قال الراغب الأصفهاني: (كما أن الإنسان في مقتنياته أربعة أحوال: حال استفادة: فيكون مكتسبًا، وحال ادخار لما اكتسبه: فيكون به غنيًا عن المسألة، وحال إنفاق على نفسه: فيصير به منتفعًا، وحال إفادة لغيره: فيصير به سخيًا، كذا أيضًا له في العلم أربعة أحوال:
حال استفادة، وحال تحصيل، وحال استبصار، وحال تبصير وتعليم.
ومن أصاب مالًا فانتفع به: ونفع مستحقيه كان كالشمس تضيء لغيرها وهي
مضيئة، وكالمسك الذي يطيب غيره وهو طيب، وهذا أشرف المنازل. ثم بعده من استفاد علمًا فاستبصر به.
فأما من أفاد غيره علمه ولم ينتفع هو به: فهو كالدفتر يفيد غيره الحكمة وهو عادمها، وكالمسن يشحذ ولا يقطع، وكالمغزل يكسو ولا يكتسي، وكذبالة المصباح تحرق نفسها وتضيء لغيرها.
ومن استفاد علمًا ولم ينتفع به هو ولا غيره فإنه:
كالنخل يشرع شوكًا لا يذود به ... عن حمله كف جان وهو منتهب
[الذريعة في مكارم الشريعة: (صـ 175)].