كيف نفهم المصرفية الإسلامية؟
أحمد محمد نصار





يختلف المسلم عن غيره بتميز نظرته إلى الحياة وكيفية بنائه الآراء والانطباعات للأحداث والقضايا التي يشاهدها في حياته اليومية، وهذه الميزة لاشك أنها تجمع بين الفهم الدقيق للأمور والتوازن في طرح الآراء والبعد عن التطرف وفق رؤية المسلم المقاصدية التي تولدت من فهم جزئيات هذا الدين والتي تؤدي إلى اقتراح الطرق الابتكارية الممكنة لتحقيق هدف تطبيق الشريعة الإسلامية في ظل الظروف الراهنة وذلك أيضا وفق مقاصد النهوض الحضاري للأمة الإسلامية. وهنا يجب أن ننبه على أمر أساسي ومهم وهو أن كل المشاريع الإسلامية التي تم تنفيذها واقتراحها في العصر الحالي فيها جوانب من الإخفاق الغير مقصود والخارج عن الإرادة، وذلك يعود بالأساس للمعوقات التي تواجهها هذه المشاريع والمسئولة عنها أطراف عدة سواء من الجهات الإشرافية أو المتعاملين مع هذه المشاريع أو حتى العاملين فيها لأن الحقيقة التي يجب أن يعترف بها كل ناقد لهذه المشاريع أنها جزء من مجتمع قائم له صفات وخصائص معينة يغلب عليها في عصرنا الحاضر –وللأسف- البعد عن روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء.



ولا ننسى أن هذه المشاريع الإسلامية الحضارية قد التصق بها من يهدف إلى إنجاحها بنية خالصة ومن غايته الاستفادة من عوائدها المعنوية أو المادية ومن غايته هدمها دون مبالاة لأهمية وجودها ولو بإخفاق بسيط، ومنهم من تعددت أهدافهم المهم أن ندرك أن هناك عوامل بشرية ومادية وتشريعية وبيئية مجتمعة مع بعضها البعض تؤثر بلا شك إيجابا أو سلبا حسب طبيعتها على مسيرة المشاريع الحضارية الإسلامية.



وينسحب هذا التصور على المشروع الهام والأبرز وهو الاقتصاد الإسلامي وما يتفرع عنه من تطبيقات في المجالات المصرفية والزكاة والوقف والتكافل وغيرها من المشاريع الأخرى التي تهدف إلى تحقيق مقاصد شكلية وجوهرية إسلامية في مجال الاقتصاد، وتحديداً في المصرفية الإسلامية التي تواجه الكثير من الانتقادات والمداولات هنا وهناك يميزها الاستغراب أو الرفض أو القبول المتخوف أو اللا مبالي إلا أنك لو جمعتهم كلهم وسألتهم سؤال واضح من أفضل الشريعة الإسلامية في الاقتصاد أم التصورات الوضعية للاقتصاد؟؟.



لا أحد يمكنه أن يجيب بنعم للثانية حتى لو شكلياً وهذا هو شأن المسلم الحق، لكنهم قد يترددون في قبول التطبيقات الإسلامية في مجال الاقتصاد حسب انطباع كل واحد منهم، وهنا تبرز ملاحظة هامة وهي أن الناس ينظرون إلى المصرفية الإسلامية بمثالية الإسلام لا بحقيقة الظروف الموضوعية أو معوقاتها التطبيقية فتكون هذه الظروف أو التطبيقات الحجة الأبرز لنفي الفكرة والهجوم عليها والتوسع في ذلك في بعض الأحيان إلى أن يصل المنتقد إلى رفض وجود ما يسمى بالمصرفية الإسلامية، وأقول أن هذا الإفراط يخرج الإنسان المسلم من طبيعته المميزة لسلوكه عن غيره والانطباع المتوقع من المسلم كما قلنا هو فهم المصرفية الإسلامية بمعوقاتها وليس بمثالية الإسلام، من هنا تتولد الرؤية التوازنية للمسلم ومن هنا يستطيع أن يحاجج غيره في الموضوع.



أحمد محمد نصار



باحث في التمويل الاسلامي