الأهمية المعنوية في آية قرآنيةتقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض ، وهو غاية كل لغة من لغات العالم،كما هو الحال في قوله تعالى:"*وَرَاوَد تْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"*ح يث قال تعالى *التي هو في بيتها*ولم يذكر اسمها ،كأن يقول *زليخا*أو امرأة العزيز مثلا ،وذلك بحسب الأهمية المعنوية، من أجل الهدف المعنوي وهو بيان الأدب في التعامل ومن أجل سترها ، والابتعاد عن التشهير بها ، وهذا من الأدب السامى الذى التزمه القرآن فى تعبيراته وأساليبه ، حتى يتأسى أتباعه بهذا اللون من الأدب فى التعبير ، والمراد ببيتها : بيت سكناها ،والإِخبار عن المراودة بأنها كانت فى بيتها أدعى لإظهار كمال نزاهته عليه السلام - فإن كونه فى بيتها يغرى بالاستجابة لها ، ومع ذلك فقد أعرض عنها ، ولم يطاوعها فى مرادها،كما قال تعالى: وَغَلَّقَتِ الأبواب"فجاء بصيغة فعٌل بحسب الأهمية المعنوية كذلك ،وهذه الصيغة تفيد التكثير والتشديد ،*أى : أبواب بيت سكناها الذى تبيت فيه بابا فباباً،قيل : كانت الأبواب سبعة ، والمراد أنها أغلقت جميع الأبواب الموصلة إلى المكان الذى راودته فيه إغلاقا شديدا محكما ، كما يشعر بذلك التضعيف فى"غلّقت "زيادة فى حمله على الاستجابة لها ،كما قال تعالى :هيت لك ،فجاء بصيغة اسم الفعل وهي تدل على المبالغة في المعنى وهو الطلب أكثر من الفعل ، و*" هيت "*اسم فعل أمر بمعنى أقبل وأسرع ، فهى كلمة حض وحث على الفعل ،كما عدى فعل المراودة بعن التي تفيد التجاوز، بحسب الأهمية المعنوية أيضا، لأنها تفيد تجاوز النفس والتخلي عن العفاف، قال بعض العلماء : و*" عن "*هنا للمجاوزة ، أى : راودته مباعدة له عن نفسه ، أى : بأن يجعل نفسه لها ، والظاهر أن هذا التركيب من مبتكرات القرآن الكريم ، فالنفس هنا كناية عن غرض المواقعة ، قاله ابن عطية ، أى : فالنفس أريد به عفافه وتمكينها منه لما تريد ، فكأنها تراوده عن أن يسلم إليها إرادته وحكمه فى نفسه .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ، وباختصار : الإنسان يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.