بسم الله الرحمن الرحيم
- سبق أن طرح أخي أبوفهر السلفي مقالا عن سبب عدم اعتداد أهل السنة بخلاف الزيدية وغيرهم من أهل البدع ( أُغلق فيمابعد) ، وقد علقت عليه أن من لايعتد بالحديث النبوي الوارد في كتب أهل السنة، كيف يُعتد بخلافه ! وهذا واضح في أمر الرافضة ، أما الزيدية ( إن كان لهم وجود الآن ) ففيه نوع خفاء .
- وقد وجدتُ كلامًا نفيسًا للشيخ إسماعيل الأكوع - وفقه الله - الخبير بالزيدية ( وقد ألف كتابًا عن بدعتهم ) يشهد لماقلته بالنسبة لموقفهم من كتب السنة ، بدءًا من إمامهم الهادي .
- قال الشيخ إسماعيل في كتابه " أئمة العلم المجتهدون في اليمن " ( ص 237-239) متحدثًا عن الشوكاني - رحمه الله - :
( هذا ؛ ولم يكم إنكار السنة المجموعة في دواوين الإسلام قاصرًا على عصر الإمام الشوكاني ، بل إن هذا الأمر يمتد إلى بداية ظهور المذهب الهادوي الزيدي في اليمن ، فقد ذكر العلامة المجتهد صالح المقبلي في كتابه " المنار في المختار من جواهر الزخار " نقلا عن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في كتابه " الغايات " في ذكر المخالف ، حيث روى عن الإمام الهادي بن الحسين قوله : " ولهم - أي أهل السنة - كتابان يسمونهما بالصحيحين ، ولعمري إنهما عن الصحة لخليان " . ثم عقب المهدي على كلام الهادي بقوله : " ولعمري إنه - أي الهادي - لا يقول ذلك عن غير بصيرة " .
كذلك فإن أحمد بن سعد الدين المسوري أحد كبار علماء الهادوية قد أعلن في رسالته المسماة " الرسالة المنقذة من الغاوية" أن كل ما في الأمهات الست لا يحتج به ، وأنه كذب .
وذلك لأن الامام الهادي يحيى بن الحسين و من تلاه من الأئمة و أتباع مذهبه لا يعتدون بما في كتب أهل السنة من الأحاديث ؛ لأن رواتها لم يكونوا من الشيعة ، كما سبق بيان ذلك في كلام صاحب هذه الترجمة . ولهذا فإنهم يقتصرون على الأحاديث المروية عن أسلافهم و بأسانيدهم كما أوضح ذلك الإمام عبدالله بن حمزة في "المجموع المنصوري " ، وذلك حينما أجاب على الفقيه عبد الرحمن بن منصور بن أبي القبائل ، صاحب " الرسالة الخارقة " فقال :
كم بين قولي عن أبي عن جده
وأبو أبي فهو النبي الهادي
وفتى يقول: حكى لنا أشياخنا
ما ذلك الإسناد من إسناد
ما أحسن النظر البليغ لمنصف
في مقتضي الإصدار والإيراد
خذ ما دنا ودع البعيد لشأنه
يغنيك دانيه عن الأبعاد
وهذا هو ما ذهب إليه الهادي بن إبراهيم الوزير حينما أراد أن يقنع أخاه محمدًا الذي نبذ التقليد ، وصار إماما من أكابر أئمة الاجتهاد في اليمن ليعود إلى ما كان عليه من التمذهب بالمذهب الهادوي مبينًا الفرق بين إسناد أسلافه و إسناد أهل السنة ، فقال مخاطبا له من قصيدته الدالية المشهورة
مالي أراك وأنت صفوة سادة
طابت شمائلهم لطيب المحتد
تمتاز عنهم في مآخذ علمهم
وهم الذين علومهم تُروي الصدي
أخذوا مباني علمهم وأصوله
عن أهلهم من سيد عن سيد
سند عن الهادي وعن آبائه
لا عن كلام مسدد بن مسرهد
سند عن الآباء والأجداد في
أحكامهم وفنونهم والمفرد
وهو أيضًا ما ذهب إليه الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضي حينما قال :
إذا شئت أن تختر لنفسك مذهبا
ينجيك يوم الحشر من لهب النار
فـدع عنك قول الشافعي ومـالك
وحنبلَ و المروي عن كعب أحبـار
وخذ من أناس قولهم ورواتهم
روى جدهم عن جبرائيل عن الباري ) . انتهى كلام الأكوع .
فليتقِ الله الإخوة الذين يأخذهم الحرص على وحدة الأمة ، أن يُسلكوا أهل البدع - لا كثرهم الله - طريق أهل السنة . وفي الحديث : " يأتي النبي وليس معه أحد " ، فخير لأهل الحق أن يأتوا مصفّين ليس معهم من المبتدعة أحد . والله الهادي ..