(5) عَبْــدُ اللهِ بْـنُ عَـبَّــاسٍ
هُـــوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ، القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ المَكِّيُّ. الإِمَامُ العَلَمُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، حَبْرُ الأُمَّةِ، وفَقِيْهُ العَصْرِ، وإِمَامُ التَّفْسِيْرِ
كَانَ يُسَمَّى البَحْرُ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مَوْلِـدُهُ: وُلِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَمَكَّةَ المُكَرَّمَةَ قَبْل الهِجرَةِ بِثَلاثِ سَنَوَاتٍ.
وَأُمُّـهُ؛ هِـيَ: أُمُّ الفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الحَارِثِ الهِلاَلِيَّةُ، أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَة الهِلاَلِيَّة.
صِفَتُــهُ: كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَسِيماً، جَمِيْلاً، مَدِيدَ القَامَةِ، مَهِيباً، كَامِلَ العَقْلِ، ذَكِيَّ النَّفْسِ.
مَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ودَعَا لَه بِالحِكْمَةِ وأَنْ يَزِيدَهُ اللهُ فَهْماً وَعِلْماً، إِذْ قَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ تَأْوِيْلَ القُرْآنِ).
فَفَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ النَّاسَ بِعِلْمِ مَا سَبَقَ، وفِقْهٍ فِيمَا احتِيجَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ، وحِلْمٍ، ونَسَبٍ، ومَا رَأَىَ النَّاسُ أَحَداً أَعلَمَ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاَ بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ مِنْهُ، ولاَ أَعلَمَ بِمَا مَضَى، ولاَ أَثقَبَ رَأْياً فِيمَا احتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ، وكَانَ قَد غَزَا إِفْرِيْقِيَةَ، ودَخَلَ مِصْرَ، ورَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا خَمْسَةُ عَشَرُ إِنسَاناً.
رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفاً وسِتّمَائَةٍ وسِتّينَ حَدِيثاً (1660).
رَوَى عَنْ: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْماً غَزِيراً نَافِعاً، وَعَنْ: عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ وَعَلِيٍّ بْن أَبِي طَالِبٍ ومُعَاذِ بْنِ جَبَلِ وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وأَبِي ذَرٍّ الغِفَاريِّ وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ وزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ.
ورَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَلِيُّ، وابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ مَعْبَدٍ. ومَوَالِيهِ؛ عِكْرِمَةُ ومِقْسَمٌ وكُرَيْبٌ. وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بْن عُتْبَةَ وطَاوُوْسُ بْنُ كَيْسَان وجَابِر بْن زَيْد الأَزْدِيّ وعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلَيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ ومُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ والقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ وأَبُو العَالِيَةِ الرِّياحِيّ وعُبَيْدُ بنُ عُمَيْر اللَّيْثِيّ وعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ وعَامِر الشَّعْبِيّ والحَسَنُ البَصرِيّ ومُحَمَّد بْنُ سِيْرِيْن ونَصْرُ بنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيّ وحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ؛ وأُمَمٌ غَيْرُهُم.
قَـالُــوا عَـنْـهُ:
- قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لاَ يَلُوْمَنِّي أَحَدٌ عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاس، ذَلِكَ فَتَى الكُهُول، لَهُ لِسَانٌ سَؤُول، وقَلْبٌ عَقُوْل.
- وقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْضَرَ فَهْماً، ولاَ أَلَبَّ لُبّاً، ولاَ أَكْثَرَ عِلماً، ولاَ أَوسعَ حِلماً مِنِ ابْنِ عَبَّاس.
- وقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَقَدْ أُعطِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهْماً، وعِلْماً.
- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنِ مَسْعُوْد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: نِعْمَ تَرْجُمَانُ القُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
- وقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرُ هَذِهِ الأُمَّة.
- وقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ ومَنْ عَاش.
- وقَالَ فِيْهِ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ أَقْوَالِهِ فَضْلاَ
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالاً لِقَائِلٍ ... بِمُنْتَظَمَاتٍ لاَ تَرَى بَيْنَهَا فَصْلاَ
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوْسِ ... فَلَمْ يَدَعْ لِذِي أَرَبٍ فِي القَوْلِ جِدّاً وَلاَ هَزْلاَ
سَمَوْتَ إِلَى العَلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لاَ دَنِيّاً وَلاَ وَغْلاَ
خُلِقْتَ حَلِيْفاً لِلمُرُوْءةِ وَالنَّدَى ... بَلِيْجاً وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَاماً وَلاَ خَبْلاَ
وَفَـاتُـــهُ: تُوُفِّيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وسِتِّيْنَ (68 هـ)، وقَد عَاشَ إِحدَى وسَبْعِيْنَ سَنَةً (71)، وكَانَ قَد كُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأَرضَاهُ.