تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

    جمعت فى هذا الموضوع متفرقات فى مسألة تعلق الصفات - تسهل على طالب العلم فهم المسألة -------------الأشياء - عند المناطقة- لا يخرج وجودها خارج الذهن عن ثلاثة أقسام: فإما أن يستحيل وجودها، أو يستحيل عدمها، أو لا يستحيل لا وجودها ولا عدمها.

    فالأول هو الممتنع الوجود، والثاني هو الواجب الوجود، والثالث هو الممكن الوجود.
    والقدرة من حيث هي، إنما تتعلق بالممكن، لا بالواجب ولا بالممتنع؛ لأن الوجود والعدم فيهما تقتضيه ذاتهما، وعلى هذا دار تعريف أهل العلم للأقسام الثلاثة، كما قال السيوطي في (معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم):
    - الوَاجِب: مَا اقْتَضَت ذَاته وجوده فِي الْخَارِج.
    - المُمْتَنِعُ: مَا اقْتَضَت ذَاته عدم وجوده فِي الْخَارِج.
    - المُمْكِن: مَا لم تقتض ذَاته فِي الْخَارِج وجودًا وَلَا عدمًا. اهـ.
    وقال ابن حزم في (التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية): اعلم أن عناصر الأشياء كلها، أي: أقسامها، في الإخبار عنها، ثلاثة أقسام لا رابع لها:
    إما: واجب وهو الذي قد وجب وظهر، أو ما يكون مما لا بد من كونه، كطلوع الشمس كل صباح، وما أشبه ذلك. وهذا يسمى في الشرائع: "الفرض واللازم".
    وإما ممكن، وهو: الذي قد يكون وقد لا يكون، وذلك مثل توقعنا أن تمطر غدًا، وما أشبه ذلك، وهذا يسمى في الشرع: "الحلال والمباح".
    وإما ممتنع، وهو: الذي لا سبيل إليه، كبقاء الإنسان تحت الماء يومًا كاملًا .. وهذه التي إذا ظهرت من إنسان علمنا أنه نبي. وهذا القسم يسمى في الشرائع: "الحرام والمحظور". اهـ.
    وقال الكفوي في (الكليات) في تعريف الشيئية الثبوتية: هي ثبوت المعلومات في علم الله، متميزًا بعضها عن بعض، وهي على أقسام:
    ـ أحدها: ما يجب وجوده في العين، كذات الواجب سبحانه.
    ـ وثانيها: ما يمكن بروزه من العلم إلى العين، وهو الممكنات.
    ـ وثالثها: ما لا يمكن، وهو الممتنعات.
    ومتعلق إرادته وقدرته هو القسم الثاني، دون الأول، والثالث، ومن هنا يقال: مقدورات الله أقل من معلوماته؛ لشمول العلم الممتنعات، مع عدم تناهي المقدورات وانقطاعها ... ولا يلزم من القول بتعلق القدرة على كل الممكنات، وجوب وجود جميعها؛ لأن تعلقها غير كاف في الوجود، بل يجب تعلق الإرادة حتى يوجد الممكن بالقدرة ... وإنما لم يتعلقا بالقسم الأول، والثالث؛ لأنهما لما كانتا صفتين مؤثرتين، ومن لازم الأثر أن يكون موجودًا بعد عدم، لزم أن ما لا يقبل العدم أصلًا، كالواجب، لا يقبل أن يكون أثرًا لهما، وإلا لزم تحصيل الحاصل. وما لا يقبل الوجود أصلًا، كالمستحيل، لا يقبل أيضًا أن يكون أثرًا لها، وإلا لزم قلب الحقائق برجوع المستحيل عين الجائز، فلا قصور فيهما، كما لا نقص بعدم تعلق الرؤيا بالمعدومات، والسمع بالألوان ... ثم الممتنع إما ممتنع الكون لنفسه في علم الله تعالى، كاجتماع الضدين، وكون الشيء الواحد في آن واحد في مكانين، ونحوه. وإما ممتنع الكون لا باعتبار ذاته، بل باعتبار تعلق العلم بأنه لا يوجد، أو غير ذلك، كوجود عالم آخر وراء هذا العالم أو قبله، فما كان من القسم الأول فهو لا محالة غير مقدور، من غير خلاف، وما كان من القسم الثاني، فنقول فيه: إن الممكن من حيث هو ممكن، لا ينبو عن تعلق القدرة به، والقدرة من حيث هي قدرة، لا يستحيل تعلقها بما هو في ذاته ممكن إذا قطع النظر عن غيره، ولا معنى لكونه مقدورًا غير هذا، وإطلاق اسم المقدور عليه بالنظر إلى العرف، وإلى الوضع باعتبار هذا المعنى، غير مستبعد، وإن كان وجوده ممتنعًا باعتبار غيره. اهـ.
    وبهذا يتضح للسائل صحة فهمه، حينما قرب الممتنع بأنه: (الذي لا يدخل تحت القدرة، كالجمع بين النقيضين).
    قال الغزالي في (معيار العلم في فن المنطق): الممتنع أيضًا منقسم إلى: ممتنع لذاته، وإلى ممتنع لغيره. فاجتماع السواد والبياض ممتنع لذاته، وكون السلب والإثبات في شيء واحد صادقًا، ممتنعًا لذاته. وفرض القيامة اليوم، وقد علم الله تعالى أنه لا يقيمها اليوم: مستحيل، ولكن لا لذاته، كاستحالة الجمع بين البياض والسواد، ولكن لسبق علم الله بأنه لا يكون، واستحالة كون العلم جهلًا، فكان امتناعه لغيره لا لذاته. اهـ.[اسلام ويب ]---------------------------------

    قال الشارح في شرحه للواسطية
    - وأما القدرة فهي الصّفة التي تتعلق بالممكنات إيجاداً وإعداماً ؛ لعلّ هذا الأسلوب قد يكون جديدا على صغار الطلبة.
    قدرة الله تعالى لها تعلق؛ بم تتعلق القدرة ؟
    - الأشياء تنقسم إلى ثلاثة: واجبات، ومستحيلات، وجائزات، والجائز يقال له: ممكن ، الجائز والممكن بمعنى واحد، ما يقبل الوجود والعدم، أو ما وجد بعد أن كان معدوماً ثم يؤول أمره إلى العدم ، هذا يقال له: جائز، ويقال له: ممكن، الكون كله جائز وممكن.
    - أما الواجبات فذاتُ الله سبحانه وتعالى وصفاته وأسماؤه ، أي: الثابت ، الذي لم يسبق بعدمٍ ولا يلحقه عدم ، لذلك يقال في حق الله تعالى: واجب الوجود ؛ لأنه وجوده لم يسبق بعدم، وجود أزلي ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في تفسير بعض أسماء الله تعالى: " أنت الأوّل فليس قبلك شيء ، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء"، هذا هو الواجب ، واجب الوجود الدائم الباقي ، الآخر الذي ليس بعده شيء. (أما الجائز، عفوا الجائز قد عرفناه).
    - المستحيل: المستحيل ما لا وجود له، ما يستحيل وجوده ولا يليق بالله أن يوجد ذلك المستحيل لا عجزا ؛ بل لأن قدرته لا تتعلق بالمستحيل، ولا يليق بالله تعالى إيجاد المستحيل ، هذه النقطة مهمة جدا، قد يأتي سؤال المتعنّتين من علماء الكلام إذا ناقشك لإثبات الصفات ووُفّقت وأفهمته منها سؤال ؛ هذا السؤال ورد هذه الأيام : هل الله قادر على أن يخلق له شريكا أو صاحبة أو ولداً ؟ هكذا يسألك ، كما قيل: "لكل سؤال جواب" ، يجب أن تهيِّأ الإجابة لأنك تعيش في وقت اختلط فيه الصّالح بالطّالح وكثُرت الملل وإن كانت تنتَسِب إلى الإسلام فهي ملل، ملل غير إسلامية منتسبة للإسلام تعيش بين المسلمين.
    من يجرؤون على مثل هذا السؤال للتشكيك إما إنهم كفار أو يقربون من الكفر وقد خرج من قلوبهم تعظيم الله ؛ وعلى كلٍّ لا بد من جواب.
    - الجواب أن يقال: إن قدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات ، أما الله سبحانه فهو على كل شيء قدير .
    إن حققنا المسألة على أصول أهل الكلام لفظة: "شيء" لا تطلق على المستحيل ، والله على كل شيء قدير، المعدوم والمستحيل ليس بشيء ، أي: إن قدرة الله لا تتعلق بذلك لأن الله عليم حكيم لا يليق بالله سبحانه وتعالى أن تتعلّق قدرته بتلك المستحيلات فيوجدَها، لا لأنه عاجز عن إيجادها؛ تُثبت لله القدرة وتنفي عنه سبحانه وتعالى ما لا يليق به ، فإنه لا يفعل ذلك لأنها من الأمور التي لا تليق بالله تعالى وهي المعروفة عند علماء الكلام بالمستحيلات ؛ إذن قدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات، ولا تتعلق بالواجبات ولكنها تتعلق بالممكنات فقط أو بالجائزات.
    أما الواجبات، لماذا لا تتعلّق بالواجبات ؟ لأن الواجب لا يوصف بالإيجاد والإعدام ؛ ذات الله وصفات الله الذّاتية القديمة لا توصف لا بالإيجاد ولا بالإعدام ، إذن قدرة الله لا تتعلّق بالواجبات أي: لا تتعلق بذات الله تعالى وأسمائه وصفاته لأنها ليست بمخلوقة ، ولا تتعلق بالمستحيلات.
    إذن بما تتعلق قدرة الله تعالى ؟ بالممكنات أو بالجائزات ؛ هذا معنى كلام الشيخ: "فهي الصفة التي تتعلق بالممكنات إيجاداً وإعداما" (1)
    - ما لا يقبل ولا يخضع للإيجاد والإعدام كالواجبات لا تتعلق بها القدرة ، ما لا يقبل الإيجاد لكونه مستحيلا لا تتعلق به القدرة ، مفهوم؟ فرقوا بين الأمور هذه، ما لا يخضع للإيجاد والإعدام، لكونه واجباً أزليّاً كذات الله تعالى وأسمائه وصفاته لا تتعلق بها القدرة ، وما لا يخضع أو لا يصلح أو لا يليق إيجاده كالمستحيلات أو وهو المستحيلات لا تتعلق بها القدرة ، إذن قدرة الله تعالى تتعلّق بالممكنات أو بالجائزات.
    - لعل هذا البحث حيث إنه بحث اصطلاحيّ من اصطلاح علماء الكلام ولكنه دخل على السلف المتأخر الذين ناقشوا الخلف ؛ ممكن الاستفادة من بعض كتب الأشاعرة في مثل هذه المسألة، بالنسبة للناضج، الطالب الناضج يمكن يرجع إلى حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد أو حاشية البيجوري على السّنوسية ليبحث متعلّق قدرة الله تعالى ؛ متعلق الصفات كلها، هم يبحثون عن متعلق الصفات كلها، ممكن البحث وما فهمت فهمت وما لم تفهم تسأل وتكون على علم لأنك قد تُفاجأ في مناقشة ومناظرة من هذا الباب من القوم ، إذا كنت غافلا ولست على علم أو اطلاع قد تفاجأ بأن تنكر الحقّ وأنت لا تدري ، لذلك ينبغي الاطلاع على هذه الكتب وهي في متناول أيديكم فتطالعوا فتسألوا ما أشكل عليكم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

    قال بن عثيمين رحمه الله -ثم قال المؤلف السفارينى -رحمه الله تعالى:
    8- فيعلم الواجب والمحالا ... كجائز في حقه تعالى

    الشرح - قوله: (فيعلم) يعني من جملة علم التوحيد، أن به يعلم الواجب والمحال والجائز في حق الله تعالى.
    فيعلم الواجب في حق الله، ويعلم المستحيل في حق الله، ويعلم الجائز في حق الله، فالأقسام إذا ثلاثة: واجب، ومستحيل، وجائز، ويقال للواجب أحيانا اللازم، ويقال للمحال أحيانا الممنوع، ويقال للجائز أحيانا الممكن، والمدار على المعنى.
    أما الواجب في حق الله تعالى: فهو ما لا يتصور عدمه بالنسبة إليه، فكل شيء لا يتصور عدمه بالنسبة لله فهو واجب، فمثلا الحياة من الواجب، والعلم من الواجب، والقدرة من الواجب، والقوة من الواجب، والأمثلة في هذا كثيرة، فكل ما لا يتصور عدمه فهو واجب.
    وأما المستحيل: فهو كل ما لا يتصور وجوده، فالذي لا يتصور وجوده هو المستحيل، مثل الموت والعجز والضعف والجهل والنسيان وما أشبه ذلك. فهذا كله ممتنع في حق الله عز وجل.
    والضابط في هذا أن كل كمال فهو من الواجب في حق الله تعالى، وكل نقص فهو من الممتنع في حق الله عز وجل.
    وأما الجائز: فهو ما جاز وجوده وعدمه بالنسبة للخالق، مثل النزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرض، وخلق شيء معين كخلق ذباب مثلا، وخلق السماوات، وخلق الأرض، هذا من الأمور الجائزة، لأنه يجوز أن لا يخلق الله هذا لاشيء ويجوز أن يخلقه؛ فلو لم يخلقه لم يكن ذلك نقصا، ولو خلقه لم يكن نقصا، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا كلها من الأمور الجائزة.
    فإذا قال قائل: إن إثبات الجائز في حق الله ممنوع لأنه إن كان وجوده كمالا كان عدمه نقصا، وإن كان عدمه كمالا كان وجوده نقصا، وحينئذ لابد أن يكون إما موجودا فيكون من الواجب أو معدوما فيكون من المستحيل، فلا يتصور شيء جائز في حق الله؟
    فالجواب على هذا أن نقول: هو كمال في حال وجوده، نقص في حال عدمه إن كان من الموجودات، أو هو كمال في حال عدمه نقص في حال وجوده، فمثلا إذا اقتضت الحكمة أن يوجد هذا الشيء فوجد صار كمالا، ووجوده قبل اقتضاء الحكمة نقص، وإذا اقتضت الحكمة عدمه كان وجوده نقصا، ووجوده في حال اقتضاء الحكمة عدمه نقص.
    وبهذا يمكن أن نقول إن هناك شيئا جائزا في حق الله، ويكون وجوده في حال اقتضاء الحكمة كمالا، ويكون عدمه في حال اقتضاء الحكمة كمالا، فنزول الله إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، في هذه الحال كمال، وفي غير هذه الحال لا يكون كمالا؛ لان الله عز وجل اقتضت حكمته أن يكون نزوله في هذا الوقت فقط، ولو اقتضت الحكمة أن ينزل في غير هذا الوقت ولم ينزل كان عدم النزول نقصا، وهذا شيء مستحيل في حق الله عز وجل.
    فالحاصل: أنه لو أورد علينا إنسان إيرادا، وقال: إن تقسيمكم الأشياء إلى ثلاثة: واجب ومستحيل وجائز، تقسيم غير صحيح. فالشيء إما واجب وإما مستحيل، أما جائز فلا؛ لأنه إن كان وجوده كمالا وجب أن يكون موجودا دائما، وإن كان عدمه كمالا وجب أن يكون معدوما دائما، نقول هو كمال في حال وجوده إذا اقتضت الحكمة وجوده، وهو كمال في حال عدمه إذا اقتضت الحكمة عدمه، وحينئذ يصح هذا التقسيم.
    قال: (كجائز في حقه تعالى) سبق أن مثلنا للواجب بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وأشياء كثيرة، وللممنوع: بالموت والعجز والضعف والجهل وما أشبه ذلك، وللجائز بالنزول للسماء الدنيا، وكذلك الاستواء على العرش، وكذلك الكلام باعتبار أفراده، فإن الله يجوز أن يتكلم بهذا أو ألا يتكلم به.-[شرح السفارينية]----------------------------
    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله في شرح السفارينية:
    قول المؤلف : ( تعلقت بممكن ) :
    نقول : ضده المستحيل ،فالمستحيل لا تتعلق به القدرة ،لأنه على اسمه مستحيل ،لكن يجب أن نعلم حتى لا يتوهم واهم أننا خصصنا ما عمه الله أو قيد ما أطلقه ،يجب أن نعلم أن المستحيل نوعان :

    1 -
    مستحيل لذاته ،
    2 -
    ومستحيل لغيره ،
    فالمستحيل لذاته : ما لا يمكن أن تتعلق به القدرة ،كما مثلنا وقلنا : لو قال قائل : هل يقدر الله أن يخلق مثله ؟

    قلنا : هذا مستحيل لذاته ،لأن المماثلة مستحيل ، أدنى ما نقول : أن نقول : أن هذا مخلوق والرب خالق ، فتنتفي المماثلة على كل حال .

    الشيء الثاني : المستحيل لغيره ؛ بمعنى أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم ،ولكن الله قادر على أن يخرمها ،

    هذا نقول : إن
    القدرة تتعلق به ،فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزاً واقعاً بحسب القدرة ،وهذا الشيء كثير ،كل آيات الأنبياء الكونية من هذا الباب مستحيل لغيره ،انشقاق القمر للرسول عليه الصلاة والسلام مستحيل لغيره لكن لذاته غير مستحيل ، نحن الآن نرى أنه من المستحيل أن الشمس تنزل وتكون فوق المنارة ،لو جاءنا واحد وقال : إنني مررت بمنارة ووجدت أن الشمس موضوعة فوق المنارة بالضبط ،ماذا نقول ؟هذا كذب مستحيل ، لكن مستحيل لغيره أو لذاته ؟حسب ما أجرى الله العادة ،لكن الله قادر على أن تكون الشمس على مستوى منارة بل دون المنارة ،فإنه يوم القيامة تكون على رؤوس الناس بقدر ميل ،فعبارة المؤلف رحمه الله تحتاج إلى بيان في قوله : ( تعلقت بممكن ) ،فإن ظاهر كلامه أن القدرة لا تتعلق بالمستحيل ،ونحن نقول لا بد في ذلك من التفصيل :
    وهو أن المستحيل لذاته لا تتعلق به القدرة ، لأنه ليس بموجود ولا يمكن أن يوجد ولا يفرضه الذهن ،هل يمكن أن يكون الشيء متحركاً ساكناً
    ؟لا يمكن ،لأنه إذا كان متحركاً فليس بساكن ،إن كان ساكناً فليس بمتحرك .
    أما المستحيل لغيره يعني بحيث يكون بحسب العادة غير ممكن ،فهذا تتعلق به القدرة ،وإذا طُلِبَ منا مثلٌ لذلك ، قلنا : ما أكثر الأمثلة ،كل آيات الأنبياء الكونية من هذا الباب في العادة ،لو أحد قال : أنا سأضرب هذا الحجر ، ضربه بعصاه قال : فانفلق اثني عشر عين ،ماذا نقول ؟هذا مستحيل حسب العادة ،
    لو تضرب حجراً بعصاً من حديد حتى يتفتت الحجر ما جاءك اثني عشر عين ،لكن هل هو مستحيل لذاته ؟ لا ، لأن الله جعله لموسى ،
    إنسان معه عصا وقال أنا أضع هذه العصا ويكون حية ، ماذا نقول ؟
    نقول : هذا ليس بصحيح ،لا يمكن أن يكون حية ، حتى في السحر لا يمكن أن يكون حية ،إنما يكون حية بالسحر حسب نظرنا ، لكن حقيقةً لا ليس بحية ،لكن يمكن أن يكون العصا حية حقيقية حسب القدرة قدرة الله ،فكون العصا حيةً مستحيل لغيره ،لكنه لقدرة الله ليس مستحيلاً ،ولهذا كان عصا موسى ينقلب حية حقيقية تلقف تأكل.
    الإنسان مخلوق من لطين لو واحد صنع تمثالاً على شكل إنسان أو على شكل طير ، على شكل طير أحسن لكي توافق الآية التي لعيسى صنع تمثالاً على شكل طير، وقام ينفخ فيه وقال طار طير طار نصدقه ،لأن هذا مستحيل حسب العادة لكنه مستحيل لغيره ،وأما حسب القدرة فليس بمستحيل ،ولهذا جعله الله آيةً لعيسى يخلق تمثالاً على شكل الطير ثم ينفخ فيه فيطير ،لم يذكر المؤلف متعلقاً للحياة ،لأن الحياة لا متعلق لها ،قوله : ( بممكن ) : يخرج به المستحيل ،المستحيل لغيره له أمثلة كثيرة منها :

    فخلق عيسى عليه الصلاة والسلام من غير أب أمرٌ مستحيل في العادة ،

    لا يمكن أن يوجد ولد بلا أب وخلق ولد بلا أم أيضاً مستحيل ،ولد بلا أم مستحيل في العادة ما من ولد إلا وله أم ،ولكن في حواء صار لها أبٌ وليس لها أم ،كذلك يستحيل في العادة أن يوجد ولدٌ بلا أمٍّ ولا أب ،
    فلو جاءنا رجل وقال : ابشروا وجدت ولداً نابتاًَ في السطح ،ماذا نقول له ؟ نقول : هذا مجنون لا يمكن أن يكون هكذا ،ولكن هذا مستحيل لغيره لو شاء الله أن يخلقه لخلقه ،أليس الناس إذا دُفِنوا في القبور فإن الأرض تأكل أجسامهم كلها إلا عَجْبَ الذَّنَب ؟!!!
    ومع ذلك يتكون من هذا التراب يتكون آدمي بشر ،وآدم عليه الصلاة والسلام كان خُلِق من الطين ، وهذا مستحيل لغيره حسب العادة ولكن الله قادر عليه.-----
    والعلم والكلام قد تعلقا ، ،
    بكل شيء يا خليلي مطلقا ،ت
    قوله : ( والعلم والكلام قد تعلقا بكل شيء ) : يعني يمكن أن الله يتكلم بالشيء المستحيل ويعلم الشيء المستحيل ،
    فالله سبحانه وتعالى يقول : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } ( الأنبياء 22 ) .
    فقال : بالمستحيل يعني تكلم عن شيء مستحيل ،
    { وما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله } ( المؤمنون 91 ) فتكلم بشيء مستحيل ،
    والعلم يتعلق بالمستحيل والدليل هاتان الآيتان { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } هذا خبر يخبر الله أنه لو كان في السماء والأرض آلهة إلا الله لفسدتا ، هذا خبر عن شيء مستحيل ،
    إذن الكلام يتعلق بالمستحيل ويتعلق بالواجب من باب أولى ،
    فالله تعالى يتكلم بالشيء الواجب ومما تكلم به من الأمور الواجبة أن الله واحدٌ لا شريك له :
    { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } ( آل عمران 18 ) .
    العلم أيضاً تعلق بالماضي والمستقبل والحاضر ، لأن الله بكل شيء عليم كل شيء فالله عليم به ،
    ******************
    39 - وسمعه سبحانه كالبصر ،
    بكل مسموع وكل مبصر ،
    إذن السمع يتعلق بالمسموعات لا بكل شيء فلا يتعلق بالمرئيات ، ما يقال : سمع الله فلاناً أي نظر إليه إنما يتعلق السمع بالمسموعات والبصر بالمبصرات ، والأفعال من شأن البصر ، لأن الفعل يرى ولا يسمع بل الذي يسمع حركة الفاعل مثلاً والأقوال من متعلقات السمع ،
    إذن الأفعال من متعلقات البصر والأقوال من متعلقات السمع ،
    ولهذا قال : ( بكل مسموع ) ، كالأقوال ( وكل مبصر ) كالأفعال ،
    ماذا بقي من الصفات السبع ؟
    بقي واحدة وهي الحياة ،
    الحياة لا تتعلق بشيء بائن عن الله عز وجل ،
    لأن الحياة وصف لازم لذاته لا تتعدى لغيره فلهذا لم يذكر له المؤلف متعلقاً ،..............فهذه سبع صفات ذكرها المؤلف ،
    ولكن إذا قال قائل : لماذا لم يذكر غيرها ؟
    الجواب : أنها هي الصفات التي اتفق عليها السلف وأهل التأويل من الأشعرية ونحوهم ،
    فلهذا خصّها المؤلف بالذكر لأنها محل اتفاق ،
    أما السلف فيثبتون لله تعالى أكثر من هذه الصفات أكثر من سبع أكثر من سبعين صفة يثبتونها لله يثبتون لله كل ما وصف به نفسه من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والحفظ والرضا والغضب وغير ذلك مما وصف الله به نفسه ،
    لكن الأشاعرة لا يثبتون إلا هذه الصفات السبع فقط.........
    فلهذا نقول : إن مذهب أهل السنة والجماعة مع مذهب الأشاعرة متماثل في عد هذه الصفات السبع وثبوتها ،
    وإن كان يختلف في كيفية إثباتها ،
    صارت هذه الصفات الست :
    اثنان منها تتعلق بكل شيء وهما العلم والكلام ،
    واثنان تتعلقان بالممكن وجوداً وعدماً وهما القدرة والإرادة ،[شرح السفارينية-بن عثيمين]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

    كما لا نقص بعدم تعلق الرؤيا بالمعدومات، والسمع بالألوان
    حل شبهة لتقريب صورة المسالة:[منقول عن طالب علم]
    لو قال إنسان لآخر: يا أخي أنت بصرك ضعيف فيه نقص!
    فقال الآخر: لماذا؟
    قال: لأنك لا تستطيع السماع ببصرك!
    فيقول: وهل من كمال البصر أن يُسمع به؟! إنّ مناط (مجال) صفة (البصر) المرئيات.
    فلو قلت لي: بصرك فيه نقص لأنّك لا ترى ما خلف تلك الجبال البعيدة لقلت لك:
    هذا صحيح فبصر المخلوقات فيه نقص على تفاوت بينهم، وإن كان بصري 6 * 6 لكن غاية قدرة الإنسان على رؤية مسافة ميل وكلما بعدت المسافة قلّت دقة التفاصيل حتى ينتهي عند الميل...وهذا الجبال أبعد من الميل.
    أما أن تقول لي: بصرك ضعيف لأنك لا تسمع به فهذا خارج عن مناط ومجال البصر، وهذا كما تقول يا أخي : (قدمك) فيها نقص لأنّك لا تستطيع التفكير بها! فهل من وظائف القدم التفكير!! هذا سفه.

    إذا فهم السائل أو السائلة هذا انحل الإشكال:
    الآن القدرة هذه الصفة ما هي وظيفتها:
    إخراج الممكنات -أي القابلة للوجود والعدم- من العدم إلى الوجود! أو العكس!
    فتعلق القدرة و(مناطها) و (مجالها) - بالممكنات.
    وكما قلنا تعلق البصر بالمرئيات ،وتعلق السمع - بالمسموعات والأصوات.
    أما شيء لا يمكن أن يُوجد ممتنع، أو لا يمكن أن يُعدم = واجب الوجود، هذا لا يدخل تحتها وتحت ما تختص به.
    فكما سبق أنّ قول القائل: قدمك فيها نقص لأنها لا تفكر" قلنا: هذا القول : باطل وقائله مخطئ.
    فهكذا قول من يقول: هذه القدرة المعينة فيها نقص لأنها لا تستطيع إعدام الواجبات أو إيجاد الممتنعات..هذا كذلك خطأ في تصور المسالة ومغالطة لمن يفهم.

    فالآن جواب الشبهه:
    هل يستطيع الله أن يُعدم نفسه ؟
    فنسأل السائل: هل وجود الله مُمكن أم واجب؟
    يعني بعبارة أخرى: هل الله أوجده شيء! أم كان موجودًا منذ الأزل؟!
    فإن قال أوجده شيء، فإذن هذا الذي يظنه الله ليس هو الله - نبدأ نناقشه في وجوده ..الخ وهذا مجاله آخر.
    لكن كلامنا هو مع صاحب الجواب الثاني وهو من يقول:
    كان موجودًا منذ الأزل!
    هنا نقول:
    معنى كلامك بأن صفة الوجود هي ملازمة لذات الخالق! لأنه لم يكتسبها من غيره (لم يخلقه غيره والعياذ بالله!) فإذن هي ملازمة له! فكان واجب الوجود أي ذاته لا تقبل العدم.
    مثاله:
    الكتاب مكون من ورق أو ألواح..الخ، الورق أو الألواح المكتوب فيها هذا ملازم لوصف الكتاب، لو انعدم لانعدم الوصف، لما كان كتابا.
    هنا الأمر مثله:
    أنت أقررت أن الله موجود منذ الأزل صفة الوجود فيه لازمه له، فتصورك بأنّ هذه الصفة ممكن تفارقه ويحل محلها العدم ، نقض لما أقررت به سابقا بأن هذه الصفة لازمه له، فالنتيجة للقضية نقضت المقدمة، فتصورك أصلا باطل، كما قلنا في الكتاب:
    يقول لك هذا كتاب ثم يقول لك تصور كتاب من غير ورق أو ألواح...لا يمكن :
    إما أنك لا تدري ما هو الكتاب، وإما يلزمك الإقرار بأن تصورك الثاني هذا لا يمكن وجوده...وهذا هو المراد

    فصار إعدام الله لنفسه ما هو ممتنع مستحيل لأن أوله ينقض آخره والعكس، فالآن نرجع لما قررناه:
    هل القدرة من متعلقها ومناطها ومجالها الممتنعات أو المستحيلات ؟
    الجواب:
    لا.
    كما أن السمع لا تعلق له بالمرئيات، فكون الله لا يقدر على إعدام نفسه - لو سلمنا بصحة هذا التعبير - لا يدل على نقص في صفة القدرة بل هي تامة كاملة ، بل يدل تصور هذه القضية على كمال الله وكمال صفة الوجود وأنّها غير قابلة للعدم.
    إذا فهمت هذا وتأملته أو تأملتيه انحل الإشكال وصار كقول القائل:
    حججٌ تهافت كالزجاج تخالـ** *ـــها حق وكل كاسر مكسور-----------------------------
    ومن لازم الأثر أن يكون موجودًا بعد عدم، لزم أن ما لا يقبل العدم أصلًا، كالواجب، لا يقبل أن يكون أثرًا لهما، وإلا لزم تحصيل الحاصل. وما لا يقبل الوجود أصلًا، كالمستحيل، لا يقبل أيضًا أن يكون أثرًا لها، وإلا لزم قلب الحقائق برجوع المستحيل عين الجائز، فلا قصور فيهما
    --لا تتعلق القدرة بالواجب والمستحيل لأنها إن تعلقت بوجود الواجب لزم تحصيل الحاصل ولا معنى له.

    وان تعلقت بعدمه لزم انقلاب حقيقة الواجب وحقيقته لا تقبل العدم"أي المستحيل" فلزم المطلوب وهو أن القدرة لا تتعلق إلا بالممكن "أي الجائز"وان تعلقت بالمستحيل لإعدامه لزم تحصيل الحاصل أيضا ولا معنى له وان تعلقت بوجوده لزم انقلاب حقيقة المستحيل وحقيقته لا تقبل الوجود فلزم المطلوب وهو أن القدرة لا تتعلق إلا بالممكن.

    وبناءا على هذا فان القدرة والإرادة لا تتعلقان بالمستحيل ولا بالواجب.مصداقا لقوله تعالى "ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد " سورة ق آية 29

    لما قررناه من أن المستحيل لا يقبل الوجود وان واجب الوجود لا يقبل العدم ولا يلزم من عدم تعلقهما بالواجبات والمستحيلات نسبة العجز والقصور إنما يلزمان فيما يمكن أن تتعلق به القدرة والإرادة ولم تتعلق به.

    أما ما لا يمكن أن تتعلق به فلا يلزم فيه ذلك أصلا ولا شك إن الواجبات والمستحيلات لا يمكن تعلق القدرة والإرادة بهما لما علمت والله الموفق[منقول]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

    هذا بحث جيد جدا ومهم متعلق بموضوعنا للاخ-عبد الباسط بن يوسف الغريب- انقله هنا لتتم الفائدة-التعلق والمتعلقات عند الأشاعرة
    تقسيم الأشاعرة لصفات الله
    يقسم الأشاعرة الصفات إلى أربعة أقسام :
    1ـ صفات معاني .
    2ـ الصفات المعنوية.
    3 ـ الصفات السلبية .
    4 ـ الصفة النفسية .
    وصفات المعاني يعرفونها بأنها ما دل علي معنى وجودي قائم بالذات , وهي عندهم سبع صفات :
    الحياة , والعلم , والقدرة , والإرادة , والبصر , والكلام , والسمع
    ويقسمون صفات المعاني حسب تعلقها :
    1ـ ما يتعلق بالممكنات فقط وهما صفتا الإرادة والقدرة , القدرة تعلقها تعلق إيجاد , والإرادة تعلقها تعلق تخصيص .
    2ـ ما يتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلات وهما صفتا العلم والكلام
    3ـ ما يتعلق بالموجودات فقط , وهما صفتا السمع والبصر
    4ـ ما لا يتعلق بشيء وهي صفة الحياة .
    ومعنى التعلق عندهم هو طلب صفات المعاني أمراً زائداً علي قيامها بالذات يصلح لها .
    الصفات الفعلية أو الاختيارية وموقف الأشاعرة منها
    قال شيخ الإسلام عن مذهب المتكلمين كالأشاعرة والكلابية : يقولون هو متصف بالصفات التي ليس له عليها قدرة , ولا تكون بمشيئته ؛ فأما ما يكون بمشيئته ؛ فإنه حادث , والرب تعالى لا تقوم به الحوادث ويسمون الصفات الاختيارية بمسألة حلول الحوادث
    فإنه إذا كلم موسى بن عمران بمشيئته وقدرته , وناداه حين أتاه بقدرته وبمشيئته كان ذلك النداء , والكلام حادثاً .
    قالوا : فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث .
    قالوا : ولو قامت به الحوادث لم يخل منها و ما لم يخل من الحوادث فهو حادث .
    "مجموع الفتاوى "(6/220)
    وبناء على ذلك التزم المتكلمون نفي صفات الله الفعلية والاختيارية و ترتب على هذه المسألة وهي إنكار قيام الصفات الاختيارية بالله عز وجل مسائل عدة منها إنكار أو تأويل كل صفة يفهم منها التجدد أو الاستمرارية لله عز وجل .
    وفرارا من ذلك قال الأشاعرة بالتعلقات وقال الماتريدية بالتكوين والخلاف بينهم لفظي .
    فقالوا بالفرق بين قيام الصفة بالله منذ الأزل وبين قيامها بالله بعد ذلك فقالوا إن إضافتها إلى الله ليست إضافة حقيقية وإنما هي إضافة نسبة وتعلق .
    وقد قسموا التعلق إلى تعلق قديم صلوحي وتعلق تنجيزي حادث .
    ويعنون بالأول قيام الصفة بالله سبحانه وتعالى منذ الأزل .
    وبالثاني قيامها به بعد ذلك .
    ومعنى التعلق عندهم هو طلب صفات المعاني أمراً زائداً علي قيامها بالذات يصلح لها .
    والتعلق التنجيزي عندهم أمر إضافي أي ليس وجوديا،بل عدمي .
    وقد عجزوا عن توضيح مسألة التعلقات حتى قال القرطبي : إن الخوض في تعلقات الصفات واختصاصاتها من تدقيقات الكلام، وإن العجز عن إدراكه غير مضر في الاعتقاد !.
    والمراد بصفة التكوين عند الماتريدية صفات الفعل: وهي ما يرجع إلى التكوين من الصفات كالتخليق والترزيق والإحياء والإماتة .
    فصفة التكوين هو أنه سبحانه يكون الأشياء فيخلق ويصور ويبريء ويحيي ويميت بقوله كن فيكون . وهذه الصفات من الخلق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها، كلها تعلقات لهذه الصفة الأزلية .
    نقد المتعلقات عند الأشاعرة
    وهنا مسألة مهمة أن أهل السنة والجماعة يقولون بالتعلق ولكن الفرق بين أهل السنة والأشاعرة والماتريدية كما يلي :
    التعلق معناه الارتباط بين شيئين مثلا بين الفعل والمفعول .
    فأهل السنة يقولون التعلق وجودي أي حقيقي بين الفعل الصادر عن الفاعل وبين المفعول .
    أما الأشاعرة فالتعلق عدمي أي مجرد نسبة وإضافة من غير تعلق حقيقي وهذه مسألة مهمة ينبغي أن يتنبه إليها طالب العلم .
    وقد وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال : الكلابية يقولون فى جميع هذا الباب المتجدد هو تعلق بين الأمر والمأمور وبين الإرادة والمراد وبين السمع والبصر والمسموع والمرئي فيقال لهم هذا التعلق إما أن يكون وجودا وإما أن يكون عدما فإن كان عدما فلم يتجدد شيء فإن العدم لا شيء وإن كان وجودا بطل قولهم .
    وأيضا فحدوث تعلق هو نسبة وإضافة من غير حدوث ما يوجب ذلك ممتنع فلا يحدث نسبة وإضافة إلا بحدوث أمر وجودي يقتضى ذلك .
    الفتاوى الكبرى (6|229)


    قدمنا أن الأشاعرة يقسمون صفات المعاني من حيث متعلقها :

    1ـ ما يتعلق بالممكنات فقط وهما صفتا الإرادة والقدرة , القدرة تعلقها تعلق إيجاد , والإرادة تعلقها تعلق تخصيص .
    2ـ ما يتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلات وهما صفتا العلم والكلام
    3ـ ما يتعلق بالموجودات فقط , وهما صفتا السمع والبصر
    4ـ ما لا يتعلق بشيء وهي صفة الحياة .
    أولا : ما يتعلق بالممكنات فقط وهما صفتا الإرادة والقدرة , القدرة تعلقها تعلق إيجاد , والإرادة تعلقها تعلق تخصيص .
    أ- يرى الأشاعرة أن قدرة الله تتعلق فقط بالممكنات ؛ وتعلقها تعلق إيجاد أو إعدام قال تعالى :{ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} ؛ والإرادة كذلك متعلقة بالممكنات وتعلقها تعلق تخصيص ؛ وهذه النقطة وافقهم عليها أهل السنة والجماعة في الجملة .
    ب- كذلك وافق أهل السنة والجماعة الأشاعرة في أن قدرة الله لا تتعلق بالمستحيلات لأن المستحيل ليس بشيء على الصحيح ؛ ومن يظهر خطأ من يسأل مثلا هل يستطيع الله عز وجل أن يخلق إلها مثله ؟ ومثل هذا السؤال لا يصح أصلا لأن وجود آله آخر مستحيل وليس لأن الله عاجز عنه ولكن المستحيل ليس بشيء
    ت- بالنسبة لتعلق قدرة الله بالواجبات ؛ وجدت من أهل السنة من يوافقهم على أن قدرة الله لا تتعلق بالواجبات ووجه ذلك أن الواجب لا يوصف بالإيجاد والإعدام وأما من استدركها على الأشاعرة فمن باب أن الأشاعرة ينفون صفات الله الفعلية الاختيارية فهم يرون أنه لا تقوم به سبحانه فلو جعلوا القدرة متعلقة به سبحانه للزم من ذلك إثبات الصفات الاختيارية وهي التي تتعلق بقدرته من التكلم والنزول والمجيء إلخ -والصواب -أن يفصل في هذه المسألة على قاعدة أهل السنة في الأمور التي تحتمل حقا وباطلا فإن أريد بتعلق قدرة الله بالواجبات نفي الصفات الاختيارية فلا يسلم لهم بذلك .
    ث- الأشاعرة يفرقون بين قيام قدرة الله في الأزل وبين تجددها؛ فالقدرة واحدة عندهم وهي تعلقها الصلوحي وأما التنجيزي بعد ذلك فهو عدمي مجرد نسبة وإضافة من غير تجدد أو استمرارية .
    وما ذكرناه في القدرة هو نفسه في الإرادة مع التنبه أن الأشاعرة ينكرون الإرادة الشرعية وهي المتعلقة بالرضى والمحبة .
    ثانيا :ما يتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلات وهما صفتا العلم والكلام .
    أ- وافق أهل السنة والجماعة الأشاعرة في أن علم الله وكلامه يتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلات ؛ فالله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون . وكذا كلامه فالله قد تكلم عن ذاته وصفاته وأسمائه وتكلم عن المخلوقات وتكلم عن المستحيلات .
    ب- لكن الأشاعرة يفرقون بين اللفظ والمعنى فالقرآن مثلا عندهم هو دال على كلام الله النفسي .
    ت- طبعا وينكرون قيام الكلام بالله أو أنه يتكلم متى شاء بما شاء كما هو معروف من مذهب أهل السنة .
    ثالثا : ما يتعلق بالموجودات فقط , وهما صفتا السمع والبصر .
    أ- وافق أهل السنة والجماعة الأشاعرة في أن السمع والبصر متعلق بالممكنات فالسمع متعلق بالمسموعات والبصر متعلق بالمبصرات .
    ب – لكن الأشاعرة تفرق بين قيام هذه الصفات بالله منذ الأزل وبين قيامها بعد ذلك فمنذ الأزل تعلقها صلوحي وما بعد ذلك عند حدوث المسموعات والمبصرات تعلقها تنجيزي وهو غير حقيقي بل عدمي وهو فقط نسبة وإضافة ؛ فهم ينكرون في الحقيقة قيام هاتين الصفتين بالله تعالى ؛ وأهل السنة يقولون تعلقهما حقيقي وجودي أي يسمع ويبصر ويتجدد له السمع والبصر حسب ما يليق بجلاله .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وإنما المقصود هنا أنه إذا كان يسمع ويبصر الأقوال والأعمال بعد أن وجدت فإما أن يقال أنه تجدد وكان لا يسمعها ولا يبصرها فهو بعد أن خلقها لا يسمعها ولا يبصرها وإن تجدد شيء فإما أن يكون وجودا أو عدما فإن كان عدما فلم يتجدد شيء وإن كان وجودا فإما أن يكون قائما بذات الله أو قائما بذات غيره و الثاني يستلزم أن يكون ذلك الغير هو الذي يسمع ويرى فيتعين أن ذلك السمع والرؤية الموجودين قائم بذات الله وهذا لا حيلة فيه .
    الكلابية يقولون في جميع هذا الباب المتجدد هو تعلق بين الأمر والمأمور وبين الإرادة والمراد وبين السمع والبصر والمسموع والمرئي فيقال لهم هذا التعلق إما أن يكون وجودا وإما أن يكون عدما فإن كان عدما فلم يتجدد شيء فإن العدم لا شيء وإن كان وجودا بطل قولهم .
    وأيضا فحدوث تعلق هو نسبة وإضافة من غير حدوث ما يوجب ذلك ممتنع فلا يحدث نسبة وإضافة إلا بحدوث أمر وجودي يقتضى ذلك .
    الفتاوى (6|229)

    رابعا : ما لا يتعلق بشيء وهي صفة الحياة .
    أ- وافق أهل السنة الأشاعرة في أن صفة الحياة لا تتعلق بشيء فهي صفة قائمة بالذات ولا تَعلُّق لها .
    والحمد الله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .http://majles.alukah.net/t26381/

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الممتنع والواجب والممكن-وما هى تعلقات القدرة؟

    تتمَّه للفائدة يقول بن عثيمين رحمه الله فى شرح السفارينية - السؤال : أحسن الله إليكم ذكرنا حين بيَّنا المستحيل بذاته قلنا خلق الله مثله أقول يا شيخ التمثيل بهذا المثال ،،،، ؟
    الجواب : هذا مشهور عند العلماء .
    يعني لو قال قائل : هل يقدر الله أن يخلق مثله ؟
    فليس فيه شيء نحن مثلنا به للمستحيل وليس بالجائز أي أن هذا ليس بإقرار أن الله يخلق مثله هذا إنكار بأن الله يخلق مثله ،
    السؤال : لكن يا شيخ لو نترك هذا المثال ونمثل دائماً بالحركة والسكون ؟
    الجواب : ليس بلازم ليس بلازم ،
    السؤال : ( غير واضح ) ؟
    الجواب : هذه مشهورة حتى أن ابن القيم رحمه الله 239 ذكرها في مفتاح دار السعادة 240 وغيره .
    وذكر أن الشيطان جاء للعابد لما قال جنود الشيطان للشيطان : لماذا تفرح بموت العالم أكثر مما تفرح بموت العابد ، والعابد يتعبد لله دائماً ليل ونهار ؟
    قال : لأن هذا أضر علي العالم أضر علي من العابد .
    وضرب لهم مثلاً قالوا لهم : تعالوا نذهب نمشي جاءوا للعابد .
    قالوا له : يا أيها الرجل هل يستطيع الرجل أن يخلق مثله ؟ -
    قال : يستطيع الله على كل شيء قدير حاكم الله واستدل المسكين جهل مركب قالوا طيب هل يستطيع الله أن يجعل السماوات والأرض كلها في قشر بيضة ؟
    قال : لا يمكن ، لا يستطيع ، مستحيل .
    وذهبوا للعالم وسألوه هذا السؤال .
    قال : أما الأول فهذا مستحيل ولا يمكن أما الثاني فإن الله قادر على أن يكبر هذا القشر ويصغر السماوات والأرض فتكون السماوات والأرض فتكون السماوات والأرض في قشر البيضة .
    أما يجعل السماوات والأرض بحالتها الحاضرة في قشر بيضة فهذا من المستحيل الذي لا تتعلق به القدرة أصلاً .[شرح السفارينية -بن عثيمين]


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •