عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ، لَا يَضُرُّكُ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ».
قلت [محمد بن طه]: حديث منكر.
أخرجه الغِطريفي في «جزئه» (20)، والدارقطني في «سننه» (2718)، والحاكم في «المستدرك» (1730)، من طريق محمد بن كثير الكوفي، عن إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين، عن زيد بن ثابت، به.
قال الذهبي في «تنقيح التحقيق» (2/ 14): «إسناده ساقط».
وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (6/ 60): «هذا الحديث رواه الدارقطني في «سننه»، من رواية زيد بن ثابت ﭬ، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ لَا يَضُرُّكُ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ»؛ وهو من رواية محمد بن سعيد العطار، عن محمد بن كثير الكوفي، عن إسماعيل بن مسلم، عن محمد ابن سيرين، عن زيد، به، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كثير لم يرضه أحمد بن حنبل، وقال: «خرقنا حديثه»، وقال البخاري: «منكر الحديث»، وإسماعيل هذا هو المخزومي المكي، وقد ضعَّفوه»اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (2/ 430): «في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي؛ وهو ضعيف، ثم هو عن ابن سيرين، عن زيد؛ وهو منقطع، ورواه البيهقي موقوفًا على زيد، من طريق ابن سيرين أيضًا، وإسناده أصح»اهـ.
قلت: محمد بن كثير القرشي الكوفي.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 217): «منكر الحديث».
وقال العقيلي في «الضعفاء» (5/ 375): «محمد بن كثير الكوفي القرشي، في حديثه وهَمٌ، حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن محمد بن كثير، الذي يحدِّث عن ليث بن أبي سليم، والحارث بن حصيرة، وعمرو بن قيس، فقال: خرقنا حديثه، ولم يرضه»اهـ.
* وإسماعيل بن مسلم؛ هو : المكي، أبو إسحاق البصري.
جاء في ترجمته في «تهذيب الكمال» (3/ 200- 204): «قال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدِّثان عن إسماعيل المكي.
وقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن علي ابن المديني: سمعت يحيى، يعني القطان، وسئل عن إسماعيل بن مسلم المكي، قيل له: كيف كان في أول أمره؟ قال: لم يزل مخلِّطًا، قال: يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب.
وقال محمد بن جعفر، عن إسحاق بن أبي إسرائيل: سمعت سفيان يقول، وذكر إسماعيل بن مسلم، فقال: كان يخطئ في الحديث، جعل يحدِّث فيخطئ، أسأله عن الحديث، من حديث عمرو بن دينار، فلا يدري إن كان عَلمه أيضًا لَمَّا سمع منه الحديث، كما رأيته، فما كان يدري شيئًا.
وقال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن مسلم المكي منكر الحديث.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: إسماعيل بن مسلم المكي ما روى عن الحسن في القراءات، فأما إذا جاء إلى مثل عمرو بن دينار، وأسند عنه بأحاديث مناكير، ليس أراه بشيء - فكأنه ضعفه - ويسند عن الحسن عن سمرة بأحاديث مناكير.
وقال عباس الدوري، عن يحيى بن معين: إسماعيل بن مسلم المكي ليس بشيء.
وقال محمد بن أحمد بن البراء، وأبو العباس القرشي، عن علي بن المديني: إسماعيل بن مسلم المكي لا يُكتب حديثه.
وقال عمرو بن علي: إسماعيل المكي يحدِّث عنه أهل الكوفة: الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة، وكان ضعيفًا في الحديث، يَهِم فيه، وكان صدوقًا يكثر الغلط؛ يحدِّث عنه من لا ينظر في الرجال.
وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي: إسماعيل بن مسلم واهي الحديث جدًّا.
وقال النسائي: إسماعيل بن مسلم يروي عن الزهري، متروك الحديث»اهـ.
وقد رُوِيَ عن زيد بن ثابت موقوفًا عليه، بسند صحيح.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (9522)، قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، قَالَ: سُئِلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ، فَقَالَ: «صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ».
قلت: وهذا سند صحيح.
* هشام بن حسان.
ذكر في «الجرح والتعديل» (9/ 54، 55)، «عن عليِّ بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، يقول: هشام بن حسان في ابن سيرين أحب إليَّ من عاصم الاحول، وخالد الحذاء في ابن سيرين.
وعن علي بن المديني، قال: هشام أثبت من خالد الحذاء في ابن سيرين، وهشام ثبت.
وعن سعيد بن أبي عروبة قال: ما رأيت، أو ما كان أحد أحفظ عن محمد ابن سيرين من هشام.
وعن حجاج الأنماطي، قال: كان حماد بن سلمة لا يخار على هشام في حديث ابن سيرين أحدًا»اهـ.
وقال ابن حجر في «التقريب»: «هشام بن حسان، الأزدي القُردُوسي، بالقاف، وضم الدال، أبو عبد الله، البصري، ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن، وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما»اهـ.
* وكثير بن أفلح؛ هو: المدني، مولى أبي أيوب الأنصاري.
قال في «تهذيب الكمال» (24/ 105): «قال النسائي: ثقة».
وقال ابن حجر في «التقريب»: «ثقة».
وقد رجح الوقف عدد من الأئمة.
قال الحاكم: «والصحيح عن زيد بن ثابت قوله».
وقال البيهقي في «السنن الكبير» (9/ 280): «وقد رواه إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين مرفوعًا, والصحيح موقوف»اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (2/ 316): «الصحيح أن هذا إنما هو من قول زيد بن ثابت، ولا يصح في هذا الباب إلا حديث أبي رزين»اهـ.
قلت: فهو صحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه موقوفًا عليه؛ ولكن لفظه لا يدل على أنَّ زيدًا يقول بالوجوب، كما نُسِب إليه في كثير من كتب الفقه.