خدعوك فقالوا: "قيراط حظ ولا فدَّان شطارة"


رشا عرفة




"فلان محظوظ" كلمتان كثيرا ما نسمعهما يترددان على ألسنة الكثير من الناس، فمن يمتلك المال.. إنسان محظوظ، ومن يحقق الشهرة والنجاح.. إنسان محظوظ، ومن يمتلك الجمال.. إنسان محظوظ، ومن يحوز على حب الناس.. إنسان محظوظ، حتى أصبحنا نرجع كل شئ للحظ، بل نلقي على سوء الحظ مسؤولية فشلنا، ليصبح سوء الحظ الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا دون أن نفكر ولو لبرهة أن هذا الفشل قد يكون بسبب تقصيرمنا، بل نقف مكتوفي الأيدى لا ينطق لساننا إلا بكلمة واحدة "أنا إنسان سيئ الحظ".
لكن ترى هل الحظ هو السلم السحري للنجاح؟ ومتى يكون الإنسان محظوظا؟ وهل فشلنا في تحقيق هدف ما يعني أننا أشخاص غير محظوظين؟ وما هي مقومات النجاح؟
هذه الأسئلة وغيرها حاولت "رسالة المرأة" الإجابة عنها من خلال لقائها بالكاتبة السودانية والخبيرة الإجتماعية عواطف عبد اللطيف، فكان هذا الحوار:
برأيك هل الحظ هو السلم السحري للنجاح؟
لا أؤمن بالحظ، والحظ ليس هو السلم السحري للنجاح، بل التخطيط السليم، والاجتهاد، والمثابرة، ثم التوكل على الله، هم السلم السحري للنجاح وليس الحظ.
ولكن البعض يعتقد أن للحظ دورا كبيرا في تحقيق النجاح، هل هذا الاعتقاد صحيح؟
هذا اعتقاد خاطئ، فكما أقول دائما إن الإنسان الذي يجد ويجتهد ويثابر ويتحدى الصعاب هو من يستطيع تحقيق النجاح، وخاصة في الوقت الحالي، حيث التقدم المعرفي والتكنولوجي، وديننا الحنيف أمرنا بذلك لقول الله تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ)، و لكن للأسف هناك بعض الأنشطة التسويقية التي ترسخ فكرة الاتكالية عند البعض، وتجعلهم يعتقدون أن الحظ له دور كبير في الفوز والنجاح، وهذا غير صحيح، فمن جد وجد ومن زرع حصد.
كثرا ما نسمع مقولة "قيراط حظ ولا فدان شطارة" ما رأيك في هذه المقولة؟
أنا لست مع هذه المقولة، فالشطارة هي الأهم، فالإنسان الشاطر الذي يمتلك من القدرات ما يؤهله لتحقيق ما يصبو إليه هو الانسان الناجح، والشطارة تكون نابعة من الجهد الذهني، والفكري، والقناعة الشخصية، والخبرات التي يكتسبها الفرد في مختلف مجالات الحياة.
"فلان محظوظ" كثيرا ما نسمع هذه الكلمة تتردد على ألسنة الكثير من الناس، يصفون بها شخصا ما، من وجهة نظرك متى أقول إن هذا إنسان محظوظ؟
قد يكون الإنسان محظوظا إذا كان يمتلك قدرات ما، ولكن عن نفسي لا أؤمن بشيء اسمه الحظ، فطوال حياتي أرى أن الجد والاجتهاد والمثابرة ومحاولة تقوية الذات هم أساس النجاح، وهم السلم السحري لتحقيق ما يصبو إليه الإنسان، وهذا الأمر ليس له علاقة بالحظ، فكيف أقف مكتوف الأيدي وأقول هذا حظ؟ حتى أنني أرى أن امتلاك الإنسان لأى مواهب أو قدرات ما هي إلا نعمة من الله، يجب علينا استغلالها الاستغلال الأمثل، وليس لها أي علاقة بالحظ.
البعض يرجع فشله في كثير من الأمور لسوء الحظ؟ ما رأيك في ذلك؟ وماذا تقولين لهم؟
في حياتي ما اعتمدت على الحظ، وأنا ضد الخجول والارتكان والاتكالية، وقد تلعب الصدفة دورا في تغيير مسار بعض الأشخاص، ولكن هذا ليس قاعدة، فالقاعدة الأساسية هى الجد والاجتهاد والإرادة، إذن يجب على الإنسان القيام بما عليه من واجبات، وأن يكون لديه هدف ما يخطط له، ويجد ويجتهد من أجل تحقيقة وسيصل حتما للنجاح.
إذن ما هي مقومات النجاح؟
مقومات النجاح عديدة، أولها الإرادة، أي أن يكون عند الإنسان إرادة قوية، وعزيمة لتحقيق ما يصبو إليه، فهناك الكثير من الأفراد الناجحين الذين وصلوا إلى أرقى المناصب، وحققوا العديد من الإنجازات، ورغم صعوبة ظروفهم إلا أن عزمهم وإرادتهم هي من جعلتهم يثبتون ذاتهم، ثانيا الانفتاح الثقافي والمعرفي، والاستخدام الأمثل للقدرات التي حبانا الله إياها.
بالطبع هناك العديد من المميزات التي تميز الشخصية الناجحة، برأيك ما هي هذه المميزات؟
البساطة، الاعتزاز بالنفس، حسن التعامل مع الآخرين، أن يكون قادرا على إقامة علاقات اجتماعية وثقافية.
ومتى أقول إن هذا الإنسان ناجح؟
النجاح أمر نسبي، فمثلا الأسرة المترابطة والمستقرة، والتي تستطيع أن تربي جيلا ناجحا ومتفوقا علميا هي أسرة ناجحة، وكذلك قد يمتلك الإنسان خبرات قليلة لكنه إنسان ناجح، لأنه يمتلك القدرة على إجادة فن التعامل مع الآخرين، ولديه أخلاقيات، وعلى الجانب الآخر قد يكون الإنسان متفوقا علميا وحاصلا على الشهادات العليا ولكنه غير نافع لمجتمعه، اذن هذا الإنسان لا جدوى منه، ولا أستطيع أن أطلق عليه "إنسان ناجح".