بيان ضعف حديث "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة "
حديث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد روى الترمذي في جامعه والحاكم في مستدركه والطبراني في الأوسط وغيرهم من طريق:
صالح المري عن هشام بن حسان الأزدي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
قلت:
وهذا الحديث منكر وعلته صالح بن بشير البصري الزاهد والمعروف بصالح المري؛قال المزي في تهذيب الكمال(3/420-421ط الرسالة):
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس به بأس .
و قال المفضل بن غسان الغلابى ، و محمد بن عثمان بن أبى شيبة ، عن يحيى بن معين: ضعيف .
و قال محمد بن إسحاق الصاغانى ، و يزيد بن الهيثم البادا عن يحيى بن معين : ليس بشىء
و قال جعفر بن أبى عثمان الطيالسى ، عن يحيى بن معين : كان قاصا و كان كل حديثي حدث به عن ثابت باطلا .
و قال عبد الله بن على ابن المدينى : سألت أبى عن صالح المرى ، فضعفه جدا .
و قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة ، عن على ابن المدينى : ليس بشىء ، ضعيف ضعيف.
و قال عمرو بن على : ضعيف الحديث ، يحدث بأحاديث مناكير عن قوم ثقات مثل سليمان التيمى ، و هشام بن حسان ، و الحسن ، و الجريرى ، و ثابت ، و قتادة ، و كان رجلا صالحا ، و كان يهم فى الحديث .و قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى : كان قاصا ، واهى الحديث .
و قال البخارى : منكر الحديث .
و قال أبو عبيد الآجرى : قلت لأبى داود : يكتب حديث صالح المرى ؟ فقال : لا .
و قال النسائى : ضعيف الحديث ، له أحاديث مناكير .و قال فى موضع آخر : متروك الحديث .
قلت:
وقال الترمذي: صالح المري له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها.
فكما ترى أنه لم يرفع من شأنه أحد إلا ما ورد في رواية عن ابن معين إلا أنه قد ورد عنه من أكثر من طريق ما يخالفها ويوافق بقية الأئمة؛فقال الذهبي في الميزان(2/289):
وقد روى عباس، عن يحيى: ليس به بأس،لكن روى خمسة عن يحيى جرحه"
فلا عبرة بهذه الرواية عن ابن معين.
وقال ابن حبان في المجروحين(1/372) عن صالح المري:
غلب عليه الخير والصلاح حتى غفل عن الإتقان في الحفظ فكان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن وهؤلاء على التوهم فيجعله عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات واستحق الترك عند الاحتجاج.
وقال ابن عدي في الكامل بعد إخراجه للرواية المرفوعة(5/96):"وصالح أيضا قد يقبل بهشام فيحدث عنه بأحاديث بواطيل وهذه الأحاديث صالح يرويها عن هشام."
وقال ابن القيسراني في تذكرته(1/23) بعد ذكره لفظ حديثنا؛قال:
رواه صالح بن بشير المري، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة،وصالح متروك الحديث.اهـ
ونقل الإجماع على ضعفه الهيثمي في المجمع(10/350) حيث قال:
وفيه صالح المري، وهو مجمع على ضعفه.!
وقال المعلمي رحمه الله تعالى عن صالح(الفوائد المجموعة 105): تالف
وقال مرة(229):متروك.
فمن كانت هذه حاله فلا يُقبل منه التفرد فروايته هذه في أعلى أحوالها منكرة.
وقد ذُكر لهذا الحديث شاهد عند الإمام أحمد في المسند: حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا بكر بن عمرو ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله عز وجل ، أيها الناس ، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل ".
قلت:شيخ أحمد هو حسن بن موسى الأشيب الثقة البغدادي،وابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة الضعيف المعروف. ورواية من روى عنه بعد الاختلاط أشد ضعفاً، وحسن بن موسى ممن روى عنه بعد اختلاطه -كما أفادني بذلك الأخ عبد الله الخليفي-حيث قال ابن كثير في مسند الفاروق(2/649):
قال الإمام علي بن المديني:
الحسن بن موسى إنما سمع من ابن لهيعة بآخره
أقول:
إلى جانب ضعفه ففيه علة أخرى وهي: أن الحديث رواه نعيم بن حماد مرسلاً في الزهد: أنا سعيد بن أبي أيوب ، عن بكر بن عمرو ، عن صفوان بن سليم به.
قلت:وسعيد بن أبي أيوب واسمه مقلاص الخزاعي وهو ثقة ثبت ،وبكر بن عمرو صدوق وصفوان بن سليم هو المدني الثقة الفقيه الحجة
وهذه الرواية هي الصواب.
وقد وردت رواية مسندة من طريق أنس ولا تصح!؛قال ابن عساكر في معجمه(1/438):
أخبرنا ضبة بن أحمد بن المفرج بن محمد بن أحمد بن محمد بن يزيد أبو منصور العذري الهذيمي القضاعي الماكسيني الضرير الشروطي بقراءتي عليه بالرحبة قال أبنا أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن سلامة بن طوس المعروف بابن المحدثة قراءة عليه ثنا أبو القاسم مكي بن محمد بن أحمد بن علي الدينوري المعري المعروف بالواعظ قدم علينا الموصل أبنا والدي أبو منصور محمد بن أحمد بن ممويه المقرئ نا أبو محمد المسبح بن الحسين بن المسبح ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب ثنا محمد بن الأسود العمي ثنا يوسف بن عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره...
قلت: وهذا لا يصح وآفته يوسف بن عطية الصفار ؛قال البخاري:منكر الحديث،وقال أبو داود: ليس بشيء وقال النسائي :متروك وغيرهم من الأئمة كثر قد وضعوا من شأنه حتى نقل الذهبي الإجماع على ضعفه في ميزانه(4/468). وكل أحاديثه غير محفوظة كما قال ابن عدي
فالصواب في هذا الحديث أنه مرسل كما مر معك .
وليعلم أن الدعاء بحضور القلب هو المطلوب قال عبد الله بن مسعود فيما صح عنه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْمَعُ مِنْ مُسَمِّعٍ وَلَا مِنْ مُرَاءٍ وَلَا مِنْ لَاعِبٍ وَلَا مِنْ دَاعٍ إِلَّا دَاعٍ دُعَاءً ثَبْتًا مِنْ قَلْبِهِ رواه أحمد في الزهد 872
والحمد لله رب العالمين
قاله : حمود الكثيري