تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 128

الموضوع: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (76) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    فسخ النكاح لإعسار الزوج
    (1)أو غيبته(1-3)






    إذا عجز الزوج عن دفع مقدم الصداق وعن النفقة فهل للزوجة الحق في طلب فسخ العقد أو لا ؟ له حالتان :

    الحالة الأولى : أن يكون للزوج بينة على إعساره أو تصدقه الزوجة وفي هذه الحالة اختلف العلماء على قولين هما :

    القول الأول الحنفية وهو الصحيحُ من مذهب أحمد ، اختاره عامة أصحابه، وهو قولُ كثير من أصحاب الشافعي. - قالوا : إذا عجز الزوج عن دفع المهر أو النفقة بجميع أنواعها فلا حق للزوجة في فسخ الزواج بذلك على أي حال وإنما لها الحق في منع نفسها منه وعدم التقيد بإذنه في السفر والخروج . ونحو ذلك . وتستدين عليه وعليه السداد إذا أيسر ، وعليه تخلية سبيلها لتكتسب لها وتحصل ما تنفقه على نفسها لأن في حبسها بغير نفقة إضراراً بها .

    واحتج من لَم ير الفسخ بالإِعسار بما يلي :

    - بقوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلا مَا أتاهَا)(2)قالوا: وإذا لم يُكلفه الله النفقة في هذه الحال، فقد ترك ما لا يجب عليه، ولم يأثم بتركه، فلا يكون سبباً للتفريق بينه وبين حبِّه وسكَنه وتعذيبه بذلك.

    وقالوا أيضاً: وإذا أعسر ولم يجد سبباً يمكنه به تحصيل النفقة فلا تكليف عليه بدلالة الآية.

    يجاب عنه بأنا لم نكلفه النفقة حال إعساره، بل دفعنا الضرر عن امرأته وخلّصناها من حباله لتكتسب لنفسها أو يتزوجها رجل آخر.

    - روى مسلم في "صحيحه": من حديث أبي الزبير، عن جابر، دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجداه جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً، فقالَ أبو بكر: يا رسول الله! لو رأيتَ بنت خارجة سألتني النفقة فقمتُ إليها، فوجأتُ عنقها، فضَحِكَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: هُنَّ حَوْلِي كما ترى يَسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأُ عُنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقولُ: تسألنَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس عنده، فقلن: والله لا نسأَلُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً أبداً ما ليس عنده، ثم اعتزلهُنّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً وذكر الحديث.

    قالوا: فهذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يضربان ابنتيْهما بحضرة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ سألاه نفقةً لا يجِدُها. ومن المحال أن يضرِبا طالبتين للحق، ويُقرَّهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فدلَّ على أنه لا حقَّ لهما فيما طلبتاه من النفقة في حال الإِعسار، وإذا كان طلبُهما لها باطلاً، فكيف تمكن المرأةُ من فسخ النكاح بعدم ما ليس لها طلبُه، ولا يحلُّ لها.

    ويجاب عن هذا بعدة أجوبة؛ أن زجرهما كان لأجل أنهما خالفتا الأولى في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصبر معه على اللأواء والشدّة حتى يكنّ زوجاته في الجنة.

    وأن زجرهما عن المطالبة بما ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدل على عدم جواز الفسخ لأجل الإعسار، ولم يرو أنهن طلبنه ولم يجبن إليه، كيف ؟ وقد خيَّرهن صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فاخترنه.

    وأجيب أيضاً عن هذا الحديث بأن أزواجه صلى الله عليه وسلم لم يُعْدَمن النفقة بالكلية، لأنه صلى الله عليه وسلم قد استعاذ من الفقر المدقع، ولعل ذلك إنما كان فيما زاد على قوام البدن.

    - أمر الله سبحانه صاحب الدَّين أن يُنْظِرَ المُعْسِرَ إلى الميسرة، وغايةُ النفقة أن تكون ديناً، والمرأةُ مأمورة بإنظار الزوج إلى الميْسَرَةِ بنص القرآن هذا إن قيل: تثبت في ذمة الزوج، وإن قيل: تسقط بمضي الزمان، فالفسخ أبعد وأبعد.

    وقالوا: فالله تعالى أوجب على صاحب الحقِّ الصبرُ على المعسر، وندبه إلى الصَّدَقَةِ بترك حقه، وما عدا هذين الأمرين، فجورٌ لم يُبحه له، ونحن نقولُ لهذِهِ المرأة كما قال الله تعالى لها سواءً بسواءٍ؟ إما أن تُنظريه إلى الميسرة، وإما أن تَصَدَّقي، ولا حقَ لَكِ فيما عدا هذين الأمرين.

    - قالوا ولم يزل في الصحابة المُعْسِرُ والموسِرُ، وكان مُعسِرُوهم أضعافَ أضعافِ موسريهم، فما مكَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم قطُ امرأةً واحدة من الفسخ بإعسار زوجها، ولا أعلمها أن الفسخَ حق لها فإن شاءت، صبرت، وإن شاءت، فَسَخَتْ، وهو يشرعُ الأحكام عن الله تعالى بأمره، فهبْ أن الأزواج تركن حقهن، أفما كان فيهن امرأةٌ واحدةٌ تُطالِبُ بحقها، وهؤلاء نساؤه صلى الله عليه وسلم خيرُ نساء العالمين يُطالبنه بالنفقة حتى أغضبنه، وحلفَ ألا يدخُلَ عليهن شهراً مِن شدة مَوْجِدَتِهِ عليهن، فلو كان مِن المستقر في شرْعِهِ أن المرأة تملِكُ الفسخَ بإعسار زوجها لرفع إليه ذلك، ولو مِن امرأة واحدة،





    وأجيب أن نساء الصحابة رضي الله عنهن كُنَّ يُرِدْنَ الدارَ الآَخرة، وما عند الله، ولم يكن مرادُهُنَّ الدنيا، فلم يكنَّ يُبالين بعُسر أزواجهن، لأن أزواجهن كانوا كذلك. وأما النساء اليوم، فإنما يتزوجن رجاء دنيا الأزواج ونفقتهم وكسوتهم، فالمرأة إنما تدخل اليوم على رجاء الدنيا، فصار هذا المعروفُ كالمشروط في العقد، وكان عرفُ الصحابة ونسائهم كالمشروط في العقد .

    كما أن القول بحقها في الفسخ في حال جهلها بإعساره، أو تغريرها، وهذا منتفٍ عند الصحابة في الغالب.

    - قالوا: وقد جعل الله الفقر والغنى مطيَّتينِ للعباد، فيفتقِرُ الرجل الوقت ويستغني الوقتَ، فلو كان كُلُّ من افتقر، فسخت عليه امرأته، لعم البلاءُ، وتفاقم الشرُّ، وفسخت أنكحة أكثرِ العالم، وكان الفراق بيدِ أكثر النِساء، فمن الذي لم تُصِبْهُ عُسْرةٌ، ويعوز النفقة أحياناً.

    وأُجيب عن هذا أن هذا خارج عن محل الخلاف.

    القول الثاني : المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : إذا عجز الزوج عن دفع المهر بإعساره فإن صبرت الزوجة عليه فذاك وإلا فلها فسخ الزواج بشروط :

    الأول : أن تكون حرة فلا حق للأمة في الفسخ بإعسار الزوج بل الحق في ذلك لسيدها إن شاء فسخ . وإن شاء لم يفسخ وليس له الحق في الفسخ من أجل الإعسار بالنفقة.

    الثاني : أن تكون مكلفة فإذا كانت صغيرة فليس لها ذلك وكذا ليس لوليها خلافاً للشافعية ومثل الصغيرة المجنونة .

    الثالث : لها الحق في الفسخ ولو بعد الدخول خلافاً للمالكية والشافعية رفعاً للضرر عنها.

    الرابع : أن لا تكون عالمة بعسره فإن تزوجته وهي عالمة بأنه معسر فلا حق لها في الفسخ خلافاً للشافعية .

    الخامس : أن يثبت إعساره بإقرار أو بينة عند قاض وإلا فلا فسخ .

    السادس : أن يصدر الفسخ من الحاكم فليس للمرأة الفسخ من تلقاء نفسها . وإذا رفع الأمر للقاضي وثبت أنه معسر بالبينة ، أو بتصديقها فإنه لا يجبر على الدفع بل ينظر إلى ميسرة وتحديد الزمن الذي يؤجل فيه موكول لاجتهاد القاضي فله أن يؤجله سنة ، أو أقل ، أو أكثر لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج ممن يرجى يساره أو لا على الصحيح ؛ لأن اليسار موكول للظروف فلا يمكن الجزم بأن هذا لا يرجى له يسار فإذا عجز بعد ذلك طلق القاضي عليه .

    هذه السلسلة بقلم

    د. إلهام بدر الجابري







    (1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .

    (2) سورة الطلاق آية 7 .








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (77) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    فسخ النكاح لإعسار الزوج
    (1)أو غيبته(2-3)





    -مسألة : وإن تزوجت بفقير مع العلم بحاله ثم أعسر بالنفقة فلها أن تفسخ، لأن حق الفسخ يتجدد بالإعسار بتجدد النفقة.

    واستدلوا بما يلي :

    -قوله تعالى (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) فخيَّر الله الزوج بين الإمساك بالمعروف، وهو أن يمسكها وينفق عليها، وبين التسريح بإحسان. فإذا تعذر عليه الإمساك بمعروف تعيَّن عليه التسريح .
    -عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول). تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: اطعمني إلى أن تدعني. فقالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا هذا من كيس أبي هريرة(2)
    وأجيب بأنه اجتهاد من أبي هريرة رضي الله عنه وفهمه ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا تورع أبي هريرة عن نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
    -وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته (يفرق بينهما)(3)
    وأجيب بأن الصواب وقفه على أبي هريرة ؛ إذ لو كان مرفوعأَ لما نسب القول بالتفريق بين الزوجين إذا عجز الزوج عن النفقة إلى كيسه كما سبق عند البخاري .




    -وعن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: ( فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا )(4).
    ويُجاب عنه بأن عمر رضي الله عنه خيّر الرجال بين الإنفاق والطلاق، ولم يخيّر الزوجات، وليس فيه أنهم كانوا معسرين.
    -وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: ' يفرق بينهما '(5)، وعن أبي الزناد، قال: سألت سعيد بن المسيب ، عن الرجل لا يجد ما ينفقه على امرأته قال: ' يفرق بينهما ' قال أبو الزناد: قلت : سُنّة ؟ فقال سعيد: ' سنة '(6)
    قال الشافعي: ' والذي يشبه قول سعيد : سنة ، أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم(7)
    الراجح والله أعلم : إذا تأملت أصولَ الشريعة وقواعدَها، وما اشتملت عليه من المصالح ودرء المفاسد، ودفعِ أعلى المفسدتين باحتمالِ أدناهما، وتفويتِ أدنى المصلحتين لتحصل أعلاهما، تبَين لكَ بأن القولُ الراجحُ بأن الرجل إذا عجز عن النفقة على الزوجة ولحقها الضرر ولم يكن لها مال تنفق منه على نفسها ، ولم يمكنها العمل لتنفق منه على نفسها ، فعندئذ رفعاً للضرر عن المرأة نقول لها حق الفسخ . والله أعلم .
    الخلاصـــــة:
    الذي تقتضيه أصولُ الشريعة وقواعدها في هذه المسألة أن الرجل إذا غرَّ المرأة بأنه ذو مال، فتزوجته على ذلك، فظهر مُعْدماً لا شيء له، أو كان ذا مالٍ، وترك الإِنفاق على امرأته، ولم تَقدرْ على أخذ كفايتها من ماله بنفسها، ولا بالحاكم أن لها الفَسخ، وإن تزوجته عالمةً بعُسرته، أو كان موسِراً، ثم أصابته جائحةٌ اجتاحت مالَه، فلا فسخَ لها في ذلك، ولم تزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار، ولم ترفعهم أزواجُهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم وبينهن، وبالله التوفيق



    (1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .
    (2) أخرجه البخاري باب وجوب النفقة على الأهل والعيال ح5040-5/2048 .
    (3) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2909 .
    (4) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2914 6/533-538 .
    (5) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2908
    (6) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى ح2906
    (7)نقله عنه البيهقي في السنن الصغرى ح2907







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (78) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    فسخ النكاح لإعسار الزوج
    (1)أو غيبته(3-3)




    مسألة : إذا ثبت إعسار الزوج خُيّرت بين ثلاثة أشياء: بين أن تفسخ النكاح و بين أن تقيم معه وتمكنه من الاستمتاع بها ويثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من النفقة إلى أن يُوسر، وبين أن يقيم على النكاح ولكن لا يلزمها أن تمكنه من نفسها، بل تخرج من منزله، لأن التمكين إنما يجب عليها ببذل النفقة، ولا نفقة هناك، ولا تستحق في ذمته نفقة في وقت انفرادها عنه، لأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع ولا تمكين منها له.

    فإن اختارت المقام معه ثم عَنَّ لها أن تفسخ النكاح كان لها ذلك، لأن وجوب النفقة لها يتجدد ساعة بساعة ويوماً بيوم، فإذا عفت عن الفسخ ووجوب نفقة وقتها ورضيت به تجدد لها الوجوب فيما بعد فثبت لها الفسخ بخلاف الصداق إذا أعسر به فرضيت بالمقام معه، فإن خيارها يسقط لأنه يجب دفعة واحدة ولا يتجدد وجوبه .

    الحالة الثانية : وهو أن لا تصدقه الزوجة على دعواه الإعسار ، ولا بينة له ولم يغلب على الظن إعساره:

    في هذه الحالة يؤجل القاضي الفصل في الدعوى لإثبات عسره، ومدة الأجل موكولة لاجتهاده وقُدِّرت بثلاثة أسابيع فإن ثبت عسره انتظر بعد ذلك مدة أخرى يرجى فيها يساره وتحديدها موكول للقاضي فإن عجز طلق عليه القاضي .





    ولكن يشترط للتأجيل لإثبات العسر شروط :

    الشرط الأول : أن يأتي بضامن - ضمان وجه لا ضمان مال وهو ما يضمن الشخص خوف هروبه - فإن لم يأت حبس لإثبات عسره

    الشرط الثاني : أن لا يكون له مال ظاهر فإن كان له أخذ منه حالا .

    الشرط الثالث : أن يكون قد أجرى عليها النفقة من وقت مطالبته بالدخول ، فإن لم ينفق عليها من ذلك الحين فلها فسخ العقد لعدم النفقة مع عدم الصداق على الراجح.






    (1) انظر : العناية شرح الهداية 6/211 ، الفواكه الدواني 3/1077، الأم 5/88 و91، المجموع شرح المهذب 18/267 وما بعدها ، إعانة الطالبين 4/93 ، حاشية الروض المربع 7/125 ، مجموع الفتاوى 30/57 ، زاد المعاد 5/511 وما بعدها ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/86 .








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (79) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم




    المفقــــــــود(1) (1-2)




    المفقود لغة: اسم مفعول من فقد الشيء: إذا عدمه، والفقد أن تطلب الشيء فلا تجده، والمراد بالمفقود هنا من انقطع خبره وجهل حاله؛ فلا يدرى أحي هو أم ميت، سواء كان سبب سفره أو حضوره قتالاً أو انكسار سفينة أو أسره في أيدي أهل الحرب أو غير ذلك.

    إذا غاب الرجل عن امرأته لم يخل من حالين:

    الحال الأول : أن تكون غيبة غير منقطعة يعرف خبره ويأتي كتابه فهذا ليس لامرأته أن تتزوج في قول أهل العلم أجمعين إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله أو خيف عليها الفساد ، فلها أن تطلب فسخ النكاح فيفسخ نكاحه ، وكذا زوجة الأسير والمحبوس لا تنكح حتى تعلم يقين وفاته .

    الحال الثاني : أن يفقد وينقطع خبره ولا يعلم له موضع فهذا ينقسم قسمين :

    القسم الأول : أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله ليلاً أو نهاراً ، أو يفقد بين الصفين أو ينكسر بهم مركب فيغرق بعض رفقته ، أو يفقد بمهلكه كبرية الحجاز ونحوها. فالصحيح أن زوجته تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج .

    وهذا قول عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير قال أحمد : خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول مالك و الشافعي في القديم وأحمد .

    فعن عبيد بن عمير قال: فقد رجل في عهد عمر فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال: انطلقي فتربصي أربع سنين. ففعلت ثم أتته فقال: انطلقي فاعتدي أربعة اشهر وعشراً. ففعلت ثم أتته فقال: أين ولي هذا الرجل ؟ فقال: طلقها ففعل فقال لها عمر: انطلقي فتزوجي من شئتِ. فتزوّجت ثمّ جاء زوجُها الأول فقال عمر: أين كنت ؟ قال: يا أمير المؤمنين استهوتني الشياطين فوالله ما أدري في أي أرض الله كنت عند قوم يستعبدونني حتى اغتزاهم منهم قوم مسلمون فكنت فيما غنموه فقالوا لي: أنت رجل من الإنس وهؤلاء من الجن فما لك وما لهم ؟ فأخبرتهم خبري فقالوا: بأي أرض الله تحب أن تصبح ؟ قلت: المدينة هي أرضي. فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرَّة فخيَّره عمر إن شاء امرأته وإن شاء الصداق فاختار الصداق، وقال: قد حبلت لا حاجة لي فيها(2)

    قال أحمد : يروى عن عمر من ثلاثة وجوه ولم يعرف في الصحابة له مخالف .

    وروى الجوزجاني وغيره بإسنادهم عن علي في امرأة المفقود تعتد أربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها وتعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشراً، فإن جاء زوجها المفقود بعد ذلك خُيِّر بين الصداق وبين امرأته. وقضى به عثمان أيضاً وقضى به ابن الزبير في مولاة لهم وهذه قضايا انتشرت في الصحابة فلم تنكر فكانت إجماعاً .










    (1) البحر الرائق 5/176 ، العناية شرح الهداية 8/230 ، الاستذكار 6/130 ، المدونة 2/30 ، إعانة الطالبين 4/83 ، الأم 5/240 ، المجموع شرح المهذب 18/268 ، روضة الطالبين 8/400 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/113 ، المغني 9/131 ، حاشية الروض المربع 7/66 . إعلام الموقعين 2/55 .

    (2) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وبن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (80) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    المفقــــــــود(1) (2-2)





    القسم الثاني من الحالة الثانية : أن يكون ظاهر غيبته السلامة كسفر التجارة في غير مهلكة وطلب العلم والسياحة ، أو خرج إلى الصلاة فلم يعد ، وللعلماء في هذه الحالة ثلاثة أقوال هي :

    القول الأول: لا تزول الزوجية ما لم يثبت موته ، روي عن علي أنه قال: إذا فقدت المرأة زوجها لم تزوج حتى يقدم أو يموت(2)، وإليه ذهب ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي في الجديد ورواية عن أحمد .

    قالوا: لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة فلم يحكم بموته كما قبل الأربع سنين أو كما قبل التسعين .

    القول الثاني: مالك والشافعي في القديم ، وقول عمر وابنه وعثمان وابن عباس ومسعود رضي الله عنهما(3) وجمع من التابعين كالنخعي وعطاء والزهري ومكحول والشعبي : تتربص أربع سنين منذ أن ترفع أمرها للحاكم ، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج فإذا تزوجت فجاء الزوج الأول خُيّر بين زوجته وبين الصداق .

    وقالوا: إذا جاز الفسخ لتعذر الوطء بالعنة وتعذر النفقة بالإعسار ؛ فلأن يجوز ههنا لتعذر الجميع أولى . واحتجوا بحديث عمر في المفقود(4) مع موافقة الصحابة له وتركهم إنكاره .

    القول الثالث: الحنفية ورواية عن أحمد ، قالوا بضرب مدة يغلب على الظن وفاته فيها ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل للأزواج ، واختلفوا في تقدير هذه المدة ، فمنهم مَن قال ، إذا مضت عليه تسعون سنة منذ ولادته ، ومنهم من قال سبعون ، ومنهم من قال إذا مات أقرانه من أهل بلده ، ومنهم من قال بحسب اجتهاد القاضي .

    قالوا: لأن النكاح عرف ثبوته ، والغيبة لا توجب الفرقة ، والموت في حيز الاحتمال فلا يزال النكاح بالشك ، وحكم بموته بعد هذه المدة ؛ لأنه الغاية في زماننا والحياة بعدها نادر فلا عبرة للنادر ، فإذا اقترن به انقطاع خبره وجب الحكم بموته كما لو كان فقده بغيبة ظاهرها الهلاك .

    الراجح والله أعلم :

    القول الثاني رفعاً للضرر عن المرأة ، كما أن القصة التي وقعت في عهد عمر هي صورة مسألتنا إذ الرجل انقطع انقطاعاً لا يُعلم به سلامة ولا هلاك .

    والتقدير بمدة لا ينبغي أن يصار إليه إلا بالتوقيف لأن تقديرها يفضي إلى اختلاف العدة في حق المرأة باختلاف عمر الزوج ولا نظير لهذا .

    الخلاصــــة:

    إذا فُقد الرجل وانقطع خبره ولا يعلم له موضع سواء كانت غيبته ظاهرها الهلاك أو السلامة فالصحيح والله تعالى أعلم أن زوجته تتربص أربع سنين منذ أن ترفع أمرها للحاكم ، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج فإذا تزوجت فجاء الزوج الأول خُيّر بين زوجته وبين الصداق . لقصة الرجل الذي استهوته الشياطين في عهد عمر رضي الله عنه فغاب فقضى عمر رضي الله عنه لزوجته بهذا ووافقه الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك فكان إجماعاً.






    (1) البحر الرائق 5/176 ، العناية شرح الهداية 8/230 ، الاستذكار 6/130 ، المدونة 2/30 ، إعانة الطالبين 4/83 ، الأم 5/240 ، المجموع شرح المهذب 18/268 ، روضة الطالبين 8/400 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/113 ، المغني 9/131 ، حاشية الروض المربع 7/66.إعلام الموقعين 2/55.

    (2) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 بعد أن ذكر قول علي t : أخرجه أبو عبيد في كتاب النكاح وقال عبد الرزاق بلغني عن بن مسعود انه وافق عليا في امرأة المفقود أنها تنتظره أبدا وأخرج أبو عبيد أيضا بسند حسن عن علي لو تزوجت فهي امرأة الأول دخل بها الثاني أو لم يدخل .

    (3) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عمر وبن عباس قالا تنتظر امرأة المفقود أربع سنين وثبت أيضا عن عثمان وبن مسعود وقال : ولم يفرق أكثرهم بين أحوال الفقد .

    (4) قال ابن حجر في فتح الباري 9/431 : أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (81) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم




    العـدة وأحكامهــا(1)(1-6)





    العدة : هي التربص المحدود شرعاً .

    أسباب العدة:

    السبب الأول : الفرقة بسبب الموت

    الحكمة من عدة الوفاة وإحداد المرأة:

    قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: "هذا من تمام محاسن هذه الشريعة وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه؛ فإن الإحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة، وتمكث المرأة في أضيق بيت وأوحشه، لا تمس طيباً، ولا تدهن، ولا تغتسل ...إلى غير ذلك مما هو تسخط على الرب وأقداره، فأبطل الله بحكمه سنة الجاهلية، وأبدلنا به الصبر والحمد والاسترجاع الذي هو أنفع للمصاب في عاجلته وآجلته .

    ولما كانت مصيبة الموت لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع والألم والحزن ما تتقاضاه الطباع؛ سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك وهو ثلاثة أيام؛ تجد بها نوع راحة، وتقضي بها وطرًا من الحزن، وما زاد؛ فمفسدته راجحة، فمنع منه.

    والمقصود أنه أباح للنساء لضعف عقولهن وقلة صبرهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام، وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر لتتحبب إلى زوجها، وترد لها نفسه ، ويحسن ما بينهما من العشرة فإذا مات الزوج واعتدَّت منه، وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول، وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله؛ أن تُمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب، فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها ، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج ؛ فلا شيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئاً أحسن منه ](2) .

    يتبع أحكام عدة الوفاة






    (1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .

    (2) إعلام الموقعين 2/165 باختصار .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (82) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم




    العـدة وأحكامهــا(1)(2-6)





    لعدة الوفاة أحكام تختص بها:


    فمن أحكامها:

    - أنه يجب أن تعتد المتوفى عنها في المنزل الذي مات زوجها وهي فيه؛ فلا يجوز لها أن تتحول عنه؛ إلا لعذر لحديث زَيْنَب بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ - وَهِىَ أُخْتُ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُّومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلاَ نَفَقَةٍ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « نَعَمْ ». قَالَتْ فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ « كَيْفَ قُلْتِ ». فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي قَالَتْ فَقَالَ « امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ». قَالَتْ فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَىَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِه(2).

    - فإن اضطرت إلى التحول إلى بيت غيره كأن خافت على نفسها من البقاء فيه، أو حُوّلت عنه قهرًا، أو كان البيت مستأجرًا وحوّلها مالكه، أو طلب أكثر من أجرته؛ فإنها في هذه الأحوال تنتقل حيث شاءت دفعًا للضرر.

    - ويجوز للمعتدة من وفاة زوجها: الخروج من البيت لحاجتها في النهار، لا في الليل؛ مظنة الفساد، قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد، فجاء نساؤهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن: إنا نستوحِشُ يا رسول الله ، فنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا تبددنا فى بيوتنا فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاكُنَّ مَا بَدَا لَكُنَّ، فَإذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلتَؤُبْ كُلُّ امْرَأةٍ إلى بَيْتِها(3)" .

    - وجوب الإحداد على المعتدة مدة العدة، والإحداد: اجتنابها ما يدعو إلى نكاحها ويرغب في النظر إليه؛ فتجتنب عمل الزينة في بدنها بالتحسين بالأصباغ والخضاب ونحوه، وتتجنب لبس الحلي بأنواعه، وتتجنب الطيب بسائر أنواعه، وتجتنب الزينة في الثياب؛ فلا تلبس الثياب التي فيها زينة، وتقتصر على الثياب التي لا زينة فيها؛ لكن ليس للإحداد لباس خاص، فتلبس المحدة ما جرت عادتها بلبسه، ما لم يكن فيه زينة.

    - ولا يجوز التصريح بخطبة المتوفى عنها زوجها في العدة ، ويجوز التعريض لقول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُ نَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيم)(4).

    يتبع السبب الثاني الفرقة بالطلاق والفسخ






    (1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .

    (2) أخرجه أبو داود باب في المتوفى عنها تنتقل ح2302-2/259 قال االألباني:صحيح ، والنسائي باب عدة المتوفى عنها زوجها ..ح3532-6/200 ، وابن ماجة باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها ح2031-1/654 ، وابن حبان باب العدة ح4292-10/128 وصححه الأرناؤوط ، وأحمد ح27132-66/370 .

    (3) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه باب أين تعتد المتوفى زوجها ح12077-7/36 قال ابن القيم في إعلام الموقعين [وهذا وإن كان مرسلاً، فالظاهِر أن مجاهداً إما أن يكون سمعه مِن تابعي ثقة، أو مِن صحابي، والتابعون لم يكن الكذبُ معروفاً فيهم، وهم ثاني القرون المفضلة] وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ح5597-12/206 : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ، ولكنه مرسل .

    (4) سورة البقرة آية 234و235 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (83) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    العـدة وأحكامهــا(1)(3-6)




    السبب الثاني : الفرقة بسبب الطلاق أو الفسخ

    الحكمة من مشروعية عدة الطلاق:

    قال ابن القيم :[ واللهُ سبحانه إنما شرع له الطلاق واحدة بعد واحدة، ولم يشرع له إيقاعه مرة واحدة، لئلا يندم، وتزولَ نزغةُ الشيطان التى حملته على الطلاق، فتتبع نفسُه المرأة، فلا يجد إليها سبيلاً، فلو ملكه الشارع أن يطلقها طلقة بائنة ابتداء، لكان هذا المحذورُ بعينه موجوداً، والشريعةُ المشتمِلةُ على مصالح العباد تأبى ذلك ](2)

    وقال في الحكمة من العدة في البينونة الكبرى [أن الشارع حرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره عقوبة له ولعن المحلل والمحلل له لمناقضتهما ما قصده الله سبحانه من عقوبته وكان من تمام هذه العقوبة أن طول مدة تحريمها عليه فكان ذلك أبلغ فيما قصده الشارع من العقوبة فإنه إذا علم أنها لا تحل له حتى تعتد بثلاثة قروء ثم يتزوجها آخر بنكاح رغبة مقصود لا تحليل موجب للعنة ويفارقها و تعتد من فراقه ثلاثة قروء أخر طال عليه الانتظار وعيل صبره ، فأمسك عن الطلاق الثلاث وهذا واقع على وفق الحكمة والمصلحة والزجر فكان التربص بثلاثة قروء في وزجرا لما اوقع الطلاق المحرم لما أحل الله له وأكدت هذه العقوبة بتحريمها عليه إلا بعد زوج وإصابة وتربص ثان ](3)

    يتبع أحكام عدة الطلاق






    (1)انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .

    (2) إعلام الموقعين 5/676 .

    (3) إعلام الموقعين 2/90 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (84) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    العـدة وأحكامهــا(1)(4-6)








    أحكام عدة الطلاق :

    المطلقة طلاقاً رجعياً زوجة لها السكنى والنفقة مادامت في العدة، وإذا مات أحد الزوجين في العدة ورثه الآخر(2). ولا تجوز خطبتها تصريحاً ولا تعريضاً .

    أما المطلقة طلاقاً بائناً فليست زوجة ولا تجب لها سكنى ولا نفقة لحديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِىيِ وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ دُونٍ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ وَاللَّهِ لأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ (لاَ نَفَقَةَ لَكِ وَلاَ سُكْنَى )(3).

    إلا أن تكون حاملاً فلها النفقة لأجل الحمل حتى تضعه سواء كانت مطلقة طلاقاً بائناً ، أو طلاقاً رجعياً قد انقضت عدتها، (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)(4).وتجوز خطبتها سواء بالتعريض أو التصريح .

    يتبع أنواع العدة ومقاديرها












    (1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .

    (2)انظر : البحر الرائق 4/217 ، الاستذكار 6/160 ، المدونة 2/48 ، الأم 5/237 ، المبدع شرح المقنع 8/168 . إعلام الموقعين 5/674 .

    (3)أخرجه مسلم باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها ح3771-4/195 .

    (4) سورة الطلاق آية 6 . وانظر تفسير القرآن العظيم 8/153 ، المبدع شرح المقنع 8/168 .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (85) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    العـدة وأحكامهــا(1) (5-6)









    أنواع العدة ومقاديرها :

    العدة ثلاثة أنواع : عدة بالأقراء، وعدة بالأشهر، وعدة بوضع الحمل.

    النوع الأول : عدة بالأقراء:

    المقصود بالقروء:

    القرء لغة مشترك بين الطهر والحيض، ويجمع على أقرء وقروء وأقرء .

    وللفقهاء رأيان في تفسير القروء :

    الأول : قول الحنفية والحنابلة وهو قول أكثر الصحابة كعثمان وعلي وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم : أن المراد بالقرء: الحيض؛ واستدلوا بما يلي :

    - لأن الحيض مُعَرِّف لبراءة الرحم، وهو المقصود من العدة، فالذي يدل على براءة الرحم إنما هو الحيض لا الطهر.

    - ولقوله تعالى:(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرا )(2) فنقلهن عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر، فدل على أن الأصل الحيض، كما قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّبا )(3).

    - ولأن المعهود في الشرع استعمال القرء بمعنى الحيض، عن عائشة قالت أتت فاطمة بنت أبي حبيش النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني اسْتَحضتُ قال (دعي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئ عند كل صلاة وإن قَطُرَ على الحَصِير)(4)وهو عليه الصلاة والسلام المعبر عن الله، وبلغة قومه نزل القرآن .

    - ولأن ظاهر قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وجوب التربص ثلاثة كاملة، ومن جعل القروء الأطهار، لم يوجب ثلاثة، لأنه يكتفي بطهرين وبعض الثالث، فيخالف ظاهر النص. ومن جعله الحيض أوجب ثلاثة كاملة، فيوافق ظاهر النص، فيكون أولى من مخالفته.

    الثاني : المالكية والشافعية وهو قول أم المؤمنين عائشة وابن عمر رضي الله عنهم: أن القرء هو الطهر؛ واستدلوا بما يلي :

    - لأنه تعالى أثبت التاء في العدد «ثلاثة»، فدل على أن المعدود مذكر، وهو الطهر، لا الحيضة.

    - ولأن قوله تعالى: (فطلقوهن لعدتهن) أي في وقت عدتهن، لكن الطلاق في الحيض محرَّم، فيصرف الإذن إلى زمن الطهر.

    وأجيب بأن معنى الآية مستقبلات لعدتهن.

    - ولأن القرء مشتق من الجمع، فأصل القرء الاجتماع، وفي وقت الطهر يجتمع الدم في الرحم، وأما الحيض فيخرج من الرحم. وما وافق الاشتقاق كان اعتباره أولى من مخالفته.

    وفائدة الخلاف: أنه إذا طلقها في طهر، انتهت عدتها في رأي الفريق الثاني بمجيء الحيضة الثالثة؛ لأنها يحتسب لها الطهر الذي طلقت فيه، ولا تخرج من عدتها إلا بانقضاء الحيضة الثالثة في رأي الفريق الأول .

    الراجح والله أعلم: هو الرأي الأول- القرء هو الحيض- لقوة أدلته وهو المناسب لما شُرعت له العدة من ظهور براءة الرحم من الشغل بولد للزوج الأول .

    يتبع أسباب عدة الأقراء



    (1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .

    (2) سورة الطلاق آية 4 .

    (3)سورة المائدة آية 6 .

    (4) أخرجه أحمد ح26298-6/262 تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن هاشم فمن رجال مسلم .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (86) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    العـدة وأحكامهــا(1) (6-6)





    أسباب عدة الأقراء :

    1 - الفرقة في الزواج الصحيح، سواء أكانت بطلاق أم بغير طلاق. وتجب هذه العدة لاستبراء الرحم، وتعرف براءته من الشغل بالولد.

    وشرط وجوبها: الدخول بالمرأة أو ما يجري مجرى الدخول وهو الخلوة الصحيحة .

    2 - الفرقة في الزواج الفاسد بتفريق القاضي، أو بالمتاركة. وشرطها الدخول عند الجمهور غير المالكية، فتجب العدة عندهم أيضاً بالخلوة بعد زواج فاسد.


    3- الوطء بشبهة العقد: بأن زفت إلى الرجل غير امرأته، فوطئها؛ لأن الشبهة تقوم مقام الحقيقة في حال الاحتياط، وإيجاب العدة من باب الاحتياط.

    النوع الثاني : عدة الأشهر

    وهي نوعان:


    أ*)نوع يجب بدلاً عن الحيض، وهو عدة الصغيرة، والآيسة، والمرأة التي لم تحض أصلاً، بعد الطلاق. وسبب وجوبها: الطلاق لمعرفة أثر الدخول، وهو سبب وجوب عدة الأقراء المتقدمة.

    وشرط وجوبها شيئان:

    أحدهما: الصغر أو الكبر أو فقد الحيض أصلاً.

    والثاني: الدخول، أو الخلوة الصحيحة .

    ب*) نوع يجب أصلاً بنفسه. وهو عدة الوفاة. وسبب وجوبها الوفاة، إظهاراً للحزن بفوات نعمة الزواج، وشرط وجوبها: الزواج الصحيح فقط، فتجب هذه العدة على المتوفى عنها زوجها، سواء أكانت مدخولاً بها أم غير مدخول بها، وسواء أكانت ممن تحيض أم ممن لا تحيض.

    النوع الثالث: عدة الحبل

    هي مدة الحمل، وتنقضي بوضع الحمل.

    وسبب وجوبها: الطلاق أو الوفاة، حتى لا تختلط الأنساب وتشتبه المياه، فلا يسقي رجل ماءه زرع غيره.

    وشرط وجوبها: أن يكون الحمل من الزواج الصحيح أو الفاسد؛ لأن الوطء في النكاح الفاسد يوجب العدة. ولا تجب هذه العدة عند الحنفية والشافعية على الحامل بالزنا؛ لأن الزنا لا يوجب العدة، إلا أنه إذا تزوج رجل امرأة، وهي حامل من الزنا، جاز النكاح عند أبي حنيفة ومحمد، لكن لا يجوز له أن يطأها ما لم تضع، لئلا يصير ساقياً ماءه زرع غيره.

    وأجاز الشافعية نكاح الحامل من زنا ووطأها، إذ لا حرمة له.






    (1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ، مجموع الفتاوى 33/11 ، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657 وما بعدها 600 وما بعدها .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (87) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(1-7)


    تعريف الحضانة :
    - بفتح الهاء وكسرها - والفتح أشهر معناها لغة مصدر حضنت الصغير حضانة تحملت مؤنته وتربيته مأخوذة من الحضن - بكسر الحاء - وهو الجنب لأن الحاضنة تضم الطفل إلى جنبها(1) .
    وفي الشرع: حفظ من لا يستقل بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه كطفل وكبير مجنون والقيام بتربيته وبما يصلحه من طعام وشراب ولباس ونحو ذلك(2).
    مستحق الحضانة :
    من المتفق عليه أن الأم أحق بالحضانة من الأب، واختُلف فيمن يستحق الحضانة بعدهما؛ فقيل قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب، وقيل العكس.
    واتفقوا على استحقاق الرجال من قرابة الأب الحضانة، واختلفوا في استحقاق الرجال من قرابة الأم للحضانة.
    وقد أوضح ذلك ابن القيم رحمه الله فقال :[ ولما كان النساءُ أعرفَ بالتربية، وأقدرَ عليها، وأصبَر وأرأفَ وأفرغ لها،لذلك قُدِّمَتِ الأم فيها على الأب.
    ولما كان الرجالُ أقومَ بتحصيل مصلحة الولد والاحتياط له في البضع، قُدِّمَ الأبُ فيها على الأم، فتقديمُ الأم في الحضانة مِن محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال، والنظر لهم، وتقديمُ الأب في ولاية المال والتزويج كذلك.
    إذا عُرِفَ هذا، فهل قُدِّمتِ الأُمُّ لكون جهتها مقدمةً على جهة الأبوة في الحضانة، فقُدِّمت لأجل الأمومة، أو قُدِّمت على الأب، لكون النساء أقوم بمقاصد الحضانة والتربية من الذكور، فيكون تقديمُها لأجل الأنوثة؟
    ففي هذا للناس قولان وهما في مذهب أحمد يظهر أثرهُما في تقديم نساء العصبة على أقارب الأم أو بالعكس، كأم الأم، وأم الأب، والأخت من الأب، والأخت من الأم، والخالة، والعمة، وخالة الأم، وخالة الأب، ومن يُدلي من الخالات والعمات بأم، ومن يُدلي منهن بأب، ففيه روايتان عن الإِمام أحمد. إحداهما تقديمُ أقاربِ الأم على أقاربِ الأبِ. والثانية وهيَ أصحُّ دليلاً، واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية(3): تقديمُ أقارب الأب وهذا هو الذي ذكره الخرقي في "مختصره" فقال والأختُ من الأب أحقُّ من الأخت من الأم وأحقُّ من الخالة، وخالة الأب أحقُّ مِن خالة الأم، وعلى هذا فأمُّ الأبِ مقدَّمة على أمِّ الأم كما نصَّ عليه أحمد في إحدى الروايتين عنه..
    وعلى هذه الرواية: فأقاربُ الأب من الرجال مقدَّمون على أقارب الأم، والأخ للأب أحق من الأخ للأم،والعم أولى من الخال، هذا إن قلنا:إن لأقارب الأم من الرجال مدخلاً في الحضانة، وفي ذلك وجهان في مذهب أحمد والشافعي. أحدهما: أنه لا حضانة إلا لرجل مِن العصبة مَحْرَمٍ، أو لامرأة وارثة،أو مُدلية بعصبة، أو وارث..
    والثاني: أن لهم الحضانة والتفريع على هذا الوجه، وهو قولُ أبي حنيفة،
    وهذا يدل على رجحان جهة الأبوة على جهة الأمومة في الحضانة، وأن الأم إنما قدِّمت لكونها أنثى لا لتقديم جهتها، إذ لو كان جهتها راجحةً لترجَّحَ رجالها ونساؤها على الرجالِ والنساءِ من جهة الأب، ولما لم يترجَّح رجالُها اتفاقاً فكذلك النساء، وما الفرقُ المؤثر؟
    وأيضاً فإن أصولَ الشرع وقواعِدَهُ شاهدةٌ بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت وغير ذلك، ولم يُعهد في الشرع تقديمُ قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، فمن قدَّمها في الحضانة، فقد خرج عن موجب الدليل.
    فالصوابُ في المأخذ هو أن الأم إنما قُدِّمت، لأن النساءَ أرفقُ بالطفل، وأخبرُ بتربيته، وأصبرُ على ذلك، وعلى هذا فالجدَّةُ أم الأب أولى من أمِّ الأم، والأخت للأب أولى مِن الأخت للأم، والعمةُ أولى من الخالة، كما نصَّ عليه أحمد في إحدى الروايتين، وعلى هذا فتقدَمُ أمُّ الأب على أب الأب، كما تُقدَّم الأم على الأب.
    وإذا تقرر هذا الأصل، فهو أصل مطَّرِد منضبط لا تتناقض فروعُه، بل إن اتفقت القرابةُ والدرجةُ واحدة قُدِّمت الأنثى على الذكر، فتُقدَّم الأخت على الأخ، والعمة على العم، والخالة على الخال، والجدةُ على الجد، وأصلُه تقديم الأم على الأب.
    وإن اختلفت القرابةُ، قُدِّمت قرابةُ الأب على قرابة الأم، فتقدم الأخت للأب على الأخت للأم، والعمة على الخالة، وعمةُ الأب على خالته، وهلم جراً.
    وهذا هو الاعتبارُ الصحيح، والقياسُ المطرد، وهذا هو الذي قضى به سيِّدُ قُضاةِ الإِسلام شريح، كما روى وكيع في "مصنفه" عن الحسن بن عقبة، عن سعيد بن الحارث قال: اختصم عمُّ وخالٌ إلى شُريح في طفل، فقضى به للعم، فقال الخال: أنا أُنفق عليه من مالي، فدفعه إليه شريح.
    ومن سلكَ غيرَ هذا المسلك لم يجد بداً من التناقض](4).
    يتبع شروط الحضانة




    (1)انظر : الصحاح في اللغة 1/135 مادة حضن ، لسان العرب 13/122 مادة حضن ، مختار الصحاح 167 باب الحاء . التوقيف على مهمات التعاريف 1/283 فصل الضاد ، التعريفات 1/119 باب الحاء .
    (2) انظر : نحو هذا التعريف في البحر الرائق 4/182 ، مواهب الجليل 5/593 ، إعانة الطالبين 4/101 ، مغني المحتاج 3/452 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/157 .
    (3)انظر مجموع الفتاوى 34/122 .
    (4) زاد المعاد 5/438 .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (88) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانة إذا حصلت الفرقة2-7







    شروط الحضانة(1) :

    بعضها متفق عليه وهي الآتي:

    - الحرية فلا حضانة لمن فيه رق، ولو قل لأن الحضانة ولاية، والرقيق ليس من أهل الولاية، ولأنه مشغول بخدمة سيده، ومنافعه مملوكة لسيده.

    - العقل، فلا حضانة للمجنون والمعتوه؛ لأنهما أيضاً في حاجة إلى من يرعى شؤونهما.

    - البلوغ، فلا حضانة للصغير ولو كان مميزاً؛ لأنه عاجز عن رعاية شؤون نفسه.

    - القدرة على تربية المحضون: وهي الاستطاعة على صون الصغير في خلقه وصحته، فلا حضانة للعاجز لكبر سن أو مرض أو شغل. فالمرأة المحترفة أو العاملة إن كان عملها يمنعها من تربية الصغير والعناية بأمره، لا تكون أهلاً للحضانة. وإن كان عملها لا يحول دون رعاية الصغير وتدبير شؤونه، لا يسقط حقها في الحضانة.(2)

    - الأمانة على الأخلاق: فلا حضانة لغير أمين على تربية الولد وتقويم أخلاقه، كالفاسق رجلاً أو امرأة؛ لأنه لا يوثق به فيها، وفي بقاء المحضون عنده ضرر عليه؛ لأنه يسيء تربيته، وينشئه على طريقته.

    - عدم كون الأنثى متزوجة بأجنبي عن الصغير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوالدة الطفل: (أنت أحق به ما لم تنكحي)، ولأن الزوج يملك منافعها، ويستحق منعها من الحضانة، وقالوا أيضاً: لأَنَّ زوجَ الأُمِّ إذَا كان أَجنبيًّا يُعْطِيهِ نَزْرًا وَيَنْظُرُ إلَيْهِ شزراً، فَلَا نَظَرَ له، وَالنَّزْرُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ والشزر نَظَرُ الْبُغْضِ.

    والمراد بالأجنبي هنا من ليس من عصبات المحضون، فلو تزوجت بقريب محضونها؛ لم تسقط حضانتها.(3)

    يتبع شروط الحضانة المختلف فيها








    (1) انظر : البحر الرائق 4/183 ، الفواكه الدواني 3/1075 ، الشرح الكبير 2/528 ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 5/593 ، إعانة الطالبين 4/101 ، المجموع شرح المهذب 18/321 ، المبدع شرح المقنع 8/200 ، المغني 9/298 ، زاد المعاد 5/459 ، الفقه الإسلامي وأدلته 10/49 وما بعده ، الملخص الفقهي 2/439 .

    (2) وقد جرى العمل في مصر على أن الطبيبات والمعلمات ونحوهن، لا يسقط حقهن في الحضانة؛ لأن الواحدة منهن تستطيع إدارة أمر الطفل بنفسها وبالتعاون مع قريبتها أو النائبة عنها.

    وقد نصت المادة (137) من القانون السوري على الشروط السابقة: يشترط لأهلية الحضانة البلوغ والعقل والقدرة على صيانة الولد صحة وخلقاً.

    ونص القانون السوري (م 2/139) على أنه: لا يسقط حق الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة.

    (3)نصت المادة (138) من القانون السوري على ذلك: زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (89) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(3-7)









    شروط الحضانة المختلف فيها هي الآتي (1) :

    - الرشد واشترطه المالكية، فلا حضانة لسفيه مبذر، لئلا يتلف مال المحضون أو ينفق عليه منه ما لا يليق.

    - عدم المرض المنفر كالجذام والبرص، فلا حضانة لمن به شيء من المنفرات. واشترطه المالكية والشافعية والحنابلة .

    - الإسلام شرط عند الشافعية والحنابلة: فلا حضانة لكافر على مسلم؛ إذ لا ولاية له عليه ، ولأنه ربما فتنه عن دينه. ولم يشترط الحنفية والمالكية إسلام الحاضنة، فيصح كون الحاضنة كتابية أو غير كتابية، سواء أكانت أماً أم غيرها؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم خيَّر غلاماً بين أبيه المسلم وأمه المشركة، فمال إلى الأم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم اهده، فعدل إلى أبيه)(2) ولأن مناط الحضانة الشفقة وهي لا تختلف باختلاف الدين.

    لكن اختلف هؤلاء في مدة بقاء المحضون عند الحاضنة غير المسلمة:

    فقال الحنفية: إنه يبقى عندها إلى أن يعقل الأديان، ببلوغه سن السابعة، أو يتضح أن في بقائه معها خطراً على دينه، بأن بدأت تعلمه أمور دينها أو تذهب به إلى معابدها، أو تعودِّه على شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير.

    وقال المالكية: إنه يبقى مع الحاضنة إلى انتهاء مدة الحضانة شرعاً، ولكنها تمنع من تغذيته بالخمر ولحم الخنزير، فإن خشينا أن تفعل الحرام أعطي حق الرقابة إلى أحد المسلمين، ليحفظ الولد من الفساد.

    واختلفوا أيضاً في إسلام الحاضن:

    رأي الحنفية: أنه يشترط إسلام الحاضن واتحاد الدين، بخلاف الحاضنة؛ لأن الحضانة نوع من الولاية على النفس، ولا ولاية مع اختلاف الدين، ولأن حق الحضانة عندهم مبني على الميراث، ولا ميراث بالتعصيب للرجال مع اختلاف الدين، فلو كان الطفل مسيحياً أو يهودياً، وله أخوان، أحدهما مسلم والآخر غير مسلم، كان حق الحضانة لغير المسلم.

    ورأي المالكية: أنه لا يشترط إسلام الحاضن أيضاً كالحاضنة؛ لأن حق الحضانة للرجل لا يثبت عندهم إلا إذا كان عنده من النساء من يصلح للحضانة كزوجة أو أم أو خالة أو عمة، فالحضانة في الحقيقة حق للمرأة.

    والراجح(3) والله أعلم اشتراط الإسلام فلا حضانة لكافر على مسلم لثلاثة أمور:

    الأول: أن الحاضن حريصٌ على تربيةِ الطفل على دينه، وأن ينشأَ عليه، ويتربَّى عليه، فيصعبُ بعد كِبره وعقله انتقاله عنه، وقد يُغيره عن فطرة الله التي فطر عليها عبادَه، فلا يُراجعها أبداً، كما قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلُّ مَوْلُود يولَدُ عَلى الفِطرَةِ فَأَبَواه يَهَوِّدَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ، أو يُمَجِّسَانِه)(4) فلا يُؤمن تهويدُ الحاضن وتنصيرُه للطفل المسلم.

    فإن قيل: الحديثُ إنما جاء في الأبوين خاصة. قيل:الحديث خرجَ مخرج الغالِب إذ الغالب المعتادُ نشوء الطفل بين أبويه، فإن فُقِدَ الأبوانِ أو أحدُهما قامَ ولي الطفل مِن أقاربه مقامهما.

    الثاني:أن اللهَ سبحانه قطعَ الموالاة بين المسلمين والكفار، وجعلَ المسلمين بعضهم أولياءَ بعض، والكفارَ بعضَهم مِن بعض، والحضانةُ مِن أقوى أسباب الموالاة التي قطعها الله بين الفريقين.

    الثالث: إن القول باشتراط الإسلام أولى من القول بالعدالة وأنه لا حضانةَ للفاسقِ، إذ أيَّ فِسق أكبر مِن الكفر؟ وأينَ الضّررُ المتوقع من الفاسق بنشوء الطفل على طريقته إلى الضرر المتوقَّع من الكافر.

    ويجاب عن الحديث بعدة أجوبة منها:

    أولاً: الحديث لا يصح ولا يثبته أهل النقل فهو مِن رواية عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري الأوسي، وقد ضعفه إمامُ العلل يحيى بن سعيد القطان، وكان سفيان الثوري يَحمِلُ عليه، وضعف ابنُ المنذر الحديث، وضعفه غيرُه، وقد اضطرب في القصة، فروَى أن المخيَّر كان بنتاً، وروَى أنه كان ابناً.

    ثانياً: إن الحديث قد يحتج به على صحة مذهب من اشترط الإِسلام، فإن الغلام لما مال إلى أمه دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بالهداية، فمال إلى أبيه، وهذا يدل على أن كونَه مع الكافر خلافُ هُدى الله الذي أرادهُ مِن عبادِه، ولو استنكر جعله مع أمه، لكان فيه حجة، بل أبطله الله سبحانه بدعوة رسوله.

    ثالثاً: قيل أنه محمول على أنه صلّى الله عليه وسلم عرف أنه يستجاب دعاؤه، وأنه يختار الأب المسلم. وقصده بتخييره استمالة قلب أمه.

    يتبع تتمة شروط الحضانة المختلف فيها






    (1) انظر : البحر الرائق 4/182 وما بعدها ، الفواكه الدواني 3/1073و1075 ، الشرح الكبير 2/528 ، مواهب الجليل 5/598 ، إعانة الطالبين 4/101 ، المجموع شرح المهذب 18/320 ، المبدع شرح المقنع 8/202 ، المغني 9/298 ، الفقه الإسلامي وأدلته 10/49 وما بعده ، الملخص الفقهي 2/439 .

    (2) أخرجه النسائي باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد ح3495-6/185 وصححه الألباني وفي السنن الكبرى ح6386-4/83 ، وابن ماجه باب تخيير الصبي بين أبويه ح2352-2/788 وصححه الألباني ، وأحمد ح23810-5/447 وقال الأرناؤوط : صحيح . وأخرجه أبو داود باب إذا أسلم أحد الأبوين ...ح2246-2/240 عن رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَأَتَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتِ ابْنَتِى وَهِىَ فَطِيمٌ أَوْ شِبْهُهُ وَقَالَ رَافِعٌ ابْنَتِى. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ –صلى الله عليه وسلم « اقْعُدْ نَاحِيَةً ». وَقَالَ لَهَا « اقْعُدِى نَاحِيَةً ». قَالَ وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ « ادْعُوَاهَا ». فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أُمِّهَا فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « اللَّهُمَّ اهْدِهَا ». فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا. وصححه أيضاً الألباني .

    (3)انظر زاد المعاد بتصرف 5/460 ،461 .

    (4) أخرجه البخاري باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ح1292-1/456 ، ومسلم باب معنى كل مولود يولد على الفطرة ح6926-8/52 .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (90) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(4-7)





    تابع شروط الحضانة المختلف فيها:

    - أن يكون عند الحاضن من أب أو غيره من يصلح للحضانة من النساء كزوجة أو أم أو خالة أو عمة؛ إذ لا قدرة ولا صبر للرجال على أحوال الأطفال كما للنساء. فإن لم يكن عند الرجل من يحضن من النساء فلا حق له في الحضانة. وهذا شرط عند المالكية.

    - أن تكون ذات رحم محرم من الصغير كأمه وأخته وجدته ؛ فلا حضانة لبنات العم أو العمة، ولا لبنات الخال أو الخالة بالنسبة إلى الصبي، لعدم المحرمية، ولهن عند الحنفية الحق في حضانة الأنثى.

    - ألا تكون قد امتنعت من حضانته مجاناً والأب معسر لا يستطيع دفع أجرة الحضانة. فإن كان الأب معسراً وقبلت قريبة أخرى تربيته مجاناً، سقط حق الأولى في الحضانة. وهذا شرط عند الحنفية والشافعية.

    - أن يكون مَحْرماً للمحضون إذا كان أنثى مشتهاة وهي بنت سبع سنين عند الحنابلة والحنفية حذراً من الخلوة بها، لانتفاء المحرمية بينهما، وإن لم تبلغ حد الشهوة أعطيت له بالاتفاق؛ لأنه لا فتنة. فلا يكون لابن العم حضانة ابنة عمه المشتهاة. وأجاز الحنفية إذا لم يكن للبنت عصبة غير ابن عمها إبقاءها عنده بأمر القاضي إذا كان مأموناً عليها، ولا يخشى عليها الفتنة منه.

    وكذلك أجاز الحنفية والحنابلة تسليمها لغير محرم ثقة إذا تعذر غيره. وأجاز الشافعية تسليمها لغير محرم إن رافقته بنته أو نحوها كأخته الثقة، وتسلم لها لا له.

    - واشترط المالكية والحنابلة أيضاً ألا يسافر عن المحضون ولي المحضون أو تسافر الحاضنة سفر نُقْلة، مسافة طويلة ، فإن أراد الولي أو الحاضنة السفر المذكور، كان له أخذ المحضون من حاضنته إلا أن تسافر معه، بشرط كون السفر لموضع مأمون وأمن الطريق، لأنه هو الذي يقوم بتأديب ولده والمحافظة عليه، فإذا كان بعيدًا عنه؛ لم يتمكن من ذلك، وضاع الولد.

    وإن كان السفر إلى بلد قريب دون مسافة القصر لغرض السكنى فيه؛ فالحضانة للأم، سواء كانت هي المسافرة أو المقيمة؛ لأنها أتم شفقة على المحضون، ولأنه يمكن لأبيه الإشراف عليه في تلك الحالة.

    أما إذا كان السفر لحاجة، ثم يرجع، أو كان الطريق أو البلد المسافر إليه مخوفين؛ فإن الحضانة تكون للمقيم منهما؛ لأن في السفر بالمحضون إضرارًا في هاتين الحالتين.

    يتبع مدة الحضانة





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (91) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(5-7)










    مــــدة الحضانة:

    اتفق الفقهاء على أن الحضانة تبدأ منذ ولادة الطفل إلى سن التمييز، وهو السن التي يستغني فيها الولد ذكراً أو أنثى عن خدمة النساء، ويستقل بنفسه في الأكل والشرب واللبس والاستنجاء، وقدِّر زمن استقلاله بسبع سنين؛ لأنه الغالب، لقوله صلّى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع)(1) والأمر بها لا يكون إلا بعد القدرة على الطهارة.

    واختلفوا في بقاء الحضانة بعد سن التمييز وتخيير الولد.

    القول الأول: اتفق الشافعية والحنابلة على أن الحضانة إلى سن التمييز ثم اختلفوا؛ فقال الشافعية

    قال الحنفية(2): الحاضنة أماً أو غيرها أحق بالغلام حتى التمييز وعندئذ يرجع إلى الأب؛ لأنه إذا استغنى يحتاج إلى تأديب والتَّخَلّق بآداب الرجال وأخلاقهم والأب أقدر على التأديب والتعنيف .

    والأم والجدة أحق بالفتاة الصغيرة حتى تبلغ بالحيض أو الشهوة أو السن؛ لأنها بعد الاستغناء تحتاج إلى معرفة آداب النساء كالغزل والطبخ وغسل الثياب ونحوها، والمرأة على ذلك أقدر، وأما بعد البلوغ فتحتاج إلى التحصين والحفظ، والأب فيه أقوى وأهدى.

    وقال المالكية(3): تستمر الحضانة في الغلام إلى البلوغ، على المشهور من مذهبهم، ولو مجنوناً أو مريضاً، وفي الأنثى إلى الزواج ودخول الزوج بها، ولو كانت الأم كافرة. وهذا في الأم المطلقة أو من مات زوجها. وأما من في عصمة زوجها فهي حق للزوجين جميعاً.

    ولا يخيّر الولد في رأي الحنفية والمالكية؛ لأنه لا قول له، ولا يعرف حظه، ولقصور عقله قد يختار من عنده الدّعة والراحة لتخليته بينه وبين اللعب فلا يتحقق النظر(4).

    والمراد بعدم تخييره أنه إذا بلغ السن الذي ينزع من الأم يأخذه الأب ولا خيار للصغير .

    وقال الشافعية(5) والحنابلة(6) : إن الحضانة إلى التمييز، واتّفقوا على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد مميز ذكر، وله سبع أو ثمان سنين، وصلح الزوجان للحضانة، حتى لو فضل أحدهما الآخر ديناً أو مالاً أو محبة، وتنازعا في الحضانة، خُيِّر بينهما، وكان عند من اختار منهما؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم «خيَّر غلاماً بين أبيه وأمه»(7) .

    فإن اختار الأب سُلِّم إليه وإن اختار الأم سُلم إليها، فإن اختارهما معا أُقرع بينهما وسُلّم لمن خرجت قرعته منهما، وله بعد اختيار أحدهما اختيار الآخر؛ لأنه قد يظهر له الأمر على خلاف ما ظنّه كأن يظن أن في الأب خيراً فيظهر له أن فيه شراً، أو يتغيّر حال مَن اختاره أولاً فيُحوّل إلى من اختاره ثانياً وهكذا حتى إذا تكرر منه ذلك نقل إلى من اختاره ما لم يظهر أن ذلك لقلة تمييزه وإلا ترك عند من كان عنده قبل التمييز.

    فإن عُلِم أنه يختار أحدهما ليُمكّنه من فساد ويكره الآخر للأدب لم يعمل بمقتضى شهوته .

    ولو اختار الولد أحد الأبوين، فامتنع من كفالته، كفله الآخر، فإن رجع الممتنع أعيد التخيير.

    فإن اختار أباه كان عنده ليلاً ونهاراً ولا يمنع من زيارة أمه ، وإن مرض كانت أحق بتمريضه في بيتها ، وإن اختار أمه كان عندها ليلاً وعند أبيه نهاراً ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه .

    وكما يقع التخيير بين الأبوين يقع أيضاً عند فقد أحدهما بين الذي لم يفقد من الأبوين وبين غيره ممن له الحضانة ، فإذا كان المفقود الأب يقع التخيير بين الأم والجد إن وجد ، فإن لم يوجد وقع التخيير بينها وبين من على حاشية النسب كأخ وعم ، وإذا فقدت الأم وقع التخيير بين الأب والأخت لغير أب فقط بأن كانت شقيقة أو لأم أو بين الأب والخالة إن لم توجد الأخت ، وعند فقدهما معاً ، أو امتناعهما عن حضانته ، يقع التخيير بين الأخت أو الخالة وبقية العصبة .

    وإن صلح أحد الأبوين للحضانة دون الآخر بسبب جنون أو كفر أو رق أو فسق، أو زواج الأنثى أجنبياً، فالحق للآخر فقط، ولا تخيير لوجود المانع. فإن عاد صلاح الآخر عاد التخيير.

    واستدل الشافعية والحنابلة على تخيير الغلام بما يأتي :

    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَقَدْ نَفَعَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « اسْتَهِمَا عَلَيْهِ ». فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِى وَلَدِي ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ ». فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ(8)

    - ولأنه إجماع الصحابة فروي عن عمر أنه خيّر غلاماً بين أبيه وأمه(9)، وروي عن عُمَارَةَ الْجَرْمِىِّ قَالَ: خَيَّرَنِي عَلِىٌّ رضي الله عنه بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي، ثُمَّ قَالَ لأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنِّي وَهَذَا أَيْضًا لَوْ قَدْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا لَخَيَّرْتُهُ(10). وروي نحو ذلك عن أبي هريرة. وهذه قصص في مظنة الشهرة ولم تُنكر فكانت إجماعاً .

    - ولأن التقديم في الحضانة لحق الولد، فيتقدم من هو أشفق؛ لأن حظ الولد عنده أكثر ، فإذا بلغ الغلام حداً يُعرب عن نفسه ويُميّز بين الإكرام وضده فمال إلى أحد الأبوين دلَّ على أنه أرفق به وأشفق عليه فقُدّم بذلك ، وقيّدناه بالسبع لأنها أول حال أمر الشرع فيها بمخاطبته بالأمر بالصلاة، ولأن الأم قُدّمت في حال الصغر لحاجته إلى حمله ومباشرة خدمته ، لأنها أعرف بذلك وأقوم به، فإذا استغنى عن ذلك تساوى والداه لقربهما منه فرجح باختياره .

    وإنما يخير الغلام بشرطين:

    أحدهما ـ أن يكون الأبوان وغيرهما من أهل الحضانة: فإن كان أحدهما من غير أهل الحضانة، كان كالمعدوم، ويتعيّن الآخر.

    الثاني ـ ألا يكون الغلام معتوهاً: فإن كان معتوهاً كان عند الأم، ولم يخير؛ لأن المعتوه بمنزلة الطفل، وإن كان كبيراً، لذا كانت الأم أحق بكفالة ولدها المعتوه بعد بلوغه.

    أما الفتاة إذا بلغت سبع سنين، فالأب أحق بها عند الحنابلة، ولا تخير عندهم خلافاً للشافعية؛ لأن غرض الحضانة الحظ والمصلحة، والحظ للفتاة بعد السبع في الوجود عند أبيها؛ لأنها تحتاج إلى حفظ، والأب أولى به، فإن الأم تحتاج إلى من يحفظها ويصونها .

    لكن إذا كانت البنت عند الأم أو عند الأب، فإنها تكون عنده ليلاً ونهاراً؛ لأن تأديبها في جوف البيت، كتعليمها الغزل والطبخ وغيرهما.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله::[وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها في ذلك ضرر، فلو قُدّر أنه عاجز عن حفظها وصيانتها، ويهملها لاشتغاله عنها، أو لقلة دينه ، والأم قائمة بحفظها وصيانتها؛ فإنه تُقدّم الأم في هذه الحال، فكل من قدمناه من الأبوين إنما نقدمه إذا حصل به مصلحتها واندفعت به مفسدتها، فأما مع وجود فساد أمرها مع أحدهما فالآخر أولى به بلا ريب، حتى الصغير إذا اختار أحد أبويه وقدّمناه إنما نُقدِّمه بشرط حصول مصلحته وزوال مفسدته .

    وقال رحمه الله: "وإذا قدر أن الأب تزوج بضرة، وهو يتركها عند ضرة أمها، لا تعلم مصلحتها، بل تؤذيها وتقصر في مصلحتها، وأمها تعمل مصلحتها ولا تؤذيها؛ فالحضانة هنا للأم قطع ](11)

    يتبع حكم الولد إذا بلغ واستغنى هل ينفرد بالسكنى أو يستمر عند الأب ؟






    (1) سبق تخريجه .

    (2) انظر : البحر الرائق 4/184 وما بعدها ، العناية شرح الهداية 6/186 . موقف القانون: قرر القانون المصري رقم (25) لسنة (1929) أن حق الحضانة ينتهي عند بلوغ الصغير سبع سنين، وبلوغ الصغيرة تسعاً. وكان هذا هو المقرر في القانون السوري، ثم عدل الحكم سنة (1975)، فنصت المادة (146) على أنه: تنتهي مدة الحضانة بإكمال الغلام التاسعة من عمره، والبنت الحادية عشرة.

    (3)انظر : الشرح الكبير للدردير 2/526 ، مواهب الجليل 5/594 .

    (4) انظر : البحر الرائق 4/186 .

    (5)انظر : إعانة الطالبين 4/101 ، المجموع شرح المهذب 18/324 ، مغني المحتاج 3/456 .


    (6) انظر : الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/160 ، المغني 9/301 .

    (7)سيأتي الحديث بتمامه أخرجه أبو داود باب من أحق بالولد ح2279-2/251 وصححه الألباني ، والنسائي باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد ح3496-6/185 ، والدارمي باب في تخيير الصبي بين أبويه ح2293-2/223 وصححه حسين سليم أسد ، والحاكم ك الأحكام ح7039-4/108 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

    (8)أخرجه أبو داود باب من أحق بالولد ح2279-2/251 وصححه الألباني ، والنسائي باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد ح3496-6/185 ، والدارمي باب في تخيير الصبي بين أبويه ح2293-2/223 وصححه حسين سليم أسد ، والحاكم ك الأحكام ح7039-4/108 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

    (9)انظر السنن الكبرى للبيهقي باب الأبوين إذا افترقا 8/4 .

    (10) أخرجه الشافعي في المسند ح1378-1/288 ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى باب الأبوين إذا افترقا ح16179-8/4 .

    (11) المستدرك على مجموع الفتاوى 5/83 و85 .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (92) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(6-7)





    حكم الولد إذا بلغ واستغنى هل ينفرد بالسكنى أو يستمر عند الأب ؟

    الغلام إذا عقل واستغنى عن الأب ليس للأب أن يضمه إلى نفسه إلا إذا لم يكن مأموناً على نفسه كان له أن يضمه إلى نفسه وليس عليه نفقته إلا أن يتبرع .

    ومتى كانت الجارية بكراً يضمها إلى نفسه وإن كان لا يخاف عليها الفساد إذا كانت حديثة السن، أما إذا دخلت في السن واجتمع لها رأي وعقل فليس للأولياء حق الضم ولها أن تنزل حيث أحبت حيث لا يتخوف عليها ، وإن كانت ثيباً مخوفاً عليها وليس لها أب ولا جد ولكن لها أخ أو عم ليس له ولاية الضم إلى نفسه بخلاف الأب والجد .

    والفرق أن الأب والجد كان لهما ولاية الضم في الابتداء فجاز أن يعيداها إلى حجرهما إذا لم تكن مأمونة أما غير الأب والجد فلم يكن له ولاية الضم في الابتداء فلا يكون له ولاية الإعادة أيضاً. وإن لم يكن لها أب ولا جد ولا عصبة أو كان لها عصبة مفسد فللقاضي أن ينظر في حالها فإن كانت مأمونة خلاها تنفرد بالسكنى سواء كانت بكراً أو ثيباً، وإلا وضعها عند امرأة أمينة ثقة تقدر على الحفظ لأنه جعل ناظراً للمسلمين .


    يتبع أجرة الحضانة




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #98
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (93) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أحكام الحضانــة إذا حصلت الفرقة(7-7)





    أجـــرة الحضــانة (1)



    يجب على الأب أو من تجب عليه النفقة ثلاثة: أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقة الولد ، ويرى جمهور الفقهاء أن نفقة الحضانة تكون في مال المحضون، فإن لم يكن له مال، فعلى الأب أو من تلزمه نفقته ؛ لأنها من أسباب الكفاية والحفظ والإنجاء من المهالك .

    وهل تشمل أجرة الحضانة النفقة بجميع أنواعها حتى المسكن أو لا مسكن لها ؟

    والجواب: أن الحاضنة إذا كان لها مسكن ويسكن الولد تبعاً لها فلا يقدر لها أجرة مسكن ، وإن لم يكن لها مسكن قُدر لها أجرة مسكن لأنها مضطرة إلى إيوائه ، وكذا إذا احتاج الصغير إلى خادم. هذا كله إذا لم يوجد متبرع ممن هو أهل للحضانة يتبرع بحضانته مجاناً (2)



    (1) انظر : الدر المختار 3/561 ، حاشية ابن عابدين 3/562 ، رد المحتار 13/36 ، تهذيب المدونة 1/420 ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 5/604 ، الفتاوى الفقهية الكبرى 4/214 ، مغني المحتاج 3/452 ، روضة الطالبين 9/98 ، الفقه الإسلامي وأدلته 10/59 ، الفقه على المذاهب الأربعة 4/297 .

    (2)موقف القانون: نصت المادة (142) على المكلف بنفقة الحضانة: «أجرة الحضانة على المكلف بنفقة الصغير، وتقدر بحسب حال المكلف بها» . ونصت المادة (44) على حالة إعسار المكلف بالنفقة وتبرع أحد المحارم بالحضانة: «إذا كان المكلف بأجرة الحضانة معسراً عاجزاً عنها وتبرع بحضانة الصغير أحد محارمه، خيرت الحاضنة بين إمساكه بلا أجرة، أو تسليمه لمن تبرع» انظر الفقه الإسلامي وأدلته 10/95 .

    بفضل الله انتهت هذه السلسلة سنبدأ المرة القادمة
    سلسلة جديدة بعنوان (أخلاق البيت السعيد)




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #99
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)





    السلسلة الثانية
    (أخلاق البيت السعيد)
    الحلقة (1)
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




    بسم الله الرحمن الرحيم

    ماهية الأخلاق



    إن المتأمل في مفهوم الأخلاق لدى الشعوب الأخرى على اختلاف ثقافاتهم يجد أن الأخلاق عندهم هي السلوك فقط.

    وهذا قصور شديد في مفهوم الأخلاق، ولهذا لا تتسامى تلك الشعوب ولا تتنامى فيها الفضائل.

    أما مفهوم الأخلاق في الإسلام فهو أوسع وأشمل، يتضح ذلك من خلال اختلاف تعبيراتنا عن الأخلاق، ومن هذه العبارات في وصف صاحب الخلق الفاضل ؛ الصادق - الرحيم - العطوف - الكريم - المخلص - المتعاون - المتواضع - المحب لإخوانه المسلمين - النصوح -... الخ.

    ولو تأملنا هذه الأخلاق لوجدنا أن بعضها يعود إلى الفكر، وبعضها يعود إلى المشاعر، وبعضها يعود إلى السلوك.

    فالذي يحمل فكراً سليماً يبطن مشاعر طيبة ويسلك سلوكاً مستقيماً، والذي يحمل فكراً سقيماً يبطن مشاعر سيئة ويسلك سلوكاً منحرفاً، قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) (1).

    ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلُحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) (2).

    قال العلامة ابن رجب رحمه الله عند شرحه للحديث: [فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه ؛ فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات وإن كان القلب فاسداً قد استولى عليه إتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب إتباع هوى القلب] (3).


    ولنتأمل هذا الحديث الشريف (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) (4) إفشاء السلام سلوك كوّن المشاعر (الحب) وهذان أثرا في زيادة الإيمان.

    وفي واقعنا نرى أن الأوضاع السلوكية تؤثر على المشاعر فالشخص المرتبك الخجول يحتاج إلى تغيير وضعه كرفع الرأس واعتدال القامة حتى يتغلب على مشاعر الارتباك والقلق، وأكثر الأشخاص العدوانيين في سلوكهم يحملون مشاعر الكره لمن يعادونهم إضافة إلى فكر الانتقام والإجرام.

    فالسلوك إذن يعبر عن الفكر والمشاعر ويظهر نتيجةً لهما.

    وبهذا نخلص إلى تعريف الأخلاق بأنها:

    هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة من غير حاجة إلى فكر وروية (5).

    شرح التعريف:

    هيئة راسخة: هي عبارة عن الفكر الذي يحمله والمشاعر التي يبطنها.

    الأفعال: ويعني السلوك.

    بيسر وسهولة: أي تلقائية.

    من غير فكر ولا روية: أي من غير إعمال العقل والتفكير في العواقب.

    فالذي يكظم غيظه ويعفو حياءً من نظر الآخرين لا يُعدّ حليماً، والذي يدفعه الحَرَج والسمعة إلى الإنفاق لا يعدّ كريماً... وهكذا.

    وبحسب هذه الأفعال والمشاعر والفكر فإن كانت حسنة كان الخلق حسناً،وإن كانت سيئة كان الخلق سيئاً.



    الهوامش:

    (1) سورة الأعراف آية 58.

    (2) أخرجه البخاري باب فضل من استبرأ لدينه ح52-1/28، ومسلم باب أخذ الحلال وترك الشبهات ح1599-3/1219.

    (3) جامع العلوم والحكم 1/210.

    (4) أخرجه مسلم باب لا يدخل الجنة إلا المؤمنون 2/35 مع شرح النووي.

    (5) التعريفات للجرجاني ص101.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #100
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)






    السلسلة الثانية
    (أخلاق البيت السعيد)
    الحلقة (2)
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




    بسم الله الرحمن الرحيم




    مكانة الأخلاق في الإسلام

    أولاً: تعليل الرسالة بتقويم الأخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) (1).

    ثانياً: سبب لزيادة الأعمار وعمارة الديار، قال عليه الصلاة والسلام (حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار)(2).

    ثالثاً: ترتب الثواب العظيم على حسن الخلق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق)(3)، وقال (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم)(4).

    رابعاً:المؤمنون يتفاضلون في الإيمان، وأفضلهم فيه أحسنهم أخلاقاً جاء في الحديث (ألا أنبئكم بخياركم أحاسنكم أخلاقاً)(5).

    خامساً: إن أحب المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلاً يوم القيامة أحاسنهم أخلاقاً، قال صلى الله عليه وسلم (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)(6)

    سادساً:إن حسن الخلق أمر لازم وشرط لا بد منه للنجاة من النار والفوز بالجنان قال الله تعالى (ويل لكل همزة لمزة)(7).

    سابعاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله حسن الخلق -وهو ذو الأخلاق الحسنة- فيقول (اللهم حسّنت خَلقي فحسن خُلُقي)(8) ويقول (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت)(9).

    ثامناً: مدح الله تعالى نبيه بحسن الخلق فقال سبحانه (وإنك لعلى خلق عظيم)(10).

    تاسعاً: كثرة الآيات والأحاديث المتعلقة بموضوع الأخلاق.



    الهوامش:


    (1) أخرجه أحمد 2/381، والبخاري في الأدب المفرد ح 273 ص104، وصححه الألباني في الصحيحة ح 45-1/75.

    (2) أخرجه أحمد 6/159 وصححه الألباني في الصحيحة ح 519 -2/34.

    (3) أخرجه أحمد 6/446، وأبو داود ك الأدب باب في حسن الخلق ح 4799-4/253، والترمذي ك البر والصلة باب ما جاء في حسن

    (4) الخلق ح 2070 -3/244 وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة ح 876 -2/562.

    (5) أخرجه أبو داود في الموضوع السابق ح4798، وصححه الألباني في الصحيحة ح 795-2/437.

    (6) أخرجه أحمد 2/467، قال الهيثمي في الزوائد 10/206: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والخرائطي في مكارم الأخلاق (22)

    (7) أخرجه أحمد 4/193، والخرائطي في مكارم الأخلاق (23) قال الهيثمي في الزوائد 8/21: رجال أحمد رجال الصحيح.

    (8) سورة الهمزة آية 1.

    (9) أخرجه أحمد 1/403، قال الهيثمي في الزوائد 10/173: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة. وأخرجه أيضاً الخرائطي في مكارم الأخلاق(9).

    (10) أخرجه مسلم ك الصلاة في حديث طويل باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل 6/58 مع شرح النووي..








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •