الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد

فقد وصلتني رسالة من أحد الإخوة فيها كلام لأبي الغوش الأردني الأشعري فيها تشويش وتلبيس من أبي الغوش وربما عليه , وسأوضحه له في هذه الوريقات إن شاء الله تعالى .

سئل أبو الغوش هداه الله : الإمام أحمد قال أن لله صوت فلمادا المذهب الأشعري معاند ؟

فأجاب : الحق أن هذا الكلام فيه جعل للإمام أحمد رضي الله عنه مصدرا للدينوالحق أن اعتقاد هذا كفر وشرك لله تعالى .
فكيف يجعل أحد العلماء المجتهدين مصدرا للدين بحيث يسمى من يخالفه في شيء معاندا ؟!!
في دين من أن الإمام أحمد رضي الله عنه هو عيار الحق وعلامته التي لا يخالفها إلا هالك ؟!!
هذا تماما ما تقتضيه صورة سؤالك أخي , وإن كنت لا أراك تقصد هذا المعنى مع خيانة لفظك لك .
ثم يقال : من الكذاب الذي قال لك أن الإمام أحمد رضي الله عنه يقول : إن لله تعالى صوتا هو كلامه وهو صفته ؟!!
أو من البليد الذي قرأ كلام الإمام احمد فوهم منه أنه يثبت الصوت صفة لله تعالى ؟!!
غاية المنقول عنه رضي الله عنه لو صح إسناده أنه قال إن الله تعالى قد كلم موسى –على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام- بصوت .اهـ

فهذا القول ليس مناقضا لقول الأشعرية رضي الله عنهم ..!

فإن كان الله تعالى قد كلم موسى عل نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام بصوت معناه أنه قد خلق صوتا دالا على كلامه تعالى , أي أوصل كلامه لسيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام بطريق الصوت .
فهذا الأمر ممكن , ولو شاء الله تعالى لجعل واسطة أخرى غير خلق الصوت كخلق كتاب فيه كلامه تعالى .اهـ

قلت : هذا الكلام كله كذب وأغلوطات

فالسجال الدائر بين أهل السنة والأشعرية هو حول كون الله متكلما حقا بحرف وصوت , وأما كون الله يخلق كلاما مسموعا فهذا كلام المعتزلة الذين امتحنوا الإمام أحمد رحمه الله وجلدوه وكفرهم بل وكفرهم كل العلماء

قال عبدالله في السنة : 6 - حدثني شيخ ، لنا بصري ، حدثني عبدة بن محمد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، سمعت سفيان الثوري ، يقول : « من زعم أن قول الله عز وجل ( يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم ) مخلوق فهو كافر زنديق حلال الدم »

وهذا قول أبي الغوش بعينه , لأن سفيان رحمه الله يقصد أن الله موسى علي السلام سمع كلام الله حقا

وقال : 13 - حدثني أبو جعفر أحمد بن سعيد الدارمي ، قال : سمعت محمد بن أعين ، سمعت النضر بن محمد ، يقول : « من قال ( إنني أنا الله ، لا إله إلا أنا فاعبدني ) مخلوق فهو كافر ، قال : فأتيت ابن المبارك فقلت له ألا تعجب من أبي محمد قال كذا وكذا ؟ قال : وهل الأمر إلا ذاك ، وهل يجد بدا من أن يقول هذا »

وهذا النضر بن محمد وعبد الله بن المبارك رحمهما الله على ذلك , ويقرران كفر مالمقالة التي قررها أبو الغوش بعينها

ثم قول أبي الغوش : فهذا الأمر ممكن , ولو شاء الله تعالى لجعل واسطة أخرى غير خلق الصوت كخلق كتاب فيه كلامه تعالى .اهـ

يفهم منه أن القرآن (المصحف) مخلوق وهذا كفر بإجماع العلماء , وهو أيضا سبب المحنة التي وقعت من المعتزلة وقد اعترف الجويني بموافقتهم للمعتزلة في ذلك

قال الجويني : فإن معنى قولهم-أي المعتزلة- هذه العبارات كلام الله : أنها خلقه،ونحن لا ننكر أنها خلق الله. الإرشاد(ص/117).



قال عبد الله في السنة 1- سمعت أبي رحمه الله ، يقول : « من قال : القرآن مخلوق فهو عندنا كافر ، لأن القرآن من علم الله عز وجل وفيه أسماء الله عز وجل »

وهنا الإمام أحمد يتكلم عن المصحف

قال ابن قدامة : لَا شكّ فِي أَنهم يظهرون تَعْظِيم الْمَصَاحِف إيهاما أَن فِيهَا الْقُرْآن ويعتقدون فِي الْبَاطِن أَنه لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْوَرق والمداد ويظهرون تَعْظِيم الْقُرْآن ويجتمعون لقرَاءَته فِي المحافل والأعرية ويعتقدون أَنه من تأليف جِبْرِيل وَعبارَته ويظهرون أَن مُوسَى سمع كَلَام الله من الله ثمَّ يَقُولُونَ لَيْسَ بِصَوْت". المناظرة في القرآن 50

فظهر بما ذكرت المذهب الحقيقي للعلماء وتدليس أبي الغوش في ذلك

ثم قال أبو الغوش : ولقد قال الله تعالى : "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء"
فإن من تكليم الله تعالى للعبد الوحي وهو ليس بصوت , بدليل قوله تعالى عن سيدنا زكريا على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام : "فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا". فهو تكليم بالوحي , ولا يلزم أن يكون لصوت.اهـ

قلت : لاحظ أخي القارئ أن أبا الغوش وقف عند القسم الأول من التقسيمة الثلاثية في الآية وهي "إلا وحيا" !!

ولنسلم لأبي الغوش أن الوحي لا يكون بصوت البتة ,

فما معنى قوله تعالى في القسم الثاني من التقسيمة الثلاثية في الآية : "أو من وراء حجاب" ؟!!

أليس هذا ما حصل مع موسى عليه السلام , فكلمه الله من وراء حجاب كلاما حقيقيا بحرف وصوت سمعه موسى عليه السلام منه ؟!!

وهذا نفسه الذي حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم كلمه ربه في المعراج كلاما حقيقيا من وراء حجاب , قال النبي صلى الله عليه وسلم : نور أنّى أراه .صحيح مسلم

وهذا الحجاب المذكور في الآية والحديث أيضا يسبب مأزقا لأبي الغوش إذ لا يكون الحجاب إلا حاجزا بين شيئين ,

فذكر الحجاب دليل على صفة العلو

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد