الرتبة البلاغية بين الله تعالى والملائكة عليهم السلام
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى :"*وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا"* فهذه الآية الكريمة مبنية على ذكر مجيء الله تعالى يوم القيامة للفصل بين الناس، فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء،ويجيء مجيئا يليق بجلاله ،لأن المجيء معلوم والكيف مجهول ،وعلينا أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تحريف ،ثم تأتي المباني وهم القادمون مرتبون بعد المبني عليه بحسب الأهمية المعنوية والزمن والطبع والفضل والشرف ،من الأهم إلى الأقل أهمية،وأولى المباني بالتقديم نحو المبني عليه بحسب الأهمية المعنوية هو مجيء الله تعالى ،لأن مجيء الله تعالى أهم وأفضل وأسبق من مجيء الملائكة ،فهو القاضي العادل ،ولا يكون الحكم والفصل بدونه ،وهو الذي يتقدم الموكب،لأنه الأهم ،أما الملائكة عليهم السلام فهم تابعون يأتون صفا بعد صف ،ويأتي بهم الله تعالى لتنفيذ أوامره ، ولإضفاء المزيد من الهيبة والعظمة على الموكب العظيم ،وقد تأخر هذا المبني بسبب ضعف منزلة المعنى بينه وبين المبني عليه ، والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع ، والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك ،والواو هنا تفيد الترتيب والتعقيب في الذكر والواقع .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.