تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 34

الموضوع: هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

    منذ بداية انتشار المتمذهبة الجدد وقلنا: أخشى ما نخشاه التعامل مع المسائل العقدية كما يتعاملون مع المسائل الفقهية.
    لذل نبهنا كثيرًا على تلك الطريقة العرجاء، وأن التغيير وقع في متأخري المذاهب، وقلت منذ أكثر من سنة ونصف:
    (ثم تطور الحال ببعضهم إلى تقليد بعض متأخري المذاهب، ممن جوّزوا البدع والمحدثات التي لم يقل بها صاحب المذهب، فضلاً عن مخالفتها الدليل الشرعي؛ فأصبح التمذهب تُكأة تُستغل في تسويغ البدع، كما تجده في مسائل التوسل والتبرك والاستغاثة والقبور ونحوها، ونسبة ذلك كله إلى المذهب !!).
    والآن تتطور الحال للكلام عن التفويض وأنه مذهب للحنابلة.
    قال ابن تيمية في منهاج السنة: (5/ 261): (كَذَلِكَ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا، لَا سِيَّمَا وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ قَدْ تَلَبَّسَ بِبَعْضِ الْمَقَالَاتِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَخَلَطَ هَذَا بِهَذَا فَالْحَنْبَلِيّ ُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ يَخْلِطُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ شَيْئًا مِنْ أُصُولِ الْأَشْعَرِيَّة ِ وَالسَّالِمِيَّ ةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَيُضِيفُهُ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَكَذَلِكَ الْحَنَفِيُّ يَخْلِطُ بِمَذَاهِبِ أَبِي حَنِيفَةَ شَيْئًا مِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْكَرَّامِيّ َةِ وَالْكُلَّابِيّ ةِ، وَيُضِيفُهُ إِلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ).
    وقال ابن قاسم في مقدمة حاشيته على الروض المربع: (وإذا تتبع المنصف تلك الكتب، واستقرأ حال تلك الأتباع، وعرضها على الكتاب والسنة، وعلى أصول الأئمة، وما صح عنهم، وجدها كما قالوا رحمهم الله، وقد يؤصل أتباعهم ويفصلون على ما هو عن مذاهب أئمتهم الصحيحة بمعزل يعرف ذلك من كان خبيرا بأصولهم ونصوصهم، ومع ذلك عند بعضهم كل إمام في اتباعه بمنزلة النبي في أمته، لا يلتفت إلى ما سواه، ولو جاءته الحجة كالشمس في رابعة النهار).

    وغيرها من النقولات عن الأئمة بهذا الصدد؛ تجده في هذا الموضوع الذي كتبناه على مجلسنا المبارك منذ أكثر من سنة ونصف. تغيير متأخري المذاهب
    24991244_1203810229719067_7328581785100157603_n.jpg
    وقد قام عدد من الأفاضل بالرد على هذا المقولة على صفحاتهم عبر الفيس بوك، فنشاركها هنا لتعم الفائدة، ونلتمس عند مشايخنا وإخواننا التسديد والتوجيه، بارك الله فيكم.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    كتب الفاضل يوسف سمرين عدد من المقالات بهذا الصدد:

    هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟ (1)
    بداية ما هو التفويض؟، خلاصة أمره دون تطويل عبارة أن القائل به لا يدري معنى النص، ويفوض العلم إلى الله، ومن هذا التفويض جاءت التسمية، والصواب أن رد العلم إلى الله في المسألة خارجٌ عن الموضوع، فالله يعلم ما نعلمه وما نجهله، وهو أعلم منا في علمنا وجهلنا، والمفوض هو مجرد جاهل بالمعنى، أي لا يعلم معنى النص.
    جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب سأل جمعًا من الصحابة عن آية فقال: فيم ترون هذه الآية نزلت؟، فقالوا: "الله أعلم"، فغضب عمر فقال: "قولوا نعلم أو لا نعلم".
    وقد كان عمرُ مسددًا، فمن لا يعلم، ليقل إنه يجهل المعنى ليطلبه عند من علمه، لا أنه يكتفي بقوله الله أعلم!، فالسؤال عن علم المرء نفسه، لا علم الله.
    نأتي لمسألة التفويض في مذهب الحنابلة.
    فقد زعم المجيب بأن المعتمد في مذهب الحنابلة التفويض، ومن العجب أنه جعل من بين من سماهم في تحقيق المعتمد الطوفي، وهو سليمان بن عبد الكريم الملقب بـ(نجم الدين)، وهو الذي قال عنه ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة إنه "كان منحرفًا في الاعتقاد عن السنة، حتى إنه قال عن نفسه:
    حنبليٌّ رافضيٌ أشعريٌّ *** ظاهريٌّ هذه إحدى الكُبَر
    ووجد له في الرفض قصائد"!
    فهل مثل الطوفي يذكر في تحقيق المعتمد في مذهب أحمد؟!
    http://<a href="https://m.facebook.c...ory.php…</a>
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟ (2)
    وهذا الكاتب يناقض نفسه بنفسه، فيقول بأن "الأقوال ينبغي أن تقرر كما هي عند أصحابها"، والمذهب كله ينتسب إلى أحمد بن حنبل، فكان أول ما يفترض به أن يقرر ما قاله أحمد نفسه، قبل الذهاب إلى المتأخرين والمتوسطين، ولنأخذ مسألة واضحة تكاثرت فيها نصوص أحمد بن حنبل، وهي مسألة كلام الله.
    فهل قال أحمد كلام الله وسكت وقال أفوض الأمر إلى الله؟
    بل قال كلام الله غير مخلوق، ولم يرض سكوت من سكت عن التصريح بأنه غير مخلوق، وهم الواقفة، أي الذين توقفوا في المسألة، ولم يكتفِ بهذا حتى ألحقهم بالجهمية.
    ثم هل سكت أحمد عن كلام الله؟ فقال مثلًا، كلام الله غير مخلوق وأفوض معنى الكلام إلى الله، بما يليق به؟
    بل صرح بإثبات الحرف والمعنى وهو ما يتناقض تماما مع المذهب الأشعري.
    لذا حتى من سلك التأويل من الحنابلة مثل ابن عقيل وابن الجوزي، لم يقدروا على تجاوز نصوص الإمام في هذه المسألة تحديدًا.
    وتجد لابن عقيل رسالة مفردة في الرد على الاشعرية شديدة العبارة.
    على أي حال، هذا مناقض تماما للتفويض في صفة الكلام، بل اثبات للحرف والمعنى، وهو إثبات لمعنى الكلام كما قال ابن مالك: كلامنا لفظ مفيد، أي صوت وحرف ومعنى.
    ومن هنا يبرز اسم ابن قدامة، فيمن ذكرهم، ابن قدامة، لم يتسق في تقرير مقالة أحمد في مسألة الصفات، فتارة يصرح بالتفويض، ولكنه هو نفسه يصرح أحيانًا بالإثبات، وعلى سبيل المثال، لابن قدامة رسالة في إثبات الحرف، اسمها (الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم)، هذه الرسالة تبين أن نسبة التفويض بالعموم إلى ابن قدامة غلط، هذا أولًا، ثانيًّا، بقطع النظر أين أخطأ ابن قدامة، لا ينبغي أن يحسب كل حرف منه على مذهب أحمد، فكيف بتحقيق مقالة رأس المذهب نفسه.


    https://m.facebook.com/story.php…
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟ (3)
    ولذا لا يمكن لمفوض أن يتسق في مذهب أحمد، بل سيضطر أن يصرح بالإثبات كما في مسألة الكلام معناه معلوم، كما قرره أحمد بن حنبل.
    نأتي لتاريخ التفويض فلسفيًّا، فهو متأخر على مذهب التأويل في الواقع، فقد خرج من رحم التأويل، ولما تعرض له الغزالي، جعله حلًا لمشكلة دخول العوام في علم الكلام، فالعامي لم يكن يفهم معانٍ مثل الجوهر والعرض ونحو ذلك، بعد أن جعلها المتكلمون في أصول الدين، فقال له بأنه يكفي منه تفويض المعاني، فالتفويض هو موقف متأخر عن الموقف الذي حاربه أحمد نفسه.
    فالتفويض كما سبق هو اللا موقف، واللا أدرية، وهو دأب العوام، فهل رأس مذهب الحنابلة كان بمنزلة العوام!؟ على فرض التسليم بصحته!
    نأتي إلى طريقته في تقرير المعتمد في المذهب، فقد قال بأن الأكثر عليه، وقد سبق أن هذه دعوى، فمن وقع في تفويض صفة، سيضطر إلى إثبات غيرها فيما صرح فيه أحمد بالإثبات كالكلام، وليس القول بأنه فوض أولى من نسبة الإثبات إليه، وهو لا يمكنه إلا أن يثبت نصوص إمامه الذي ينتسب إليه.
    فظهر أن قوله (الأكثر) محل نظر، حيث إن المنتسب إلى الحنبلية، مهما أول أو فوض، سيظل مختلفًا عن مفوض أشعري أو مؤول أشعري، والخلاف بينهما شديد، وأظهر المسائل في هذا مسألة الكلام، لكثرة كلام أحمد فيها، والأصل واحد، والقواعد والقياس والتخريج على قوله، إن اعتمد فيه الطريقة التي في الفروع فلن تكون لا في التأويل ولا التفويض للمعنى، وبهذا لا يصح أن ينسب إلى المذهب أن المعتمد فيه التفويض، فذا مناقض لنصوص الإمام وقواعده وقياسه وأصوله.
    http://<a href="https://m.facebook.c...ory.php…</a>
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟ (4)
    ونصوص الإمام لتكاثرها، بسبب وقوفه في المحنة، منعت المذهب أن يبتلع من معتقد غير ما قاله صاحبه، بخلاف العديد من المذاهب، التي لم تكن نصوص أصحابها كثيرة مثله في هذا الباب، ولذا تجد المخالف لهم يذكر القلة التي وافقته لا الكثرة التي خالفته، فيقول قال فضلاء الحنابلة، مستثنيًا لهم من مجموع المذهب، مادحًا لهم وبمفهوم المخالفة يقلل من غيرهم.
    وهذا مذهب أبي حنيفة اشتهر المنتسبون إليه من الجهمية والمعتزلة، فهل كثرتهم في داخل المذهب، وتحقيقهم لشيء من الفروع، يجعل أبا حنيفة محسوبًا على الاعتزال والتجهم، بمحض الكثرة والقلة؟ أم يقال العبرة بما نطق به، وما يتخرج على أقواله.
    نأتي لبعض ما استدل به الناسبون لأحمد إلى التفويض، فمن ذلك قوله أمروها كما جاءت ونحو ذلك مما نطق به السلف.
    فهذه العبارات تفهم في إطارها، ولعل أقرب الكتب التي استعملت هذا الأسلوب رسالة الشافعي، ويقول فيها في عدة مواطن: استغني فيه بالتنزيل عن التأويل، أو التفسير، فهم يستغنون بالتنزيل لوضوحه لا لتفويضه! وعدم بيانه، وإلا فالمبهم ينبغي طلب معناه، إن لم يكن منه فمن غيره، كما هي أبجديات الأصول، فمقالة تحقق خطأ الاستدلال بها، لا يفترض أن تحسب على أنها معتمدة في المذهب.
    ومن ذلك ما رووه عن طريق حنبل بن إسحق بعدم إثبات المعنى عن أحمد، فهو لا يصح لانفراد حنبل بالنقل عنه، وهو ضعيف فيما ينفرد به عن أحمد.
    خلاصة الأمر، أن نسبة التفويض إلى مذهب الحنابلة، غير صحيح، ومجازفة، ولا تحقيق فيها.
    والصواب نصًا من الإمام، وقواعد وأصولًا وقياسًا وتخريجًا، أنه مذهب مع الإثبات.
    مودتي.


    https://m.facebook.com/story.php…
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وختم يوسف سمرين بهذا البيان:
    التفويض مصادم لمذهب الحنابلة.

    لما ناقشت المنتسب إلى المذهب الحنبلي، ناقشت عين مقالته، بدل الحشو الفارغ الذي يكررونه كل حين، مذهب أحمد، ليس فقط لا يصلح معه التفويض، بل يناقضه تمامًا، بعضهم أراد الحذلقة، فقال لابد أن يكون المرء محققًا للمذهب، ليعتبر قوله، ويغفل القائل، عن آلية تحقيق المذهب أصلًا، وقد شرح بعضًا منها ابن حامد الحنبلي في تهذيب الأجوبة، لا يفترض أن يكون هناك أي تخريج يناقض نص أحمد أصلًا، ومتى تعارض تخريج فرع مع نص لأحمد، فإنه لاغٍ، وما ينسبونه إلى المذهب، خطأ من صاحبه، وخطأ في النسبة إلى المذهب.
    الآن هل يوجد في مقالة العديد من المتأخرين تفويض، نعم هذا صحيح، ولكن هذا ليس المذهب، بل يقال بكل وضوح، التفويض الذي سلكه المتأخرون أجنبي عن مذهب أحمد أصلًا، ويوجد حنابلة انتسبوا إلى المذهب ولهم مقالات تناقض مذهبه، وتحقيق مقالة في المذهب يجب أن تتسق مع أصول المذهب، وأن لا تخالف نصوص الإمام، فتنبه، فلا يقال مذهب الشافعي مثلًا ترك الظاهر، فهذا لا يصح بحال وقد نص على خلافه، بل المذهب يدور حول تحقيق مقالة الإمام المجتهد، ومعرفة أصول كلامه، لإلحاق فرع بالأصل الذي سلكه إمام المذهب.
    نأتي لمقالة التفويض، فتحت أي أصل من كل أصول المذهب اعتمدت، لا يوجد لها أي أصل، بل تناقض أصول المذهب، أما أصلها على التحقيق فهو أجنبي عن المذهب تمامًا، وذلك بالتأثر بالمحيط الثقافي الذي حاكى تقسيمات أفلاطون، بجعل الناس طبقات، والعوام لا يقدّر لهم أن يكونوا فلاسفة، وجاء الغزالي ليكحلها، فجعل التفويض مرتبة العوام، أما التأويل فلأهل العلم.
    مرتبة العوام هذه ارتضاها بعض من حقق فروعًا في المذهب، وكان فقيهًا، لكنه في الكلام كان يحاكي الأشعرية في كثير من مباحثه، فتحصل أن هذه المقالة أجنبية تمامًا عن المذهب أصلًا، فلا تنسب إليه، بل تنسب إلى قائلها، وهي خطأ منه على المذهب وعلى الشريعة من قبل.
    أما التحشيد بأن الشيخ فلان قال بذا ونسبه إلى المذهب، فكل من حشدتم لا يساوون ربع علم تقي الدين، في تحقيق المذهب على وجهه، أصولًا وفروعًا، ومع ذلك فلم أذكره حتى لا يقال استدل بمغالطة السلطة.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وكتب الفاضل الدكتور: محمد محمود آل خضير:

    التفويض عند الحنابلة:
    1- حين كتبت "مقالة التفويض" لم أخص هذه المسألة بالذكر؛ لأن المراد كان تقرير مذهب السلف، وتضمن ذلك النقل عن الإمام أحمد رحمه الله، كما تضمن توضيح ما اعتمد عليه من ينسب التفويض إليه.
    2- في فصل النقول عن السلف وأتباعهم، نقلت عن جماعة كبيرة من الحنابلة، من مصنفاتهم العقدية، كالسنة لحرب الكرماني، والشريعة للآجري، والإبانة لابن بطة، والتوحيد لابن منده، وكتب أبي إسماعيل الهروي، والتبصرة لأبي الفرج الشيرازي، والإيضاح لابن الزاغوني، والغنية لعبد القادر الجيلاني، والاقتصاد لعبد الغني المقدسي، وابن تيمية في مواضع، وابن عبد الهادي في الصارم، وابن القيم، وابن رجب، بل وعن ابن قدامة وعبد الباقي والسفاريني وعثمان النجدي، وإن كان الخلاف حول ابن قدامة مقبولا.
    ويضاف لهؤلاء عبد الله بن أحمد، والخلال، وأبو حامد.

    3- هؤلاء الحنابلة جميعا يثبتون العلو الذاتي، والحرف والصوت، وكثير منهم ينص على أن الصفات معلومة المعنى على ما تفهم العرب من لغتها، فراجع النقول في مواضعها.
    4- من قال إن معتمد الحنابلة التفويض، إن أراد أنه قول الأكثرين فليس كذلك، وإن أراد أنه قول الإمام ومتقدمي أصحابه فليس كذلك، وإن أراد أن أهل التصحيح والتنقيح قد نصوا على أنه المذهب فليس كذلك أيضًا.
    5- كون جماعة من المتأخرين أو كثرة منهم قالوا بالتفويض، ما قيمة ذلك، اذا كانوا مخالفين لإمام المذهب?!
    وما قيمة القول العقدي المخالف للكتاب والسنة ومذهب السلف؟!

    6- التفويض يلزم منه تجهيل النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم بلاغه، وأي بلية فوق هذا. ويلزم منه لوازم أخرى قبيحة بينتها في موضعها، وهو من شر أقوال أهل البدع كما يقول ابن تيمية، وهو من أعظم القدح في النبوات كما يقول أبو القاسم القشيري، وهو مسألة عقدية لا يسوغ فيها التقليد، كما هو معتمد المذهب! فما قيمة كلام المتأخرين الذين أحسن أحوالهم أن تلتمس لهم الاعذار، لا أن يتبعوا على خطئهم.
    7- التفويض عند من قال به من الحنابلة يختلف عن تفويض الأشاعرة، لأن الحنابلة يمرون الظاهر، ولا يرونه محالا يجب نفيه، ويثبتون ما يتنافى مع التفويض كالحرف والصوت والعلو الذاتي. وهم في تفويضهم متناقضون، كما بين شيخ الإسلام، فكيف يكون الظاهر مرادا، ثم لا يعلم تأويله إلا الله.
    8- ما فتئ المتكلمون يذمون الحنابلة، ويرمونهم بالتشبيه، وينصون على أن من أجرى نصوص الصفات على ظاهرها فهو مشبه، ولو كان الحنابلة يؤمنون بألفاظ مجردة، لما لحقهم هذا التشنيع.
    9- لا يصح الربط بين المذهب الفقهي، وبين المذهب العقدي لبعض رجاله، المخالفين لمذاهب أئمتهم، لأن أقوالهم لا يصح نسبتها إلى مذهب الإمام، ولا يصح تقليدهم فيها.
    وهذا كتبته على عجل، ولعلي أعود إلى تفصيله.
    <span style="font-family: traditional arabic"><font size="5"><font color="#0000FF">https://www.facebook.com/permalink.p..._comment_reply
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وكتب الفاضل يوسف سمرين أيضًا:

    حول عبارة (بلا تفسير)، ولا كيف ولا لم، وأمروها كما جاءت.
    هذه العبارات التي نطق بها السلف، لا ينبغي لها أن تفهم بحال باصطلاح حادث بعدهم، بل تفهم في إطار عرفهم، وإطلاقهم، واصطلاحهم، فبعضهم تمسك بها ليستدل بها على أنها تعني التفويض، وهذا خطأ محض، وإليك أمثلة تبين بطلانه، قال الشافعي: "لم يكن .... لأحد إدخال (لمَ) ولا (كيف) ولا شيئا من الرأي على الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا رده على من يعرف بالصدق في نفسه، وإن كان واحدا ".
    (اﻷم، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إدرﻳﺲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﺗﺤﻘﻴﻖ وﺗﺨﺮﻳﺞ: رﻓﻌﺖ ﻓﻮزي ﻋﺒﺪاﻟﻤﻄﻠﺐ، دار اﻟﻮﻓﺎء -اﻟﻤﻨﺼﻮرة، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ: 1422 ﻫ -2001م، ج 10، ص 16.) فهذا هو الشافعي يرفض الرأي، ولم، وكيف، في كل خبر، فهل يفيد هذا عند أي عاقل، أنه لا يعلم معنى الأخبار جميعًا، وقد قال فيها هذا؟ وهل يكون إمامًا أصلًا وقد جهل معنى كل الأخبار!وقال الشافعي أيضًا:
    "وقد بين الله عز وجل في هذه الآية ، وليست تحتاج إلى تفسير".
    (الأم، ج 1، ص 56.)

    فعدم التفسير والاكتفاء بالآية، يكون لقوة بيانها، لا لأنها غير معلومة المعنى، فمن الأبجدي في أصول الفقه، أن النص متى لم يدل دلالة واضحة على معناه استدلوا بغيره، وفق مراتب الأدلة، وطلبوا تفسيره، بآية أخرى، أو حديث، أو إجماع ونحو هذا، فعدم التفسير يكون لعدم الحاجة إليه.
    فإن
    "الاستفسار عند الأصوليين
    ": طلب ذكر معنى اللفظ حين تكون فيه غرابة أو خفاء".
    (الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية-الكويت، طباعة: ذات السلاسل -الكويت، الطبعة الثانية: 1406 هـ -1986م، ج 4، ص 59.)

    والتفويض حادث متأخر، بعد التأويل الذي رفضه السلف، وإنما هو موقف الواقفة عينه الذين ذمهم أحمد، وألحقهم بالجهمية، فحقيقة مذهب المفوضة، أنهم لا يريدون التصريح بعيب مذهب جهم، بل السكوت عنه، أو عيب النطق به فحسب، لا عيب معناه الباطل!
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    يدندن الأشاعرة الماتريدية حول التفويض ليقتربوا إلى مذهبهم، وليدلسوا على العامة بل الخاصة بأن الحنابلة مفوضون!
    وهذه شنشنة معروفة منهم!

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    يدندن الأشاعرة الماتريدية حول التفويض ليقتربوا إلى مذهبهم، وليدلسوا على العامة بل الخاصة بأن الحنابلة مفوضون!
    وهذه شنشنة معروفة منهم!
    الأمر عند هؤلاء لا يخلو من احتمالين:
    الأول: التعصب المذهبي الذي جرهم للتعامل مع المسائل الاعتقادية كالفقهية سواء بسواء.
    الثاني: التعصب العقدي الذي جرهم لتلبيس تلك المعتقدات من بوابة التمذهب.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي


    قال الشيخ صالح آل الشيخ:

    أما تفويض المعنى فهو من التجهيل، وهذا قول طائفة من الضُّلال؛ بل قد قال الأئمة: إن أهل التفويض يعني أهل التجهيل شر من أهل التأويل؛ لأنهم سلبوا المعنى أصلا عن النص الذي يعلم، وأولئك أوَّلوا فأبقوا المعنى، ولكن أوَّلوا فأبقوا المعنى، ولكن أولوه إلى معنى آخر، والمعنى الآخر الذي أوَّله إليه أهل التأويل صحيح في نفسه، ولكنه ليس صحيحا بالنسبة لفظ الذي أولوه.

    فمثلا: أولوا الرحمة بأنها الإنعام، الإنعام صحيح في نفسه أن الله متصف بالإنعام ، ولكن لا يصلح أن تفسيرا للرحمة؛ لأن الرحمة صفة من حيث هي معلومة المعنى.

    المقصود من ذلك: أن يُحذَر من هذه الطرائق الثلاث، وكلها مناقضة لطريقة السلف، فأعظمها الأولى أهل التخييل وهم كفار، ويليها أهل التجهيل ومنهم من يكفر إذا ادَّعى أن هذه النصوص لا معنى لها ألبتة، وأخفهم أهل التأويل وأولئك لايُطلق القول بكفرهم؛ ولكن منهم وهم الغلاة؛ غلاة الجهمية وغلاة المعتزلة، وأشباههم منهم من حُكِمَ بكفره لتكذيبه ما جاءت به النصوص، ورده ما دلت عليه.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال الشيخ البراك: (أهل التفويض الباطل لا يثبتون الصفات، بل يفوضون معاني النصوص، ويقولون: هذه النصوص لا يُفهم منها شيء، وهذا باطل؛ والصواب أن تفهم على وجهها الذي جاءت به، ولا تصرف عنه بلا دليل ولا حجة؛ كما هي طريقة الخلف المنحرف). [إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد: (صـ ٢٨)].
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    " فإذا قلنا: يد وسمع وبصر وما أشبهها، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولسنا نقول: أن معنى اليد القوة أو النعمة، ولا معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي وبالأسماع وبالأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول إن القول إنما وجب بإثبات الصفات لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لأن الله ليس كمثله شيء، وعلى هذا جرى قول السلف في أحاديث الصفات. هذا كله كلام الخطابي."


    قال الشيح صالح آل الشيخ:
    " هذا كلام الخطابي أصل، واعتمد شيخ الإسلام في (التدمرية) في أحد القواعد أن الكلام في الصفات كالكلام على الذات يحتذى فيه حذوه، وينهج فيه على مثاله ومنواله.

    والخطَّابي رحمه الله في الجملة على طريقة السلف؛ لكن له بعض التأويلات رحمه الله تعالى، له اجتهاد في ذلك، وهو معذور في هذا رحمه الله، فهو من أئمة الدين، والعلماء الربانيين، ألف في التوحيد والصفات، وألف في السنة، وله مؤلفات متنوعة في نصرة علوم الكتاب والسنة.

    ما ذكره هنا من أننا لا نقول اليد بمعنى القدرة والنعمة؛ لأن هذا هو قول المبتدعة، هذا معنى هو قول من قال من الأئمة الشافعي وأحمد وجماعة، نقول الصفات بلا كيف ولا معنى، يعني: لا كيف كما يقوله المجسمة، ولا معنى كما يقوله المؤولة، وهنا ذكر أنه غلا فيها قوم فحققوها فخرجوا بها إلى ضرب من التشبيه وجفا قوم فتأولوها أو عطلوها.

    والصواب ما بين هذين، وأنه إثبات بلا تكييف، فلا نقول: اليد هي القدرة، أو النعمة؛ لأن هذا باطلمن جهة اللغة، فاليد صفة لله جل وعلا كما يليق بجلاله وعظمته، كما قال سبحانه {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}، وكما قال{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وكذلك وجهه سبحانه حق على حقيقته، صفة له ذاتية {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}.

    وكذلك سمعه، وبصره، وكلامه، وتكليمه، وعزته، وقوته، وإرادته، ورحمته، كل هذا من باب واحد، فكما أن إثبات الصفات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فإنك لو سألت كل مؤمن بوجود الله جل وعلا، ما كيفية ذاته فإنه لا يمثلها ولا يكيفها لأنه يعرف إلا أن يكون مجسما.

    فكذلك نقول: إثبات الصفات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فعندك أهل الاعتزال حينما أثبتوا ثلاث صفات، وزاد عليهم الأشاعرة أربعا فأثبتوا سبع صفات، والماتريدية ثمان صفات، ثم محققوهم إلى عشرون صفة، قسموها إلى صفات ذاتية وسلبية ومعاني ومعنوية إلى آخره، كل هذا على أصولهم أن إثبات الذات -وجود الذات- أنه إثبات وجود لا إثبات كيفية.

    فكذلك يقال لهم: طريقة السلف الصالح في إثبات الصفات إثبات وجود بلا كيفية.

    فنقول: كما أنكم أقررتم في صفة السمع وأنكرتم على المعتزلة يا أشاعرة، بأنَّ السمع ليس هو العلم، والبصر ليس هو العلم، فقولوا كذلك في الرحمة أنها ليست الإرادة، وقولوا كذلك في الغضب أنه ليس إرادة الانتقام، وهكذا.

    فيلزمكم فيما رددتم به قول المعتزلة؛ أن تردوا على أنفسكم به، وهذه قاعدة مطردة مأخوذة من قول الخطابي: الكلام على الصفات كالكلام على الذات، أو فرع على الكلام على الذات، فكلٌّ مثبت لبعض الصفات تطعنه بهذه القاعدة، كل بحسبه.


    فإذا قال لك الجهمي: أنا أُومن بوجود مطلق بشرط الإطلاق بلا صفة.
    فقل له: لم؟
    فلابد أن يقول: لأن الصفات الأخر المخلوقات متصفة بها، وأنا أنزه الله جل وعلا عن أن يشابه خلقه.
    فقل له: ما من مخلوق من مخلوقات الله إلا له صفة الوجود، فإذن ثَمَّ اشتراك.

    فسيقول: قلت أنا: إن صفة الله موجود المطلق بشرط الإطلاق.

    فنقول له: قل كذلك: صفة الله جل وعلا أو من صفاته اليدان بشرط عدم التكييف، فكما أنك اشترطت في الوجود الإطلاق حتى لا يشابه وجوده جل وعلا وجود مخلوقاته، فكذلك قل في كل الصفات ما يخرجها عن مماثلة مخلوقاته.


    كذلك المعتزلي يؤمن ببعض الصفات، فألزمه فيما أثبت المماثلة أو المشابهة.
    فإنه يقول: أنا لا أشبِّه الله بخلقه.

    قل: إثباتك لهذه الصفات فيها تشبيه؛ لأن هذه الصفات عند المخلوق، فالإرادة؛ المخلوق عنده الإرادة، الحياة؛ المخلوق فيه حياة، فلم إذن ما نفيت هذه الصفات لوجود المماثلة؟

    فسيقول: هذه لابد منها، دل عليها بالعقل، وإذا كان لابد منها فلا يمكن لي أن أتأولها.

    فإذن نقول له: إذن قاعدتك في المماثلة أنَّ إثبات الصفة فيه مماثلة، هذه ليست جيدة؛ لأنه لابد أن يخرج شيء عن هذه القاعدة، فإذا أخرجت هذه الثلاث صفات، فأخرج الصفات الأخر؛ لأن الكتاب والسنة دل عليها، وانْفِ عن الرحمن جل وعلا مماثلة المخلوق.


    كذلك الأشاعرة يثبتون سبع وينفون البقية، يلزمهم فيما نفوا نظير ما لزم الأولين؛ لأن القاعدة عندهم نفي المشابهة والمماثلة، ودرج عليها الجميع وهي تلزمهم فيما أثبتوا.

    المقصود من ذلك أن هذه القاعدة مهمة جدا، وأنه يحتاج إليها المناظر.
    والمناظر للمبتدعة إذا حباه الله جل وعلا:
    الأول: فقها في النصوص، ومعرفة بكلام السلف عليها في الصفات.
    الثاني: ثم معرفة باللغة وأوجه التوجيه اللغوي.
    والثالث: حسن إلزام ومجادلة ومعرفة لمذاهبهم.

    فإنه لاشك سيكون غالبا، كما قال جل وعلا: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}.
    وإنما يؤتى من يناظر القوم أو من يتكلم معهم من جهله بهذه الثلاثة جميعا، أو بأحد منها،
    فإنه إذا لم يعلم النصوص، ودلالة النصوص على فهم السلف الصالح ربما خانته الحجة، ثم إذا لم يعلم اللغة ربما خانته الحجة؛ لأن ذاك يقول: هذا في اللغة كذا، -مثلا- الكرسي الذي مرّ معنا، يقول: الكرسي في اللغة العلم، وليس ثَمّ مخلوق محسوس يقال له كرسي، وأنه موضع القدمين.
    وإنما الكرسي العلم مثل ما جاء عن ابن عباس في أن الكرسي العلم، وفي اللغة العلماء يقال لهم: الكراسي؛ لأن الكرسي هو العلم، مثل ما ذكره ابن جرير في تفسيره عند الآية وأطال عليها، ويأتي المحقق في اللغة فيقول: الكرسي بمعنى العلم ليس معنى أصليا، وإنما صار العالم كرسيا لجمعه للعلم، فيقول: قال الشاعر في وصف قانص.
    فلما احتازها –يعني حاز الصيد، رماه السهم، فاحتازه؛ يعني أمسكه-.
    قال:
    فلما احتازها تكرَّس ....................
    قال: تكرس هنا علم بأنه صاده، يفسرونها بأنه علم بأنه صاده.
    وعند أهل العلم بالتوحيد هنا تكرّس يعني: جمع، عندما احتازها كان بها بقية حياة، فجمعها إليه حتى لا تنفلت.
    فيكون إذن حتى ما يريدونه عند من يعلم اللغة يكون حجة عليه.

    كذلك -مثلا- إذا قال اليد تأتي في اللغة ويراد بها النعمة، فيقال فلان له علي يد؛ يعني: نعمة وفضل، نقول: هذا صحيح في أنه يقال هذا؛ لأن الناس إنما يعطون باليد، فقيل: لفلان عليّ يد للقطع عن الإضافة؛ لأنه استعلى حين أعطاه بيده.
    أما عند الإضافة فلا يمكن أن تكون بمعنى النعمة، فلا يقول قائل من العرب: يد فلان عليَّ. ويعني بها: النعمة، ولا يأتي أحد من العرب ويقول: لفلان يدان عليَّ، أو عليّ منه يدان. ويقصد بها نعمتين، هذا لا أصل له في اللغة، وأشباه ذلك.

    والبيهقي وجماعة ومنهم الخطابي راج عليهم بعض الشبهات اللغوية فما تتخلصوا منها، هذا هو النوع الثاني مما يحتاجه طالب العلم المحقق في العقيدة، باللغة وبالشواهد وكلام أئمة التفسير عليها، وكلام السلف على معاني الصفات.

    وأن يكون عنده علم بمذاهب القوم، ومواقع الحجاج؛ لأنَّ عندهم ثغرات كبيرة في مذاهبهم حتى على أصولهم؛ لأنه ما من أحد يخالف الحق إلا وله نصيب من التناقض، لابد له نصيب من أنه يتناقض، فيقولون بالإثبات مرة، بالتأويل مرة، بالتفويض مرة، وهكذا، فيلزم طالب العلم أن المبتدعة بما يكون معه حجته أقوى وبرهانه أمضى.".
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    الأمر عند هؤلاء لا يخلو من احتمالين:
    الأول: التعصب المذهبي الذي جرهم للتعامل مع المسائل الاعتقادية كالفقهية سواء بسواء.
    الثاني: التعصب العقدي الذي جرهم لتلبيس تلك المعتقدات من بوابة التمذهب.
    وفي كلا الحالتين:
    من الأخطاء الفاحشة في تاريخ العقيدة الإسلامية نسبة القول بالتفويض إلى مذهب السلف الصالح، وتوارث هذه الفكرة الخاطئة جيلاً بعد جيل، إلى وقتنا الحاضر حتى صارت لدى كثير من الناس من المسلمات التي لا يتطرق إليها الجدل والمقدمات التي ترتب عليها النتائج.


    انظر كتاب: مذهب أهل التفويض
    أحمد بن عبد الرحمن القاضي

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال شيخ الإسلام في "درء تعارض العقل والنقل":
    (وهؤلاء أهل التضليل والتجهيل الذين حقيقة قولهم: إن الأنبياء وأتباع الأنبياء جاهلون ضالون، لا يعرفون ما أراد الله بما وصف به نفسه من الآيات وأقوال الأنبياء.
    ثم هؤلاء منهم من يقول: المراد بها خلاف مدلولها الظاهر والمفهوم. ولا يعرف أحد من الأنبياء, والملائكة, والصحابة, والعلماء ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.
    ومنهم من يقول: بل تجري على ظاهرها، وتحمل على ظاهرها، ومع هذا فلا يعلم تأويلها إلا الله. فيتناقضون حيث أثبتوا لها تأويلاً يخالف ظاهرها، وقالوا – مع هذا – إنها تحمل على ظاهرها. وهذا ما أنكره ابن عقيل على شيخه القاضي أبي يعلى في كتاب (ذم التأويل)).

    ويقول رحمه الله:
    (ونوع ثالث: سمعوا الأحاديث والآثار، وعظموا مذهب السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن والحديث والآثار ما لأئمة السنة والحديث، لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية، ورأوا ما بينهما من التعارض. وهذا حال أبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وأمثالهم.
    ولهذا كان هؤلاء تارة يختارون طريقة أهل التأويل، كما فعله ابن فورك وأمثاله في الكلام على مشكل الآثار.
    وتارة يفوضون معانيها، ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك. وتارة يختلف اجتهادهم، فيرجحون هذا تارة وهذا تارة كحال ابن عقيل وأمثاله).

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وفي كلا الحالتين:
    من الأخطاء الفاحشة في تاريخ العقيدة الإسلامية نسبة القول بالتفويض إلى مذهب السلف الصالح، وتوارث هذه الفكرة الخاطئة جيلاً بعد جيل، إلى وقتنا الحاضر حتى صارت لدى كثير من الناس من المسلمات التي لا يتطرق إليها الجدل والمقدمات التي ترتب عليها النتائج.


    انظر كتاب: مذهب أهل التفويض
    أحمد بن عبد الرحمن القاضي
    لا شك عندي في ذلك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال الشيخ البراك: (كل ما أشكل من المسائل الاعتقادية، أو الأحكام الشرعية وجب رده إلى الله، ونقول: الله أعلم، فإذا سئل المرء عن حكم أو علم لا يعلمه فإنه يقول: الله أعلم.ولا يلزم من هذا: كونها مجهولة المعنى مطلقاً، بحيث لا يفهمها أحد، ولم يفهمها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة، بل القرآن كله قد أمر الله بتدبره، والله يفتح على من يشاء). [إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد: (صـ 20)].
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    كتب الدكتور: محمد محمود آل خضير:

    التفويض.... وأهل التجهيل
    في نقاط يسيرة مبسطة
    1-من ألف في موضوع كان من أزهد الناس غالبا في الكتابة حوله؛ أو النقاش في مضمونه، لأنه يرى أن الكتابة المختصرة تخل بالبيان، وهو قد ألف ليريح نفسه من النقاش والجدال، ولا جدوى غالبا في مناقشة من لم يقرأ. ولهذا فأنا أكتب على كره.

    2-المراد بالتفويض الممنوع: تفويض معاني الصفات التي يقول المتكلمون إنها توهم التشبيه، كالمجيئ والنزول والاستواء والرحمة، والمحبة، والفرح، والوجه واليدين.

    3-التفويض الكلامي يقوم على أركان: اعتقاد أن الظاهر محال، وأنه يجب نفيه، ثم الإمساك عن تعيين معنى صحيح. ولهذا يسمون التفويض: تأويلا إجماليا.
    4- كل من قال إن الظاهر مراد، أو أن النصوص تجرى على ظواهرها دون أن يرجع فيتناقض ويقول: إن لها معنى لا يعلمه إلا الله.. فقد برئ من التفويض.
    5-كل من قال: إن الصفات تثبت لله على الحقيقة، لا على المجاز، -ومن باب أولى لو أثبت صفة (اليدين) أو (الوجه) على الحقيقة، فقد برئ من التفويض. وذلك أن التفويض يقوم على نفي الظاهر واعتقاد أنه غير مراد، وهو تأويل إجمالي كما تقدم. ولهذا يرمي المفوضة من أثبت (هذه الصفات على الحقيقة) بأنه مشبه.
    6-لم أتعرض في كتابي "مقالة التفويض" لتفويض الحنابلة إلا ببضعة أسطر، فمن قال إني ألفت كتابا في الرد عليهم: فلم يقرأ الكتاب، وهو يشهد بما لا يعلم.
    7-أهل التجهيل قولهم من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، عند شيخ الإسلام، وهم الذين يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم معاني هذه الصفات.
    وهذا ليس اكتشافا جديدا! وقد بينته في الكتاب ص 197 وقلت: "الوجه السادس: يقال للمفوض: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم معاني صفات الله من الاستواء والنزول والوجه واليد والمجيء وغيرها، أم كان يجهل ذلك؟
    فإن قال: كان يعلم ذلك، ولم يبلغه لأمته، ولا أوقفهم عليه، فقد اتهمه بعدم البلاغ، ونقض استدلاله بقوله: (وما يعلم تأويله إلا الله) ؛ إذ تبين حينئذ أن المتشابه- بزعمه- لم يستأثر الله بعلمه.
    وإن قال: كان يجهل ذلك، كان قوله من شر أقوال أهل البدع والإلحاد؛ إذ كيف يجهل الرسول صلى الله عليه وسلم تفسير الآيات التي أنزلت عليه، في أعظم مقصود وهو معرفة الله عز وجل؟!..." انتهى.

    8-كل من قال: إن معاني هذه الصفات لا يعلمها إلا الله، أو قد استاثر الله بعلمها، فهو قائل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم معناها، وهو من أهل التجهيل، إلا أن يصرح بأن الرسول كان يعلم معناها.
    9-ولهذا فإن شيخ الإسلام يدخل من قال ذلك من الحنابلة في (أهل التجهيل) لخلافا لمن ظن غير ذلك.
    قال رحمه الله: " فإن الخارجين عن طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان لهم في كلام الرسول ثلاث طرق:
    طريقة التخييل وطريقة التأويل وطريقة التجهيل..." فذكر التخييل والتأويل ثم قال:
    وأما الصنف الثالث الذين يقولون: إنهم أتباع السلف فيقولون: إنه لم يكن الرسول يعرف معنى ما أنزل عليه من هذه الآيات ولا أصحابه يعلمون معنى ذلك بل لازم قولهم: أنه هو نفسه لم يكن يعرف معنى ما تكلم به من أحاديث الصفات بل يتكلم بكلام لا يعرف معناه والذين ينتحلون مذهب السلف يقولون: إنهم لم يكونوا يعرفون معاني النصوص بل يقولون ذلك في الرسول. وهذا القول من أبطل الأقوال، ومما يعتمدون عليه من ذلك ما فهموه من قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} ويظنون أن التأويل هو المعنى الذي يسمونه هم تأويلا وهو مخالف للظاهر.
    ثم هؤلاء قد يقولون: تجري النصوص على ظاهرها وتأويلها لا يعلمه إلا الله ويريدون بالتأويل: ما يخالف الظاهر وهذا تناقض منهم" انتهى من مجموع الفتاوى (4/ 67).
    فقوله: (ثم هؤلاء قد يقولون...) هو قول أبي يعلى ومن تبعه. وقال رحمه الله: " وهؤلاء أهل التضليل والتجهيل الذين حقيقة قولهم: إن الأنبياء جاهلون ضالون، لا يعرفون ما أراد الله نما وصف به نفسه من الآيات وأقوال الأنبياء.
    ثم هؤلاء منهم من يقول: المراد بها خلاف مدلولها الظاهر والمفهوم، ولا يعرف أحد من الأنبياء والملائكة والصحابة والعلماء ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.
    ومنهم من يقول: بل تجري علي ظاهرها، وتحمل علي ظاهرها، ومع هذا فلا يعلم تأويلها إلا الله، فيتناقضون حيث أثبتوا لها تأويلاً يخالف ظاهرها، وقالوا ـ مع هذا ـ إنها تحمل علي ظاهرها، وهذا ما أنكره ابن عقيل على شيخة القاضي أبي يعلى في كتاب ذم التأويل" انتهى من درء التعارض (1/ 15).

    فشيخ الإسلام يقول: (ومنهم من يقول)..أي من أهل التجهيل، ثم يورد قول الحنابلة.
    والأمر كما قدمت لك، فكل من قال: لا يعلم تأويلها إلا الله، فقد قال: إن الرسول لا يعلم تأويلها. فالحصر هنا حقيقي بلا مرية.
    وعلى من نفى هذا التجهيل عن أحد أن ينقل عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم معنى هذه الصفات.
    وقد نقل شيخ الإسلام كلام جده أبي عبد الله ابن تيمية، وألزمه هذا اللازم، وسمى قول الحنابلة هذا (قول الظاهرية) أي أنها تجرى على ظاهرها، ومع ذلك لا يعلم معناها إلا الله، وجعلهم قائلين بالتجهيل! قال: (وأهل الكلام يقولون: بالتأويل وهؤلاء الظاهرية يقولون: بالتجهيل).
    وقد نقلها أخونا، وهي تهدم مقاله كله!
    انظر النص بطوله في أول تعليق، وهو مهم في الرد على كلام مشابه لابن قدامة.
    10-غالب المفوضة يقولون: إنه لا يعلم المعنى إلا الله. وهم من أهل التجهيل، ولا شك. والمفوض قد لا يتجاسر أن يقول: إن الرسول كان لا يعلم معاني هذه الصفات! ولهذا فأوسع كتاب في نصرة التفويض وهو كتاب الأخ سيف العصري لم يصرح بهذا! بل قد وُجه له السؤال والإلزام، فتجاهل الجواب عنه.
    11-من قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم المعنى، لم يَسلم كما يُظن! إذ يلزمه أنه كتم وقصر في البلاغ، ويلزمه أن الله خاطبنا بما دل ظاهره على الكفر والباطل، وأراد منا ألا نفهم منه شيئا، وأن القرآن لم يبين الحق، ولم يأت بالهداية في هذا الباب. وهذه اللوازم ذكرها شيخ الإسلام في درء التعارض (1/ 201).
    12-من قال: إن النصوص على ظاهرها، وأن (ما أشكل) يفوض، فلا تثريب عليه، بل هذا هو الواجب في حقه، والإشكال أمر نسبي. وهذه عبارة ابن قدامة في اللمعة، وابن رجب في فتح الباري. قال: " فلهذا اتفق السلف الصالح على إمرار هذه النصوص كما جاءت من غير زيادة ولا نقص، وما أشكل فهمه منها، وقصر العقل عن إدراكه وُكل إلى عالمه".
    13-من قال: النصوص على ظاهرها، وقراءتها تفسيرها، ولم يقل: لها معنى لا يعلمه إلا الله، فلا إشكال في كلامه، وهو قولنا. فلو سئلنا عن تفسير اليد والوجه: فإنا نقول: قراءتها تفسيرها. ولا نتكلف، ولا نتوهم، ولا نتخيل. ومع ذلك فانظر كلاما مفصلا حول معنى اليد وتعريفها، في مقالة التفويض.
    14-من قال: هذه الصفات لا يعُلم حقيقتها أو كنهها أو تمام المعنى، أو لا يخاض في معانيها، فهو حق، وكذا لو قال: نعلم أصل المعنى، أو نعلمها من وجه دون وجه.
    15-قد أوضحت ما ورد في كلام السلف حول (المعنى) والتفسير) و (أمروها كما جاءت) وذكرت من شواهد كلامهم ما يبين مرادهم. انظر: ص463- 480
    16-أهل التفويض الكلامي يرون أن من أثبت العلو الحسي، والحرف والصوت، مشبهة مجسمة، فالصلح بين الحنابلة والمتكلمين صلح موهوم، إلا إذا تحول الحنابلة إلى أشاعرة!

    17-إذا كان المتكلم في هذه المسائل لا يعتمد إلا قولا واحدا هو قول ابن تيمية، فهذا مبتدئ جاهل، ومناكفةُ هذا والانشغال به: لا تليق بطالب العلم.
    وأصحابنا بحمد لله هم أوسع الناس اطلاعا ونقلا في هذا الباب، وانظر: الانتصار للتدمرية، وقلب الأدلة، والأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات وغيرها.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    لإثراء الموضوع
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    [CENTER]
    12-من قال: إن النصوص على ظاهرها، وأن (ما أشكل) يفوض، فلا تثريب عليه، بل هذا هو الواجب في حقه، والإشكال أمر نسبي. وهذه عبارة ابن قدامة في اللمعة، وابن رجب في فتح الباري. قال: " فلهذا اتفق السلف الصالح على إمرار هذه النصوص كما جاءت من غير زيادة ولا نقص، وما أشكل فهمه منها، وقصر العقل عن إدراكه وُكل إلى عالمه".
    قال الذهبي فى "سير أعلام النبلاء":

    : قد فسر علماء السلف المهم من الالفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى، استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لاتماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وما تعرض لتأويل، مع كون الباري قال: (لتبين للناس ما نزل إليهم) ، فعلينا الايمان والتسليم للنصوص، --وللاخوة الكرام
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ في الملاحظات على لمعة الاعتقاد :
    1- قال الإمام بن قدام رحمه الله: (وما أَشْكَلَ مِنْ ذلك وَجَبَ إثْباتُه لفْظا، وتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِمعْناه،)
    وهذا اللفظ الذي ذكره في قوله (وجب الإيمان به لفظا) مما أُنتقد على الإمام موفق الدين بن قدامة فإنه في هذه العقيدة الموجزة اُنتقدت عليه ثلاث مسائل هذه أولها وهي قوله (وجب الإيمان به لفظا) ويمكن أن يُخَرَّجَ كلامه يعني أن يُحمل على محمل صحيح
    أما الانتقاد فهو أن يُقال: إن الواجب أن نؤمن به لفظا ومعنىً، لكن إذا جهلنا المعنى نؤمن بالمعنى على مراد الله جل وعلا، أو على مراد الرسول صلى الله عليه و سلم،كما سيأتينا من كلمة الإمام الشافعي أنه قال "آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله صلى الله عليه و سلم وبما جاء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم على مراد رسول الله" يعني إذا جهل المعنى, فإذا جهلتَ المعنى تؤمن باللفظ والمعنى لكن المعنى على مراد من تكلم به، ووجه الانتقاد الذي اُنتقد به الإمام ابن قدامة في هذه اللفظة أنه يجب الإيمان باللفظ والمعنى، أمّا الإيمان بلفظ مجرد عن المعنى فهذا هو قول أهل البدع؛ الذين يقولون: نحن نؤمن بألفاظ الكتاب والسنة دون إيمانٍ بمعانيها لأن معانيها قد تختلف. والجواب أن هذا غلط بل معاني الكتاب والسنة هي على المعنى العربي فالقرآن نزل بلسان عربي، والنبي صلى الله عليه و سلم تكلم بلسان عربي، فلهذا وجب أن يُؤْمَنَ بالكتاب والسنة على ما تقتضيه لغة العرب، وعلى ما يدل عليه اللسان العربي، وهذا أصل من الأصول لكن إذا اشتبه عليك المعنى؛ كلمة في القرآن ما علمت معناها, حديثا إمّا في الصفات أو في الغيبيات لم تعلم معناه، نقول نؤمن به لفظا ومعنىً؛ يعني معناه مفهوم، لكن على مراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ البراك: (كل ما أشكل من المسائل الاعتقادية، أو الأحكام الشرعية وجب رده إلى الله، ونقول: الله أعلم، فإذا سئل المرء عن حكم أو علم لا يعلمه فإنه يقول: الله أعلم.ولا يلزم من هذا: كونها مجهولة المعنى مطلقاً، بحيث لا يفهمها أحد، ولم يفهمها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة، بل القرآن كله قد أمر الله بتدبره، والله يفتح على من يشاء). [إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد: (صـ 20)].
    قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/294-295):

    (وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم فالكلام على هذا من وجهين: الأول: من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: "تمر كما جاءت"، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" (1/204): (وأما على قول أكابرهم: إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمها إلا الله، وأن معناها الذي أراده الله بها فهو ما يوجب صرفها عن ظواهرها، فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ولا الملائكة ولا السابقون الأولون، وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلاما لا يعقلون معناه).

    إلى أن قال: (ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء، إذا كان الله أنزل القرآن، وأخبر أنه جعله هدى وبيانا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم، وأمر بتدبر القرآن وعقله، ومع هذا فأشرف ما فيه - وهو ما أخبر به الرب عن صفاته، أو عن كونه خالقا لكل شيء، وهو بكل شيء عليم، أو عن كونه أمرا ونهيا ووعدا وتوعدا، أو عما أخبر به عن اليوم الآخر- لا يعلم أحد معناه، فلا يعقل ولا يتدبر، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين)-------------------- قال الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي في "مجموع فتاواه" ، وظاهر عبارات ابن قدامة تؤيد ما ذهبوا إليه، ودافع بعضهم عن ابن قدامة وأجابوا عن المواضع المشكلة في رسائله والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •