إسرائيليات اقتصادية مصرفية!!
د. زيد بن محمد الرماني



إن السمة الغالبة للإسرائيليات المعاصرة تتمثل في كونها إشاعات ومزاعم وأغاليط تقوم على الكذب والزور والبهتان، موّجهة ضد الإسلام، بهدف إبعاد المسلمين عن إسلامهم وتشكيكهم في حقائقه ونظمه ومبادئه، تمهيداً للسيطرة اليهودية.
خرافة "الرِّبا ضرورة اقتصادية":
حيث أطلق مروجو الخرافات الاقتصادية هذه الإسرائيلية "الرِّبا ضرورة اقتصادية" وهي خرافة من أسوأ الإسرائيليات الاقتصادية.
تقول هذه الإسرائيلية الخرافية: إن الرِّبا ضرورة لأي نظام اقتصادي معاصر، وتصُّرف مالي بين الدول والبنوك والشعوب والأفراد، وإن المال والرِّبا أمران متلازمان لا ينفصلان، وإنه يستحيل إنشاء نظام اقتصادي على غير الرِّبا، أو نجاح تبادل تجاري غير ربوي، أو تعامل مالي غير ربوي.
على أساس هذه الخرافة الإسرائيلية أقيمت أنظمة اقتصادية، وأنشئت بنوك، وأعطيت قروض وقررت خطط ووضعت مناهج دراسية في الكليات والجامعات، ودُرِّست فيها النظريات الاقتصادية، وأُلّفت لها كتب، ورُفعت لها شعارات ونُشرت لها دعايات، وقام أساتذة اقتصاديون بتدريسها للطلبة، وتخرّج عليها جموع من الخريجين.
وتكونت قناعة اقتصادية بهذه الخرافة الإسرائيلية، وأصبحت عقيدة جازمة عند قطاعات واسعة من المفكرين والمنظرِّين والمخططين والمحللين.
ووصلت عدوى هذه الخرافة إلى بلاد المسلمين ومراكز التعليم ومحاضن التربية، وراجت على جموع من الدارسين والباحثين والخريجين، ممن يزعمون أنهم مسلمون.
وأقامت حكومات المسلمين أنظمتها وخططها ومشاريعها الاقتصادية على أساس هذه الإسرائيلية الخرافية، فأنشأت البنوك والشركات والمؤسسات الربوية، وقررت التصرفات المالية الربوية، وعقدت الاتفاقيات المالية الربوية مع الدول الأخرى، وأخذت القروض المالية الربوية.
وإذا وقف داعية مصلح وأنكر هذه الإسرائيليات الاقتصادية، وبيّن خطورة الرِّبا وحُرمته وآثاره، وطالب المسلمين بالتخلي عنه وإعادة بناء المال والاقتصاد على أساس الاقتصاد الإسلامي، فإن مروجي الإسرائيليات ومصدقي الخرافات، يستغربون دعوته وينكرون عليه تفكيره ويتهمون في فهمه وعقله وفكره، إذ كيف يتجرأ ويخالف أمراً أجمع عليه العالم المعاصر؟! ويعتبرونه مدمراً للاقتصاد الوطني مخرباً للنشاط التجاري، لذلك فهو عدو للأمة واقتصادها ومالها وتقدمها وازدهارها.
أما إذا بشّر هذا المسلم الداعية بنظام اقتصادي إسلامي ناجح خالٍ من الرِّبا، وبيّن أسسه وقواعده فإن مصدّقي الإسرائيليات الاقتصادية يجعلونه مادة للسخرية والاستهزاء، فهو - في نظرهم - غبي جاهل ضعيف العقل غير واقعي، يقولون عنه هذا حتى لو كان من كبار المفكرين الاقتصاديين والمختصين في شؤون المال والتجارة.
علماً بأن الإسلام حرّم الرِّبا تحريماً جازماً صريحاً، وآيات القرآن واضحة في تحريمه وبيان خطورته المدمرة على الاقتصاد الوطني والعالمي، كما في سورة البقرة }الذين يأكلون الرِّبا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا: إنما البيع مثل الرِّبا، وأحل الله البيع وحرّم الرِّبا....{ [البقرة: 275-281].
وقد أورد في تفسيره لهذه الآيات حقائق ثمانية، تبيِّن كذب الخرافة الإسرائيلية في اعتبار الرِّبا ضرورة اقتصادية عالمية:
1) لا إسلام مع قيام نظام ربوي في بلاد المسلمين.
2) النظام الربوي بلاء على الإنسانية في إيمانها واقتصادها.
3) النظام الاقتصادي في الإسلام لا ينفصل عن النظام الأخلاقي.
4) التعامل الربوي يفسد ضمير الفرد المرابي وخلقه.
5) حين حرّم الإسلام التعامل الربوي أقام نظم حياة المسلمين على أساس الاستغناء عنه.
6) يستحيل أن يحرّم الله الرِّبا ويكون فيه خير أو منفعة للبشرية.
7) الإسلام لا يلغي المؤسسات المصرفية، ولكنه يطهرها من لوثة الرِّبا.
8) الزعم باستحالة قيام الاقتصاد العالمي على أساس غير الأساس الربوي، ما هو إلا خرافة وأكذوبة ضخمة.
يقول تعالى: }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الرِّبا، إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون، وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدقوا خير لكم...{.
ومما يُثبت كذب هذه الخرافة وخطأها، نجاح المسلمين وبجهودهم المتواضعة في تأسيس مصارف إسلامية وشركات ومؤسسات إسلامية، وبيوت استثمار لمشاريع تجارية إسلامية، على أساس النظام الاقتصادي الإسلامي، خالية من التعامل الربوي.
وقد اعترف اقتصاديون وخبراء ماليون، حتى من الغربيين؛ بنجاح النشاط التجاري الإسلامي غير الربوي، واعترفوا بإمكانية إقامة نظام اقتصادي غير ربوي. وبذلك تلاشت تلك المزاعم والخرافات الإسرائيلية!!. وما الأزمة المالية العالمية الأخيرة ببعيدة.
فكيف لو صاغت دول المسلمين أنظمتها الاقتصادية على غير الرِّبا؟!!..