الصراحة ماء الوداد


هند الزميع


إن الصراحة المنضبطة هي من لوازم الحياة الهانئة المستقرة التي تمنح صاحبها راحة نفسية، فيما قد يتخبط غيره من ملتوي الأفكار والهواجس في البحث عنها, إذ هي النصيحة الصادقة والتعبير عن وجهات النظر بأدب وجرأة يجملها الحق وحسن الخلق.
وهي تعني كما ورد في كتاب الخلق الكامل: الوضوح والخلوص من الالتواء, وإظهار ما تنطوي عليه النفس من غير تحريف ولا مواربة, بحيث تكون أفكاره واضحة جلية, وبحيث توافق أفعاله أقواله.
إن الصراحة ترفع من شأن صاحبها خاصة إن أجاد توظيفها فعند الاعتراف بالخطأ ترفع هذه الصراحة شأنه وتهبه قوة لم يحتسبها؛ لأن في ذلك وضوح مع النفس وكذلك وضوح مع الآخرين يبعث على الطمأنينة وعدم التخوف من مستور حاول توريته.
أما أصحاب الطرق الملتوية - الذين يخفون في داخلهم عالم يحاولون ستره عن الآخرين والتعامل بخلافه - فهم يعيشون في قلق دائم وتوتر لا يهنأ لهم عيش معه حتى وإن تظاهروا بالقوة والاستقرار.
وكذلك فالصراحة تنتزع كل بوادر الشكوك والظنون السلبية التي من شأنها أن تهدم بيوتا وعلاقات اجتماعية, ولهذا فهي مطلب أسري مُلح؛ لأن من تعيش معهم تحتاج لأن تمنحهم استقرارا نفسيا وراحة لا أن تتركهم في اضطراب نفسي يقعون على إثره فريسة للغموض الذي تعاملهم فيه.
إن الحياة الجميلة تحتاج لأن تسقى بماء الوداد ليحلو معها العيش وتزدان التضحيات, ولعل عذوبة هذا الماء تستسقى من الصراحة والوضوح، لكن لنحذر من خلط المفاهيم والميل بمفهوم الصراحة إلى حد السذاجة, والبوح بكل شيء دون حدود أو حواجز لمن يلزمنا ومن لا يلزمنا؛ لأن هذا ليس من تمام الحكمة والعقل وهو يجعل الشخص بلا هوية شخصية.