أهمية المجموعة الشرعية في الهيكل الإداري
لاحم الناصر








يعتبر عامل الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية ومدى الدقة في تطبيقه عاملا حاسما عند اختيار عملاء الصيرفة الإسلامية للتعامل مع المؤسسة الإسلامية هذه أو تلك. ومن هنا نجد أن المؤسسات المالية الإسلامية تحاول استغلال هذا الجانب والتركيز عليه عند تسويق نفسها كمؤسسة مالية إسلامية بأساليب متعددة يدخل فيها تصميم شعار المؤسسة المالية بحيث يكون معبرا عن الهوية الإسلامية مع انتقاء الكلمات التي تعبر عن هوية المؤسسة المالية ورؤيتها بعناية فائقة.



ويأتي ذلك في سبيل محاولة زرع الثقة بالمؤسسة في اللاوعي لدى المتلقي، واختيار أعضاء الهيئة الشرعية من أصحاب الأسماء اللامعة المعروفة لدى العملاء المستهدفين.



وقد كانت هذه الأساليب التسويقية تنطلي على العملاء في السابق، أما اليوم فقد أصبح عملاء هذه الصناعة أكثر وعيا وإدراكا بالمعايير التي يجب أن تتوافر في المؤسسة المالية قبل إعطائها الصبغة الإسلامية، حيث لم يعد الشعار الإسلامي ووجود الأسماء اللامعة في الهيئة الشرعية كافيا لإعطاء المؤسسة المالية الصبغة الإسلامية والثقة بها.



ولعل من أهم هذه المعايير التي يوليها العملاء اليوم عناية فائقة هو وجود إدارة للمجموعة الشرعية في صلب الهيكل الإداري للمؤسسة المالية الإسلامية وجودا يضمن لها قوة التأثير واستقلالية القرار نظرا للدور المحوري الذي تقوم به داخل المؤسسة المالية الإسلامية. حيث إنها تضم ثلاثة أقسام هي قسم تطوير المنتجات والأبحاث وهو من يقوم بتطوير المنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بالتعاون مع إدارات المؤسسة المالية وقسم أمانة الهيئة الشرعية الذي يتولى عرض المنتجات على الهيئة الشرعية والتنسيق بينها وبين المؤسسة المالية وقسم التدقيق الشرعي الذي يتولى التدقيق والمراجعة الشرعية لمدى التزام المؤسسة بتطبيق قرارات الهيئة الشرعية.



ومن هنا فإنه ليس من المقبول أن تكون إدارة المجموعة الشرعية، وهي بهذه الأهمية، تابعة إداريا لأي إدارة داخل المؤسسة المالية بل يجب أن ترتبط إداريا بالرئيس التنفيذي مباشرة وأن تكون ممثلة في لجنة المراجعة التابعة لمجلس الإدارة، على أن ترتبط مرجعيا بالهيئة الشرعية للمؤسسة المالية.



ونظرا للمهام الحساسة والدقيقة لهذه الإدارة فإنه يجب على المؤسسة المالية العناية الفائقة عند اختيار العاملين بها بحيث يجمعون بين العلم الشرعي والتأهيل المهني والحنكة الإدارية، نظرا لكونها العنوان الرئيس لالتزام المؤسسة المالية بأحكام الشريعة الإسلامية وبوابتها للمنافسة في مجال الصيرفة الإسلامية.



إن المراقب اليوم ليعجب من دعوى بعض المؤسسات المالية أنها إسلامية في حين أنك لا ترى أي وجود لإدارة المجموعة الشرعية أو أن يكون هذا الوجود هزيلا لا قيمة له، والأعجب من هذا أن تجد مؤسسة مالية إسلامية تتمتع بسمعة طيبة في مجال الانضباط الشرعي نتيجة قوة واستقلالية مجموعتها الشرعية فلا تكاد تنافس نظيرتها إلا بذلك ثم تتخلى طوعا عن هذا السلاح بإضعاف مجموعتها الشرعية والقضاء على استقلالها، فهي كما قال الله تعالى }كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا{ [النحل: 92].



إن المؤسسات المالية الإسلامية يجب أن تعي أن عملاءها اليوم أصبحوا يقدمون الشك على اليقين وسوء الظن على حسنه عند الحكم عليها ولسان حالهم يقول إن الدعاوى - إن لم تقم عليها بيّنات – فأصحابها أدعياء، وذلك بسبب الاهتمام الإعلامي الذي تتمتع به الصناعة المالية الإسلامية مما سلط الضوء على الخلافات الفقهية التي تحيط بمنتجاتها وأخطاء التطبيق التي تقع فيها، فهي في عين العاصفة.



ولذا يجب عليها أن تقدم البينة على صدق زعمها، ومن أقوى هذه البيّنات وأصدقها على مدى التزام المؤسسة المالية الإسلامية هو وجود إدارة قوية مستقلة مؤهلة للمجموعة الشرعية داخل المؤسسة المالية يمكن الوثوق بها وبالقائمين عليها، وإلا ستخسر هذه المؤسسات المالية المنافسة. والله ولي التوفيق.