الأخوان الفاضلان محسن زاهد وعدنان بخاري وفقهما الله وسددهما
عذراً، كتبت الرد قبل المغرب، ثم عرض لي ما أوجب علي الخروج من المنزل، ولم أعد إلا قبل قليل
إذا كنتُ أنكر على الشيخ حاتم ما وقعَ منه من إساءة فلن أقرَّ ما يقع فيه غيره ممن ليس في منزلته
خاصة إذا كان تجاوزه في حق أهل العلم، لكني لم -ولن- أقرأ هذا الكم الهائل من المشاركات ولايستحق ذلك في نظري
إنما الذي يستحق التنبيه ما يقع فيه بعض أهل العلم وطلابه من شدة وقسوة فيما بينهم
سواء من الشيخ حاتم أو من غيره، فهؤلاء قدوةٌ لعامة الناس ولطلاب العلم
ووجود الإساءة من أهل العلم تجاه بعضهم ليس حجة للقيام بمثل تلك الإساءات
فهؤلاء كلهم محجوجون بالنصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
والتي تأمر المؤمنين بالرفق فيما بينهم، وقول التي هي أحسن
أرأيت إن تعدى عالمٌ على آخر وأساء إليه؛ أفيكون علمه عذراً له!
من أساء فإساءته نقص فيه، ومن أحسن فإحسانه كمال له
وليس كل العلماء على درجة واحدة في الأدب وحفظ اللسان ومراعاة حقوق إخوانهم
بل هم متفاوتون، وههم جميعاً خاضعون لما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم
من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها
ومن مات فقد أفضى إلى ما قدم، ونسأل الله للجميع المغفرة والرحمة ورفعة الدرجة
أما من بقي حياً، فلا أرى مانعاً من الرد عليه فيما أخطأ فيه، وهذا من النصيحة للمسلمين
والشيخ حاتم له علمه وفضله، إلا أنَّ هذا لا يسوِّغ له التمادي في استعمال الخشونة مع مخالفيه، ولو كان هذا استثناءً لما كان من المروءة الوقوفُ عنده
ولكنه أضحى وصفاً اشتهر به الشيخ حاتم؛ حتى في المسائل العلمية الحديثية الاجتهادية
والذي أعرفه عن الشيخ حاتم -من كلام بعض من يجالسه- أنه حسن الخلق، فلم اللجوء إلى الخشونة والغمز للمخالف؟
وإذا استكثرتَ مني مخاطبة الشيخ حاتماً بما قلته في هذه المشاركات التي حرصتُ فيها على الاقتصاد
فاستكثار ما وقع من الشيخ حاتم أشد!
وأما كونه قاله من باب (ما بال أقوام) فليس الأمر كذلك
ففي أسلوب الشيخ حاتم خشونة وغمزٌ للمخالف، ووصفٌ له بأوصاف التصغير والتقليل من شأنه
ولو قال وفقه الله: بعضُ الناس يقولون كذا، وهذا خطأ، ومخالف للأدلة والقواعد... لكان سائغاً، وهذا الأسلوب هو الذي يصلح أن يُطبَّقَ عليه (ما بال أقوام)
أما استعمال الأوصاف التي ساقها في مقاله فينبغي أن ينزه قلمه عنها
وأما ما أشرتَ إليه أخي الكريم الفاضل محسن زاهد من كون الشيخ حاتم خصَّ طائفة معينة من رافضي الحوار بتلك الأوصاف= فالجواب:
وهل هذه الأوصاف سليمة؟ أم أنَّ فيها ظلماً وتجاوزاً؟
هل كلُّ من رفض الحوار لتلك الأسباب هو من:
"مسلوبي الإرادة أسيرٍ للغلو في فكرة المؤامرة, ولذلك فلا تكاد تجد عند هذا الصنف من الناس إلا النواح والعويل على الحمى المستباح والحق المغصوب, أما إنتاج الإصلاح وبرامج التصحيح فهم عنها بمعزل؛ إلا من الدعوة إلى منهجهم نفسه, لإنتاج نُسَخٍ أخرى لأمثالهم: من مسلوبي الإرادة، وأُسَراء التوجّس الْمُقَيَّدين بسوء الظن"؟؟
أليست هذه هي الأوصاف التي أطلقها الشيخ حاتم على من رفض الحوار للأسباب التي أشار إليها!!
هذه أوصافٌ قاسية، تنطبق على بعض الحمقى فقط!
ولا أراها تناسب جميع الحمقى!
فكيف يوصف بها بعضُ أهل العلم ممن يرى رفض الحوار مع الأديان الأخرى لحجة ظهرت له!
أو قل: (لشبهة عرضت له!)
لا تقل لي: إن الشيخ حاتماً لم يعيِّن أحداً
فعدم تعيينه لا يفيد شيئاً؛ بل يزيد الإشكال إذ يصح تعميمه على جميع من كان رافضاً للحوار للعلل التي أشار إليها، والتعيين هنا أقل مفسدة
يقول الله تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا)
ويقول سبحانه: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)
لم يقل: وقل لعبادي يقولوا الكلمة الحسنى
بل قال: (يقولوا التي هي أحسن) أمر المؤمنين بأن ينتقوا أحسن ما يمكن أن يقولوه لإخوانهم
إغلاقاً لمداخل الشيطان في التحريش بين المؤمنين
أخي الكريم:
ليس من المصلحة التسويغ لمثل تلك الأساليب، والتماس العذر لمن وقعت منه
ولو وقف كلٌ منا ضدَّ تلك الأساليب لكان الحالُ -في حواراتنا- غيرَ الحال
وما الذي يضير الشيخ حاتماً لو استعمل الأدب مع مخالفيه، وتحلى بما يجب عليه وعلينا جميعاً!
أليس هذا أعون على دحر الشيطان ونزغه بين المؤمنين!
ولأخي عدنان وفقه الله أقول:
سواء أكان عُمُرُ المقال شهراً أم سنة، فأنا لا علم لي بعُمُره
وإنما قلت: (أما آن...) بناءً على تاريخ يمتدُّ إلى سنوات مضت؛ ولا يزال الشيخ حاتم على طريقته
وأود التنبيه -أخي عدنان- إلى أنَّ أسلوب الغمز ليس من هديي
فلو كنتُ أريد تعيينك ببعض كلامي لعيَّنتك صراحة، فليس ثَمَّ ما يدعو للتخفي والإشارة ما دام صريح العبارة ممكناً