السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت هذا الأثر في مصنف عبد الرزاق عن عطاء في موضوع العذر في صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة (الصلاة ليست محددة في الأثر فانتبهوا):
1919 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: «فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْحَضَرِ، وَالقَرْيَةِ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ»، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ عَلَى بَزٍّ لَهُ يَبِيعُهُ يَفْرَقُ إِنْ قَامَ عَنْهُ أَنْ يَضِيعَ قَالَ: «وَأَنْ لَا رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ»، قُلْتُ: إِنْ كَانَ بِهِ رَمَدٌ وَمَرَضٌ غَيْرُ حَابِسٍ أَوْ يَشْتَكِي يَدَيْهِ؟ قَالَ: «أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَكَلَّفَ»
والظاهر أن إسناده صحيح, وقد جاء عن ابن جريج: " إذا قلت : "قال عَطَاء" فأنا سمعته منه ، وإن لم أقل سمعت"
وقوله: " وَإِنْ كَانَ عَلَى بَزٍّ لَهُ يَبِيعُهُ يَفْرَقُ إِنْ قَامَ عَنْهُ أَنْ يَضِيعَ قَالَ: «وَأَنْ لَا رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ»، " قد يبدو مخالفاً لما عده بعض الفقهاء من أعذار التخلف عن صلاة الجماعة وإليك بعض نصوصهم:
جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: "يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ... (خَائِفُ ضَيَاعِ مَالِهِ) كَغَلَّةٍ بِبَيَادِرِهَا، (أَوْ) خَائِفُ (فَوَاتِهِ) كَشُرُودِ دَابَّتِهِ، أَوْ إبَاقِ عَبْدِهِ، (أَوْ) خَائِفُ (تَلَفِهِ) كَإِطْلَاقِ مَاءٍ عَلَى نَحْوِ زَرْعِهِ بِغَيْبَتِهِ. (وَ) يُعْذَرُ بِتَرْكِهِمَا (رَاجٍ وُجُودَ ضَائِعٍ) ؛ كَمَنْ ضَاعَ لَهُ كَبْشٌ، أَوْ أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ، وَهُوَ يَرْجُو وُجُودَهُ، أَوْ قَدِمَ بِهِ مِنْ سَفَرٍ إنْ لَمْ يَقِفْ لِأَخْذِهِ ضَاعَ، لَكِنْ (قَالَ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: (وَالْأَفْضَلُ تَرْكُ مَا يَرْجُو وُجُودَهُ وَيُصَلِّي) الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ؛ لِأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَرُبَّمَا لَا يَنْفَعُهُ حَذَرُهُ.
وَ (لَا) يَتْرُكُ (مَا يَخَافُ تَلَفُهُ، كَخُبْزٍ بِتَنُّورٍ) وَطَبِيخٍ عَلَى نَارٍ، بَلْ يَتْرُكُ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ حِفْظًا لِمَالِيَّتِهِ. (وَ) يُعْذَرُ بِتَرْكِهِمَا (خَائِفُ ضَرَرٍ بِمَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا، أَوْ نَحْوِ بُسْتَانٍ) كَزَرْعٍ (أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ) ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَسَدَ، (أَوْ) خَائِفُ ضَرَرٍ فِي (مَالٍ اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ؛ كَنِطَارَةِ بُسْتَانٍ) ، وَالنَّاطِرُ وَالنَّاطُورُ: حَافِظُ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ؛ أَعْجَمِيٌّ، الْجَمْعُ: نُطَّارُ وَنُطَرَاءُ وَنَوَاطِيرُ وَنَطَرَةٌ، وَالْفِعْلُ: النَّظَرُ وَالنِّطَارَةُ بِالْكَسْرِ، قَالَهُ فِي " الْقَامُوسِ "...(أَوْ) خَائِفٌ (فَوْتَ رُفْقَةٍ بِسَفَرٍ مُبَاحٍ أَنْشَأَهُ أَوْ اسْتَدَامَهُ) ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ." اهـ من 1\701-703
وجاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي: "وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.. . {وَالْخَائِفُ مِنْ ضَيَاعِ مَالِهِ} كَشُرُودِ دَابَّتِهِ، وَإِبَاقِ عَبْدِهِ، وَنَحْوِهِ، أَوْ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ سُلْطَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ قَوْلُهُ {أَوْ فَوَاتِهِ} كَالضَّائِعِ، فَدُلَّ عَلَيْهِ فِي مَكَان، أَوْ قَدِمَ بِهِ مِنْ سَفَرٍ لَكِنْ قَالَ الْمَجْدُ: الْأَفْضَلُ تَرْكُ مَا يَرْجُو وُجُودَهُ، وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ.
قَوْلُهُ {أَوْ ضَرَرٍ فِيهِ} كَاحْتِرَاقِ خُبْزِهِ أَوْ طَبِيخِهِ، أَوْ أَطْلَقَ الْمَاءَ عَلَى زَرْعِهِ وَيَخَافُ إنْ تَرَكَهُ فَسَدَ، وَنَحْوُهُ قَالَ الْمَجْدُ: وَالْأَفْضَلُ فِعْلُ ذَلِكَ، وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ تَعَمَّدَ سَبَبَ ضَرَرِ الْمَالِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ إذَا تَعَمَّدَ السَّبَبَ قَالَ: كَسَائِرِ الْحِيَلِ لِإِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا أَطْلَقَ، وَاسْتَدَلَّ، وَعَنْهُ إنْ خَافَ ظُلْمًا فِي مَالِهِ فَلْيَجْعَلْهُ وِقَايَةً لِدِينِهِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ.
فَائِدَةٌ: وَمِمَّا يُعْذَرُ بِهِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ: خَوْفُ الضَّرَرِ فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا، أَوْ مَالٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهِ، وَكَنِطَارَةِ بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ... قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ: تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ بِأَيْسَرِ عُذْرٍ، كَمَنْ لَهُ عَرُوسٌ تُجَلَّى عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ، فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ: كَذَا قَالَ." اهـ من 2\300-303
وجاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: "وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.. . (أَوْ خَائِفٌ مِنْ ضِيَاعِ مَالِهِ، كَغَلَّةٍ فِي بَيَادِرِهَا، وَدَوَابّ وَأَنْعَامٍ لَا حَافِظَ لَهَا غَيْرُهُ وَنَحْوِهِ أَوْ) خَائِفٍ مِنْ (تَلَفِهِ كَخُبْزٍ فِي تَنُّورٍ وَطَبِيخٍ عَلَى نَارٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ) خَائِفِ (فَوَاتِهِ كَالضَّائِعِ يَدُلُّ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ (فِي مَكَان، كَمَنْ ضَاعَ لَهُ كِيسٌ أَوْ أَبِقَ لَهُ عَبْدٌ وَهُوَ يَرْجُو وُجُودَهُ، أَوْ قَدِمَ بِهِ مِنْ سَفَرٍ إنْ لَمْ يَقِفْ لِأَخْذِهِ ضَاعَ لَكِنْ قَالَ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ تَيْمِيَّةَ (الْأَفْضَلُ تَرْكُ مَا يَرْجُو وُجُودَهُ وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ) لِأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَرُبَّمَا لَا يَنْفَعُهُ حَذَرُهُ (أَوْ) خَائِفٍ مِنْ (ضَرَرٍ فِيهِ) أَيْ مَالِهِ (أَوْ فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا، أَوْ أَطْلَقَ الْمَاءَ عَلَى زَرْعِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ، يَخَافُ إنْ تَرَكَهُ فَسَدَ أَوْ كَانَ مُسْتَحْفَظًا عَلَى شَيْءٍ يَخَافُ عَلَيْهِ) الضَّيَاعَ (إنْ ذَهَبَ وَتَرَكَهُ، كَنَاطُورِ بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ اللَّاحِقَةَ بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ بَلِّ الثِّيَابِ بِالْمَطَرِ الَّذِي هُوَ عُذْرٌ بِالِاتِّفَاقِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ خَوْفُ فَوْتِ الْمَالِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ سَبَبَهُ، بَلْ حَصَلَ اتِّفَاقًا" اهـ من1\495-496
وجاء في العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير: "ومنها: أن يخاف على نفسه أو ماله أو على من يلزمه الذَّب عنه من سلطان أو غير سلطان يظلمه، أو يخاف من غريمٍ يلازمه، أو يحبسه إن رآه، وهو معسر ولا يجد وفاء لدينه فله التخلف، ولا عبرة بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه، بل عليه الحضور، وتوفية ذلك الحق، ويدخل في صور الخوف على المال ما إذا كان خبره في التنور، وقدره على النَّارِ، وليس ثَمَّ من يَتَعَهَّدُهَا لو سعى إلى الجماعة. ومنها: أن يكون عليه قصاص، ولو ظفر به المستحق لقتله وكان يرجو العفو مجاناً، أو على مال لو غيب الوجه أياماً وسكن الغليل فله التخلف بذلك، وفي معناه حد القذف دون حد الزنا، وما لا يقبل العفو." اهـ من 2\151
وهذه المسألة قد تتعلق بالذين يمتنعون عن صلاة الجماعة من أجل الدراسة أو العمل, فهل هم معذورون في ذلك؟
أرجو مشاركة الإخوة في تدارس الموضوع روايةً ودرايةً.