حاجات الشريكين


نوف محمد الدريويش


أسهل طريق للتعامل مع الرجل أو الزوج بصفة خاصّة هو فهم شخصيّته، والرجل بصفة عامّة له تركيبته التي تختلف عن تركيبة المرأة، وله طبيعة خاصّة تؤهّله للقيام بدور القوّامة وما يتبعها من مسئوليّات، وهذا أمر معهود لا اختلاف عليه، لكنّ المؤذي للحياة الأسريّة هي تلك النزوات التي تصرّ المرأة على عدم تغييرها أو التنازل عنها، ممّا يدعوها للاستمرار بغية عسف الرجل على ماتريد، وهذا لا يتسنّى في كلّ وقت وعلى أيّ حال، والمفترض على المرأة أن تخاطب عقل زوجها وتعيش معه بما يرغب به هو لا بما ترغب هي به، والرجال في العموم يشتركون في صفات رئيسة كثيرة، وبصفة الزوجة أقرب قريب لهذا الرجل، فإنّه بلا شكّ يرغب منها أن تفهم ما يريد ومالا يريد.
يحبّ أن يكون متقبّلا، مهمّاً، ومرغوباً فيه. لا يريد أن يشعر أنّ بإمكان زوجته الاستغناء عنه، أو أنّها ليست بحاجته دائماً، وتستطيع أن تقوم ببعض ما يقوم به، كذلك يهتمّ أن يكون الضيف العزيز الذي يستقبل عند دخوله بكلّ حبّ وإكرام، وعند خروجه بكلّ حبّ واحترام ، كذلك يقدّر الرجل للمرأة التحاور معه، وأخذ مشورته، والالتزام برأيه باعتبار نفسه أنّه أعلى ذكاء وأعمق فكراً وأوسع فهماً، يحتاج إلى الاستحسان وتقدير ما يقوم به، وأنّ جهده واضح وله أثر، وهذا في الأساس تعبير عن الحبّ عند الرجل، لأنّه يعتقد أنّ حبّه مرهون بعطائه، وكذلك فإنّ الثقة بقدراته يجعله يظهر الحسن كما يلقاه، يحتاج إلى الإعجاب، الإكبار والابتهاج، وهذه أمور كلّ النساء يستطعن الإبداع فيها، غير أنّ الإشكال هو في طريقة تفكير المرأة، ومدى إخلاصها في طاعة الله ثمّ في طاعة الزوج .
وفي المقابل، فإنّ المرأة تختلف اختلافاً كليّاً عن الرجل، فهي عاطفيّة تحبّ من الرجل أن يفهمها ويقدّر مشاعرها، يشعرها بعمق الحبّ، وهي كالرجل في حاجتها إلى الاحترام، تهتمّ بأن يعطي زوجها أفضليّة لحقوقها ورغباتها وحاجاتها، وأهمّ ما تحتاجه الإخلاص، وحين لا تجد المرأة في شريك حياتها الشخص الذي كانت تطمح إليه، فلا تعتقد أنّ بإمكانها تغييره، وهو لا يريد منها ذلك، ولكن بإمكانها أن تتعامل معه بطرق مختلفة ترضي الطرفين وتبقي على الاستمرار بحياة أفضل وأهدأ.
بقي أن أذكر أنّ كل شيء معلّق بالله - سبحانه وتعالى- مصيره النجاح، فما راعى رجل ربّه في زوجته إلاّ وفّقه الله – تعالى-، وما راعت امرأة ربّها في زوجها على شظف عيشها إلاّ عوّضها الله خيراً ممّا تظنّ، على من عقد نيّة الإحسان في شريك حياته الصبر، وهذا لا يتأتّى إلا بالإخلاص والإرادة القويّة والتطلّع إلى المستقبل البعيد، متجاهلاً ما يحدث في لحظة الغضب، وليس من وصيّة تُقال خير من التواصي بالدعاء، يقول سبحانه في الحديث القدسيّ:" ياعبادي كلّكم ضالّ إلاّ من هديت، فاستهدوني أهدكم[1] ".