( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )

الثناء لا يكون الا بكلام وقول

و اكمل الخلق صلوات ربي و سلامه عليه لم يحصي و لا يحصي ثناء على ربه
فذاك لا يكون الا بعلم محيط به سبحانه و تعالى و قد قال ( لا يحيطون به علما )
فالمخلوق مهما بلغ في الاحسان و الكمال لا يستطيع ذلك و لا يقدر عليه
فقد يثني على ربه بكلامه و بما وصف به نفسه و لا يحصي بذلك ثناء عليه
لعجزه عن ادراك كمال معاني كلامه و حقيقة ذاته و اوصافه
و انما ذلك له سبحانه و تعالى
( أنت كما أثنيت )

فكلامه اصدق الكلام كصدق ذاته و صفاته ( ومن أصدق من الله قيلا )
و كلامه لا نفاذ له كما ان صفاته عز وجل لا حصر لها ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ) الاية
قد احاط بكل شيء علما فعلم تعالى نفسه الكريمة و نعوته المقدسة و اوصافه العظيمة
فلا يمكن حصر معلوماته و لا احصائها كما ان اسمائه و صفاته لا حصر لها
فهو ( كما اثنى على نفسه )
فاذا كان اكمل الخلق لا يمكن ان يحصي ثناء على الخالق سبحانه و تعالى
و لو بكلام الله الذي هو من وصفه
دل على ان قوله ( انت كما اثنيت )
ثناؤه على نفسه سبحانه و تعالى بقوله و علمه
فما للمعطل حيلة في نفي الثناء عن الله قولا و كلاما
فقد علم ان ذلك لو كان ثناء مخلوق او فعل للمخلوق
لما احصى ثناء على ربه و قد نفى اكمل الخلق ذلك عن نفسه
فليس الثناء الاول كالثاني و فضل ( كما اثنيت ) على ( لا احصي ثناء عليك ) كفضل الله على خلقه
فيلزم المعطل ان يساوي بينهما
او يثبت الفضل في ( كما اثنيت )
و ما ذاك الا انها من الله قولا و كلاما يعود اليه وصفا لا خلقا

و الله سبحانه و تعالى اعلم