لا يصحّ قول: (ورب القرآن)؛ لأن القرآن صِفَة مِن صِفات الله عزّ وَجَلّ، فلا تكون الصِّفة مربوبة.
روى الخطيب البغدادي في: (تاريخ بغداد): من طريق عكرمة قال: شَهِدت ابن عباس صَلّى على جنازة رجل مِن الأنصار، فلما سُوّي في اللحد وحُثي التراب عليه ، قام رجل منهم فقال: اللهم رب القرآن ارحمه، اللهم رب القرآن أوسِع عليه مَدَاخِله، فالتفت إليه ابن عباس مُغْضَبًا فقال: يا عبد الله أما تتقي الله؟ يا عبد الله أما تتقي الله؟ أما علمت أن القرآن منه؟ قال: فرأيت الرجل نَكّس رأسه ومضى استحياء مما قال له ابن عباس، كأنه أتى على كبيرة.
قال أبو الحسين الملطي في كتابه: (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع): يُقال للجهمية أيضًا: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) و (خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا)، وقال في كتابه: (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ)، وقال: (خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)، فهل وجدتم في كتاب الله عز وجل أنه يُخْبِر عن القرآن أنه خَلَقه كما خَلَق هذه الأشياء؟ أليس الله عز وجل يقول: (بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) و (رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا)، وقال: (رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ). فهل قال في القرآن: رب القرآن، كما قال لهذه الأشياء إنه ربها؟ أو هل تجد شيئًا في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله خَلَق القرآن وهو ربه؟ بل قال: دعوا كل شيء مبتدع. إذا أتى آت بشيء ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فدعواه باطل. اهـ .
وقال ابن الجوزي في: (زاد المسير): ومما يُسْمَع على ألسنة العامة قولهم: يا سبحان يا برهان. وهذا مهجور مُسْتَهْجَن لا قدوة فيه. وربما قال بعضهم: يا رب طه و يس، وقد أنكر ابن عباس على رجل قال: يا رب القرآن.اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في جنازة، فلما وُضع الميت في لحده قام رجل فقال: اللهم رب القرآن اغفر له، فوثب إليه ابن عباس فقال له: مَـه ! القرآن منه. وفي رواية: القرآن كلام الله، وليس بِمَرْبُوب، منه خرج، وإليه يعود. اهـ .