اثبات صفة الفرح لله عزوجل والرد الرادع على الأشاعرة والجهمية والمعطلة .


الفرح صفة خبرية فعلية ثابتة لله عزوجل دون كيف ولا تمثيل ,

ووردت فيها وفي غيرها من الصفات أحاديث عظيمة اذا تليت على أهل التأويل والتبديل والتعطيل جعلوا أصابعهم في آذانهم من الصواعق والشهب السواطع التي تحرق شبه المشبهة و تحريف المعطلة

واذا عرضت عليهم تراهم ينظرون اليها من طرف خفي ترهقهم ذلة ووجوههم مسودة يكاد نور معانيها يخطف أبصارهم وتضيق بها صدورهم كأنما تصعد في السماء

منها الحديث المتواتر عن أبي هريرة وأنس وابن مسعود والنعمان وغيرهم في

أن الله جل جلاله وتعاظم قدره وتعالى كبرياؤه يفرح فرحا شديدا أعظم من أشد فرحة يمكن أن يفرحها أحد في هذه الدنيا فاسمعوا يا أهل التأويل والتبديل والتعطيل هذا الخبر واعملوا كل آلة في تبديله واجهدوا كل جهد في تحريفه واطرقوا كل باب في تأويله , فلن نزدد الا ايمانا به وتصديقا وتسليما

عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ: حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ، وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ

و في رواية (قال الهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح)

وفي رواية أخرى

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شقَّ عَلَيْهِ، فَمَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا بِهِ فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ؟ قَالَ: قُلْنَا: شَدِيدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا الرجل بِرَاحِلَتِهِ



فليفرح المؤمنون بهذا الحديث وليحزن المأولون وليزدادوا غما الى غمهم

هل توجد في الدنيا فرحة أكبر من فرحة هذا الرجل الذي أيقن بالموت بعدما يئس من الراحلة وزادنا النبي عليه السلام في وصف هذه الفرحة التي لا تحد بوصف ولا يعرفها الا من جربها في تعبير هذا الرجل الذي لم يستطع أن يعبر عن فرحته فقال كلمة لا يقولها الا من خالطت أحاسيسه أمورا لا يستطيع معها أن يعبر مع هذا الفيضان الذي في صدره

فبعد أن أيقن الصحابة أن هذه الفرحة هي أعلى ما يمكن أن يوجد في هذه الدنيا

بشرهم نبيهم أن ربهم يفرح فرحا أشد من تلك الفرحة اذا تاب اليه عبده

وأكد لهم الخبر وهوالصادق المصدوق بأمرين اثنين حتى يزول كل تأويل ويضمحل كل تعطيل

الأول بأن أقسم النبي عليه السلام (والله) ليرسخ في أذهانهم ويثبث في قلوبهم معنى المقسوم عليه

والثاني توكيد الخبر في جواب القسم بلام التوكيد

وشق على أهل التأويل صرف هذا المعنى الى ما يليق بأهوائهم وما يناسب عقولهم ومع هذا فقد قالوا كلاما ضحك منه العقلاء وسخر منه السفهاء وفرح به ابليس ورضي به ورضي بذلك عنهم

قالوا معنى الفرح هورضى الله عن التائب ومنهم من قال هو المسارعة في قبول توبته

فافرحوا يا أشاعرة الزمان بقول أجدادكم , وعضوا عليه بنواجذكم

وقال الخيرون من أهل السنة والطيبون كما قال أسلافهم السابقون

العبد يفرح والله يفرح والفرح هو الفرح يعرفه كل انسان ولا يجهله الا حيوان

لكن فرح الله تعالى لا يحد بوصف و يجل عن كل حرف فرحا يليق بجلاله وعلو صفاته

ونزيدكم يا أشاعرة الزمان والأشعري منكم بريء هذا الحديث وننزل عليكم هذه الصاعقة من سماء الوحي

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((لا توطن رَجُل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله بِهِ كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم)) .رواه أحمد وابن ماجة وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وغيرهم وصححه غير واحد من الحفاظ

ورواه الامام الدارمي في رده على المريسي الجهمي بلفظ

"لَا يتَوَضَّأ أَحَدٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا تبشش اللَّهُ له كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بطلعته"

والتبشبش من البشاشة وهو الفرح من بش يبش

ففرح الله وتبشبشه كما يفرح أهل الغائب بمقدمه بعد الغياب

قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (1/243) معقبا كلام الامام ابن قتيبة:
((فحمل الخبر على ظاهره، ولم يتأوله)) انتهى .



وقال أيضا بعد أن أثبث صفة الفرح لله عزوجل (( . وكذلك القول في البشبشة؛ لأن معناه يقارب معنى الفرح، والعرب تقول: رأيت لفلان بشاشة وهشاشة وفرحاً، ويقولون: فلان هش بش فرح، إذا كان منطلقاً، فيجوز إطلاق ذلك كما جاز إطلاق الفرح)) انتهى


والتشبيه لا يقتضي التمثيل فصفة المخلوق تناسب المخلوق وصفة الخالق تليق به سبحانه

فاذا قيل علي كالأسد فلا يفهم ذو عقل أن صورة علي تشبه صورة الأسد أو حينما ترى عليا كأنك رأيت أسد ا

فالشبه بينهما في القوة وهذا هوالقدر المشترك ومع هذا فقوة علي ليست هي قوة الأسد ولا تماثلها ولله المثل الأعلى وله الصفات و الأسماء العلى تبارك ربنا وتعالى