تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: تأمُّلات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي تأمُّلات

    تأمل هذه الحكمة البالغة - في الحر والبرد وقيام الحيوان والنبات عليهما وفكر في دخول احدهما على الاخر بالتدريح والمهلة حتى يبلغ نهايته ولو دخل عليه مفاجاة لأضر ذلك بالابدان وأهلكها وبالنبات كما لو خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة الى مكان مفرط في البرودة ولولا العناية والحكمةوالرحمة والاحسان لما كان ذلك فإن قلت هذا التدريج والمهلة إنما كان لابطاء سير الشمس في ارتفاعها وانخفاضها قيل لك فما السبب في ذلك الانخفاض والارتفاع فإن قلت السبب في ذلك بعدالمسافة من مشارقها ومغاربها قيل لك فما السبب في بعد المسافة ؟ إما مكابرة ظاهرة ودعوى ان ذلك اتفاق من غير مدبر ولا صانع وإما الاعتراف برب العالمين .-------------------------------تأمل الممسك للسموات والارض الحافظ لهما ان تزولا او تقعا او يتعطل بعض ما فيهما افترى من الممسك لذلك ومن القيم بأمره ومن المقيم له فلو تعطل بعض آلات هذا الدولاب العظيم والحديقة العظيمة من كان يصلحه وماذا كان عند الخلق كلهم من الحيلة في رده كما كان فلو امسك عنهم قيم السموات والارض الشمس فجعل عليهم الليل سرمدا من الذي كان يطلعها عليهم ويأتيهم بالنهار ولو حبسها في الافق ولم يسيرها فمن ذا الذي كان يسيرها وياتيهم بالليل ولو ان السماء والارض زالتا فمن ذا الذي كان يمسكها من بعده .--------------------------------------تأمل الحكمة في خلق النار على ما هي عليه من الكمون والظهور فانها لو كانت ظاهرة ابدا كالماء والهواء كانت تحرق العالم وتنتشر ويعظم الضرر بها والمفسدة ولو كانت كامنة لا تظهر ابدا لفاتت المصالح المترتبة على وجودها فاقتضت حكمة العزيز العليم ان جعلها مخزونة في الاجسام يخرجها ويبقيها الرجل عند حاجته اليها فيمسكها ويحبسها بمادة يجعلها فيها من الحطب ونحوه فلا يزال حابسها ما احتاج الى بقائها فإذا استغنى عنها وترك حبسها بالمادة خبت باذن ربها وفاطرها فسقطت المؤنة والمضرة ببقائها فسبحان من سخرها وانشأها على تقدير محكم عجيب اجتمع فيه الاستمتاع والانتفاع والسلامة من الضرر .-------------------------------تأمل حكمته تعالى في كونه خص النار للانسان دون غيره من الحيوانات فلا حاجة بالحيوان اليها بخلاف الانسان فإنه لو فقدها لعظم الداخل عليه في معاشه ومصالحه وغيره من الحيوانات لا يستعملها ولايتمتع بها وننبه من مصالح النار على خلة صغيرة القدر عظيمة النفع وهي هذا المصباح الذي يتخذه الناس فيقضون به من حوائجهم ما شاؤا من ليلهم ولو هذه الخلة لكان الناس نصف اعمارهم بمنزلة اصحاب القبور فمن كان يستطيع كتابة او خياطة او صناعة او تصرفا في ظلمة الليل الداجي وكيف كانت تكون حال من عرض له وجع في وقت من الليل فاحتاج الى ضياء او دواء او استخراج دم او غير ذلك .--------------------------------------تأمل ما اعطيته النار من الحركة الصاعدة بطبعها الى العلو فلولا المادة تمسكها لذهبت صاعدة كما ان الجسم الثقيل لولا الممسك يمسكه لذهب نازلا فمن اعطى هذا القوة التي يطلب بها الهبوط الى مستقره واعطى هذه القوة التي تطلب بها الصعود الى مستقرها وهل ذلك الا بتقدير العزيز العليم .--------------------------------تأمل هذا الهواء وما فيه من المصالح فإنه حياة هذه الابدان والممسك لها من داخل بما تستنشق منه ومن خارج بما تباشر به من روحه فتتغذى به ظاهرا وباطنا وفيه تطرد هذه الاصوات فتحملها وتؤديها للقريب والبعيد كالبريد والرسول الذي شأنه حمل الاخبار والرسائل وهو الحامل لهذه الروائح على اختلافها ينقلها من موضع الى موضع فتأتي العبد الرائحة من حيث تهب الريح وكذلك تأتيه الاصوات وهو ايضا الحامل للحر والبرد اللذين بهما صلاح الحيوان والنبات .---------------------------------------تأمل خلق الارض على ما هي عليه حين خلقها واقفة ساكنة لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والامتعة ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم والجلوس لراحاتهم والنوم لهدوهم والتمكن من اعمالهم ولو كان رجراجة متكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارا ولا هدوا ولا ثبت لهم عليها بناء ولا امكنهم عليها صناعة ولا تجارة ولا حراثة ولا مصلحة وكيف كانوا يتهنون بالعيش والارض ترتج من تحته واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها كيف تصيرهم الى ترك منازلهم والهرب عنها وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله " والقى في الارض رواسي ان تميد بكم "-------------------------------------تأمل الحكمة البالغة في ليونة الارض مع يبسها فانها لو افرطت في اللين كالطين لم يستقر عليها بناء ولا حيوان ولا تمكنا من الانتفاع بها ولو افرطت في اليبس كالحجر لم يمكن حرثها ولا زرعها ولا شقها وفلحها ولا حفر عيونها ولا البناء عليها فنقصت عن يبس الحجارة وزادت على ليونة الطين فجاءت بتقدير فاطرها على احسن ما جاء عليه مهاد للحيوان من الاعتدال بين اللين واليبوسة فتهيأ عليها جميع المصالح .---------------------------------تأمل الحكمة البالغة في ان جعل مهب الشمال عليها ارفع من مهب الجنوب وحكمة ذلك ان تتحدر المياه على وجه الارض فتسقيها وترويها ثم تفيض فتصب في البحر فكما ان الباني إذا رفع سطحا رفع احد جانبيه وخفض الاخر ليكون مصبا للماء ولو جعله مستويا لقام عليه الماء فافسده كذلك جعل مهب الشمال في كل بلد ارفع من مهب الجنوب ولولا ذلك لبقي الماء واقفا على وجه الارض فمنع الناس من العمل والانتفاع وقطع الطرق والمسالك واضر بالخلق افيحسن عند من له مسكة من عقل ان يقول هذا كله اتفاق من غير تدبير العزيز الحكيم الذي اتقن كل شيء .---------------------------------إذا تأملت الجبال وخلقتها العجيبة البديعة على هذا الوضع وجدتها في غاية المطابقة للحكمة فانها لو طالت واستدفت كالحائط لتعذر الصعود عليها والانتفاع بها وسترت عن الناس الشمس والهواء فلم يتمكنوا من الانتفاع بها ولو بسطت على وجه الارض لضيقت عليهم المزارع والمساكن ولملأت السهل ولما حصل لهم بها الانتفاع من التحصن والمغارات والاكنان ولما سترت عنهم الرياح ولما حجبت السيول ولو جعلت مستديرة شكل الكرة لم يتمكنوا من صعودها ولما حصل لهم بها الانتفاع التام فكان اولى الاشكال والاوضاع بها واليقها واوقعها على وفق المصلحة هذا الشكل الذي نصبت عليه -.لقد دعانا الله سبحانه في كتابه الى النظر فيها وفي كيفية خلقها فقال " أفلا ينظرون الى الابل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت " فخلقها ومنافعها من اكبر الشواهد على قدره باريها وفاطرها وعلمه وحكمته ووحدانيته هذا مع انها تسبح بحمده وتخشع له وتسجد وتشقق وتهبط من خشيته وهي التي خافت من ربها وفاطرها وخالقها على شدتها وعظم خلقها من الامانة إذ عرضها عليها واشفقت من حملها ومنها الجبل الذي كلم الله عليه موسى كليمه ونجيه ومنها الجبل الذي تجلى له ربه فساخ وتدكدك .

    ------------------------------------- تأمل ما اقتضت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر والجبال والرمل لينتفع بكل ذلك في وجهه ويحصل منه ما خلق له وكانت الارض بهذه المثابة لزم من ذلك ان صارت كالأم التي تحمل في بطنها انواع الاولاد من كل صنف ثم تخرج الى الناس والحيوان من ذلك ما اذن لها فيه ربها ان تخرجه اما بعلمهم وإما بدونه ثم يرد اليها ما خرج منها وجعلها سبحانه كفاتا فلأحياء ما داموا على ظهرها فإذا ماتوا استودعتهم في بطنها فكانت كفاتا لهم تضمهم على ظهرها احياء وفي بطنها امواتا .-----إذا كان يوم الوقت المعلوم وقد اثقل الجبال الحمل وحان وقت الولادة ودنو المخاض اوحى اليها ربها وفاطرها ان تضع حملها وتخرج اثقالها فتخرج الناس من بطنها الى ظهرها وتقول رب هذا ما استودعتني وتخرج كنوزها باذنه تعالى ثم تحدث اخبارها وتشهد على بنيها بما عملوا على ظهرها من خير وشر .--------------------------------------تأمل حكمة الله عز وجل في عزة هذين النقدين الذهب والفضة وقصور خيرة العالم عما حاولوا من صنعتهما والتشبه بخلق الله اياهما مع شدة حرصهم وبلوغ اقصى جهدهم واجتهادهم في ذلك فلم يظفروا بسوى الصنعة ولو مكنوا ان يصنعوا مثل ما خلق الله من ذلك لفسد امر العالم واستفاض الذهب والفضة في الناس حتى صار كالسعف والفخار وكانت تتعطل المصلحة التي وضعا لاجلها وكانت كثرتهما جدا سبب تعطل الانتفاع بهما فانه لا يبقى لهما قيمة ويبطل كونهما قيما لنفائس الاموال والمعاملات وارزاق المقاتلة ولم يتسخر بعض الناس لبعض إذ يصير الكل ارباب ذهب وفضة فلو اغنى خلقه كلهم لأفقرهم كلهم .-------------------------------تأمل الحكمة البديعة في تيسيره سبحانه على عباده ما هم احوج اليه وتوسيعه وبذلك بذله فكلما كانوا احوج اليه كان اكثر واوسع وكلما استغنوا عنه كان اقل وإذا توسطت الحاجة توسط وجوده فلم يكن بالعام ولا بالنادر على مراتب الحاجات وتفاوتها فاعتبر هذا بالاصول الاربعة التراب والماء والهواء والنار وتأمل سعة ما خلق الله منها وكثرته فتأمل سعة الهواء وعمومه ووجوده بكل مكان لأن الحيوان مخلوق في البر لايمكنه الحياة إلا به فهو معه أينما كان وحيث كان لانه لا يستغنى عنه لحظه واحدة ولولا كثرته وسعته وامتداده في اقطار العالم لاختنق العالم من الدخان والبخار المتصاعد المنعقد .[ مفتاح دار السعادة - بن القيم رحمه الله] فسل الجاحد من الذي دبر هذا التدبير وقدر هذا التقدير

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل حكمة ربك في سعة الارض وامتدادها ولولا ذلك لضاقت عن مساكن الانس والحيوان وعن مزارعهم ومراعيهم ومنابت ثمارهم واعشابهم فان قلت فما حكمة هذه القفار الخالية والفلوات الفارغة الموحشة فاعلم ان فيها معايش مالا يحصيه الا الله من الوحوش والدواب وعليها ارزاقهم وفيها مطردهم ومنزلهم كالمدن والمساكن للانس وفيها مجالهم ومرعاهم ومصيفهم ومشتهاهم ثم فيها بعد متسع ومتنفس للناس ومضطرب إذا احتاجوا الى الانتقال والبدو والاستبدال بالاوطان فكم من بيداء سملق صارت قصورا وجنانا ومساكن ولولا سعة الارض وفسحها لكان اهلها كالمحصورين والمحبوسين في أماكنهم.------------------------------------تأمل حكمة ربك في الماء لولا كثرته وتدفقه في الاودية والانهار لضاق عن حاجة الناس اليه ولغلب القوى الضعيف واستبد به دونه فيحصل الضرر وتعظم البلية مع شدة حاجة جميع الحيوان اليه من الطير والوحوش والسباع فاقتضت الحكمة ان كان بهذه الكثرة والسعة في كل وقت وأما النار فقد تقدم ان الحكمة اقتضت كموتها متى شاء العبد اوراها عند الحاجة فهي وان لم تكن مبثوثة في كل مكان فانها عتيدة حاصلة متى احتيج اليها واسعة لكل ما يحتاج اليه منها غير انها مودعة في أجسام جعلت معادن لها للحكمة التي تقدمت لا يجدون عنها انتقالا إذا فدحهم ما يزعجهم عنها ويضطرهم الى النقلة .------------------------------------تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الارض من علو ليعم بسقيه وهادها وتلولها وظرابها وآكامها ومنخفضها ومرتفعها ولو كان ربها تعالى إنما يسقيها من ناحية من نواحيها لما اتى الماء على الناحية المرتفعة إلا إذا اجتمع في السفلى وكثر وفي ذلك فساد فاقتضت حكمته ان سقاها من فوقها فينشيء سبحانه السحاب وهي روايا الارض ثم يرسل الرياح فتحمل الماء من البحر وتلقحها به كما يلقح الفحل الانثى ولهذا تجد البلاد القريبة من البحر كثيرة الامطار وإذا بعدت من البحر قل مطرها .---------------------------------تأمل الحكمة الالهية في اخراج الاقوات والثمار والحبوب والفواكه متلاحقة شيئا بعد شيء متتابعة ولم يخلقها كلها جملة واحدة فانها لو خلقت كذلك على وجه الارض ولم تكن تنبت على هذه السوق والاغصان لدخل الخلل وفاتت المصالح التي رتبت على تلاحقها وتتابعها فإن كل فصل واوان يقتضى من الفواكه والنبات غير ما يتقضيه الفصل الاخر فهذا حار وهذا بارد وهذا معتدل وكل في فصله موافق للمصلحة لا يليق به غير ما خلق فيه .-----------------------------
    تأمل إذا نصبت خيمة او فسطاطا كيف تمده من كل جانب بالاطناب ليثبت فلا يسقط ولا يتعوج هكذا تجد النبات والشجر له عروق ممتدة في الارض منتشرة الى كل جانب لتمسكه وتقيمه وكلما انتشرت أعاليه امتدت عروقه واطنابه من اسفل في الجهات ولولا ذلك كيف كانت تثبت هذه النخيل الطوال الباسقات والدوح العظام على الرياح العواصف وتأمل سبق الخلق الالهية للصناعة البشرية حتى يعلم الناس نصب الخيم والفساطيط من خلقه للشجر والنبات لان عروقها اطناب لها كأطناب الخيمة واغصان الشجر يتخذ منها الفساطيط ثم يحاكى بها الشجرة .


    -------------------------تأمل الحكمة في خلق الورق فإنك ترى في الورقة الواحدة من جملة العروق الممتدة فيها المبثوثة فيها ما يبهر الناظر فمنها غلاظ ممتدة في الطول والعرض ومنها دقاق تتخلل تلك الغلاظ منسوجة نسجا دقيقا معجبا لو كان مما يتولى البشر صنع مثله بأيديهم لما فرغوا من ورقة في عام كامل ولاحتاجوا فيه الى آلات وحركات وعلاج تعجز قدرتهم عن تحصيله فبث الخلاق العليم في أيام قلائل من ذلك ما يملأ الارض سهلها وجبالها بلا آلات ولا معين ولا معالجة ان هي إلا ارادته النافذة في كل شيء وقدرته التي لا يمتنع منها شيء إنما امره إذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون .----------------------------------تأمل حكمته سبحانه في إبداع العجم والنوى في جوف الثمرة وما في ذلك من الحكم والفوائد التي منها انه كالعظم لبدن الحيوان فهو يمسك بصلابته رخاوة الثمرة ورقتها ولطافتها ولولا ذلك لشدخت وتفسخت ولأسرع اليها الفساد فهو بمنزلة العظم والثمرة بمنزلة اللحم الذي يكسوه الله عز وجل العظام .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل حكمته سبحانه فى خلقه الرمان وماذا فيه من الحكم والعجائب فإنك ترى داخل الرمانة كأمثال القلال شحما متراكما في نواحيها وترى ذلك الحب فيها مرصوفا رصفا ومنضودا نضدا لاتمكن الايدي ان تنضده وترى الحب مقسوما اقساما وفرقا وكل قسم وفرقة منه ملفوفا بلفائف وحجب منسوجة اعجب نسج والطفه وأدقه على غير منوال الا منوال ^ كن فيكون ^ ثم ترى الوعاء المحكم الصلب قد اشتمل على ذلككله وضمه احسن ضم فتأمل هذه الحكمة البديعة في الشحم المودع فيها فإن الحب لا يمد بعضه بعضا إذ لو مد بعضه بعضا لاختلط وصار حبة واحدة فجعل ذلك الشحم خلاله ليمده بالغذاء .----------------------------------تأمل هذا الريع والنماء الذي وضعه الله في الزرع حتى صارت الحبة الواحدة ربما انبتت سبعمائة حبة ولو انبتت الحبة حبة واحدة مثلها لا يكون في الغلة متسع لما يرد في الارض من الحب وما يكفي الناس ويقوت الزارع الى إدراك زرعه فصار الزرع بريع هذا الريع ليفي بما يحتاج اليه للقوت والزراعة وكذلك ثمار الاشجار والنخيل وكذلك ما يخرج مع الاصل الواحد منها من الصنوان ليكون لما يقطعه الناس ويستعلمونه في مآربهم خلفا فلاتبطل المادة عليهم ولا تنقص .-----------------------------------تأمل الحكمة في الحبوب كالبر والشعير ونحوهما كيف يخرج الحب مدرجا في قشور على رؤسها امثال الاسنة فلا يتمكن جند الطير من افسادها والعبث فيها فإنه لو صادف الحب بارزا لا صوان عليه ولا وقاية تحول دونه لتمكن منه كل التمكن فأفسدوا عاب وعاث وأكب عليه أكلا ما استطاع وعجز ارباب الزرع عن رده فجعل اللطيف الخبير عليه هذه الوقايات لتصونه فينال الطير منه مقدار قوته ويبقى اكثره للانسان فإنه اولى به لانه هو الذي كدح فيه وشقى به وكان الذي يحتاج اليه اضعاف حاجة الطير .قال تعالى "واذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون " -- فذكر آلائه تبارك وتعالى ونعمه على عبده سبب الفلاح والسعادة لان ذلك لا يزيده الا محبة لله وحمدا وشكرا وطاعة وشهود تقصيره بل تفريطه في القليل مما يجب لله عليه .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل كيف اقتضت الحكمة الالهية موافات اصناف الفواكه والثمار للناس بحسب الوقت المشاكل لها المقتضى لها فتوافيهم كموافاة الماء للظمآن فتتلقاها الطبيعة بانشراح واشتياق منتظرة لقدومها كانتظار الغائب للغائب فلو كان نبات الصيف انما يوافي في الشتاء لصادف من الناس كراهية واستثقالا بوروده مع ما كان فيه من المضرة للابدان والاذى لها وكذلك لو وافى ما في ربيعها في الخريف او ما في خريفها في الربيع لم يقع من النفوس ذلك الموقع ولا استطابته واستلذته ذلك الالتذاذ ولهذا تجد المتأخر منها عن وقته مملولا محلول الطعم .------------------------------------تأمل هذه النخلة التي هي احدى آيات الله تجد فيها من الايات والعجائب ما يبهرك فإنه لما قدر ان يكون فيه اناث تحتاج الى اللقاح جعلت فيها ذكور تلقحها بمنزلة الحيوان واناثه ولذلك اشتد شبهها من بين سائر الاشجار بالانسان خصوصا بالمؤمن كما مثله النبي وذلك من وجوه كثيرة احدها ثبات اصلها في الارض واستقراره فيها وليست بمنزلة الشجرة التي اجتثت من فوق الارض مالها من قرار الثاني طيب ثمرتها وحلاوتها وعموم المنفعة بها كذلك المؤمن طيب الكلام طيب العمل فيه المنفعة لنفسه ولغيره الثالث دوام لباسها وزينتها فلا يسقط عنها صيفا ولا شتاء كذلك المؤمن لا يزول عنه لباس التقوى وزينتها حتى يوافي ربه تعالى ---------------------------تأمل لعلك تقول ما حكمة هذا النبات المبثوث في الصحارى والقفار والجبال التي لا انيس بها ولا ساكن وتظن انه فضلة لا حاجة اليه ولا فائدة في خلقه وهذامقدار عقلك ونهاية علمك فكم لباريه وخالقه فيه من حكمة وآية من طعم أوحش وطير ودواب مساكنها حيث لاتراها تحت الارض وفوقها فذلك بمنزلة مائدة نصبها الله لهذه الطيور والدواب تتناول منها كفايتها ويبقى الباقي كما يبقى الرزق الواسع الفاضل عن الضيف لسعة رب الطعام وغناه التام وكثرة إنعامه--------------------------- تأمل الحكمة البالغة في اعطائه سبحانه بهيمة الانعام الاسماع والابصار ليتم تناولها لمصالحها ويكمل انتفاع الانسان بها إذ لو كانت عمياء او صماء لم يتمكن من الانتفاع بها ثم سلبها العقول على كبر خلقها التي للانسان ليتم تسخيره اياها فيقودها ويصرفها حيث شاء ولو اعطيت العقول على كبر خلقها لامتنعت من طاعته واستعصت عليه ولم تكن مسخرة له فأعطيت من التمييز والادراك ما تتم به مصلحتها ومصلحة من ذلك له وسلبت من الذهن والعقل ما ميز به عليها الانسان وليظهر ايضا فضيلة التمييز والاختصاص .--
    تأمل كيف قادها وذللها على كبر اجسامها ولم يكن يطيقها لولا تسخيره قال الله تعالى " وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " أي مطيقين ضابطين وقال تعالى " او لم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون "فترى البعير على عظم خلقته يقوده الصبي الصغير ذليلا منقادا ولو ارسل عليه لسواه بالارض ولفصله عضوا عضوا -----فسل المعطل من الذي ذلَلَه وسخره وقاده على قوته لبشر ضعيف من اضعف المخلوقات .






  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل الحكمة في خلق الات البطش في الحيوانات من الانسان وغيره فالانسان لما خلق مهيئا لمثل هذه الصناعات من البناء والخياطة والكتابة وغيرها خلق له كف مستدير منبسط واصابع يتمكن بها من القبض والبسط والطي والنشر والجمع والتفريق وضم الشيء الى مثله والحيوان البهيم لما لم يتهيأ لتلك الصنائع لم يخلق له تلك الاكف والاصابع بل لما قدر ان يكون غذاء بعضها من صيده كالسباع خلق له اكف لطافه مدمجة ذوات براثن ومخالب تصلح لاقتتاص الصيد ولا تصلح للصناعات هذا كله في أكلة اللحم من الحيوان .------------------------------تأمل ذوات الاربع من الحيوان كيف تراها تتبع امهاتها مستقلة بأنفسها فلاتحتاج الى الحمل والتربية كما يحتاج اليه اولاد الانس فمن اجل انه ليس عند امهاتها ما عند امهات البشر من التربية والملاطفة والرفق والالات المتصلة والمنفصلة اعطاها اللطيف الخبير النهوض والاستقلال بانفسها على قرب العهد بالولادة ولذلك ترى افراخ كثير من الطير كالدجاج والدراج والفتخ يدرج ويلقط حين يخرج من البيضة وما كان منها ضعيف النهوض كفراخ الحمام واليمام اعطى سبحانه امهاتها من فضله العطف والشفقة والحنان ما تمج به الطعم في أفواه الفراخ من حواصلها فتخبأه في اعز مكان فيها ثم تسوقه من فيها الى افواه الفراخ .-------------------------------------تأمل الحكمة البالغة في قوائم الحيوان كيف اقتضت ان يكون زوجا لا فردا اما اثنتين وإما اربعا ليتهيأ له المشي والسعي وتتم بذلك مصلحته إذ لو كانت فردا لم يصلح لذلك لان الماشي ينتقل ببعض قوائمه ويعتمد على بعض فذو القائمتين ينقل واحدة ويعتمد على الاخرى وذو الاربع ينقل اثنتين ويعتمد على اثنتين وذلك من خلاف لأنه لو كان ينقل قائمتين من جانب ويعتمد على قائمتين من الجانب الاخر لم يثبت على الارض حال نقله قوائمه ولكان مشيه نقرا كنقر الطائر وذلك مما يؤذيه ويتبعه لنقل بدنه بخلاف الطائر ولهذا إذا مشى الانسان كذلك قليلا اجهده وشق عليه بخلاف مشية الطبيعي .-----------------------------------تأمل الحكمة الباهرة في وجه الدابة كيف هو فانك ترى العينين فيه شاخصتين امامها لتبصر ما بين يديها اتم من بصر غيرها لانها تحرس نفسها وراكبها فتتقى ان تصدم حائطا او تتردى في حفرة فجعلت عيناها كعيني المنتصب القامة لانها طليعة وجعل فوها مشقوقا في اسفل الخطم لتتمكن من العض والقبض على العلف إذ لو كان فوقها في مقدم الخطم كما انه من الانسان في مقدم الذقن لما استطاعت ان تتناول به شيئا من الارض الا ترى الانسان لا تناول الطعام بفيه لكن بيده فلما لم تكن الدابة تتناول طعامها بيدها جعل خطمها مشقوقا من أسفله لتضعه على العلف ثم تقضمه واعينت بالجحفلة وهي لها كالشفة للانسان .---------------------------------تأمل هذه النملة الضعيفة وما اعطيته من الفطنة او لحيلة في جمع القوت وادخاره وحفظه ودفع الافة عنه فإنك ترى في ذلك عبرا وآيات فترى جماعة النمل إذا أرادت إحراز القوت خرجت من اسرابها طالبة له فإذا ظفرت به اخذت طريقا من اسرابها اليه وشرعت في نقله فتراها رفقتين رفقة حاملة تحمله الى بيوتها سربا ذاهبا ورفقة خارجة من بيوتها اليه لاتخالط تلك في طريقها بل هما كالخيطين بمنزلة جماعة الناس الذاهبين في طريق والجماعة الراجعين من جانبهم فإذا ثقل عليها حمل الشيء من تلك اجتمعت عليه جماعة من النمل وتساعدت على حمله .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل خلقة البيضة وما فيها من المخ الاصفر الخاثر والماء الابيض الرقيق فبعضه ينشأ منه الفرخ وبعضه يغتذى منه إلى ان يخرج من البيضة وما في ذلك من الحكمة فإنه لما كان نشو الفرخ في تلك البشرة المنخفضة التي لا نفاذ فيها للواصل من خارج جعل معه في جوف البيضة من الغذاء ما يكتفي به الى خروجه-------------------------------------تأمل الحكمة في حوصلة الطائر وما قدرت له فإن في مسلك الطعام الى القابضة ضيق لا ينفذ فيه الطعام إلا قليلا فلو كان الطائر لا يلتقط حبة ثانية حتى تصل الاولى الى جوفه لطال ذلك عليه فمتى كان يستوفي طعامه وإنما يختلسه اختلاسا لشدة الحذر فجعلت له الحوصلة كالمخلاة المعلقة امامه ليوعى فيها ما ازدرد من الطعم بسرعة ثم ينقل الى القابضة على مهل وفي الحوصلة ايضا خصلة اخرى فإن من الطير ما يحتاج الى ان يزق فراخه فيكون رده الطعم من قرب ليسهل عليه .-----------------------تأمل هذه الالوان والاصباغ والوشى التي تراها في كثير من الطير كالطاووس والدراج وغيرهما التي لو خطت بدقيق الاقلام ووشيت بالايدي لم يكن هذا فمن اين في الطبيعة المجردة هذا التشكيل والتخطيط والتلوين والصبغ العجيب البسيط والمركب الذي لو اجتمعت الخليقة على ان يحاكوه لتعذر عليهم فتأمل ريش الطاووس كيف هو فإنك تراه كنسج الثوب الرفيع من خيوط رفاع جدا قد ألف بعضها الى بعض كتأليف الخيط الى الخيط بل الشعرة الى الشعرة .--------------------------------تأمل هذه العصافير كيف تطلب اكلها بالنهار كله فلا هي تفقده ولا هي تجده مجموعا معدا بل تناله بالحركة والطلب في الجهات والنواحي فسبحان الذي قدره ويسره كيف لم يجعله ممايتعذر عليها إذا التمسته ويفوتها إذا قعدت عنه وجعلها قادرة عليه في كل حين واوان بكل ارض ومكان حتى من الجدران والاسطحة والسقوف تناوله بالهوينا من السعي فلا يشاركها فيه غير بني جنسها من الطير ولو كان ماتقتات به يوجد معدا مجموعا كله كانت الطير تشاركها فيه وتغلبها عليه وكذلك لو وجدته معدا مجموعا لاكبت عليه بحرص ورغبة فلا تقلع عنه وإن شبعت حتى تبشم وتهلك .-------------------تأمل احوال النحل وما فيها من العبر والايات فانظر اليها والى اجتهادها في صنعة العسل وبنائها البيوت المسدسة التي هي من اتم الاشكال واحسنها استدارة واحكمها صنعا فإذا انضم بعضها الى بعض لم يكن بينها فرجة ولا خلل كل هذا بغير مقياس ولا آله ولا بيكار وتلك من اثر صنع الله وإلهامه إياها وايحائه اليها كما قال تعالى " واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا " الى قوله " لايات لقوم يتفكرون " فتأمل كمال طاعتها وحسن ائتمارها لأمر ربها اتخذت بيوتها في هذه الامكنة الثلاثة في الجبال الشقفان وفي الشجر وفي بيوت الناس حيث يعرشون أي بيبنون العروش وهي البيوت .--------------------تأمل العبرة في السمك وكيفية خلقته وأنه خلق غير ذي قوائم لانه لا يحتاج الى المشي إذ كان مسكنه الماء ولم يخلق له رئة لان منفعة الرئة التنفس والسمك لم يحتج اليه لانه ينغمس في الماء وخلقت له عوض القوائم اجنحة شدادي يقذف بها من جانبيه كما يقذف صاحب المركب بالمقاذيف من جانبي السفينة وكسى لجده قسورا متداخلة كتداخل الجوشن ليقيه من الافات واعين بقوة الشم لان بصره ضعيف والماء يحجبه فصار يشم الطعام من بعد فيقصده .-----------------تأمل-إن الماء للحيوان البحري كالهواء للحيوان البري فهما بحران احدهما الطف من الاخر بحر هواء يسبح فيه حيوان البر وبحر ماء يسبح فيه حيوان البحر فلو فارق كل من الصنفين بحره الى البحر الاخر مات فكما يختنق الحيوان البري في الماء يختق الحيوان البحري في الهواء - فسبحان من لايحصى العادون آياته [سبحان الله]- ولا يحيطون بتفصيل آية منها على الانفراد بل ان علموا فيها وجها جهلوا منها اوجها .-------------------------تأمل حكمة الله عز وجل في حبس الغيث عن عباده وابتلائهم بالقحط إذا منعو الزكاة وحرموا المساكين كيف جوزوا على منع ما للمساكين قبلهم من القوت بمنع الله مادة القوت والرزق وحبسها عنهم فقال لهم بلسان الحال منعتم الحق فمنعتم الغيث فهلا استنزلتموه ببذل ما لله قبلكم .---------------------تأمل حكمة اللطيف الخبير في تركيب البدن ووضع هذه الاعضاء مواضعها منه واعدادها لما اعدت له وإعداد هذه الاوعية المعدة لحمل الفضلات وجمعها لكيلا تنتشر في البدن فتفسده .---------------تأمل الحكمة البالغة في تنميتك وكثرة اجزائك من غير تفكيك ولا تفصيل ولو ان صائغا اخذ تمثالا من ذهب او فضة او نحاس فأراد ان يجعله اكبر مما هو هل كان يمكنه ذلك الا بعد ان يكسره ويصوغه صياغة اخرى والرب تعالى ينمي جسم الطفل واعضاءه الظاهرة والباطنة وجميع اجزائه وهو باق ثابت على شكله وهيئته لا يتزايل ولا ينفك ولا ينقص وأعجب من هذا كله تصويره في الرحم حيث لاتراه العيون ولا تلمسه الايدي ولا تصل اليه الالات فيخرج بشرا سويا مستوفيا لكل ما فيه مصلحته وقوامه . ------------------ تأمل وانظر في نفسك وحكمة الخلاق العليم في خلقك وانظر الى الحواس التي منها تشرف على الاشياء كيف جعلها الله في الراس كالمصابيح فوق المنارة لتتمكن بها من مطالعة الاشياء ولم تجعل في الاعضاء التي تمتهن كاليدين والرجلين فتتعرض للافات بمباشرة الاعمال والحركات ولاجعلها في الاعضاء التي في وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر عليك التلفت والاطلاع على الاشياء فلما لم يكن لها في شيء من هذه الاعضاء موضع كان الراس اليق المواضع بها وأجملها فالراس صومعة الحواس .---تأمل الحكمة في ان جعل الحواس خمسا في مقابلة المحسوسات الخمس ليلقى خمسا بخمس كي لا يبقى شيء من المحسوسات لا يناله بحاسة فجعل البصر في مقابلة المبصرات والسمع في مقابلة الاصوات والشم في مقابلة أنواع الروائح المختلفات والذوق في مقابلة الكيفيات المذوقات واللمس في مقابلة الملموسات .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    تأمل حكمة الله تعالى في صرفه الهدى والايمان عن قلوب الذين يصرفون الناس عنه فصدهم عنه كما صدوا عباده صدا بصد ومنعا بمنع وتأمل حكمته تعالى في محق اموال المرابين وتسليط المتلفات عليها كما فعلوا باموال الناس ومحقوها عليهم واتلفوها بالربا جوزوا اتلافا باتلاف فقل ان ترى مرابيا إلا وآخرته الى محق وقلة وحاجة .---------------------------تأمل حكمته تعالى في تسليط العدو على العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه كيف يسلط عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء وهذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنيا الى ان تطوى الارض ويعيدها كما بدأها --------------------------------------تأمل حكمته تعالى في ان جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس اعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم فإن استقاموا استقامت ملوكهم وإن عدلوا عدلت عليهم وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق ونحلوا بها عليهم وإن اخذوا ممن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم اخذت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف وكلما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة فعمالهم ظهرت في صور اعمالهم .------------------------
    تأمل حكمته تبارك وتعالى في عقوبات الامم الخالية وتنويعها عليهم بحسب تنوع جرائمهم كما قال تعالى " وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم " إلى قوله " يظلمون " وتأمل حكمته تعالى في مسخ من مسخ من الامم في صور مختلفة مناسبة لتلك الجرائم فإنها لما مسخت قلوبهم وصارت على قلوب تلك الحيوانات وطباعها اقتضت الحكمة البالغة ان جعلت صورهم على صورها لتتم المناسبة ويكمل الشبه وهذا غاية الحكمة واعتبر هذا بمن مسخوا قردة وخنازير كيف غلبت عليهم صفات هذه الحيواات واخلاقها وأعمالها .------------------------------------
    تأمل حكمته تبارك وتعالى في إرسال الرسل في الامم واحدا بعد واحد كلما مات واحد خلفه آخر لحاجتها الى تتابع الرسل والانبياء لضعف عقولها وعدم اكتفائها بآثار شريعة الرسول السابق - فلما انتهت النبوة الى محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه-ارسله الى اكمل الامم عقولا ومعارف واصحها اذهانا واغزرها علوما - وبعثه باكمل شريعة ظهرت في الارض منذ قامت الدنيا الى حين مبعثه -فأغنى الله لامة بكمال رسولها وكمال شريعته وكمال عقولها وصحة اذهانها عن رسول يأتي بعده - اقام له من امته - ورثة - يحفظون شريعته ووكلهم بها حتى يؤدوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم .[ مفتاح دار السعادة- بن القيم]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    علم الفلاسفة الغواة طبيعة ... ومعاد أرواح بلا أبدان وإذا طلبت طبائعا مستسلما ... فاطلب شواظ النار في الغدران

    لولا الطبيعة عندهم وفعالها ... لم يمش فوق الأرض من حيوان

    بل كان ذلك حكمة الله الذي ... بقضائه متصرف الأزمان

    أأحاط بالأرض المحيطة علمهم ... أم بالجبال الشمخ الأكنان أم فجروا أنهارها وعيونها ... ماء به يروى صدى العطشان

    أم أخرجوا أثمارها ونباتها ... والنخل ذات الطلع والقنوان

    أم هل لهم علم بعد ثمارها ... أم باختلاف الطعم والألوان

    الله أحكم خلق ذلك كله ... صنعا وأتقن أيما إتقان

    قل للطبيب الفيلسوف بزعمه ... إن الطبيعة علمها برهان

    أين الطبيعة عند كونك نطفة ... في البطن إذ مشجت به الماآن

    أين الطبيعة حين عدت عليقة ... في أربعين وأربعين تواني

    أين الطبيعة عند كونك مضغة ... في أربعين وقد مضى العددان

    أترى الطبيعة صورتك مصورا ... بمسامع ونواظر وبنان

    أترى الطبيعة أخرجتك منكسا ... من بطن أمك واهي الأركان

    أم فجرت لك باللبان ثديها ... فرضعتها حتى مضى الحولان

    أم صيرت في والديك محبة ... فهما بما يرضيك مغتبطان

    يا فيلسوف لقد شغلت عن الهدى ... بالمنطق الرومي واليوناني

    وشريعة الإسلام أفضل شرعة ... دين النبي الصادق العدنان

    هو دين رب العالمين وشرعه ... وهو القديم وسيد الأديان

    هو دين آدم والملائك قبله ... هو دين نوح صاحب الطوفان

    وله دعا هود النبي وصالح ... وهما لدين الله معتقدان

    وبه أتى لوط وصاحب مدين ... فكلاهما في الدين مجتهدان

    هو دين إبراهيم وابنيه معا ... وبه نجا من نفحة النيران

    وبه حمى الله الذبيح من البلا ... لما فداه بأعظم القربان

    هو دين يعقوب النبي ويونس ... وكلاهما في الله مبتليان

    هو دين داود الخليفة وابنه ... وبه أذل له ملوك الجان

    هو دين يحيى مع أبيه وأمه ... نعم الصبي وحبذا الشيخان

    وله دعا عيسى بن مريم قومه ... لم يدعهم لعبادة الصلبان

    والله أنطقه صبيا بالهدى ... في المهد ثم سما على الصبيان

    وكمال دين الله شرع محمد ... صلى عليه منزل القرآن

    الطيب الزاكي الذي لم يجتمع ... يوما على زلل له ابوان

    الطاهر النسوان والولد الذي ... من ظهره الزهراء والحسنان

    وأولو النبوة والهدى ما منهم ... أحد يهودي ولا نصراني

    بل مسلمون ومؤمنون بربهم ... حنفاء في الإسرار والإعلان

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    لله فـي الآفـاق آيــات لــعـ***ـل أقلها هـو مـا إليـه هداكـا

    ولعل ما في النفـس مـن آياتـه***عجب عجاب لـو تـرى عيناكـا

    والكـون مشحـون بأسـرار إذا*** حاولـت تفسيـراً لهـا أعياكـا

    قل للطبيب تخطفتـه يـد الـردى*** يا واصف الطب مـن أرداكـا

    قل للمريض نجا وعوفي بعد مـا*** عجزت فنون الطب مـن عافاكـا

    قل للبصير وكان يحفـر حفـرة*** فهوى بها مـن ذا الـذي أهواكـا

    بل سائل الأعمى خطا بين الزحام*** بلا اصطدام مـن يقـود خطاكـا

    قل للجنين يعيـش معـزولا بـلا*** راع ومرعى. ما الـذي يرعاكـا

    قل للوليد بكـى وأجهـش بالبكـا*** لدى الولادة. مـا الـذي أبكاكـا

    وإذا ترى الثعبـان ينفـث سمـه*** فاسأله مـن ذا بالسمـوم حشاكـا

    واسأله كيف تعيـش ياثعبـان أو*** تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا

    واسأل بطون النحل كيف تقاطرت*** شهدا وقـل للشهـد مـن حلاكـا

    بل سائل اللبن المصفى كان بـيـ*** ـن دم وفرث ما الـذي صفاكـا

    قل للهواء تحسه الأيـدى ويخفـى*** عن عيون النـاس مـن أخفاكـا

    قل للنبـات يجـف بعـد تعهـد*** ورعاية. مـن بالجفـاف رماكـا

    وإذا رأيت النبت في الصحراء ير*** بو وحـده فاسألـه مـن أرباكـا

    وإذا رأيت البدر يسـرى ناشـراً*** أنـواره فاسألـه: مـن أسراكـا

    واسأل شعاع الشمس يدنو وهـي*** أبعد كل شيء مـا الـذي أدناكـا

    قل للمرير من الثمار مـن الـذي*** بالمر مـن دون الثمـار غذاكـا

    وإذا رأيت النخل مشقوق النـوى*** فاسأله: من يا نخل شـق نواكـا

    وإذا رأيت النـار شـب لهيبهـا*** فاسأل لهيب النار. مـن أوراكـا

    وإذا ترى الجبل الأشـم مناطحـاً*** قمم السحاب. فسله مـن أرساكـا

    وإذا ترى صخرا تفجـر بالميـاه*** فسله: من بالمـاء شـق صفاكـا

    وإذا رأيت النهر بالعـذب الـزلا*** ل جرى. فسله: من الذي أجراكـا

    وإذا رأيت الليـل يغشـى داجيـا*** فاسأله: من ياليـل حـاك دجاكـا

    وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحكـا*** فاسأله: من يا صبح صاغ ضحاكا

    هذى عجائب طالما أخـذت بهـا*** عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا

    والله خالق كل ذاك بحكمة*** إن لم تكـن لتـراه فهـو يراكـا
    --[
    بتصرف يسير عالجت فيها اخطاء صاحب الابيات]


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2017
    المشاركات
    34

    افتراضي

    بيض الله وجهك
    وبارك الله فيك وثبتنا الله واياك على ما يحب ويرضى انه ولي ذلك والقادر عليه

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    8,004

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوظافر حسين مشاهدة المشاركة
    بيض الله وجهك
    وبارك الله فيك وثبتنا الله وايك على ما يحب ويرضى انه ولي ذلك والقادر عليه
    بارك الله فيك اخى الكريم ابوظافر حسين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •