تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 26 من 26

الموضوع: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامي يمان سامي مشاهدة المشاركة
    أخي محمد عبداللطيف, تقول عن نصوص الإعذار : (( فائدتها انه ليس مقطوعا له بالنار إذا مات، ))

    هذا بالنسبة للكافر الأصلي, أما المسلم المتلبس بكفر أو شرك, ففائدتها أنها تبقيه على إسلامه, أليس كذلك؟ فعمار بقي على إسلامه, والذي قال حرقوني وذروني بقى على إسلامه, والمتأولين شرب الخمر بقوا على إسلامهم , لأنه اجتمع فعل المكفر مع العذر, فأبطل العذر إخراج المكفر فاعله من الإسلام, أليس كذلك؟ هل هذا القول صحيح أم باطل؟

    على كل حال, أنا تراجعت عن أشياء كثيرة كنت سأكتبها لكن لم أكتبها, وتبين لي ضعف قولي
    وإن كانت عندي بعض الإشكالات , لكن ليس عندي من العلم القدر الكافي للنقاش فيها, وأخاف التقول بغير علم

    تراجعت عن قول ( كل الأمور نسبية الظهور والخفاء ) .. لأني حاولت أن أوجد في مسائل التوحيد مايمكن يخفى فلم أجد .. كلها ظاهرة لا يمكن تأويلها .. توحيد الربوبية لا يمكن انتزاعه من الفطرة .. وتوحيد الألوهية ناتج عقلي عن ذلك الأساس .. كما أن العبادة تفصح لنفس العابد أنها عبادة , حتى لو أنكر أنها عبادة .. هذا الشيء عرفته بالتجربة لا أعادها الله أبدا .. لذا فالمسلم الذي يخالف في هذه الأمور لا أستطيع أن أقول أنه جاهل أو متأول .. خرجت من هذا القول

    تراجعت عن قول أنه يجب الاستفصال دائما وأبدا قبل الحكم .. لأنه تابع للقول الأول ( كل الأمور نسبية الظهور والخفاء ) ..

    عندي مشكلة في التفريق بين الأشياء الظاهرة والخفية ( ماعدى التوحيد ) .. هذي لا يمكن أن يكون الظاهر في نجد هو الظاهر في مصر دائما وأبدا .. وزعم أن الدين مقسم إلى ظواهر وخوافي وأصول وفروع هذي لا أستطيع قبولها .. لأنه لا يوجد عليها دليل نصي .. ولا يوجد عليها حد فاصل .. لكن ماعندي علم أناقشك فيها ..

    عندي مشكلة في قولك أن القرآن متباين الوضوح والخفاء .. هذي جعلتني أمسك راسي من هولها .. القرآن واضح تام الوضوح .. وإن تباين شيء في الوضوح والخفاء فهو لتباين العقول والأزمنة وبذل الوسع في الفهم .. لا لتباين القرآن ذاته في الوضوح .. لأنه لا توجد آية متشابهة على كل الناس في كل الأزمنة ..

    هذه بعض الأشياء التي تراجعت عنها أو أشكلت علي وأبرأ منها ذمتي ..

    هذه المشاركة نقلتها هنا من موضوع هل من وقع فى الكفر وقع الكفر عليه-نقلتها لتعلقا بسوال الاخ الكريم سامى يمان سامى بمشاركتة قبل السابقة وهى نفس السؤال فى الموضوع الاخر
    هذا بالنسبة للكافر الأصلي, أما المسلم المتلبس بكفر أو شرك, ففائدتها أنها تبقيه على إسلامه,
    من فتاوى هيئة كبار العلماء-----[س3: هل هناك فرق بين المسلمين الذين عندهم نوع من الشرك وبين المشركين الذين لم يعترفوا بالإسلام؟ج3: لا فرق بين من يرتكس في بدع شركية تخرج من ينتسب إلى الإسلام منه وبين من لم يدخل في الإسلام مطلقا في تحريم المناكحة ومنع التوارث بينهم وبين المسلمين، ولكن بينهم تفاوتا في درجة الكفر والعقوبة عليه في الدنيا والآخرة حسب درجة طغيانهم،--وقد بينا اخى الكريم ان الشرك والتوحيد ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان قد بينا ان فاعل الشرك مشرك كما ان فاعل الزنى زانى- ونقول ان فاعل الشرك الاكبر مشرك لانه ليس بمسلم فى تلك الحال التى هو عليها فهو يفعل الشرك ظاهرا ويعتقده بقلبه وهذه الحال لا تجتمع مع اسم ومسمى الاسلام فأصل الاسلام مبنى على عبادة الله وترك عبادة ما سواه وفاعل الشرك لم يأتى بهذا الاصل ومعنى فعله للشرك انه لم يترك عبادة ما سواه فلم يأت بما دلت عليه كلمة لا اله الا الله من نفى الشرك فهو كاذب فى قوله لان لا اله الا الله فهذه الكلمة -لا تنفع قائلها الا حيث يستكملها من العلم والاخلاص وترك الشرك والكفر بما يعبد من دون الله وغيرها من الشروط التى تصحح اسلامه فلا يكون مسلما الا من ترك الشرك رأسا فكيف تقول انها تبقيه على اسلامه-----وقد قلنا سابقا ان فاعل الشرك بجهل فاعل له بارادته واختياره معتقدا له وهذا مختلف عن المكره فهو ليس فاعل باختياره ولا معتقدا بقلبه ويقول اهل العلم ان المكره لو اعتقد بقلبه ما اكره عليه لكان ممن شرح صدره بالكفر
    فعمار بقي على إسلامه, والذي قال حرقوني وذروني بقى على إسلامه, والمتأولين شرب الخمر بقوا على إسلامهم
    نعم عمار بقى مسلما لانه اكره على الكفر يعنى لم يفعل باختياره وارادته وكذلك لم يعتقد الكفر بقلبه فهو مختلف عن فاعل الشرك بجهل--وهنا مسأله مهمة فى الاكراه لابد ان يكون الاكراه صحيحا مستوفيا شروطه حتى يكون عذرا صحيحا يقول شيخ الاسلام-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
    (فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامداً لها عالماً بأنها كلمة كفر؛ فإنه يكفر بذلك ظاهراً وباطناً، ولا يجوز أن يقال: إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمناً، ومن قال ذلك فقد مرق من الإسلام)-
    قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]: (فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرهاً، لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله)---والاكراه عارض- والفعل الظاهر هو مناط التكفير - والاكراه لا يمكن معرفته الا من حيث الدلالة وقرائن الاحوال--فالاعذار جميعها لابد من دلائل وقرائن صحيحة تدل عليها وهذا واضح فيما استدللنا به سابقا فى حديث المرأة التى جاءت الى النبى صلى الله عليه وسلم تستهل بالزنى -فقامت قرينه تبين ان المرأة غير عالمة بالتحريم---- فاذا ادعى مدعى ان الزنى حلال وكان فى مظنة علم فلا تقبل دعواه لعدم صحة الدلائل التى تثبت هذا العارض --------------
    والذي قال حرقوني وذروني بقى على إسلامه, والمتأولين شرب الخمر بقوا على إسلامهم
    الذى قال حرقونى لم يشك فى القدرة التى هى من الاصول الكبار والرجل مؤمن بالقدرة على اعادة الله له فاراد ان يفعل امرا خارج عن هذه القدرة فامر اولاده بذر رماده فى البحر وفعل ذلك من خشية الله فظن الرجل ان جمعه يستحيل على قدرة الله بجمعه فالامر متعلق بتفاصيل الصفة وجزئياتها وليس متعلق بالصفة نفسها وهذا ما يسمى بالمسائل الخفية ---اما الايمان بصفة القدرة فهو من الاصول الكبار ومن المسائل الظاهرة المعلومة بالضرورة من دين الاسلام ودليلها واضح فى القران كقوله تعالى والله على كل شئ قدير- ولكن تفاصيل الصفة وجزئياتها كما ظن الرجل الذى قال حرقونى هذا ما يسمى بالمسائل الخفية لانها تحتاج الى نظر واستدلال -فتلك الصورة الدقيقة لجمعه هي التي شك فيها ولم يشك في أصل قدرة الله تعالى بدليل أنه أمر أهله بحرق جسده وذرّه في البر والبحر ولو كان جاهلا أو شاكا في قدرة الله مطلقا لما احتاج إلى ذلك، فكون الله على كل شيء قدير من العلم الذي قد لا يتبين لبعض من يؤمن بأصل قدرة الله قال تعالى في {الذي مر عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فهذا قال الله عنه فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }--اما عموم قدرة الله على كل شئ فلا تحتاج الى نظر واستدلال بل هى من العلم الضرورى ولذلك يقول شيخ الاسلام فلما كان مؤمناً بالله في الجملة، ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت، وقد عمل عملاً صالحاً وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله بما كان منه من الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح) ويقول الشيخ سليمان بن سحمان-قال شيخنا رحمه الله: وهذا هو قولنا بعينه، فإنه إذا بقيت معه أصول الإيمان، ولم يقع منه شرك أكبر، وإنما وقع في نوع من البدع فهذا لا نكفره، ولا نخرجه من الملة، وهذا البيان ينفعك فيما يأتي من التشبيه بأن الشيخ لا يكفر المخطئ والمجتهد، وأنه مسائل مخصوصة.
    وبين أن الإيمان يزول بزوال أركانه وقواعده الكبار، كالحج يفسد بترك أركانه، وهذا عين قولنا، بل هو أبلغ من مسألة النزاع.قال: وحديث الرجل الذي أمر أهله بتحريقه كان موحداً، ليس من أهل الشرك، فقد ثبت من طريق أبي كامل عن حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة "لم يعمل خيراً قط إلا التوحيد "فبطل الاحتجاج به على مسألة1 النزاع.--وهذا يزيل اشكالك السابق بقولك
    عندي مشكلة في قولك أن القرآن متباين الوضوح والخفاء .. هذي جعلتني أمسك راسي من هولها .. القرآن واضح تام الوضوح .. وإن تباين شيء في الوضوح والخفاء فهو لتباين العقول والأزمنة وبذل الوسع في الفهم
    ولتوضيح المسألة اكثر فى الاجابة على قولك
    والمتأولين شرب الخمر بقوا على إسلامهم
    تحريم الخمر ثابت بالكتاب والسنة واضح وضوح الشمس-- وهذا من الاصول الكبار ومن العلم الضرورى الواجب معرفته بمجرد النظر لا يحتاج الا الى ذكر النصوص --- ولكن الصحابى مع علمه وايمانه بتحريم الخمر ظن انه ليس على المؤمنين جناح اذا ما اتقو وامنوا- فهذا الخطا حدث فى التفاصيل نتيجة التأويل ولم يحدث فى الاصول الكبار والمسائل الظاهرة المعروفة بالضرورة من دين الاسلام فالاصل ثابت ولكن حدث الخطا فى الجزئيات وهذا ما يسمى بالمسائل الخفية--حتى فى ازمنة الفترات قد يغيب العلم ببعض الامور المحرمة ولكن لابد ان يكون اصل الاسلام ثابت وهو عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه هنا يصح الاسلام حتى مع غياب العلم ببعض المحرمات--يقول ابن تيمية: (إن الأمكنة والأزمنة التي تفتر فيها النبوة، لا يكون حكم من خفيت عليه آثار النبوة حتى أنكر ما جاءت به خطأ، كما يكون حكمه في الأمكنة والأزمنة التي ظهرت فيها آثار النبوة)-ويقول-وفي أوقات الفترات، وأمكنة الفترات يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل، ويغفر الله فيه لمن لم يقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه، كما في الحديث المعروف: "يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة، ولا صياماً، ولا حجاً، ولا عمرة، إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ويقولون: أدركنا آباءنا وهم يقولون: لا إله إلا الله. فقيل لحذيفة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله؟ فقال: تنجيهم من النار---يقول الشيخ بن عثيميين-فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار كانوا معذورين بترك شرائع الإسلام، لأنهم لا يدرون عنها، فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه، وحالهم تشبه من ماتوا قبل فرض الشرائع، أو قبل أن يتمكنوا من فعلها، كمن مات عقيب شهادته قبل أن يتمكن من فعل الشرائع، أو أسلم قبل العلم بالشرائع--فيحمل هذا الحديث على من قالها مع النجاة من الشرك، وإلا فإنه لو قالها مع الشرك بالله تعالى لم تنفعه، - قال الله تعالى : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ-- قال الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق رحمه الله وليس المراد أن الإنسان إذا شهد بهذا من غير عمل بمقتضاه يحصل له دخول الجنة، بل المراد به الشهادة لله بالتوحيد، والعمل بما تقتضيه شهادة أن لا إله إلا الله، من الإخلاص، وما تقتضيه شهادة أن محمداً عبده ورسوله، من الإيمان به، وتصديقه، وأتباعه)وقال شيخ الإسلام وغيره: هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة، وقالها مخلصاً من قلبه، مستيقناً بها قلبه، غير شاك فيها بصدق ويقين

  2. #22

    افتراضي رد: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

    قال العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في مناظرة عقدها بين من يعذر بالجهل ومن لا يعذر به، ليبين ظهور قول العاذر على قول من لا يعذر كما في "الفتاوى السعدية" (ص/578-584) "باب: حكم المرتد: "مناظرة في تكفير الشخص المعين بصدور ما يوجب الكفر عنه":
    "قال أحد المذكورين:
    قد دل الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، أن من دعا غير الله تعالى، ملكا أو نبيا أو صالحا أو صنما أو غير ذلك، أنه كافر بالله، مشرك مخلد في نار جهنم، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة لا يمكن إنكاره، فمتى فعله أحد من الناس فهو مشرك كافر لا فرق بين كونه معاندا أو جاهلا أو متأولا أو مقلدا، ولهذا جعل الله في كتابه الكفار كلهم كفارا، لم يفرق بين التابع والمتبوع، ولا بين المعاند والجاهل، بل أخبر أنهم يقولون: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} (الزخرف: 22)
    وهذا أمر لا يُشك فيه أن كثيرا منهم يظن أنه على حق كما قال تعالى: {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم} [الكهف: 104، 105]. فلم يمنعهم تكفيرهم اعتقادهم أن ما فعلوه إحسان، فهكذا من دعا غير الله، أو استغاث بما لا يقدر عليه إلا الله، فهو مشرك كافر، عاند أو لم يعاند، عرف الدليل أو لم يعرف، وأي فرق بين تكفير جهلة اليهود والنصارى وغيرهم وجهلة من يشرك ولو انتسب الى دين الاسلام؟! بل أي فرق بين تكفير من ينكر البعث ولو جهلا، وبين من يدعو غير الله ويلوذ به ويطلب منه الحوائج التي لا يقدر عليها إلا الله؟! فالكل كفار، والرسول بلغ البلاغ المبين، ومن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، سواء فهمها أو لم يفهمها.
    قال الآخر:
    ما ذكرت من دلالة الكتاب والسنة والإجماع، على أن دعاء غير الله والاستغاثة به شرك وكفر مخلد في النار، فهذا لا شك فيه، ولا ريب، وما ذكرته من مساواة جهلة اليهود والنصارى وجميع الكفار الذين لا يؤمنون بالرسول ولا يصدقونه بجهلة من يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويعتقد صدق كل ما قاله في كل شيء ويلتزم طاعته، ثم يقع منه دعاء لغير الله وشرك به، وهو لا يدري ولا يشعر أنه من الشرك، بل يحسبه تعظيما لذلك المدعو، مأمور به.
    وما ذكرته من مساواة بين هذا وبين ذاك، فانه خطأ واضح، دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان على التفريق بين الأمرين، فإنه من المعلوم من الدين بالضرورة كفر جهال اليهود والنصارى وجميع أصناف الكفار، وهذا أمر لا يمكن انكاره.
    وأما من كان مؤمنا بالرسول، ومصدقا له في كل ما قاله، وملتزما لدينه، ثم وقع منه خطأ في الاعتقاد أو القول والعمل، جهلا أو تقليدا أو تأويلا، فإن الله يقول: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]. عفي عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، في المقالة والاعتقاد وإن كان كفرا.
    ويقال: من اعتقدها أو عمل بها، فهو كافر، لكن قد يقع ويوجد مانع في بعض الأشخاص يمنع من تكفيره لعدم علمه أنه كفر وشرك فيوجب لنا التوقف في إطلاق الكفر على عينه، وإن كنا لا نشك أن المقالة كفر لوجود ذلك المانع المذكور، وعلى هذا عمل الصحابة والتابعين في البدع، فإن البدع التي ظهرت في زمانهم كبدعة الخوارج والمعتزلة والقدرية ونحوهم مشتملة على رد النصوص من الكتاب والسنة وتكذيبها وتحريفها، وذلك كفر، لكن امتنعوا من تكفيرهم بأعيانهم، لوجود التأويل فلا فرق بين تكذيب الخوارج لنصوص الشفاعة وتكذيبهم للنصوص الدالة على إسلام وإيمان أهل الكبائر، واستحلالهم لدماء الصحابة والمسلمين، وتكذيب المعتزلة بالشفاعة لأهل الكبائر، ونفي القدر والتعطيل لصفات الله، وغير ذلك من مقالاتهم، وبين تأويل من أجاز دعاء غير الله والاستغاثة به.
    وقد صرح شيخ الاسلام في كثير من كتبه، كرده على البكري والإخنائي وغيرهما حين ذكر وقوع مثل هذه الأمور من بعض المشايخ المشار اليهم، فذكر أنه لا يمكن تكفيرهم لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة، حتى تبين لهم الحجة التي يكفر منكرها، وكلامه معروف مشهور، فاتضح لنا من ذلك ان من وقعت منه مثل هذه الأمور جهلا وتقليدا، أو تأويلا من غير عناد، أنه لا يحكم بتكفيره بعينه وإن كانت هذه الأمور الواقعة منه كفرا، للمانع المذكور.
    فقال الأول:
    أما قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]. ورفع الشارع المؤاخذة عن هذه الأمة بالخطأ، فإنما ذلك في الخطأ في المسائل الفرعية والاجتهادية، أما أصول الدين، بل أصل الدين على الإطلاق الذي هو التوحيد، فالخطأ فيه والعمد الكل على حد سواء كما ذكرنا في تكفير مقلدة الكفار.
    وأما قولكم: إن هذا مصدق للرسول ملتزم لطاعته، فهو ممنوع، فكيف يصدقه من كان مكذبا له في وجوب توحيد الله، ووجوب إفراد الله في الدعاء والاستغاثة وغيرهما من أنواع العبادات؟! وكيف يكون ملتزما لطاعة الرسول من عصاه في أصل الطاعات وأساس الدين، والتوحيد؟! فجعل يدعو غير الله ويستغيث به ناسيا ربه، مقبلا بقلبه على المخلوقين، معرضا عن رب العالمين، فأين الالتزام؟! وأين التصديق؟!
    وأما الدعوة المجردة، فإنها غير مقبولة حتى يقام عليها الدليل والبرهان، وأما تشبيهكم هنا ببدع الخوارج والمعتزلة الى آخر ما قلتم، فما أبعد الفرق بين الأمرين! بين التوحيد الذي هو أصل دين الرسل وأساس دعوتهم، وهو الذي جاهد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وكاد القرآن من أوله الى آخره أن يكون في بيان هذا تأصيلا وتفصيلا وتبيانا وتقريرا، وبين البدع التي ضل أهلها وأخطئوا في عقائدهم وأعمالهم مع توحيدهم وإيمانهم بالله ورسوله، فالفرق بين الأمرين فرق واضح، والجامع بينهما مخطئ لم يهتد إلى الصواب.
    فقال الثاني:
    إن القول بأن الخطأ المذكور في الآية وغيرها من نصوص الشرع إنما هو الخطأ في الفروع لا في الأصول، قول بلا برهان، فلم يفرق الله ورسوله بين مسائل الأصول والفروع في العفو عن هذه الأمة، وما ذكرناه من عدم تكفير السلف لأهل البدع حيث كانوا متأولين إلا مسائل أصول الدين، خصوصا من عطل صفات الباري من المعتزلة ونحوهم، فإن التوحيد مداره على إثبات صفات الكمال لله تعالى وعبادته وحده لا شريك له، فكما امتنعنا من التكفير للمعين الذي لم تقم عليه الحجة في القسم الأول إذا أنكر بعض الصفات جهلا وتأويلا وتقليدا، فكذلك نمتنع من تكفير من صرف بعض العبادات لبعض المخلوقات جهلا وتأويلا وتقليدا، والمانع في هذا كالمانع في هذا، وكلا الأمرين قد أتى به الرسول وبلغه لأمته.
    لكن الضّلال من أمته ضلوا في البابين أو فيهما، وسلكوا ما علم بالضرورة من دينه، أنه جاء بإنكاره والنهي عنه والتحذير لأمته عن هذا المسلك، فمن علم ما جاء به في البابين، وعانده وشاقه من بعد ما تبين له الحق، فهو كافر حقا، ومن كان مؤمنا به ظاهرا وباطنا، لكنه ضل في ذلك وجهل الحق فيه، فإنا لا نجزم بكفره في هذه الحال مع وجود هذا المانع حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر معاندها.
    وبهذا المعنى امتنعنا نحن وأنتم من إطلاق الكفر على من جرت منه مثل هذه الأمور، كالصرصري ونحوه، ممن في كلامهم من الاستغاثة بالرسول ودعائه، وطلب الحوائج منه لهذه العلة المذكورة، وهو وأمثاله ممن يدخل في كلام شيخ الاسلام السابق.
    وأما قولك: إن إنكار البعث ممن أنكره لا تتوقفون في تكفيره كما كفره الله ورسوله من غير تفريق بين المعاند وغير المعاند.
    فنحن نقول: الباب واحد، ولكن حصل التأويل وراج الأمر في مسائل الصفات والتوحيد على كثير ممن هو مصدق للرسول في كل شيء، بخلاف مسألة إنكار البعث، فإن هذا لا يكاد يوجد، ومع ذلك لو فرض وجوده ممن نشأ في بلد بعيدة، أو حديث عهد بإسلام، فإنه يعرف حكمه، وبعد ذلك يحكم بكفره.
    فكل من كان مؤمنا بالله ورسوله، مصدقا لهما ملتزما طاعتهما، وأنكر بعض ما جاء به الرسول جهلا أو عدم علم أن الرسول جاء به، فإنه وإن كان ذلك كفرا، ومن فعله فهو كافر، إلا أن الجهل بما جاء به الرسول يمنع من تكفير ذلك الشخص المعين من غير فرق بين المسائل الأصولية والفرعية، لأن الكفر جحد ما جاء به الرسول أو جحد بعضه مع العلم بذلك، وبهذا عرفت الفرق بين المقلدين من الكفار بالرسول وبين المؤمن الجاحد لبعض ما جاء به جهلا وضلالا لا علما وعنادا".
    "الفتاوى السعدية" (578-584)

  3. #23

    افتراضي رد: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

    قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في "مصباح الظلام" (52-53):
    «وإنما تكلم الناس في بلاد المشركين الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين ، ويجعلونهم أندادا لله رب العالمين، أو يسندون إليهم التصرف والتدبير كغلاة القبوريين، فهؤلاء تكلم الناس في كفرهم وشركهم وضلالهم، والمعروف المتفق عليه: أن من فعل ذلك ممن أتى بالشهادتين يحكم عليه بعد بلوغ الحجة بالكفر والردة ولم يجعلوه كافرا أصليا».

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد الشركسي مشاهدة المشاركة

    لأن الكفر جحد ما جاء به الرسول أو جحد بعضه مع العلم بذلك
    يهمنا في مثل هذه المواطن النظر الى القول لا الى القائل ثم ارجاع النزاع في ذلك الى الشرع الذي امرنا بالرد اليه عند الاختلاف و التنازع .

    و حتى لا يتشتت الموضوع اود طرح بعض الاسئلة لعل جل الخلاف مبني عليها

    1- الجاهل الذي يعبد الله و يعبد غيره هل هو موحد او مشرك
    2- هل الكفر عند اهل السنة محصور في الجحود
    3 - هل كل جهل يعذر به صاحبه و لو كان فيما لا يصح الاسلام الا به

    و بارك الله فيكم

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

    ويفترض في الناطق بالشهادتين تحقّق شروط التوحيد «لا إله إلاّ اللهُ»، وتجري عليه أحكام الإسلام ما لم يقترن به شركٌ أو تغيَّر اعتقاده بإتيانه بناقِضٍ من نواقض الشهادتين، فتجري عليه أحكام الردّة.
    .
    فتجري عليه أحكام الردّة : أحكام الردة على من ترك شيئا من شرائع الدين معتقدا مستحلا ولم يكفر بكلمة التوحيد ؟
    أما من كفر بكلمة التوحيد ؟ فهذا كفره كفر ملة لأنه ناقضها بغيرها من الشرك بالله عزوجل ؟
    فخرج هنا كلمة التوحيد ليست شعيرة ؟ بل هي اساس الإسلام ؟
    والذي يدخل الإسلام حديثا عنه فهذا الواجب عليه -يروى عن الإمام الذهبي- يوقن بكلمة التوحيد معتقدا وبالإسلام على الإجمال لا على التفصيل ليتم قبول الإسلام منه !
    كما ولا يجوز له تعلم علم الكلام والخوض فيه ولا تحرير أدلته وهي هذه التي يناقشها هنا ؟ "تحرير الأدلة إقامة الحجة وهو حديث عهد بالإسلام" انتهى كلامه رحمه الله.

    قلت : كيف وهؤلاء منهم من هو متحول ومنهم من هو حديث عهد بالسلفية وبالسنة والعلم والطلب.

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: إعلام السائل بما فى إقامة الحجة من مسائل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيل عبد الحميد العريفي مشاهدة المشاركة
    ويفترض في الناطق بالشهادتين تحقّق شروط التوحيد «لا إله إلاّ اللهُ»، وتجري عليه أحكام الإسلام ما لم يقترن به شركٌ أو تغيَّر اعتقاده بإتيانه بناقِضٍ من نواقض الشهادتين،
    بارك الله فيك -يقول الشيخ سليمان بن سحمان فى كشف الاوهام-- أَن أصل الْإِسْلَام الثَّابِت لَا يحكم بزواله إِلَّا بِحُصُول منَاف لحقيقته مُنَاقض لأصله لِأَن الْعُمْدَة اسْتِصْحَاب الأَصْل وجودا وعدما -------مثلا فى بعض الطوائف الموجودة الآن مثلا الرافضة او القديانية نستصحب عدم وجود اصل الاسلام فلا يلزمنا إدعائهم الاسلام ان نحكم لهم بالاسلام لعدم وجود اصل الاسلام الثابت حتى نحكم بزواله -- وقد رد الامام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن على عثمان بن منصور فى جداله عن اهل الشرك مستدلا بكلام الامام بن رجب الحنبلى رحمه الله الذى سأذكره لاحقا- وهذه شبهه لعثمان بن منصور- نقلها عنه احد ادعياء السلفية المعاصرين -احمد فريد فى كتابه العذر بالجهل عقيدة السلف فارجع اليها ثم طابقها مع شبهة بن منصور يتبين لك ان لكل قوم وارث- وسأنقل بإذن الله رد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن على شبهة بن منصور ليتضح بما لا يدع مجالا للشك ان السلفية عند صاحب كتاب العذر بالجهل عقيدة السلف هى سلفية مزعومة موروثة عن امامهم ومقدمهم عثمان بن منصور -
    فصل في احتجاج المعترض بكلام لابن رجب الحنبلي على مقصده من عدم تكفير من أتى بشرك]
    فصل قال المعترض: (وقال زين الدين ابن رجب رحمه الله تعالى "ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاء يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلمًا، وقد أنكر على أسامة قتله لمن شهد أن لا إِله إلا الله لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره". ثم بين رحمه الله أنه إذا كان مسلمًا بالشهادتين ألزم حقوق الإسلام، إلى أن قال:
    "وبهذا الذي قررنا يظهر الجمع بين ألفاظ الأحاديث في هذا الباب؛ ويتبين أن كلها حق
    فإن كلمتي الْإِخلاص بمجردها تعصم من أتى بهما، ويصير بذلك مسلمًا هذا عين كلامه". انتهى------قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن--------

    والجواب أن يقال : إن الله تعالى وتقدس وعد رسله والذين آمنوا أن ينصرهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار، ومن نَصْر الله تعالى لأوليائه وعباده المؤمنين ولشيخنا رحمه الله تعالى خذلان أعدائهم، وعدم تسديدهم، وتهافت أقوالهم وما كساها من الظلمة والتناقض والتدافع، والوحشة التي يعرفها من سلمت فطرته؛ وصح إسلامه، فضلًا عن أهل العلم بشرعه ودينه، فلربنا الحمد، لا نحصي ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه.
    ويقال لهذا: قد حرفت عبارة زين الدين بن رجب وتصرفت فيها، وأخرجتها عن موضوعها، وأزلت بهجتها: من ذلك قولك عنه: إنه يقول: (ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاء يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط) . وقد نزه الله العلامة ابن رجب وأمثاله عن أن يظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقبل مجرد القول

    ، من غير التزام لحقيقته، ولا عمل بمدلوله، وعبارة ابن رجب تدل على أنه يبدأ بالتوحيد في الدعوة والطلب، ولا يقبل قبله عمل من الأعمال، والمقصود من الشهادتين ما دلتا عليه من البراءة من كل معبود سوى الله؛ وأنه هو المعبود وحده لا شريك له، والإيمان بالرسل، والتزام متابعتهم، هذا هو مدلول الشهادتين وهو الذي دلَّت عليه عبارة ابن رجب، وشيخنا رحمه الله أصْل دعوته وجهاده على هذا، وعلى ترك عبادة الصالحين من الأموات والغائبين، ودعائهم مع الله رغبًا ورهبًا، والتوجه إليه والاستغاثة بهم في الشدائد والملمات، كما كانت تفعله الجاهلية، فهذا الذي جاهد شيخنا عليه، ودعا الناس إلى تركه، وأخبرهم أن الإيمان بالله يناقض هذا ويبطله، فعبارة ابن رجب تشهد لهذا الشيخ بالعلم والمتابعة، خلافًا لما توهمه بعض الجهال والضلال من أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل مجرد القول واللفظ، مع ارتكاب ما ينافيه ويناقضه.
    ومراد ابن رجب: أنَّ مَن أظهر الإسلام، وتكلم بالشهادتين، ولم يأت منه ما ينافيهما يحكم بإسلامه، ويؤمر ببقية الشرائع، وقد ذكر ابن رجب بعد عبارته: (أنَّ مِن شرائع الإسلام ما يقاتل عليه ويكفر تاركه) . فدل كلامه على أن التزام أركان الإسلام باعتقاد وجوبها شرط لصحة الإسلام وقبوله في الدار الآخرة، وأما الأحكام الدنيوية فتجري على من أظهر الإسلام ظاهرًا، فإن ظهر منه ما ينافي ذلك حكم عليه بما يقتضيه هذا

    المنافي من تكفير أو قتال، وهذا هو الذي دل عليه حديث أسامة وغيره من الأحاديث الدالة على الكف عمن أتى بالشهادتين.
    ودعواك أنَّ ابن رجب قال: (يقبل من كل من جاء يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط) دعوى كاذبة، وآحاد العقلاء يتنزه عن هذه العبارة؛ لأنَّ معنى "فقط " لا غير، وحينئذ فمدلولها أنه لا يقبل بقية الشرائع من الأركان الإسلامية والشعب الإيمانية، ولا يظن هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم من له عقل يميز به ولو كافرًا، فضلًا عن أهل العلم والإيمان.
    وأما قولك: (ومن جعل شرائع الإسلام مع الشهادتين شرطًا لدخول الإسلام وصحته، وأنه لا يكون مسلمًا إلا بذلك - كهذا الرجل - فقد أبعد النجعة، وخالف ما عليه سيد البشر صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلفه الصالح) إلى آخر ما قلت.
    فهذا القول منك صريح في مخالفة عبارة ابن رجب التي هي مرتبطة بما نقلته وشرط التزام الشرائع والمباني الإسلامية مجمع على اعتباره في الإسلام المنجي في الدار الآخرة، وكلام ابن رجب الذي ساقه بعد العبارة التي ذكرها المعترض صريح في هذا؛ فإنه قرر ما يقاتل عليه من الشرائع وما يقتل به الفرد المعين، وذكر شيئًا مما يكفر به، وذكر الخلاف في تكفير من ترك أحد المباني، وأما من ترك التوحيد الذي دلَّت عليه شهادة أن لا إِله إلا الله، فقد اتفق العلماء على كُفْرِه ووجوب قتله إن أصر وعاند.

    وقال شيخ الإسلام تقيّ الدِّين، لما سئل عن قتال التتر مع تمسكهم بالشهادتين، ولِمَا زعموا من اتباع أصل الإسلام (كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة: المتواترة من هؤلاء القوم أو غيرهم؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، ملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهم، فاتفق الصحابة على القتال على حقوق الإسلام، عملًا بالكتاب والسنَّة، وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج والأمر بقتالهم، وأخبر أنهم "شر الخلق والخليقة" مع قوله: " «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم» "، فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب، فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، أو الأموال، أو الخمر، أو الزنا، أو الميسر، أو نكاحذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، أو غير ذلك من التزام واجبات الدين، أو محرماته التي لا عذر لأحد في جحودها، أو تركها التي يكفر الواحد بجحودها؛ فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء، وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذ أصرت على ترك بعض السنن، كركعتي الفجر، أو الأذان أو الْإِقامة؛ عند من لا يقول بوجوبها، ونحو ذلك من الشعائر فهل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟ فأما الواجبات أو المحرمات المذكورة ونحوها، فلا خلاف في القتال عليها، وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام (أو الخارجين عن طاعته؛ كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ما بين القوسين فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين أو خارجون عليه لِإِزالة ولايته؛ وأما المذكورون فهم خارجون عن الْإِسلام بمنزلة مانعي الزكاة؛ وبمنزلة الخوارج الذين قاتلهم علي رضي الله عنه، ولهذا افترقت سيرته رضي الله عنه في قتاله لأهل البصرة وأهل الشام، وفي قتاله لأهل النهروان، فكانت سيرته مع البصريين والشاميين سيرة الأخ مع أخيه، ومع الخوارج بخلاف ذلك، وثبتت
    النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بما استقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق رضي الله عنه لمانعي الزكاة، وقتال علي للخوارج) . انتهى كلامه رحمه الله.
    وقال أيضًا في "الرسالة السنية" (فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من مرق عن الإسلام مع انتسابه إلى الإسلام والسنَّة، ففي هذه الأزمان قد يمرق أيضًا من الإسلام، وذلك بأسباب.
    منها: الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه، حيث قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} .
    وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حرَّق الغالية من الرافضة، وأمر بأخاديد خُدَّت لهم عند باب كندة وقذفهم فيها، واتفق الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس رضي الله عنه مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق، وهو قول أكثر العلماء، وقصتهم معروفة، وكذا الغلو في بعض المشايخ؛ بل الغلو في علي بن أبي طالب بل الغلو في الشيخ عدي ونحوه، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعًا من الْإِلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، وأغثني وارزقني، واجبرني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ". ليعبد

    وحده لا يجعل معه إله آخر؛ والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو تنزل المطر، أو تنبت النبات؛ وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم، يقولون: إنما نَعْبُدُهُمْ (1) لِيُقَربُونَا إلى الله زُلفَى {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ (2) شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}
    فبَعث الله رسوله ينهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استعانة) وذكر آيات في المعنى تبين هذه القاعدة العظيمة التي ضلَّ بالجهل بها من ضل، وشقي بإهمالها من شقي.

    وأما ما زعمه من مخالفة شيخنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلفه الصالح.
    فلو كان لهذا المعترض عقل يميز به، وعلم يدري به ما كان عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم من تكفير من عبد غير الله، واتخذ معه الآلهة والأنداد، وسوى بينهم وبينه تعالى وتقدس في الحب والتعظيم، والْإِنابة والتوكل
    والدعاء؛ لعرف أنه هو المخالف لما كان عليه سائر رسل الله وأتباعهم إلى يوم القيامة، وأنة يجادل ويناضل عن عاد وثمود وقوم نوح وقوم فرعون وجاهلية العرب، وأمثالهم من الأمم الذين كذَّبوا الرسل ولم يستجيبوا لهم، ولم يلتفتوا إلى ما خلقوا في له، وهذا الصنف من الناس هم أول من اخترع الشرك وابتدع في دين الله؛ وهم الذين أصَّلوا الأصول الخبيثة التي مقتضاها العدل بربهم وتسوية غيره به، ومعاداة أوليائه وحزبه، ونسبتهم إلى ما لا يليق بهم، وهذا هو حقيقة الخبث والرجس والفساد.
    قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} .
    وزعيمهم الذي يناضل عنهم ويجادل دونهم هو أخبثهم على الإطلاق.[ نعم مهم جدا]
    قال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}
    وأما جعله شيخنا رحمه الله ممن يشترط الشرائعَ الإسلامية في الدخول فيه: فهذا باطل، إنما تشترط ) المباني ونحوها في صحة الإسلام [مصباح الظلام]


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •