معاداة الإسلام توقع الغرب في تناقضات






د. زياد الشامي








في الوقت الذي يحاول فيه الغرب التظاهر بالخضوع للعلم المادي والتسليم بمضمون الحقائق والبحوث الناجمة عن تحليل وتجريب ويسعى جاهدا للطعن بدين الله الحق بدعوى اعتماده على الغيبيات وابتعاده عن المنهج العلمي التجريبي الذي لا يؤمن إلا به حسب زعمه......نراه يناقض نفسه ويخالف ما زعم أنه يحتكم إليه ويمضي بعكس ما تؤكده الدراسات والبحوث العلمية التجريبية متى كان الأمر يتعلق بالإسلام و المسلمين .


منذ عقود والغرب يطعن بأحكام الإسلام ويحاول التشويش على أوامره ونواهيه بدعوى أنها غيبية لا عقلانية , ومع تطور العلم الهائل وظهور الكثير من الدراسات والبحوث التجريبية التي تثبت صحة ما أمر به دين الله الحق من تحريم أو تحليل لم يُظهر الغرب إزاء تلك الحقائق الناصعة إلا تناقضا مشينا وسلوكا يخالف تماما نتائج تلك البحوث والدراسات , والتبرير الوحيد لذلك السلوك هو الإصرار على معاداة الإسلام والاستمرار في تضييق الخناق على المسلمين في دول القارة العجوز و مناكفتهم .


نموذج حديث كشفت عنه وسائل الإعلام الغربية يؤكد ما سبق , فقد أكدت صحيفة أمريكية أن مدينة "بوكير" جنوب فرنسا تشهد معركة جديدة بشأن مكان الإسلام في المجتمع العلماني هناك، وذلك بعد حظر “جوليان سانشيز” عمدة المدينة البالغ من العمر 34 عاماً والمنتمي لـ”الجبهة الوطنية” اليمينية المتطرفة، استخدام بدائل لحوم الخنزير في مطاعم المدارس، بزعم أن الاستثناءات الدينية تنتهك مبادئ الجمهورية الفرنسية .


قرار عمدة "بوكير" سيكون له تأثير واضح على 150 طالبا من بين 600 في منطقته وسيكون على الطلاب المسلمين دفع 2.40 يورو يوميا في مقابل طعام لا يأكلونه حسبما أكدت صحيفة الــ"واشنطن بوست" الأمريكية .



الصحيفة قالت : إن الرسالة كانت واضحةً لكثيرين وهي أن كونك فرنسيا تعني أكلك للحم الخنزير، أما المسلمون – الذين يحرم دينهم أكل لحم الخنزير ويعتبر الحيوان بذاته نجسا - فلا مكان لهم في فرنسا .


وأضافت : أن موقف عمدة "بوكير" أشعل جدلا في فرنسا خاصة في أوساط الآباء والمعارضة المحلية وقادة المسلمين وحتى الحكومة الفرنسية , فقد نقلت الصحيفة عن وزيرة فرنسية قولها : إن ما قام به عمدة "بوكير" أكبر مثال على قيام شخص ما بالتلويح بالعلمانية كسلاح سياسي ضد المسلمين .


ولفتت إلى أن المسلمين تعرضوا لحملات مختلفة في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، بدأت بحظر ارتداء الحجاب في المدارس العامة وذلك في 2004، وحظر النقاب في 2010. واعتبرت زعيمة معارضة محلية أن الهوية الفرنسية إذا ارتبطت بأكل لحم الخنزير فإن هناك مشكلة كبرى .


بالنسبة للمسلمين فإن تحريم تناول لحم الخنزير أو حتى بيعه و....ثابت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : قال تعالى : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } البقرة/173 , وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِي اللهم عَنْهمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ : ( إِنَّ الله وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ ) .


ومع أن انتهاء المسلمين عن أكل لحم الخنزير أو بيعه لكونه نجس ورجس نابع من خضوعهم واستسلامهم لأمر الله بغض النظر عن ظهور حكمة النهي من عدمها ....إلا أن البحوث العلمية الحديثة التي أثبتت إعجاز هذا التحريم وكشفت عن مزيد من الأدلة التي تؤكد توافق النقل مع العقل وتظهر مدى التطابق بين أمر الله ونهيه وبين ما ينفع الإنسان في دنياه وينجيه في أخراه ....قد زادت المؤمنين – بلا شك – إيمانا ويقينا بصلاحية دين الله الخاتم لكل زمان ومكان .


في المقابل لم تشفع البحوث العلمية الرصينة والدراسات التجريبية الهائلة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك الضرر المؤكد الذي ينجم عن تناول لحم الخنزير والأمراض الكثيرة الخطيرة التي يمكن أن يتعرض لها من يأكل لحم ذلك الحيوان النجس....في ثني الغرب أو توقفه عن الإصرار على تسويق وبيع وأكل لحم الخنزير وإقحام ما تبقى من جسده النجس في كثير من الصناعات الغذائية بل ومحاولة إلزام وإجبار المسلمين بدفع ثمن طعام محرم في دينهم في مشهد يتناقض بشكل صارخ مع أبسط قواعد العقل والمنهجية العلمية التجريبية التي صدع رؤوسنا باحتكامه وخضوعه المزعوم لها .


غيض من فيض تلك البحوث العلمية الغربية منها والعربية يؤكد أن الخنزير حيوان يأكل الجيف والفئران , و أن عدم وجود انزيمى Xanthin oxidase &Uricase فى بلازما الخنزير وقلة وجوده فى الكليتين يجعله يحتفظ بكمية كبيرة من حمض البوليك المضر فى أنسجته , بالإضافة لكونه من خبثه يأكل روثه المختلط ببوله – المليء بحمض البوليك – كما لا يتورع عن أكل كل ما يجده أمامه من فضلات وقاذورات ونفايات وحتى مخرجات الحيوانات الأخرى ما يجعل جسمه يمتلئ بالميكروبات والطفيليات والديدان , ناهيك عن كون لحم الخنزير يحتوى على كميات كبيرة من الهستامين والإميدازول المسبب للحساسية واكزيما الجلد لمن يأكله , بالإضافة لكونه يهضم ما يتناوله خلال أربع ساعاتٍ مما يجعل السموم التي توجد فيما يتناوله تترسّب في جسمه بشكلٍ سريعٍ، كما أنه من الحيوانات التي لا تتعرق وهذا سببٌ آخر يؤدي إلى ترسب السموم في جسمه .....الخ .


إذا لم يكن عداء الغرب للإسلام ومناكفة حكوماته للمسلمين وهلع ساسته وكثير من أحزابه من انتشار دين الله الحق في عقر داره ....هو السبب وراء هذا التناقض الغربي الصارخ مع البحوث العلمية التجريبية....فماذ ا يكون إذن ؟! وكيف يمكن تبرير سلوك عمدة مدينة "بوكير" الفرنسية بغير ذلك ؟!!