آفة التكامل عند الدعاة
بِسْم الله الرحمن الرحيم
إن التعاون على البر والتقوى مطلب شرعي جماعي ، كما قال -تعالى - : { وتعاونوا على البر والتقوى } .
وذلك أن الفعل ( تعاونوا ) دال على المقابلة بصيغته لأنه على وزن : ( تفاعل ) ،
ودال على بذل المنفعة بمادته ( العون ) .
وأصل المعونة يقوم على العلم ، والقدرة .
فمعنى ذلك أن امتثال الأمر الشرعي يحصل باشتراك الجماعة - علماً وقدرةً - في إيجاد البر والتقوى .
فحصول البر - الذي جماعه : ( القيام بالمأمورات ) - . والتقوى - التي جماعها : ( ترك المنهيات ) - .
إنما يتم بالتكامل بين أفراد الأمة المسلمة ، وخاصة الدعاة وطلبة العلم .
وآفة التكامل الاعتداد بالنفس - علما وقدرة - .
فإذا رأى الداعية في نفسه الاستغناء والاكتفاء الذاتي عن غيره أستبد بأعماله وآرائه .
وفي الحقيقة هذا من رعونات النفس الخفية ، وهي من مخلفات العجب والكبر .
ولهذا تجد كل داعية هذا وصفه له عالمه الخاص الذي رتب قياساته وأولوياته ومنطلقاته وفق هواه ورأيه
فهو ينشط في أعماله الخاصة لموافتها هواه ،
ويكسل عن أعمال أقل منها - جهدا - لمخالفتها هواه ، وإن كانت أنفع له وللأمة .
وتبعا لذلك يقرب من الدعاة والطلاب من هو على شاكلته ،
ويبعد من ليس كذلك ولو كان المبعد أقوم بالدعوة - علما وقدرة - .
ولذلك تجد هذا الصنف من الدعاة أزهد الناس في المشورة ، وأقعدهم عن طلبها ،
وأقلهم عملا بها إلا " ما أشرب من هواه " .
فأعجب شيء في هذا الزمن أن الله - تعالى - مكن للناس أسباب التكامل بما لا نظير له حتى تكاد تجتمع أبدانهم
إذ يكون بعضهم مع بعض بسمعه وبصره وقلبه لحظة بلحظة رغم تباعد أقطارهم وبلدانهم .
إلا أن الكثير منهم سلبي المشاركة ، وعديم المبادرة ، ومفوت للفرص ، ومضيع للطاقات ، ومبدد للقدرات .
شعاره عند نفسه : إذا قالت حذام ... ، ومتى أضع العمامة تعرفوني ...
ودواء هذه الآفة يبدأ بمعرفة النفس وحقيقتها ومعرفة أدوائها وعللها ، ومعرفة تلونها وخيانتها ، ومعرفة حيلها وتمحلاتها .
والموفق من سلمه الله من شر نفسه .
***