تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الاتِّبَاع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,660

    افتراضي الاتِّبَاع

    الاتِّبَاع (1)









    كتبه/ طلعت مرزوق

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فالاِتِّبَاع: مصدر اتَّبَعَ، ويدور معناه لغةً حول اتباع الخطوات، والسير خلف المتبوع، واقتفاء الأثر، والسير على النهج، ونحو ذلك. ويُقصد به هنا: اتباع ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واتباع الدليل، وعدم الابتداع في الدين؛ قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 36)، وقال: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: 65).

    وقال -عز وجل-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور: 51)، وقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: 63)، وقال: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) (الأحزاب: 36)، وقال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر: 7)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) (النساء: 59).

    والله -عزَّ وجلَّ- لا يقبل مِن العمل إلا ما كان خالصًا له، موافقًا للشرع الذى أنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد جمع بين هذين الشرطين في قوله -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف: 110).

    قال الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله تعالى- في سُلم الوصول:

    شَرْطُ قَبُولِ السَّعْي أنْ يَجْتَمِعَا فِيهِ إِصَابَةٌ وإخْلَاصٌ مَعَا

    للهِ رَبِّ العَرْشِ لَا سواه مُوَافِقَ الشَّرْعِ الَّذِي ارتضاه

    قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وهذان ركنا العمل المُتَقبل؛ لا بد أن يكون خالصًا لله، صوابًا على شريعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (تفسير ابن كثير).

    وروى مثل هذا عن القاضي عياض -رحمه الله تعالى- وغيره.

    ومعنى البدعة: شرع ما لم يأذن به الله -عز وجل-، ولم يكن عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا أصحابه -رضي الله عنهم-.

    وعرَّفها الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى- بأنها: "طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الطريقة الشرعية، يُقصد بها المبالغة في التعبد لله" (الاعتصام).

    وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ) (متفق عليه).

    وعن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظَنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ- مَوعظةً ذَرَفَتْ منها العيونُ ووجِلَتْ منها القلوبُ، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذه لموعِظَةَ مُوَدِّعٍ فماذا تعهَدُ إلينا؟ فقال: (قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، *وَمَنْ *يَعِشْ *مِنْكُمْ، *فَسَيَرَى *اخْتِلَافًا *كَثِيرًا، *فَعَلَيْكُمْ *بِمَا *عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).


    وعن جابر -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقولُ في خطبتِه يومَ الجمعةِ: (أما بعدُ، فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ) (رواه مسلم).

    وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه: "اتَّبِعُوا وَلَا تبتدعوا فَقَدْ كُفِيتُمْ"، وقال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).

    وللحديث بقية -إن شاء الله-.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,660

    افتراضي رد: الاتِّبَاع



    الاتِّبَاع (2)









    كتبه/ طلعت مرزوق

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فاعلم أن أئمة السلف جميعًا -رضي الله عنهم- على وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعدم جواز مخالفته، ومنهم الأئمة الأربعة.

    قال أبو حنيفة: (إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي)، (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)، وفي رواية: (حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي)، وزاد في رواية: (فإننا بَشَر نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا)، وفي أخرى: (ويحك يا يعقوب! -وهو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا، وأتركه بعد غد)، (إذا قلتُ قولًا يخالف كتاب الله -تعالى-، وخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فاتركوا قولي).

    وقال مالك بن أنس: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)، (ليس أحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا ويؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-).

    وقال الشافعي: (مَا مِن أحدٍ إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعزُبُ عنه، فمهما قلتُ مِن قول، أو أصّلت مِن أصل، فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قلت؛ فالقول ما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو قولي)، (أجمع المسلمون على أن مَن استبانت له سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَحِلَّ له أن يَدَعَهَا لقول أحد)، (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقولوا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَدَعُوا ما قلت)، وفي رواية: (فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد)، (إذا صح الحديث فهو مذهبي)، (أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فَأَعْلِموني به -أي شيء يكون: كوفيًّا، أو بصريًّا، أو شاميًّا-؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا)، (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي، وبعد موتي)، (إذا رأيتموني أقول قولًا وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلافُه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب)، (كل ما قلت فكان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف قولي مما يصح؛ فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني)، (كل حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني).


    وقال أحمد بن حنبل: (لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ مِن حيث أخذوا)، وفي رواية: (لا تقلد دينك أحدًا مِن هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-وأصحابه؛ فَخُذ به ثم التابعين بَعْدُ؛ الرجلُ فيه مخيَّر)، وقال مرة: (الاتِّباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو مِن بعد التابعين مخيّر)، (رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار)، (مَن ردَّ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو على شفا هَلَكة) (انظر: صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للألباني).

    قال ابن القيم -رحمه الله- في النونية:

    الـعِـلْـمُ قـال الـلـهُ قـال رَسـُـولـُه قال الصَّحابَةُ هم أُولُو العِرْفانِ

    ما العلـمُ نَصْبُكَ للخِلافِ سفاهـةً بين الرَّسـولِ وبيـنَ رأيِ فـلان

    وللحديث بقية -إن شاء الله-.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •