الإسلام الحضاري.. قراءة في تحليل المضمون
الكاتب : د. أحمد محمود
المقدمة:
هدف البحث تحليل مصطلح الإسلام الحضاري وسبر أغواره والتعرف على دلالته الحقيقية وعلاقته بالتيارات المختلفة إسلاميا وعلمانيا وقوميا بالإضافة إلى موقف الغرب منه ، ومن ثم تحديد مكانته داخل او خارج المنظومة الاصطلاحية الإسلامية من عدمه، وفي هذا السياق يطرح البحث مجموعة من الأسئلة البحثية أهمها:
س1: هل هناك إسلام حضاري وآخر غير حضاري ، بمعنى أن الأول يحمل دلالات إيجابية والآخر يحمل دلالات سلبية؟
س2: هل هذا المصطلح مرتبط بالدين الإسلامي فقط ولا يوجد شبيه له في الأديان الأخرى مثل (المسيحية الحضارية واليهودية الحضارية)؟
س3: ماهي علاقة هذا المصطلح بالغرب؟
س5: كيف نفهم المصطلح في ضوء تحمس القوى العلمانية والقومية له؟
س6: بماذا نفسر قبول الهيئات الدولية للمصطلح والترويج له؟
س7: ما هو موقع المصطلح بين المصطلحات التي تمثل معه حقلا دلاليا واحدا مثل (الإسلام السياسي)؟
- استخدمت المنهج الوصفي والمنهج التحليلي ومنهج علم المصطلحات الذي يقيم المصطلح من خلال أصوله اللغوية والاصطلاحية والتركيبية.
يتكون البحث من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة على النحو التالي:
الفصل الأول: الماهية والتعريف لغة واصطلاحا:
الفصل الثاني: تطبيقات دعوة الإسلام الحضاري:
1- في فكر التيار العلماني
2- في فكر دعاة الوسطية
3- في تجربة النهضة الماليزية
4- في فكر منظمة المؤتمر الإسلامي
الفصل الثالث: نتائج دعوة الإسلام الحضاري:
1- استحداث ما يسمى ب(العلوم الحضارية الإسلامية): -
أ)- اختراع ما يسمى بالفقه الحضاري
ب)- اختراع ما يسمى بعلم أصول الفقه الحضاري
ج)- تطوير ما يسمى ب علوم الإسلام الحضاري
2- تفضيل الإسلام الحضاري على الإسلام السياسي
3- نزع سلاح الإسلام في معارك الصراع الحضاري
4 - إغراق الإسلام في الحوارات الثلاث:
أ)- حوار الحضارات ب)- حوار الأديان ج)- حوار الثقافات.
الخاتمة: وبها خلاصة نتائج البحث
الفصل الأول: ماهية المفهوم لغويا واصطلاحيا:
الإسلام لغة – الإسلام اصطلاحا – الحضارة والحضاري لغة واصطلاحا – الحضارة الإسلامية لغة و اصطلاحا.
سلِمَ).. من الآفات ونحوها – سلاما وسلامة: َبِرِئَ
سلم): له كذا: َخلِصَ – أسلم: انقاد – أخلص الدين لله
أسلم): دخل في دين الله.
الإسلام: إظهار الخضوع والقبول لما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم
الإسلام: الدين الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام
السلام: اسم من اسماء الله تعالى
السٌَلمٌَ: ما يصعد عليه إلى الأمكنة العالية
السِلمُ: الإسلام .. السلم: الصلح
السلم: خلاف الحرب (وأن جنحوا للسلم فاجنح لها) [1]
- الإسلام اصطلاحا: الإسلام في الشرع على ضربين:
الأول: دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان ، وبه يحقن الدم – حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل – وإياه قصد بقوله: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (الحجرات 14).
الثاني: فوق الإيمان: وهو أن يكون مع الاعتقاد اعتراف بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر ، كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) (البقرة 131). وقوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران 19).
وقوله: (توفني مسلما) (يوسف 10) ، أي اجعلني ممن استسلم لرضاك ، ويجوز أن يكون معناه: اجعلني سالما عن أسر الشيطان حيث قال: (لأغوينهم اجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) (الحجر 40).
وقوله: (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) (النمل 81) ، أي منقادون للحق مذعنون له.
وقوله: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) (المائدة 44): أي الذين انقادوا من الأنبياء الذين ليسوا من العزم لأولي العزم الذين يهتدون بأمر الله ويأتون بالشرائع [2].
الحضارة لغة:
حَضَر فلان – حضارة: أقام في الحضر
حضر الغائب: قدم
الحضارة: الاقامة في الحضر. قال القطامي:
ومن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا
الحضارة: ضد البداوة ، وهي مرحلة سامية من مراحل التطور الإنساني.
الحضارة: مظاهر الرقي العلمي والفني والادبي والاجتماعي في الحضر.
الحضر: المدن والقرى والريف [3].
حضاريُ: منسوب إلى الحضارة (كانت بغداد مركزا حضاريا مشهودا في القرون الوسطى) حضاريا: من الوجهة أو المرحلة الحضارية.
حضري: منسوب إلى الحضر عكسه بدوي (حياة حضرية) (منطقة حضرية)[4]
تعريف الحضارة الإسلامية:
الحضارة الإسلامية هي ما قدمه الإسلام للمجتمع البشري من فكر يرفع شانه وييسر حياته، وهي قسمان: أصلية، و هي حضارة الابداع والابتكار ، ومقتبسة تجريبية ، وهي حضارة البعث والإحياء.
الحضارة اصطلاحا:
- (الحضارة والمدنية والثقافة) مصطلحات تختلط دلالتها في الفلسفات الغربية ، civilization ، وهى مصطلحات جديدة تماما عليها ، فكلمة civilization يأتي استخدامها لأول مرة عام 1704 م بمعنى التمدن – أي التخلق بأخلاق أهل المدن ، واللبس مثلهم والسلوك كدأبهم والتحدث بلغتهم ، أما الحضارة فهى معنى يأتي بعد هذا التاريخ ، باعتبار المدن حواضر ، جمع حاضرة وهى المدينة الكبيرة ، والحضارة الغربية والحضارة الهندية والحضارات الآسيوية ، هي هذه الحضارات في مجموعها أو في مجملها باعتبار السائد في مدنها من أخلاق وعادات وتقاليد وقوانين وأنظمة ولغات وثقافات أهلها ، والحضارة إذن هى حركة التمدن للمجتمع ككل ، وإذا كان ذلك معنى الحضارة ، فإن مصطلح المدنية صار ينصرف إلى الجانب المادي من الحضارة باعتبار المدينة تجمع سكاني هائل تتشابك فيه العلاقات وتروج التجارة ، وتكثر الصناعات وتتنوع الحرف ويكبر عدد الموظفين والصناع والتجار والحرفيين والفنيين ن وتختلف مصالحهم وتتشكل الطبقات منهم تطالب بامتيازات أو اصلاحات وتقوم عليها أحزاب وتصبح لها وسائل إعلام تتحدث باسمها ويدخل الجميع في حلبة الصراع وأثناء ذلك يرتقي المجتمع المدني وتتقدم الحضارة كمحصلة نهائية ، والشعوب والأمم تنقسم إلى شعوب متحضرة وغير متحضرة ، ومجتمع المدينة مجتمع متحضر بالقياس ، والشعوب والأمم تنقسم إلى شعوب متحضرة وغير متحضرة ، ومجتمع المدينة مجتمع متحضر بالقياس إلى المجتمع البدوي أو القروي ، والبداوة نقيض الحضارة.
وكل هذه المعاني السابقة يجمعها بالإفرنجية مصطلح [5] civilization
التعريفات الغربية المعاصرة للحضارة:
- تعريف هانتيجتون:
من أبرز من تكلم من المحدثين الأوروبيين في مفهوم الحضارة صامويل هانتنجتون في كتابه الشهير "صدام الحضارات". فالحضارة عنده “كيان ثقافي “، وأن الانقسامات الكبرى بين البشر ستكون ثقافية ، والمصدر المسيطر للنزاع سيكون "ثقافيا" وأن الحضارات هي أعلى تجمع ثقافي للناس و أوسع مستوى للهوية الثقافية للشعب ولا يسبقها إلا ما يميز البشر عن الأنواع الأخرى وهي تتحدد في ىن معا بالعناصر الموضوعية المشتركة، مثل اللغة والدين والتاريخ والعادات و المؤسسات وبالتحديد الذاتي الذي يقوم به الشعب لنفسه.. وان الحضارات تمتزج وتتداخل وقد تتضمن حضارات فرعية. وللحضارة الغربية صورتان أساسيتان: الأوربية والأمريكية الشمالية ، وللإسلام أقسامه الفرعية: العربية والتركية والماليزية، ومع ذلك فغن الحضارات كيانات هادفة “[6].
تعريف فوكوياما:
"الحضارة اليوم عالمية محورها النمو الاقتصادي "[7]
يتبع