قال الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1 / 401 - 402 :
.. وإذا تقرر ذلك بقي وراءه أمر آخر.
وذلك أن المصنف وغير واحد نقلوا الاتفاق على أن الحديث الحسن يحتج به كما يحتج بالصحيح، وإن كان دونه في المرتبة.
فما المراد على هذا بالحديث الحسن الذي اتفقوا فيه على ذلك؟
هل هو القسم الذي حرره المصنف وقال: إن كلام الخطابي ينزل عليه. وهو رواية الصدوق المشهور بالأمانة ...إلى آخر كلامه، أو القسم الذي ذكرناه آنفا عن الترمذي مع مجموع أنواعه التي ذكرنا أمثلتها، أو ما هو أعم من ذلك؟
لم أر من تعرض لتحرير هذا، والذي يظهر لي أن دعوى الاتفاق إنما تصح على الأول دون الثاني، وعليه أيضا يتنزل قول المصنف: إن كثيرا من أهل الحديث لا يفرق بين الصحيح والحسن كالحاكم كما سيأتي وكذا قول المصنف: "إن الحسن إذا جاء من طرق ارتقى إلى الصحة" كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فأما ما حررناه عن الترمذي أنه يطلق عليه اسم الحسن من الضعيف والمنقطع إذا اعتضد، فلا يتجه إطلاق الاتفاق على الاحتجاج به جميعه ولا دعوى الصحة فيه إذا أتى من طرق.
ويؤيد هذا قول الخطيب: "أجمع أهل العلم أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصدوق المأمون على ما يخبر به".
وقد صرح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه "بيان الوهم والإيهام" بأن هذا القسم لا يحتج به كله، بل يعمل به في فضائل الأعمال، ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه وعضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح أو ظاهر القرآن.
وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفا يأباه، والله الموفق.