تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 26 من 26

الموضوع: [ فكرةٌ تحتاجُ إلى تفاعلٍ منكم .. فهل أجد متفاعلاً ؟ ! ] 0

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: [ فكرةٌ تحتاجُ إلى تفاعلٍ منكم .. فهل أجد متفاعلاً ؟ ! ] 0

    حق الإنفاق عليهما

    عن جابر رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسوا الله : إن أبي أخذ مالي .
    فقال النبي صلى الله عليه و سلم للرجل : [ فأتني بأبيك ] .

    فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : [ إن الله عز وجل يقرئك السلام و يقول لك : إذا جاءك الشيخ فاسأله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه ] .

    فلما جاء الشيخ قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ ما بال ابنك يشكوك ..؟ أتريد أن تأخذ ماله ..؟ ] .

    فقال : سله يا رسول الله : هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي !
    فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إيه – كلمة استزادة و استنطاق – دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك ]
    فقال الشيخ : و الله يا رسول الله مازال الله عز و جل يزيدني بك يقينا ، لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي .
    قال : [ قل : و أنا أسمع ] .
    قال :
    قلت : غدوتك مولودا و صنتك يافعا
    تُعَلٌّ بما أجني عليك و تنهل
    إذا ليلة ذاقتك بالسقم لم أبت
    لسقمك إلا سـاهرا أتملـــمل
    كأني أنا المطروق دونك بالذي
    طرقت به دوني فعيني تهمل
    تخاف الردى نفسي عليك وانها
    لتعلم أن الموت وقت مؤجل
    فلما بلغت السن و الغاية التي
    إليها مدى ما كنت فيك أؤمَّلُ
    جعلت جزائي غلظة و فضاضة
    كأنك أنت المنعم المتفضل
    فليتك إذ لم ترع حق أبوتي
    فعلت كما الجار المجاور يفعل
    فأوليتني حق الجوار و لم تكن
    عليّ بمال دون مالك تبخل

    ( 1 )
    قال فحينئذ أخذ النبي صلى الله عليه بتلابيت إبنه و قال : [ أنت و مالك لأبيك ] .

    1 – نسبت هذه الأبيات في أشعار الحماسة لأميّ بن أبي الصلب .قال التبريزي : " و تروى لابن عبد الأعلى . و قيل لابن العباس الأعمى "
    قياس الحياة ليس في طول بقائها و لكن في قوة عطائه

  2. #22

    Lightbulb أشكرُ لك يا ( أسماء ) .. وفي انتظار البقية !


    حيّاكـ الله أختنا الكريمة : ( أسماء ) ..
    جزاكـ الله كل خيرٍ على ما سطرته أناملكِ معنا ..
    واصلي ولكِ الأجـر - بإذن الله -
    لي عودة للتفصيل ..
    = = = = =
    وفي انتظار بقية رسائلكم .. فكــونوا معنا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    75

    افتراضي هل تأذن لي ؟

    أخي الكريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    فكرة طيبة أردت أن تستخرج بها النصيحة وبر الوالدين .. وكما للوالدين حقهما فعليمها واجبات .. والكل مسئولا يوم القيامة .. هل تأذن لي بأن أسرد خاطرتي وعنوانها " أمى أين أنتِ؟"
    إمرأة تتخلى عن أطفالها
    رجل ينسى فلذات أكباده ولا يبالي
    طفل ضائع بين أبويه
    مثلث خال من مشاعر الرحمة
    صار شكله المقلوب أمراً عادياً
    أتخيل نفسي طفلا صغيراً ينعي حاله،
    وقد غمرته ثورة البكاء يتضور جوعاً
    ، يبحث عن ثدي أمه ، يتلهف سويعات النوم
    ؛ فلا غطاء يحميه من صقيع القلب القاسي
    أمي أين أنتِ؟
    لماذا تخليتِ عني ؟ ماذا فعلته أضناكِ مني ؟
    أمي .. أنا طفلك الذي بفطرتي
    قد هداني ربي إلى دقات قلبك ،
    دعيني أستريح بها.. يامن جبلتِ على الحنان
    لماذا تبخلي علىّ بأنامل الرحمة ؟ ،
    وعداً لن أسمعك بعد اللحظة أنيني
    أنــتِ فــقط ضميني
    أنا ابن رحمك لا تقتليني ،
    وإذ بها ترميني وتود أن تسكتني كي تمضى
    ،إنها تراني عسرة في طريق النجوى
    ، وأنت أبي .. لماذا نسيتني ؟
    شغلتك الأيام والسنين عني ،
    وربيَ الرحمن عني سائلك ..
    ماذا ستقول له عند السؤال ؟
    ألست من رعيتك ولم ترعن ؟
    لم تقبّلني يوما قبلة الحنو والشوق
    ، ولم تمسح على رأسى .. أنا برعمك الصغير؟
    عبست ولم تكظم غيظك في بكائي
    ، وظللت تضربني وتركلني
    . أبي .. أريد منكَ احتواءً ؛ هل تحجّر قلبك
    وصرت كالغضبان قاسى النظرات ؟
    أبي إن سوطك يؤلمني ،
    أنا ابن جاء من ماء صلبك لا تضيعني
    ، لكنه أهان عزتي ورماني مثلها..
    الآن كيف لي أن أرق لأمي أو حتى أحن لأبي !
    تركاني لعين الشفقة تقتلني ولم يرحما ضعفي
    ، من قبلي كان اللقاء ود ،
    ومن بعدي كان الفراق بغض !
    يبكي فؤادي سائلاً أين الحنان ؟
    أين التضحية ؟ أين الحب ؟ أين أنا !
    . رباهُ متى يأتياني هما اللذان عقاني ولم أعقهما
    ؛ فلم أزل صغيراً أجهل الدنيا وأخاف أهوالها
    .. ءأتيا قبل أن تزهق روحي
    ويأتي يوما تسألان فيه عني
    . أمي و أبي .. أقبلوا علىّ واحملاني
    .. علموني الخير والصدق،
    فهموني العلم والحكمة ، اجعلوني من الكرام البررة
    ؛ لأحمل فوق رأسى يوم الحساب تاج النور
    ، ونكون جميعا من أهل جنة الرحمن
    على سرر متقابلين،
    إمسحوا دموعي واربتوا على كتفي
    وأظلاني بمحبتكم تسعدون بمحبة الودود
    ، وتوبا إليه تفوزان برحمته وهو خير الغافرين

    أرق تحياتي
    عفاف عبد الوهاب صديق
    يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ

  4. #24

    Lightbulb ؛ شكراً للأخت الأديبة ؛

    وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ ..
    مرحباً بالأختِ الكريمة الأديبة ( عفاف بنت عبد الوهاب صديق ) ..
    حيّــاكـ اللهُ معانا .. شكراً لكِ على تشريفكِ للموضوع.
    لي عــــودة - بإذن الله -
    = = = =
    وفي انتظار بقية رسائلكم .. فأهلاً وسهلاً بكم؛

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: [ فكرةٌ تحتاجُ إلى تفاعلٍ منكم .. فهل أجد متفاعلاً ؟ ! ] 0

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أنقل لكم هذه الخطبة القيمة إن شاء الله تكون فيها فائدة للجميع


    خطبة الجمعة بتاريخ 1/ جمادى الآخرة / 1423هـ المصادف 9 / 8 / 2002م


    الخطبة الأولى:التقوى في العلاقة بالأبوين.

    سماحة الشيخ عبد المجيد العصفور

    بسم الله الرحمن الرحيم



    الحمد لله الذي لم يشهد أحدا حين فطر السماوات والأرض، ولا اتخذ معينا حين برأ النسمات، لم يشارك في الإلهية ولم يظاهر في الوحدانية، كلت الألسن عن غاية صفته، والعقول عن كنه معرفته، وتواضعت الجبابرة لهيبته وعنت الوجوه لخشيته، وانقاد كل عظيم لعظمته.

    واشهد ان لا اله إلا الله وحده وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

    اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك ونجيبك وخيرتك من خلقك محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

    عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى، وأتحدث في هذا اليوم المبارك إلحاقا بالخطب الماضية حول التقوى في العلاقات الأسرية، حتى تكتمل صورة علاقات التقوى داخل الأسرة، ونستوعب من ذلك نظرات الاسلام البعيدة حين يوجب علينا التقوى في علاقاتنا مع بعضنا البعض.

    فكما فرض الاسلام واجبات وحقوقا على الرجل اتجاه زوجته وولده، وفرض على المرأة حقوقا وواجبات اتجاه زوجها وولدها،كذلك فرض على الولد حقوقا وواجبات اتجاه أبويهم،وهي اعظم واشد من واجبات الوالدين اتجاههم. ولا أدل على ذلك من ان هذه الواجبات لا تزول حتى لو أخل الأبوان بالتزاماتهما اتجاه الولد.هكذا نفهم من لهجة النصوص المقدسة من قرآن وسنة وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام.


    مع الآيات القرآنية

    يؤكد القرآن الكريم في اكثر من سورة قرآنية على ضرورة الإحسان للوالدين، والإحسان كما نعلم فوق العدل، وتقرن هذه الآيات المباركات بين عبادة الله سبحانه وتعالى، وعدم الشرك به من ناحية والبر والإحسان للوالدين من ناحية أخرى، وان في ذلك لدلالة كبرى على قيمة الإحسان في التعامل مع الوالدين.

    يقول تعالى:

    (قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)[سورة الأنعام: الآية 151].

    ويقول عز وجل:

    (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا)[سورة العنكبوت: الآية 8].

    وفي آية ثالثة عظيمة الدلالة بحق الوالدين،يقول تعالى:

    (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)[سورة الإسراء: الآية 23ـ 24].

    يقول المفسرون بشان هاتين الآيتين المباركتين:

    القضاء يفيد معنى الفصل والحكم القاطع المولوي،وهو كما يتعلق بالأمر يتعلق بالنهي وكما يبرم الأحكام المثبتة يبرم الأحكام المنفية، ولو كان بلفظ الأمر فقيل: وأمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه، لم يصح إلا بنوع من التأويل والتجويز.

    وعليه فلا مجال للتخلف تحت أي مبرر وعنوان عن الالتزام بالإحسان للوالدين. تماما كما لا يصح ولا مجال لعبادة غير الله سبحانه وتعالى. إذ لا معبود سواه.

    ثم يلفت المفسرون النظر الى التركيز القرآني على مرحلة الكبر عند الوالدين: لان الإنسان اذا كبر يسئ خلقه ويكثر طلبه من ناحية، ومن طرف آخر ان الولد ـ كما هو عادة كل إنسان ـ اذا كبر ورشد ، رأى نفسه في غنى عنهما.

    مثل هذا الرأي عند المفسرين يلتقي مع ما يقوله العلم حول الإنسان حين يبلغ الكبر من الناحية النفسية والعصبية، حيث ان جهازه العصبي تتراجع كفاءته، وترتفع حساسيته، فيصبح شديد الإثارة من ناحية، وسريع التبرم من ناحية أخرى. مما يجعل المحيطين به يميلون للابتعاد عن الاحتكاك به قدر الإمكان. وهذا الفعل في حد ذاته يخلق جو من العزلة عند الكبار في السن فيجعلهم فريسة الحساسية المفرطة. وهكذا نرى ان هذه الفترة العمرية حرجة جدا في حياة الإنسان، مما يفرض على المحيطين بالكبار في السن ان يكونوا على درجة كبيرة من التحمل وسعة الصدر، ولو لا ان الله سبحانه وتعالى قرن عبادته بالإحسان للوالدين، لما استطاع البعد العاطفي لوحده ان يلزم الأبناء تحمل الوالدين.

    (ومن نعمره ننكسه في الخلق)

    يجب على الولد ان لا يظهروا أدنى صور التبرم أمام الوالدين مهما صدر منهما، هكذا يقرر القرآن الكريم، و أدنى صور التبرم، ان ينطق المرء بكلمة قصيرة هي أف. التي تعني في الأصل وسخ الأذن ثم أطلقت على التعبير عن الضجر والتبرم من فعل ما، كما ان التف تطلق على وسخ الأظافر.

    وقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): (لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتى به).

    وما ذلك إلا، وكما يؤكد المفسرون، اذا كان الله سبحانه وتعالى هو السبب الأعمق في وجود الإنسان، فان الوالدين يمثلان السبب المباشر لوجوده، و اذا كان الله هو الذي انعم عليه بكل النعم التي جعلت لحياته قوة واستمرارا فان الوالدين قد عملا بكل ما لديهما من جهد ومعاناة وتضحية في سبيل تحريك عناصر الامتداد في عمق وجوده.

    ومما يلفت النظر في رؤية القرآن الكريم للعلاقة بالوالدين، انه لم يسمح للإنسان حتى في حالة ضغط والديه عليه بمعصية الله سبحانه وتعالى، في ابغض الأمور إليه وهو الشرك به، حتى في هذه الحالة لم يسمح له بان يسيئ العلاقة بأبويه.

    يقول تعالى:

    (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)[سورة لقمان: الآية 10].

    في ضوء هذه الآية المباركة يمكن لنا ان نفهم ما يروى: (ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام: (يا موسى انه من بر والديه وعقني كتبته بارا، ومن برني وعق والديه كتبته عاقا).

    فسواء كان الوالدان مؤمنين أو فاجرين، فلا يجوز للأولاد ان لا يبراهما، ولو كفر أحد الأبوين أو كلاهما فان عقابهما على الله سبحانه وتعالى، لكن واجب ولدهما البر والإحسان لهما.


    في رحاب الأحاديث النبوية الشريفة.

    وكما وجدنا في القرآن الكريم من تأكيد شديد على البر والإحسان بالوالدين، كذلك الأمر ذاته في الأحاديث الشريفة، فالجهاد الذي أعطاه الاسلام مكانة رفيعة ولم يتساهل مع المتخلفين عنه، نرى الأحاديث تنظر للعلاقات مع الوالدين مقدمة عليه، وهذا له دلالة كبيرة على قيمة الإحسان للوالدين.

    جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليستشيره في الغزو فقال (صلى الله عليه وآله): ألك والدة؟

    قال: نعم.

    فقال (صلى الله عليه وآله): (الزمها فان الجنة تحت قدمها).

    وجاء رجل وأمه الى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يريد الجهاد وأمه تمنعه، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): عند أمك قر وان لك من الأجر عندها مثل مالك في الجهاد.

    وعن عباس ابن مر داس انه قال: يا رسول الله اني أريد الجهاد. قال(صلى الله عليه وآله): ألك أم: قال نعم.

    قال الزم أمك فان الجنة عند رجل أمك.

    وقال(صلى الله عليه وآله): (ولا ينبغي للرجل ان يخرج الى الجهاد وله أب أو أم إلا بإذنهما).

    واذا كان الأمر بهذا الحال مع الجهاد فانه مع الأعمال الأخرى كذلك، يقدم البر بالوالدين عليها.

    فقد جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يطلب البيعة على الهجرة وقال: ما جئتك حتى أبكيت والدي. فقال (صلى الله عليه وآله): ارجع أليهما فأضحكهما كما أبكيتهما).

    ان البر بالوالدين يعد في لسان الحديث الشريف مطهرا للإنسان من ذنوبه، فقد ورد ان رجلا جاء الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله ما من عمل قبيح ألا قد عملته فهل لي من توبة؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهل من والديك أحد حي؟ قال: أبى، قال: فاذهب فبره. فلما ولى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو كانت أمه.

    وبذلك لا نشك ان البر بالوالدين أحد الطرق الرئيسية لدخول الجنة.

    يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

    (أربع من كن فيه، نشر الله عليه كنفه وأدخله الجنة في رحمته: حسن خلق يعيش به في الناس، ورفق بالمكروب، وشفقة على الوالدين، وإحسانا الى المملوك).

    كما ان عقوق الوالدين سيكون سببا للحرمان العظيم يوم القيامة، فقد جاء عن النبي(صلى الله عليه وآله) انه قال: (كل المسلمين يروني يوم القيامة، إلا عاق الوالدين وشارب الخمر ومن سمع اسمي ولم يصل علي).


    مع الروايات الشريفة

    من هنا جاءت الروايات الشريفة، متضافرة متعاضدة مع القرآن الكريم والأحاديث النبوية بحق الإحسان للوالدين، وهي ترش النور لعلاقة راقية في الأسرة.

    فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:

    (ثلاثة لم يجعل الله تعالى لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة الى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين).

    يقول أبو ولاد الحناط:

    سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا) ما هذا الإحسان؟

    فقال: الإحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه، وان كانا مستغنين، أليس يقول الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).

    ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): (و إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما) أي ان أضجراك فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما ان ضرباك، قال: (وقل لهما قولا كريما) أي ان ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم، قال: (وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة) أي لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدم قدامهما).

    وسئل الإمام الكاظم (عليه السلام): عن الرجل يقول لبعض ولده: بأبي أنت وأمي، او بأبوي أنت، أترى بذلك بأسا؟

    فقال: (ان كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا، وان كانا قد ماتا فلا بأس).

    ومعلوم ان العقوق للوالدين من موجبات دخول النار.

    وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (بر الوالدين واجب وان كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق).


    عاقبة البر بالوالدين

    عاقبة البر بالوالدين في الآخرة جنة تجري من تحتها الأنهار، وفي الدنيا حياة أسرية مليئة بالرحمة والبركة.

    بقول زكريا بن إبراهيم:

    (كنت على النصرانية فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت: اني كنت على النصرانية واني أسلمت. فقال(عليه السلام): وأي شيء رأيت في الاسلام؟ قلت: قوله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا).

    فقال (عليه السلام): لقد هداك الله. ثم قال: (اللهم اهده ـ ثلاثا ـ سل عما شئت يا بني.

    فقلت: ان أبي وأمي وأهل بيتي على النصرانية، وأمي مكفوفة البصر فاكون معهم وأكل في آنيتهم؟

    فقال (عليه السلام): يأكلون لحم الخنزير؟.

    فقلت: لا ولا يمسونه.

    فقال: لا بأس فأنظر أمك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها الى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها، ولا تخبرن أحدا انك أتيتني حتى تأتني بمنى ان شاء الله.

    قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان هذا يسأله، وهذا يسأله فلما قدمت الكوفة لطفت لأمي، وكنت أطعمها وأغسل ثوبها ورأسها وأخدمها، فقالت لي:

    (يا بني ما كنت تصنع بي هذا و أنت على ديني، فما الذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنفية؟

    فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا. فقالت: هذا الرجل هو نبي؟. فقلت: لا ولكنه ابن نبي. فقالت لا يا بني، هذا نبي..ان هذه وصايا الأنبياء.

    فقلت: يا أماه انه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابن نبي.

    فقالت: يا بني دينك خير دين، أعرضه علي، فعرضته عليها فدخلت في الاسلام، وعلمتها فصلت الظهر والعشاء الأخيرة ثم عرض بها عارض في الليل.

    فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني، فأعدت عليها فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها).


    البر بالولدين بعد الموت

    رغم ان المرء تنقطع بعد الموت علائقه بالدنيا، إلا ان الذي خلف ولدا يبقى أثره، ويتجدد عمله في ولده وتكثر حسناته، أو تتعاظم سيئاته بفعل ما يقوم به ولده من أعمال.

    من هنا يمكن للذين فاتهم الإحسان للوالدين في حياتهما، ان يبراهما بعد وفاتهما. وفي ذلك حث شديد من الاسلام.

    ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): (سيد الأبرار يوم القيامة رجل بر والديه بعد موتهما).

    ويقول أيضا: (ووالديك فأطعمهما وبرهما حيين كانا أو ميتين).

    لكن يبقى السؤال كيف يمكن للإنسان ان يبر والديه بعد وفاتهما؟

    يكون ذلك عبر ما يلي:

    1- قضاء الدين عنهما.

    2- الاستغفار لهما.

    3- العبادة المستحبة نيابة عنهما.

    4- التصدق عنهما.

    5- السيرة الحسنة بين الناس مما يدفع الناس للترحم على والديه.

    فعن الإمام الباقر (عليه السلام): (ان العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عز وجل عاقا، وانه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل بارا).

    وجاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما يمنع الرجل منكم ان يبر والديه حيين أو ميتين يصلي عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عز وجل ببره وصلاته خيرا كثيرا).


    صور من عقوق الوالدين

    هنا لك عدة صورة نراها اليوم في عقوق الوالدين، كما نجده من ثقافة لدى بعض أبنائنا الذي جاءوا الى الغرب حيث سادت فيهم فكرة الاستقلال في الحياة عن الوالدين بعد ان يصل الواحد منهم ثمانية عشر عاما، فيستقل الواحد منهم في السكن بعيدا عن والديه ولا يقوم بأي نوع من الاتصال بهما، وحين يراجع في ذلك يقول إنني لم اطلب من والدي إنجابي الى هذه الدنيا و أنا حر بعد ان أصبحت مستقلا من الناحية القانونية، في علاقاتي واختياراتي، وليس من حق والدي ان يفرضا علي أي شيء. لا في الدراسة ولا العمل ولا شريك المستقبل.

    وهنا لابد من القول ان الإحسان للوالدين مطلوب حتى في القضايا التي يستقل الإنسان في تقريرها عن نفسه، كاختيار الدراسة أو العمل أو ما شابه ذلك.

    وأرى ان هنالك حاجة لمعالجة الوعي بحق الأبوين عند الجيل الناشئ في الغرب، بشكل جماعي من قبل الحريصين من المؤمنين في هذه البلدان، ووضع ذلك في إطار الثقافة الأسرية للمسلمين في الغرب.

    ومن صور العقوق بالوالدين،سيما في مرحلة الكبر، وضع الأبوين في المؤسسات الخاصة بكبار السن وإهمالهما بشكل مطلق. وهنا أود القول ان هذه المؤسسات لا تسد مسد الولد في العناية بالوالدين مهما بذلت من جهد، فقد تستطيع ان تلبي الاحتياجات المادية لهما، لكنها لا توفر الاحتضان العاطفي لهما، وهما في هذه الفترة كالأطفال الصغار تزداد حاجاتهما للاحتضان العاطفي بشكل كبير، وان من القسوة عليهما تركهما لهذه المؤسسات، وحتى اذا ما اضطر أحد لوضع أحد أبويه عند هذه المؤسسات، فليكسب رضاهما في ذلك أولا، وليتابع وضعهما أولا بأول، وليبذل قصارى جهده لاحتضانهما عاطفيا.

    ورد في الدعاء عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) بحق والديه:

    (..يا الهي أين طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا أدرك ما يجب علي لهما، ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما..).

    أسال الله سبحانه وتعالى، ان يجعلنا من البارين بأبويهما في حياتهما وبعد وفاتهما، وان يجنبنا عقوقهما.
    اللهم آمين ...

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (انا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الأبتر).

    صدق الله العلي العظيم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
    قياس الحياة ليس في طول بقائها و لكن في قوة عطائه

  6. #26

    Lightbulb شكراً للأخت الفاضلة : (أسماءُ)

    وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ ..
    طرح الله الفائدة والبركة في موضوعك يا أختنا الكريمة ..
    أسالُ الله لكِ التوفيق والسدادَ في الدنيا والآخرةِ .
    لي عــــودة - بإذن الله -
    = = = =
    وفي انتظار بقية رسائلكم .. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم؛

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •