بوب البخاري رحمه الله في صحيحه: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن

قال ابن حجر: قال ابن المنير وغيره : مقصوده بهذه الترجمة إثبات الاعتماد على العرف ، وأنه يقضى به على ظواهر الألفاظ . ولو أن رجلا وكل رجلا في بيع سلعة فباعها بغير النقد الذي عرف الناس لم يجز ، وكذا لو باع موزونا أو مكيلا بغير الكيل أو الوزن المعتاد ، وذكر القاضي الحسين من الشافعية أن الرجوع إلى العرف أحد القواعد الخمس التي يبنى عليها الفقه ، فمنها الرجوع إلى العرف في معرفة أسباب الأحكام من الصفات الإضافية كصغر ضبة الفضة وكبرها وغالب الكثافة في اللحية ونادرها وقرب منزله وبعده وكثرة فعل أو كلام وقلته في الصلاة ، ومقابلا بعوض في البيع وعينا وثمن مثل ومهر مثل وكفء نكاح ومؤنة ونفقة وكسوة وسكنى وما يليق بحال الشخص من ذلك ، ومنها الرجوع إليه في المقادير كالحيض والطهر وأكثر مدة الحمل وسن اليأس ، ومنها الرجوع إليه في فعل غير منضبط يترتب عليه الأحكام كإحياء الموات والإذن في الضيافة ودخول بيت قريب وتبسط مع صديق وما يعد قبضا وإيداعا وهدية وغصبا وحفظ وديعة وانتفاعا بعارية ، ومنها الرجوع إليه في أمر مخصص كألفاظ الأيمان وفي الوقف والوصية والتفويض ومقادير المكاييل والموازين والنقود وغير ذلك . أهـ

وقال البدر العيني: أي هذا باب يذكر فيه من أجرى أمره إلى الأمصار على ما يتعارفون بينهم ، أي : على عرفهم وعوائدهم في أبواب البيوع والإجارات والمكيال ، وفي بعض النسخ : والكيل والوزن مثلا بمثل ، كل شيء لم ينص عليه الشارع أنه كيلي أو وزني ، يعمل في ذلك على ما يتعارفه أهل تلك البلدة ، مثلا الأرز ، فإنه لم يأت فيه نص من الشارع أنه كيلي أو وزني ، فيعتبر في عادة أهل كل بلدة على ما بينهم من العرف فيه ، فإنه في البلاد المصرية يكال ، وفي البلاد الشامية يوزن ، ونحو ذلك من الأشياء ; لأن الرجوع إلى العرف جملة من القواعد الفقهية .
قوله : وسننهم عطف على ما يتعارفون بينهم ، أي : على طريقتهم الثابتة على حسب مقاصدهم وعاداتهم المشهورة .
وحاصل الكلام أن البخاري قصد بهذه الترجمة إثبات الاعتماد على العرف والعادة .أهـ