فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (2-3)
إدارة الملتقى الفقهي




فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (2-3)

فائدة أموال جماعة الحج في البنك

السؤال:
بالطلب المقدم من جماعة الحج التعاوني الذي تلتمس فيه حكم الدين في أموال الجمعية التي تتجمع طول العام بصفة اشتراكات شهرية، وتودعها الجمعية أولا بأول في أحد البنوك بصفة أمانة بدون فائدة.
وقد طلب أعضاء الجماعة أن تحصل الجمعية على فائدة مقابل هذه المبالغ للاستفادة منها في أعمال الخير، كترميم المساجد وتصليح دورات المياه وغير ذلك من الأعمال الخيرية، ولكن الجماعة ترفض الحصول على أي فائدة من البنك المودع به أموال الجماعة، وتطلب الجماعة الإفادة عما إذا كان يجوز الحصول على الفائدة للاستفادة بها في أوجه الخير الموضحة أعلاه أم لا يجوز الحصول عليها وبيان الحكم الشرعي في ذلك.
الجواب:
جرى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الربا هو زيادة مال بلا مقابل في معاوضة مال بمال.
وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا بالآيات الكثيرة في القرآن الكريم.
وكان من آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} البقرة 275 ، 276 ، ومحرم كذلك بما ورد في الحديث الشريف الذي رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر. والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح. مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء".
ولما كان مقتضى هذه النصوص أن كل زيادة مشروطة في القرض قدرا وزمنا تعتبر من ربا الزيادة المحرم قطعا كانت الزيادة التي تحصل عليها الجمعية بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة، والتعامل بالربا أخذا وعطاء من كبائر المحرمات في الإسلام.
فلا يحل أخذ فائدة من البنك على أموال جماعة الحج المودعة لديه بحجة صرفها في وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة والله طيب لا يقبل إلا طيبا كما ورد في الحديث الشريف.
والله سبحانه وتعالى يقول {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد} البقرة 267 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
******

تأجيل الهدى غير جائز
السؤال:
بالطلب المتضمن أن السائل قد اعتزم أداء فريضة الحج والعمرة ومنها الفدية.
ويطلب الإفادة بالحكم الشرعي عما إذا كان يجوز له تأجيل الفدية لحين عودته إلى بلده ليقوم بتوزيعها على فقرائها وهم كثيرون؟.
الجواب:
يظهر من السؤال أن السائل يريد أداء الفريضة قارنا الحج والعمرة معا أو متمتعا بالعمرة إلى الحج فإذا كان كذلك فإنه يجب عليه أداء الفدية الهدى في أوقات الحج بمنى.
ولا يجوز له تأجيلها لحين عودته إلى بلده فإن كان عاجزا عن شراء ما يفدى به فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده ، لقوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} البقرة 196 ، الآية، ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم
******

مكانة الحج في الإسلام
السؤال:
بعثت إلينا إحدى الصحف اليومية تسأل عن هذه الموضوعات.
السؤال الأول - ما مكانة الحج في الإسلام
الجواب:
قال الله تعالى {إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين} آل عمران 96، 97 ، وهذه الفريضة من أركان الإسلام الخمسة التي بينها الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث "بنى الإسلام على خمس"، وقد فرض مرة واحدة في العمر على كل مسلم ومسلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثا ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم".
والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسما دوريا يلتقي فيه المسلمون كل عام على أصفي العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله.
وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم فتصفوا نفوسهم وتشف قلوبهم فيلتقون على المودة ويربط الإيمان والإسلام بينهم رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار إذ أن من أهداف الإسلام جمع الكلمة وتوجيه المسلمين إلى التدارس فيما يعينهم من شئون الحياة ومشاكلها اقتصادية وسياسية واجتماعية.
والقرآن والسنة يرشدان المسلم إلى أن يجعل حجه لله وحجه امتثالا لأمره وأداء لحقه ووفاء لعهده وتصديقا بكتابه.
ومن أجل هذا وجب على الحاج أن يخلص النية لربه فيما يقصد إليه، وألا يبتغى بحجة إلا وجه الله تعالى.
ومن مظاهر الإخلاص في الحج وحسن النية أن يرد ما عليه من حقوق لأصحابها إن استطاع والتوبة إلى الله بإخلاص مع الاستغفار، وتسليم الأمر إليه إن عجز عن الرد، وأن يترضى أهله ويصل رحمه ويبر والديه قال تعالى {وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب} البقرة 197.
السؤال الثاني: ما هي شروط وجوب الحج؟.
الجواب: يشترط لوجوب الحج الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة.
ويستدل الفقهاء على اشتراط البلوغ والحرية بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه "أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام".
السؤال الثالث: ما مدى الاستطاعة الموجبة للحج.
الجواب: دلت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن فريضة الحج إنما تلزم المستطيع ولا تجب على غيره.
وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام فقال فقهاء المذهب الحنفي الاستطاعة هى القدرة على الزاد والراحلة بشرط أن يكونا فاضلين عن حاجياته الأصلية كالدين الذي عليه للغير والمسكن والملبس وما يلزمه لعمله أو حرفته من أدوات، وأن يكونا كذلك زائدين عن نفقة من يلزمه الإنفاق عليهم مدة غيبته وإلى أن يعود، والمعتد في كل ذلك ما يليق بالشخص عادة وعرفا وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، ثم اشتراط ما تقدم إنما هو بالنسبة لمن كان بعيدا عن مكة مسيرة ثلاثة أيام فأكثر أما من كان قريبا منها فإن الحج واجب عليه، وإن لم يقدر على الراحلة متى قدر على المشي وعلى باقي النفقات التي يعبر عنها الفقهاء بالزاد.
كما يشترط فقهاء الحنفية كذلك لوجوب الأداء سلامة البدن فلا يجب أداء الحج على مقعد أو مشلول أو من يعجز عن تحمل مشقات السفر وعنائه، كما لا يجب على أحد من هؤلاء تكليف غيرهم بالحج عنهم.
أما الأعمى الذي يقدر على الزاد والراحلة فإن وجد قائدا للطريق وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه وإن لم يجد قائدا فلا يجب عليه الحج بنفسه أو بإنابة الغير عنه.
كما يشترط أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة سواء كان السفر برا أو بحرا أو جوا.
وقال فقهاء المالكية إن الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانا عاديا سواء كان ماشيا أو راكبا بشرط ألا يلحقه مشقة عظيمة وإلا فلا يجب عليه الحج.
ويرى فقهاء الحنابلة أن الاستطاعة في الحج هى القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، وبشرط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم ومسكن وخادم ونفقته ونفقة عياله على الدوام.
وقال فقهاء الشافعية الاستطاعة بالنفس تتحقق بالقدرة على الزاد والراحلة، وأن تكون نفقات الحج فاضلة عن دين ولو لم يحل أجله، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه المناسب وآلات صناعته ومهنته وأمن الطريق.
السؤال الرابع" ما هى الشروط الواجب توافرها في نفقات الحج.
الجواب: يجب أن تكون نفقات الحج من مال حلال طيب فإن الله لا يقبل إلا طيبا.
وليكن معلوما أن من حج بمال غير حلال ثم قال - لبيك اللهم لبيك قال الله عز وجل له - كما ورد في الحديث الشريف - لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما في يديك.
السؤال الخامس: هل يجزئ الحج الذي يتم بطريق جهة العمل حيث تتحمل جميع النفقات أو بعضها؟
الجواب: مادامت جهة العمل متبرعة بنفقات الحج كلها أو بعضها أجزأت وتمت حجة الإسلام، لأنه بتبرع هذه الجهة بالنفقات صار المتبرع له مالكا لها، فكأنه حج بماله وفقا لما قرر الفقهاء في ملكية الصدقة والزكاة.
السؤال السادس: هل يجوز الخروج للحج بطريق القرعة التي تتم بمعرفة الجهات المسئولة أو جهات العمل؟
الجواب: القرعة من الطرق المشروعة في الإسلام لاختيار أمر من اثنين يتبين أيهما الأولى، وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا لاختيار من تسافر معه من نسائه في الغزو وغيره.
فإذا اقتضت الظروف الاقتصادية عن العدد المقرر، فإن للجهات المسئولة إجراء القرعة لاختيار المسافرين للحج من بين المتقدمين، وكذلك الحال بالنسبة لجهات العمل.
السؤال السابع :هل تجوز الاستدانة للحج؟.
الجواب: عن عبد الله بن أبى أوفي قال "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال: لا ".
ومن أجل هذا قال الفقهاء إن قضاء الدين من الحوائج الأصلية وبهذا الاعتبار آكد من الحج بل ومن الزكاة وقالوا إن احتاج المسلم إلى الزواج وخاف العنت وخشي على نفسه الوقوع في المحرم قدم التزوج لأنه بهذا الاعتبار واجب كالنفقة، وإن لم يخف قدم الحج لأن الزواج في هذه الحالة تطوع.
السؤال الثامن: ومتى يجب على المسلمة الحج، وهل للزوج منع زوجته من أداء هذه الفريضة؟.
الجواب: وجوب أداء فريضة الحج على المرأة المسلمة إذا استطاعت بحد الاستطاعة سالف الذكر وبشرط وجود زوجها معها في سفر الحج أو محرم من النسب أو المصاهرة أو الرضاع لا فرق في هذا بين الشابة ومن تقدم بها السن إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك فيجب عليها أداء الحج وأن لم يكن معها محرم ولا زوج وبشرط أن يكون المحرم في حالة وجوده عاقلا بالغا مأمونا، وألا تكون معتدة فعلا من طلاق أو وفاة وهذا مذهب الحنفية.
أما المالكية فقالوا إنه إذا لم يسافر معها زوجها أو محرم لها فيجوز سفرها مع رفقة مأمونين عليها وإلا لم يجب عليها أداء الحج ولو توفرت القدرة المالية بل وشرط المالكية أن يكون ركوب المرأة ميسورا لها إذا كانت المسافة بعيدة وقال فقهاء الحنابلة إن الحج لا يجب أداؤه على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو أحد محارمها.
ويرى فقهاء الشافعية أنه إذا لم يتيسر للمرأة خروج زوجها معها أو أحد محارمها فإن لها أن تحج مع نسوة يوثق بهن (اثنان فأكثر) ولو وجدت امرأة واحدة فلا يجب عليها الحج وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل أجازوا لها أن تخرج لحج الفريضة وحدها عند الأمن، أما في النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرن.
وإذا لم تجد المرأة رجلا محرما أو زوجا يخرج معها للحج إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها.
وليس للزوج منع زوجته من فريضة الحج متى تيسر لها السفر مع محرم لها أو رفقة ثقة على ما تقدم بيانه في مذهبي المالكية والشافعية، لأن حج الفريضة من الواجبات ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وله منعها من حج التطوع كما له منعها من صوم وصلاة النفل.
السؤال التاسع: ما الفرق بين الحج والعمرة؟.
الجواب: العمرة فرض في العمر مرة فورا في مذهب الإمام أحمد بن حنبل وفرض كذلك على التراخي في مذهب الإمام الشافعي، وسنة مؤكدة لدى فقهاء المذهبين الحنفي والمالكي، وتفترق العمرة عن الحج في أن الأخير من أركانه الوقوف بعرفة وللحج وقت معين هو أول شهر شوال حتى فجر العاشر من ذي الحجة، أما العمرة فليس لها وقت معين ولا تفوت وليس فيها وقوف بعرفات، ولا نزول بمزدلفة ومنى، ولا مبيت بها وليس فيها رمى جمار، ولا جمع بين صلاتين بسبب الحج عند الأئمة الثلاثة ولا بسبب سفر عند الشافعي ولا خطبة فيها، وليس فيها طواف قدوم وتفارق الحج فوق هذا عند فقهاء المذهب الحنفي بأنه لا تجب بدنة بفسادها ولا بطوافها جنبا بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة في العمرة وكذلك ليس فيها طواف وداع كما في الحج.
السؤال العاشر: هل تجوز الإنابة في الحج؟.
الجواب: قال فقهاء المالكية إن الحج لا تجوز فيه الإنابة سواء في حال الصحة أو المرض، وإن الإجارة عليه فاسدة، وإن الوصية بالحج مكروهة ويرى فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى أن الحج مما تقبل فيه الإنابة فمن عجز عن الحج بنفسه وجب عليه أن ينيب غيره ليحج عنه بشروط منها أن يكون المنيب عاجزا عجزا مستمرا إلى الموت عادة كالمريض الذي لا يرجى شفاؤه وكالأعمى والزمن ولا تجوز الإجارة على الحج وهذا فقه المذهب الحنفي، وكذلك في مذهب الإمام الشافعي غير أنه يجيز الاستئجار على الحج بشرط معرفة العاقدين لأعمال الحج فرضا ونفلا وفي الجملة كذلك مذهب الحنابلة ، ويشترط أن يكون النائب قد أدى فرض الحج.
السؤال الحادى عشر: ما هى أركان الحج ومن أين يحرم الحاج؟.
الجواب: أركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة الإحرام وطواف الزيارة أو الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب.
أما في مذهب الإمام أبى حنيفة فإن للحج ركنين فقط هى الوقوف بعرفة وأربعة أشواط من طواف الزيارة، أما الثلاثة الباقية فواجب، وأما الإحرام فهو من شروط صحة الحج والسعي بين الصفا والمروة من الواجبات، وزاد الشافعية ركنين على الأربعة سالفة الذكر هما إزالة الشعر بشرط أن يزال ثلاث شعرات من الرأس لا من غيره بعد الوقوف بعرفة وبعد انتصاف ليلة النحر في الحج وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام ثم الوقوف بعرفة ثم الحلق.
والإحرام نية الدخول في الحج والعمرة، ولا يشترط في تحققه اقترانه بتلبية أو غيرها في مذهب الشافعية والحنابلة.
وعند المالكية يتحقق بالنية فقط، ويسن اقترانه بقول كالتلبية أو التهليل أو فعل متعلق بالحج، وعند الحنفية يتحقق الإحرام بالنية مقرونة بالتلبية أو ما يقوم مقامها كالذكر مثلا.
وللإحرام ميقات مكاني يختلف باختلاف الجهات.
فأهل مصر والشام والمغرب إحرامهم الآن من المكان المسمى (رابغ) عند محاذاته إذا كان السفر بحرا.
وسكان العراق وسائر بلاد المشرق ميقاتهم (ذات عرق) وأهل المدينة ميقاتهم (ذو الحليفة) وميقات أهل اليمن والهند (يلملم) وأهل نجد (قرن) ومن جاوز هذه المواقيت دون إحرام وجب عليه الرجوع إليها والإحرام منها فإن لم يرجع لزمه الهدى.
ومن أراد الإحرام كان عليه أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر وأن يتجاوز عن هفوات الناس وأن يصون عينه ولسانه وجميع أعضاء جسمه عن الهفوات التي تغضب الله وتؤذى الناس امتثالا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وإذا كان السفر بالطائرة فعليه الإحرام من بيته، وإذا كان بالباخرة فالإحرام من الميقات سالف الذكر، ويسن قبله الاغتسال والوضوء ولبس ملابس الإحرام المكونة من قطعتين.
الأولى يغطى بها النصف الأسفل من الجسد والأخرى يغطى بها الجزء الأعلى مع كشف الرأس وهذا للرجل أما السيدة فإنها تلبس ملابسها العادية وتكشف وجهها، ويستحب بعد الإحرام صلاة ركعتين سنة الإحرام، وقد يكون الإحرام بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا، ويرفع الحاج صوته بالتلبية، ومتى تم الإحرام فإنه يحرم لبس المخيط للرجل، وكذلك تغطية الرأس، كما تحرم المعاشرة الزوجية، والتعرض لصيد البر الوحشي أو لشجر الحرم، والحلق وقص شيء من الشعر والأظافر واستعمال العطور.
السؤال الثانى عشر: ما حكم فقد الماء أثناء رحلة الحج؟.
الجواب: إذا فقد الماء تيمم الحاج لوقت كل صلاة، ولو وجد الماء وكان في حاجة إليه للشرب سواء له ولرفقائه أو لحيوان محترم يحرم عليه الوضوء لأن حياة النفوس آكد ولا بديل للشرب، أما الماء فبديله للوضوء والاغتسال التيمم.
وهذا يكون بضربتين على التراب الطاهر.
إحداهما لمسح الوجه والأخرى لمسح اليدين إلى المرفقين.
ولا تلزمه الإعادة ولو وجد الماء بعد الصلاة بالتيمم.
السؤال الثالث عشر: هل يجوز الحج عن المتوفى قريبا أو غير قريب؟.
الجواب - روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة من الأبرار" وقوله "من حج عن ميت كتبت للميت حجة وللحاج سبع" وفي رواية "وللحاج براءة من النار" ويشترط فيمن يحج عن الغير حيا أو ميتا أن يكون قد حج لنفسه الفريضة والله سبحانه أعلم بالصواب.
******

حج وزكاة دين
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / ف أ أ - العراقي الجنسية - المقيم بالقاهرة - المتضمن أن السائل وقعت منه الأمور التالية : 1- نوى الحج والعمرة قارنا - وقد طاف وسعى للعمرة صباحا - وبعد الزوال طاف وسعى للحج.
2 - وفي السنة التالية أحرم السائل للحج والعمرة قارنا، وطاف وسعى للعمرة ولم يطف ولم يسع للحج حتى الآن.
3 - للسائل أموال ومبالغ نقدية في ذمة أخيه، وهذه المبالغ مضمونة وغير مجحودة. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في الأمور الثلاثة.
وهل يجب عليه شرعا نسك قرانه الأول وقرانه الثاني أم لا وإذا كان يجب عليه نسك لكل منهما فما الحكم الشرعي في ذلك - وهل تجب عليه الزكاة في المسألة الثالثة في المبلغ الذي بذمة أخيه، ومن أي تاريخ تجب الزكاة فيه
الجواب:
عن الحج الظاهر من السؤال أن السائل أحرم بالحج والعمرة قارنا ولم يؤد أركان الحج في المرتين، وإذا كان الأمر كذلك وجب عليه أن يحرم بالحج في وقته من ميقاته بمراعاة أداء أركانه وشروطه.
عن الزكاة عن الدين فإنه إذا بلغ الدين نصابا يساوى 20 مثقالا ذهبا تزن الآن 85 جراما أو مائتي درهم من الفضة تزن الآن 595 جراما، وحال عليه الحول، وكان فائضا عن الحوائج الأصلية للدائن وعمن تجب عليه نفقته وكان المدين مقرا بهذا الدين فإنه وفقا لقول الإمامين أبى يوسف ومحمد يؤدى زكاة ما يقبضه من هذا الدين قليلا كان المقبوض أو كثيرا متى كانت جملة الدين مستحقا فيها الزكاة.
وإذا لم يقبض شيئا فمن باب الاحتياط في الدين أختار ما قال به فقهاء مذهب الشافعي إخراج الزكاة عن الدين عن جميع السنوات التي ظل فيها في ذمة المدين.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

الاستطاعة الصحية والحج عن الغير
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / م أ م المتضمن أن للسائل ابنا يعمل مدرسا بالمملكة العربية السعودية، وأن ابنه هذا يريد أن يدعوه لتأدية فريضة الحج والعمرة هذا العام وأن حالة السائل الصحية لا تسمح له بتحمل مشاق السفر والقيام بشعائر الحج.
وهو يريد بيان حكم الشرع فيما إذا كان يجوز لابنه هذا أن ينوب عنه ويقوم بشعائر الحج نيابة عنه، مع الإحاطة بأن هذا الابن سبق له أن أدى فريضة الحج عن نفسه - وهل يكون ما ينفقه في قيامه بالحج عنه يعتبر دينا على السائل يتعين عليه القيام بسداده لابنه المذكور أم لا وبيان الصيغة التي يقولها أثناء قيامه بتأدية شعائر الحج عن السائل؟
الجواب
إن الحج إلى بيت الله الحرام من فرائض الإسلام الخمسة تجب على كل مسلم ومسلمة مستطيع امتثالا لقوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين} آل عمران 97 ، ومن شروط وجوب الحج الاستطاعة - ومما تتحقق به أن يكون المكلف صحيح البدن، فإن عجز عن الحج لشيخوخة أو زمانة أو مرض لا يرجى شفاؤه لزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال ، أى يملك ما يكفيه مما يصح به بدنه ويكفي من يعول كفاية فاضلة عن حوائجه الأصلية من مطعم وملبس ومسكن ومركب وآلة حرفة حتى يؤدى الفرض ويعود.
والإنابة في الحج أجازها فقهاء مذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة بشروط محددة في كل مذهب.
ولم يجزها فقهاء المذهب المالكي - ومما يشترط فيمن يحج عن غيره عند من أجاز ذلك، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه، وأن يحرم بحجة واحدة ناويا الأصل في إحرامه وتلبيته وفي كل مناسك الحج وللنائب الإحرام عن الميقات الذي يوجد فيه في أشهر الحج، ولا يشترط الإحرام من ميقات المحجوج عنه.
وفي الاقتراض للحج روى البيهقى بسنده عن عبد الله بن أبى أوفي "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال لا".
ولا يعتبر مستطيعا ماليا برأسماله في التجارة لأنه محتاج إليه للنفقة - ولا يتبرع غير ولده بنفقات الحج، وعلى ذلك ففي واقعة السؤال مادام السائل لا يتحمل مشاق السفر بسبب كبر سنه واعتلال صحته فلا يعتبر مستطيعا بدنيا للحج إلا إذا كانت لديه الاستطاعة المالية، عندئذ تجب عليه إنابة الغير للحج عنه كما هو فقه المذاهب الثلاثة غير المالكية.
وإذا كان ابن السائل المقيم في المملكة السعودية متبرعا بالحج نيابة عنه جاز ذلك بشرط الإحرام وأداء المناسك جميعها بوصفه نائبا عن والده، وينوى ذلك ويظهره في كل مناسك الحج.
أما إذا كانت نفقات الحج ستكون دينا على السائل لابنه وهو غير مستطيع ماليا فالحج بهذه الوسيلة غير واجب عليه إذا كان في حاجة لعقاراته وأرضه الزراعية للسكن والاستغلال للمعيشة لأنها حينئذ بمثابة رأس مال التجارة - وإذا كان مستغنيا عنها في نفقته ونفقة من يعوله فله أن يبيع إلى ولده الذي يحج عنه ما يقابل نفقات الحج من عقار أو أرض زراعية بيعا صحيحا يعلنه لجميع أولاده حتى لا يوقع بينهم البغضاء بسبب اختصاص واحد منهم بشيء من أمواله دون الآخرين.
وأما حج ابن السائل عن والدته المتوفاة فهو على سبيل التبرع.
ولا يلزم السائل بنفقاته إلا إذ كان لها تركة وأوصت بالحج عنها فعندئذ لمن يحج عنها أن يقتضى نفقات الحج من تركتها في حدود الثلث وبهذا علم جواب السائل.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

حج المرأة وهى في عدة الوفاة
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / ع ح م وقد جاء به أن امرأة توفي زوجها من مدة قريبة، وماتزال في عدة الوفاة للآن وكانت قبل وفاته قد تقدمت بطلب لأداء فريضة الحج بموافقة الزوج كتابيا على سفرها لأداء هذه الفريضة، وقد أخرجتها القرعة ضمن المقبولين للسفر في موسم العام الحالى سنة 1401 هجرية ، وسددت الرسوم المطلوبة.
والسؤال: ما حكم الشرع في سفرها، وهى في عدة الوفاة، إلى أداء فريضة الحج، مع الاعتبارات السابقة
الجواب:
إن الحج من فرائض الإسلام، التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، ففي القرآن الكريم قول الله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران 97 ، وهو من العبادات الأساسية.
ففي السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان حقيقة الإسلام والإيمان فقال: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة، كما هو صريح القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، غير أن الفقهاء اختلفوا في حقيقتها وفي شروطها بوجه عام كما اختلفوا فيها بالنسبة للمرأة.
ففي مذهب الإمام أبى حنيفة إن من الاستطاعة أن يكون معها زوجها، أو محرم لها من النسب، أو من المصاهرة، أو من الرضاع، إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت مسافة السفر دون هذه المدة، وتوافرت لها باقى عناصر الاستطاعة كان عليها أداء الحج ولو بغير زوج ولا محرم، ولا فرق في كل هذا بين الشابة والمسنة، ويشترط في المحرم أن يكون بالغا، عاقلا، مأمونا (الاختيار شرح المختار ج - 1 ص 139 - 140 طبعة الحلبى لسنة 1355 هجرية - 1936 م) وفي فقه الإمام مالك إنه لا يشترط لسفر المرأة أن تكون مع زوجها، أو مع محرم، وأنه يجوز لها السفر لأداء هذه الفريضة، إذا وجدت رفقة مأمونة (بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 189 و 190 طبعة الحلبى) وفي فقه الإمام الشافعي إنه إذا لم يتيسر للمرأة الخروج للحج مع زوجها أو أحد محارمها ،كان لها أن تحج مع رفقة مأمونة ، فيهم جمع من النساء موثوق بهن (اثنتان فأكثر) ويجوز مع امرأة واحدة في حج الفرض، بل صرح فقهاء المذهب للمرأة أن تخرج وحدها عند الأمن في حج الفريضة، أما في حج النفل، فليس لها الخروج مع نسوة، ولو كثرن، ولا تسافر في النفل إلا مع زوج أو ذي رحم لأنه سفر غير واجب (المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازي ج - 7 ص 86 و 87 ومعه فتح العزيز للرافعي شرح الوجيز ص 22 و 23) وفي فقه الإمام أحمد بن حنبل إنه يشترط لوجوب الحج فورا على المرأة مع باقي عناصر الاستطاعة أن يسافر معها زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة (الروض المربع للبهوتي شرح زاد المستنقع للحجاوي ص 194 طبعة دار المعارف) ومن ثم يكون عناصر الاستطاعة أن تسافر لأداء فريضة الحج، دون اشتراط أن تكون بصحبة زوجها أو محرم لها، وإنما تكفي رفقة مأمونة مطلقا كما هو فقه الإمام مالك، أو رفقة مأمونة فيها جمع من النساء الثقات، كما في فقه الإمام الشافعي، وامرأة واحدة تكفي، بل وعند الأمن والأمان تخرج وحدها في حج الفرض ذلك شأن المرأة المتزوجة، والتي ليست ذات زوج.
أما المعتدة من طلاق بائن أو من وفاة فقد جرى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، على أن كلا منهما تقضيان مدة العدة في البيت الذي كانت تقيم فيه وقت وقوع الفرقة بالموت أو بالطلاق البائن، ولا يحل للمطلقة الخروج منه إلا للضرورة، ويحل للمتوفي عنها زوجها الخروج نهارا لقضاء حوائجها ويحرم عليها الخروج ليلا خوف الفساد ودرءا للقيل والقال.
ونص فقهاء هذا المذهب على أنه إن انتهت الزوجية بوفاة الزوج، أو بطلاقه إياها بائنا وهى مسافرة، فإن كان بينها وبين مصرها (محل إقامتها) مدة سفر، أي ثلاثة أيام فأكثر، رجعت إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها، أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها، ولم يجيزوا للمعتدة من وفاة أو طلاق السفر للحاج أو غيره إلا في نطاق هذه القاعدة (آخر باب العدة في الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 979 وما بعدها وذات الموضع في كتب فقه المذاهب الأخرى) وفقه مذهب الإمام مالك جاءت عبارته وسكنت المعتدة مطلقة أو متوفي عنها زوجها على ما كانت تسكن مع زوجها في حياته صيفا وشتاء، ورجعت إن نقلها منه مطلقها، أو مات من مرضه ورجعت وجوبا لتعتد بمنزلها إن بقى شىء من العدة لو كانت قد خرجت لحجة الإسلام إن كان بعدها عن منزلها أربعة أيام فأقل، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر، كما لو دخلت في الإحرام (الشرح الكبير للدرديري مع حاشية الدسوقي ج - 2 ص 548 و 549 باب العدة والتاج والإكليل للمواق مع مواهب الجليل للحطاب ج - 4 ص 162 و 163 في باب العدة) وفي كتاب الأم المروى عن الإمام الشافعي في باب العدة - تحت عنوان مقام المتوفي عنها زوجها والمطلقة في بيتها.
دلت السنة على أن على المتوفي عنها زوجها، أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله إلى أن قال وإن أذن لها بالسفر فخرجت، أو خرج بها مسافرا إلى حج، أو بلد من البلدان فمات عنها، أو طلقها طلاقا لا يملك الرجعة فسواء، ولها الخيار في أن تمضى في سفرها ذاهبة أو جائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن ينقضي سفرها (ج - 5 طبعة الأميرية ببولاق 1322 هجرية ص 208 و 210) وفي مختصر المازني تحت ذات العنوان السابق ولو خرج مسافرا بها أو أذن لها في الحج، فزايلت منزله فمات أو طلقها ثلاثا فسواء.
لها الخيار في أن تمضى لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضى سفرها (هامش المرجع السابق ص 32، ومثله في تحفة المحتاج وحواشيها ج - 8 ص 264 و 265، وفي حاشية البيجرمي على شرح منهج الطلاب ج - 4 ص 91 ، وفي حاشية البيجرمي على تحفة الحبيب شرح الخطيب ج - 4 ص 51 و 53) وفي فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل قال ابن قدامة في المغنى ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج، لأن العدة في المنزل تفوت ولا بدل لها والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام.
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها فيه نظرت فإن كان وقت الحج متسعا لا تخاف فواته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد في منزلها، لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فواتها الحج لزمها المضي فيه، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمها المقام وإن فاتها الحج، لأنها معتدة فلم يجز لها أن تنشئ سفرا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها.
ولنا أنهما عبادتان استوتا في الوجوب وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، كما لو مات زوجها بعد أن سفرها إليه (ج - 9 من المغنى مع الشرح الكبير ص 185 طبعة المنار) ونقل ابن هبيرة الحنبلي في كتابه الإفصاح عن معاني الصحاح في باب العدة أن الفقهاء اختلفوا في المتوفي عنها زوجها وهى في الحج.
فقال أو حنيفة تلزمها الإقامة على كل حال إن كانت في بلد أو ما يقاربه، وقال مالك والشافعي وأحمد إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه (ص 364 و 365 طبعة المطبعة الحلبية بحلب لسنة 1366 هجرية - 1947 م) لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن السيدة المسئول عنها قد أذن لها زوجها في السفر للحاج ثم توفي وأنها ما تزال في عدة وفاته وأنها إن قعدت للعدة في منزله فاتها الحج، مع أنها قد سددت رسومه ومصروفاته بعد أن أخرجتها القرعة، وأنه لم يسبق لها أداء هذه الفريضة وكان معلوما بالعلم العام أن السفر للحج في عصرنا، قد اقتضت مصلحة الدولة العامة تقييده بقيود، وتحديد عدد المسافرين بالقرعة، وقد يتعذر على هذه السيدة أداء هذه الفريضة فيما بعد بسبب تلك القيود.
وإذا كان هذا حال المسئول عنها، وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، لاسيما وقد أذنت لها سلطات الدولة بالسفر للحج، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى في الحج فعلا يجرى عليه ما قال به ابن قدامة (المرجعان السابقان) واحتج له بالحجة القوية المقبولة في النص الآنف.
وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعي وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضي فيه (المرجعان السابقان) لما كان ذلك كان جائزا للسيدة المسئول عنها السفر لأداء فريضة الحج، وإن كانت في عدة وفاة زوجها، لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، لاسيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعي وأحمد.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

مفاجأة الحيض للمرأة أثناء الحج
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / م ع ح المدرس بمكة المكرمة - قال إنه يطلب بيان حكم الشرع في المسائل الآتية : 1- امرأة حاضت قبل طواف الإفاضة (وهو ركن) وليس لديها وقت لأنها مرتبطة بأفواج ومواعيد الطائرات.
وليس لديها ما تعيش عليه إن هي تأخرت عن الفوج، وليس لديها ثمن بدنة - فماذا تصنع - أتطوف وهى حائض أم تنيب عنها من يطوف بدلا منها.
2 - رمى الحاج الجمرات أيام التشريق بعكس ترتيبها، وكان موكلا في هذا عن آخرين، فبدلا من أن يرمى ابتداء من الجمرة التي تلي مسجد الخيف، رمى ابتداء من الجمرة تجاه مكة.
3 - ما حكم المرأة التي حضرت إلى الحج مع أفواج السياحة أو المؤسسات وليس معها زوج أو محرم، علما بأن هذه هي الفرصة الوحيدة التي سنحت لها من سنوات بعد أن فشلت في الحج بالقرعة.
البعض يقول إنها آثمة.
4 - بعض الحجاج يكونون قارنين أو متمتعين وبالطبع عليهم هدى وقد لا يكون في الاستطاعة تدبير ثمنه فيستدين أو يقتر على نفسه
الجواب"
عن السؤال الأول - جاء في كتاب فتح العزيز للرافعي الكبير الشافعي في الفصل التاسع في الرمى من كتاب الحج (إن العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه، لأن الإنابة جائزة في أصل الحج فكذلك في أبعاضه وكما أن الإنابة في الحج إنما تجوز عند العلة التي لا يرجى زوالها فكذلك الإنابة في الرمى، لكن النظر هنا إلى دوامها إلى آخر وقت الرمى.
وكما أن النائب في أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد حجة عن نفسه، فالنائب في الرمى لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه).
وتخريجا على هذا يجوز للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ،ولم يمكنها البقاء في مكة إلى حين انقطاعه أن تنيب غيرها في هذا الطواف على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه، وأن ينوى الطواف عنها نائبا مؤديا طوافها بكل شروطه، أو أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع في بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف في أيام الانقطاع عملا بأحد قولي الإمام الشافعي القائل إن - النقاء في أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد.
هذا وقد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية (ج - 7 تبع المجموع للنووي ص 400 وما بعدها.
ج - 1 ص 296 و 297 وفي باب الحج ج - 2 ص 283) للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل.
حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها في هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية، وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها، بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض حتى لا ينزل منها شىء منه في المسجد وقت الطواف.
هذا وفي فقه مذهب أبى حنيفة (حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار في باب الحيض في مسائل المتحيرة) أن الحائض والنفساء لا يحل لها دخول المسجد، وإن دخلت ثم طافت أثمت وصح الطواف، وعليها ذبح بدنه، وفي موضع آخر وتطوف الركن ثم تعيده.
لما كان ذلك فللمرأة الحاجة التي يفاجئها الحيض والنفاس ويحول بينها وبين طواف الإفاضة مع تعذر البقاء بمكة حتى ارتفاع عذرها أن تسلك أي طريق من هذه الطرق التي قال بها الفقهاء.
عن السؤال الثاني - جاء في المرجع السابق (ص 404 و 405 من كتاب فتح العزيز للرافعي الكبير مع المجموع للنووى ج - 7) إنه يشترط في رمى أيام التشريق الترتيب في المكان، وهو أن يرمى أولا إلى الجمرة التي تلي مسجد الخيف وهى أقرب الجمرات من منى وأبعدها من مكة، ثم إلى الجمرة الوسطى، ثم إلى الجمرة الصغرى وهى جمرة العقبة.
فلا يعتد برمي الثانية قبل تمام الأولى ولا بالثالثة قبل تمام الأولتين.
وعن أبى حنيفة رحمه الله لو نكسها، (أي فعلها على غير ترتيبها) أعاد فإن لم يفعل أجزأه، لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم (من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج).
ولأنها مناسك متكررة في أمكنة متفرقة في وقت واحد ليس بعضها تابعا لبعض، فلم يشترط الترتيب فيها كالرمى4 والذبح (المغنى لابن قدامة ج - 3 ص 477 مع الشرح الكبير، الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين في كتاب الحج ج - 2 ص 284 و 385 و 389) لما كان ذلك فإذا كان وقت الرمي باقيا فالأولى إعادته مع الترتيب.
اتباعا لفقه الأئمة الثلاثة وباعتباره عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان الوقت قد فات أو ضاق لمواعيد الارتحال الجماعية أجزأه ما فعل اتباعا لقول فقه الإمام أبى حنيفة الذي يرى الترتيب سنة لا يترتب على مخالفتها شيء إعمالا للحديث السابق.
عن السؤال الثالث - تكاد كلمة الفقهاء تكون قد توافقت على أن من الاستطاعة في الحج بالنسبة للمرأة أن تكون مع زوجها أو محرم لها غير أن بعضهم كالشافعية أجازوا خروجها للحج مع نسوة يوثق بهن (اثنان فأكثر) وأضاف فقه المالكية أو رفقه مأمونة.
واتفقوا جميعا على أنه إذا فقدت هذه الشروط كلها فلا يجب الحج على المرأة لعدم الاستطاعة.
وفي فقه الإمام الشافعي أيضا يجوز للمرأة أن تؤدى فريضة الحج مع امرأة واحدة.
وأجازوا للمرأة أن تخرج وحدها لأداء هذه الفريضة عند الأمن.
وهذا ما نميل للأخذ به في حق المرأة المسئول عنها ويكون حجها بحالتها هذه صحيحا شرعا ولا إثم عليها ، لاسيما مع ما جاء بالسؤال من أن هذه هى الفرصة الوحيدة التي سنحت لها منذ سنوات بعد أن فشلت في الخروج للحج بالقرعة - وهذا يتمشى مع قول الله سبحانه في التيسير {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة 185 ، عن السؤال الرابع - شرع الحج على المستطيع {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران 97 ، وجاءت السنة الشريفة مبينة ومؤكدة على هذه الاستطاعة، فأوضحت أن للحاج أن يفرد الإحرام بالحج فقط أو يقرن في الإحرام الحج والعمرة معا، أو يحرم بالعمرة ثم يحل من إحرامه ثم يحرم بالحج وهو التمتع، وعلى هذين الأخيرين تجب الفدية.
ولكل مسلم ومسلمة اختيار ما في وسعه وقدرته.
فمن قدر عليه رزقه كان له أن يحرم بالحج فقط حتى لا يثقل بنفقات الفدية فإذا اتسع وقته للإحرام بالعمرة أداها بعد أن يتم جميع مناسك الحج، وعندئذ لا هدى عليه وجوبا، ذلك هدى الله وقوله في القرآن {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} البقرة 286 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
******

التصرف في الأضحية
السؤال:
عن كيفية التصرف في الأضحية شرعا؟
الجواب:
رفع ألينا سؤال عن كيفية التصرف في الأضحية والجواب أنه يجوز عند الأئمة الأربعة أن يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر منها.
وأفضل عند الحنفية أن يتخذ الثلث ضيافة لأقربائه وأصدقائه ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث، ويندب لمن كان له عيال يحتاجون إلى التوسعة ألا يتصدق منها إلى غيرهم لأن أنفاقه عليهم صدقة.
والأفضل عند الحنابلة أن يجعل أضحيته أثلاثا كما تقدم وعن الشافعية أن يتصدق بها كلها ودون ذلك عنهم في الفضل أن يأكل ثلثها ويتصدق بثلثها ويهدى ثلثها.
والأفضل عند المالكية أن يجمع بين الأكل منها والتصدق والاهداء بدون تحديد بالثلث ولا غيره وأوجب الشافعية وابن حزم التصدق ببعض الأضحية ولو قليلا والله أعلم.
******

مكان وزمان ذبح الهدى في الحج
السؤال:
من السيد / ف أ ك طلب بيان حكم ما يأتى أولا - مكان وزمان ذبح الهدى في الحج سواء كان هدى قران أو تمتع أو تطوع وما ترتب على ذلك من المخالفة.
ثانيا - الهدى بجميع أنواعه يأخذه المطوفون يأكلون منه ما يأكلون ويتصدقون بما يتصدقون فهل في هذه الحالة يصيب المرمى فيسقط الطلب أولا.
ثالثا - حكم النزول في منى وزمانه ومقدار هذا الزمن وما يترتب على مخالفة ذلك
الجواب:
أولا - الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم من النعم ليتقرب به أبلا أو بقرا.
أو غنما وأقله شاه وهى جائزة في كل شيء الا في موضوعين من طاف طواف الزيارة جنبا ومن جامع بعد الوقوف بعرفه فانه لا يجوز فيها إلا الإبل والهدى أنواع منها هدى التطوع وهى المتعة وهدى القران - وهدى التطوع يجوز ذبحه قبل يوم النحر وذبحه يوم النحر أفضل لأن القربى في التطوعات باعتبار أنها هدايا وذلك بتحقيق تبليغها إلى الحرم فإذا وجد ذلك جاز ذبحها في غير يوم النحر وفي أيام النحر أفضل لأن معنى القربة في إراقة الدم فيها أظهر.
أما دم المتعة والقران فيختص ذبحه بأيام النحر لقوله تعالى {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم} وقضاء التفث يختص بيوم النحر ولأنه دم نسك فيختص بيوم النحر كالأضحية - ولا يجوز ذبح جميع الهدايا إلا في الحرم لقوله تعالى في جزاء الصيد {هديا بالغ الكعبة} فصار أصلا في كل دم هو كفارة ولقوله تعالى في دم الاحصار {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله} وقوله تعالى في الهدايا مطلقا {ثم محلها إلى البيت العتيق} ولأن الهدى اسم لما يهدى إلى مكان فالإضافة ثابتة في مفهومه وهو الحرم بالاجتماع - ويجوز الذبح في أى موضع شاء من الحرم ولا يختص بمنى ومن الناس من قال لا يجوز إلا بمنى والصحيح ما قلنا قال عليه السلام "كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر" رواه أبو داود وابن ماجه من حديث جابر ثم قال صاحب الفتح فتحصل أن الدماء قسمان ما يختص بالزمان والمكان وما يختص بالمكان فقط.
ويتضح مما سبق من النصوص أنه يجوز ذبح دم التطوع قبل أيام النحر وذبحه فيها أفضل - أما دم المتعة والقران فلا يجوز ذبحهما إلا في أيام النحر ويتعين ذبح الثلاثة في الحرم ومنه منى.
ثانيا - ويجوز للمُهدي أن يأكل استحبابا عند الحنفية من دم المتعة والقران والتطوع - ولا يجوز له ذلك عند الشافعية إلا من دم التطوع ولا يجوز له الأكل من غيرها لأنها عندهم دماء كفارات ولو أكل منها ضمن خلافا لمالك - ويجوز له أن يتصدق بالهدى على فقير الحرم وغيره من الفقراء المستحقين لأن الصدقة قربة منقولة والصدقة على كل فقير قربة خلافا للشافعي - ويقوم مقام تصدق المهدي بنفسه تصدق وكيله أو نائبه بالحرم الهدى على الفقراء نيابة عنه كالمطوفين مثلا وغيرهم ويكون ذلك مجزيا ومسقطا للطلب عن المهدي.
ثالثا - وفي يوم التروية وهم اليوم الثامن من ذي الحجة يخرج الحاج من مكة بعد صلاة فجر هذا اليوم إلى منى حيث يقيم بها حتى يصلى فجر يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذى الحجة ويمكث بها إلى طلوع الشمس ثم يتوجه إلى عرفات فيقف بها ثم يعود إلى منى ثانية يوم النحر قبل طلوع الشمس فيبدأ برمي جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات كحصى الخزف يكبر مع كل حصاة وتقطع التلبية بأولها ويقف عندها ثم يذبح أن أحب دم التطوع ثم يحلق وهو أفضل أو يقصر وقد حل له كل شيء من محظورات الإحرام غير النساء على خلاف في ذلك بين المذاهب - ثم يذهب من يومه وهو يوم النحر أن استطاع أو الغد أو بعده إلى مكة فيطوف للزيارة سبعة أشواط وهو ركن في الحج والنزول بمنى على الوجه السابق من سنن الحج وتاركه يكون مسيئا.
والله أعلم
******

الحج في الملابس العادية لعذر
السؤال:
من السيد / م أ أ بطلبه المتضمن أنه عزم بمشيئة الله تعالى على تأدية فريضة الحج هذا العام إلا أنه مريض ولا يستطيع ارتداء زى الإحرام ويمكنه تأدية الفريضة في حالة ارتدائه الملابس العادية.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي
الجواب:
المنصوص عليه في الفقه الحنفي أنه يصح الإحرام مع لبس المخيط - وان كان ذلك بعذر أو بغيره لأن التجرد عن المخيط من واجبات الإحرام لا من شروط صحته فإذا تركه المحرم وأحرم بلباس مخيط كان أحرم وهو مرتد ملابسه العادية.
فأما أن يكون فعله هذا بعذر أو بغير عذر.
فان كان بعذر بأن كانت عنده ضرورة دعته إلى لبس المخيط كمرض ونحوه مثلا وجب عليه كفارة يتخير فيها بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام سواء لبس ثوبا واحدا أو كان لباسه كله مخيطا ولو دام على ذلك أياما أو كان يلبس المخيط ليلا للبرد مثلا وينزعه نهارا.
فان زال عذره ولبس المخيط مع هذا فانه يكون عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل هو منها كذلك إذا لبس المخيط ابتداء من غير عذر هذا والصوم في الكفارة التي يتخير فيها المحرم يجزيه في أى موضع شاء لأنه عادة في كل مكان وكذلك التصدق على المساكين.
أما النسك وهو ذبح الشاة فيختص بالحرم.
والسائل يقول أنه مريض ويضره لبس الإحرام فيسوع له والحالة هذه أن يلبس المخيط وعليه كفارة يتخير فيها على الوجه المشار إليه فان زال عذره واستمر على لبس المخيط أو عاد ولبسه بعد زوال العذر فانه تجب عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة ويتصدق بلحمها من غير أن يأكل منها.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم
******

مجاوزة الميقات دون احرام ورمى الجمرات
السؤال:
من السيد / أ ى ع بطلبه المتضمن ان السائل قد أدى فريضة الحج هو وزوجته في العام الماضي إلا أنه قد وقعت منهما الأخطاء الآتية.
1 - كان السائل وزوجته عازمين على الذهاب إلى المدينة والإحرام منها حيث أنها الميقات الشرعي لهما - ولكنهما عندما وصلا إلى جدة منعا من الذهاب إلى المدينة لأن ميعاد الحج قد حان.
2 - عندما قام السائل وزوجته برمي جمرة العقبة الكبرى رمياها من الخلف لأنهما رأيا الحجاج يرمونها من الخلف - ولما ذهبا إلى مكة للطواف والسعي وجدا الحجاج يرمون جمرة العقبة من الأمام لا من الخلف كما رميا سابقا.
3 - وعندما ذهب السائل وزوجته ثاني يوم لرمى جمار العقبة الثانية كان هناك زحام شديد أدى إلى وقوع بعض الحصى من يده ويد زوجته فرميا بعض الحصى وسقط بعضه من أيديهما ولم يستطيعا إتمام الرجم - نتيجة لذلك.
طلب السائل بيان الحكم الشرعي فيما وقع منه ومن زوجته من أخطاء وما هو الواجب عليهما شرعا حتى يجبرا ما حدث منهما من نقص في أفعال حجهما؟
الجواب
1 - عن السؤال الأول - المقرر في فقه الحنفية ان من جاوز الميقات وهو يريد الحج والعمرة غير محرم فلا يخلو أما أن يكون قد أحرم داخل الميقات أو عاد إلى الميقات ثم أحرم.
فان أحرم داخل الميقات ينظر ان خاف فوت الحج متى عاد فانه لا يعود يمضى في إحرامه ولزمه دم.
وان كان لا يخاف فوت الحج فانه يعود إلى الميقات وإذا عاد إلى الميقات فلا يخلو أما ان يكون حلالا أو محرما فان عاد حلالا ثم أحرم سقط عنه الدم وان عاد إلى الميقات محرما قال أبو حنيفة رحمه الله إن لبى سقط عند الدم وان لم يلب لا يسقط.
وعند الصاحبين محمد وأبى يوسف يسقط في الوجهين - وفي الحادثة موضوع الاستفتاء الظاهر أن المستفتى وزوجته احرما داخل الميقات ولكنهما خافا فوت الحج متى عادا إلى الميقات ليحرما منه.
فيكون الواجب عليهما في هذه الحالة ألا يعودا ويمضيا في إحرامهما ويلزم كلا منهما دم لعدم إحرامهما من الميقات أي أنه يجب على كل منهما ذبح شاة في الحرم والتصدق بلحمها.
2 - عن السؤال الثاني - لا مخالفة شرعا في رمى الجمار من الخلف بل الرمي جائز شرعا عن أية صورة.
فقد جاء في كتاب مجمع الأنهر في فقه الحنفية في الجزء الأول بالصحيفة 280 ما نصه (ولكن المختار عند مشايخ بخارى انه يرمى كيف يشاء).
3 - عن السؤال الثالث - المقرر في فقه الحنفية ان من ترك رمى الجمار كلها أو يوما واحدا أو جمرة العقبة يوم النحر فعليه شاة - ومعناه أنه تركها حتى غربت الشمس من آخر أيام التشريق لأنه ترك واجبا من جنس واحد وان لم تغرب الشمس يرمها على الترتيب لكنه يجب الدم لتأخيرها عند أبى حنيفة خلافا لصاحبيه محمد وأبى يوسف.
وترك رمى يوم واحد عبادة مقصودة وكذلك جمرة العقبة يوم النحر فتجب شاة.
وان ترك أقلها تصدق لكل حصاة بنصف صاع من بر (قمح) والصاع قدحان وثلث قدح بالكيل المصري - إلا أن يبلغ قيمة المتصدق عنه قيمة شاة ففي هذه الحالة ينقص ما شاء من قيمة الشاة.
وفي الحادثة موضوع الاستفتاء لو كان المستفتى وزوجته قد تركا رمى يوم كامل من الجمار فانه يجب على كل منهما شاة يذبحها في الحرم ويتصدق بلحمها.
ولو كان المتروك أقل من ذلك تصدق كل من المستفتى وزوجته عن كل حصاة تركت بنصف صاع من بر إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة فينقص كل منهما في هذه الحالة ما شاء عن قيمة الشاة وهذا التصدق جائز في كل مكان لأنه عبادة في كل مكان.
وعلى هذا فيكون حج كل من المستفتى وزوجته صحيحا شرعا ويجب على كل منهما ذبح شاة في الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الأولى وهى تجاوزهما الميقات غير محرمين.
ولاشيء عليهما في رمى جمرة العقبة الكبيرة من الخلف ويجب على لك منهما ذبح شاة في الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الثالثة إن كان المتروك رمى جمار كل يوم - أو التصدق بنصف صاع من بر في أي مكان عن كل حصاة تركها كل منهما إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة ففي هذه الحالة ينقص كل منهما ما شاء من قيمة الشاة كما قررنا سابقا.
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم
******
السؤال:
من السيد / أ م م بطلبه المتضمن أنه أثناء تأديته لفريضة الحج وأداء مناسكه طاف طواف الإفاضة ظهر يوم النحر ثلاثة أشواط وبعدها شعر بالتعب والإعياء فلم يتمكن من إتمام الأشواط السبعة ثم عاد ليلا في نفس اليوم وأتم الأشواط الباقية ويسأل عن حكم ذلك شرعا.
ومتضمن كذلك أنه لم يبت بمنى بعد رجوعه من عرفة فما حكم ذلك شرعا ويسأل أيضا عن حكم فوائد البنوك وهل يجوز أخذها وإعطاؤها للفقراء والمساكين
الجواب:
من أركان الحج طواف الزيارة المسمى بطواف الإفاضة وهو مجمع على ركنيته قال تعالى {وليطوفوا بالبيت العتيق} وهو سبعة أشواط غير أن الأحناف يرون أن الركن أربعة أشواط والثلاثة الباقية واجب ويدخل وقت هذا الركن بطلوع فجر يوم النحر عند الحنفيين ومالك.
وقال الشافعي وأحمد يدخل وقته بنصف ليلة النحر ولا آخر لوقته وفعله يوم النحر أفضل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى" أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والبهيقي - فيسن للحاج النزول من منى إلى مكة يوم النحر لطواف الركن وشروط هذا الطواف الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة، والنية والطواف لجميع البيت سبعة أشواط وداخل المسجد ووراء حجر إسماعيل ومحاذات الحجر الأسود بجميع بدنه والترتيب وهو أن يطوف على يمينه والموالاة وبالنظر إلى الشرط الأخير وهو المولاة بين الأشواط السبعة قال بذلك مالك وأحمد فان فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون التفريق يسيرا ولو لغير عذر أو كثيرا لعذر وقال الحنفيون الموالاة بين أجزاء الطواف سنة وهو الصحيح عند الشافعي وعلى ذلك فلو فرق تفريقا كثيرا بغير عذر لا يبطل طوافه بل يبنى على ما مضى منه.
على ذلك فان ما فعله السائل من تفريق بين أجزاء الطواف لتعبه وشدة الحرارة ثم استئنافه الطواف وتكملته صحيح ولا شيء فيه.
أما النسبة للمبيت بمنى لرمى الجمرات فهو سنة عند الأئمة فللحاج أن يبيت بها بعد الطواف والسعي أو بعد الطواف ان لم يكن عليه سعى يبيت بها ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة ويجوز أن يبقى بمكة إلى منتصف الليل ثم يتم الليل بمنى كما يجوز أن يستمر بمنى إلى مثل ذلك وينم الليل بمكة أعنى يجوز للحاج أن يجمع بين منى ومكة في كل ليلة يطلب فيها المبيت بمنى وله ألا يبيت بمنى وأن كره ذلك لكن يلزمه أن لم يبت بها أن يجيء إليها لرمى الجمرات في وقته من أيام التشريق لأن المبيت بها لذلك وعلى ذلك فليس على الحاج السائل شيء في عدمه مبيته بمنى.
أما بالنسبة للسؤال الثالث - وهو فوائد البنوك فقط اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الفائدة المحددة التي تعطيها البنوك على الإيداع أو الاقتراض من قبيل ربا الزيادة المحرمة شرعا فلا يباح للسائل أن ينتفع بها وله أن أخذها أن يوزعها على الفقراء والمساكين تخلصا منها ولكن لا يثاب عليها لأنه مال حرام والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإلا تركها للبنك ليتولى صرفها حسبما يرى والله سبحانه وتعالى أعلم
******

لبس المخيط في الحج لعذر
السؤال:
من السيد الأستاذ / ع ق م المحامى بطلبه المتضمن أنه قد عزم على أداء فريضة الحج ولكنه لا يمكنه خلع ملابسه المخيطة لئلا يصاب باحتقان في الأنف والزور والحلق المصحوب بالرشح والزكام الذي ينتهى باحتقان في الشعب الهوائية.
ويسأل هل يجوز له أداء الفريضة مرتديا ملابسه العادية وان جاز ذلك فهل تلزمه فدية أم لا؟
الجواب
قال تعالى {وما جعل عليكم في الدين من حرج} وقال تعالى {إن مع العسر يسرا} فحمدا لله الذي جعل بيته العتيق مثابة للناس وأمنا وجعل حجه ركنا من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا وجعل للحج مناسك يجب على المحرم الالتزام بها وجعل له محظورات يجب الابتعاد عنها ورتب جزاء على من خالفها والمحظورات في الحج أنواع فمنها ما يفسده ومنها ما يترتب عليه هدى أو فدية قال الفقهاء الأمور المحظورة على المحرم منها ما يوجب الفدية على التخيير ومنها ما يوجبها على الترتيب فالذي يوجبها على التخيير أمور ذكروها منها لبس المخيط أو المحيط وهى الثياب المفصلة على البدن والتي تحيط به وتستمسك بنفسها كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز والجلباب ونحو ذلك فيحرم على المحرم لبس ذلك مدة الإحرام فان لبس المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتب وان لبسه لعذر كان تيقن أو غلب على ظنه باختبار طبيب مسلم أمين بإصابته بضرر أو مرض اذا خلع ملابسه العادية لزمته الفدية على التخيير.
والفدية على التخيير هي إما أن يذبح شاة سنها ستة أشهر ان كانت من الضأن وسنة إن كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا النسك بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأي زمان ومكان شاء إلا إذا نوى به الهدى فانه يذبح بمنى أو مكة.
وإما أن يصوم ثلاثة أيام. وإما أن يطعم ستة مساكين لكل واحد منهم مد من بر ونصف صاع (مدان) من تمر أو زبيب أو شعير أو أقسط وأن لبس المحرم المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتيب فيلزمه ذبح شاة تجزيء في الأضحية.
وعلى ذلك ففي واقعة السؤال مادام السائل قد عزم على الحج وسوف يظل مرتديا ملابسه العادية المخيطة لمرضه فان ذلك يعد ضرورة تبيح له هذا المحظور وعلى ذلك تلزمه الفدية على التخيير المذكور.
والله تعالى نسأل أن يهدينا سواء السبيل وان يتقبل من حجاج بيته الحرام وأن يجعل أداء هذا الركن العظيم خالصا لوجهه الكريم والله سبحانه وتعالى أعلم
******

حج ووصية اختيارية
السؤال:
من السيد / م أ م بطلبه المتضمن أنه متزوج من حوالي عشرين سنة من سيدة من أقربائه كانت زوجة لرجل سابق توفي عنها وترك ثلاثة أولاد قصر هم (ذكران وأنثى) وفور زواجه بها ضم الأولاد الثلاثة إليه في عيشة واحدة.
وأخذ يرعاهم ويصرف عليهم حتى كبر وحصل كل منهم على شهادة البكالوريوس.
وقام بتزويج البنت وكذلك الولدين واستقل كل منهم في معيشة خاصة.
وقال أنه لم ينجب أطفالا على الإطلاق. وأنه يبلغ من العمر الآن حوالي سبعة وستون سنة ويمتلك بعض الأطيان الزراعية وله رغبتان هما.
أولا - يريد أن يقوم هو وزوجته بأداء فريضة الحج أو العمرة أو الاثنين معا برغم ما سوف يعانيه من إرهاق نظرا لبتر ساقه اليسرى حيث استعاض عنها بساق صناعية.
ويقول هل يعتبر أداء فريضة الحج وهو قادر عليها ماليا فريضة واجبة عليه وعلى زوجته وما حكم أداء العمرة بالنسبة له.
ثانيا - يريد أن يوصى بثلث ما يملك من الأطيان الزراعية إلى أولاد زوجته المذكورين والى إحدى جهات البر بنسب معينة.
ويقول ما حكم الشرع في الإيصاء لهم وحدهم. وهل يكون الإيصاء لهم قربة إلى الله أم يلزم أن يكون الإيصاء مقصورا على جهة من جهات البر حتى تكون قربى إلى الله.
الجواب:
عن السؤال الأول - الحج فرض على الفور متى توافرت شروط وجوبه ومنها القدرة على نفقات الحج والإتيان بأركانه.
فكل من توافرت فيه شروطه وجوبه ثم أخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثما بالتأخير عند فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة.
وقال فقهاء الشافعية هو فرض على التراخي أن أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر لا يكون عاصيا بالتأخير.
ولكن بشرطين الأول أن لا يخاف فواته إما لكبر سنه وعجزه عن الوصول وإما لضياع ماله فان خاف فواته لشيء من هذا وجب عليه أن يفعله فورا وكان عاصيا بالتأخير.
الثاني: أن يكون التأخير مقرونا بالعزم على الفعل فيما بعد فلو لم يعزم كان آثما.
وعلى ذلك فإذا كان السائل يستطيع أداء الحج وهو على هذه الحالة وجب عليه أداؤه فورا بدون تأخير فلو أخره كان آثما حيث أنه قادر ماليا.
فإذا كان لا يستطيع ذلك بسبب هذه العاهة وجب عله أن ينيب غيره في أداء هذه الفريضة وأن يتحمل مصاريف الحج من ماله الخاص.
وأن ينوى النائب الحج عنه والأفضل أن يكون النائب قد أدى فريضة الحج عن نفسه وهذا اذا كان عجز هذا السائل عجزا كاملا لا يستطيع معه أداء أركان الحج بنفسه.
أما أداء العمرة فهو سنة وليست واجبة على السائل بل يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها.
أما زوجته فإذا كانت قادرة ماليا على الحج وجب عليها أن تحج من مالها الخاص ويجوز أن يتبرع هو بأداء هذه النفقات ويسقط بذلك عنها الفرض.
وعن السؤال الثاني: - نصت المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 46 على جواز الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير أجازة الورثة.
وعلى ذلك يجوز للسائل أن يوصى لأولاد زوجته بثلث التركة أويوصى لهم ولجهات البر بما يوازى ثلث التركة وذلك حسب رغبته.
وينفذ ذلك دون توقف على إجازة الورثة مادام في حدود ثلث التركة.
أما إذا زادت الوصية عن الثلث فتنفذ في الثلث ويتوقف الباقي على إجازة الورثة فان أجازوها نفذت بشرط أن يكونوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بسؤال السائل. والله سبحانه وتعالى أعلم
******

مخالفة التوقيت الشرعي المحدد لرمي الجمار
السؤال:
من السيد / م ع م بطلبه المتضمن أنه يعمل مدرسا بالسعودية وذهب وزوجته لأداء مناسك الحج هذا العام - وبعد أداء مناسك الحج عاد إلى محل إقامته ثاني أيام العيد الأضحى وبعد أن قام برمي الجمار عنه وعن زوجته فرمى عن نفسه 49 مرة ومثلها لزوجته سبعا يوم العيد ، 42 ثاني أيام العيد ويسأل عن حكم الشرع في رميه وفي عودته ثانى أيام العيد وهل حجه صحيح وماذا يلزمه
الجواب:
قال الله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} وقال {وأتموا الحج والعمرة لله} وقال {الحج أشهر معلومات} ومناسك الحج منها الأركان التي لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن ورمى الجمار من الواجبات التي تجبر بدم باتفاق والجمار التي ترمى ثلاث بمنى الصغرى التي تلي مسجد الخيف والوسطى بينها وبين جمرة العقبة والكبرى وهى العقبة وأيام الرمي أربعة يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده أما يوم النحر فترمى فيه جمرة العقبة بسبع حصيات كل حصاة في حجم حبة الفول.
وأما أيام التشريق الثلاثة وهى الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذوى الحجة ترمى فيها الجمرات الثلاث الأولى والوسطى والعقبة - ولابد من الترتيب بين الجمرات في الرمي فيبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى فيرمى كل واحدة سبع مرات في الحادي عشر من ذي الحجة ثانى أيام العيد - ومثلها في الثاني عشر والثالث عشر ثالث ورابع أيام العيد فيكون مجموع الرمي سبعين منها سبع ترمى بها جمرة العقبة يوم العيد واحدى وعشرون ترمى بها الجمار الثلاث ثاني أيام العيد وإحدى وعشرون ترمى بها ثالث أيام العيد وإحدى وعشرون ترمى بها رابع أيام العيد، هذا لمن يتم ولم يتعجل أما من تعجل وأراد الخروج من منى إلى مكة في اليوم الثاني من أيام التشريق وهو ثالث أيام العيد فانه يرمى جمرة العقبة سبعا يوم النحر، وإحدى وعشرين لليوم الثاني وإحدى وعشرين لليوم الثالث فمجموعها لمن تعجل تسع وأربعون حصاة.
قال تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} البقرة 203 ، ومن هذا تبين أن السائل قد خالف التوقيت الشرعي المحدد لرمى الجمار حيث عمل برمي ثالث أيام العيد فرمى جمراته مع جمرات اليوم الثاني فلا هو أتم وتأخر لرابع أيام العيد ولا هو تعجل وبقى لثالث أيام العيد ويكون بذلك قد ترك رمى اليوم الثالث فيلزمه على ذلك دمان عنه وعن زوجته فعليه أن يذبح شاتين سن كل منهما ستة أشهر على الأقل إن كانت من الضأن وسنة إن كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا الهدى بزمان وحج السائل صحيح ويلزمه الدمان المذكوران.
فنسأل الله تعالى القبول والإخلاص.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

ترك طواف الوداع في الحج
السؤال:
من السيد / م ج د الإذاعي بالمملكة العربية السعودية بطلبه المتضمن سؤاله عن صديق له بالسعودية قد أدى مناسك الحج ولكنه نسى طواف الوداع ولما تذكره لم يتيسر له الطواف لشدة الزحام ولوجود زوجته وأولاده بعيدا عن بيت الله الحرام فلم يستطع تركهم والعودة لتأدية طواف الوداع. فما الحكم الشرعي؟.
الجواب:
قال الله سبحانه وتعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} البقرة 196 ، وقال صلى الله عليه وسلم "خذوا عنى مناسككم" ومناسك الحج منها الأركان التي لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن وطواف الوداع بفتح الواو ويسمى طواف الصدر بفتحتين وطواف آخر عهد بالبيت وهو الطواف عند إرادة السفر من مكة وهو واجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة لغير الحائض والمكي أي من هو مقيم بمكة فلا يجب على من كان داخلها ولا على الحائض ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
أخرجه الشيخان. ومن نسيه ولم يتمكن من أدائه لزمه دم سنها ستة أشهر على الأقل أن كان من الضأن وسنة إن كان من المعز ولا يختص ذبحه بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأي زمان أو مكان شاء.
بشرط ألا يكون المسئول عنه مقيما بمكة فان كان مقيما بها فلا يجب عليه طواف الوداع وبالتالي فلا يجب عليه بتركة فداء.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******