تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 46

الموضوع: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    وعليك السلام ورحمة الله.
    وفقك الله.

    إن كان في جعبتك اعتراضات علمية تنقض ما في هذا الموضوع، فأتحفنا بها نستفد، أما مجرد حكاية أنك مقلد لبعض الأئمة من المتأخرين، فليس ذلك بشيء.

    وأنا لم أقتصر في هذه الأمثلة على إعلالات المتقدمين وأقوالهم، بل في ثناياها كلام لبعض أجلة الأئمة المتأخرين ممن سار على نهج المتقدمين وسلك مسلكهم وطرق طريقتهم، ولم يتأثر بما أدخله الفقهاء والأصوليون في علوم الحديث ومناهج النقد - كما تأثر كثير من المتأخرين -.

    والأمثلة واضحة غاية، لا تحتاج إلى كثير تأمل لفهم طريقة الأئمة في إعلال زيادات الثقات، ولبيان بطلان اشتراط المنافاة، وأنه لم يكن يخطر للأئمة ببال.

    ولم آتِ ببدعٍ من القول في استنتاجي من هذه الأمثلة، فقد سبقني إليها بعض علماء الحديث المتأخرين والمعاصرين، وسآتي إلى شيء من ذلك - بعون الله -.

    والله الموفق.

    المثـال التاسع:
    أخرج أبو داود الطيالسي (ص163، 177) - ومن طريقه البيهقي (4/239) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3357) - وأحمد (4/18، 215) والنسائي في الكبرى (3315، 6710) وابن قانع في معجم الصحابة (1/285) والطبراني في الكبير (6197) وابن عدي في الكامل (5/235) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3356) من طريق شعبة،
    وعبد الرزاق (7587) - ومن طريقه الطبراني في الكبير (6193) - وابن أبي شيبة (9797) وأحمد (4/17) والترمذي (695) من طريق سفيان الثوري،
    وابن أبي شيبة (9796) - وعنه ابن ماجه (1699) - وابن خزيمة (2067) من طريق محمد بن فضيل،
    وأحمد (4/18، 214) والترمذي (695) من طريق أبي معاوية،
    والدارمي (1701) من طريق ثابت بن يزيد،
    وأبو داود (2355) والحاكم (1575) والبيهقي (4/238) من طريق عبد الواحد بن زياد،
    والفريابي في الصيام (67) من طريق مروان بن معاوية الفزاري،
    والنسائي في الكبرى (3319) والطبري في المنتخب من ذيل المذيل (ص66) ابن خزيمة (2067) والطبراني في الكبير (6196) من طريق حماد بن زيد،
    والنسائي في الكبرى (3325، 6709) من طريق هشام بن حسان،
    وابن ماجه (1699) من طريق عبد الرحيم بن سليمان،
    والبغوي في الجعديات (2153) من طريق شريك،
    والطبراني في الكبير (6195) والبيهقي في فضائل الأوقات (141) من طريق عبد العزيز بن المختار،
    والبيهقي في معرفة السنن والآثار (6/288) من طريق حفص بن غياث،

    وأخرج الشافعي في رواية حرملة - كما في معرفة السنن للبيهقي (6/287) -، والحميدي (823) - ومن طريقه الطبراني في الكبير (6194) -، وأحمد (4/17، 214)، والترمذي (658، 695) - ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1684) - والفريابي في الصيام (65) والنسائي في الكبرى (3320، 6707) عن قتيبة، والفريابي في الصيام (66) عن أبي قدامة، وابن خزيمة (2067) عن عبد الجبار بن العلاء، والبغوي في الجعديات (2153) - ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1743) - والبيهقي في معرفة السنن والآثار (6/288) من طريق علي بن الجعد، سبعتهم عن سفيان بن عيينة،

    كلهم - أربعة عشر راويًا - عن عاصم الأحول، عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب، عن سلمان بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور"، هذا لفظ الثوري، وقد قصّر شعبة في أكثر الروايات عنه بذكر الرباب، وذكرها عنه أبو داود الطيالسي.

    إلا أن سفيان بن عيينة زاد في روايته، قال: "فليفطر على تمر؛ فإنه بركة"، ذكرها كل الرواة عنه عدا أحمد بن حنبل وعلي بن الجعد - على احتمال في رواية الأخير -.

    قال النسائي عقب رواية سفيان: "هذا الحرف: ( فإنه بركة ) لا نعلم أن أحدًا ذكره غير ابن عيينة، ولا أحسبه محفوظًا".

    حال الزيادة:
    قوله: ( فإنه بركة ) ليس بمنافٍ للحديث - كما هو ظاهر -، بل هو زيادة تعليلية في التمر.

    النتيجة:
    بيّن النسائي أن سفيان بن عيينة - وهو الحافظ الإمام - تفرد بهذه الزيادة، وأشار إلى أنها غير محفوظة، مع أنها لا تنافي الحديث.
    وهذا دليلٌ على أنه لا يشترط لرد زيادة الثقة: منافاتها لمعنى أصل الحديث، ولو كان يشترط ذلك؛ ما ردّ هذه الزيادة مع أنها مجرد تعليل للأمر بالإفطار على التمر، ولَقَال: سفيان بن عيينة حافظ إمام، وهذه الزيادة غير منافية؛ فهي مقبولة!



    المثـال العاشر:
    سئل الدارقطني - كما في العلل (2/159) - عن حديث سعيد بن المسيب عن عمر في تكبيرات الجنازة قال: "كل ذلك قد كان، أربع وخمس، فأمر الناس بأربع".
    فقال: رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد، حدث به النضر بن محمد عنه، ولفظه عمر: ( "كبرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم أربعًا وخمسًا"، فأمر عمر بأربع يعني تكبير العيد والجنائز )، تفرد بهذا اللفظ النضر بن محمد عن شعبة، وبقوله: "يعني العيدين والجنائز"، وذِكْرُ العيدين وهمٌ فيه، ورواه غندر وأبو النضر ويحيى القطان وعلي بن الجعد عن شعبة بهذا الإسناد، ولفظه ما ذكرناه أولاً، ولم يذكروا تكبير العيد، وهو الصواب.

    حال الزيادة:
    لا ينافي ذكر العيدين ما ذُكر في الحديث أولاً، وهو صلاة الجنازة.

    النتيجة:
    خطّأ الدارقطني النضر بن محمد الجرشي - وهو من الثقات - في زيادته هذه، مع أنها غير منافية لمعنى أصل الحديث، وهذا دليلٌ على عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.

    يتبع - بعون الله -.

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    أخانا الكريم الفاضل محمَّد بن عبدالله.. وفَّقه الله ونفع به
    موضوع نافعٌ قيِّمٌ، بارك الله في جهودك ونفع بما تكتب، واصل وصلك الله بكرمه.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    914

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    بارك الله فيك يا شيخ محمد، ولا حرمك الله الأجر، واصل وصلك الله بطاعته، فلا تحرمنا من هذه الدرر البهية.
    ** قـال مـالـك رحمه الله: **
    (( إن حقا على من طلب العلم أن يكون عليه:
    وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى من قبله ))
    ============================== ==============================
    الشيخ العلامة المحدث / عبد الكريم بن عبد الله الخضير

    الشيخ العلامة المحدث / سعد بن عبد الله آل حميد

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    الشيخ الكريم عدنان: أحسن الله إليك، وجزاك خيرًا.
    الأخ الشيخ وليدًا: وفيك بارك الله، وفقك الله وسددك ونفع بك.


    أمثلة إضافية أنقلها كما هي دون تعليق، وتصرفات الأئمة فيها في غاية الوضوح والدلالة على المقصود لمن تأمل منخلعًا من ربقة التعصب والتقليد، والله الهادي:

    1- قال أبو داود (1616): «حدثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا داود - يعني: ابن قيس -، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعًا من طعام، أوصاعًا من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجًّا أو معتمرًا، فكلم الناس على المنبر، فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى أن مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك. فقال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه أبدًا ما عشت».
    قال أبو داود: «رواه ابن علية وعبدة بن سليمان وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض عن أبي سعيد بمعناه، وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية: " أو صاعًا من حنطة "، وليس بمحفوظ:
    حدثنا مسدد أخبرنا إسماعيل، ليس فيه ذكر الحنطة».

    وقال ابن خزيمة (2419): «حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح، قال: قال أبو سعيد - وذكروا عنده صدقة رمضان - فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط. فقال له رجل من القوم: لو مُدَّين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمة معاوية، لا أقبلها ولا أعمل بها».
    قال أبو بكر: «ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم».

    2- قال أبو داود (1701): «حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، قال: غزوت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فوجدت سوطًا، فقالا لي: اطرحه، فقلت: لا، ولكن إن وجدت صاحبه وإلا استمتعت به، قال: فحججت، فمررت على المدينة، فسألت أبي بن كعب، فقال: وجدت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " عرفها حولاً "، فعرفتها حولاً، ثم أتيته، فقال: " عرفها حولاً "، فعرفتها حولاً، ثم أتيته، فقال: " عرفها حولاً "، فعرفتها حولاً، ثم أتيته، فقلت: لم أجد من يعرفها، فقال: " احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها "، وقال: ولا أدري أثلاثاً قال: " عرفها "، أو مرة واحدة؟
    حدثنا مسدد، ثنا يحيى، عن شعبة، بمعناه قال: " عرفها حولاً "، وقال: ثلاث مرار، قال: فلا أدري قال له ذلك في سنة أو في ثلاث سنين.
    حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا سلمة بن كهيل، بإسناده ومعناه، قال في التعريف قال: " عامين أو ثلاثة "، وقال: " اعرف عددها ووعاءها ووكاءها "، زاد: " فإن جاء صاحبها فعرف عددها ووكاءها فادفعها إليه "».
    قال أبو داود: «ليس يقول هذه الكلمة إلا حماد في هذا الحديث، يعني: " فعرف عددها ".
    حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني، أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة، قال: " عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها فأدها إليه "، فقال: يا رسول الله، فضالة الغنم؟ فقال: " خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب "، قال: يا رسول الله، فضالة الإبل؟ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه، أو احمر وجهه، وقال: " ما لك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها حتى يأتيها ربها "».
    إلى أن قال (1708): «حدثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد وربيعة، بإسناد قتيبة ومعناه، وزاد فيه: " فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها؛ فادفعها إليه "، وقال حماد أيضًا عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله».
    قال أبو داود: «وهذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة في حديث سلمة بن كهيل ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وربيعة: " إن جاء صاحبها فعرف عفاصها ووكاءها فادفعها إليه "، ليست بمحفوظة: " فعرف عفاصها ووكاءها "».

    3- قال النسائي في سننه الصغرى (5/130): «أخبرنا نوح بن حبيب القومسي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا ابن جريج، قال: قال: حدثني عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أنه قال: ليتني أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينزل عليه، فبينا نحن بالجعرانة والنبي - صلى الله عليه وسلم - في قبة، فأتاه الوحي، فأشار إليَّ عمر أن تعال، فأدخلت رأسي القبة، فأتاه رجل قد أحرم في جبة بعمرة متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل قد أحرم في جبة؟ إذ أنزل عليه الوحي، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يغط لذلك، فسري عنه، فقال: " أين الرجل الذي سألني آنفًا؟ "، فأتي بالرجل، فقال: " أما الجبة فاخلعها، وأما الطيب فاغسله، ثم أحدِثْ إحراماً "».
    قال أبو عبد الرحمن: «" ثم أحدِثْ إحرامًا " ما أعلم أحدًا قاله غير نوح بن حبيب، ولا أحسبه محفوظًا».

    4- وقال النسائي في سننه الكبرى (3300): «أنبأ محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: إن عندنا حيسًا قد خبأناه لك. قال: " قربوه "، فأكل، وقال: " إني قد كنت أردت الصوم، ولكن أصوم يومًا مكانه "».
    قال أبو عبد الرحمن: «هذا خطأ، قد روى هذا الحديث جماعة عن طلحة، فلم يذكر أحد منهم: " ولكن أصوم يومًا مكانه "».

    وقد حمّل الدارقطنيُّ الخطأ فيه راويًا آخر عن سفيان، قال في سننه (2/177): «حدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، ثنا سفيان بن عيينة، حدثنيه طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إني أريد الصوم "، وأهدي له حيس، فقال: " إني آكل وأصوم يومًا مكانه ".
    لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلي، ولم يتابع على قوله: " وأصوم يومًا مكانه "، ولعله شُبّه عليه - والله أعلم -؛ لكثرة من خالفه عن ابن عيينة».

    وردَّه البيهقي، قال في سننه (4/275): «وليس كذلك، فقد حدث به ابن عيينة في آخر عمره، وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ».
    ثم أسند عن الشافعي قوله: «سمعت سفيان عامة مجالسه لا يذكر فيه: " سأصوم يومًا مكانه "، ثم عرضته عليه قبل أن يموت بسنة، فأجاب فيه: " سأصوم يومًا مكانه "».
    ثم قال البيهقي: «وروايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ، مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحد، منهم: سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وعبد الواحد بن زياد ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان ويعلى بن عبيد وغيرهم= تدل على خطأ هذه اللفظة».

    5- قال الدارقطني في السنن (2/22): «حدثنا إسماعيل بن العباس الوراق، حدثنا محمد بن حسان الأزرق، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الوتر حق واجب، فمن شاء أوتر بثلاث فليوتر، ومن شاء أن يوتر بواحدة فليوتر بواحدة ".
    قوله: " واجب " ليس بمحفوظ، لا أعلم تابع ابن حسان عليه أحد».

    6- قال الدارقطني في السنن (3/49): «ثنا محمد بن سهل بن الفضيل الكاتب، نا علي بن زيد الفرائضي، نا الربيع بن نافع، نا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، أخبرني عبد الله بن يزيد، أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر نسيئة.
    تابعه حرب بن شداد عن يحيى، وخالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد= رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه: " نسيئة "، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ وهو مالك بن أنس».

    7- أخرج البيهقي في الكبرى (4/227) من طريق محمد بن المسيب الأرغياني، ثنا محمد بن عقبة، حدثني أبي،
    قال ابن المسيب: وحدثني عبد السلام - يعني: ابن عبد الحميد -، أنبأ عمر والوليد،
    قالوا: أنبأ الأوزاعي، حدثني الزهري، ثنا حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثني أبو هريرة، قال: بينا أنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، هلكت وأهلكت، قال: ويحك وما شأنك، قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال: فأعتق رقبة... وذكر الحديث.
    ثم قال البيهقي: «ضعف شيخنا أبو عبد الله الحافظ - رحمه الله - هذه اللفظة: " وأهلكت "، وحملها على أنها أدخلت على محمد بن المسيب الأرغياني، فقد رواه أبو علي الحافظ عن محمد بن المسيب بالإسناد الأول دون هذه اللفظة، ورواه العباس بن الوليد عن عقبة بن علقمة دون هذه اللفظة، ورواه دحيم وغيره عن الوليد بن مسلم دونها، ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي دونها، ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري، إلا ما روي عن أبي ثور عن معلى بن منصور عن سفيان بن عيينة عن الزهري، وكان شيخنا يستدل على كونها في تلك الرواية أيضًا خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصور بخط مشهور، فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة، وأن كافة أصحاب سفيان رووه عنه دونها».

    8- قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود (1/295): «أما حديث سلمة، فالصحيح فيه الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض، وليست لفظة الحيضة فيه محفوظة، فإن هذا الحديث رواه أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعمرو الناقد وابن أبي عمر، كلهم عن ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا. ذكره مسلم عنهم.
    وكذلك رواه عمرو الناقد عن يزيد بن هارون عن الثوري عن أيوب بن موسى، ورواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن الثوري عن أيوب، وقال: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ قال مسلم: وحدثنيه أحمد الدارمي، أخبرنا زكريا بن عدي، أخبرنا يزيد - يعني: ابن زريع -، عن روح بن القاسم، قال: حدثنا أيوب بهذا الإسناد، وقال: أفأحله وأغسله من الجنابة؟ ولم يذكر الحيضة.
    فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب فاقتصر على الجنابة،
    واختلف فيه عن الثوري، فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح، وقال عبد الرزاق عنه: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟
    ورواية الجماعة أولى بالصواب، فلو أن الثوري لم يختلف عليه لترجحت رواية ابن عيينة وروح، فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة؟!
    ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة في الحديث».

    9- وقال - أي: ابن القيم - في تهذيب السنن (7/19) في التعليق على حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر في رمضان...، فأتي بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعًا، وقال فيه: " كله أنت وأهل بيتك، وصم يومًا، واستغفر الله " )، قال - وكلامه نفيسٌ غاية -:
    «هذه الزيادة ( وهي الأمر بالصوم ) قد طعن فيها غير واحد من الحفاظ، قال عبد الحق: وطريق حديث مسلم أصح وأشهر، وليس فيها: " صم يومًا "، ولا تكميله [كذا] التمر، ولا الاستغفار، وإنما يصح حديث القضاء مرسلاً، وكذلك ذكره مالك في الموطأ، وهو من مراسيل سعيد بن المسيب، رواه مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني عن سعيد بالقصة، وقال: " كله وصم يومًا مكان ما أصبت ".
    والذي أنكره الحفاظ ذكر هذه اللفظة في حديث الزهري، فإن أصحابه الأثبات الثقات؛ كيونس وعقيل ومالك والليث بن سعد وشعيب ومعمر وعبد الرحمن بن خالد= لم يذكر أحد منهم هذه اللفظة، وإنما ذكرها الضعفاء عنه؛ كهشام بن سعد وصالح بن أبي الأخضر وأضرابهما.
    وقال الدارقطني: رواتها ثقات، رواه ابن أبي أويس عن الزهري، وتابعه عبد الجبار بن عمر عنه، وتابعه أيضًا هشام بن سعد عنه. قال: وكلهم ثقات.
    وهذا لا يفيد صحة هذه اللفظة، فإن هؤلاء إنما هم أربعة، وقد خالفهم من هو أوثق منهم وأكثر عددًا وهم أربعون نفسًا، لم يذكر أحدٌ منهم هذه اللفظة، ولا ريب أن التعليل بدون هذا مؤثر في صحتها، ولو انفرد بهذه اللفظة من هو أحفظ منهم وأوثق، وخالفهم هذا العدد الكثير، لوجب التوقف فيها، وثقة الراوي شرط في صحة الحديث لا موجبة، بل لا بد من انتفاء العلة والشذوذ، وهما غير منتفيين في هذه اللفظة».

    10- أخرج البخاري (664) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال الأسود: كنا عند عائشة - رضي الله عنها -، فذكرنا المواظبة على الصلاة، والتعظيم لها، قالت: لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذن، فقال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس "، فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، وأعاد، فأعادوا له، فأعاد الثالثة، فقال: " إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس "، فخرج أبو بكر، فصلى، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، فخرج يتهادى بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه.
    قيل للأعمش: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم.
    رواه أبو داود عن شعبة عن الأعمش بعضه.
    وزاد أبو معاوية: جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو يصلي قائمًا.

    قال ابن رجب في الفتح (6/70، 71) معلِّقًا: «وليس في هذه الرواية تعيين الجانب الذي أجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من أَبي بكر: هل هو جانبه الأيمن أو الأيسر؟ وقد ذكر البخاري أن أبا معاوية زاد في حديثه عن الأعمش: " فجلس عن يسار أبي بكر "، وقد خرج البخاري فيما بعد عن قتيبة، عن أبي معاوية كذلك....
    وخرجه مسلم من رواية وكيع وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، وفي حديث أبي معاوية عنده: فجاء رسول الله حتى جلس عن يسار أبي بكر...
    وأما ذكر جلوسه عن يسار أبي بكر، فتفرد بذلك أبو معاوية عن الأعمش، وأبو معاوية وإن كان حافظًا لحديث الأعمش خصوصًا، إلا أن ترك أصحاب الأعمش لهذه اللفظة عنه توقع الريبة فيها، حتى قال الحافظ أبو بكر ابن مفوّز المعافري: إنها غير محفوظة، وحكاه عن غيره من العلماء».

    11- قال ابن حجر في الفتح (2/265): «فائدة: وقع في أمالي الجرجاني عن أبي العباس الأصم عن بحر بن نصر عن ابن وهب عن يونس في آخر هذا الحديث: ( وما تأخر )، وهي زيادة شاذة فقد رواه ابن الجارود في المنتقى عن بحر بن نصر بدونها، وكذا رواه مسلم عن حرملة، وابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب، وكذلك في جميع الطرق عن أبي هريرة، إلا أني وجدته في بعض النسخ من ابن ماجه عن هشام بن عمار وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن تبن عيينة بإثباتها، ولا يصح؛ لأن أبا بكر قد رواه في مسنده ومصنفه بدونها، وكذلك حفاظ أصحاب ابن عيينة: الحميدي وابن المديني وغيرهما».

    تنبيه: قد يأتي من كلام ابن حجر ما يرد تصرفه المنقول هذا، وذلك شيءٌ مما يُذكر عنه - رحمه الله - أنه قد يوافق الأئمة في التطبيق، إلا أنه قد يخالفهم في التنظير، ونَفَسُهُ في التطبيق أقوى منه في التنظير، وهو يوافق الأئمة في مواضع دون مواضع، والله أعلم.

    والأمثلة كثيرة، وإنما أردتُ تسليط الضوء على بُعْد هذا الشرط المشترط غاية البُعد عن منهج أئمة الحديث ونقّاده، الذين منهم يؤخذ هذا العلم، وعلى نهجهم فيه يُسار.
    وهذا الشرط أدخله من أدخله في علم الحديث متأثرًا بكلام الأصوليين والفقهاء، وتابعه - إن لم يكن: قلّده! - كثير من المتأخرين والمعاصرين، دون تمحيص ونظر، ويأتي بيان ذلك.

    والعجب أنهم مع ذلك يقولون في تعريف الشاذ: ما رواه المقبول مخالفًا لمن هو أقوى منه، ويعلّون بذلك بعض الروايات المرفوعة بالروايات الموقوفة، مع أن الرفع ما هو إلا زيادة ثقة غير منافية للروايات الأخرى - في التجويزات العقلية التي تقابل فهم المعاني في زيادات المتون -!

    فيمكن أن يُجَوَّز أن الراوي وقفه مرة ورفعه مرة، فلا تعارض إذن بين رواية الرواة عنه؛ من وقف ومن رفع!
    ثم رأيت الشيخ أبا الحسن مصطفى بن إسماعيل وافق ذلك في إتحاف النبيل (2/184، 185).

    وهذا كله لا يجري على قواعد الأئمة الكبار، فإنهم لا يشترطون التنافي لرد زيادة الثقة - كما ظهر جليًّا واضحًا -.

    بل هاهنا أمرٌ محتملٌ - في نظري، وإن كنت مخطئًا فَلَنَبّهني الإخوة -، هو أن اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات في المتون= لغوٌ ليس خلفه كبير أثر!
    وذلك من وجهين:
    أحدهما: أن وقوع ذلك قليل أو نادر، ولا أدري هل له مثال واقعي في حديثٍ ما أم لا!
    ووافق الشيخ مصطفى بن إسماعيل ذلك فيما رأيتُهُ بعدُ في إتحاف النبيل (1/229، 230).

    ثانيهما: أنهم يقولون: لا نلجأ إلى الترجيح إلا عند التضارب والتنافي بين الزيادة وأصل الحديث معنىً، وأما عند عدم التنافي فالزيادة مقبولة.
    وهذا كلام لا حاجة لذكره، وشرطٌ لا حاجة لاشتراطه، فإن الترجيح لازمٌ - ولا بد - عند وقوع التنافي في متن حديثٍ واحد، فلا يمكن أصلاً أن تقبل زيادة منافية لأصل الحديث! فإن ذلك من نسبة التضارب والتناقض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو عنه منزَّه.
    فما دام التنافي واقعًا، فلا محيص عن الترجيح: إما أصل الحديث، وإما الزيادة.

    وهذا يبين متانة علم الأئمة المتقدمين وقوة نظرهم ودقيق فحصهم، فإنهم لم يشترطوا هذا الشرط الذي لا تقوم قائمته عند النظر الصحيح.

    يتبع - بحول الله -: بيان نسبة عدم اشتراط المنافاة إلى أكثر المحدثين عامة، وإلى بعضهم خاصة.

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    211

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    الأخ محمد بن عبد الله هدانا الله وإياه لما يحب سبحانه ويرضى

    لا تضجر يا أخي من مراجعة أخيك , فلعلك تفيده إذا لم يكن كلامه لك نافعاً , وهذا المجلس أسمه المجلس العلمي وفقك الله وليسوا كل من فيه ائمة من أصحاب الإجتهاد المطلق , وما صاحبكم إلا متعلم يروم الفائدة لنفسه والخير لإخوانه.

    وأنا أعترضت عليك عندما تبنيت وجه نظر المليباري نحو صحيح مسلم ولم أتطرق لأصل الموضوع.

    والأن سأتطرق لأصل الموضوع إن شئت وفقك الله:
    إن كنت تريد أن تثبت قولك بـ(عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات) يجب عليك إيراد نصوص للائمة بهذا الشأن وليس مجرد أمثلة وصلت الأن ل21 مثال .

    فلو قارنت النسبة بين ما تجمعه من أمثلة مع عدد الأحاديث المنافية لقولك لعلمت صدق قولي.

    وتعلم وفقك الله ولا يخفى عليك بأن ائمة الحديث في السابق واللاحق وإن قعّدوا القواعد وأصّلوا المسائل ولكنهم لا يطردونها في كل رواية وفي كل راوي.

    فالمنافاة من أقوى العلل عند وجود الزيادات ولكن الائمة لا يهملون القرائن الأخرى ويضعونها في الإعتبار وهذا حال كل إمام في السابق واللاحق.

    ولكن الفرق بارك الله فيك أن المتأخرين أحتاجوا لوضع منهاج تُدرس لطلبتهم وهي أصول ولها أستثناءت.

    فالمتقدمين في التفسير أو في الفقه أو في القراءات لم يكونوا في حاجة لتدوين هذه العلوم ولكنها تؤخذ جملة في طلبهم كلاٌ حسب العلم الذي يتعلمه وهذا هو الفرق , وكذلك المصطلح فلم يكن هناك مقرر أسمه المصطلح يأخذه الطالب عن شيخه ولكنه ولسعة حافظتهم يستطيعوا لحكم على الزيادة بإستحضار الروايات في زمن معين فيحكم عليها بالقَبول أو الرد إن وجد ما يعارضها سواء بالمنافة أو بغيرها.

    فالفرق في الألية بين المتقدمين والمتأخرين وهذا في كل علم وليس في المصطلح فقط

    فلا شك بأن المنافاة أصل معتبر في رد زيادة الثقة ولكنها ليست شرط لا يتجاوز سواء عند المتقدمين أو المتأخرين كما أن زيادة الثقة ليست مقبولة دائماً ولو أوهمت القواعد عند البعض ذلك. والله أعلم

  6. #26

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    جزاك الله خيرا وبارك فيك
    بالنسبة للمثال الثالث
    قرر ابن رجب رحمه الله في كتابه فتح الباري (1|306) ما ذكرته في بحثك هذا
    فقال عن زيادة :توضئي لكل صلاة
    :" والصواب أن هذا من قول عروة كذلك خرجه البخاري في كتاب الوضوء عن محمد بن سلام عن أبي معاوية عن هشام فذكر الحديث وقال في آخره قال : وقال أبي : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت .
    وكذلك رواه يعقوب الدورقي عن أبي معاوية وفي حديثه :" فإذا أدبرت فاغسلي الدم ثم اغتسلي " قال هشام : قال أبي : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت .
    وخرجه إسحق بن راهويه عن أبي معاوية وقال في حديثه قال : قال هشام قال أبي : وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت .
    وكذلك روى الحديث عيسى بن يونس عن هشام وقال في آخر الحديث وقال هشام : تتوضأ لكل صلاة .
    ثم نقل قول الدارقطني الذي قدمته في بحثك ثم قال : والصواب أن لفظة الوضوء مدرجة في الحديث من قول عروة .

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    بارك الله فيكم.
    الشيخ عبد الباسط: نفع الله بك وجزاك خيرًا، وابن رجب - رحمه الله - أحد من حرر منهج المتقدمين في مسائل شتى، وسار على طريقتهم، وانتقد دخول مناهج الأصوليين والفقهاء في نقد الحديث.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات في المتون= لغوٌ ليس خلفه كبير أثر!
    وذلك من وجهين:
    أحدهما: أن وقوع ذلك قليل أو نادر، ولا أدري هل له مثال واقعي في حديثٍ ما أم لا!
    ووافق الشيخ مصطفى بن إسماعيل ذلك فيما رأيتُهُ بعدُ في إتحاف النبيل (1/229، 230).
    ومن لازم هذا أن يكون اشتراط المنافاة عودةً بالحكم على زيادة الثقة إلى القبول المطلق، إذ إن الزيادات المنافية قليلة جدًّا أو نادرة، وسائر الزيادات مقبولة لعدم المنافاة! فعادت الزيادة مقبولة مطلقًا؛ عدا مواضع نادرة لم يوقَف على شيء منها!



    بيان نسبة عدم اشتراط المنافاة إلى أكثر المحدثين عامة، وإلى بعضهم خاصة:
    أخرج مسلم في صحيحه (465) قال: حدثني محمد بن عباد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر، قال: كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل، فسلّم، ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله، ولآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأخبرنه. فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا أصحاب نواضح، نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة. فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاذ، فقال: " يا معاذ، أفتان أنت؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا "...
    وأخرجه البيهقي (3/85) من طريق محمد بن عباد، ثم قال: «لم يقل أحد في هذا الحديث: " وسلم " إلا محمد بن عباد...».
    قال النووي في المجموع (4/246): «... وقد أشار البيهقي إلى الجواب عن هذا الإشكال، فقال: لا أدري هل حُفظت هذه الزيادة التي في مسلم؛ لكثرة من روى هذا الحديث عن سفيان دون هذه الزيادة، وإنما انفرد بها محمد بن عباد عن سفيان.
    وهذا الجواب فيه نظر، لأنه قد تقرر وعُلم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول: قبول زيادة الثقة،
    لكن يعتضد قولُ البيهقي بما قررناه في علوم الحديث أن أكثر المحدثين يجعلون مثل هذه الزيادة شاذًّا ضعيفًا مردودًا، فالشاذ عندهم أن يرووا ما لا يرويه سائر الثقات، سواء خالفهم أم لا. ومذهب الشافعي وطائفة من علماء الحجاز: أن الشاذ ما يخالف الثقات، أما ما لا يخالفهم فليس بشاذ، بل يحتج به، وهذا هو الصحيح وقول المحققين».

    فقد أبان النووي - رحمه الله - أن مذهب أكثر المحدثين: الحكم بشذوذ اللفظة التي زادها ثقة من بين ثقات، بغضِّ النظر عن كونها موافقة لما رواه أولئك الثقات أو مخالفة.
    وهذا هو ذاتُهُ: عدم اشتراط المنافاة في ردِّ زيادات الثقات.

    وإن كان النووي قد اختار مع ذلك خلاف هذا المذهب، ونسبه إلى جمهور المحدثين والفقهاء والأصوليين، وهذا يبيِّن أن اشتراط المنافاة إنما كان مذهبًا للفقهاء والأصوليين، ووافقهم عليه من وافقهم من أهل الحديث، فاشترطه كذلك. وأما أكثر المحدثين، وهم عامة المتقدمين النقاد؛ فإنهم لا ينظرون إلى المنافاة، وهذا موافق لما بينته الأمثلة التي سُردت في هذا الموضوع. والحمد لله على توفيقه.

    وقد بيّن الإمام ابن رجب أن الإمام أحمد بن حنبل لم يشترط المنافاة والمخالفة في رد زيادة الثقة، ونفى نسبة اشتراط المنافاة إلى الشافعي، قال في شرح العلل (2/632-637) - وأنقل كلامه بطوله، فإنه نفيس ومهم -:
    «وقال أحمد أيضًا في حديث ابن فضيل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة في تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر فيها: " والملك لك، لا شريك لك " = قال أحمد: " وهم ابن فضيل في هذه الزيادة، ولا تعرف هذه عن عائشة، إنما تعرف عن ابن عمر "، وذكر أن أبا معاوية روى الحديث عن الأعمش بدونها، وخرجه البخاري بدونها أيضاً من طريق الثوري عن الأعمش، وقال: " تابعه أبو معاوية ". قال الخلال: " أبو عبد الله لا يعبأ بمن خالف أبا معاوية في الأعمش، إلا أن يكون الثوري "، وذكر أن هذه الزيادة رواها ابن نمير وغيره أيضًا عن الأعمش.
    وكذلك قال أحمد في رواية الميموني: " حديث أبي هريرة في الاستسعاء يرويه ابن أبي عروبة، وأما شعبة وهمام فلم يذكراه، ولا أذهب إلى الاستسعاء ".
    فالذي يدل عليه كلام الإمام أحمد في هذا الباب: أن زيادة الثقة للفظةٍ في حديثٍ من بين الثقات إن لم يكن مبرزًا في الحفظ والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها= فلا يقبل تفرده، وإن كان ثقة مبرزًا في الحفظ على من لم يذكرها، ففيه عنه روايتان، لأنه قال مرة في زيادة مالك: " من المسلمين ": " كنت أتهيبه، حتى وجدته من حديث العمريين "، وقال مرة: " إذا انفرد مالك بحديث هو ثقة، وما قال أحد بالرأي أثبت منه "، وقال في حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر المرفوع: " من حلف فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه " =: " خالفه الناس: عبيد الله وغيره فوقفوه ".
    وأما أصحابنا الفقهاء فذكروا في كتب أصول الفقه في هذه المسألة روايتين عن أحمد: بالقبول مطلقًا، وعدمه مطلقًا، ولم يذكروا نصًّا له بالقبول مطلقًا، مع أنهم رجحوا هذا القول، ولم يذكروا به نصًّا عن أحمد، وإنما اعتمدوا على كلام له لا يدل على ذلك، مثل قوله في فوات الحج جاء فيه روايتان إحداهما فيه زيادة دم، قال: " والزائد أولى أن يؤخذ به ".
    وهذا ليس مما نحن فيه فإن مراده أن الصحابة روي عن بعضهم فيمن يفوته الحج أن عليه القضاء، وعن بعضهم: عليه القضاء مع الدم، فأخذ بقول من زاد الدم. فإذا روي حديثان مستقلان في حادثة في أحدهما زيادة، فإنها تقبل من الثقة، كما لو انفرد الثقة بأصل الحديث. وليس هذا من باب زيادة الثقة، ولا سيما إذا كان الحديثان موقوفين عن صحابيين، وإنما قد يكون أحيانًا من باب المطلق والمقيد.
    وأما مسألة زيادة الثقة التي نتكلم فيها هاهنا فصورتها أن يروي جماعة حديثًا واحدًا بإسناد واحد ومتن واحد، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة.
    ومن الأصحاب من قال في هذه المسألة:
    - إن تعدد المجلس الذي نقل فيه الحديث قُبلت الزيادة، وإن كان المجلس واحدًا وكان الذي ترك الزيادة جماعة لا يجوز عليهم الوهم لم تقبل الزيادة،
    - وإن كان ناقل الزيادة جماعة كثيرة قبلت، وإن كان راوي الزيادة واحدًا والنقصان واحدًا قدم أشهرهما وأوثقهما في الحفظ والضبط،
    - قالوا: وإن خالفت الزيادة ظاهر المزيد عليه لم تقبل، وحملوا كلام أحمد في حديث السعاية على ذلك،
    وليس في كلام أحمد تعرض لشيء من هذا التفصيل، وإنما يدل كلامه على ما ذكرناه أولاً
    ...»،

    إلى أن قال ابن رجب:
    «وحكى أصحابنا الفقهاء عن أكثر الفقهاء والمتكلمين قبول الزيادة إذا كانت من ثقة ولم تخالف المزيد، وهو قول الشافعي، وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل، وعن أصحاب مالك في ذلك وجهين. وفي حكاية ذلك عن الشافعي نظر، فإنه قال في الشاذ: هو أن يروي ما يخالف الثقات، وهذا يدل على أن الثقة إذا انفرد عن الثقات بشيء أنه يكون ما انفرد به عنهم شاذًّا غير مقبول، والله أعلم».

    وقال ابن خزيمة - كما في القراءة خلف الإمام للبيهقي (ص138) والنكت لابن حجر (2/688، 689) -: «لسنا ندفع أن تكون الزيادة في الأخبار مقبولة من الحفاظ، ولكن إنما نقول: إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان والمعرفة بالأخبار، فزاد حافظ متقن عالم بالأخبار كلمةً؛ قبلت زيادته، لا أن الأخبار إذا تواردت بنقل أهل العدالة والحفظ والإتقان بخبر، فزاد راوٍ ليس مثلهم في الحفظ والإتقان زيادةً؛ أن تلك الزيادة تكون مقبولة»، ولفظ العبارة الأخيرة في النكت: «فإذا تواردت الأخبار، فزاد وليس مثلهم في الحفظ زيادة؛ لم تكن تلك الزيادة مقبولة».

    فنفى ابن خزيمة قبول زيادة الثقة إذا لم يزدها غيره من الثقات ممن هو أوثق منه وأحفظ، ولم ينظر في قضية المنافاة، ولم يتطرق إلى اشتراطها في رد الزيادة. وانظر كلام البيهقي بعقب نقل كلامه.

    وسئل الدارقطني - كما في سؤالات السلمي (ص360) - عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات، مثل أن يروي الثوري حديثًا، ويخالفه فيه مالك، والطريق إلى كل واحد منهما صحيح؟
    قال: «يُنظر ما اجتمع عليه ثقتان يُحكم بصحته، أو جاء بلفظة زائدة تثبت، تقبل تلك الزيادة من متقن، ويحكم لأكثرهم حفظًا وثبتًا على من دونه».

    فذكر في كلامه قبولَ الزيادة بالنظر إلى عدد من زادها وإتقانه، وردَّها بالنظر إلى الأحفظ والأثبت.
    ولم ينظر في الرد إلى المنافاة، بل قرر أنه يُحكم للأحفظ والأثبت على من كان دونه، بلا تطرق إلى قضية المنافاة أو ذكر لها، وظاهر هذا أنه يستوي في الحكم الذي ذكره ما كانت الزيادة فيه منافية، وما لم تكن فيه كذلك.
    ويبيّنه تصرفه في غير موضع في سننه وعلله، وسبق نقل شيء من ذلك عنه في الأمثلة.

    والأمثلة المذكورة مبيّنة بجلاء أنه لم يكن يخطر للأئمة ببالٍ أن يقبلوا زيادة أو يردّوا ردَّها لعدم منافاتها معنى أصل الحديث، وليُبرز لنا من سار في فلك اشتراط المنافاة نصًّا عن إمام من أئمة الحديث المتقدمين النقاد= قَبِل فيه زيادة ثقة لعدم منافاتها، أو أبى على غيره ردَّها لذلك، ولا أظنه يجد.

    وقد بيَّن النصُّ الذي نقلتُهُ آنفًا عن النووي أن أهل الحديث من المتأخرين اشترطوا المنافاة في رد زيادات الثقات.
    حيث إنهم قبلوا زيادة الثقة إذا لم تنافِ أصل الحديث ولو تفرد بها واحد عن جماعة، أو ثقةٌ عن أوثق، ولا يرجحون بين الجماعة والواحد والثقة والأوثق إلا إذا نافت الزيادةُ أصلَ الحديث.
    فإذا تفرد ثقةٌ عن ثقاتٍ بزيادة، واستحقت الردَّ بسبب ذلك - عند المتقدمين -= أوجدوا شرط المنافاة هذا، فلم يردوها حتى تنافي أصل الحديث.
    ولذلك فقد عارضوا - في غير موضع - الأئمةَ المتقدمين وغيرَهم ممن ضعّف بعض زيادات الثقات= بأنها زياداتٌ غيرُ منافية لأصل الحديث؛ فهي مقبولة.

    وقد تبيّن جليًّا فيما سبق أن الأئمة لا ينظرون إلى مسألة المنافاة هذه، ويردون زيادات الثقات إذا استحقت الردَّ ولو كانت غير منافية لأصل الحديث.

    ومما يثبت ما ذكرتُ عن المتأخرين: نصوصٌ عن ثلة منهم - رحمهم الله جميعًا -، منها:

    قال النووي في شرح مسلم (5/94): «وأما قول سهيل: " إحدى عشرة إحدى عشرة "، فلا ينافي رواية الأكثرين: " ثلاثًا وثلاثين "، بل معهم زيادة يجب قبولها، وفي رواية: " تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير "، وفي رواية: أن التكبيرات أربع وثلاثون، وكلها زيادات من الثقات يجب قبولها»،

    وقال في المجموع (3/425): «واحتجوا في أن الأنف لا يجب بالأحاديث الصحيحة المطلقة في الأمر بالجبهة من غير ذكر الأنف، وفي هذا الاستدلال ضعف، لأن روايات الأنف زيادة من ثقة، ولا منافاة بينهما»،

    ونقل ابن التركماني في الجوهر النقي (2/155) قول أبي علي النيسابوري في زيادة ( وإذا قرأ فأنصتوا ): «خالف جرير عن التيمي أصحاب قتادة كلهم»، ثم قال - أي: ابن التركماني -: «ولا نسلم أنه خالفهم، بل زاد عليهم، وزيادة الثقة مقبولة»،

    وقال ابن حجر في النزهة: «وزيادة راويهما - أي: الصحيح والحسن - مقبولة، ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق، ممن لم يذكر تلك الزيادة، لأن الزيادة:
    إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها، فهذه تقبل مطلقًا؛ لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره،
    وإما أن تكون منافية، بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى، فهذه التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها، فيقبل الراجح ويرد المرجوح»،

    وقال الشوكاني في نيل الأوطار (1/667): «... والزيادة إنما تقبل مع عدم منافاة الأصل، فيُصار حينئذ إلى التعارض...»، بل ذهب الشوكاني إلى أبعد من ذلك، فادعى الإجماع على اشتراط المنافاة!!
    قال في النيل (4/140): «... ومما يؤيد الرفع في حديث ابن عمر - أعني: قوله: " وإلا فقد عتق عليه ما عتق " -: أن الذي رفعه مالك، وهو أحفظ لحديث نافع من أيوب، وقد تابعه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب - كما قال البيهقي -، ولا شك أن الرفع زيادة معتبرة لا يليق إهمالها - كما تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح -، وما ذهب إليه بعض أهل الحديث من الإعلال لطريق الرفع بالوقف في طريق أخرى لا ينبغي التعويل عليه، وليس له مستند، ولا سيما بعد الإجماع على قبول الزيادة التي لم تقع منافية مع تعدد مجالس السماع...».

    والذي ذكر أنه لا ينبغي التعويل عليه، وليس له مستند= هو لبُّ علم العلل، وهو منهج أئمة الحديث النقاد الحفاظ، وذلك أظهر من الشمس في رابعة النهار، والله المستعان!

    وقد تابعهم في هذا المنهج كثير من المعاصرين، ومن ذلك:

    قال الشيخ الألباني - رحمه الله رحمةً واسعة - في تمام المنة (ص222) في الكلام على زيادة: " ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها " في حديث وائل بن حجر في صفة الصلاة: «فمن الخطأ الجلي رد التحريك المذكور فيها لتفرد زائدة بن قدامة به دون سائر أصحاب عاصم بن كليب، وذلك لأمرين:
    الأول: أنهم رووا الإشارة، وهي لا تنافي التحريك كما تقدم،
    الثاني: ثقة زائدة، وشدة تثبته في روايته عن شيوخه...»،

    وقد رأيتُ الشيخ الألباني - رحمه الله - مشى على الصواب في إعلال لفظة: " ولا يحركها " في حديث عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه - كما في الضعيفة (12/136) وتمام المنة (ص218) وضعيف أبي داود (1/368-370) -، ولا أدري وجهَ التفريق في التعامل مع زيادة: " يحركها " والزيادة المذكورة، فالصورة واحدة، وسبب الإعلال موجود في الزيادتين، بل هو أظهر في زيادة: " يحركها " منه في الأخرى!

    وقد أشار لذلك الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله -، قال الشيخ أحمد بن علي بن مثنى القفيلي في كتابه " بغية الطالب المبتدي من أدلة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " (ص151): ( اجتمع شيخنا أبو عبد الرحمن الوادعي - رحمه الله - بشيخنا الإمام العلامة أبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي - حفظه الله - قبل خمس سنوات أو أكثر بدار الحديث بدماج بعد صلاة العصر، وكنت حاضرًا معهما، فدار نقاش حول هذه الزيادة - يعني: زيادة: " يحركها يدعو بها " -، فقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - حفظه الله -: إن زائدة بن قدامة ثقة، وإن الشيخ الألباني قد صحح هذه الزيادة.
    فأجابه شيخنا أبو عبد الرحمن - رحمه الله -، فقال: " إن الشيخ الألباني قد حكم على زيادة تفرد بها زائدة في حديث آخر وخالف راويين بالشذوذ، وهو في هذا الحديث قد خالف خمسة عشر راويًا، فإذا لم تكن هذه الزيادة شاذة، فليس في الدنيا شاذ " ا.هـ كلامه - رحمه الله - أو بمعناه ).

    وقال في اللقاء مع طلاب العلم بمكة: «فزيادة الثقة إن كانت مخالفة لأصلها - أي: المزيد عليه - مخالفةً لا يمكن التوفيق بينهما، حينئذ نرجع إلى الأدلة، إن كانت منافية رجعنا إلى الأدلة، وإن كانت غير منافية فالأصل فيها القبول؛ لأن هذه الزيادة بمنزلة متن مستقل يأتي به إمام من الأئمة، يرويه محدث عن محدث ثقة عن ثقة إلى أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -...
    فحكم الزيادة إذا كانت غير منافية: القبول، نقبلها كما نقبل النصوص المستقلة التي جاءتنا عن طريق الأفراد، والتي تفرد بها حافظ عن حافظ, حافظ ثقة عن حافظ ثقة.
    وإذا جاءت منافية أو نرى ظاهرهما التعارض فنحاول الجمع بينهما، كما إذا تعارض نصان صحيحان، فإننا في الخطوة الأولى نحاول أن نوفق ونجمع بين هذين النصين الذين ظاهرهما التعارض، كذلك نفعل في زيادة الثقة: نحاول أن نجمع بينها وبين ما يظهر أنه معارض لها، فإن أمكن الجمع بدون تعسف فالحمد لله, وإذا ما أمكن؛ فحينئذ نرجع إلى الترجيح كما نفعل مع الأحاديث والنصوص المستقلة تمامًا».

    إلى غيرها من النصوص عن المتأخرين والمعاصرين في ذلك، وهي كثيرة، بل كتب ( عطية بن صدقي أبو أسماء المصري ) مقدماتٍ في زيادة الثقة قبل بحثه في إثبات زيادة: " يحركها " في حديث وائل بن حجر= أكّد فيها اشتراط المنافاة، وجمع الأقوال في ذلك، وقدّم له كتابَهُ: الشيخ مشهور حسن سلمان، وعلي الحلبي، وهو بعنوان: " رفع الملام عن من (كذا!) حرك إصبعه من التحيات إلى السلام ".


    يتبع - بعون الله -.

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    ومن ذلك - أي: مما يثبت ما أنسبه للمتأخرين - ما نافح به المباركفوري في تحفة الأحوذي بقوة عن اشتراط المنافاة، ورد ردًّا طويلاً على النيموي الحنفي صاحب كتاب ( آثار السنن )، لأنه ذكر أن المنافاة غير مشترطة في رد زيادة الثقة.

    وفيما يلي نقل كلام المباركفوري، مع مناقشته وبيان أوجه الخلل الواقع فيه، والله الموفق:

    قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (2/82-85):
    «قال النيموي في آثار السنن - بعد ذكر حديث هلب الطائي -: ( رواه أحمد، وإسناده حسن، لكن قوله: " على صدره " غير محفوظ )، يعني أنه شاذ، وبيّن وجه كونه شاذًّا غير محفوظ: أن يحيى بن سعيد القطان خالف في زيادة قوله: " على صدره " غير واحد من أصحاب سفيان وسماك، فإنهم لم يذكروا هذه الزيادات، وعرف الشاذ بأنه ما رواه الثقة مخالفًا في نوع من الصفات لما رواه جماعة من الثقات أو من هو أوثق منه وأحفظ، وأعمّ من أن تكون المخالفة منافية للرواية الأخرى أم لا، وادّعى أن هذا هو مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وابن معين والبخاري وغيرهم من المحدثين المتقدمين، واستدل عليه بأن هذا يُفهم من صنيعهم في زيادة: " ثم لا يعود " في حديث ابن مسعود، و " فصاعدًا " في حديث عبادة، و " إذا قرأ فانصتوا " في حديث أبي هريرة وأبي موسى الأشعري، وكذلك في كثير من المواضع، حيث جعلوا الزيادات شاذة، بزعمهم أن راويها قد تفرد بها، مع أن هذه الزيادات غير منافية لأصل الحديث.
    قلت: تعريف الشاذ هذا الذي ذكره صاحب آثار السنن ليس بصحيح، وليس هو مذهب المحدثين المتقدمين البتة. وجه عدم صحته: أنه يلزم منه أن يكون كل زيادة زادها ثقة ولم يزدها جماعة من الثقات أو لم يزدها من هو أوثق منه وليست منافية لأصل الحديث= شاذة غير مقبولة، واللازم باطل فالملزوم مثله.
    والدليل على بطلان اللازم: أن كل زيادة هذا شأنها قبلها المحدثون المتقدمون، كالشافعي والبخاري وغيرهما، وكذا قبلها المتأخرون، إلا أن ظهرت لهم قرينة تدل على أنها وهم من بعض الرواة، فحينئذ لا يقبلونها».
    وكلامه هذا غير مستقيم، فإن من أهم القرائن التي استعملها الأئمة في رد زيادات الثقات: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، وهذه القرينة كأقوى ما يكون في الدلالة على أن الزيادة وهم من الراوي، والنصوص وتصرفات الأئمة تفيض بمثل ذلك، والمخالفة حاصلة بأن ثقةً زاد زيادةً، ولم يزدها أكثر منه أو أوثق، وهذا ظاهر في نصوص الأئمة فيما سبق ويأتي.
    فقوله أولاً: «كل زيادة هذا شأنها قبلها المحدثون المتقدمون، كالشافعي والبخاري وغيرهما» ويقصد بقوله: «هذا شأنها»: الزيادة التي زادها ثقة ولم يزدها الأوثق منه وليست منافية= يناقض قوله في الآخر: «إلا أن ظهرت لهم قرينة تدل على أنها وهم من بعض الرواة، فحينئذ لا يقبلونها»؛ لما سبق من أن كون الأوثق لم يزدها هي القرينة الدالة على أنها وهم ممن لم يزدها، والشافعي والبخاري وغيرهما من المحدثين المتقدمين لا يقبلون الأوهام!

    قال المباركفوري:
    «ألا ترى أن الإمام البخاري - رحمه الله - قد أدخل في صحيحه من الأحاديث ما تفرد به بعض الرواة بزيادة فيه غير منافية ولم يزدها جماعة من الثقات أو من هو أوثق منه وأحفظ، وقد طعن بعض المحدثين بإدخال مثل هذه الأحاديث في صحيحه، ظنًّا منهم أن مثل هذه الزيادات ليست بصحيحة، وقد أجاب المحققون عن هذا الطعن بأن مثل هذه الزيادات صحيحة: قال الحافظ في مقدمة الفتح: " فالأحاديث التي انتقدت عليهما أي البخاري ومسلم تنقسم أقسامًا... "، ثم بيّن الحافظ والقسم الأول والثاني، ثم قال: " القسم الثالث منها: ما تفرد به بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددًا أو أضبط ممن لم يذكرها، فهذا لا يؤثر التعليل به، إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع، أما إذا كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث يكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته، فما كان من هذا القسم فهو مؤثر، كما في الحديث الرابع والثلاثين " انتهى. وأيضًا: قال الحافظ فيها: " قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث أبي غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل يقاتل المشركين، فقال: " هو من أهل النار... " الحديث، وفيه: " إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار، وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم "، قال: وقد رواه ابن أبي حازم ويعقوب بن عبد الرحمن وسعيد الجمحي عن أبي حازم فلم يقولوا في آخره: " وإنما الأعمال بالخواتيم ". قال الحافظ: " زادها أبو غسان، وهو ثقة حافظ، فاعتمده البخاري " انتهى».
    كلام ابن حجر الذي نقله المباركفوري موافق لمذاهب المتأخرين، وهو اجتهاد منه - رحمه الله - في تفسير صنيع البخاري قد لا يوافق عليه.
    ويمكن أن يجاب عن المثال الذي ذكره المباركفوري بأمرين:
    الأول: أن النظر في المنافاة وعدمها عند المتأخرين شرطٌ يتبع مقدمةً لا بد من تحققها، وهي أن تكون الزيادة محتملة الرد، بسبب كون الزائد مخالَفًا من أوثق أو أكثر.
    وبيان ذلك:
    أن المتأخرين نظروا إلى انفراد الثقة بالزيادة دون الأوثق أو الأكثر، فجعلوا هذا يفضي إلى احتمال رد الزيادة، دون أن يستقل بذلك، ثم نظروا إلى المنافاة، فإن نافت الزيادة أصل الحديث؛ قوي احتمال الرد، فردوها، وإن لم تنافِ؛ بقي الأمر على الاحتمال، فقوّوا جانب الثقة، وقبلوا الزيادة.
    فلا يصح النظر في المنافاة عند المتأخرين إلا بعد تحقق المقدمة الأولى.
    ولعل المقدمة لم تتحقق عند البخاري في هذه الزيادة حتى ننظر في كونه نظر إلى المنافاة أو لا، فربما كان يصحح الزيادة لا لعدم المنافاة، إنما لأن راويها حافظ إمام، ولا يضيره أن يقصر غيره ممن هو دونه في الحفظ والثقة بالزيادة، فلا يذكرها.

    الأمر الثاني: أن اعتماد مذهب البخاري بمثال أو مثالين مهيع خاطئ مجانب للصواب، فإنه قد نُسب إلى البخاري بهذه الطريقة أنه يقبل زيادة الثقة مطلقًا!
    قال ابن رجب في شرح العلل (2/638): «وذكر - أي الخطيب - في الكفاية حكايةً عن البخاري: أنه سئل عن حديث أبي إسحاق في النكاح بلا ولي؟ قال: " الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة ". وهذه الحكاية - إن صحت - فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث، وإلا فمن تأمل كتاب تاريخ البخاري تبين له قطعًا أنه لم يكن يرى أن زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة».
    فمناهج العلماء لا يُعتمد فيها على نصٍّ أو نصّين مقتطعين من وفرة نصوص، وفي ما اقتُطع احتمال أيضًا!
    والبخاري لم يشترط المنافاة في نصوص أخرى، وكلامه فيها واضح، ويأتي طرف منها.

    ويُنبّه إلى أن البخاري قد أخرج روايتين مما أشار إليه الدارقطني؛ مما ليس فيه زيادة: " الأعمال بالخواتيم " = في صحيحه (2898، 4202، 4207).

    والحق أن هذه الزيادة تصلح مثالاً لكون الأئمة لا يشترطون عدم المنافاة لرد الزيادة من الثقة، ذلك أن مسلمًا أخرج الحديث في كتاب الإيمان، باب " غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه... " (112) وفي كتاب القدر " باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه... " = من رواية يعقوب بن عبد الرحمن، وهو ثقة، وتنكب عن رواية أبي غسان مع أنه أوثق من يعقوب بمراحل، وكأنها إشارة منه إلى إعلال هذه الرواية، لذا قال الدارقطني بعد أن ذكر رواية البخاري: " وأخرجه مسلم من حديث يعقوب فقط ".
    كما أعلّها الدارقطني في التتبع (ص201) - وقد نقله الحافظ - والأفراد - كما في أطرافه (2164) -.
    وأما البخاري، ففي النفس شيء من اعتماد أنه يصحح الزيادة، وإن صح عنه فهو اختلاف نظر بين المتقدمين، والجاري على القاعدة تصرف مسلم والدارقطني، والله أعلم.

    وحتى لو صح أن البخاري يصححها، فمثالٌ واحد لتصرُّفٍ من البخاري في حديثٍ= لا يكفي البتة في إثبات منهجٍ لعامة أئمة الحديث المتقدمين تدلُّ أقوالهم وتصرفاتهم على خلافه.

    قال المباركفوري:
    «وقد صرح بقبول مثل هذه الزيادة ابن التركماني في الجوهر النقي والحافظ الزيلعي في نصب الراية في مواضع عديدة، بل أشار النيموي نفسه في كتابه آثار السنن أيضًا بقبول مثل هذه الزيادة في موضع منه، حيث قال: " فزيادته - أي: زيادة الحميدي - تقبل جدًّا، لأنها ليست منافية لمن هو أوثق منه " انتهى.
    فلما ظهر بطلان اللازم ثبت بطلان الملزوم، أعني بطلان تعريف الشاذ الذي ذكره صاحب آثار السنن من عند نفسه.
    فإن قلت: فما تعريف الشاذ الذي عليه المحققون؟
    قلت: قال الحافظ بن حجر في مقدمة فتح الباري: " وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة، فإذا روى الضابط أو الصدوق شيئًا، فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددًا بخلاف ما روى، بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين، فهذا شاذ " انتهى.
    فهذا التعريف هو الذي عليه المحققون، وهو المعتمد، قال الحافظ في شرح النخبة: " فإن خولف بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله وهو المرجوح يقال له: الشاذ "، إلى أن قال: " وعرف من هذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفًا لمن هو أولى منه، وهو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح " انتهى.
    والمراد من المخالفة في قوله: " مخالفًا ": المنافاة، دون مطلق المخالفة، يدل عليه قول الحافظ في هذا الكتاب: " وزيادة راويهما - أي: الصحيح والحسن - مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة، لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها، فهذه تقبل مطلقا؛ لأنها في حكم الحديث المستقل الذي يتفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره، وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى، فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها، فيقبل الراجح ويرد المرجوح " انتهى.
    وقال الشيخ ابن حجر الهيتمي في رسالته المتعلقة بالبسملة: " الشاذ اصطلاحًا فيه اختلاف كثير، والذي عليه الشافعي والمحققون: أن ما خالف فيه راوٍ ثقة بزيادة أو نقص في سند أو متن ثقاتٍ لا يمكن الجمع بينهما مع اتحاد المروي عنه " انتهى.
    وقال الشيخ عمر البيقوني في منظومته في مصطلح أهل الحديث:
    وما يخالف ثقة فيه الملا * * * فالشاذ والمقلوب قسمان تلا
    قال الشارح الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني: " ( وما يخالف ثقة فيه ) بزيادة أو نقص في السند أو المتن ( الملا ) أي: الجماعة الثقات فيما رووه، وتعذر الجمع بينهما، ( فالشاذ ) كما قاله الشافعي وجماعة من أهل الحجاز، وهو المعتمد كما صرح به في شرح النخبة؛ لأن العدد أولى بالحفظ من الواحد، وعليه فما خالف الثقة فيه الواحد الأحفظ شاذ، وفي كلام ابن الصلاح وغيره ما يُفهِمه " انتهى.
    وقال العلامة المجد صاحب القاموس في منظومته في أصول الحديث:
    ثم الذي ينعت بالشذوذ * * * كل حديث مفرد مجذوذ
    خالف فيه الناس ما رواه * * * لأن روى ما لا يروى سواه
    قال الشيخ سليمان بن يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل في شرحه المسمى بالمنهل الروي: " الشاذ لغةً: المنفرد، يقال: شذ يشذ شذوذًا إذا انفرد، وأما إصطلاحًا ففيه اختلاف كثير، ومقتضى ما ذكره الناظم الإشارة إلى قولين: الأول: ما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: أنه ما رواه الثقة مخالفًا لرواية الناس - أي: الثقات - وإن كانوا دونه في الحفظ والإتقان، وذلك لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وألحق ابن الصلاح بالثقات الثقة الأحفظ، وسواء كانت المخالفة بزيادة أو نقص في سند أو متن إن كانت لا يمكن الجمع بين الطرفين فيهما مع اتحاد المروي " انتهى».
    ونقوله هذه كلها تدل على أن المتأخرين يشترطون المنافاة لرد زيادة الثقة، وذلك يخالف منهج أئمة النقد المتقدمين - كما بان في هذا الموضوع -.

    قال المباركفوري:
    «فإن قلت: فلم لم يقبل المحدثون المتقدمون كالشافعي وأحمد بن حنبل وابن معين والبخاري وأبي داود وأبي حاتم وأبي علي النيسابوري والحاكم والدارقطني وغيرهم= زيادة: " ثم لا يعود " في حديث ابن مسعود، وزيادة " فصاعدًا " في حديث عبادة، وزيادة " وإذا قرأ فأنصتوا " في حديث أبي هريرة وأبي موسى الأشعري، ولم يجعلوها محفوظة، مع أن هذه الزيادات غير منافية لأصل الحديث؟
    قلت: إنما لم يقبلوا هذه الزيادات لأنه قد وضح لهم دلائل على أنها وهم من بعض الرواة كما بينوه وأوضحوه، لا لمجرد أن راويها قد تفرد بها كما زعم النيموي.
    وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لئلا يغتر القاصرون بما حقق النيموي في زعمه الفاسد».
    وقد سبقت الإجابة على قوله الأخير هذا، بأن من أوضح الدلائل على وقوع الوهم من بعض الرواة: أن يخالفه غيره من الرواة؛ أكثر منه أو أوثق...، فيتركوا هذه الزيادة، وينفرد هو بذكرها.

    وقد نصّ أبو حاتم الرازي على أن العلة في قوله: " ثم لا يعود ": أن غير الثوري لم يذكره، وذكره هو وحده، قال - كما في العلل (1/96) -: «هذا خطأ، يُقال: وهم فيه الثوري، وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه )، ولم يقل أحد ما رواه الثوري».

    كما أعلّ البخاري زيادة: " فصاعدًا " في حديث عبادة= بقوله - في جزء القراءة (ص36، 37) -: «وعامة الثقات لم يتابع معمرًا في قوله: " فصاعدًا "، مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب»، وأعلّها ابن حبان بقوله - كما في الإحسان (5/87) -: «تفرد به معمر عن الزهري دون أصحابه».

    وأعلّ مسلم بن الحجاج زيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا " في حديث أبي موسى الأشعري بقوله - كما في صحيحه (ح404) -: «وفي حديث جرير عن سليمان التيمي عن قتادة من الزيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا "، وليس في حديث أحد منهم»، وأعلّها أبو داود السجستاني بقوله - كما في سننه (ح973) -: «وقوله: " فأنصتوا " ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث»، وأعلّها أبو علي النيسابوري الحافظ بقوله - كما في سنن البيهقي (2/156) -: «خالف جرير عن التيمي أصحاب قتادة كلهم في هذا الحديث، والمحفوظ عن قتادة رواية هشام الدستوائي وهمام وسعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد وأبي عوانة والحجاج بن الحجاج ومن تابعهم على روايتهم» قال البيهقي: يعني دون هذه اللفظة، وأعلّها الدارقطني بقوله - في السنن (1/330) -: «وكذلك رواه سفيان الثوري عن سليمان التيمي، ورواه هشام الدستوائي وسعيد وشعبة وهمام وأبو عوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة كلهم عن قتادة، فلم يقل أحد منهم: " وإذا قرأ فأنصتوا "، وهم أصحاب قتادة الحفاظ عنه»، وقال أيضًا - كما في العلل (7/254) -: «والصواب من ذلك: ما رواه سعيد وهشام ومن تابعهما عن قتادة وسليمان التيمي من الثقات، وقد زاد عليهم قوله: " وإذا قرأ فأنصتوا "، ولعله شُبه عليه؛ لكثرة من خالفه من الثقات».

    وأعلّها النسائي في حديث أبي هريرة بقوله - كما في السنن الكبرى (1/320) -: «لا نعلم أن أحدًا تابع بن عجلان على قوله: " وإذا قرأ فأنصتوا "»، ولذا قال البيهقي - كما في السنن (2/156) -: «وهو وهم من ابن عجلان».

    فهذه نصوص بعض الحفاظ في الزيادات التي ذكرها المباركفوري، ويظهر بجلاءٍ شديدٍ فيها أنهم أعلّوا الزيادات بسبب تفرد بعض الثقات بها، دون غيرهم من الثقات - الأكثر أو الأوثق -. وهذا يدل على خطأ ما زعمه المباركفوري من أنهم لم يعلوا تلك الزيادات " لمجرد أن راويها قد تفرد بها ".

    وهو يبين أن ما قاله النيموي صواب، والله تعالى أعلم.


    يتبع - بإذن الله -.

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    وقد بين بعضُ العلماء والمشايخ من أهل العلم بالحديث في هذا العصر عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات، ومن ذلك:

    سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - في المقترح (س155) حول تقسيم ابن الصلاح لزيادة الثقة، فقال: «هم يشترطون في رد الزيادة أن تكون منافية، لكن الذي يظهر أن الزيادة نفسها - كون أنها زيادة - تنافي، من الأمثلة على هذا: الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى، وفيه زيادة في بيان كيفية الصلاة: " إذا قرأ فأنصتوا "، فالإمام الدارقطني ينتقد هذه الزيادة، ويقول: إنه تفرد بها سليمان التيمي، ويوافقه النووي - رحمه الله تعالى - على هذا، ويقول: إن الحفاظ - إشارة إلى جمع، إضافة إلى الدارقطني - ضعفوا هذه الزيادة. فالذي يظهر أن الزيادة بمجردها تعتبر منافاة».

    ونقل الأخ الكريم أبو حمزة الأزهري السلفي، قال: سألت الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف: هل يشترط ركن المخالفة للحكم على الحديث بالشذوذ؟ أعني: أن البعض يشترط عدم إمكان الجمع قبل الحكم بالشذوذ، وإلا حكم بأن ذلك من زيادة الثقة، ومثلت للشيخ بصنيع الشيخ الألباني - رحمه الله - في حديث زائدة بن قدامة في صفة التشهد.
    فأجاب الشيخ: «لا اعتبار بالمنافاة, بل العبرة بتحرير كل لفظة على حدة».
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpo...85&postcount=9

    وقال الشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل المصري في إتحاف النبيل (1/111-113): «فإن قيل: إن بعض طلبة العلم يقول: الزيادة تقبل إلا أن تكون منافية لأصل الحديث، فإذا كانت منافية لأصل ما سيقت له فحين ذاك لا تقبل، أما إذا أمكن الجمع بينهما على طريقة التخصيص مع العموم أو التقييد مع المطلق= فتقبل.
    قلت: وهذا قول للحافظ ابن حجر، وله قول آخر يردها لمجرد التفرد.
    والذي ينظر في كتب العلل والكتب التي اعتنت بهذا الشأن، يجد أن العلماء يعلّون اللفظة الزائدة في الحديث وإن كان معناها لا ينافي الأصل الذي سيقت له، فمثلاً: حديث: " صدقة الفطر صاع من بر، وصاع من تمر... " إلى آخر الحديث، وفيه: " على كل نفس حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين " أخرجه البخاري (1503) ومسلم (984). فزيادة: " من المسلمين " تفرد بها مالك - رحمه الله تعالى -، والعلماء أنكروا على مالك هذه الزيادة، مع أن هذه الزيادة لا تنافي الأصل الذي سيقت له.
    والعلماء الذين دافعوا عن مالك ما قالوا: إن هذه الزيادة لا تنافي الأصل، وإنما قالوا: إن مالكًا توبع عليها، فأثبتوا بالمتابعة هذه الزيادة.
    وأوضح من ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم في كيفية الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول: " إذا قرأ فأنصتوا "، أعلّ الحفاظ هذه الكلمة بالرغم من أنها تناسب وتلائم الآية: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ ﴾، ولا تنافي الأصل الذي سيقت له، وهناك من ينفي شذوذها أصلاً.
    وأيضًا زيادة أخرى في حديثٍ أخرجه مسلم - رحمه الله - في ولوغ الكلب أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا أولاهن أو إحداهن أو الثامنة بالتراب ".
    وفي بعض الروايات زيادة في مسلم: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه "، والعلماء ضعفوا كلمة: " فليرقه " هذه، مع أنه لا يغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب إلا بإراقة ما فيه.
    والذي يقرأ كتب العلل ويتتبع هذه المسألة يجد أن العلماء يضعفون الزيادة لمجرد مخالفة راويها من هو أوثق منه، سواء في العدد أو في الوصف والمنزلة...» إلى آخر كلام الشيخ أبي الحسن، وانظر (2/189) من كتابه، ولم أطلع عليه إلا بعد انتهائي من كتابة هذا البحث، والحمد لله رب العالمين.

    ويُنظر لزامًا كتابه المذكور (2/164-189) ففيه تفصيل طويل، وبيان جيد لمنهج الأئمة في زيادات الثقات.

    خاتمـة:
    وبعد،
    فقد اتضح لكل ناظر أن الأئمة لم يكونوا يقبلون زيادة الثقة في المتن لعدم منافاتها معنى أصل الحديث، أو يشترطون المنافاة في ردها:
    - حيث سردت أمثلة عديدة لزيادات ليس فيها وجه منافاة لأصل الحديث، وردها الأئمة مع ذلك، مع ثقة أصحابها وحفظهم، بل بعضهم في أعلى درجات الحفظ، والأمثلة أكثر مما ذُكر هنا، والمراد إبراز بعض النماذج،
    - ومن ذكر من الأئمة ردَّ الزيادة نظر إلى تفرد راويها بذكرها، وترك الآخرين لها، ولم ينظر إلى المنافاة،
    - ونسب النووي عدم اشتراط المنافاة إلى أكثر المحدثين، وبين ابن رجب أن الإمام أحمد لم ينظر إلى هذا الشرط،
    - ومن اشترط المنافاة في رد زيادات المتون فإنه لا يشترطها في رد زيادات الأسانيد، وكلاهما صورة واحدة يجب أن يكون الحكم فيها واحدًا،
    - وشرط المنافاة قليل الأثر أو معدومه عمليًّا، فتطبيقاته نادرة أو قليلة جدًّا، وإن وجدت الزيادة المنافية؛ فالترجيح لازم بدون اشتراط أصلاً،
    - واشتراط المنافاة قد يعود بالحكم على زيادة الثقة إلى القبول المطلق، وهذا ما ينفيه الأئمة أهل الحديث متقدمهم ومتأخرهم.

    وهذا آخر ما كتبته في هذه المسألة، وقد أُخذ عليَّ أني أكثرتُ من الأمثلة، والأمر من الوضوح بما لا يحتاج معه إلى ذلك، ولكن لعل في الزيادة خير.
    والله أعلم وأحكم، وهو الموفق للصواب.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    تم عصر الأحد السادس من شعبان عام ثمانية وعشرين وأربعمئة وألف.

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    الشيخ الكريم والمشرف الحبيب / محمد بن عبدالله
    جزاك الله خيرا ، ونفع بما كتبت ،وأسأل الكريم رفعة لك في الدنيا ،وفوز بالجنة في الآخرة
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  11. #31

    Lightbulb رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    بارك الله لنا فيك ، واجدت واحسنت ، وشكرا على طول نفسك .... وجعل الله ماتكتب في ميزان حسناتك(يا شيخ محمد)
    الـدكتور صـالح النـعيمي
    للتواصل : smm_snn@yahoo.com او smm_snn@hotmail.com

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    الشيخين الكريمين: وإياكما، أحسن الله إليكما.

    من المفيد إضافة صياغة جديدة لإثبات نسبة اشتراط المنافاة إلى المتأخرين:
    فإن على ذلك أدلة على صنفين - مما سبق نقلُهُ وذكرُهُ في أصل الموضوع -:
    الصنف الأول: ظاهر نصوصهم، ومن ذلك:
    1- قال النووي في المجموع (4/246): " ... وقد أشار البيهقي إلى الجواب عن هذا الإشكال، فقال: لا أدري هل حُفظت هذه الزيادة التي في مسلم؛ لكثرة من روى هذا الحديث عن سفيان دون هذه الزيادة، وإنما انفرد بها محمد بن عباد عن سفيان.
    وهذا الجواب فيه نظر، لأنه قد تقرر وعُلم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أصحاب الحديث والفقه والأصول: قبول زيادة الثقة،
    لكن يعتضد قولُ البيهقي بما قررناه في علوم الحديث أن أكثر المحدثين يجعلون مثل هذه الزيادة شاذًّا ضعيفًا مردودًا، فالشاذ عندهم أن يرووا ما لا يرويه سائر الثقات، سواء خالفهم أم لا.
    ومذهب الشافعي وطائفة من علماء الحجاز: أن الشاذ ما يخالف الثقات، أما ما لا يخالفهم فليس بشاذ، بل يحتج به، وهذا هو الصحيح وقول المحققين ".

    فالنووي يتكلم هنا عن الشاذ في سياق الكلام عن زيادة ثقة في المتن، فكلامه إذن في ( زيادة الثقة المردودة ).
    وقد نصَّ النووي على أن " الصحيح، وقول المحققين ": أن الشاذ ( يعني - هنا -: زيادة الثقة المردودة ): ما يخالف ( يعني: ينافي، بدلالة السياق ) الثقات، دون ما لا يُخالف، وهذا يدل على أن زيادة الثقة تردُّ عند كونها منافية، ولا تردُّ عند كونها غير منافية،
    وهذا هو مرادنا: اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.


    2- قال ابن حجر في النزهة: " لأن الزيادة:
    إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها، فهذه تقبل مطلقًا؛ لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره،
    وإما أن تكون منافية، بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى، فهذه التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها، فيقبل الراجح ويرد المرجوح ":

    فالقسم الثاني الذي ذكره ابن حجر هو قسم ( زيادة الثقة المردودة )، ويظهر في كلام ابن حجر فيه أن الزيادة إنمـا تردّ عند وجود القسم الثاني هذا فقط، تأمل قوله: " فهذه التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها... "، فما سواها - في مفهوم كلام ابن حجر - لا يُرجَّح بين زائدها وتاركها؛ فتقبل.
    ويدلُّ على هذا: أن الزيادة في كلام ابن حجر قسمان: قسمٌ يُقبل؛ وهو ما لا منافاة فيه، وقسم يُرجَّح فيه؛ وهو ما كانت فيه المنافاة، فالزيادة المقبولة لا تخرج عن القسم الأول، والزيادة المردودة لا تخرج عن القسم الثاني،
    وحصرُ الردِّ في تحقُّق القسم الثاني يعني: حصرَ الردِّ في كون الزيادة " منافية، بحيث يلزم من قبولها رد الزيادة الأخرى "،
    وهذا مرادنا: فإن حصر الرد في وجود المنافاة= هو اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.

    3- قال المباركفوري في التحفة: " وعرَّف - يعني: النيموي - الشاذَّ بأنه ما رواه الثقة مخالفًا في نوع من الصفات لما رواه جماعة من الثقات أو من هو أوثق منه وأحفظ، وأعمّ من أن تكون المخالفة منافية للرواية الأخرى أم لا... "،

    ثم قال: " قلت: تعريف الشاذ هذا الذي ذكره صاحب آثار السنن ليس بصحيح، وليس هو مذهب المحدثين المتقدمين البتة. وجه عدم صحته: أنه يلزم منه أن يكون كل زيادة زادها ثقة ولم يزدها جماعة من الثقات أو لم يزدها من هو أوثق منه وليست منافية لأصل الحديث= شاذة غير مقبولة، واللازم باطل فالملزوم مثله ".

    وكلام النيموي ثم المباركفوري هنا في الشاذ من زيادات المتون، وهي ( زيادة الثقة المردودة ).
    فنقل المباركفوري أن النيموي يردُّ الزيادة عند مخالفتها من أي وجه، ثم نصَّ - المباركفوري - على أنه - النيموي - يردُّ الزيادة حتى لو كانت غير منافية، وفي نصِّه هذا إشعارٌ بأن هذه الجملة هي محل النظر في كلام النيموي،
    ثم بيَّن ذلك، فقال بعد أن ذكر أن تعريف النيموي غير صحيح: " وجه عدم صحته: أنه يلزم منه أن يكون كل زيادة زادها ثقة ولم يزدها جماعة من الثقات أو لم يزدها من هو أوثق منه وليست منافية لأصل الحديث= شاذة غير مقبولة، واللازم باطل "،
    فنصَّ هنا مرةً أخرى على عدم المنافاة، وأبطل أن تُردَّ الزيادة مع كونها غير منافية.
    فردُّ الزيادة مع عدم المنافاة خطأٌ وباطلٌ عند المباركفوري، وهذا هو مرادنا: اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.
    وفي بقية كلام المباركفوري ما يدل على اشتراط المنافاة أيضًا.

    الصنف الثاني: تصرُّفاتهم:
    ولعل هذا المجال أرحب من سابقه.
    فمن ذلك:
    1- قال النووي في المجموع (3/425): " واحتجوا في أن الأنف لا يجب بالأحاديث الصحيحة المطلقة في الأمر بالجبهة من غير ذكر الأنف، وفي هذا الاستدلال ضعف، لأن روايات الأنف زيادة من ثقة، ولا منافاة بينهما "،
    فرفض النووي ردَّ الزيادة، لعدم المنافاة،
    ومتى يكون الردّ صحيحًا إذن عند النووي؟ إذا كان ثمَّ منافاة.
    وهذا هو اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.

    2- نقل ابن التركماني في الجوهر النقي (2/155) قول أبي علي النيسابوري في زيادة ( وإذا قرأ فأنصتوا ): «خالف جرير عن التيمي أصحاب قتادة كلهم»، ثم قال - أي: ابن التركماني -: " ولا نسلم أنه خالفهم، بل زاد عليهم، وزيادة الثقة مقبولة "،
    فرفض ابن التركماني اعتبار هذه الزيادة مخالفة مردودة، فهو يرى أنها زيادة غير مخالفة؛ ويظهر أنه لأنها غير مخالفة من جهة المعنى ( أي: غير منافية )، وعليه: فقد رفض ابن التركماني ردَّ الزيادة؛ لأنها غير منافية،
    فمتى يكون الرد صحيحًا إذن عنده؟ إذا كان ثمَّ منافاة.
    وهذا هو اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.

    3- قال الألباني في تمام المنة (ص222) في الكلام على زيادة: " ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها " في حديث وائل بن حجر في صفة الصلاة: " فمن الخطأ الجلي رد التحريك المذكور فيها لتفرد زائدة بن قدامة به دون سائر أصحاب عاصم بن كليب، وذلك لأمرين:
    الأول: أنهم رووا الإشارة، وهي لا تنافي التحريك كما تقدم... "،
    فرفض الألباني قبول الزيادة؛ لأنها غير منافية.
    ويكون ردّ الزيادة مقبولاً إذا كانت منافية، وهذا هو اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات.

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    274

    Question رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شتا العربي مشاهدة المشاركة
    شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    وهل هذه الكتب متوفرة على الشبكة مصورة بي دي إف؟
    وهل يمكنكم توفيرها مشكورا لكم مقدما؟
    شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أما الأول والثاني فموجودان في هذا الموقع المبارك وأما الثالث فإن وجدته فارشدني إليه

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    274

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    لقد خدمتني خدمة لتقدر بثمن فان هدا الموضوع جزء من بحثي ولقد استوقفني هدا الشرط وتناقشت فيه مع بعض الطلبة ولكن داء التقليد دب في العقول وأود أن تكمل جميلك فتدلني علي هدا الكتاب الدي نوهتبه { ويُنظر لزامًا كتابه المذكور (2/164-189) ففيه تفصيل طويل، وبيان جيد لمنهج الأئمة في زيادات الثقات.}ولك الشكر ولي معك عودة أخري معك إن شاء الله

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    الأخ (انظيدحبي): وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    شكر الله لك، وأعانك في شأنك.
    وداء التقليد مستشرٍ عند كثير، وبعضهم يجمع إليه التعصب الأعمى، وذلك أسوأ، والله المستعان.

    أما الكتاب المذكور (كتاب السليماني)؛ فموجود هنا:
    http://www.waqfeya.com/open.php?cat=12&book=177

    والكتابان الآخران (كتابا المحمدي وباحو) رُفعا على الإنترنت بعد هذا الموضوع، ولم أر بعدُ كتاب الزرقي.

    وجزاكم الله خيرًا.

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    274

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    الكتابان أي كتابي باحو والمحمدي حملتهما من> فترة وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا وجعل دلالتك علي كتاب المأربي في حسناتك فالدال علي الخير كفاعله والكتاب جاري تحميله وأقترح عليك أن تطرح موضوع الشاد وعلاقته بزيادة الثقة للمناقشة والبحث فان لي فيه بعض الاشكاليات

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    274

    Exclamation رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انظيدحبي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    الكتابان أي كتابي باحو والمحمدي حملتهما من> فترة وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا وجعل دلالتك علي كتاب المأربي في حسناتك فالدال علي الخير كفاعله والكتاب جاري تحميله وأقترح عليك أن تطرح موضوع الشاد وعلاقته بزيادة الثقة للمناقشة والبحث فان لي فيه بعض الاشكاليات
    لا زلت في انتظار ردكم وبارك الله فيكم والسلام عليكم

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    أعتذر أخي (انظيدحبي) عن ذلك في الفترة الحالية.
    وأرجو أن تبادر فتطرح ما لديك من إشكاليات حول هذه القضية في موضوع مستقل، وستجد -بإذن الله- فوائد، سواء مني أو من غيري.
    وجزاك الله خيرًا.

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    سلام عليكم،
    فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
    أما بعد،

    فينبغي أن أتوجه بجزيل الشكر إلى من تسبب في رفع هذا الموضوع القيم، حتى أراه:

    كما أسأل الله تعالى أن يجزي أخانا محمد بن عبد الله كل خير على هذا الجهد الطيب،

    لقد وفرت علينا جهدا كبيرا في الرد على بعض الإخوة الذي نحوا نحواً خلاف ما كان عليه الحفاظ،

    لكن، لو جمعته في ملفٍ واحد ............... أحسن الله إليك يا أخي

    (صحيحٌ أنه نهاية الفصل الدراسي الأول، لكن لعل هذا لا يكلفك دقائق، وعموم النفع مرجو من الله تبارك وتعالى)

    بارك الله في جهودك،

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    أعتذر أخي (انظيدحبي) عن ذلك في الفترة الحالية.
    وأرجو أن تبادر فتطرح ما لديك من إشكاليات حول هذه القضية في موضوع مستقل، وستجد -بإذن الله- فوائد، سواء مني أو من غيري.
    وجزاك الله خيرًا.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    بارك الله فيك أبا مريم.
    والملف في المرفقات.
    وليس شاغلي نهاية الفصل، أحسن الله إليك.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •