تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أقسام المكلفين. فضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي.

  1. #1

    افتراضي أقسام المكلفين. فضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي.

    أقسام المكلفين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين.
    وبعد؛ فلا شك أنَّ المكلَّفين بعبادة الله تعالى قسمان: إنسٌ وجانٌّ، كما قال الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
    وهم أيضا: إما مسلم أو كافر!
    والمسلم هنا: من حقق أصلَ الإيمان، سواءٌ كان مُحسنًا أو مُؤمنًا أو مُسلمًا، كما جاء ذكرهم في "الصحيحين" من حديث جِبْرِيلَ عليه السلام.
    والكافر هنا: من لم يُسْلم وجهَه لله تعالى، سواء كان كافرًا أو مشركًا أو منافقًا أو مرتدًّا، فهؤلاء لا يقبل الله منهم عدلا ولا صرفا، ولا خلاق لهم في الآخرة، كما قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"، وقال تعالى: "وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير".
    كما أنني وجدت المسلمين على قسمين: طلابَ دينٍ وطلابَ دُنيا.
    وطلاب الدين أيضا قسمان: أهلُ علم، وأهلُ عبادة.
    فأهل العلم: إما راسخون، وإما راغبون.
    فالراسخون: هم الأئمة الربانيون.
    والراغبون: هم طلاب علم مبتدؤون، وبين الراسخ والراغب: مقامات ودرجات، كما بين السماء والأرض!
    وطلاب الدنيا أيضا على قسمان: من أقام الدِّين بالدُّنيا، ومن أقامه دينه بالدنيا.
    فأما من أقام الدين بالدنيا: فهم الذين اتخذوا الدنيا سبيلا لإقامة دين الإسلام: كبعض الخلفاء والملوك والأمراء والوزراء والأغنياء وغيرهم من أهل العدل والإيمان، الذين استخدموا مكانتهم في هذه الدنيا لإقامة دين الله: من خلال تحقيق السياسة الشرعية، سواء بين الراعي والرعية، أو بين دولة الإسلام وغيرها.
    وأما من أقام دينه بالدنيا: فهم أكثر المسلمين، كأهل التجارات والصناعات والحِرف وغيرهم ممَّن أثاروا الأرض، وعمروا الدنيا، ومع هذا فإنهم لم ينسوا حظهم من فعل الواجبات الشرعية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فمجتهدٌ ومقتصدٌ.
    كما أنني من خلال ذكر أقسام طلاب الدين والدنيا؛ قد وجدتُ من ورائهم قسما ثالثا: إنهم أولئك الذين لم تثبت لهم قدمٌ بين طلاب الدين وطلاب الدنيا، فلا هم إلى هؤلاء ولا إلى هؤلا، بل دارت بينهم كؤوس الأماني والتمني في غياهب الجُبِّ: فلا دينَ أقاموه بحقٍّ، ولا دنيا عمروها بصدقٍ، ولا علمَ طلبوه، ولا عبادةَ أحسنوها، بل زلت بهم الأقدام في أوحال السياسة!
    فأكثر حديثهم عن السياسة والسياسيين، ومبلغُ علمهم دائرٌ بين الأخبار والأخباريين!
    فلهم في مجالسهم أحاديث لا تنفك غالبا عن أخبار السياسة: فهذا سياسي جاهل وذاك ناسي متجاهل، وهذا أكل الأموال وذاك سرق الغِلال، وهذا بيت أمير وذاك مكتب وزير، وغير ذلك من مناجاة العاطلين، وهمهمة البطالين مما لم يقيموا به دينا، ولا عمروا به دنيا، إلا الجري وراء القيل والقال، والركون إلى القنوات والإذاعات التي هِجِّيراها ذكرُ أخبار السياسة والسياسيين!
    وهكذا جرت بهم الغفلةُ حتى أنستهم شُكرَ النِّعمَ التي خصَّهم الله بها، والخيرَ الذي مدَّهم به!
    فمن هنا دخلت عليهم الأوهام والظنون، فظنوا بالله ظن السَّوء!
    حيث قاموا يتنكَّرون لما يعرفونه من نِعَم الله عليهم وعلى إخوانهم المسلمين، ظنًّا منهم أنّ شُكرَ هذه النِّعمَ علانيةً: ممّا يُحسِّن الظنَّ بالسياسة والسياسيين!
    وهكذا ذهبت بهم الظنون حتى أنستهم شكرَ الله الذي أنعم وأعطى، والذي خلق وهدى، والذي يُحب الشاكرين، وقليل ما هم!
    قال تعالى: "يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون"، وقال تعالى: "وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون"، وقال تعالى: "وقليل من عبادي الشكور".
    بل إن بعضهم للأسف؛ إذا ذُكرت بين يديه نعمةُ الأوطان والأمان: اشمأز وعضَّ شفتيه، ظنًّا منه أن هذا من خير السياسيين، وإذا ذُكرت الفتنُ والمحنُ: فَرِح، وتبسّم ضاحكا!
    مسكين، هذا المتنكِّرُ لنعم الله!
    إنه لم يعرف: أنّ النعمَ فضلٌ من الله وحده، وأنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، إلا ما رحم ربك!
    فمن هنا حُجبت أعينُهم عن الخير الذي بين أيديهم، وتنكروا للنعم التي يتقلبون فيها!
    فعندها؛ حُبست ألسنتُهم عن ذكر النعم وشكرها، وبُسطت ألسنتُهم في نشر الظنون والأحزان بين إخوانهم المسلمين!
    وأخيرا، فإني أُذكِّر نفسي وعامةَ المسلمين: بأن يتّقوا اللّهَ في السر والعلن، وأن يشتغلوا بما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
    وأن يتجنبوا كلَّ ما يفسد عليهم حلاوة العبادة، وعمارة الأرض!
    كما أوصي كلَّ من ابتُليَ ببعض هؤلاء العاطلين: أن يأخذ بأيديهم إلى مجالس العلم، أو إلى أبواب العبادة، وأن يذكِّرهم بأنَّ من حُسْنِ إيمانهم أن يتركوا ما لا يعنيهم.
    فإن أسلموا لما ذُكِّروا به: وإلّا فِرَّ منهم فِرارَك من الأسد!
    وإما يُنسينَّك الشيطان: فلا تجلس معهم؛ حتى يخوضوا في حديث غيره، أو أعرض عنهم، وقُل سلامًا!
    كما علينا ألا ننسى قول الله تعالى: "إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
    فليت شعري، أين نحن عن هذه الآية؟
    فلو اشتغل العلماء بصلاح الراعي والرعية ومناصحتهم، وتركوا مصاحبة السلاطين ومجاملتهم، واشتغل كلٌّ منّا بصلاح نفسه وصلاح أهل بيته: لصلح الراعي والرعية، وعاد للإسلام والمسلمين عزهُم ومجدُهم، كما كان!
    والله الهادي إلى سواء السبيل!



    فضيلة
    الشيخ الدكتور
    ذياب بن سعد الغامدي.
    (١٥/ ذو الحجة/ ١٤٣٨)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    جزاكم الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •