تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

    سؤال - هل يجوز التسمية بإسم "معز"؟-
    لا مانع شرعاً من تسمية الطفل بـ (مُعِز) - لأنَّ (المُعِز) وإن كان من أسماء الله تعالى - التي وردت تسميته بها مقرونة بمقابله وهو (المذل) - إلا أنَّه من الأسماء المشتركة التي يصح إطلاقها على الله تعالى وعلى المخلوق، مع نفي المشابهة بين الخالق والمخلوق؛ فعز الله هو العز الكامل، وأما عز المخلوق فهو عز ناقص لائق بضعفه واحتياجه؛ لذلك لا يقتضي مجرد إطلاق (مُعِز) على المخلوق مشابهته للخالق، وهكذا يقال في سائر أسماء الله تعالى المشتركة وهي: التي يصح أن تطلق على المخلوق والخالق مثل: (كريم ورحيم وحكيم...)، وفي ذلك يقول الإمام ابن خزيمة في كتابه "التوحيد":(وليس في تسميتنا بعض الخلق ببعض أسامي الله بموجب عند العقلاء الذين يعقلون عن الله خطابه أن يقال: إنكم شبهتم الله بخلقه، إذ أوقعتم أسامي الله على خلقه).-------------------------------- ويشترط عند تسمية المخلوق بالأسماء التي هي من الأسماء الحسنى ما يلي: 1----------- أن تخلو من (ال) فلا يسمى المخلوق بـ (العزيز ولا المعز ولا الكريم ولا الحكم وهكذا) ؛ وذلك لأنَّ (ال) تعطي المعنى الكامل لهذه الألفاظ، والمعاني الكاملة في ذلك إنما هي لله تعالى وحده. وأما مجرد إطلاقها على المخلوق وهي محلاة بـ (ال) فإنَّه يجوز إذا كان على سبيل الوصف لا التسمية، وقد جاء وصف المخلوق بذلك في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وقالت امرأة العزيز} وقال تعالى: {وقال الملك ائتوني به} وقال تعالى: {إنَّ خير من استأجرت القوي الأمين}، وقال تعالى: {يخرج الحي من الميت} إلى غير ذلك من الأوصاف التي أطلقها الله على المخلوق وهي محلاة ب (ال) مع أن هذا الأسماء هي من أسماء الله تعالى التي سمى بها في كتابه العزيز.---------------------- 2- أن لا يكون المعهود عند الناس تخصيص إطلاق ذلك الاسم على الله تعالى فقط، ويستنكرون إطلاقه على غيره؛ لأنَّ تسمية المخلوق به في هذه الحالة يؤدي إلى الوقوع في محظور التشبيه والاستنكار من الناس وربما أدى إلى أذية المسمى به في تلك البلاد.--------------------------- 3- أن لا يحيط بالتسمية به ما يوهم معنى باطلاً وهو مشابهة المخلوق للخالق؛ فحينئذ لا يسمى به المخلوق ولا يكنى به ولا يوصف، ويدلُّ على هذا الحديث الذي رواه أبو داود وغيره بسند جيد عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه: أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم"، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أحسن هذا، فمالك من الولد؟" قال: لي شريح ومسلم وعبد الله، قال: "فمن أكبرهم؟ " قال: قلت: شريح، قال: "فأنت أبو شريح). فهذا الرجل نصبه قومه حكماً بينهم فلا يردون حكما صدر منه - حسب ما ذكر في الحديث - ولما كان الأمر كذلك - فإنه ربما أدى ذلك إلى توهم بعض الناس أن حكمه أصبح يشبه حكم الله تعالى فلا يعترض عليه وهذا ممنوع، وفي ذلك يقول الإمام البغوي في شرح السنة: (الحكم: هو الحاكم الذي إذا حكم لا يرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق بغير الله عز وجل). ويدل على هذا أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر اسم صحابي كان اسمه الحكم إلى عبدالله، فعن سعيد بن عمرو بن العاص قال: حدّثني الحكم بن سعيد قال أتيت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: «ما اسمك؟» قلت: الحكم. قال: «بل أنت عبداللَّه». رواه البخاريّ في التاريخ وابن شاهين، والطّبراني، والدّارقطنيّ في الأفراد.وسبب هذا التغيير ما ذكرناه سابقاً وهو أنه ربما أحاط بالتسمية به ما يوهم معنى باطلاً - وهو مشابهة المخلوق للخالق - أما إذا خلا عن ذلك فلا يغير ولا يمنع من التسمية به أو الكنية، - بدليل أن هناك بعض الصحابة المشهورين كان يكنى بأبي الحكم ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره المتسمي به، ومن هؤلاء: رافع بن سنان الأنصاريّ فإنه كان يكنى بأبي الحكم، كما أن هناك عدداً من الصحابة كان يسمى بالحكم، كما في الإصابة للحافظ ابن حجر، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم غير أسماءهم، ولا أنهم غيروا أسماءهم، فدل ذلك أن التغيير لتلك الأسماء كان لسبب معين وليس لمجرد التسمية بها. وهذا - كما قلنا - إنما هو في الأسماء المشتركة، أما الأسماء الخاصة بالله وهي التي لا تطلق إلا عليه جل جلاله فلا يجوز أن يُسمى بها غيره مطلقاً، وقد حدد الإمام النووي رحمه الله في روضة الطالبين الأسماء الخاصة بالله والمشتركة ومراتبها في باب اليمين فقال: (فالأسماء ثلاثة أنواع: أحدها: ما يختص بالله تعالى ولا يطلق في حق غيره، كالله، والإله، والرحمن، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وخالق الخلق، والحي الذي لا يموت، والأول الذي ليس قبله شيء، والواحد الذي ليس كمثله شيء.. النوع الثاني: ما يطلق في حق الله وفي حق غير الله تعالى، لكن الغالب استعماله في حق الله تعالى وأنه يقيد في حق غيره بضرب تقييد، كالجبار والحق والرب والمتكبر والقادر والقاهر .. النوع الثالث: ما يطلق في حق الله تعالى وفي حق غيره ولا يغلب استعماله في أحد الطرفين كالحي والموجود والمؤمن والكريم والغني وشبهها). فحصر الأسماء الخاصة بالله في ثلاثة -- ثم ذكر في البقية إضافات تجعلها خاصة بالله وليس مجرد الإسم. وكذلك جاء في المغني لابن قدامة في باب اليمين فقد قال: (وأسماء الله تنقسم ثلاثة أقسام: أحدها: ما لا يسمى بها غيره نحو قوله: والله، والرحمن، والأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، ورب السموات والأرض، والحي الذي لا يموت ونحو هذا.. والثاني: ما يسمى به غير الله تعالى مجازا وإطلاقه ينصرف إلى الله تعالى مثل الخالق والرازق والرب والرحيم والقادر والقاهر والملك والجبار ونحوه فهذا يسمى به غير الله مجازا .. الثالث: ما يسمى به الله تعالى وغيره ولا ينصرف إليه بإطلاقه كالحي والعالم والموجود والمؤمن والكريم والشاكر). وبذلك يتبين أن اعتبار الإطلاق وعدمه عند الناس له دخل في إمكان تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق أو الوصف أو عدم ذلك؛ --------- فيجب أن يراعي ذلك بحسب الزمان والمكان، وذلك فيما يختص بالأسماء المشتركة، أما الخاصة بالله تعالى فيمنع إطلاقها على غير الله مطلقاً، ومما يختص بالله تعالى (رب) فلا يطلق على غير الله إلا مقيدا كرب البيت أو رب المال ونحو ذلك، أما إطلاقه بدون تقييد لفظي أو حالي فلا - سواء حلي بـ (ال) أم لا - خصوصاً في التسمية لأنه يصبح ينادى فيقال (يا رب اذهب) أو يا رب افعل كذا) ونحو ذلك، ولا يخفى ما في ذلك من البشاعة، وفي ذلك يقول يقول القاضي عياض في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم: (الربوبية إنما هى حقيقة لله تعالى، فيجب للعبد المربوب ألا يسامح بتسميته بذلك وندائه بذلك بحال). وقال الإمام النووي في شرح مسلم (حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيما بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك فقال كلكم عبيد الله فنهى عن التطاول في اللفظ كما نهى عن التطاول في الأفعال). وعلى كل حال فالأفضل تعبيد الاسم لله تعالى في الأسماء المشتركة مثل: عبد المعز وعبد الكريم وعبد الرحيم، ولا يسمى بها مجردة مثل: (معز أو كريم أو رحيم) وإن كان ذلك جائزاً كما سبق بيانه، أما تستميته بـ (مُعَز) فهذا لا حرج فيه مطلقاً، والله تعالى أعلم.

    .[الهيئة العامة للشئون الاسلامية]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

    سئل- الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ما حكم التسمية بأسماء الله مثل : كريم وعزيز ونحوهما ؟
    الجواب :
    الحمد لله
    "التسمي بأسماء الله عز وجل يكون على وجهين :
    الوجه الأول : وهو على قسمين :
    القسم الأول : أن يُحلَّى بـ "ال" ففي هذه الحالة لا يُسمَّى به غير الله عز وجل ، كما لو سميت أحداً بالعزيز والسيد والحكيم وما أشبه ذلك ، فإن هذا لا يسمى به غير الله ، لأن "ال" هذه تدل على لمح الأصل ، وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم .
    القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ "ال" فإنه لا يسمى به ، ولهذا غَيَّر النبي صلى الله عليه وسلم كُنْيَةَ أبي الحَكَم التي تَكَنَّى بها ، لأن أصحابه يتحاكمون إليه ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (إنّ اللهَ الحَكَمُ ، وإليه الحُكْم) ثم كناه بأكبر أولاده شُريح . فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع ، لأن التسمية تكون مطابقة تماما لأسماء الله سبحانه وتعالى ، فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف ، لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم .
    الوجه الثاني : أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ "ال" وليس المقصود معنى الصفة ، فهذا لا بأس به مثل : "حكيم" ، ومن أسماء بعض الصحابة : "حَكِيم بن حِزَام" الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام : (لا تَبعْ ما لَيْسَ عِنْدَكَ) وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به .
    لكن في مثل "جبار" لا ينبغي أن يتسمى به وإن كان لم يلاحظ الصفة ، وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المُسمَّى فيكون معه جبروت وعلو واستكبار على الخلق . فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صحابها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم" انتهى .
    "فتاوى العقيدة" (صـ 37) .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

    وسئل : عن حكم التّسمي بأسماء الله تعالى مثل الرّحيم والحكيم ؟

    فأجاب بقوله: يجوز أن يسمىّ الإنسان بهذه الأسماء بشرط ألاّ يلاحظ فيها المعنى الّذي اشتقّت منه
    بان تكون مجرد علم فقط ، ومن أسماء الصحابة الحكم ، وحكيم ابن حزام

    وكذلك اشتهر بين النّاس اسم عادل وليس بمنكر ، أما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسم أبى الحكم الّذي تكنّي به ؛ لكون قومه يتحاكمون إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله هو الحكم وإليه الحكم " ثم كنّاه بأكبر أولاده شريح وقال له : " أنت أبو شريح " وذلك لأن هذه الكنية التي تكنّى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الإسم فكان هذا مماثلا لأسماء الله – سبحانه وتعالى – لأن أسماء الله – عز وجل – ليست مجرد أعلام بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله سبحانه وتعالى وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمّنه ،
    أمّا أسماء غيره سبحانه وتعالى – فإنّها مجرد أعلام إلاّ أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها أعلام وأوصاف، وكذلك أسماء كتب الله عز وجل فهي أعلام وأوصاف أيضاً .

    وسئل فضيلة الشيخ لماذا كان التّسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث ؟ .
    فأجاب: التّسمي بعبد الحارثفيه نسبة العبودية لغير الله عز وجل فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلّكم حارث وكلّكم همام "
    فاذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعا من الشّرك
    ، لكنّه لا يصل إلى درجة الشّرك الأكبر ،
    ولهذا لو سمي رجلا بهذا الاسم لوجب أن يغيّرهفيضاف إلى اسم الله – سبحانه وتعالى – أو يسمّى باسم آخر غير مضاف
    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال :" أحبّ الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرّحمن " وما أشتهر عند العامّة من قولهم خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبتهم ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس ذلك بصحيح أي ليس نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم صحيحة - فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا اللّفظ وإنّما ورد " أحبّ الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرّحمن " .

    أما قول السّائل في سؤاله ( مع أنّ الله هو الحارث ) فلا أعلم إسما لله تعالى بهذا اللّفظ ، وإنّما يوصف عز وجلبأنّه الزّارع لا يسمى به كما في قوله – تعالى - : ( أفرأيتم ما تحرثون . أأنتم تزرعونه أمن نحن الزّارعون )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

    قال بن القيم رحمه الله--- ويحرم التسمية بملك الأملاك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ فقد ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة، عن النبي r قال: «إن أخنع اسم عند الله رجل يُسمى ملك الأملاك»، وفي رواية: أخنى بدل من أخنع. وفي رواية لمسلم: «أغيظ رجل عند الله يوم القيامة، وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله»، ومعنى أخنع وأخنى: أوضع. وقال ابن القيم –رحمه الله-: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة، وحاكم الحكام؛ فإن حاكم الأحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسًا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك. وهذا محض القياس.
    قال: وكذلك تحرم التسمية بين الناس، وسيد الكل، كما يحرم بسيد ولد آدم؛ فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله r وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك. انتهى.
    ويحرم التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبر، وخالق، ورحمان؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغير الله تعالى.
    وقال ابن القيم: ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى، فلا يجوز التسمية بالأحد، والصمد، ولا بالخالق، ولا بالرازق، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى، ولا تجوز تسمية الملوك القاهر، والظاهر، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب.---------------- عن أبي شريح، إنه كان يكني أبا الحكم، فقال له النبي r: «إن الله هو الحكم وإليه الحكم»، فقال: إن قومي إذا اختلفوا
    في شيء أتوني فحكمت فرضي كلا الفريقين، فقال: «ما أحسن هذا، فمال من الولد؟» قلت: شريح ومسلم وعبدالله، قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح» رواه أبو داود وغيره.

    قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، ومثله عبدالنبي، وعبدالحسين، وعبدالمسيح؛ قال ابن القيم: وقوله r: «أنا ابن عبدالمطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء،----------- قال –رحمه الله-: وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير، والرؤوف، والرحيم، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق، ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى.
    قال: ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسوره، مثل: طه، ويس، وحم، وقد نص مالك على كراهة التسمية بياسين، ذكر السهيلي؛ وأما ما ذكره العوام: أن يس وطه من أسماء النبي –عليه الصلاة والسلام- فغير صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر عن صحابي؛ وإنما هذه الحروف مثل: ألم وحم وآلر ونحوها. انتهى.
    ويحرم أن يقال لمنافق أو كافر: يا سيدي،

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ضوابط تسمية المخلوق باسم من أسماء الخالق

    فائدة من تحفة المودود - قال بن القيم رحمه الله- تغيير الاسم باسم آخر لمصلحة تقتضيه
    عن ابن عمر أن النبي غير اسم عاصية وقال أنت جميلة وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فسماها رسول الله زينب وفي سنن أبي داود من
    (1/129)

    حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده أن النبي قال ما اسمك قال حزن قال أنت سهل قال لا السهل يوطأ ويمتهن قال سعيد فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة
    وفي الصحيحين أن رسول الله أتي بالمنذر بن أبي أسيد حين ولد فوضعه على فخذه فأقاموه فقال أين الصبي فقال أبو أسيد أقلبناه يا رسول الله قال ما اسمه قال فلان قال ولكن اسمه المنذر وروى أبو داود في سننه عن أسامة بن أخدري أن رجلا كان يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله فقال رسول الله ما اسمك قال أصرم قال بل أنت زرعة
    قال أبو داود وغير رسول الله اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وشهاب وحباب فسماه هاشما وسمى حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا يقال لها عفرة خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة

    (1/130)

    وسمي بني مغوية بني رشدة قال أبو داود تركت أسانيدها للاختصار وفي سنن البيهقي من حديث الليث بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال توفي صاحب لي غريبا فكنا على قبره أنا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وكان اسمي العاص واسم ابن عمر العاص واسم ابن عمرو العاص فقال لنا رسول الله انزلوا فاقبروه وأنتم عبيد الله قال فنزلنا فقبرنا أخانا وصعدنا من القبر وقد أبدلت أسماؤنا - وإسناده جيد إلى الليث ولا أدري ما هذا فإنه لا يعرف تسمية عبد الله بن عمر ولا ابن عمرو بالعاص
    وقد قال ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بشر حدثنا زكريا عن الشعبي قال لم يدرك الإسلام من عصاة قريش غير مطيع وكان اسمه العاصي فسماه رسول الله مطيعا وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانيء بن هانيء عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حربا قال

    (1/131)

    فجاء النبي فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو حسين قال فلما ولد الثالث سميته حربا فجاء النبي فقال أروني ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو محسن ثم قال إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر
    وفي مصنف ابن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن خيثمة قال كان اسم أبي في الجاهلية عزيزا فسماه رسول الله عبد الرحمن وقال البخاري في كتاب الأدب حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي وكان اسمه الصرم فسماه رسول الله سعيدا حدثنا محمد بن سنان حدثنا عبد الله بن الحارث بن أبزى قال حدثتني رائطة بنت مسلم عن أبيها قال شهدت مع رسول الله حنينا فقال لي ما اسمك قلت غراب قال لا بل أنت مسلم

    (1/132)

    فصل
    وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته فقد يكون لمصلحة أخرى مع حسنه كما غير اسم برة بزينب كراهة التزكيه وأن يقال خرج من عند برة أو يقال كنت عند برة فيقول لا كما ذكر في الحديث
    فصل
    وغير النبي اسم المدينة وكان يثرب فسماها طابة كما في الصحيحين عن أبي حميد قال أقبلنا مع رسول الله من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال هذه طابة
    وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله يقول إن الله سمى المدينة طابة ويكره تسميتها يثرب كراهة شديدة وإنما حكى الله تسميتها يثرب عن المنافقين فقال وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله ألا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا الأحزاب 12 - 13

    (1/133)

    وفي سنن النسائي من حديث مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله يقول أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد ---------وقال ---ارتباط معنى الاسم بالمسمى
    وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه أحدهما قول سعيد بن المسيب ما زالت فينا تلك الحزونة وهي التي حصلت من تسمية الجد بحزن وقد تقدم قول عمر لجمرة بن شهاب أدرك أهلك فقد احترقوا ومنع النبي من كان اسمه حربا أو مرة أن يحلب الشاة تلك التي أراد حلبها وشواهد ذلك كثيرة جدا فقل أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل
    وقل ما أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
    والله سبحانه بحكمته في قضائه وقدره - يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها قال أبو الفتح ابن جني ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه فآخذ معناه من لفظه ثم أكشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريب منه
    فذكرت ذلك لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقال وأنا يقع لي ذلك كثيراوقد تقدم قوله أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله ورسوله ولما أسلم وحشي قاتل حمزة وقف بين يدي النبي

    (1/146)

    فكره اسمه وفعله وقال غيب وجهك عني
    وبالجملة فألاخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام وما سمي رسول الله محمدا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه ولهذا كان لواء الحمد بيده وأمته الحمادون وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى ولهذا أمر رسول الله بتحسين الأسماء فقال حسنوا أسماءكم فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ولهذى ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم وبالله التوفيق [منتقى من تحفة المودود]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •