تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الأبناء والصلاة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي الأبناء والصلاة

    امرأة تشكو من إهمال أولادها البالغين للصلاة، رغم نُصحها الكثير لهم، وتسأل: هل تسقط مسؤولية الآباء عن تربية أبنائهم لانشغالهم بالعمل؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أنا امرأة متزوجة لديَّ أولادٌ تعدَّتْ أعمارهم العشرين عامًا،
    أشكو مِن تسويفهم وإهمالهم للصلاة، وكلما حاولتُ نُصحهم وهَجرهم وعدوني بالرجوع عنْ فعلِهم، ويُوفُون بذلك ليومَين ثم يَعودون لإهمالهم! فهل عليَّ إثمٌ إذا تركتُ نُصحَهم واكتفَيتُ بالدعاء لهم بالهداية لما أجده مِن المشقة والتعب مِن كثرة الكلام معهم؟ وهل مسؤولية الوالدَين تسقط عن الأبناء الراشدِين؟ أو:هل يَكفي النُّصح لهم فقط من غير مقاطعةٍ لهم أو هجرهم لتركهم الصلاة أو تضْييعها وتأخيرها عن وقتها؟

    مشكلة أخرى:
    وهي أن بعض الآباء يكون العمل عندهم أهم من أي شيء، فلا يعلم أين تذهب بناته، أو متى ترجع، ولا مع مَن ترجع، ولا يهتمُّ بذلك أصلًا، فلا همَّ له إلا عملُه فقط، وهو ماديًّا غيرُ مقصِّر، فهل إذا أهمل الأب مسؤوليته تقع مسؤولية الأولاد على الأمِّ وحدها وتسقط عن الأب؟!وجزاكم الله خيرًا

    الجواب
    الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
    فجزاكِ الله خيرًا، وشكَرَ الله لك أيتها الأخت الكريمة حرصك على هداية أبنائك، ورغبتَك الصادقة في نجاتهم، وأسأل الله أن يهدي أبناءك وأبناء المسلمين، وأن يَجعلهم قرة عين لك. إنَّ مِن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه لا يُكلِّفهم فوق طاقتهم، وإنما يُكلِّفهم ما يَقدرون عليه، وأمْرُ هداية البشر وتوجيه القلوب لفاطرِها لا يَستطيعه أحد مِن البشر، حتى لو كان رسول الله سيد ولد آدم وأفضل رسله؛
    كما قال الله تعالى:
    ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ ﴾ [القصص: 56]،
    فرسول الله لا يَقدر على هداية أحد، ولو كان مِن أحب الناس إليه، إلا أن يشاء الله هدايته وتوفيقه، ونحن البشر غاية ما نَستطيعه هو التذكير والبيان والإرشاد، والترغيب في الهداية، وبذل الجهد والدعاء لله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [يونس: 99، 100]،
    وقال: ﴿ أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [الرعد: 31]، وقد بيَّن هذا المعنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما مِن قلب إلا وهو بين إصبعَين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يُقيمه أقامه، وإن شاء أن يُزيغه أزاغه))،
    وكان يقول: ((يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك))؛
    رواه أحمد عن النواس بن سمعان.
    فلا يَملك أحد مِن أمر القلوب شيئًا حتى يَقهرها على الإيمان؛ قال تعالى:
    ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272]،
    وقال: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]،
    وقال: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾[الشعراء: 3]،
    وقال:﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].
    وليس معنى هذا أن تُقصِّري في دعوة أبنائك، ولكن إن لم يَستجِب الأبناء بعد كل المحاولات فنُسلِّي أنفسنا بهذا بعدما نبذل ما في وسعنا مِن دعوة أبنائنا للخير والنُّصح بالحكمة والمَوعِظة الحسنة، وندع أمر هدايتهم لله وحدَهُ؛ كما قال تعالى: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 21، 22].

    وتذكَّري أنه مهما حرصتِ وقُمتِ بما يجب عليكِ مِن وسائل وتدابير للهداية، فليس بالضرورة أن تؤتي ثمارها المرجوة حتى يأذن الله، فلم يبق إلا صدق اللجء إلى الله تعالى أن يُصلحهم ويشرَح صدورهم. ولعلَّ بالملاطفة والممازحة، والمصادقة والصبر عليهم، ومعاملتهم كإخوة أو أصدقاء، وتذكيرهم على فترات مُتباعدة مع إظهار الشفقة والخوف على مصيرهم إن أصرُّوا على التفريط في جنب الله تعالى، فذلك أرجى لقَبول وعظك ونصحك، وتجنَّبي الغضب والمشاجَرات ما استطعتِ، واحذَري اليأس مهما وجدت منهم من إعراض أو صدود.

    وتذكَّري أنَّ مِن أعظم أسباب الهداية:
    الافتقار إلى الله تعالى، وطلبَ الهداية بذُلٍّ وإلحاحٍ؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله، إن دوسًا قد كفرَتْ وأبَتْ، فادعُ الله عليها، فقيل: هلكَت دوس، فقال: ((اللهمَّ اهدِ دوسًا وأتِ بهم)).

    وقد ذكرتِ سلَّمكِ الله أن أبناءك في مرحلة الشباب، ومِن ثمَّ لا يتصوَّر قهرُهم على الصلاة، ولا إكراهُهم على ما لا يُريدون، فجاهِدي نفسك على تقبُّلهم كما هم، وهذا مما يُعينك على خوض معركة الهداية الطويلة. أما ما يجب على الوالد تجاه أبنائه، فأوصي الآباء بأبنائهم ليَقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فيُعلمونهم ويؤدِّبونهم ويَكفُّونهم عن المفاسد، ويأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].
    فالأولادُ عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يُضيِّعوها فيستحقُّوا بذلك الوعيد والعقاب، فلا يسلم الوالد إلا إذا قام بما أمر الله به، وزجرهم الله عن التهاون بأمره ويخوفهم من مغبة هذا فقال:﴿ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].
    وروى البخاري عن عبدالله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلكم راع وكلكم مسؤول، فالإمامُ راعٍ وهو مسؤول، والرجلُ راعٍ على أهله وهو مسؤول، والمرأةُ راعيةٌ على بيت زوجها وهي مسؤولة، والعبدُ راعٍ على مال سيده وهو مسؤول، ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول))،وروى الترمذيُّ وغيره عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله سائل كلَّ راع عما استرعاه؛ أحفظ أم ضيَّع)).

    فالأبُ والأم كلاهما مطالبان بحسن القيام على الأبناء دنيا ودين، ولا يُغني أحدهما عن الآخر، فلكلٍّ دورُه، وتقصير الأب يوجب مسؤوليَّةً مُضاعَفة على الأم.

    أسأل الله أن يُصلح أبناء المسلمين وأن يُجنِّبهم الفِتَن ما ظَهَر منها وما بطَن

    http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/121636/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اللهم اهد أبنائنا وأبناء المسلمين وارزقهم صحبة الأخيار
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    آمين

  4. #4

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أروى المكية مشاهدة المشاركة

    فالأبُ والأم كلاهما مطالبان بحسن القيام على الأبناء دنيا ودين، ولا يُغني أحدهما عن الآخر، فلكلٍّ دورُه، وتقصير الأب يوجب مسؤوليَّةً مُضاعَفة على الأم.

    أسأل الله أن يُصلح أبناء المسلمين وأن يُجنِّبهم الفِتَن ما ظَهَر منها وما بطَن
    آمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •