ربما روي الحديث الواحد بإسناد واحد من طريقين، يكون أحدهما زيادة راو ينقصه الآخر، فليتبس الأمر على غير الناقد البصير.
وبعد النقد والترجيح نخرج بأمرين:
الأول: الاعتداد بالسند الناقص ورد الزائد؛ لوهم راوي الزيادة، فحيث يكون الناقص -متصلًا- بدون هذا الزائد، يكون زائد من: (المزيد في متصل الأسانيد).
والثاني: الاعتداد بالزائد ورد الناقص، فحيث يكون -منقطعًا- إذا روى الراوي بغير زائد، كان الناقص من: (الإرسال الخفي).
بالمثال يتضح المقال:
مثال الذي اعْتُدَّ فيه بالناقص:
حديث: ابن المبارك، قال حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن يزيد: حدثني بُسرُ بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس الخولاني قال: سمعت واثلة، يقول: سمعت أبا مرثد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها).
وقد روى هذا الحديث جماعة من الثقات عن (ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد)، من غير ذكر (سفيان)؛ مع تصريحهم بالسماع.
فتبين بروايتهم: أن الراوي عن ابن المبارك وَهِمَ؛ فزاد: (سفيان).
وأيضًا؛ فقد رواه الثقات عن بسر عن واثلة من غير ذكر: (أبي إدريس).
فتبين بروايتهم: أن ابن المبارك قد وَهِمَ، فزاد: (أبا إدريس).
وعُذْرُه: ما ذكره أبو حاتم: من أن: (بسرًا)، يُحدِّث عن: (أبي إدريس)، كثيرًا، فظن أن هذا الحديث مما روى عن أبي إدريس عن واثلة.
وقد حكم الأئمة كالبخاري وغيره على ابن المبارك بالوهم في هذا الحديث.
ومثال الذي اعْتُدَّ فيه بالزائد:
حديث: عبد الرزاق، عن الثوري، عن إبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيع، عن حذيفة مرفوعًا: (إن وليتموها أبا بكر فقويٌ أمين).
وروي هذا الحديث: عن عبد الرزاق، قال: حدثني النعمان بن أبي شيبة، عن الثوري.
وروي: عن الثوري، عن شريك، عن أبي إسحاق.
فتبين بهاتين الروايتين: أن في السند الأول انقطاعًا من موضعين؛ وقد رجح العلماء الزيادة.
وربما جاء الحديث من طريقين في أحدهما زيادة راو ينقصه الآخر، ولم تقم قرينة، ولا جاء نص على أن أحد الطريقين أرجح من الآخر، وحينئذ؛ ينبغي أن يحكم أن الراوي رواه مرة عن الزائد ومرة عن شيخه، فذكره على الحالين. ينظر كلام العلائي في: جامع التحصيل: (صـ 148).