه، وليس من الخطأ أن يحس هذا الشخص بالألم نتيجة لهذا الإخفاق، لكن تكمن المشكلة في السلوك الناتج عن هذا الفشل.

والشخص الضعيف حينما يقع في الفشل فإنه يواجه هذا الفشل بإحدى الطرق الآتية:

1 – الهروب من المشكلة، وتخيل نفسه أنه لم يفشل ويعيش في جو من أحلام اليقظة ينسجه لنفسه، وذلك حتى يخرج من نطاق الإحساس بالألم، إلا أن هروبه هذا لن يستمر طويلا، ولا يلبث إلا أن يستيقظ من أحلامه على واقع مرير وخيبة أمل كبيرة.

2 – إرجاع سبب فشله إلى عوامل خارجية؛ فيتهم الشخص ضعيف الشخصية من حوله بأنهم السبب في وقوعه في الفشل، ويعلق أسباب فشله على عوامل خارجية بحيث يبطل أي اتهام له بالتقصير والإهمال الذي نتج عنه وقوعه في الفشل.

3 – التقليل من الذات؛ فيه يتهم الشخص نفسه بالفشل ويشعر بالدونية، ويتقوقع داخل نفسه، وينعزل عن العالم الخارجي خوفا من أن يصاب بالفشل مرة أخرى.

تأثير الفشل على الشخصية القوية:

الشخصية القوية حينما تصاب بالفشل فإن موقفها تجاه نفسها يكون موقفا موضوعيا، فتحاول دراسة الأسباب التي أدت إلى وقوعها في الفشل، ومحاولة الوصول إلى انسب الحلول لعلاج هذا الفشل وعدم تكراره في المستقبل، والشخصية القوية إذا ما أخفقت في تحقيق هدف من أهدافها فإنها لا تستبعده وإنما تحاول التعديل فيه وفقا للرؤيا الجديدة التي نتجت عن دراسة أسباب الفشل، والاستعانة بالوسائل الصحيحة التي تمكنه من تحقيق هدفه.

تأثير النجاح على الشخصية الضعيفة:

الشخصية الضعيفة حينما تنجح في أمر من أمور الحياة، فانه يكون نجاحا بالمصادفة وليس نجاحا قائما على أسس وقواعد ثابتة.

فالشخصية الضعيفة إذا ما قدر لها النجاح فإن الفرحة تغمرها بشكل كبير، فهذه الشخصية غير معتادة على النجاح، ولا تضعه دائما في حسبانها، فهو نجاح غير مخطط، غير متوقع، غير مدروس، ليس له أسباب واضحة.

وضعيف الشخصية إذا ما صادفه النجاح فإنه يكون دائم التباهي والتفاخر به، كما أنه لن يفكر في الاستفادة من هذا النجاح للوصول إلى نجاح آخر أو تحقيق هدف جديد.

تأثير النجاح على الشخصية القوية:

تستقبل الشخصية القوية نجاحها بفرحة عادية، وسرعان ما يتحول الشخص القوى الشخصية إلى شخصية ناقدة لنجاحه، فيبدأ في محاسبة نفسه عن النقص الذي شاب هذا النجاح، فنجاحه هذا كان نتيجة لخطة مدروسة ولم يكن من قبيل الصدفة أو المفاجأة.

ولا يقف قوى الشخصية أمام نجاحاته كثيرا، بل يتقدم نحو الهدف التالي في مجموعة أهدافه التي وضعها بدراسة ودقة، فهو يسير على أرض صلبه، ويعمل على بناء كيانه في المجتمع على أساس متين لا يشوبه ضعف أو تهاون أو تقصير أو إهمال.

والشخص الناجح قوى الشخصية يرى دائما من هم أعلى منه في النجاح، ويسعى دائما لأن يكون الأفضل.

لن نعيش أبدا في هذه الحياة في فشل دائم، كما لن نبقى في نجاح مستمر، لكن الواجب علينا أن نهزم الفشل إذا منينا به، ونتعلم كيف نحل محله النجاح، وذلك بالاستفادة من الخبرات التي مرت في حياتنا، سواء كانت خبرات سارة أو خبرات حزينة، خبرات نجاح أو خبرات فشل، كما يتعين علينا الاستفادة من خبرات الآخرين، سواء كانت خبرات إيجابية ناجحة، أو خبرات سلبية فاشلة.