تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: كلام نفيس قيم في المخالطة والصحبة للإمام ابن القيم رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي كلام نفيس قيم في المخالطة والصحبة للإمام ابن القيم رحمه الله

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله في (بدائع الفوائد) (2/ 221- 224):
    ((إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة وكم زرعت من عداوة وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر.
    أحدها: من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر وهم العلماء بالله تعالى وأمره ومكايد عدوه وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله.
    القسم الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دمت صحيحًا فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والإستشارة والعلاج للأدواء ونحوها فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من
    القسم الثالث: وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا ومع ذلك فلا بد من أن تخصر عليه الدين والدنيا أو أحدهما فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف، ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضربا عليك فإذا فارقك سكن الألم، ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض ويذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر، ورأيت يوما عند شيخنا قدس الله روحه رجلا من هذا الضرب والشيخ يحمله وقد ضعف القوى عن حمله فالتفت إلي وقال مجالسة الثقيل حمى الربع ثم قال لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى فصارت لها عادة أو كما قال وبالجملة فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة، ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا.
    القسم الرابع: من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلة أكل السم فإن اتفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثرهم الله وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله الداعون إلى خلافها الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا فيجعلون البدعة سنة والسنة بدعة والمعروف منكرا والمنكر معروفا إن جردت التوحيد بينهم قالوا تنقصت جناب الأولياء والصالحين وإن جردت المتابعة لرسول الله قالوا أهدرت الأئمة المتبوعين، وإن وصفت الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير قالوا أنت من المشبهين وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر قالوا أنت من المفتنين وإن اتبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا أنت من أهل البدع المضلين وإن انقطعت إلى الله تعالى وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا قالوا أنت من المبلسين وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم فأنت عند الله تعالى من الخاسرين وعندهم من المنافقين فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم وأن لا تشتغل بإعتابهم ولا باستعتابهم ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم))اهـ.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    و قال رحمه الله

    ( اعلم أن الحسرة كل الحسرة الاشتغال بمن لا يجر عليك الاشتغال به إلا فوت نصيبك وحظك من الله عز وجل، وانقطاعك عنه، وضياع وقتك، وضعف عزيمتك، وتفرق همك.
    فإذا بليت بهذا ـ ولا بد لك منه ـ فعامل الله تعالى فيه واحتسب عليه ما أمكنك، وتقرب إلى الله تعالى بمرضاته فيه، واجعل اجتماعك به متجراً لك لا تجعله خسارة وكن معه كرجل سائر في طريقه عرض له رجل وقفه عن سيره، فاجتهد أن تأخذه معك وتسير به فتحمله ولا يحملك، فإن أبى ولم يكن في سيره مطمع فلا تقف معه بلا ركب الدرب ودعه ولا تلتفت إليه فإنه قاطع الطريق ولو كان من كان، فانج بقلبك، وضن بيومك وليلتك، لا تغرب عليك الشمس قبل وصول المنزلة فتؤخذ أو يطلع الفجر أنى لك بلحاقهم )

    الوابل الصيب



  3. #3

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا، ووفقنا وإياكم لصحبة الأخيار

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أسامة الكلحي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا، ووفقنا وإياكم لصحبة الأخيار
    آمين، بارك الله فيك.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    وقال رحمه الله

    الِاجْتِمَاع بالإخوان قِسْمَانِ

    أَحدهمَا اجْتِمَاع على مؤانسة الطَّبْع وشغل الْوَقْت فَهَذَا
    مضرّته أرجح من منفعَته وَأَقل مَا فِيهِ أَنه يفْسد الْقلب ويضيع الْوَقْت
    الثَّانِي الِاجْتِمَاع بهم على التعاون على أَسبَاب النجَاة والتواصي بِالْحَقِّ وَالصَّبْر فَهَذَا من أعظم الْغَنِيمَة وأنفعها وَلَكِن فِيهِ ثَلَاث آفَات احداها تزين بَعضهم لبَعض الثَّانِيَة الْكَلَام والخلطة أَكثر من الْحَاجة الثَّالِثَة أَن يصير ذَلِك شَهْوَة وَعَادَة يَنْقَطِع بهَا عَن الْمَقْصُود

    وَبِالْجُمْلَةِ فالاجتماع والخلطة لقاح أما للنَّفس الأمارة وَأما للقلب وَالنَّفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقَاح فَمن طاب لقاحه طابت ثَمَرَته وَهَكَذَا الْأَرْوَاح الطيّبة لقاحها من الْملك والخبيثة لقاحها من الشَّيْطَان وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ بِحِكْمَتِهِ الطَّيِّبَات للطيبين والطيبين للطيبات وَعكس ذَلِك .


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •