قال البيهقي في الأسماء والصفات:
905 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ أَبَا عِصْمَةَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلَ مَا ظَهْرَ إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ تِرْمِذَ كَانَتْ تُجَالِسُ جَهْمًا، فَدَخَلَتِ الْكُوفَةَ، فَأَظُنُّنِي أَقَلَّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا عَشَرَةَ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ تَدْعُو إِلَى رَأْيِهَا، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلًا قَدْ نَظَرَ فِي الْمَعْقُولِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ. فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: أَنْتَ الَّذِي تُعَلِّمُ النَّاسَ الْمَسَائِلَ وَقَدْ تَرَكْتَ دِينَكَ؟ أَيْنَ إِلَهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ؟ فَسَكَتَ عَنْهَا، ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يُجِيبُهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهَا وَقَدْ وَضَعَ كِتَابَيْنِ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] قَالَ: هُوَ كَمَا تَكْتُبُ إِلَى الرَّجُلِ: إِنِّي مَعَكَ وَأَنْتَ غَائِبٌ عَنْهُ.
قُلْتُ - أي البيهقي -: لَقَدْ أَصَابَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُفِيمَا نَفَى عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكَوْنِ فِي الْأَرْضِ، وَفِيمَا ذَكَرَ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَتَبِعَ مُطْلَقَ السَّمْعِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ وَمُرَادُهُ مِنْ تِلْكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنْ صَحَّتِ الْحِكَايَةُ عَنْهُ، مَا ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16].اهـ