أثر التقنية الحديثة في الطهارة[5-1]
د. هشام بن عبدالملك ال الشيخ
أثر التقنية الحديثة في الطهارة[1]
وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: في حيض المبتدأة.
المطلب الثاني: في أقل الحيض وأكثره.
المطلب الثالث: في الصفرة والكدرة قبل الحيض.
المطلب الرابع: في حيض الحامل.
المطلب الخامس: في أكثر مدة النفاس.
المطلب الأول: في حيض المبتدأة
وفيه أربع فروع:
الفرع الأول: ما قرره العلماء في حيض المبتدأة.
الفرع الثاني: الآثار الفقهية المترتبة على مدة تربص المبتدأة عند الفقهاء.
الفرع الثالث: إمكان معرفة نوع دم المبتدأة من خلال الطب الحديث.
الفرع الرابع: الأثر الفقهي للأخذ بقول الطب الحديث في حيض المبتدأة.
الفرع الأول
ما قرره العلماء في حيض المبتدأة
كتب الله تعالى الحيض على نساء العالمين، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ}[2]
وهو دم جبلة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة من غير سبب ولادة، وله أوقات معلومة، وصفة معلومة[3].
ودم الحيض هو علامة بلوغ الجارية، إلا أن الفقهاء - رحمهم الله – اختلفوا في السن الذي تبلغ به الجارية بحيث ترى دم الحيض على أقوال كثيرة، أصحها: ما ذهب إليه جمهور العلماء من المذاهب الأربعة، وهو أن أقل سن تحيض له المرأة تسع سنين قمرية[4].
ثم إن الحائض لها أحوال ثلاثة:
فإما أن تكون مبتدأة: وهي التي لم يتقدم لها حيض قبل ذلك[5].
وإما أن تكون معتادة: وهي التي استطاعت ضبط دم الحيض وصفاً ووقتاً[6].
وإما أن تكون متحيرة: وهي التي لم تضبط دم الحيض لا وصفاً ولا وقتاً[7].
والمبتدأة لها أحكام كثيرة عند الفقهاء – رحمهم الله – وخاصةً في كيفية ضبط العادة، فإذا رأت المبتدأة الدم، وكان في زمن إمكان الحيض - أي في سن تسع سنوات فأكثر - ولم يكن الدم ناقصاً عن أقل الحيض وهو يوم وليلة، ولا زائداً على أكثره وهو خمسة عشر يوماً بلياليهن- على خلاف بين الفقهاء في أقل الحيض وأكثره - فإنه دمُ حيضٍ , ويلزمها أحكام الحائض؛ لأن دم الحيض جبلة وعادة, ودم الاستحاضة لعارض من مرض ونحوه, والأصل عدمه.
ثم إن للمبتدأة أحوالا, بحسب انقطاع الدم، واستمراره.
الحالة الأولى : انقطاع الدم لتمام أكثر الحيض فما دون[8].
اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في هذه الحالة على قولين:
القول الأول:
ما ذهب إليه جمهور العلماء من الحنفية[9] والمالكية[10] والشافعية[11] ورواية عند الحنابلة[12] , قالوا: إذا انقطع الدم دون أكثر الحيض أو لأكثره ولم يجاوز ورأت الطهر, طهرت, ويكون الدم بين أول ما تراه إلى رؤية الطهر حيضاً, يجب عليها خلاله ما يجب على الحائض.
القول الثاني:
ما ذهب إليه الحنابلة في رواية - هي ظاهر المذهب[13] - من أن الدم، إن جاوز أقل الحيض، ولم يعبر أكثره, فإن المبتدأة لا تجلس المجاوز؛ لأنه مشكوك فيه, بل تغتسل عقب أقل الحيض، وتصوم وتصلي فيما جاوزه.
دليل القول الأول:
استدل الجمهور لما ذهبوا إليه بقولهم: حكمنا بأن ابتداء الدم حيض مع جواز أن يكون استحاضة, فكذلك أثناءه; لأننا حكمنا بكونه حيضاً, فلا ننقض ما حكمنا به بالتجويز, كما في المعتادة؛ ولأن دم الحيض دم جبلة, والاستحاضة دم عارض لمرضٍ عرض؛ وعرقٍ انقطع, والأصل فيها الصحة والسلامة, وأن دمها دم الجبلة دون العلة[14].
أدلة القول الثاني:
استدل الحنابلة لما ذهبوا إليه في رواية ظاهر المذهب بما يلي:
الدليل الأول:
قالوا: إن في إجلاسها أكثر من أقل الحيض حكماً ببراءة ذمتها من عبادة واجبة عليها؛ فلم يحكم به أول مرة, كالمعتدة لا يحكم ببراءة ذمتها من العدة بأول حيضة, ولا يلزم اليوم والليلة؛ لأنها اليقين, فلو لم نجلسها ذلك أدى إلى أن لا نجلسها أصلاً؛ ولأنها ممن لا عادة لها ولا تمييز, فلم تجلس أكثر الحيض, كالناسية[15].
الدليل الثاني:
قالوا: إن الدم، إن جاوز أقل الحيض، ولم يعبر أكثره، فإن المبتدأة لا تجلس المجاوز؛ لأنه مشكوك فيه، بل تغتسل عقب أقل الحيض، وتصوم، وتصلي فيما جاوزه؛ لأن المانع منهما هو الحيض، وقد حكم بانقطاعه, وهو آخر الحيض حكماً, أشبه آخره حساً[16].
وقد صرحوا بحرمة وطئها في الزمن المجاوز لأقل الحيض قبل تكراره؛ لأن الظاهر أنه حيض, وإنما أمرت بالعبادة احتياطاً لبراءة ذمتها, فتعين ترك وطئها احتياطاً.
ثم إنه متى انقطع الدم يوماً فأكثر أو أقل قبل مجاوزة أكثر الحيض, اغتسلت عند انقطاعه, لاحتمال أن يكون آخر حيضها, ولا تطهر بيقين إلا بالغسل ثم حكمها حكم الطاهرات, فإن عاد الدم فكما لو لم ينقطع[17].
الترجيح:
الراجح عندي – والله أعلم – هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء أصحاب القول الأول؛ وذلك لقوة دليلهم، ولمسايرته للأصل؛ إذ الأصل أن الدم الذي ينزل من المرأة ويصلح أن يكون دم حيض، فإنه دم الحيض، فكيف يحكم بأنها طاهر بعد مجاوزة أقل الحيض، والدم مستمر على صفته؟ وكيف تأمر بالصلاة والصيام، وتنهى عن الوطء؟ إذ في هذا تناقض.
الحالة الثانية: استمرار الدم وعبوره أكثر مدة الحيض.
اختلف الفقهاء فيما إذا استمر دم المبتدأة، وجاوز أكثر الحيض على قولين:
القول الأول:
ذهب الحنفية[18] والمالكية[19] في قول إلى أن حيضها أكثر فترة الحيض، وطهرها ما جاوزه.
واستدلوا بما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم - :"الْمُسْتَحَاضَة ُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا"[20] ، أي أيام حيضها؛ ولأن ما رأت في أيام حيضها حيضٌ بيقين، وما زاد على أكثر الحيض استحاضة بيقين، وما بين ذلك متردد بين أن يلحق بما قبله فيكون حيضاً، فلا تصلي، أو يلحق بما بعده فيكون استحاضةً؛ فتصلي، ولا تترك الصلاة بالشك[21] .
وقالو: إن هذا دم في أيام الحيض، وأمكن جعله حيضاً، فيجعل حيضاً، وما زاد على العشرة يكون استحاضة؛ لأنه لا مزيد للحيض على العشرة, وهكذا في كل شهر[22].
القول الثاني:
التفصيل - وذهب إليه جمهور العلماء من الشافعية[23] ، والحنابلة[24] ، والمالكية في قول لهم - وهو: أن المبتدأة المستحاضة لا تخلو من أمرين:
الأمر الأول:
أن يكون دمها متميزاً، بعضه أسود أو ثخين أو منتن الرائحة، وبعضه رقيق أحمر غير منتن الرائحة.
فحيضها ما كان زمن الأسود أو زمن الثخين أو المنتن، إن صلح أن يكون حيضاً بأن لا ينقص عن أقل الحيض، ولا يجاوز أكثره.
واستدلوا بما روي عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: "قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صلى الله عليه وسلم - : إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَت الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي" متفق عليه[25].
وفي لفظ: "إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ[26] ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكِ فَأَمْسِكِي عَن الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي، وَصَلِّي؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ"[27].
ولأنه خارج من الفرج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني والمذي[28].
أما إن تعارضت الصفات، فإنه يرجح بالكثرة، فإن استوت، رجح بالسبق.
وتثبت العادة بالتمييز كثبوتها بانقطاع الدم، فإذا رأت خمسة أيام دماً أسود في أول كل شهر، وتكرر ثلاثاً، صارت عادتها بالتمييز كثبوتها بانقطاع الدم، فتجلس أول كل شهر، ولو أطبق الأحمر بعده[29].
الأمر الثاني:
أن لا يكون دمها متميزاً، بأن كان كله أسود أو أحمر، أو متميزاً، ولم يصلح الأسود ونحوه أن يكون حيضاً بأن نقص عن أقل الحيض، أو زاد على أكثره[30].
فإنها تجلس عن الصلاة ونحوها أقل الحيض من كل شهر، حتى يتكرر ثلاثاً، فإذا تكرر قعدت من كل شهر غالب الحيض ستاً أو سبعاً.
واستدلوا على ذلك بما روي عن حمنة بنت حبيش – رضي الله عنها - قالت: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً كَبِيرَةً قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ. فَقَالَ – صلى الله عليه وسلم - : تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتّاً أَوْ سَبْعاً, ثُمَّ اغْتَسِلِي"[31].
فالنبي – صلى الله عليه وسلم - ردها إلى ستٍ أو سبعٍ، ولم يردها إلى اليقين، ولا إلى عادة نسائها، ولا إلى أكثر الحيض؛ ولأن هذه تُردُ إلى غالب عادات النساء في وقتها؛ لكونها تجلس في الشهر مرةً، فكذلك في عدد أيامها[32].
وتفارق المبتدأة في جلوسها الأقل من حيث إنها أول ما ترى الدم ترجو انكشاف أمرها عن قرب، ولم يتيقن لها دم فاسد، وإذا علم استحاضتها فقد اختلط الحيض بالفاسد يقيناً، وليس ثمَّ قرينة؛ فلذلك ردت إلى الغالب عملاً بالظاهر، وتجلس غالب الحيض من أول وقت ابتدائها - إن علمته - و إلا فمن أول كل شهر هلالي[33].
الترجيح:
الراجح – والله أعلم – هو ما ذهب إليه الجمهور من التفصيل؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ووجاهته، وسلامته من المعارضة؛ ولأن الدليل الشرعي يسند هذا القول ويدعمه.
ثبوت العادة للمبتدأة:
إذا تقرر هذا، فكيف تثبت العادة للمبتدأة، بمعنى: هل يلزم التكرار لمعرفة العادة أم لا.؟
اختلف العلماء – رحمهم الله – في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية[34] ، والمالكية[35] ، وهو الأصح عند الشافعية[36] ، وهو: أن العادة تثبت بمرة في المبتدأة.
القول الثاني:
ما ذهب إليه الحنابلة[37] ، وهو قولٌ شاذٌ عند الشافعية[38] ، وهو: أن عادة المبتدأة لا تثبت إلا بثلاث مرات، في كل شهر مرة.
القول الثالث:
رواية عند الحنابلة[39] ، وهو مقابل الأصح عند الشافعية[40] ، وهو: أن عدة المبتدأة تثبت بمرتين فقط.
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بدليلين اثنين:
الدليل الأول:
قول الله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}[41] ، حيث شبه الله عز وجل العود في الآية الكريمة بالبدء، فيفيد إطلاق العود على ما فعل مرة واحدة[42].
الدليل الثاني:
حديث أم سلمة – رضي الله عنها -:"أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الل عليه وسلم - فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُك الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِن الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّ فِيهِ"[43].
وجه الدلالة من الحديث:
دل هذا الحديث على اعتبار الشهر الذي قبل الاستحاضة؛ ولأن الظاهر أنها فيه كالذي يليه؛ لقربه إليها، فهو أولى مما انقضى، وأولى من رد المبتدأة إلى أقل الحيض، أو أغلبه، فإنها لم تعهده، بل عهدت خلافه[44].
الجواب عن هذا الاستدلال:
أجاب الحنابلة أصحابُ القول الثاني عن الاستدلال بالحديث بما يلي:
أن لفظة (كان) في قول النبي – صلى الله عليه وسلم - :"لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِن الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا"، يخبر بها عن دوام الفعل وتكراره، ولا يقال لمن فعل شيئاً مرةً: كان يفعل.
أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب القول الثاني بعدة أدلة منها:
الدليل الأول:
حديث عائشة – رضي الله عنها - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا" متفق عليه[45].
وجه الدلالة من الحديث:
قالوا لفظ (الْأَيَّامِ) الوارد في الحديث جاء على صيغة جمع، وأقله ثلاث, ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث، كالأقراء، والشهور في عدة الحرة, وخيار المصراة, ومهلة المرتد[46].
الدليل الثاني:
أن الدم إما أن يأتي في الثلاث متساوياً أو مختلفاً، فإن كان الدم في الثلاث متساوياً ابتداءً وانتهاءً, ولم يختلف تيقن أنه حيض، وصار عادة.
وإن كان الدم على أعداد مختلفة، فما تكون منه ثلاثاً صار عادة لها دون ما لم يتكرر مرتباً كان أو غير مرتب.
ومثاله: لو حاضت خمسة أيام في الشهر الأول, وستة أيام في الشهر الثاني, وسبعة أيام في الشهر الثالث, فإننا نجلسها الخمسة أيام لتكرارها ثلاثاً, كما لو لم يختلف.
أما غير المرتب كأن ترى في الشهر الأول خمسة, وفي الشهر الثاني أربعة, وفي الشهر الثالث ستة, فتجلس الأربعة لتكررها[47].
الدليل الثالث:
أن العادة مأخوذة من المعاودة، ولا تحصل المعاودة بمرة واحدة، ولا نفهم من اسم العادة فعل مرةٍ بحال[48].
دليل القول الثالث:
استدل أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه بأن العادة مأخوذة من المعاودة، ولا تحصل المعاودة بمرة واحدة[49].
الجواب عن هذا الدليل:
يجاب عنه بأن المعاودة لا تحصل من المرة الواحدة، ولا من المرتين، بل من الثلاث، وقد فهم ذلك من لفظ (الْأَيَّامِ) الوارد في حديث عائشة – رضي الله عنها - ؛ إذ جاء على صيغة الجمع، وأقل الجمع ثلاث؛ ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث[50].
الترجيح:
الراجح – والله أعلم – هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، من أن العادة لا تثبت للمبتدأة إلا بثلاث مرات، في كل شهر مرة؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ووجاهته وسلامته من المعارضة، ولورود المناقشة على أدلة المخالفين.
هذه في الجملة أبرز المسائل الخلافية المتعلقة بحيض المبتدأة، ولا شك أن ما ذهب إليه العلماء - رحمهم الله - فيما اختاروه من تلك المسائل، واستدلوا له، عبارة عن اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ، والأخذ بأي من الأقوال التي قررها الفقهاء يترتب عليه أثر في العبادات والأحوال الشخصية وغيرها، وهذا ما سأبينه في المسألة التالية، إن شاء الله.
يتبع