تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 16 الأولىالأولى 12345678910111213141516 الأخيرةالأخيرة
النتائج 121 إلى 140 من 301

الموضوع: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

  1. #121
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    قوله ( فقصمته ) بقاف وصاد مهملة للأكثر في رواية ل كريمة وابن السكن بضاد معجمة والقضم الاكل باطراف الاسنان قال ابن الجوزي : وهو أصح .
    ( ج2/ ص 486 )
    فيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين( الانسان والسجدة ) في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك أو إكثاره منه، بل ورد من حديث ابن مسعود التصريح بمداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك، أخرجه الطبراني ولفظه ‏"‏ يديم ذلك ‏"‏ وأصله في ابن ماجه بدون هذه الزيادة ورجاله ثقات، لكن صوب أبو حاتم إرساله‏.‏
    وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه فقال في الكلام على حديث الباب‏:‏ ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائما اقتضاء قويا، وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصا في المداومة لكن الزيادة التي ذكرناها نص في ذلك‏
    ( ج2/ ص 486)
    وقد أشار أبو الوليد الباجي في رجال البخاري إلى الطعن في سعد بن إبراهيم لروايته لهذا الحديث، وأن مالكا امتنع من الرواية عنه لأجله، وأن الناس تركوا العمل به لا سيما أهل المدينة ا هـ‏.‏وليس كما قال، فإن سعدا لم ينفرد به مطلقا، فقد أخرجه مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله، وكذا ابن ماجه والطبراني من حديث ابن مسعود، وابن ماجه من حديث سعد بن أبي وقاص، والطبراني في الأوسط من حديث علي‏.‏
    وأما دعواه أن الناس تركوا العمل به فباطلة، لأن أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين قد قالوا به كما نقله ابن المنذر وغيره، حتى إنه ثابت عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف والد سعد وهو من كبار التابعين من أهل المدينة أنه أم الناس بالمدينة بهما في الفجر يوم الجمعة، أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وكلام ابن العربي يشعر بأن ترك ذلك أمر طرأ على أهل المدينة لأنه قال‏:‏ وهو أمر لم يعلم بالمدينة، فالله أعلم بمن قطعه كما قطع غيره ا هـ‏
    امتناع مالك من الرواية عن سعد فليس لأجل هذا الحديث، بل لكونه طعن في نسب مالك، كذا حكاه ابن البرقي عن يحيى بن معين، وحكى أبو حاتم عن علي بن المديني قال‏:‏ كان سعد بن إبراهيم لا يحدث بالمدينة فلذلك لم يكتب عنه أهلها‏.‏
    وقال الساجي‏:‏ أجمع أهل العلم على صدقه‏.‏
    وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس عن شعبة عنه، فصح أنه حجة باتفاقهم‏.‏
    ( ج2/ ص 487 )
    وقد اختلف تعليل المالكية بكراهة قراءة السجدة في الصلاة، فقيل لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض، قال القرطبي‏:‏ وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث‏.‏
    وقيل لخشية التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية لأن الجهرية يؤمن معها التخليط، لكن صح من حديث ابن عمر صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظهر فسجد بهم فيها، أخرجه أبو داود والحاكم‏.‏
    فبطلت التفرقة "
    ( ج2/ ص 487 )
    ومنهم من علل الكراهة بخشية اعتقاد العوام أنها فرض، قال ابن دقيق العيد‏:‏ أما القول بالكراهة مطلقا فيأباه الحديث، لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغي أن تترك أحيانا لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك في بعض الأوقات ا هـ‏.‏
    وإلى ذلك أشار ابن العربي بقوله‏:‏ ينبغي أن يفعل ذلك في الأغلب للقدرة‏.‏
    ويقطع أحيانا لئلا تظنه العامة سنة ا هـ‏.‏
    وهذا على قاعدتهم في التفرقة بين السنة والمستحب‏.‏
    وقال صاحب المحيط من الحنفية‏:‏ يستحب قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعه بشرط أن يقرأ غير ذلك أحيانا لئلا يظن الجاهل أنه لا يجزئ غيره‏.‏
    وأما صاحب الهداية منهم فذكر أن علة الكراهة هجران الباقي وإيهام التفضيل‏.‏
    وقول الطحاوي يناسب قول صاحب المحيط، فإنه خص الكراهة بمن يراه حتما لا يجزئ غيره أو يرى القراءة بغيره مكروهة‏.‏
    ( ج2/ ص 488)
    لم أر في شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل السجدة في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ‏"‏ غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر فقرأ سورة فيها سجدة فسجد ‏"‏ الحديث، وفي إسناده من ينظر في حاله‏.‏
    وللطبراني في الصغير من حديث علي ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة ‏"‏ لكن في إسناده ضعف‏.‏
    ( ج2/ ص 488)
    قيل الحكمة في اختصاص يوم الجمعة بقراءة سورة السجدة قصد السجود الزائد حتى أنه يستحب لمن لم يقرأ هذه السورة بعينها أن يقرأ سورة غيرها فيها سجدة، وقد عاب ذلك على فاعله غير واحد من العلماء، ونسبهم صاحب الهدى إلى قلة العلم ونقص المعرفة، لكن عند ابن أبي شيبة بإسناد قوي عن إبراهيم النخعي أنه قال‏:‏ يستحب أن يقرأ في الصبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة‏.‏
    وعنده من طريقه أيضا أنه فعل ذلك فقرأ سورة مريم‏.‏
    ومن طريق ابن عون قال‏:‏ كانوا يقرؤون في الصبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة‏.‏
    وعنده من طريقه أيضا قال‏:‏ وسألت محمدا - يعني ابن سيرين - عنه فقال لا أعلم به بأسا ا هـ‏.‏
    فهذا قد ثبت عن بعض علماء الكوفة والبصرة فلا ينبغي القطع بتزييفه‏.‏
    وقد ذكر النووي في زيادات الروضة هذه المسألة وقال‏:‏ لم أر فيها كلاما لأصحابنا، ثم قال‏:‏ وقياس مذهبنا أنه يكره في صلاة إذا قصده ا هـ‏.‏
    وقد أفتى ابن عبد السلام قبله بالمنع وببطلان الصلاة بقصد ذلك، قال صاحب المهمات‏:‏ مقتضى كلام القاضي حسين الجواز‏.‏
    وقال الفارقي في فوائد المهذب‏:‏ لا تستحب قراءة سجدة غير تنزيل، فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها ولو بآية السجدة منها‏.‏
    ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار وفيه نظر‏

  2. #122

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    أحسن الله إليكم مولانا الشيخ حسن المطروشي

  3. #123
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    واياكم مولانا الشيخ رفع الله قدركم

  4. #124
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 488)
    قوله‏:‏ ‏(‏باب الجمعة في القرى والمدن‏)‏ في هذه الترجمة إشارة إلى خلاف من خص الجمعة بالمدن دون القرى، وهو مروي عن الحنفية‏
    ( ج2/ ص 490)
    أن الآثار التي يوردها البخاري في التراجم تدل على اختيار ما تضمنته عنده، فهذا مصير منه إلى أن الغسل للجمعة لا يشرع إلا لمن وجبت عليه‏.‏
    ( ج2/ ص 490)
    .‏قال الإسماعيلي‏:‏ أورد البخاري حديث مجاهد عن ابن عمر بلفظ ‏"‏ ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد ‏"‏ وأراد بذلك أن الإذن إنما وقع لهن بالليل فلا تدخل فيه الجمعة
    ( ج2/ ص 495 )
    في السنن لابي داود من حديث عبدالله بن عمرو مرفوعا " إنما الجمعة على من سمع النداء "
    قال ابن حجر : اختلف في رفعه ووقفه وأخرجه الدراقطني من وجه آخر عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده مرفوعا ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لابن ام مكتوم " أتسمع النداء ؟ قال : نعم قال : فأجب " .
    ( ج2/ ص 495 )
    اما حديث " الجمعة على من آواه الليل إلى اهله "
    اخرجه الترمذي ونقل عن أحمد أنه لم يره شيء
    وقال لمن ذكره له : " استغفر ربك "
    ( ج2/ ص 495 )
    قوله " وكان أنس رضي الله عنه في قصره أحيانا يجمع واحيانا لا يجمع وهو بالزاوية على فرسخين"
    قال ابن حجر :
    الزاوية : موضع ظاهر البصرة معروف كانت فيه وقعة كبيرة بين الحجاج وابن الأشعث...
    وهذا يرد على من زعم ان الزاوية موضع بالمدينة النبوية كان فيه قصلا لنس على فرسخين منها
    ( ج2/ ص 500)
    ابن ابي عقيل الثقفي كان نائبا عن ابن عمه الحجاج بن يوسف الثقفي وكان على طريقة ابن عمه
    في تطويل الخطبة يوم الجمعة حتى يكاد الوقت يخرج .
    ( ج2/ ص 501 )
    استدل ابن بطال على ان وقت الجمعة وقت الظهر لأن أنسا سوى بينهما في جوابه خلافا لمن أجاز الجمعة قبل الزوال .
    ( ج2/ ص 504 )
    قال ابن حجر : الاحاديث الواردة في الزجر عن التخطي مخرجه في المسند والسنن وفي غالبها ضعف واقوى ما ورد فيه ما اخرجه ابوداود والنسائي من طريق أبي الزاهرية قال : " كنا مع عبدالله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ان رجلا جاء يتخطى والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : " اجلس فقد آذيت " ولأبي داود من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه : " ومن تخطى رقاب الناس كانت له ظهرا " وقيد مالك والاوزاعي الكراهة بما اذا كان الخطيب على المنبر " .
    ( ج2/ ص 505 )
    قال ابن حجر : وقد استثني من كراهة التخطي ما إذا كان في الصفوف الاولى فرجة فاراد الداخل سدها فيغتفر له لتقصيرهم "
    ( ج2/ ص 508 )
    قال ابن حجر :
    استدل البخاري بهذا الحديث – كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الامام ..-
    على ان الجلوس على المنبر قبل الخطبة خلافا لبعض الحنفية واختلف من أثبته هل هو للآذان أو لراحة الخطيب .
    ( ج2/ ص 508 )
    المؤذن الراتب للنبي صلى الله عليه وسلم هو بلال وأما ابو محذورة وسعد القرظ فكان كل منهما بمسجده الذي رتب فيه واما ابن أم مكتوم فلم يرد أنه كان يؤذن إلا في الصبح .
    ( ج2/ ص 512)
    قوله ( مري غلامك النجار )
    * سماه عباس بن سهل فيما أخرجه قاسم بن أصبغ وابو سعد في " شرف المصطفى " سماه " ميمون
    قال ابن حجر جاء في صانع المنبر اقوال أخرى : احدها( اسمه ) ابراهيم اخرجه الطبراني في الاوسط وفي اسناده العلاء بن مسلمة الرواس وهو متروك .
    * ثانيها ( باقول ) رواه عبدالرازق باسناد ضعيف منقطع
    ثالثها ( صباح ) ذكره ابن بشكوال باسناد شديد الانقطاع
    * رابعها ( قبيصة ) ذكره ابن شبة في الصحابة باسناد مرسل
    *خامسها ( كلاب ) مولى العباس
    سادسها ( تميم الداري ) رواه ابوداود مختصرا والحسن بن سفيان والبيهقي من طريق ابي عاصم عن عبد العزيز بن ابي رواد عن نافع عن ابن عمر ان تميما الدراي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثر لحمه.. الحديث واسناده جيد .
    سابعها ( ميناء ) ذكره ابن بشكوال عن الزبير بن بكار
    قال ابن حجر : وليس في جميع هذه الروايات التي سمي فيها النجار شيء قوي السند إلا حديث ابن عمر وليس فيه التصريح بأن الذي اتخذ المنبر تميم الداري بل قد تبين من رواية ابن سعد ان تميما لم يعمله .
    وقال ابن حجر : واشبه الاقوال بالصواب قول من قال هو ( ميمون )
    وإما الاقوال الاخرى فلا اعتداد بها لوهائها .
    ويبعد جدا ان يجمع بينهما بان النجار كانت له اسماء متعددة
    وأما احتمال كون الجميع اشتركوا في عمله فيمنع منه قوله في كثير من الروايات " لم يكن بالمدينة إلا نجارا واحدا " .
    ( ج2/ ص 513 )
    وقع عند الترمذي وابن خزيمة وصححاه من طريق عكرمة بن عمار عن اسحاق بن ابي طلحة عن انس " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره الى جذع منصوب في المسجد فيخطب فجاء اليه رومي ...فقال ألا أصنع لك منبرا " الحديث يحتمل ان يكون المراد بالرومي تميم الداري لأنه كان كثير السفر الى أرض الروم .
    ( ج2/ ص 513 )
    حكى بعض أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب على منبر من طين قبل ان يتخذ المنبر الذي من خشب . ويعكر عليه أن في الاحاديث الصحيحة أنه كان يستند الى الجذع اذا خطب .
    ( ج2/ ص 513 )
    لم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من اسفله
    وكان سبب ذلك ما حكاه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بإسناده إلى حميد ابن عبد الرحمن بن عوف قال ‏"‏ بعث معاوية إلى مروان - وهو عامله على المدينة - أن يحمل إليه المنبر، فأمر به فقلع، فأظلمت المدينة، فخرج مروان فخطب وقال‏:‏ إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، فدعا نجارا، وكان ثلاث درجات فزاد فيه الزيادة التي هي عليها اليوم‏"‏، ورواه من وجه آخر قال‏:‏ فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم وقال ‏"‏ فزاد فيه ست درجات وقال‏:‏ إنما زدت فيه حين كثر الناس ‏"‏ قال ابن النجار وغيره‏:‏ استمر على ذلك إلا ما أصلح منه إلى أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة فاحترق، ثم جدد المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين منبرا، ثم أرسل الظاهر بيبرس بعد عشر سنين صلى الله عليه وسلم منبرا فأزيل منبر المظفر، فلم يزل إلى هذا العصر فأرسل الملك المؤيد سنة عشرين وثمانمائة منبرا جديدا، وكان أرسل في سنة ثماني عشرة منبرا جديدا إلى مكة أيضا، شكر الله له صالح عمله آمين‏.‏
    ( ج2/ ص 514 )
    الحكمة في صلاته في أعلى المنبر ليراه من قد يخفي عليه رؤيته إذا صلى على الأرض ويستفاد منه أن من فعل شيئا يخالف العادة أن يبين حكمته لأصحابه‏.‏
    ( ج2/ ص 514)
    وقال ابن بطال‏:‏ إن كان الخطيب هو الخليفة فسنته أن يخطب على المنبر، وإن كان غيره يخير بين أن يقوم على المنبر أو على الأرض‏.‏
    وتعقبه الزين بن المنير بأن هذا خارج عن مقصود الترجمة ولأنه إخبار عن شيء أحدثه بعض الخلفاء، فإن كان من الخلفاء الراشدين فهو سنة متبعة، وإن كان من غيرهم فهو بالبدعة أشبه منه بالسنة‏.‏


  5. #125
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    (
    ( ج2/ ص 515)
    قال الجوهري‏:‏ العشار جمع عشراء بالضم ثم الفتح وهي الناقة الحامل التي مضت لها عشرة أشهر ولا يزال ذلك اسمها إلى أن تلد‏.‏
    وقال الخطابي‏:‏ العشار الحوامل من الإبل التي قاربت الولادة‏.‏
    ويقال‏:‏ اللواتي أتى على حملهن عشرة أشهر، يقال ناقة عشراء ونوق عشار على غير قياس‏.‏
    ( ج2/ ص 516)
    ونقل غيره عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب، وعن مالك رواية أنه واجب، فإن تركه أساء وصحت الخطبة، وعند الباقين أن القيام في الخطبة يشترط للقادر كالصلاة، واستدل للأول بحديث أبي سعيد الآتي في المناقب ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله ‏"‏ وبحديث سهل الماضي قبل ‏"‏ مري غلامك يعمل لي أعوادا أجلس عليها ‏"‏ والله الموفقوأجيب عن الأول أنه كان في غير خطبة الجمعة، وعن الثاني باحتمال أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد وبين الخطبتين، واستدل للجمهور بحديث جابر بن سمرة المذكور وبحديث كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدا، فأنكر عليه وتلا ‏(‏وتركوك قائما‏)‏ وفي رواية ابن خزيمة ما رأيت كاليوم قط إماما يؤم المسلمين يخطب وهو جالس، يقول ذلك مرتين ‏"‏ وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس ‏"‏ خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية ‏"‏ وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على القيام، وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعا في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس، ولأن الذي نقل عنه القعود كان معذورا‏.‏
    ( ج2/ ص 516)
    فعند ابن أبي شيبة من طريق الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه ولحمه، وأما من احتج بأنه لو كان شرطا ما صلى من أنكر ذلك مع القاعد فجوابه أنه محمول على أن من صنع ذلك خشي الفتنة، أو أن الذي قعد قعد باجتهاد كما قالوا في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود ثم إنه صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر‏.‏
    .
    ( ج2/ ص 516)
    حديث جابر بن سمره ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب ‏"‏ أخرجه مسلم، وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر إلا أن إسناده ليس على شرط البخاري‏.‏
    ( ج2/ ص 517)
    وروى ابن أبي شيبه من طريق طاوس قال ‏"‏ أول من خطب قاعدا معاوية حين كثر شحم بطنه ‏"‏ وهذا مرسل، يعضده ما روى سعيد بن منصور عن الحسن قال ‏"‏ أول من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان، وكان إذا أعي جلس ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من خطب جالسا معاوية ‏"‏‏

  6. #126
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 517)
    قال ابن حجر :استقبال الناس الإمام إذا خطب وهو مستحب عند الجمهور، وفي وجه يجب، جزم به أبو الطيب الطبري من الشافعية فإن فعل أجزأ، وقيل لا، ذكره الشاشي، ونقل في شرح المهذب أن الالتفات يمينا وشمالا مكروه اتفاقا
    ( ج2/ ص 517)
    وفي استقبال الناس الامام اذا خطب
    ‏‏وقال الترمذي‏:‏ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، يعني صريحا‏
    ( ج2/ ص 520)
    .‏قال سيبويه‏:‏ أما بعد معناها مهما يكن من شيء بعد‏
    .
    ( ج2/ ص 520)
    مواختلف في أول من قالها، فقيل داود عليه السلام رواه الطبراني مرفوعا من حديث أبي موسى الأشعري وفي إسناده ضعف، وروى عبد بن حميد والطبراني عن الشعبي موقوفا أنها فضل الخطاب الذي أعطيه داود، وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي فزاد فيه عن زياد بن سمية‏.‏
    وقيل أول من قالها يعقوب رواه الدار قطني بسند رواه في غرائب مالك‏.‏
    وقيل أول من قالها يعرب بن قحطان، وقيل كعب بن لؤي أخرجه القاضي أبو أحمد الغساني صلى الله عليه وسلم من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بسند ضعيف‏.‏
    وقيل سحبان بن وائل‏.‏
    وقيل قس بن ساعدة، والأول أشبه‏.‏
    ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة إلى الأولية المحضة، والبقية بالنسبة إلى العرب خاصة، ثم يجمع بينها بالنسبة إلى القبائل‏.‏
    ( ج2/ ص 521 )
    قال ابن حجر :ويستفاد من هذه الأحاديث أن ‏"‏ أما بعد ‏"‏ لا تختص بالخطب، بل تقال أيضا في صدور الرسائل والمصنفات، ولا اقتصار عليها في إرادة الفصل بين الكلامين، بل ورد في القرآن في ذلك لفظ ‏"‏ هذا وأن ‏"‏ صلى الله عليه وسلم وقد كثر استعمال المصنفين لها بلفظ ‏"‏ وبعد ‏"‏ ومنهم من صدر بها كلامه فيقول في أول الكتاب ‏"‏ أما بعد حمد الله فإن الأمر ‏"‏ كذا ولا حجر في ذلك‏.‏
    ( ج2/ ص 521 )
    قال ابن حجر : وقد تتبع طرق الأحاديث التي وقع فيها ‏"‏ أما بعد ‏"‏ الحافظ عبد القادر الرهاوي في خطبة الأربعين المتباينة له فأخرجه عن اثنين وثلاثين صحابيا‏.‏
    منها ما أخرجه من طريق ابن جريج عن محمد بن سيرين عن المسور بن مخرمة ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب خطبة قال‏:‏ أما بعد ‏"‏ ورجاله ثقات، وظاهره المواظبة على ذلك‏.‏
    .
    ( ج2/ ص 522)
    واستدل به الشافعي في إيجاب الجلوس بين الخطبتين لمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك مع قوله ‏"‏ صلوا كما رأيتموني أصلي‏"‏‏.‏
    قال ابن دقيق العيد‏:‏ يتوقف ذلك على ثبوت أن إقامة الخطبتين داخل تحت كيفية الصلاة، وإلا فهو استدلال بمجرد الفعل‏.‏
    وزعم الطحاوي أن الشافعي تفرد بذلك، وتعقب بأنه محكي عن مالك أيضا في رواية، وهو المشهور عن أحمد نقله شيخنا في شرح الترمذي
    (ج2/ ص 522)
    وحكى ابن المنذر أن بعض العلماء عارض الشافعي بأنه صلى الله عليه وسلم واظب على الجلوس قبل الخطبة الأولى، فإن كانت مواظبته دليلا على شرطية الجلسة الوسطى فلتكن دليلا على شرطية الجلسة الأولى، وهذا متعقب بأن جل الروايات عن ابن عمر ليست فيها هذه الجلسة الأولى وهي من رواية عبد الله العمري المضعف فلم تثبت المواظبة عليها، بخلاف التي بين الخطبتين‏.

    ‏( ج2/ ص 522)
    وقال صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏‏:‏ لم يوجبها أكثر أهل العلم لأنها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تجب، وقدرها من قال بوجوبها بقدر جلسة الاستراحة وبقدر ما يقرأ سورة الإخلاص‏.‏
    واختلف في حكمتها فقيل‏:‏ للفصل بين الخطبتين، وقيل للراحة وعلى الأول - وهو الأظهر - يكفي السكوت بقدرها، ويظهر أثر الخلاف أيضا فيمن خطب قاعدا لعجزه عن القيام‏.‏
    وقد ألزم الطحاوي من قال بوجوب الجلوس بين الخطبتين أن يوجب القيام في الخطبتين، لأن كلا منهما اقتصر على فعل شيء واحد‏.‏
    ( ج2/ ص 524 )
    ومن المستغربات ما حكاه ابن بشكوال في المبهمات أن الداخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب للخطبة المذكور يقال له أبو هدية، فإن كان محفوظا فلعلها كنية سليك صادفت اسم أبيه‏
    ( ج2/ ص 525)
    وروى الطبراني من حديث ابن عمر رفعه ‏"‏ إذا دخل أحدكم والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام " بأنه ضعيف فيه أيوب بن نهيك وهو منكر الحديث، قاله أبو زرعة وأبو حاتم الأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله‏.‏
    ( ج2/ ص 525)
    قصة سليك فقد ذكر الترمذي أنها أصح شيء روى في هذا الباب وأقوى، وأجاب المانعون أيضا بأجوبة غير ما تقدم، اجتمع لنا منها زيادة على عشرة أوردتها ملخصة مع الجواب عنها لتستفاد منها ..
    ( ج2/ ص 526)
    ‏فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة أيضا، فروى الترمذي وابن خزيمة وصححاه عن عياض بن أبي سرح ‏"‏ أن أبا سعيد الخدري دخل ومروان يخطب فصلى الركعتين، فأراد حرس مروان أن يمنعوه فأبى حتى صلاهما ثم قال‏:‏ ما كنت لأدعهما بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بهما ‏"‏ انتهى‏.‏
    ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحا ما يخالف ذلك‏.‏
    ( ج2/ ص 527)
    قال الحافظ ابن حجر قال : شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي‏:‏ كل من نقل عنه - يعني من الصحابة - منع الصلاة والإمام يخطب محمول على من كان داخل المسجد لأنه لم يقع عن أحد منهم التصريح بمنع التحية، وقد ورد فيها حديث يخصها فلا تترك بالاحتمال، انتهى‏.‏
    ولم أقف على ذلك صريحا عن أحد من الصحابة‏
    .
    ( ج2/ ص 528)
    ‏وأما ما رواه الطحاوي ‏"‏ عن عبد الله بن صفوان أنه دخل المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن ثم سلم عليه ثم جلس ولم يركع ‏"‏ وعبد الله بن صفوان وعبد الله بن الزبير صحابيان صغيران فقد استدل به الطحاوي فقال‏:‏ لما لم ينكر ابن الزبير على ابن صفوان ولا من حضرهما من الصحابة ترك التحية دل على صحة ما قلناه، وتعقب بأن تركهم النكير لا يدل على تحريمها بل يدل على عدم وجوبها، ولم يقل به مخالفوهم‏
    ( ج2/ ص 529)
    وورد أخص منه في حال الخطبة، ففي رواية شعبة عن عمرو بن دينار قال ‏"‏ سمعت جابر بن عبد الله يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب‏:‏ إذا جاء أحدكم والإمام يخطب - أو قد خرج - فليصل ركعتين ‏"‏ متفق عليه أيضا، ولمسلم من طريق أبي سفيان عن جابر أنه قال ذلك في قصة سليك ولفظه بعد قوله فاركعهما وتجوز فيهما ‏"‏ ثم قال‏:‏ إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ‏"‏ قال النووي‏:‏ هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ ويعتقده صحيحا فيخالفه‏.‏
    ( ج2/ ص 529)
    حديث أبي سعيد رفعه ‏"‏ لا تصلوا والإمام يخطب ‏"‏ بأنه لا يثبت، وعلى تقدير ثبوته فيخص عمومه بالأمر بصلاة التحية‏.‏
    ( ج2/ ص 529)
    جواز صلاة التحية في الأوقات المكروهة، لأنها إذا لم تسقط في الخطبة الأمر بالإنصات لها فغيرها أولى‏.‏وأن التحية لا تفوت بالقعود، لكن قيده بعضهم بالجاهل أو الناسي

  7. #127
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    .‏( ج2/ ص 533)
    قال ابن خزيمة‏:‏ المراد بالإنصات السكوت عن مكالمة الناس دون ذكر الله‏.‏
    وتعقب بأنه يلزم منه جواز القراءة والذكر حال الخطبة، فالظاهر أن المراد السكوت مطلقا ومن فرق احتاج إلى دليل، ولا يلزم من تجويز التحية لدليلها الخاص جواز الذكر مطلقا‏
    ( ج2/ ص 532)
    قال الأخفش‏:‏ اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه
    ‏وقال ابن عرفة‏:‏ اللغو السقط من القول، وقيل‏:‏ الميل عن الصواب، وقيل‏:‏ اللغو الإثم كقوله تعالى ‏(‏وإذا مروا باللغو مروا كراما‏)‏ ‏.‏
    وقال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام‏.‏
    وأغرب أبو عبيد الهروي في ‏"‏ الغريب ‏"‏ فقال‏:‏ معنى لغا تكلم، كذا أطلق‏.‏
    والصواب التقييد‏.‏
    وقال النضر ابن شميل‏.‏
    معنى لغوت خبت من الأجر، وقيل بطلت فضيلة جمعتك، وقيل صارت جمعتك ظهرا‏.‏
    قال ابن حجر ::‏ أقوال أهل اللغة متقاربة المعنى، ويشهد للقول الأخير ما رواه أبو داود وابن خزيمة من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا ‏"‏ ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا ‏"‏ قال ابن وهب أحد رواته‏:‏ معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة‏.‏
    ( ج2/ ص 533 )
    وقد وقع عند أحمد من رواية الأعرج عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث بعد قوله ‏"‏ فقد لغوت‏:‏ عليك بنفسك ‏"‏ واستدل به على منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة، وبه قال الجمهور في حق من سمعها، وكذا الحكم في حق من لا يسمعها عند الأكثر‏.‏
    قالوا‏:‏ وإذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة‏
    ( ج2/ ص 533)
    وروى عن الشعبي وناس قليل أنهم كانوا يتكلمون إلا في حين قراءة الإمام في الخطبة خاصة، قال‏:‏ وفعلهم في ذلك مردود عند أهل العلم، وأحسن أحوالهم أن يقال إنه لم يبلغهم الحديث‏.‏.‏
    .‏
    ( ج2/ ص 534)
    ونقل صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏ الاتفاق على أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة كتحذير الضرير من البئر، وعبارة الشافعي‏:‏ وإذا خاف على أحد لم أر بأسا إذا لم يفهم عنه بالإيماء أن يتكلم‏.‏
    وقد استثنى من الإنصات في الخطبة ما إذا انتهى الخطيب إلى كل ما لم يشرع مثل الدعاء للسلطان مثلا، بل جزم صاحب التهذيب بأن الدعاء للسلطان مكروه‏.‏
    وقال النووي‏:‏ محله ما إذا جازف وإلا فالدعاء لولاة الأمور مطلوب اهـ‏.‏
    (ج2/ ص 534)
    قال البخاري : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا..
    قال الحافظ ابن حجر :
    *وأفاد ابن عبد البر أن قوله ‏"‏ وهو قائم ‏"‏ سقط من رواية أبي مصعب وابن أبي أويس ومطرف والتنيسي وقتيبة وأثبتها الباقون، قال‏:‏ وهي زيادة محفوظة عن أبي الزناد من رواية مالك وورقاء وغيرهما عنه، وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث، وكان السبب في ذلك أنه يشكل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة، وهما حديثان أحدهما أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة، والثاني أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس‏.‏
    *قد احتج أبو هريرة على عبد الله بن سلام لما ذكر له القول الثاني بأنها ليست ساعة صلاة وقد ورد النص بالصلاة فأجابه بالنص الآخر أن منتظر الصلاة في حكم المصلي، فلو كان قوله ‏"‏ وهو قائم ‏"‏ عند أبي هريرة ثابتا لاحتج عليه بها لكنه سلم له الجواب وارتضاه وأفتى به بعده‏.‏
    *وأنها ساعة لطيفة تتنقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره، وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله ‏"‏ يزهدها ‏"‏ أى يقللها، ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة ‏"‏ وهي ساعة خفيفة ‏"‏ وللطبراني في الأوسط في حديث أنس ‏"‏ وهي قدر هذا، يعني قبضة ‏"‏ قال الزين بن المنير‏:‏ الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها‏.‏
    * ( ج2/ ص 535-543 )
    - وقد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة هل هي باقية أو رفعت‏؟‏
    الأول‏:‏ أنها رفعت، حكاه ابن عبد البر عن قوم وزيفه‏.‏
    وقال عياض‏:‏ رده السلف على قائله‏
    وروى عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم عن عبد الله بن عبس مولى معاوية قال ‏"‏ قلت لأبي هريرة‏:‏ إنهم زعموا أن الساعة التي في يوم الجمعة يستجاب فيها الدعاء رفعت، فقال‏:‏ كذب من قال ذلك‏.‏
    قلت‏:‏ فهي في كل جمعة‏؟‏ قال نعم ‏"‏ إسناده قوي‏
    مالقول الثاني‏:‏ أنها موجودة لكن في جمعة واحدة من كل سنة، قاله كعب الأحبار لأبي هريرة، فرد عليه فرجع إليه، رواه مالك في الموطأ وأصحاب السنن‏.
    .‏
    لثالث‏:‏ أنها مخفية في جميع اليوم كما أخفيت ليله القدر في العشر‏.‏
    روى ابن خزيمة والحاكم من طريق سعيد بن الحارث عن أبي سلمة ‏"‏ سألت أبا سعيد عن ساعة الجمعة فقال‏:‏ سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال‏:‏ قد أعلمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر‏"‏‏
    الرابع‏:‏ أنها تنتقل في يوم الجمعة ولا تلزم ساعة معينه لا ظاهرة ولا مخفية، قال الغزالي‏:‏ هذا أشبه الأقوال، وذكره الأثرم احتمالا، وجزم به ابن عساكر وغيره‏.‏
    وقال المحب الطبري إنه الأظهر، وعلى هذا لا يتأتى ما قاله كعب في الجزم بتحصيلها‏.‏
    مالخامس‏:‏ إذا أذن المؤذن لصلاة الغداة، ذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ وشيخنا سراج الدين بن الملقن في ‏"‏ شرحه على البخاري ‏"‏ ونسباه لتخريج ابن أبي شيبة عن عائشة، وقد رواه الروياني في مسنده عنها فأطلق الصلاة ولم يقيدها‏.‏
    رواه ابن المنذر فقيدها بصلاة الجمعة، والله أعلم‏
    لسادس‏:‏ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، رواه ابن عساكر من طريق أبي جعفر الرازي عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة، وحكاه القاضي أبو الطيب الطبري وأبو نصر بن الصباغ وعياض والقرطبي وغيرهم وعبارة بعضهم‏:‏ ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس‏
    السابع مثله وزاد‏:‏ ومن العصر إلى الغروب‏.‏
    رواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة عن ليث ابن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة، وتابعه فضيل بن عياض عن ليث عند ابن المنذر، وليث ضعيف وقد اختلف عليه فيه كما ترى‏.‏
    الثامن مثله وزاد‏:‏ وما بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن يكبر رواه حميد بن زنجويه في الترغيب له من طريق عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال ‏"‏ التمسوا الساعة التي يجاب فيها الدعاء يوم الجمعة في هذه الأوقات الثلاثة ‏"‏ فذكرها‏
    مالتاسع‏:‏ أنها أول ساعة بعد طلوع الشمس حكاه الجبلي في ‏"‏ شرح التنبيه ‏"‏ وتبعه المحب الطبري في شرحه‏.‏
    العاشر‏:‏ عند طلوع الشمس حكاه الغزالي في الإحياء وعبر عنه الزين بن المنير في شرحه بقوله‏:‏ هي ما بين أن ترتفع الشمس شبرا إلى ذراع، وعزاه لأبي ذر‏.‏
    الحادي عشر‏:‏ أنها في آخر الساعة الثالثة من النهار حكاه صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏ وهو في مسند الإمام أحمد من طريق على بن أبي طلحة عن أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ يوم الجمعة فيه طبعت طينة آدم، وفي آخر ثلاث ساعات منه ساعة من دعا الله فيها استجيب له ‏"‏ وفي إسناده فرج بن فضالة وهو ضعيف، وعلي لم يسمع من أبي هريرة، قال المحب الطبري‏:‏ قوله ‏"‏ في آخر ثلاث ساعات ‏"‏ يحتمل أمرين‏:‏ أحدهما أن يكون المراد الساعة الأخيرة من الثلاث الأول، ثانيهما أن يكون المراد أن في آخر كل ساعة من الثلاث ساعة إجابة، فيكون فيه تجوز لإطلاق الساعة على بعض الساعة‏.‏
    الثاني عشر‏:‏ من الزوال إلى أن يصير الظل نصف ذراع حكاه المحب الطبري في الأحكام وقبله الزكي المنذري‏.‏
    الثالث عشر‏:‏ مثله لكن قال أن يصير الظل ذراعا حكاه عياض والقرطبي والنووي‏.‏
    الرابع عشر‏:‏ بعد زوال الشمس بشبر إلى ذراع رواه ابن المنذر وابن عبد البر بإسناد قوي إلى الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي ذر أن امرأته سألته عنها فقال ذلك، ولعله مأخذ القولين اللذين قبله‏.‏
    الخامس عشر‏:‏ إذا زالت الشمس حكاه ابن المنذر عن أبي العالية، وورد نحوه في أثناء حديث عن علي، وروى عبد الرزاق من طريق الحسن أنه كان يتحراها عند زوال الشمس بسبب قصة وقعت لبعض أصحابه في ذلك، وروى ابن سعد في الطبقات عن عبيد الله بن نوفل نحو القصة، وروى ابن عساكر من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال‏:‏ كانوا يرون الساعة المستجاب فيها الدعاء إذا زالت الشمس، وكأن مأخذهم في ذلك أنها وقت اجتماع الملائكة وابتداء دخول وقت الجمعة وابتداء الأذان ونحو ذلك‏.‏
    السادس عشر‏:‏ إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة رواه ابن المنذر عن عائشة قالت ‏"‏ يوم الجمعة مثل يوم عرفة تفتح فيه أبواب السماء، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه‏.‏
    قيل‏:‏ أية ساعة‏؟‏ قالت‏:‏ إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة ‏"‏ وهذا يغاير الذي قبله من حيث أن الأذان قد يتأخر عن الزوال، قال الزين بن المنير‏:‏ ويتعين حمله على الأذان الذي بين يدي الخطيب‏

  8. #128
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    لسابع عشر‏:‏ من الزوال إلى أن يدخل الرجل في الصلاة ذكره ابن المنذر عن أبي السوار العدوي، وحكاه ابن الصباغ بلفظ‏:‏ إلى أن يدخل الإمام
    الثامن عشر‏:‏ من الزوال إلى خروج الإمام حكاه القاضي أبو الطيب الطبري‏.‏
    التاسع عشر‏:‏ من الزوال إلى غروب الشمس حكاه أبو العباس أحمد بن علي بن كشاسب الدزماري وهو بزاي ساكنة وقبل ياء النسب راء مهملة في نكته على التنبيه عن الحسن ونقله عنه شيخنا سراج الدين ابن الملقن في شرح البخاري، وكان الدزماري المذكور في عصر ابن الصلاح‏.‏
    العشرون‏:‏ ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة رواه ابن المنذر عن الحسن‏.‏
    وروى أبو بكر المروزي في ‏"‏ كتاب الجمعة ‏"‏ بإسناد صحيح إلى الشعبي عن عوف بن حصيرة رجل من أهل الشام مثله‏.‏
    الحادي والعشرون‏:‏ عند خروج الإمام رواه حميد بن زنجويه في ‏"‏ كتاب الترغيب ‏"‏ عن الحسن أن رجلا مرت به وهو ينعس في ذلك الوقت‏.‏
    الثاني والعشرون‏:‏ ما بين خروج الإمام إلى أن تنقضي الصلاة رواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن سالم عن الشعبي قوله‏.‏
    ومن طريق معاوية بن قرة عن أبي بردة عن أبى موسى قوله، وفيه أن ابن عمر استصوب ذلك‏.‏
    الثالث والعشرون‏:‏ ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل رواه سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي قوله أيضا، قال الزين بن المنير‏:‏ ووجهه أنه أخص أحكام الجمعة لأن العقد باطل عند الأكثر فلو اتفق ذلك في غير هذه الساعة بحيث ضاق الوقت فتشاغل اثنان بعقد البيع فخرج وفاتت تلك الصلاة لأثما ولم يبطل البيع‏.‏
    الرابع والعشرون‏:‏ ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة رواه حميد بن زنجويه عن ابن عباس وحكاه البغوي في شرح السنة عنه‏.‏
    الخامس والعشرون‏:‏ ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضي الصلاة رواه مسلم وأبو داود من طريق مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة بن أبي موسى أن ابن عمر سأله عما سمع من أبيه في ساعة الجمعة فقال‏:‏ سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وهذا القول يمكن أن يتخذ من اللذين قبله‏.‏
    السادس والعشرون‏:‏ عند التأذين وعند تذكير الإمام وعند الإقامة رواه حميد بن زنجويه من طريق سليم بن عامر عن عوف بن مالك الأشجعي الصحابي‏.‏
    السابع والعشرون‏:‏ مثله لكن قال‏:‏ إذا أذن وإذا رقي المنبر إذا أقيمت الصلاة رواه ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي أمامة الصحابي قوله، قال الزين بن المنير‏:‏ ما ورد عند الأذان من إجابة الدعاء فيتأكد يوم الجمعة وكذلك الإقامة، وأما زمان جلوس الإمام على المنبر فلأنه وقت استماع الذكر، والابتداء في المقصود من الجمعة‏.‏
    الثامن والعشرون‏:‏ من حين يفتتح الإمام الخطبة حتى يفرغ رواه ابن عبد البر من طريق محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا وإسناده ضعيف‏.‏
    التاسع والعشرون‏.‏
    إذا بلغ الخطيب المنبر وأخذ في الخطبة حكاه الغزالي في الإحياء‏.‏
    الثلاثون‏:‏ عند الجلوس بين الخطبتين حكاه الطيبي عن بعض شراح المصابيح‏.‏
    الحادي والثلاثون‏:‏ أنها عند نزول الإمام من المنبر رواه ابن أبي شيبة وحميد بن زنجويه وابن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق عن أبي بردة قوله، وحكاه الغزالي قولا بلفظ‏:‏ إذا قام الناس إلى الصلاة‏.‏
    الثاني والثلاثون‏:‏ حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه حكاه ابن المنذر عن الحسن أيضا، وروى الطبراني من حديث ميمونة بنت سعد نحوه مرفوعا بإسناد ضعيف، الثالث والثلاثون‏:‏ من إقامة الصف إلى تمام الصلاة رواه الترمذي وابن ماجه من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا وفيه‏:‏ قالوا أية ساعة يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها، وقد ضعف كثير رواية كثير، ورواه البيهقي في الشعب من هذا الوجه بلفظ ما بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن تنقضي الصلاة ورواه ابن أبي شيبة من طريق مغيرة عن واصل الأحدب عن أبي بردة قوله، وإسناده قوى إليه، وفيه أن ابن عمر استحسن ذلك منه وبرك عليه ومسح على رأسه، وروى ابن جرير وسعيد بن منصور عن ابن سيرين نحوه‏.‏
    الرابع والثلاثون‏:‏ هي الساعة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها الجمعة رواه ابن عساكر بإسناد صحيح عن ابن سيرين، وهذا يغاير الذي قبله من جهة إطلاق ذاك وتقييد هذا، وكأنه أخذه من جهة أن صلاة الجمعه أفضل صلوات ذلك اليوم، وأن الوقت الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأوقات، وأن جميع ما تقدم من الأذان والخطبة وغيرهما وسائل وصلاة الجمعة هي المقصودة بالذات، ويؤيده ورود الأمر في القرآن بتكثير الذكر حال الصلاة كما ورد الأمر بتكثير الذكر حال القتال وذلك في قوله تعالى ‏(‏إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون‏)‏ وفي قوله‏:‏ ‏(‏إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله - إلى أن ختم الآية بقوله - واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون‏)‏ وليس المراد إيقاع الذكر بعد الانتشار وإن عطف عليه، وإنما المراد تكثير المشار إليه أول الآية صلى الله عليه وسلم والله أعلم‏.‏
    الخامس والثلاثون‏:‏ من صلاة العصر إلى غروب الشمس رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا، ومن طريق صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ ‏"‏ فالتمسوها بعد العصر ‏"‏ وذكر ابن عبد البر أن قوله ‏"‏ فالتمسوها الخ ‏"‏ مدرج في الخبر من قول أبي سلمة، ورواه ابن منده من هذا الوجه وزاد ‏"‏ أغفل ما يكون الناس ‏"‏ ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق الشيباني عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أخيه عبيد الله كقول ابن عباس، ورواه الترمذي من طريق موسى بن وردان عن أنس مرفوعا بلفظ ‏"‏ بعد العصر إلى غيبوبة الشمس ‏"‏ وإسناده ضعيف‏.‏
    السادس والثلاثون‏:‏ في صلاة العصر رواه عبد الرزاق عن عمر بن ذر عن يحي بن إسحاق بن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وفيه قصة‏.‏
    السابع والثلاثون‏:‏ بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار حكاه الغزالي في الإحياء‏.‏
    الثامن والثلاثون‏:‏ بعد العصر كما تقدم عن أبي سعيد مطلقا، ورواه ابن عساكر من طريق محمد بن سلمة الأنصاري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعا بلفظ ‏"‏ وهي بعد العصر ‏"‏ ورواه ابن المنذر عن مجاهد مثله، ورواه ابن جريج صلى الله عليه وسلم من طريق إبراهيم بن ميسرة عن رجل أرسله عمرو بن أويس إلى أبي هريرة فذكر مثله قال‏:‏ وسمعته عن الحكم عن ابن عباس مثله، ورواه أبو بكر المروذي من طريق الثوري وشعبة جميعا عن يونس بن خباب قال الثوري‏:‏ عن عطاء‏.‏
    وقال شعبة‏:‏ عن أبيه عن أبي هريرة‏.‏
    مثله ‏"‏ وقال عبد الرزاق‏:‏ أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يتحراها بعد العصر، وعن ابن جريج عن بعض أهل العلم قال‏:‏ لا أعلمه إلا من ابن عباس مثله، فقيل له‏:‏ لا صلاة بعد العصر، فقال‏:‏ بلى، لكن من كان في مصلاه لم يقم منه فهو في صلاة‏"‏‏.‏
    التاسع والثلاثون‏:‏ من وسط النهار إلى قرب آخر النهار كما تقدم أول الباب عن سلمة بن علقمة‏.‏
    الأربعون‏:‏ من حين تصفر الشمس إلى أن تغيب رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن إسماعيل بن كيسان عن طاوس قوله، وهو قريب من الذي بعده‏.‏
    الحادي والأربعون‏:‏ آخر ساعة بعد العصر رواه أبو داود والنسائي والحاكم بإسناد حسن عن أبي سلمة عن جابر مرفوعا وفي أوله ‏"‏ أن النهار اثنتا عشرة ساعة ‏"‏ ورواه مالك وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله ابن سلام قوله، وفيه مناظرة أبي هريرة له في ذلك واحتجاج عبد الله بن سلام بأن منتظر الصلاة في صلاة، وروى ابن جرير صلى الله عليه وسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا مثله ولم يذكر عبد الله ابن سلام قوله ولا القصة، ومن طريق ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن كعب الأحبار قوله‏.‏
    وقال عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة أنه سمع أبا سلمة يقول‏:‏ حدثنا عبد الله بن عامر فذكر مثله، وروى البزار وابن جرير من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام مثله، وروى ابن أبي خيثمة من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد فذكر الحديث وفيه‏:‏ قال أبو سلمة فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له ذلك فلم يعرض بذكر النبي صلى الله عليه وسلم بل قال‏:‏ النهار اثنتا عشرة ساعة، وإنها لفي آخر ساعة من النهار‏.‏
    ولابن خزيمة من طريق أبي النضر عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال‏:‏ قلت - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس - إنا لنجد في كتاب الله أن في الجمعة ساعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أو بعض ساعة، قلت‏:‏ نعم أو بعض ساعة الحديث، وفيه‏:‏ قلت أي ساعة‏؟‏ فذكره‏.‏
    وهذا يحتمل أن يكون القائل ‏"‏ قلت ‏"‏ عبد الله بن سلام فيكون مرفوعا، ويحتمل أن يكون أبا سلمة فيكون موقوفا وهو الأرجح لتصريحه في رواية يحيى بن أبي كثير بأن عبد الله بن سلام لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب‏.‏
    الثاني والأربعون‏:‏ من حين يغيب نصف قرص الشمس، أو من حين تدلي الشمس للغروب إلى أن يتكامل غروبها رواه الطبراني في الأوسط والدار قطني في العلل والبيهقي في الشعب وفضائل الأوقات من طريق زيد بن علي ابن الحسين بن علي حدثتني مرجانة مولاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت‏:‏ حدثتني فاطمة عليها السلام عن أبيها فذكر الحديث، وفيه‏:‏ قلت للنبي صلى الله عليه وسلم أي ساعة هي‏؟‏ قال‏:‏ إذا تدلى نصف الشمس للغروب‏.‏
    فكانت فاطمة إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلاما لها يقال له زيد ينظر لها الشمس فإذا أخبرها أنها تدلت للغروب أقبلت على الدعاء إلى أن تغيب، في إسناده اختلاف على زيد بن علي، وفي بعض رواته من لا يعرف حاله‏.‏
    وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق سعيد بن راشد عن زيد بن على عن فاطمة لم يذكر مرجانة وقال فيه‏:‏ إذا تدلت الشمس للغروب وقال فيه‏:‏ تقول لغلام يقال له أربد‏:‏ اصعد على الظراب، فإذا تدلت الشمس للغروب فأخبرني، والباقي نحوه، وفي آخره‏:‏ ثم تصلي يعني المغرب‏.‏
    فهذا جميع ما اتصل إلى من الأقوال في ساعة الجمعة مع ذكر أدلتها وبيان حالها في الصحة والضعف والرفع والوقف والإشارة إلى مأخذ بعضها، وليست كلها متغايرة من كل جهة بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره‏.‏
    ثم طفرت بعد كتابة هذا بقول زائد على ما تقدم وهو غير منقول، استنبطه صاحبنا العلامة الحافظ شمس الدين الجزري وأذن لي في روايته عنه في كتابه المسمى ‏"‏ الحصن الحصين ‏"‏ في الأدعية لما ذكر الاختلاف في ساعة الجمعه واقتصر على ثمانية أقوال مما تقدم ثم قال ما نصه‏:‏ والذي أعتقده أنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في صلاة الجمعة إلى أن يقول آمين، جمعا بين الأحاديث التي صحت‏.‏
    كذا قال، ويخدش فيه أنه يفوت على الداعي حينئذ الإنصات لقراءة الإمام، فليتأمل‏.‏
    قال الزين بن المنير‏:‏ يحسن جمع الأقوال، وكان قد ذكر مما تقدم عشرة أقوال تبعا لابن بطال‏.‏
    قال‏:‏ فتكون ساعة الإجابة واحدة منها لا بعينها، فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها والله المستعان‏.‏
    وليس المراد من أكثرها أنه يستوعب جميع الوقت الذي عين، بل المعنى أنها تكون في أثنائه لقوله فيما مضى ‏"‏ يقللها ‏"‏ وقوله ‏"‏ وهي ساعة خفيفة‏"‏‏.‏
    وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلا وانتهاؤه انتهاء الصلاة‏.‏
    وكأن كثيرا من القائلين عين ما اتفق له وقوعها فيه من ساعة في أثناء وقت من الأوقات المذكورة، فبهذا التقرير يقل الانتشار جدا‏.‏
    ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام كما تقدم‏.‏
    قال المحب الطبري‏:‏ أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام ا هـ‏.‏
    قال ابن حجر :
    قد اختلف السلف في أيهما أرجح، فروى البيهقي من طريق أبي الفضل أحمد بن سلمه النيسابوري أن مسلما قال‏:‏ حديث أبي موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه، بذلك قال البيهقي وابن العربي وجماعة‏.‏
    وقال القرطبي‏:‏ هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره‏.‏
    وقال النووي‏:‏ هو الصحيح، بل الصواب‏.‏
    وجزم في الروضة بأنه الصواب، ورجحه أيضا بكونه مرفوعا صريحا وفي أحد الصحيحين، وذهب آخرون إلى ترجيح قول عبد الله بن سلام فحكى الترمذي عن أحمد أنه قال‏:‏ أكثر الأحاديث على ذلك‏.‏
    .‏
    وقال ابن عبد البر‏:‏ إنه أثبت شيء في هذا الباب‏.‏
    وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناسا من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة‏.‏
    ورجحه كثير من الأئمة أيضا كأحمد وإسحاق ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي‏.‏
    وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحدهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ، كحديث أبي موسى هذا فإنه أعل بالانقطاع والاضطراب‏:‏ أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة وزاد‏:‏ إنما هي كتب كانت عندنا‏.‏

  9. #129
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 544 )
    لم يتعرض البخاري لعدد من تقوم بهم الجمعة لأنه لم يثبت منه شيء على شرطه، وجملة ما للعلماء فيه خمسة عشر قولا‏:‏ أحدها تصح من الواحد، نقله ابن حزم‏.‏
    الثاني اثنان كالجماعة، وهو قول النخعي وأهل الظاهر والحسن بن حي‏.‏
    الثالث اثنان مع الإمام، عند أبي يوسف ومحمد‏.‏
    الرابع ثلاثة معه، عند أبي حنيفة‏.‏
    الخامس سبعة، عند عكرمة‏.‏
    السادس تسعة، عند ربيعة‏.‏
    السابع اثنا عشر عنه في رواية‏.‏
    الثامن مثله غير الإمام عند إسحاق‏.‏
    التاسع عشرون في رواية ابن حبيب عن مالك‏.‏
    العاشر ثلاثون كذلك‏.‏
    الحادي عشر أربعون بالإمام عند الشافعي‏.‏
    الثاني عشر غير الإمام عنه وبه قال عمر بن عبد العزيز وطائفة‏.‏
    الثالث عشر خمسون عن أحمد في رواية وحكى عن عمر بن عبد العزيز‏.‏
    الرابع عشر ثمانون حكاه المازري‏.‏
    الخامس عشر جمع كثير بغير قيد‏.‏
    ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل، ويمكن أن يزداد العدد باعتبار زيادة شرط كالذكورة والحرية والبلوغ والإقامة والاستيطان فيكمل بذلك عشرون قولا‏.‏
    ( ج2/ص 545)
    نقل ابن عبد الحق في جمعه أن البخاري لم يخرج قوله إذ أقبلت عير تحمل طعاما في حديث " بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير ,.." وهو ذهول منه، نعم سقط ذلك في التفسير وثبت هنا وفي أوائل البيوع وزاد فيه أنها أقبلت من الشام، ومثله لمسلم من طريق جرير عن حصين، ووقع عند الطبري من طريق السدي عن أبي مالك ومرة فرقهما أن الذي قدم بها من الشام دحية بن خليفة الكلبي، ونحوه في حديث ابن عباس عند البزار، ولابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس ‏"‏ جاءت عير لعبد الرحمن بن عوف ‏"‏ وجمع بين هاتين الروايتين بأن التجارة كانت لعبد الرحمن بن عوف وكان دحية السفير فيها أو كان مقارضا‏.
    ( ج2/ ص 545)
    وقع في تفسير الطبري وابن أبي حاتم بإسناد صحيح إلى أبي قتادة قال ‏"‏ قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم أنتم‏؟‏ فعدوا أنفسهم، فإذا هم اثنا عشر رجلا وامرأة ‏"‏ وفي تفسير إسماعيل بن أبي زياد الشامي ‏"‏ وامرأتان ‏"‏ ولابن مردويه من حديث ابن عباس ‏"‏ وسبع نسوة ‏"‏ لكن إسناده ضعيف‏.
    ( ج2/ ص 545)
    موأما تسميتهم فوقع في رواية خالد الطحان عند مسلم أن جابرا قال ‏"‏ أنا فيهم‏"‏، وله في رواية هشيم ‏"‏ فيهم أبو بكر وعمر‏"‏، وفي الترمذي أن هذه الزيادة في رواية حصين عن أبي سفيان دون سالم، وله شاهد عند عبد بن حميد عن الحسن مرسلا ورجال إسناده ثقات، وفي تفسير إسماعيل بن أبي زياد الشامي ‏"‏ أن سالما مولى أبي حذيفة منهم ‏"‏ وروى العقيلي عن ابن عباس ‏"‏ أن منهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأناسا من الأنصار ‏"‏ وحكى السهيلي أن أسد بن عمرو روى بسند منقطع ‏"‏ أن الاثني عشر هم العشرة المبشرة وبلال وابن مسعود ‏"‏ قال وفي رواية ‏"‏ عمار ‏"‏ بدل ابن مسعود
    ( ح2/ ص 546)
    (‏فائدة‏)‏ ‏:‏ ذكر الحميدي في الجمع أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في آخر هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارا ‏"‏ قال‏:‏ وهذا لم أجده في الكتابين ولا في مستخرجي الإسماعيلي والبرقاني، قال‏:‏ وهي فائدة من أبي مسعود، ولعلنا نجدها بالإسناد فيما بعد انتهى‏.‏
    ولم أر هذه الزيادة في الأطراف لأبي مسعود ولا هي في شيء من طرق حديث جابر المذكورة، وإنما وقعت في مرسلي الحسن وقتادة المتقدم ذكرهما، وكذا في حديث ابن عباس عند ابن مردويه وفي حديث أنس عند إسماعيل بن أبي زياد وسنده ساقط‏
    ( ج2/ ص 547)
    قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ كأنه يقول الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه، لأن الجمعة بدل الظهر‏.
    ( ج2/ ص 548)
    وورد في سنة الجمعة التي قبلها أحاديث أخرى ضعيفة منها عن أبي هريرة رواه البزار بلفظ ‏"‏ كان يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها أربعا ‏"‏ وفي إسناده ضعف، وعن علي مثله رواه الأثرم والطبراني في الأوسط بلفظ ‏"‏ كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا ‏"‏ وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي وهو ضعيف عند البخاري وغيره‏.‏
    وقال الأثرم إنه حديث واه‏.‏
    ( ج2/ ص 549)
    ومنها عن ابن عباس مثله وزاد ‏"‏ يصلي قبل الجمعة ركعتين لا يفصل في شيء منهن ‏"‏ أخرجه ابن ماجه بسند واه، قال النووي في الخلاصة‏:‏ إنه حديث باطل‏.‏
    وعن ابن مسعود عند الطبراني أيضا مثله وفي إسناده ضعف وانقطاع‏.‏
    ورواه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفا وهو الصواب‏.
    ( ج2/ ص 549)
    أقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعا ‏"‏ ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان ‏"‏ ومثله حديث عبد الله بن مغفل الماضي في وقت المغرب بين كل أذانين صلاة

  10. #130
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    صلاة الخوف
    ( ج2/ ص 553 )
    قوله‏:‏ ‏(‏إن خفتم‏)‏ فمفهومه اختصاص القصر بالخوف أيضا، وقد سأل يعلى بن أمية الصحابي عمر بن الخطاب عن ذلك فذكر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ‏"‏ صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ‏"‏ أخرجه مسلم، فثبت القصر في الأمن ببيان السنة، واختلف في صلاة الخوف في الحضر فمنعه ابن الماجشون أخذا بالمفهوم أيضا وأجازه الباقون‏.‏
    ( ج2/ ص 553 )
    قال الطحاوي‏:‏ كان أبو يوسف قد قال مرة‏:‏ لا تصلي صلاة الخوف بعد رسول صلى الله عليه وسلم وزعم أن الناس إنما صلوها معه لفضل الصلاة معه صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ وهذا القول عندنا ليس بشيء، وقد كان محمد بن شجاع يعيبه ويقول‏:‏ إن الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعا إلا أنه يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره انتهى‏.‏.
    ( ج2/ ص 554)
    وقد ورد في كيفية صلاة الخوف صفات كثيرة، ورجح ابن عبد البر هذه الكيفية الواردة في حديث ابن عمر على غيرها لقوة الإسناد لموافقة الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه، وعن أحمد قال‏:‏ ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيها فعل المرء جاز، ومال إلى ترجيح حديث سهل ابن أبي حثمة الآتي في المغازي، وكذا رجحه الشافعي، ولم يختر إسحاق شيئا على شيء، وبه قال الطبري وغير واحد منهم ابن المنذر وسرد ثمانية أوجه، وكذا ابن حبان في صحيحه وزاد تاسعا‏وقال ابن حزم‏:‏ صح فيها أربعة عشر وجها، وبينها في جزء مفرد‏.‏
    وقال ابن العربي في ‏"‏ القبس ‏"‏‏:‏ جاء فيها روايات كثيرة أصحها ستة عشر رواية مختلفة، ولم يبينها‏.‏
    ( ج2/ ص 554 )
    وحكى ابن القصار المالكي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها عشر مرات‏.‏
    وقال ابن العربي‏:‏ صلاها أربعا وعشرين مرة‏.‏
    وقال الخطابي‏:‏ صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى ا ه‏.
    ( ج2/ ص 558)
    م ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال ‏"‏ فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة ‏"‏ وبالاقتصار في الخوف على ركعة واحدة يقول إسحاق والثوري ومن تبعهما‏.‏
    وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين، ومنهم من قيد ذلك بشدة الخوف
    .‏‏( ج2/ ص 558)
    ‏فائدة‏)‏ ‏:‏ لم يقع في شيء من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب، وقد أجمعوا على أنه لا يدخلها قصر، واختلفوا هل الأولى أن يصلي بالأولى ثنتين والثانية واحدة أو العكس‏
    ( ج2/ ص 559)
    قَالَ مَكْحُولٌ وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الْفَجْرِ وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ الْقِتَالِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ فَلَمْ نُصَلِّ إِلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى فَفُتِحَ لَنَا وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
    ( ج2/ ص 560)
    ولقد وصل عبد بن حميد في تفسيره عنه من غير طريق الأوزاعي بلفظ ‏"‏ إذا لم يقدر القوم على أن يصلوا على الأرض صلوا على ظهر الدواب ركعتين، فإن لم يقدروا فركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا أخروا الصلاة حتى يأمنوا فيصلوا بالأرض‏"‏‏.‏
    ( ج2/ ص 560)
    اسم جد يحيى بن موسى عبد ربه بن سالم وهو الملقب خت بفتح المعجمة بعدها مثناة فوقانية ثقيلة، واسم جد يحيى بن جعفر أعين وكلاهما من شيوخ البخاري وكلاهما من أصحاب وكيع‏
    ( ج2/ ص 561)
    قال ابن المنذر‏:‏ كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول‏:‏ إن المطلوب يصلي على دابته يومئ إيماء، وإن كان طالبا نزل فصلى على الأرض، قال الشافعي‏:‏ إلا أن ينقطع من أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب
    ( ج2/ ص 562)
    ذكر أبو إسحاق الفزاري في ‏"‏ كتاب السير ‏"‏ له عن الأوزاعي قال‏:‏ إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حال، لأن الحديث جاء ‏"‏ إن النصر لا يرفع ما دام الطلب‏"‏‏.‏
    ( ج2/ ص 563)
    وشرحبيل بن السمط أخو ثابت بن السمط المذكور بضم المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة ثم ياء تحتانية ساكنة كندي هو الذي افتتح حمص ثم ولي إمرتها، وقد اختلف في صحبته، وليس له في البخاري غير هذا الموضع‏

  11. #131
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 567)
    (‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين‏.‏
    ( ج2/ ص 567)
    ال ابن بطال‏:‏ حمل السلاح في العيد لا مدخل له في سنة العيد ولا في صفة الخروج إليه، ويمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم كان محاربا خائفا فرأى الاستظهار بالسلاح، لكن ليس في حديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم خرج بأصحاب الحراب معه يوم العيد، ولا أمر أصحابه بالتأهب بالسلاح، يعني فلا يطابق الحديث الترجمة‏.‏
    وأجاب ابن المنير في الحاشية بأن مراد البخاري الاستدلال على أن العيد يغتفر فيه من الانبساط ما لا يغتفر في غيره
    _( ج2/ ص 569)
    ولأحمد من رواية حماد ابن سلمة عن هشام يذكر أن يوم بعاث يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج ا ه‏.‏
    وبعاث بضم الموحدة وبعدها مهملة وآخره مثلثة قال عياض ومن تبعه‏:‏ أعجمها أبو عبيدة وحده‏.‏
    وقال ابن الأثير في الكامل‏:‏ أعجمها صاحب العين يعني الخليل وحده، وكذا حكى أبو عبيد البكري في معجم البلدان عن الخليل، وجزم أبو موسى في ذيل الغريب بأنه تصحيف وتبعه صاحب النهاية، قال البكري‏:‏ هو موضع من المدينة على ليلتين‏.‏
    وقال أبو موسى وصاحب الهداية‏:‏ هو اسم حصن للأوس، وفي كتاب أبي الفرج الأصفهاني في ترجمة أبي قيس بن الأسلت‏:‏ هو موضع في دار بني قريظة فيه أموال لهم، وكان موضع الوقعة في مزرعة لهم هناك‏.‏
    ( ج2/ ص 569)
    مال الخطابي‏:‏ يوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره‏.‏
    قلت‏:‏ تبعه على هذا جماعة من شراح الصحيحين، وفيه نظر لأنه يوهم أن الحرب التي وقعت يوم بعاث دامت هذه المدة، وليس كذلك فسيأتي في أوائل الهجرة قول عائشة ‏"‏ كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله فقدم المدينة وقد افترق ملؤهم وقتلت سراتهم ‏"‏ وكذا ذكره ابن إسحاق والواقدي وغيرهما من أصحاب الأخبار، وقد روى ابن سعد بأسانيده أن النفر الستة أو الثمانية الذين لقوا النبي صلى الله عليه وسلم بمنى أول من لقيه من الأنصار - وكانوا قد قدموا إلى مكة ليحالفوا قريشا - كان في جملة ما قالوه له لما دعاهم إلى الإسلام والنصر له‏:‏ واعلم إنما كانت وقعة بعاث عام الأول، فموعدك الموسم القابل، فقدموا في السنة التي تليها فبايعوه، وهي البيعة الأولى، ثم قدموا الثانية فبايعوه وهم سبعون نفسا، وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل التي تليها‏.‏
    ( ج2/ ص 570)
    وقعة بعاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو المعتمد، وهو أصح من قول ابن عبد البر في ترجمة زيد ابن ثابت من الاستيعاب‏:‏ إنه كان يوم بعاث ابن ست سنين، وحين قدم النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن إحدى عشرة، فيكون يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنين‏
    ( ج2/ ص 570)
    دامت الحرب بين الحيين الأوس والخزرج المدة التي ذكرها في أيام كثيرة شهيرة، وكان أولها فيما ذكر ابن إسحاق وهشام بن الكلبي وغيرهما أن الأوس والخزرج لما نزلوا المدينة وجدوا اليهود مستوطنين بها فحالفوهم وكانوا تحت قهرهم، ثم غلبوا على اليهود في قصة طويلة بمساعدة أبي جبلة ملك غسان، فلم يزالوا على اتفاق بينهم حتى كانت أول حرب وقعت بينهم حرب سمير - بالمهملة مصغرا - بسبب رجل يقال له كعب من بني ثعلبة نزل على مالك ابن عجلان الخزرجي فحالفه، فقتله رجل من الأوس يقال له سمير فكان ذلك سبب الحرب بين الحيين، ثم كانت بينهم وقائع من أشهرها يوم السرارة بمهملات، ويوم فارع بفاء ومهملة، ويوم الفجار الأول والثاني، وحرب حصين بن الأسلت، وحرب حاطب بن قيس، إلى أن كان آخر ذلك يوم بعاث وكان رئيس الأوس فيه حضير والد أسيد وكان يقال له حضير الكتائب، وجرح يومئذ ثم مات بعد مدة من جراحته، وكان رئيس الخزرج عمرو بن النعمان، وجاءه سهم في القتال فصرعه فهزموا بعد أن كانوا قد ستظهروا، ولحسان وغيره من الخزرج وكذا لقيس بن الحطيم وغيره من الأوس في ذلك أشعار كثيرة مشهورة في دواوينهم‏.‏
    ( ج2/ 571)
    موفي النسائي وابن حبان بإسناد صحيح عن أنس ‏"‏ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال‏:‏ قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما‏:‏ يوم الفطر والأضحى ‏"‏ واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم، وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية فقال‏:‏ من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى‏.‏
    ( ج2/ ص 571)
    مال القرطبي‏:‏ قولها ‏"‏ ليستا بمغنيتين ‏"‏ أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه، قال‏:‏ وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال، وأن ذلك يثمر سني الأحوال وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة، وقول أهل المخرفة والله المستعان ا ه‏.‏
    ( ج2/ ص 572)
    في رواية النسائي من طريق أبي سلمة عنها ‏"‏ دخل الحبشة يلعبون، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم ‏"‏ إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا‏.‏.
    ( ج2/ ص 573)
    في رواية أبي سلمة هذه من الزيادة عنها قالت ‏"‏ ومن قولهم يومئذ‏:‏ أبا القاسم طيبا ‏"‏ كذا فيه بالنصب، وهو حكاية قول الحبشة، ولأحمد والسراج وابن حبان من حديث أنس ‏"‏ أن الحبشة كانت تزفن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويتكلمون بكلام لهم، فقال‏:‏ ما يقولون‏؟‏ قال يقولون‏:‏ محمد عبد صالح‏"‏‏
    ( ج2/ ص 574)
    وله‏:‏ ‏(‏يا بني أرفدة‏)‏ بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح، قيل هو لقب للحبشة، وقيل هو اسم جنس لهم، وقيل اسم جدهم الأكبر وقيل المعنى يا بني الإماء.
    (ج2/ ص 575)
    قد روى ابن عدي من حديث واثلة أنه ‏"‏ لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فقال‏:‏ تقبل الله منا ومنك، فقال‏:‏ نعم تقبل الله منا ومنك ‏"‏ وفي إسناده محمد بن إبراهيم الشامي وهو ضعيف، وقد تفرد به مرفوعا، وخولف فيه، فروى البيهقي من حديث عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ‏"‏ ذلك فعل أهل الكتابين ‏"‏ وإسناده ضعيف أيضا، وكأنه أراد أنه لم يصح فيه شيء‏.
    ( ج2/ ص 575)
    وروينا في ‏"‏ المحامليات ‏"‏ بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال ‏"‏ كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض‏:‏ تقبل الله منا ومنك
    ( ج2/ ص 576)
    الحكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرق به القلب وهو أيسر من غيره، ومن ثم استحب بعض التابعين أنه يفطر على الحلو مطلقا كالعسل رواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما، وروى فيه معنى آخر عن ابن عون أنه سأل عن ذلك فقال‏:‏ إنه يحبس البول، هذا كله في حق من يقدر على ذلك وإلا فينبغي أن يفطر ولو على الماء ليحصل له شبه ما من الاتباع أشار إليه ابن أبي جمرة‏.‏
    ( ج2/ ص 576)
    وأما جعلهن وترا فقال المهلب‏:‏ فللإشارة إلى وحدانية الله تعالى، وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يفعله في جميع أموره تبركا بذلك‏.‏"

  12. #132
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 577)
    إن المفتي إذا ظهرت له من المستفتي أمارة الصدق كان له أن يسهل عليه، حتى لو استفتاه اثنان في قضية واحدة جاز أن يفتي كلا منهما بما يناسب حاله،
    ( ج2/ ص 579)
    وقع في المدونة لمالك ورواه عمر بن شبة عن أبي غسان عنه قال ‏"‏ أول من خطب الناس في المصلى على المنبر عثمان بن عفان كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت، وهذا معضل، وما في الصحيحين أصح فقد رواه مسلم من طريق داود بن قيس عن عياض نحو رواية البخاري، ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرة ثم تركه حتى أعاده مروان ولم يطلع على ذلك أبو سعيد، وإنما اختص كثير بن الصلت ببناء المنبر بالمصلى لأن داره كانت مجاورة للمصلى
    ( ج2/ 580)
    كثير المذكور هو ابن الصلت ابن معاوية الكندي، تابعي كبير ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة هو وأخويه بعده فسكنها وحالف بني جمح، وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى نافع قال‏:‏ كان اسم كثير بن الصلت قليلا فسماه عمر كثيرا.وقد صح سماع كثير من عمر فمن بعده، وكان له شرف وذكر، وهو ابن أخي جمد بفتح الجيم وسكون الميم أو فتحها أحد ملوك كندة الذين قتلوا في الردة، وقد ذكر أبوه في الصحابة لابن منده وفي صحة ذلك نظر‏.‏.‏
    ( ج2/ ص 580)
    وقع عند مسلم من طريق طارق بن شهاب قال ‏"‏ أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان‏.‏فقام إليه رجل فقال‏:‏ الصلاة قبل الخطبة، فقال‏:‏ قد ترك ما هنالك‏.
    ( ج2/ 581 )
    استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مع فضل مسجده‏.‏
    وقال الشافعي في الأم‏:‏ بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة، وكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه، وكذلك عامة أهل البلدان إلا أهل مكة‏.‏
    ( ج2/ ص 582)
    روى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال ‏"‏ أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم - يعني على العادة - فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة، ففعل ذلك ‏"‏ أي صار يخطب قبل الصلاة‏.‏وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان‏.‏
    لأن عثمان رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة
    ( ج2/ ص 582)
    وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري قال ‏"‏ أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية ‏"‏ وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة‏.‏
    قال عياض‏:‏ ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان، لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله، والله أعلم‏.‏
    ( ج2/ ص 583 )
    وقال مالك في الموطأ سمعت غير واحد من علمائنا يقول ‏"‏ لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم ‏"‏ وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا‏.
    ( ج2/ ص 583)
    ‏روى الشافعي عن الثقة عن الزهري قال ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن في العيدين أن يقول‏:‏ الصلاة جامعة ‏"‏ وهذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف لثبوت ذلك فيها ، قال الشافعي‏:‏ أحب أن يقول‏:‏ الصلاة، أو الصلاة جامعة، فإن قال‏:‏ هلموا إلى الصلاة لم أكرهه، فإن قال‏:‏ حي على الصلاة أو غيرها من ألفاظ الأذان أو غيرها كرهت له ذلك‏.
    ( ج2/ ص 584 )
    ‏لم يكن يؤذن، أي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مصير من البخاري إلى أن هذه الصيغة حكم الرفع‏.
    ( ج2/ ص 585)
    قال ابن بطال‏:‏ غلط النسائي فترجم بحديث البراء فقال ‏"‏ باب الخطبة قبل الصلاة ‏"‏ قال‏:‏ وخفي عليه أن العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي، وكأنه قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ أول ما يكون به الابتداء في هذا اليوم الصلاة التي قدمنا فعلها‏.
    ( ج2/ ص 587)
    حكى الزبير في الأنساب أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شق عليه فأمر رجلا معه حربة يقال إنها كانت مسمومة فلصق ذلك الرجل به فأمر الحربة على قدمه فمرض منها أياما ثم مات، وذلك في سنة أربع وسبعين‏.
    ( ج2/ ص 587)
    ‏مصير من البخاري إلى أن قول الصحابي كان يفعل كذا على البناء لما لم يسم فاعله يحكم برفعه‏.
    ( ج2/ ص 588)
    قال ابن بطال‏:‏ أجمع الفقهاء على أن العيد لا تصلي قبل طلوع الشمس ولا عند طلوعها، وإنما تجوز عند جواز النافلة‏.
    ( ج2/ ص 589)
    ‏قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَ ا وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ
    ( ج2/ ص 590)
    قال ابن أبي جمرة‏:‏ الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيره، قال‏:‏ ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد كما تقدم من حديث عائشة، ولا ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام ‏"‏ أنها أيام أكل وشرب ‏"‏ كما رواه مسلم، لأن ذلك لا يمنع العمل فيها، بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى، ولم يمنع فيها منها إلا الصيام‏.‏
    قال‏:‏ وسر كون العبادة فيها أفضل من غيرها أن العبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها، وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها كمن قام في جوف الليل وأكثر الناس نيام، وفي أفضلية أيام التشريق نكتة أخرى وهي أنها وقعت فيها محنة الخليل بولده ثم من عليه بالفداء، فثبت لها الفضل بذلك ا هـ‏.‏
    ( ج2/ ص 590)
    في رواية عدي من الزيادة ‏"‏ وأن صيام يوم منها يعدل صيام سنة، والعمل بسبعمائة ضعف ‏"‏ وللترمذي من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ‏"‏ يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ‏"‏ لكن إسناده ضعيف، وكذا الإسناد إلى عدي بن ثابت، والله أعلم‏.
    ( ج2/ ص 595)
    فيه اختلاف بين العلماء في مواضع‏:‏ فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات، ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل، ومنهم من خصه بالرجال دون النساء، وبالجماعة دون المنفرد، وبالمؤداة دون المقضية، وبالمقيم دون المسافر، وبساكن المصر دون القرية‏.‏
    وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع، والآثار التي ذكرها تساعده‏.
    ( ج2/ ص 595)
    للعلماء اختلاف أيضا في ابتدائه وانتهائه فقيل‏:‏ من صبح يوم عرفة، وقيل من ظهره، وقيل من عصره، وقيل من صبح يوم النحر، وقيل من ظهره‏.‏
    وقيل في الانتهاء إلى ظهر يوم النحر، وقيل إلى عصره، وقيل إلى ظهر ثانيه، وقيل إلى صبح آخر أيام التشريق، وقيل إلى ظهره، وقيل إلى عصره‏.‏
    حكى هذه الأقوال كلها النووي إلا الثاني من الانتهاء‏.‏
    وقد رواه البيهقي عن أصحاب ابن مسعود ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود إنه من صبح يوم عرفة آخر أيام منى أخرجه ابن المنذر وغيره والله اعلم .
    ( ج2/ ص 596)
    أما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال ‏"‏ كبروا الله، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيرا ‏"‏ ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى أخرجه جعفر الفريابي في ‏"‏ كتاب العيدين ‏"‏ من طريق يزيد بن أبي زياد عنهم وهو قول الشافعي وزاد ‏"‏ ولله الحمد‏"‏، وقيل يكبر ثلاثا ويزيد ‏"‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ‏"‏، وقيل يكبر ثنتين بعدهما ‏"‏ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد ‏"‏ جاء ذلك عن عمر، وعن ابن مسعود نحوه وبه قال أحمد وإسحاق، وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها‏

  13. #133
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 598)
    قال ابن حجر رحمه الله :
    *سليمان بن حرب أثبت الناس في حماد بن زيد‏.
    ( 2 )
    ‏جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها أو على مقدار معين من مالها كالثلث خلافا لبعض المالكية
    ( 3 )
    (ج2/ ص 606)
    وفيه استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين سواء كن شواب أم لا وذوات هيآت أم لا، وقد اختلف فيه السلف، ونقل عياض وجوبه عن أبي بكر وعلي وابن عمر، والذي وقع لنا عن أبي بكر وعلي ما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنهما فالأحق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين، وقد ورد هذا مرفوعا بإسناد لا بأس به أخرجه أحمد وأبو يعلى وابن المنذر من طريق امرأة من عبد القيس عن أخت عبد الله بن رواحة به والمرأة لم تسم، والأخت اسمها عمرة صحابية‏
    ( ج2/ ص 609)
    وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ كان إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ أخذ بهذا بعض أهل العلم فاستحبه للإمام، وبه يقول الشافعي‏
    .والذي في ‏"‏ الأم ‏"‏ أنه يستحب للإمام والمأموم، وبه قال أكثر الشافعية‏.‏
    ( ج2/ ص 609)
    قال ابن حجر :
    وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال كثيرة اجتمع لي منها أكثر من عشرين، وقد لخصتها وبينت الواهي منها، قال القاضي عبد الوهاب المالكي‏:‏ ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وأكثرها دعاوى فارغة‏
    ( ج2/ ص 609)
    فمن ذلك أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان وقيل سكانهما من الجن والإنس، وقيل ليسوى بينهما في مزية الفضل بمروره أو في التبرك به أو ليشم رائحة المسك من الطريق التي يمر بها لأنه كان معروفا بذلك، وقيل لأن طريقه للمصلى كانت على اليمين فلو رجع منها لرجع على جهة الشمال فرجع من غيرها وهذا يحتاج إلى دليل، وقيل لإظهار شعار الإسلام فيهما، وقيل لإظهار ذكر الله، وقيل ليغيظ المنافقين أو اليهود، وقيل ليرهبهم بكثرة من معه ورجحه ابن بطال، وقيل حذرا من كيد الطائفتين أو إحداهما، وفيه نظر لأنه لو كان كذلك لم يكرره قاله ابن التين، وتعقب بأنه لا يلزم من مواظبته على مخالفة الطريق المواظبة على طريق منها معين، لكن في رواية الشافعي من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم ‏"‏ كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم ويرجع من الطريق الأخرى ‏"‏ وهذا لو ثبت لقوى بحث ابن التين، وقيل فعل ذلك ليعمهم في السرور به أو التبرك بمروره وبرؤيته والانتفاع به في قضاء حوائجهم في الاستفتاء أو التعلم والاقتداء والاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم وغير ذلك، وقيل ليزور أقاربه الأحياء والأموات، وقيل ليصل رحمه، وقيل ليتفاءل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، وقيل كان في ذهابه يتصدق فإذا رجع لم يبق معه شيء فيرجع في طريق أخرى لئلا يرد من يسأله وهذا ضعيف جدا مع احتياجه إلى الدليل، وقيل فعل ذلك لتخفيف الزحام وهذا رجحه الشيخ أبو حامد وأيده المحب الطبري بما رواه البيهقي في حديث ابن عمر فقال فيه ليسع الناس، وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله ليسع الناس يحتمل أن يفسر ببركته وفضله وهذا الذي رجحه ابن التين، وقيل كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي فيها فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطأ في الذهاب وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله وهذا اختيار الرافعي، وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل وبأن أجر الخطأ يكتب في الرجوع أيضا كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي وغيره، فلو عكس ما قال لكان له اتجاه ويكون سلوك الطريق القريب للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت، وقيل لأن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم‏.‏
    ( ج2/ ص 611)
    مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة سواء كان بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضي ركعتين كأصلها، وخالف في الأول جماعة منهم المزني فقال‏:‏ لا تقضي، وفي الثاني الثوري وأحمد قالا‏:‏ إن صلاها وحده صلى أربعا، ولهما في ذلك سلف‏:‏ قال ابن مسعود ‏"‏ من فاته العيد مع الإمام فليصل أربعا ‏"‏ أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح‏
    وقال إسحاق‏:‏ إن صلاها في الجماعة فركعتين وإلا فأربعا‏.‏
    قال الزين بن المنير‏:‏ كأنهم قاسوها على الجمعة، لكن الفرق ظاهر لأن من فاتته الجمعة يعود لفرضه من الظهر، بخلاف العيد‏.‏
    ( ج2/ ص 612)
    .‏قوله‏:‏ ‏(‏ومن كان في البيوت والقرى‏)‏ يشير إلى مخالفة ما روى عن علي ‏"‏ لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ‏"‏ وقد تقدم في ‏"‏ باب فضل العمل في أيام التشريق ‏"‏ عن الزهري ‏"‏ ليس على المسافر صلاة عيد ‏"‏ ووجه مخالفته كون عموم الحديث المذكور يخالف ذلك
    ( ج2/ ص 613)
    وقد اختلف السلف في الصلاة قبل العيد وبعدها فذكر ابن المنذر عن أحمد أنه قال‏:‏ الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها‏.‏
    وبالأول قال الأوزاعي والثوري والحنفية، وبالثاني قال الحسن البصري وجماعة، وبالثالث قال الزهري وابن جريج وأحمد‏.‏
    وأما مالك فمنعه في المصلى، وعنه في المسجد روايتان
    وقال الشافعي في الأم - ونقله البيهقي عنه في المعرفة بعد أن روى حديث ابن عباس ..:‏ وهكذا يحب للإمام أن لا يتنفل قبلها ولا بعدها، وأما المأموم فمخالف له في ذلك‏
    ( ج2/ ص 614)
    قال الرافعي‏:‏ يكره للإمام التنفل قبل العيد وبعدها، وقيده في البويطي بالمصلى، وجرى على ذلك الصيمري فقال‏:‏ لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقا إلا للإمام في موضع الصلاة، وأما النووي في شرح مسلم فقال‏:‏ قال الشافعي وجماعة من السلف لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها، فإن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص الشافعي المذكور، ويؤيد ما في البويطي حديث أبي سعيد ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي قبل العيد شيئا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين ‏"‏ أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن، وقد صححه الحاكم، وبهذا قال إسحاق، ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنفل في المصلى‏.‏
    ( ج2/ 614)
    قال ابن حجر :
    .‏والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام، والله أعلم‏

  14. #134
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 617)
    (‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال ابن التين‏:‏ اختلف في الوتر في سبعة أشياء‏:‏ في وجوبه، وعدده، واشتراط النية فيه، واختصاص بقراءة، واشتراط شفع قبله، وفي آخر وقته، وصلاته في السفر على الدابة‏.
    ( ج2/ ص 617)
    ‏ففي السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق على الأزدي عن ابن عمر مرفوعا ‏"‏ صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ‏"‏ وقد تعقب هذا الأخير بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة وهي قوله ‏"‏ والنهار ‏"‏ بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها‏.
    ( ج2/ ص 618)
    روى ابن وهب بإسناد قوي عن ابن عمر قال ‏"‏ صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ‏"‏ موقوف أخرجه ابن عبد البر من طريقه، فلعل الأزدي اختلط عليه الموقوف بالمرفوع فلا تكون هذه الزيادة صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا، وقد روى ابن أبي شيبة عن وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعا أربعا وهذا موافق لما نقله ابن معين صلى الله عليه وسلم‏.‏
    .
    ( ج2/ ص 617)
    فعند مسلم عن طريق عقبة بن حريث قال قلت لابن عمر‏:‏ ما معني مثنى مثنى‏؟‏ قال‏:‏ تسلم من كل ركعتين‏
    ( ج2/ ص 618)
    الطحاوي فإنه استدل على منع التنفل بركعة بذلك، واستدل بعض الشافعية للجواز بعموم قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل ‏"‏ صححه ابن حبان‏.‏.
    ( ج2/ ص 618)
    موقد اختلف السلف في الفصل والوصل في صلاة الليل أيهما أفضل‏.‏
    وقال الأثرم عن أحمد‏:‏ الذي اختاره في صلاة الليل مثنى مثنى، فإن صلى بالنهار أربعا فلا بأس‏.

    ( ج2/ ص 619)
    ‏وفي صحيح ابن خزيمة من طريق قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا ‏"‏ من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له ‏"‏ وهذا محمول على التعمد أو على أنه لا يقع أداء، لما رواه من حديث أبي سعيد أيضا مرفوعا ‏"‏ من نسى الوتر أو نام عنه فليصله إذا ذكره ‏"‏ وقيل معنى قوله ‏"‏ إذا خشي أحدكم الصبح - أي وهو في شفع - فلينصرف على وتر ‏"‏ وهذا ينبني على أن الوتر لا يفتقر إلى نية‏.
    ( ج2/ ص 620)
    ‏قال ابن قدامة‏:‏ لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح، واختلف السلف في مشروعية قضائه فنفاه الأكثر، وفي مسلم وغيره عن عائشة ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل من وجع أو غيره فلم يقم من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ‏"‏ وقال محمد بن نصر‏:‏ لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الأخبار أنه قضى الوتر ولا أمر بقضائه، ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم في ليلة نومهم عن الصبح في الوادي قضى الوتر فلم يصب‏.‏
    وعن عطاء والأوزاعي‏:‏ يقضي ولو طلعت الشمس، وهو وجه عند الشافعية حكاه النووي في شرح مسلم، وعن سعيد بن جبير‏:‏ يقضي من القابلة، وعن الشافعية‏:‏ يقضي مطلقا، ويستدل لهم بحديث أبي سعيد المتقدم والله أعلم‏.‏
    ( ج2/ ص 619)
    من (‏فائدة‏)‏ ‏:‏
    يؤخذ من سياق هذا الحديث أن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من النهار شرعا، وقد روى ابن دريد في أماليه بسند جيد أن الخليل بن أحمد سئل عن حد النهار فقال‏:‏ من الفجر المستطير إلى بداءة الشفق‏.‏
    وحكى عن الشعبي أنه وقت منفرد لا من الليل ولا من النهار صلى الله عليه وسلم‏.‏
    ( ج2/ ص 620)
    قول محمد بن نصر‏:‏ لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثابتا صريحا أنه أوتر بثلاث موصولة، نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث، لكن لم يبين الراوي هل هي موصولة أو مفصولة‏.
    فيرد عليه ما رواه الحاكم من حديث عائشة أنه كان صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن‏.‏
    وروى النسائي من حديث أبي بن كعب نحوه ولفظه ‏"‏ يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ولا يسلم إلا في آخرهن ‏"‏ وبين في عدة طرق أن السور الثلاث بثلاث ركعات،
    ( ج2/ ص 620)
    روى النسائي من حديث أبي بن كعب نحوه ولفظه ‏"‏ يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ولا يسلم إلا في آخرهن ‏"‏ وبين في عدة طرق أن السور الثلاث بثلاث ركعات، ويجاب عنه باحتمال أنهما لم يثبتا عنده، والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التشبه بصلاة المغرب أن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين، وقد فعله السلف أيضا، فروى محمد بن نصر من طريق الحسن أن عمر كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير، ومن طريق المسور بن مخرمة أن عمر أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن، ومن طريق ابن طاوس عن أبيه أنه كان يوتر بثلاث لا يقعد بينهن، ومن طريق قيس بن سعد عن عطاء وحماد بن زيد عن أيوب مثله، وروى محمد بن نصر عن ابن مسعود وأنس وأبي العالية أنهم أوتروا بثلاث كالمغرب، وكأنهم لم يبلغهم النهي المذكور‏.
    ( ج2/ ص 620)
    حديث أبي أيوب مرفوعا ‏"‏ الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس ومن شاء بثلاث ومن شاء بواحدة ‏"‏ أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم، وصح عن جماعة من الصحابة أنهم أوتروا بواحدة من غير تقدم نفل قبلها، ففي كتاب محمد بن نصر وغيره بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد أن عثمان قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيره
    ( ج2/ ص 623)
    قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها، فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها، ولا شك أن الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم ولا سيما إن زاد أو نقص، والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة، وأما رواية ثلاث عشرة فيحتمل أن يكون منها سنة العشاء، ووافق ذلك رواية أبي جمرة عن ابن عباس الآتية في صلاة الليل بلفظ ‏"‏ كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ‏"‏ يعني بالليل، ولم يبين هل سنة الفجر منها أو لا، وبينها يحيى بن الجزار عن ابن عباس عند النسائي بلفظ ‏"‏ كان يصلي ثمان ركعات ويوتر بثلاث ويصلي ركعتين قبل صلاة الصبح ‏"‏ ولا يعكر على هذا الجمع إلا ظاهر سياق الباب فيمكن أن يجمل قوله ‏"‏ صلى ركعتين ثم ركعتين ‏"‏ أي قبل أن ينام، ويكون منها سنة العشاء‏.
    ( ج2/ ص 625)
    *حديث ابن عباس (أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وِسَادَةٍ...) من الفوائد :
    *جواز إعطاء بني هاشم من الصدقة، وهو محمول على التطوعويحتمل أن يكون إعطاؤه العباس ليتولى صرفه في مصالح غيره ممن يحل له أخذ ذلك‏.‏
    *فيه مشروعية الجماعة في النافلة، والائتمام بمن لم ينو الإمامة، وبيان موقف الإمام والمأموم
    _ (ج2/ ص 626)
    إن الليل كله وقت للوتر، لكن أجمعوا على أن ابتداءه مغيب الشفق بعد صلاة العشاء، كذا نقله ابن المنذر‏.‏
    ( ج2/ ص 628)
    حديث بريدة رفعه ‏"‏ الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا وأعاد ذلك ثلاثا ‏"‏ ففي سنده أبو المنيب وفيه ضعف، وعلى تقدير قبوله فيحتاج من احتج به إلى أن يثبت أن لفظ ‏"‏ حق ‏"‏ بمعنى واجب في عرف الشارع، وأن لفظ واجب بمعنى ما ثبت من طريق الآحاد‏
    ( ج2/ ص 629)
    ‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال الطحاوي ذكر عن الكوفيين أن الوتر لا يصلى على الراحلة، وهو خلاف السنة الثابتة، واستدل بعضهم برواية مجاهد أنه رأى ابن عمر نزل فأوتر، وليس ذلك بمعارض لكونه أوتر على الراحلة لأنه لا نزاع أن صلاته على الأرض أفضل، وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يوتر على راحلته، وربما نزل فأوتر بالأرض‏.
    ( ج2/ ص 630)
    أن الوتر ليس بفرض، وعلى أنه ليس من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الوتر عليه لكونه أوقعه على الراحلة، وأما قول بعضهم إنه كان من خصائصه أيضا أن يوقعه على الراحلة مع كونه واجبا عليه فهي دعوى لا دليل عليها لأنه لم يثبت دليل وجوبه عليه حتى يحتاج إلى تكلف هذا الجمع، واستدل به على أن الفريضة لا تصلى على الراحلة،
    ( ج2/ ص 631)
    ادعى وجوب الوتر من الحنفية بأن الفرض عندهم غير الواجب، فلا يلزم من نفي الفرض نفي الواجب، وهذا يتوقف على أن ابن عمر كان يفرق بين الفرض والواجب، وقد بالغ الشيخ أبو حامد فادعى أن أبا حنيفة انفرد بوجوب الوتر ولم يوافقه صاحباه، مع أن ابن شيبة أخرج عن سعيد بن المسيب وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود والضحاك ما يدل على وجوبه عندهم، وعنده عن مجاهد الوتر واجب ولم يثبت، ونقله ابن العربي عن أصبغ من المالكية ووافقه سحنون، وكأنه أخذه من قول مالك‏:‏ من تركه أدب، وكان جرحة في شهادته
    (ج2/ ص 632)
    قوله ‏"‏ كذب ‏"‏ أي أخطأ، وهو لغة أهل الحجاز، يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ، ويحتمل أن يكون أراد بقوله ‏"‏ كذب ‏"‏ أي إن كان حكى أن القنوت دائما بعد الركوع، وهذا يرجح الاحتمال الأول، ويبينه ما أخرجه ابن ماجة من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال ‏"‏ قبل الركوع وبعده اسناده قوي
    ( ج2/ ص 632)
    ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح

  15. #135
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    1-( ج2/ ص 633)
    ذكر ابن العربي أن القنوت ورد لعشرة معان، فنظمها شيخنا الحافظ زين الدين العراقي فيما أنشدنا لنفسه إجازة غير مرة‏:‏ ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد مزيدا على عشر معاني مرضيه دعاء خشوع والعبادة طاعة إقامتها إقراره بالعبودية سكوت صلاة والقيام وطوله كذاك دوام طاعة الرابح القنيه
    2-( ج2/ ص 633)
    قد اتفق فقهاء الأمصار على مشروعية صلاة الاستسقاء وأنها ركعتان إلا ما روي عن أبي حنيفة أنه قال‏:‏ يبرزون للدعاء والتضرع، وإن خطب لهم فحسن‏.‏
    ولم يعرف الصلاة، هذا هو المشهور عنه‏نقل أبو بكر الرازي عنه التخيير بين الفعل والترك، وحكى ابن عبد البر الإجماع على استحباب الخروج إلى الاستسقاء، والبروز إلى ظاهر المصر، لكن حكى القرطبي عن أبي حنيفة أيضا أنه لا يستحب الخروج، وكأنه أشتبه عليه بقوله في الصلاة‏.
    ( ج2/ ص 637)3-
    ‏شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين لما فيه من نفع الفريقين بإضعاف عدو المؤمنين ورقة قلوبهم ليذلوا للمؤمنين...أن الدعاء على المشركين بالقحط ينبغي أن يخص بمن كان محاربا دون من كان مسالما‏.‏.‏
    ( ج2/ ص 638)
    مروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري - وكان خازن عمر - قال ‏"‏ أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقيل له‏:‏ ائت عمر ‏"‏ الحديث‏.‏
    وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة، وظهر بهذا كله مناسبة الترجمة لأصل هذه القصة أيضا والله الموفق‏.‏
    قال ابن باز رحمه الله في حاشية تعليقه :
    " هذا الاثر – على فرض صحته كما قال الشارح ليس بحجة على جواز الاستسقاء بعد وفاته لان
    السائل مجهول لأن عمل الصحابةرضي الله عنهم على خلافه وهم أعلم الناس بالشرع ولم يات احد منهم إلى قبره يسأله السقيا ولا غيرها بل عدل عمر عنه لما وقع الجدب الى الاستسقاء بالعباس ولم ينكر ذلك عليه احد من الصحابة فعلم انه هو الحق وان ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة الى الشرك بل قد جعله بعض أهل العلم من انواع الشرك واما تسمية السائل " بلال بن الحارث " ففي صحة ذلك نظر وعلى تقدير صحته عنه لا حجة فيه لان عمل كبار الصحابة يخالفه وهم اعلم بالرسول صلى الله عليه وسلم وشريعته من غيره . والله اعلم
    5-( ج2/ ص 640)
    ذكر ابن التين أن في شعر أبي طالب هذا دلالة على أنه كان يعرف نبوة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث لما أخبره به بحيرا أو غيره من شأنه، وفيه نظر لما تقدم عن ابن إسحاق أن إنشاء أبي طالب لهذا الشعر كان بعد المبعث، ومعرفة أبي طالب بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت في كثير مـن الأخبار، وتمسك بها الشيعة في أنه كان مسلما‏.‏
    ورأيت لعلي بن حمزة البصري جزءا جمع فيه شعر أبي طالب وزعم في أوله أنه كان مسلما وأنه مات على الإسلام وأن الحشوية تزعم أنه مات على الكفر وأنهم لذلك يستجيزون لعنه، ثم بالغ في سبهم والرد عليهم، واستدل لدعواه بما لا دلالة فيه‏.‏
    وقد بينت فساد ذلك كله في ترجمة أبي طالب من كتاب الإصابة
    6-( ج2/ ص 642)
    ذكر الواقدي أن طول ردائه صلى الله عليه وسلم كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع وطول إزاره أربعة أذرع وشبرين في ذراعين وشبر، كان يلبسهما في الجمعة والعيدين‏.
    7-( ج2/ ص 643)
    والجمهور على استحباب التحويل للرداء فقط، ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط صلى الله عليه وسلم‏.‏
    وعن أبي حنيفة وبعض المالكية لا يستحب شيء من ذلك، واستحب الجمهور أيضا أن يحول الناس بتحويل الإمام، ويشهد له ما رواه أحمد من طريق أخرى عن عباد في هذا الحديث بلفظ ‏"‏ وحول الناس معه ‏"‏ وقال الليث وأبو يوسف‏:‏ يحول الإمام وحده‏.‏
    واستثنى ابن الماجشون النساء فقال‏:‏ لا يستحب في حقهن‏.
    ‏له من رواية الزهري عن عباد ‏"‏ فقام فدعا الله قائما، ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه‏"‏، فعرف بذلك أن التحويل وقع في أثناء الخطبة عند إرادة الدعاء‏.
    8-( ج2/ ص 644)
    محكى ابن المنذر الاختلاف في وقتها، والراجح أنه لا وقت لها معين، وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنها لا تختص بيوم معين، وهل تصنع بالليل‏؟‏ استنبط بعضهم من كونه صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة فيها بالنهار أنها نهارية كالعيد، وإلا فلو كانت تصلي بالليل لأسر فيها بالنهار وجهر بالليل كمطلق النوافل‏.‏
    ونقل ابن قدامة الإجماع على أنها لا تصلي في وقت الكراهة، وأفاد ابن حبان أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة‏.
    9-( ج2/ ص 644)
    الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة، ‏
    مقتضى حديث عائشة وابن عباس المذكورين، لكن وقع عند أحمد في حديث عبد الله بن زيد التصريح بأنه بدا بالصلاة قبل الخطبة، وكذا في حديث أبي هريرة عند ابن ماجة حيث قال ‏"‏ فصلى بنا ركعتين بغير أذان ولا إقامة صلى الله عليه وسلم ‏"‏ والمرجح عند الشافعية والمالكية الثاني، وعن أحـمد رواية كذلك، ورواية ‏"‏ يخير‏"‏، ولم يقـع في شيء من طرق حديث عبد الله بن زيد صفة الصلاة المذكورة ولا ما يقرأ فيها، وقد أخرج الدار قطني من حديث ابن عباس أنه يكبر فيهما سبعا وخمسا كالعيد، وأنه يقرأ فيهما بسبـح وهل أتاك، وفي إسناده مقال، لكن أصله في السنن بلفظ ‏"‏ ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد ‏"‏ فأخذ بظاهره الشافعي فقال‏:‏ يكبر فيهما‏.
    10-( ج2/ ص 645)
    ‏قال الرشاطي‏:‏ مازن في القبائل كثير، والمازن في اللغة بيض النمل وقد حذف البخاري مقابله والتقدير‏:‏ وذاك أي عبد الله بن زيد رائي الأذان عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وقد اتفقا في الاسم واسم الأب والنسبة إلى الأنصاري ثم إلى الخزرج والصحبة والرواية، وافترقا في الجد والبطن الذي من الخزرج لأن حفيد عاصم من مازن وحفيد عبد ربه من بلحارث ابن الخزرج، والله أعلم‏.
    11-( ج2/ ص 646)
    دار القضاء هي : عمر بن الخطاب، وسميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دينه فكان يقال لها دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك فقيل لها دار القضاء ذكره الزبير بن بكار بسنده إلى ابن عمر، وذكر عمر بن شبة في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ عن أبي غسان المدني‏:‏ سمعت ابن أبي فديك عن عمه كانت دار القضاء لعمر، فأمر عبد الله وحفصة أن يبيعاها عند وفاته في دين كان عليه، فباعوها من معاوية، وكانت تسمى دار القضاء‏.
    12- ( ج2/ 651)
    ‏ذكر محمد بن الحسن المخزومي في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ بإسناد له أن أول من سماه وادي قناة تبـع اليماني لما قدم يثرب قبل الإسلام‏.
    13-( ج2/ ص 653)
    ‏ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون ‏"‏ وقد استدل به المصنف في الدعوات على رفع اليدين في كل دعاء‏.
    14- ( ج2/ 657)
    في باب اذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط
    " فجاءه أبو سفيان وناس من أهل مكة فقالوا‏:‏ يا محمد إنك تزعم أنك بعثت رحمة وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث
    "إ ذا رجا إمام المسلمين رجوعهم عن الباطل أو وجود نفع عام للمسلمين شرع دعاؤه لهم والله أعلم
    ( ج2/ 660)
    وإني ليكثر تعجبي من كثرة إقدام الدمياطي على تغليط ما في الصحيح بمجرد التوهم، مع إمكان التصويب بمزيد التأمـل، والتنقيب عن الطرق، وجمع ما ورد في الباب من اختلاف الألفاظ، فلله الحمد على ما علم وأنعم‏.‏
    ( ج2/ 661)
    قال الكرماني تبعا لغيره‏:‏ الفرق بين ‏"‏ قال لنا ‏"‏ و ‏"‏ حدثنا ‏"‏ أن القول يستعمل فيما يسمـع من الشيخ في مقام المذاكرة، والتحديث فيما يسمـع في مقام التحمل اهـ‏.‏
    لكن ليس استعمال البخاري لذلك منحصرا في المذاكرة فإنه يستعمله فيما يكون ظاهره الوقف، وفيما يصلح للمتابعات، لتخلص صيغة التحديث لما وضـع الكتاب لأجله من الأصول المرفوعة‏.‏
    ( ج2/ ص 662 )
    أن عبد الله بن يزيد خرج يستسقى بالناس فصلى ركعتين ثم استسقى ‏"‏ أخرجه مسلم، وقد تقدم في أوائل الاستسقاء ذكر الاختلاف في ذلك وأن الجمهور ذهبوا إلى تقديم الصلاة، وممن اختار تقديم الخطبة ابن المنذر، وصرح الشيخ أبو حامد وغيره بأن هذا الخلاف في الاستحباب لا في الجواز‏.
    ( ج2/ ص 662)
    قال ابن بطال‏:‏ اجمعوا على أن لا أذان ولا إقامة للاستسقاء والله أعلم
    ( ج2/ ص 667)
    قال النووي‏:‏ قال العلماء‏:‏ السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء‏.وقال غيره‏:‏ الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرا لبطن كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسئول وهو نزول السحاب إلى الأرض‏.
    ( ج2/ 669)
    صحة سماع الأوزاعي عن نافع، خلافا لمن نفاه‏.
    ( ج2/ ص 670)
    ما أخرجه مسلم من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال ‏"‏ حسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر وقال لأنه حديث عهد بربه ‏"‏ قال العلماء‏:‏ معناه قريب العهد بتكوين ربه،
    ( ج2/ ص 673)
    فأراد المصنف أن يبين أنه لم يثبت على شرطه في القول عند الزلازل ونحوها شيء، وهل يصلي عند وجودها‏؟‏ حكى ابن المنذر فيه الاختلاف، وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة، وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث عن علي، وصح ذلك عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق وغيره‏.‏
    وروى ابن حبان في صحيحه من طريق عبيد بن عمير عن عائشة مرفوعا ‏"‏ صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات ‏"

  16. #136
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 679)
    ( 1 )
    اختلف في الحكم في صلاة الكسوف وفي الصفة، فالجمهور على أنها سنة مؤكدة، وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها، ولم أره لغيره إلا ما حكى عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة‏.
    نقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها، وكذا نقل بعض مصنفي الحنفية أنها واجبة
    ( ج2/ ص 680)
    قال الخطابي‏:‏ كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض من موت أو ضرر، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل، وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما‏
    ( ج2/ ص 681)
    شهاب بن عباد‏)‏ هو العبدي الكوفي من شيوخ البخاري ومسلم، ولهم شيخ آخر يقال له شهاب بن عباد العبدي لكنه بصري وهو أقدم من الكوفي يكون في طبقة شيوخ شيوخه أخرج له البخاري وحده في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"
    ( ج2/ ص 681)
    لا وقت لصلاة الكسوف معين، لأن الصلاة علقت برؤيته، وهي ممكنة في كل وقت من النهار، وبهذا قال الشافعي ومن تبعه، واستثنى الحنفية أوقات الكراهة وهو مشهور مذهب أحمد، وعن المالكية وقتها من وقت حل النافلة إلى الزوال‏.‏
    وفي رواية إلى صلاة العصر، ورجح الأول بأن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل الانجلاء‏.‏
    وقد اتفقوا على أنها لا تقضي بعد الانجلاء، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله فيفوت المقصود، ولم أقف في شيء من الطرق مع كثرتها على أنه صلى الله عليه وسلم صلاها الأضحى لكن ذلك وقع اتفاقا ولا يدل على منع ما عدا واتفقت الطرق على أنه بادر إليها‏
    ( ج2/ ص 682)
    ولا لحياته : أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من نفي كونه سببا للفقد أن لا يكون سببا للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم‏.
    ولا لموته : موت ابراهيم : "وقد ذكر جمهور أهل السير أنه مات في السنة العاشرة من الهجرة، فقيل في ربيع الأول وقيل في رمضان وقيل في ذي الحجة، والأكثر على أنها وقعت في عاشر الشهر وقيل في رابع عشرة، ولا يصح شيء منها على قول ذي الحجة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك بمكة في الحج، وقد ثبت أنه شهد وفاته وكانت بالمدينة بلا خلاف، نعم قيل إنه مات سنة تسع فإن ثبت يصح، وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية، ويجاب بأنه كان يومئذ بالحديبية ورجع منها في آخر الشهر، وفيه رد على أهل الهيئة لأنهم يزعمون أنه لا يقع في الأوقات المذكورة، وقد فرض الشافعي وقوع العيد والكسوف معا‏.
    ( ج2/ ص 683)
    ‏القياس مع وجود النص يضمحل، وبأن صلاة الكسوف أشبه بصلاة العيد ونحوها مما يجمع فيه من مطلق النوافل، فامتازت صلاة الجنازة بترك الركوع والسجود، وصلاة العيدين بزيادة التكبيرات، وصلاة الخوف بزيادة الأفعال الكثيرة واستدبار القبلة، فكذلك اختصت صلاة الكسوف بزيادة الركوع، فالأخذ به جامع بين العمل بالنص والقياس بخلاف من لم يعمل به‏.
    *مشروعية الخطبة للكسوف، والعجب أن مالكا روى حديث هشام هذا وفيه التصريح بالخطبة
    *استدل به على أن الانجلاء لا يسقط الخطبة، بخلاف ما لو انجلت قبل أن يشرع في الصلاة فإنه يسقط الصلاة والخطبة، فلو انجلت في أثناء الصلاة أتمها على الهيئة المذكورة
    ( ج2/ ص 684)
    ‏محال على الله تعالى وصفه بالغيرة ) لأنه منزه عن كل تغير ونقص فيتعين حمله على المجاز،
    قال ابن باز في الحاشية : " المحال عليه سبحانه وتعالى وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق
    واما الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى فلا يستحيل وصفه بها كما دل عليه هذا الحديث
    وما جاء في معناه فهو سبحانه يوصف بالغيرة عند اهل السنة والجماعة على وجه لا يماثل فيه صفة المخلوقين ولا يعلم كنهها ولا كيفيتها إلا هو سبحانه كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب وغير ذلك من صفاته سبحانه وتعالى . والله اعلم .
    ( ج2/ ص 685)
    م قال جمهور أهل العلم من أهل الفتيا، وقد وردت الزيادة في ذلك من طرق أخرى فعند مسلم من وجه آخر عن عائشة، وآخر عن جابر أن في كل ركعة ثلاث ركوعات، وعنده من وجه آخر عن ابن عباس أن في كل ركعة أربع ركوعات، ولأبي داود من حديث أبي بن كعب، والبزار من حديث علي أن في كل ركعة خمس ركوعات، ولا يخلو إسناد منها عن علة وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر، ونقل صاحب الهدى عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك يوم مات إبراهيم عليه السلام وإذا اتحدت تعين الأخذ بالراجح، وجمع بعضهم بين هذه الأحاديث بتعدد الواقعة، وأن الكسوف وقع مرارا، فيكون كل من هذه الأوجه جائزا، وإلى ذلك نحا إسحاق لكن لم تثبت عنده الزيادة على أربع ركوعات‏.‏
    وقال ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وغيرهم من الشافعية‏:‏ يجوز العمل بجميع ما ثبت من ذلك وهو من الاختلاف المباح، وقواه النووي في شرح مسلم، وأبدى بعضهم أن حكمة الزيادة في الركوع والنقص كان بحسب سرعة الانجلاء وبطئه، فحين وقع الانجلاء في أول ركوع اقتصر على مثل النافلة، وحين أبطأ زاد ركوعا، وحين زاد في الإبطاء زاد ثالثا وهكذا إلى غاية ما ورد في ذلك‏.
    ( ج2/ ص 687)
    ‏قال ابن دقيق العيد‏:‏ هذا الحديث حجة لمن استحب ذلك، وقد اتفقوا على أنه لا يؤذن لها ولا يقام عن بعض العلماء يجوز في الصلاة جامعة النصب فيهما، والرفع فيهما، ويجوز رفع الأول ونصب الثاني، وبالعكس‏.‏
    ( ج2/ ص 688)
    اختلف في الخطبة فيه، فاستحبها الشافعي وإسحاق وأكثر أصحاب الحديث‏.‏
    قال ابن قدامة‏:‏ لم يبلغنا عن أحمد ذلك‏
    قال صاحب الهداية من الحنفية‏:‏ ليس في الكسوف خطبة لأنه لم ينقل‏.‏
    والمشهور عند المالكية أن لا خطبة لها، مع أن مالكا روى الحديث، وفيه ذكر الخطبة‏.‏
    ( ج2/ ص 689)
    نازع ابن قدامة في كون خطبة الكسوف كخطبتي الجمعة والعيدين، إذ ليس في الأحاديث المذكورة ما يقتضي ذلك، وإلى ذلك نحا ابن المنير في حاشيته ورد على من أنكر أصل الخطبة لثبوت ذلك صريحا في الأحاديث وذكر أن بعض أصحابهم احتج على ترك الخطبة بأنه لم ينقل في الحديث أنه صعد المنبر، ثم زيفه بأن المنبر ليس شرطا، ثم لا يلزم من أنه لم يذكر أنه لم يقع‏.‏.‏
    .
    ‏( ج2/ 689)
    أن الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار سبب لمحو ما فرط من العصيان يرجى به زوال المخاوف وأن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة والآجلة، نسأل الله تعالى رحمته وعفوه وغفرانه‏
    ( ج2/ ص 690)
    قال البخاري : هل يقول : كسفت الشمس او خسفت
    .‏ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة عن الزهري عن عروة قال ‏"‏ لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت ‏"‏ وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه لكن الأحاديث الصحيحة تخالفه لثبوتها بلفظ الكسوف في الشمس من طرق كثيرة، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر واختاره ثعلب، وذكر الجوهري أنه أفصح، وقيل يتعين ذلك‏.‏
    ( ج2/ ص 698)
    قال القرطبي‏:‏ لا إحالة في إبقاء هذه الأمور على ظواهرها لا سيما على مذهب أهل السنة في أن الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا، فيرجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه صلى الله عليه وسلم إدراكا خاصا به أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما‏
    *قال ابن بطال‏:‏ لم يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة وهو لا يفنى، والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى‏.‏
    قيل لأنه لو رآه الناس لكان من إيمانهم بالشهادة لا بالغيب فيخشى أن يقع رفع التوبة فلا ينفع نفسا إيمانها‏.‏
    وقيل‏:‏ لأن الجنة جزاء الأعمال، والجزاء بها لا يقع إلا في الآخرة‏.‏
    ( ج2/ ص 702)
    أن السنة في صلاة الكسوف أن تصلى في المسجد، ولولا ذلك لكانت صلاتها في الصحراء أجدر برؤية الانجلاء، والله أعلم‏.‏
    ( ج2/ ص 705)
    ابن السكن من الحفاظ الكبار‏.‏.
    ( ج2/ ص 706)
    قال صاحب الهدى‏:‏ لم ينقل أنه صلى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حبان في السيرة له ‏"‏ أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف وكانت أول صلاة كسوف في الإسلام‏"‏، وهذا إن ثبت انتفى التأويل المذكور، وقد جزم به مغلطاي في سيرته المختصرة وتبعه شيخنا في نظمها‏.
    ( ج2/ ص 708)
    ‏قال النووي‏:‏ اتفقوا على أن القيام الثاني وركوعه فيهما أقصر من القيام الأول وركوعه فيهما، واختلفوا في القيام الأول من الثانية وركوعه هل هما أقصر من القيام الثاني من الأولى وركوعه أو يكونان سواء‏؟‏ قيل‏:‏ وسبب هذا الخلاف فهم معنى قوله ‏"‏ وهو دون القيام الأول ‏"‏ هل المراد به الأول من الثانية أو يرجع إلى الجميع فيكون كل قيام دون الذي قبله‏.‏
    ورواية الإسماعيلي تعين هذا الثاني، ويرجحه أيضا أنه لو كان المراد من قوله ‏"‏ القيام الأول ‏"‏ أول قيام من الأولى فقط لكان القيام الثاني والثالث مسكوتا عن مقدارهما، فالأول أكثر فائدة، والله أعلم‏.
    ( ج2/ ص 709)
    ‏ورويناه في مسند أبي داود الطيالسي عن سليمان بن كثير بهذا الإسناد مختصرا ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف ‏"‏ وأما رواية سفيان بن حسين فوصلها الترمذي والطحاوي بلفظ ‏"‏ صلى صلاة الكسوف وجهر بالقراءة فيها ‏"‏ وقد تابعهم على ذكر الجهر عن الزهري عقيل عند الطحاوي وإسحاق ابن راشد عند الدار قطني، وهذه طرق يعضد بعضها بعضا يفيد مجموعها الجزم بذلك فلا معنى لتعليل من أعله بتضعيف سفيان بن حسين وغيره، فلو لم يرد في ذلك إلا رواية الأوزاعي لكانت كافية، وقد ورد الجهر فيها عن على مرفوعا وموقوفا أخرجه ابن خزيمة وغيره‏.‏
    وقال به صاحبا أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية وابن العربي من المالكية‏.‏
    وقال الطبري‏:‏ يخير بين الجهر والإسرار‏.
    ( ح2/ ص 710)
    وقال الأئمة الثلاثة‏:‏ يسر في الشمس ويجهر في القمر، واحتج الشافعي بقول ابن عباس ‏"‏ قرأ نحوا من سورة البقرة ‏"‏ لأنه لو جهر لم يحتج إلى تقدير، وتعقب باحتمال أن يكون بعيدا منه، لكن ذكر الشافعي تعليقا عن ابن عباس أنه صلى بجنب النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف فلم يسمع منه حرفا، ووصله البيهقي من ثلاثة طرق أسانيدها واهية، وعلى تقدير صحتها فمثبت الجهر معه قدر زائدة فالأخذ به أولى، وإن ثبت العدد فيكون فعل ذلك لبيان الجواز، وهكذا الجواب عن حديث سمرة عند ابن خزيمة والترمذي ‏"‏ لم يسمع له صوتا ‏"‏ وأنه إن ثبت لا يدل على نفي الجهر، قال ابن العربي‏:‏ الجهر عندي أولى لأنها صلاة جامعة ينادي لها ويخطب فأشبهت العيد والاستسقاء، والله أعلم‏

  17. #137
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 711)
    قد أجمع العلماء على أنه يسجد وفي عشرة مواضع وهي متوالية إلا ثانية الحج و ‏"‏ص‏"‏، وأضاف مالك ‏"‏ص‏"‏ فقط، والشافعي في القديم ثانية الحج فقط، وفي الجديد هي وما في المفصل وهو قول عطاء، وعن أحمد مثله في رواية، وفي أخرى مشهورة زيادة ‏"‏ص‏"‏ وهو قول الليث وإسحاق وابن وهب وابن حبيب من المالكية وابن المنذر وابن سريج من الشافعية، وعن أبي حنيفة مثله لكن نفي ثانية الحج وهو قول داود، ووراء ذلك أقوال أخرى منها عن عطاء الخراساني الجميع إلا ثانية الحج والانشقاق، وقيل بإسقاطهما وإسقاط ‏"‏ص‏"‏ أيضا، وقيل الجميع مشروع....
    ( ج2/ ص 712)
    قول أبي سفيان في الحديث الطويل‏:‏ ‏"‏ إنه لم يرتد أحد ممن أسلم ‏"‏ ويمكن أن يجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطا لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه‏.
    ( ج2/ 712)
    ‏أفاد المصنف في رواية إسرائيل أن النجم أول سورة أنزلت فيها سجدة، وهذا هو السر في بداءة المصنف في هذه الأبواب بهذا الحديث، واستشكل بأن ‏(‏اقرأ باسم ربك‏)‏ أول السور نزولا وفيها أيضا سجدة فهي سابقة على النجم، وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها، وأما بقيتها فنزل بعد ذلك‏.
    ( ج2/ ص 713)
    ‏قال ابن بطال‏:‏ اجمعوا على السجود فيها، وإنما اختلفوا في السجود بها في الصلاة‏.‏
    ( ج2/ ص 713)
    روى ابن المنذر وغيره عن علي بن أبي طالب بإسناد حسن‏:‏ أن العزائم حم والنجم واقرأ والم تنزيل‏.‏
    وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر، وقيل‏:‏ الأعراف وسبحان وحم والم، أخرجه ابن أبي شيبة‏.‏
    ( ج2/ ص 714)
    في النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا ‏"‏ سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا ‏"‏ فاستدل الشافعي بقوله ‏"‏ شكرا ‏"‏ على أنه لا يسجد فيها في الصلاة لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة‏.
    ( ج2/ ص 715)
    ‏ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر ‏"‏ فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله طاهر الطهارة الكبرى، أو الثاني على حالة الاختيار والأول على الضرورة‏.‏
    وقد اعترض ابن بطال على هذه الترجمة فقال‏:‏ إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين فلا حجة فيه لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة، وإنما كان لما ألقى الشيطان إلى آخر كلامه، قال‏:‏ وإن أراد الرد على ابن عمر بقوله ‏"‏ والمشرك نجس ‏"‏ فهو أشبه بالصواب‏.‏
    وأجاب ابن رشيد بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود، لأن المشرك قد أقر على السجود، وسمى الصحابي فعله سجودا مع عدم أهليته، فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة‏.
    ( ج2/ ص 715)
    (‏فائدة‏)‏ ‏:‏ لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح، وأخرجه أيضا بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسلم صلى الله عليه وسلم وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ إيماء‏.‏
    ( ج2/ ص 716)
    ما رواه أبو داود وغيره من طريق مطر الوراق عن عكرمة عن ابن عباس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة ‏"‏ فقد ضعفه أهل العلم بالحديث لضعف في بعض رواته واختلاف في إسناده‏.‏
    وعلى تقدير ثبوته، فرواية من أثبت ذلك أرجح إذ المثبت مقدم على النافي
    ( ج2/ ص 717)
    زعم بعضهم أن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على ترك السجود فيها، وفيه نظر لما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الرحمن ابن أبزي عن عمر أنه قرأ النجم في الصلاة فسجد فيها ثم قام فقرأ ‏(‏إذا زلزلت‏)‏ ، ومن طريق إسحاق بن سويد عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في النجم‏.
    ( ج2/ ص 720)
    من الأدلة على أن سجود التلاوة ليس بواجب ما أشار إليه الطحاوي من أن الآيات التي في سجود التلاوة منها ما هو بصيغة الخبر ومنها ما هو بصيغة الأمر، وقد وقع الخلاف في التي بصيغة الأمر هل فيها سجود أو لا، وهي ثانية الحج وخاتمة النجم واقرأ، فلو كان سجود التلاوة واجبا لكان ما ورد بصيغة الأمر أولى أن يتفق على السجود فيه مما ورد بصيغة الخبر‏.
    ( ج2/ ص 720)
    قال صاحب الهداية من الحنفية‏:‏ السجدة في هذه المواضع - أي مواضع سجود التلاوة - سوى ثانية الحج واجبة على التالي والسامع، سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد ا ه‏.‏
    وفرق بعض العلماء بين السامع والمستمع بما دلت عليه هذه الآثار‏.‏
    وقال الشافعي في البويطي‏:‏ لا أؤكده على السامع كما أؤكده على المستمع‏.‏
    وأقوى الأدلة على نفي الوجوب حديث عمر المذكور في هذا الباب صلى الله عليه وسلم‏.
    ( ج2/ ص 722)
    واستدل بقوله ‏"‏ لم يفرض ‏"‏ على عدم وجوب سجود التلاوة، وأجاب بعض الحنفية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب‏.‏
    وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث، وما كان الصحابة يفرقون بينهما، ويغني عن هذا قول عمر ‏"‏ ومن لم يسجد فلا إثم عليه ‏
    ( ج2/ ص 723)
    قال ابن بطال‏:‏ لم أجد هذه المسالة إلا في سجود الفريضة، واختلف السلف، فقال عمر‏:‏ يسجد على ظهر أخيه وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق‏.‏
    وقال عطاء والزهري‏:‏ يؤخر حتى يرفعوا وبه قال مالك والجمهور، وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجرى مثله في سجود التلاوة، وظاهر صنيع البخاري أنه يذهب إلى أنه يسجد بقدر استطاعته ولو على ظهر أخيه‏

  18. #138
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج2/ ص 725)
    ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن لا تقصير في صلاة الصبح ولا في صلاة المغرب‏.‏
    وقال النووي‏:‏ ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح‏.‏
    وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو جهاد، وبعضهم كونه سفر طاعة، وعن أبي حنيفة والثوري في كل سفر سواء كان طاعة أو معصية‏.‏
    ( ج2/ ص 725)
    من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس ‏"‏ أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمسة عشر يقصر الصلاة ‏"‏ وجمع البيهقي بين هذا الاختلاف بأن من قال تسع عشرة عد يومي الدخول والخروج، ومن قال سبع عشرة حذفهما، ومن قال ثماني عشرة عد أحدهما‏.‏
    ‏( ج2/ ص 726)
    *أما رواية ‏"‏ خمسة عشر ‏"‏ فضعفها النووي في الخلاصة، وليس يجيد لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق فقد أخرجها النسائي من رواية عراك مالك عن عبيد الله كذلك، وإذا ثبت أنها صحيحة فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر فحذف منها يومي الدخول والخروج فذكر أنها خمسة عشر، واقتضى ذلك أن رواية تسعة عشر أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضا أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة، وأخذ الثوري وأهل الكوفة برواية خمسة عشر لكونها أقل ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقا‏.‏
    وأخذ الشافعي بحديث عمران بن حصين لكن محله عنده فيمن لم يزمع الإقامة...
    ( ج2/ ص 727)
    وزعم الطحاوي أن الشافعي لم يسبق إلى أن المسافر يصير بنية إقامته أربعة أيام مقيما، وقد قال أحمد نحو ما قال الشافعي، وهي رواية عن مالك‏
    ( ج2/ ص 727)
    الترمذي روى من حديث عمران بن حصين ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة ركعتين ويقول‏:‏ يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر ‏"‏ وكأنه ترك إعلامهم بذلك بمنى استغناء بما تقدم بمكة‏.‏
    قلت‏:‏ وهذا ضعيف، لأن الحديث من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ولو صح فالقصة كانت في الفتح، وقصة منى في حجة الوداع، وكان لا بد من بيان ذلك لبعد العهد‏.
    ( ج2/ ص 728)
    ‏فيه رد على من زعم أن القصر مختص بالخوف، والذي قال ذلك تمسك بقوله تعالى ‏(‏وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏)‏ ولم يأخذ الجمهور بهذا المفهوم، فقيل لأن شرط مفهوم المخالفة أن لا يكون خرج مخرج الغالب، وقيل هو من الأشياء التي شرع الحكم فيها بسبب ثم زال السبب وبقي الحكم كالرمل، وقيل المراد بالقصر في الآية قصر الصلاة في الخوف إلى ركعة، وفيه نظر لما رواه مسلم من طريق يعلى بن أمية وله صحبة أنه سأل عمر عن قصر الصلاة في السفر فقال إنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ‏"‏ صدقة تصدق الله بها عليكم ‏"‏ فهذا ظاهر في أن الصحابة فهموا من ذلك قصر الصلاة في السفر مطلقا لا قصرها في الخوف خاصة‏.‏
    .‏
    ( ج2/ ص 729)
    نقل الداودي عن ابن مسعود أنه كان يرى القصر فرضا، وفيه نظر لما ذكرته، ولو كان كذلك لما تعمد ترك الفرض حيث صلى أربعا وقال إن الخلاف شر، ويظهر أثر الخلاف فيما إذا قام إلى الثالثة عمدا فصلاته عند الجمهور صحيحة، وعند الحنفية فاسدة ما لم يكن جلس للتشهد
    ( ج2/ ص 730)
    وقد روي عن ابن عباس مرفوعا أخرجه الدار قطني وابن أبي شيبة من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان ‏"‏ وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الوهاب، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال ‏"‏ لا تقصروا الصلاة إلا في اليوم، ولا تقصر فيما دون اليوم‏"‏، ولابن أبي شيبة من وجه آخر صحيح عنه قال ‏"‏ تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة ‏"‏ ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن مسافة أربعة برد يمكن سيرها في يوم وليلة، وأما حديث ابن عمر الدال على اعتبار الثلاث فإما أن يجمع بينه وبين اختياره بأن المسافة واحدة ولكن السير يختلف، أو أن الحديث المرفوع ما سيق لأجل بيان مسافة القصر، بل لنهي المرأة عن الخروج وحدها، ولذلك اختلفت الألفاظ في ذلك‏.‏
    ( ج2/ ص 732)
    ذكر الفراء أن الفرسخ فارسي معرب، وهو ثلاثة أميال، والميل من الأرض منتهى مد البصر لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبذلك جزم الجوهري‏.‏
    وقيل حده أن ينظر إلى الشخص في أرض مسطحة فلا يدري أهو رجل أو امرأة أو هو ذاهب أو آت قال النووي الميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة والإصبع ست شعيرات معترضة معتدلة
    ( ج2/ ص 732)
    حكى النووي أن أهل الظاهر ذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال، وكأنهم احتجوا في ذلك بما رواه مسلم وأبو داود من حديث أنس قال ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال - أو فراسخ - قصر الصلاة ‏"‏ وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه، وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التي يبتدأ مها القصر لا غاية السفر، ولا يخفى بعد هذا الحمل، أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال ‏"‏ سألت أنسا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة - يعني من البصرة - فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع، فقال أنس فذكر الحديث، فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدأ القصر منه‏.‏
    ( ج2/ ص 732)
    ن الصحيح في ذلك أنه لا يتقيد بمسافة بل بمجاوزة البلد الذي يخرج منها، ورده القرطبي بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ، فإن الثلاثة أميال مدرجة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطا، وقد روى ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن ابن حرملة قال ‏"‏ قلت لسعيد بن المسيب‏:‏ أأقصر الصلاة وأفطر في بريد من المدينة‏؟‏ قال‏:‏ نعم ‏"‏ والله أعلم‏.‏
    ( ج2/ ص 733)
    اختلف في معنى الفرسخ، فقيل السكون ذكره ابن سيده، وقيل السعة، وقيل المكان الذي لا فرجة فيه، وقيل الشيء الطويل‏.
    ( ج2/ ص 734)
    قال شيخنا ابن الملقن تبعا لشيخه مغلطاي‏:‏ الهاء في قوله ‏"‏ مسيرة يوم وليلة ‏"‏ للمرة الواحدة، والتقدير أن تسافر مرة واحدة مخصوصة بيوم وليلة، ولا سلف له في هذا الإعراب، ومسيرة إنما هي مصدر سار كقوله سيرا مثل عاش معيشة وعيشا‏.
    ( ج2/ ص 735)
    قال ابن المنذر أجمعوا على أن لمن يريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي يخرج منها، واختلفوا فيما قبل الخروج عن البيوت‏:‏ فذهب الجمهور إلى أنه لا بد من مفارقة جميع البيوت‏.‏
    وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله‏.‏
    ومنهم من قال‏:‏ إذا ركب قصر إن شاء، ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت، واختلفوا فيما قبل ذلك، فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر، قال‏:‏ ولا أعلم النبي صلى الله عليه وسلم قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة‏.
    ( ج2/ ص 735)
    ‏استدل به على أن من أراد السفر لا يقصر حتى يبرز من البلد خلافا لمن قال من السلف يقصر ولو في بيته، وفيه حجة على مجاهد في قوله‏:‏ لا يقصر حتى يدخل الليل‏.‏
    ( ج2/ ص 737)
    ما أخرجه أحمد والبيهقي من حديث عثمان وأنه لما صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه فقال‏:‏ إني تأهلت بمكة لما قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم ‏"‏ فهذا الحدث لا يصح لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به، ويرده قول عروة‏:‏ إن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلا‏.
    ( ج2/ ص 737)
    ‏قد أخرج ابن جرير في تفسير سورة النساء ‏"‏ إن عائشة كانت تصلي في السفر أربعا، فإذا احتجوا عليها تقول‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف، فهل تخافون أنتم ‏"‏‏؟‏ وقد قيل في تأويل عائشة إنما أتمت في سفرها إلى البصرة إلى قتال علي والقصر عندها إنما يكون في سفر طاعة، وهذان القولان باطلان لا سيما الثاني، ولعل قول عائشة هذا هو السبب في حديث حارثة بن وهب الماضي قبل ببابين والمنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم،.....
    ( ج2/ ص 738)
    هذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي، لكن الوجه الذي قبله أولى لتصريح الراوي بالسبب، وأما ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن عثمان إنما أتم الصلاة لأنه نوى الإقامة بعد الحج فهو مرسل، وفيه نظر لأن الإقامة بمكة على المهاجرين حرام...كما في حديث العلاء بن الحضرمي في المغازي، وصح عن عثمان أنه كان لا يودع النساء إلا على ظهر راحلته، ويسرع الخروج خشية أن يرجع في هجرته‏.‏
    ( ج2/ ص 738)
    فروى الطحاوي وغيره من هذا الوجه عن الزهري قال‏:‏ إنما صلى عثمان بمنى أربعا لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع، وروى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن عثمان أنه أتم بمنى ثم خطب فقال‏:‏ إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولكنه حدث طغام - يعني بفتح الطاء والمعجمة - فخفت أن يستنوا‏.‏
    ( ج2/ ص 738)
    يدل على اختيار الجمهور ما رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكلم كان يصلي ركعتين من حين يخرج من المدينة إلى مكة حتى يرجع إلى المدينة في السير وفي المقام بمكة‏
    ( ج2/ ص 741)
    .‏ باب الايماء على الدابة :
    قال ابن دقيق العيد‏:‏ الحديث يدل على الإيماء مطلقا في الركوع والسجود معا، والفقهاء قالوا‏:‏ يكون الإيماء في السجود أخفض من الركوع ليكون البدل على وفق الأصل، وليس في لفظ الحديث ما يثبته ولا ينفيه‏
    .( ج2/ ص 743)
    قال ابن بطال‏:‏ أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذر، حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف
    ( ج2/ ص 743)
    ‏ال الملهب‏:‏ هذه الأحاديث تخص قوله تعالى ‏(‏وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره‏)‏ وتبين أن قوله تعالى ‏(‏فأينما تولوا فثم وجه الله‏)‏ في النافلة، وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة، والحجة لذلك حديث الجارود بن أبي سبرة عن أنس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتطوع في السير استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث وجهت ركابه أخرجه أبو داود وأحمد والدار قطني، واختلفوا في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر، غير مالك فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، قال الطبري‏:‏ لا أعلم أحدا وافقه على ذلك‏.‏
    ( ج2/ ص 743)
    واحتج الطبري للجمهور من طريق النظر أن الله تعالى جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، وقد أجمعوا على أن من كان خارج المصر على ميل أو أقل ونيته العود إلى منزله لا إلى سفر آخر ولم يجد ماء أنه يجوز له التيمم‏.‏
    وقال‏:‏ فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له النفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة ا ه
    وكأن السر فيما ذكر تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها تعظيما لأجورهم رحمة من الله بهم‏.‏
    ( ج2/ ص 744)
    قال ابن دقيق العيد‏:‏ يؤخذ من هذا الحديث طهارة عرق الحمار، لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق‏.‏
    ( ج2/ ص 744)
    عين التمر :
    موضع بطريق العراق مما يلي الشام وكانت به وقعة شهيرة في آخر خلافة أبي بكر بين خالد بن الوليد والأعاجم، ووجد بها غلمانا من العرب كانوا رهنا تحت يد كسرى منهم جد الكلبي المفسر وحمران مولى عثمان وسيرين مولى أنس‏.‏
    ( ج2/ ص 745)
    قل النووي تبعا لغيره أن العلماء اختلفوا في التنفل في السفر على ثلاثة أقوال‏:‏ المنع مطلقا، والجواز مطلقا، والفرق بين الرواتب والمطلقة، وهو مذهب ابن عمر كما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن مجاهد قال ‏"‏ صحبت ابن عمر من المدينة إلى مكة، وكان يصلي تطوعا على دابته حيثما توجهت به، فإذا كانت الفريضة نزل فصلى‏"‏‏.‏
    وأغفلوا قولا رابعا وهو الفرق بين الليل والنهار في المطلقة، وخامسا وهو ما فرغنا من تقريره‏.‏
    ( ج2/ ص 746)
    قال صاحب الهدى‏:‏ لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها في السفر، إلا ما كان من سنة الفجر‏.
    ( ج2/ ص 747)
    قال النووي تبعا لغيره‏:‏ لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز ا ه‏.
    ( ج2/ ص 748)
    ‏رأى البخاري جواز الجمع بالسفر سواء كان سائرا أم لا، وسواء كان سيره مجدا أم لا، وهذا مما وقع فيه الاختلاف بين أهل العلم، فقال بالإطلاق كثير من الصحابة والتابعين ومن الفقهاء الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب‏.
    ( ج2/ ص 749)
    قال قوم‏:‏ لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه، ووقع عند النووي أن الصاحبين خالفه شيخهما، ورد عليه السروجي في شرح الهداية وهو أعرف بمذهبه.وأجابوا عما ورد من الأخبار في ذلك بأن الذي وقع جمع صوري، وهو أنه أخر المغرب مثلا إلى آخر وقتها وعجل العشاء في أول وقتها‏.‏.
    ..*تعقبه الخطابي وغيره بأن الجمع رخصة، فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة فمن الدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس ‏"‏ أراد أن لا يحرج أمته ‏"‏ أخرجه مسلم، وأيضا فإن الأخبار جاءت صريحة بالجمع في وقت إحدى الصلاتين ي وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة‏.
    ( ج2/ 751)
    ‏ال إمام الحرمين‏:‏ ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل، ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة، فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم، وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك، إلى أن قال‏:‏ ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر، فإن القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه، ورفق الجمع واضح لمشقة النزول على المسافر، واحتج به من قال باختصاص الجمع لمن جد به السير،
    ( ج2/ ص 753)
    في حديث أنس استحباب التفرقة في حال الجمع بين ما إذا كان سائرا أو نازلا، وقد استدل به على اختصاص الجمع بمن جد به السير، لكن وقع التصريح في حديث معاذ بن جبل في الموطأ ولفظه ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة في غزوة تبوك، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جمعا‏"‏‏.‏
    قال الشافعي في ‏"‏ الأم‏"‏‏.‏
    قوله ‏"‏دخل ثم خرج ‏"‏ لا يكون إلا وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلا ومسافرا‏.‏
    وقال ابن عبد البر‏:‏ في هذا أوضح دليل على الرد على من قال لا يجمع إلا من جد به السير، وهو قاطع للالتباس‏.‏
    ( ج2/ ص 754)
    ما نقله الترمذي عن الثوري قال‏:‏ وأما المعذور إذا صلى جالسا فله مثل أجر القائم‏.‏
    ثم قال‏:‏ وفي هذا الحديث ما يشهد له، يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه ‏"‏ إذا مرض العبد أو سافر كتب له صالح ما كان يعمل صلى الله عليه وسلم وهو صحيح مقيم‏"‏،
    ....( ج2/ ص 756)
    لم يبين كيفية القعود، فيؤخذ من إطلاقه جوازه على أي صفة شاء المصلي، وهو قضية كلام الشافعي في البويطي، وقد اختلف في الأفضل فعن الأئمة الثلاثة يصلي متربعا، وقيل يجلس مفترشا وهو موافق لقول الشافعي في مختصر المزني وصححه الرافعي ومن تبعه، وقيل متوركا وفي كل منها أحاديث.
    (ج2/ ص 758)
    أن العاجز عن أداء فرض ينتقل إلى فرض دونه ولا يترك، وهو حجة على من زعم أن العاجز عن القعود في الصلاة تسقط عنه الصلاة، وقد حكاه الغزالي عن أبي حنيفة، وتعقب بأنه لا يوجد في كتب الحنفية‏.‏
    ( ج2/ 759)
    في رواية عثمان بن أبي سليمان عن أبي سلمة عن عائشة ‏"‏ لم يمت حتى كان أكثر صلاته جالسا‏"‏، وفي حديث حفصة ‏"‏ ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته جالسا حتى إذا كان قبل موته بعام وكان يصلي في سبحته جالسا ‏"‏ الحديث أخرجهما مسلم، قال ابن التين‏:‏ قيدت عائشة ذلك بصلاة الليل لتخرج الفريضة، وبقولها ‏"‏ حتى أسن ‏"‏ لنعلم أنه إنما فعل ذلك إبقاء على نفسه ليستديم الصلاة،
    ( ج2/ ص 759)
    جاز في النافلة القعود لغير علة مانعة من القيام وكان عليه الصلاة والسلام يقوم فيها قبل الركوع كانالجامع بينهما جواز إيقاع بعض الصلاة قاعدا وبعضها قائما، ودل حديث عائشة على جواز القعود في أثناء صلاة النافلة لمن افتتحها قائما كما يباح له أن يفتتحها قاعدا ثم يقوم، إذ لا فرق بين الحالتين، ولا سيما مع وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية خلافا لمن أبى ذلك، واستدل به على أن من افتتح صلاته مضطجعا ثم استطاع الجلوس أو القيام أتمها على ما أدت إليه حاله‏.‏ت الفريضة التي لا يجوز القعود فيها إلا بعدم القدرة على القيام أولى ا ه‏.

  19. #139
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج3/ ص 6)
    يقال‏:‏ ‏"‏تهجد ‏"‏ إذا سهر ‏"‏وتهجد ‏"‏ إذا نام، حكاه الجوهري وغيره‏.‏
    ومنهم من فرق بينهما، فقال‏:‏ هجدت نمت، وتهجدت سهرت، حكاه أبو عبيدة وصاحب العين، فعلى هذا أصل الهجود‏:‏ النوم، ومعنى تهجدت‏:‏ طرحت عني النوم‏.‏
    وقال الطبري‏:‏ التهجد السهر بعد نومة، ثم ساقه عن جماعة من السلف‏.‏
    وقال ابن فارس‏:‏ المتهجد المصلي ليلا‏.‏
    وقال كراع‏:‏ التهجد صلاة الليل خاصة‏.‏
    ( ج3/ ص 6)
    وروى الطبري عن ابن عباس ‏"‏ أن النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه أمر بقيام الليل وكتب عليه دون أمته ‏"‏ وإسناده ضعيف‏.
    ( ج3/ ص 8)
    في حديث " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : اللهم لك الحمد انت قيم ........" قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية " ولا حول ولا قوة إلا بالله " ....
    *وليس لعبد الكريم أبي أمية - وهو ابن أبي المخارق - في صحيح البخاري إلا هذا الموضع، ولم يقصد البخاري التخريج له فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله، وإنما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها كما تقدم مثله للمسعودي في الاستسقاء،
    *وعلم المزي على هؤلاء علامة التعليق وليس بجيد، لأن الرواية عنهم موصولة، إلا أن البخاري لم يقصد التخريج عنهم،
    *قول المنذري‏:‏ قد استشهد البخاري بعبد الكريم أبي أمية في كتاب التهجد ليس بجيد لأنه لم يستشهد به إلا إن أراد بالاستشهاد مقابل الاحتجاج فله وجه
    *قول ابن طاهر‏:‏ أن البخاري ومسلما أخرجا لعبد الكريم هذا في الحج حديثا واحدا عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن علي في القيام على البدن من رواية ابن عيينة، عن عبد الكريم فهو غلط منه، فإن عبد الكريم المذكور هو الجزري‏.‏
    ( ج3/ ص 10)
    قد أخرج فيه مسلم حديث أبي هريرة ‏"‏ أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ‏"‏ وكأن البخاري توقف فيه للاختلاف في وصله وإرساله وفي رفعه ووقفه‏.‏
    ( ج3/ ص 11)
    قال القرطبي‏:‏ إنما فسر الشارع من رؤيا عبد الله ما هو ممدوح لأنه عرض على النار ثم عوفي منها، وقيل له لا روع عليك وذلك لصلاحه، غير أنه لم يكن يقوم من الليل فحصل لعبد الله من ذلك تنبيه على أن قيام الليل بما يتقي به النار والدنو منها فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك‏.‏
    وأشار المهلب إلى أن السر في ذلك كون عبد الله كان ينام في المسجد ومن حق المسجد أن يتعبد فيه فنبه على ذلك بالتخويف بالنار‏.‏
    ( ج3/ ص 13 )
    وأما المرأة المذكورة في حديث سفيان التي عبرت بقولها ‏"‏ شيطانك ‏"‏ فهي أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وامرأة أبي لهب كما روى الحاكم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال ‏"‏ قالت امرأة أبي لهب لما مكث النبي صلى الله عليه وسلم أياما لم ينزل عليه الوحي‏:‏ يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد قلاك، فنزلت والضحى ‏"‏ رجاله ثقات وفي تفسير الطبري من طريق المفضل بن صالح، عن الأسود، في حديث الباب ‏"‏ فقالت امرأة من أهله ومن قومه ‏"‏ ولا شك أن أم جميل من قومه لأنها من بني عبد مناف‏
    ( ج3/ ص15)
    عبد الله المذكور في إسناده هو ابن المبارك، وأما حديث علي فعلي بن الحسين المذكور في إسناده هو‏:‏ زين العابدين، وهذا من أصح الأسانيد ومن أشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أبيه، عن جده‏.‏
    وحكى الدارقطني أن كاتب الليث رواه عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، فقال ‏"‏ عن علي بن الحسين، عن الحسن بن علي ‏"‏ وكذا وقع في رواية حجاج بن أبي منيع، عن جده الزهري، في تفسير ابن مردويه، وهو وهم والصواب ‏"‏ عن الحسين ‏"‏ ويؤيده رواية حكيم بن حكيم، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، أخرجها النسائي والطبري‏.‏
    ( ج3/ ص 18)
    نحا القرطبي فقال‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏ فتفرض عليكم ‏"‏ أي تظنونه فرضا فيجب على من ظن ذلك، كما إذا ظن المجتهد حل شيء أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به‏.‏
    قال‏:‏ وقيل‏:‏ كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم انتهى‏.‏
    ولا يخفى بعد هذا الأخير، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على رواتب الفرائض وتابعه أصحابه ولم تفرض
    قال ابن بطال‏:‏ يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى الله عليه وسلم لما كان قيام الليل فرضا عليه دون أمته فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي الله بينه وبينهم في حكمه، لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته في العبادة‏.‏
    (1 ج3/ ص 21)
    قال القرطبي‏:‏ ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنه إنما يعبد الله خوفاً من الذنوب وطلبا للمغفرة والرحمة فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة وهو الشكر على المغفرة وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا فيتعين كثرة الشكر على ذلك، والشكر الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك منه سمي شكوراً، ومن ثم قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏(‏وقليل من عبادي الشكور‏)‏ ‏.‏.‏
    ( ج3/ ص 24)
    قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد‏)‏ زاد أبو ذر في رواية ‏"‏ ابن سلام ‏"‏ وكذا نسبه أبو علي بن السكن، وذكر الجياني أنه وقع في رواية أبي ذر عن أبي محمد السرخسي ‏"‏ محمد بن سالم ‏"‏ بتقديم الألف على اللام، قال أبو الوليد الباجي‏:‏ سألت أبا ذر فقال لي‏:‏ أراه ابن سلام، وسها فيه أبو محمد‏.‏
    قلت‏:‏ وليس في شيوخ البخاري أحد يقال له محمد بن سالم‏.‏
    في هذا الحديث الحث على المداومة على العمل وإن قل‏.‏
    وفيه الاقتصاد في العبادة وترك التعمق فيها لأن ذلك أنشط والقلب به أشد انشراحا‏
    ( ج3/ ص 27)
    للبخاري :عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ‏:‏
    كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ‏.
    ‏وفي رواية مسلم، من هذا الوجه ‏"‏ كانت صلاته عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ‏
    ( ج3/ ص 28)
    قال القرطبي‏:‏ أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحداً أو أخبرت عن وقت واحد‏:‏ والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز والله أعلم‏
    قال ابن حجر : ظهر لي أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد والوتر مختص بصلاة الليل، وفرائض النهار - الظهر وهي أربع والعصر وهي أربع والمغرب وهي ثلاث وتر النهار - فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد جملة وتفصيلا‏.‏.‏
    ( ج3/ ص 29 )
    ما أخرجه مسلم، من طريق سعد بن هشام، عن عائشة، قالت‏:‏ ‏"‏ إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة - يعني‏:‏ يا أيها المزمل - فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعاً بعد فرضيته ‏"‏ واستغنى البخاري عن إيراد هذا الحديث - لكونه على غير شرطه - بما أخرجه عن أنس، فإن فيه ‏"‏ ولا تشاء أن تراه من الليل نائما إلا رأيته ‏"‏ فإنه يدل على أنه كان ربما نام كل الليل وهذا سبيل التطوع، فلو استمر الوجوب لما أخل بالقيام وبهذا تظهر مطابقة الحديث للترجمة‏.‏
    ( ج3/ ص 30)
    ناشئة الليل ‏"‏ أي‏:‏ قيام الليل، وهذا التعليق وصله عبد بن حميد، بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير، عنه قال‏:‏ إن ناشئة الليل هو كلام الحبشة، نشأ قام‏.
    ( ج3/ ص 31)
    وذهب الجمهور إلى أنه ليس في القرآن شيء بغير العربية وقالوا‏:‏ ما ورد من ذلك فهو من توافق اللغتين، وعلى هذا فناشئة الليل مصدر بوزن فاعلة من نشأ إذا قام، أو اسم فاعل أي‏:‏ النفس الناشئة بالليل أي‏:‏ التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة
    ( ج3/ ص 32)
    قد اختلف في هذه العقد فقيل‏:‏ هو‏:‏ على الحقيقة وأنه كما يعقد الساحر من يسحره، وأكثر من يفعله النساء تأخذ إحداهن الخيط فتعقد منه عقدة وتتكلم عليه بالسحر فيتأثر المسحور عند ذلك، ومنه قوله تعالى ‏(‏ومن شر النفاثات في العقد‏)‏ وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية الرأس نفسها، وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره‏؟‏ الأقرب الثاني إذ ليس لكل أحد شعر، ويؤيده ما ورد في بعض طرقه أن على رأس كل آدمي حبلا، ففي رواية ابن ماجه، ومحمد بن نصر، من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا ‏"‏ على قافية رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد‏"‏، ولأحمد، من طريق الحسن، عن أبي هريرة، بلفظ ‏"‏ إذا نام أحدكم عقد على رأسه بجرير ‏"‏ ولابن خزيمة، وابن حبان، من حديث جابر، مرفوعا ‏"‏ ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جرير معقود حين يرقد ‏"‏ الحديث، وفي الثواب لآدم بن أبي إياس، من مرسل الحسن، نحوه‏.‏
    ( ج3/ ص 33)
    قال بعضهم‏:‏المراد بالعقد الثلاث‏:‏ الأكل والشرب والنوم، لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه‏.‏واستبعد المحب الطبري لأن الحديث يقتضي أن العقد تقع عند النوم فهي غيره‏.‏ ‏(‏3/26‏)‏
    قال القرطبي‏:‏ الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السحر فإن اتفق له أن يرجع إلى النوم ثلاث مرات لم تنقض النومة الثالثة إلا وقد ذهب الليل‏.‏
    وقال البيضاوي‏:‏ التقييد بالثلاث إما للتأكيد، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء‏:‏ الذكر والوضوء والصلاة، فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه وكأن تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته‏.‏
    ( ج3/ ص 35)
    وقال ابن عبد البر‏:‏ هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة‏.‏‏
    ( ج3/ ص 35)
    ذكر الليل في قوله ‏"‏ عليك ليل ‏"‏ ظاهره اختصاص ذلك بنوم الليل، وهو كذلك،
    ادعى ابن العربي أن البخاري أومأ هنا إلى وجوب صلاة الليل لقوله ‏"‏ يعقد الشيطان ‏"‏ وفيه نظر، فقد صرح البخاري في خامس ترجمة من أبواب التهجد بخلافه حيث قال ‏"‏ من غير إيجاب ‏"‏
    *قال ابن عبد البر‏:‏ شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه، ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين، والذي وجدناه عن الحسن، ما أخرجه محمد بن نصر، وغيره عنه أنه قيل له‏:‏ ما تقول في رجل استظهر القرآن كله لا يقوم به إنما يصلي المكتوبة‏؟‏ فقال‏:‏ أمن الله هذا، إنما يتوسد القرآن‏.
    ( ج3/ ص 36)
    ‏ذكر شيخنا الحافظ‏:‏ أبو الفضل بن الحسين في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين‏:‏ المبادرة إلى حل عقد الشيطان، وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة، وهو واضح، لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها، وكذا الوضوء‏.‏ وكأن الشروع في حل العقد يحصل بالشروع في العبادة وينتهي بانتهائها‏.‏وق ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من حديث عائشة، وهو منزه عن عقد الشيطان، حتى ولو لم يرد الأمر بذلك لأمكن أن يقال‏:‏ يحمل فعله ذلك على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان‏.‏
    ( ج3/ ص 36)
    قد وقع عند ابن خزيمة، من وجه آخر عن أبي هريرة، في آخر الحديث ‏"‏ فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين‏"‏‏
    ( ج3/ ص 37)
    *اختلف في بول الشيطان، فقيل‏:‏ هو على حقيقته‏.‏
    *قال القرطبي وغيره‏:‏ لا مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن يبول‏.‏
    وقيل‏:‏ هو كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر‏.‏
    وقيل‏:‏ معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجب سمعه عن الذكر‏.‏
    وقيل‏:‏ هو كناية عن ازدراء الشيطان به‏.‏
    وقيل‏:‏ معناه أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول، إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه‏.‏
    وقيل‏:‏ هو مثل مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم كمن وقع البول في أذنه فثقل أذنه وأفسد حسه، والعرب تكني عن الفساد بالبول قال الراجز‏:‏ بال سهيل في الفضيخ ففسد‏.‏
    ‏ووقع في رواية الحسن، عن أبي هريرة، في هذا الحديث عند أحمد، ‏"‏ قال الحسن إن بوله والله لثقيل ‏"‏ وروى محمد بن نصر، من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود، ‏"‏ حسب الرجل من الخيبة والشر أن ينام حتى يصبح وقد بال الشيطان في أذنه ‏"‏ وهو موقوف صحيح الإسناد‏.‏
    ( ج3/ ص 39)
    قال ابن حجر : "قوله‏:‏ ‏(‏ينزل ربنا إلى السماء الدنيا‏)‏ استدل به من أثبت الجهة وقال‏:‏ هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك‏.‏
    وقد اختلف في معنى النزول على أقوال‏:‏ فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم‏
    ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك وأنكروا ما في الحديث إما جهلا وإما عنادا‏.‏
    ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي، وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم‏.‏
    ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب‏.‏
    قال البيهقي‏:‏ وأسلمها الإيمان بلا كيف والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه، ومن الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب فحينئذ التفويض أسلم‏.‏.
    ‏قال ابن العربي‏:‏ حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها وبه أقول‏.‏
    فأما قوله ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي قتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة انتهى‏.
    قال ابن باز رحمه الله في " الحاشية " ( ص 39)
    مراد ابن حجر الجمهور هم اهل الكلام واما اهل السنة وهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم فإنهم يثبتون لله الجهة وهي جهة العلو ويؤمنون بأنه سبحانه فوق العرش بلا تمثيل ولا تكييف ..وهكذا ما قاله البيضاوي بعده فباطل والصواب ما قاله السلف الصالح من الايمان بالنزول وإمرار النصوص كما وردت من اثبات النزول لله سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به ..
    ( ج3/ ص 42)
    ‏الذي أنكره الحفاظ على أبي إسحاق في

    على أبي إسحاق في هذا الحديث هو ما رواه الثوري عنه بلفظ ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ يرون هذا غلطا من أبي إسحاق، وكذا قال مسلم في التمييز‏.‏
    وقال أبو داود‏:‏ في رواية أبي الحسن بن العبد، عنه‏:‏ ليس بصحيح‏.
    ( ج3/ ص 43)
    قال ابن الجوزي‏:‏ فيه الحث على الصلاة عقب الوضوء لئلا يبقى الوضوء خاليا عن مقصوده‏.‏
    وقال المهلب‏:‏ فيه أن الله يعظم المجازاة على ما يسره العبد من عمله‏.‏
    ( ج3/ ص 45)
    استحباب إدامة الطهارة ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرا ومن بات طاهرا عرجت روحه فسجدت تحت العرش كما رواه البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، والعرش سقف الجنة
    ( ج3/ ص 48)
    أني وجدت بعض ما ذكر هناك من تأويل الحديث احتمالا في بعض طرق الحديث وهو قوله ‏"‏ إن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ‏"‏ أخرجه الطبري في تفسير سورة المزمل، وفي بعض طرقه ما يدل على أن ذلك مدرج من قول بعض رواة الحديث والله أعلم‏.‏
    ( ج3/ ص 49)
    قال ابن حيان‏:‏ فيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيعه‏.‏
    وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط، ويستنبط منه كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة،
    ابن أبي العشرين بلفظ العدد وهو عبد الحميد بن حبيب كاتب الأوزاعي
    ( ج3/ ص 51)
    قال ابن بطال‏:‏ وعد الله على لسان نبيه أن من استيقظ من نومه لهجا لسانه بتوحيد ربه والإذعان له بالملك والاعتراف بنعمة يحمده عليها وينزهه عما لا يليق به تسبيحه والخضوع له بالتكبير والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلى قبلت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى‏.‏
    ( ج3/ ص 52)
    قال الداودي ما محصله‏:‏ من قبل الله له حسنة لم يعذبه لأنه يعلم عواقب الأمور فلا يقبل شيئا ثم يحبطه، وإذا أمن الإحباط أمن التعذيب، ولهذا قال الحسن‏:‏ وددت أني أعلم أن الله قبل لي سجدة واحدة‏
    قال ابن باز في الحاشية :
    " في ما قاله الداودي نظر وظاهر النصوص يخالفه ولا يلزم من قبول بعض الاعمال عدم التعذيب
    على اعمال أخرى من السيئات مات العبد مصرا عليها فتنبه . والله أعلم.‏
    ( ج3/ ص 52)
    (‏فائدة‏)‏ ‏:‏ قال أبو عبد الله الفربري الراوي عن البخاري‏:‏ أجريت هذا الذكر"من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. الحديث " على لساني عند انتباهي ثم نمت فأتاني آت فقرأ ‏(‏وهدوا إلى الطيب من القول‏)‏ الآية‏.‏
    ( ج3/ ص 52 )
    ‏فائدة‏)‏ ‏:‏ وقعت لعبد الله بن رواحة في هذه الأبيات
    وفينا رسول الله يتلو كتابه ...... إذا انشق معروف من الفجر ساطع ..
    أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِين َ الْمَضَاجِعُ
    قصة أخرجها الدارقطني من طريق سلمة بن وهران عن عكرمة قال‏:‏ كان عبد الله بن رواحة في مضطجعا إلى جنب امرأته، فقام إلى جاريته فذكر القصة في رؤيتها إياه على الجارية وجحده ذلك والتماسها منه القراءة لأن الجنب لا يقرأ، فقال هذه الأبيات، فقالت‏:‏ آمنت بالله وكذبت بصري، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه‏.‏.‏
    ( ج3/ ص 56)
    ‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قوله ‏"‏ أبدا ‏"‏ تقرر في كتب العربية أنها تستعمل للمستقبل‏.‏
    ( ج3/ ص 57)
    إن الاضطجاع إنما يتم إذا كان على الشق الأيمن، وأما إنكار ابن مسعود الاضطجاع، وقول إبراهيم النخعي هي ضجعة الشيطان كما أخرجهما ابن أبي شيبة، فهو محمول على أنه لم يبلغهما الأمر بفعله
    *وكذا ما حكى عن ابن عمر أنه بدعة فإنه شذ بذلك حتى روي عنه أنه أمر بحصب من اضطجع
    *وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع، وأرجح الأقوال مشروعيته للفصل لكن لا بعينه
    .‏
    ( ج3/ ص 57)
    قال النووي‏:‏ المختار أنه سنة لظاهر حديث أبي هريرة، وقد قال أبو هريرة راوي الحديث‏:‏ إن الفصل بالمشي إلى المسجد لا يكفي، وأفرط ابن حزم فقال يحب عن كل أحد، وجعله شرطا لصحة صلاة الصبح، ورده عليه العلماء بعده حتى طعن ابن تيمية ومن تبعه في صحة الحديث لتفرد عبد الواحد ابن زياد به وفي حفظه مقال، والحق أنه تقوم به الحجة‏.‏
    ومن ذهب إلى أن المراد به الفصل لا يتقيد بالأيمن، ومن أطلق قال‏:‏ يختص ذلك‏:‏ بالقادر، وأما غيره فهل يسقط الطلب أو يومئ بالاضطجاع أو يضطجع على الأيسر‏؟‏ لم أقف فيه على نقل، إلا أن ابن حزم قال‏:‏ يومي ولا يضطجع على الأيسر أصلا، ويحمل الأمر به على الندب كما سيأتي في الباب الذي بعده‏.‏
    وذهب بعض السلف إلى استحبابها في البيت دون المسجد وهو محكي عن ابن عمر، وقواه بعض شيوخنا بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد أخرجه ابن أبي شيبة‏

  20. #140
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]

    ( ج3/ ص 69)
    وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال‏:‏ سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال‏:‏ بدعة ونعمت البدعة‏.‏
    وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال‏:‏ لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الشعبي عن ابن عمر قال‏:‏ ما صليت الضحى منذ أسلمت، إلا أن أطوف بالبيت‏.‏
    أي فأصلي في ذلك الوقت لا على نية صلاة الضحى، بل على نية الطواف‏.‏
    ويحتمل أنه كان ينويهما معا‏.‏
    قال عياض وغيره‏:‏ إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد وصلاتها جماعة، لا أنها مخالفة للسنة‏.‏
    ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم وقال‏:‏ إن كان ولا بد ففي بيوتكم‏.
    ( ج3/ ص 70)
    تعقبه النووي بأن الصواب صحة الاستدلال به لما رواه أبو داود وغيره من طريق كريب عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى، ولمسلم في كتاب الطهارة من طريق أبي مرة عن أم هانئ في قصة اغتساله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ‏"‏ ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى ‏"‏ وروى ابن عبد البر في التمهيد من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت ‏"‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات، فقلت ما هذه‏؟‏ قال‏:‏ هذه صلاة الضحى ‏"‏ واستدل به على أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات‏.‏
    ( ج3/ ص 71)
    نقل الترمذي عن أحمد‏:‏ أن أصح شيء ورد في الباب حديث أم هانئ‏.‏
    وهو كما قال، ولهذا قال النووي في الروضة‏:‏ أفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة، ففرق بين الأكثر والأفضل‏.‏
    ولا يتصور ذلك إلا فيمن صلى الاثنتي عشرة بتسليمة واحدة فإنها تقع نفلا مطلقا عند من يقول إن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات فأما من فصل فإنه يكون صلى الضحى، وما زاد على الثمان يكون له نفلا مطلقا فتكون صلاته اثنتي عشرة في حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل وزاد، وقد ذهب قوم منهم أبو جعفر الطبري وبه حزم الحليمي والروياني من الشافعية إلى أنه لا حد لأكثرها‏.‏
    في حديث عائشة عند مسلم ‏"‏ كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ‏"‏ وهذا الإطلاق قد يحمل على التقييد فيؤكد أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة والله أعلم‏.‏
    ( ج3/ ص 71)
    وجمع ابن القيم في الهدى الأقوال في صلاة الضحى فبلغت ستة‏:‏ الأول مستحبة، واختلف في عددها فقيل أقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة، وقيل أكثرها ثمان، وقيل كالأول لكن لا تشرع ستا ولا عشرة، وقيل كالثاني لكن لا تشرع ستا، وقيل ركعتان فقط، وقيل أربعا فقط، وقيل لا حد لأكثرها‏.‏
    .‏( ج3/ ص 71)
    القول الثاني لا تشرع إلا لسبب، واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا بسبب، واتفق وقوعها وقت الضحى، وتعددت الأسباب‏:‏ فحديث أم هانئ في صلاته يوم الفتح كان بسبب الفتح وأن سنة الفتح أن يصلي ثمان ركعات، ونقله الطبري من فعل خالد بن الوليد لما فتح الحيرة، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى حين بشر برأس أبي جهل، وهذه صلاة شكر كصلاته يوم الفتح، وصلاته في بيت عتبان إجابة لسؤاله أن يصلي في بيته مكانا يتخذه مصلى فاتفق أنه جاءه وقت الضحى فاختصره الراوي فقال ‏"‏ صلى في بيته الضحى
    *القول الثالث لا تستحب أصلا، وصح عن عبد الرحمن بن عوف أنه لم يصلها وكذلك ابن مسعود‏.‏
    القول الرابع يستحب فعلها تارة وتركها تارة بحيث لا يواظب عليها، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد‏.‏
    الخامس تستحب صلاتها والمواظبة عليها في البيوت، أي للأمن من الخشية المذكورة‏.‏
    السادس أنها بدعة صح ذلك من رواية عروة عن ابن عمر، وسئل أنس عن صلاة الضحى فقال ‏"‏ الصلوات خمس ‏"‏ وعن أبي بكرة أنه رأى ناسا يصلون الضحى فقال ‏"‏ ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عامة أصحابه ‏"‏ وقد جمع الحاكم الأحاديث الواردة في صلاة الضحى في جزء مفرد وذكر لغالب هذه الأقوال مستندا وبلغ عدد رواة الحديث في إثباتها نحو العشرين نفسا من الصحابة‏.‏
    ‏( ج3/ ص 72)
    (‏لطيفة‏)‏ ‏:‏ روى الحاكم من طريق أبي الخير عن عقبة بن عامر قال ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي الضحى بسور منها والشمس وضحاها الضحى ‏"‏ انتهى‏.‏
    (ج3/ ص 73)
    وحكى المحب الطبري أنه جمع بين قولها ‏"‏ ما كان يصلي إلا أن يجيء من مغيبه ‏"‏ وقولها ‏"‏ كان يصلي أربعا ويزيد ما شاء الله ‏"‏ بأن الأول محمول على صلاته إياها في المسجد، والثاني على البيت‏.‏
    وقد اختلف العلماء في‏:‏ ذلك‏:‏ فذهب ابن عبد البر وجماعة إلى ترجيح ما اتفق الشيخان عليه دون ما انفرد به مسلم وقالوا‏:‏ إن عدم رؤيتها لذلك لا يستلزم عدم الوقوع، فيقدم من روي عنه من الصحابة الإثبات، وذهب آخرون إلى الجمع بينهما‏.‏
    .‏
    .‏.( ج3/ ص 73)
    (‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ حديث عائشة يدل على ضعف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى كانت واجبة عليه، وعدها لذلك جماعة من العلماء من خصائصه، ولم يثبت ذلك في خبر صحيح‏.‏
    وقول الماوردي في الحاوي إنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها بعد يوم الفتح إلى أن مات يعكر عليه ما رواه مسلم من حديث أم هانئ أنه لم يصلها قبل ولا بعد‏.‏
    *( ج3/ ص 80)
    أن أبا أيوب أوصى أن يدفن تحت أقدام الخيل ويغيب موضع قبره فدفن إلى جانب جدار القسطنطينية‏.‏
    ( ج3/ ص 81)
    وروي ابن وهب عن مالك أنه لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة، فأما أن يكون مشتهرا ويجمع له الناس فلا، وهذا بناه على قاعدته في سد الذرائع لما يخشى من أن يظن من لا علم له أن ذلك فريضة، واستثنى ابن حبيب من أصحابه قيام رمضان لاشتهار ذلك من فعل الصحابة ومن بعدهم رضى الله عنهم،
    ( ج3/ ص 83)
    *ما رواه الطيالسي من طريق عطاء أنه قيل له‏:‏ هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم‏؟‏ قال‏:‏ بل في الحرم لأنه كله مسجد‏.‏
    *( ج3/ 85)
    وسمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة، وقيل في الزمان، وفيه نظر لأنه ثبت في الصحيح أن بينهما أربعين سنة
    قال الزمخشري‏:‏ سمي الأقصى لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد، وقيل لبعده عن الأقذار والخبث، وقيل هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة لأنه بعيد من مكة وبيت المقدس أبعد منه‏.‏
    ولبيت المقدس عدة أسماء تقرب من العشرين منها إيلياء بالمد والقصر وبحذف الياء الأولى وعن ابن عباس إدخال الألف واللام على هذا الثالث، وبيت المقدس بسكون القاف وبفتحها مع التشديد، والقدس بغير ميم مع ضم القاف وسكون الدال وبضمها أيضا، وشلم بالمعجمة وتشديد اللام وبالمهملة وشلام بمعجمة، وسلم بفتح المهملة وكسر اللام الخفيفة، وأوري سلم بسكون الواو وكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة قال الأعشى‏:‏ وقد طفت للمال آفاقه دمشق فحمص فأوري سلم ومن أسمائه كورة وبيت إيل وصهيون ومصروث آخره مثلثة وكورشيلا وبابوس بموحدتين ومعجمة، وقد تتبع أكثر هذه الأسماء الحسين بن خالويه اللغوي في كتاب ‏"‏ ليس
    ( ج3/ ص 85)
    ختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلاة فيها فقال الشيخ أبو محمد الجويني‏:‏ يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر هذا الحديث، وأشار القاضي حسين إلى اختياره وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور وقال له ‏"‏ لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت ‏"‏ واستدل بهذا الحديث فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه، ووافقه أبو هريرة‏.‏
    والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم، وأجابوا عن الحديث بأجوبة منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز، وقد وقع في رواية لأحمد سيأتي ذكرها بلفظ ‏"‏ لا ينبغي للمطي أن تعمل ‏"‏ وهو لفظ ظاهر في غير التحريم ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة فإنه لا يجب الوفاء به قاله ابن بطال‏.‏
    ( ج3/ ص 85)
    *وقال ابن المنذر‏:‏ يجب إلى الحرمين، وأما الأقصى فلا، واستأنس بحديث جابر ‏"‏ أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال‏:‏ صل هاهنا ‏"‏ وقال ابن التين‏:‏ الحجة على الشافعي إن إعمال المطي إلى مسجد المدينة والمسجد الأقصى والصلاة فيهما قربة فوجب أن يلزم بالنذر كالمسجد الحرام انتهى‏.‏
    استدل به على أن من نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة لصلاة أو غيرها لم يلزمه غيرها لأنها لا فضل لبعضها على بعض فتكفي صلاته في أي مسجد كان، قال النووي‏:‏ لا اختلاف في ذلك إلا ما روي عن الليث أنه قال يجب الوفاء به، وعن الحنابلة رواية يلزمه كفارة يمين ولا ينعقد نذره، وعن المالكية رواية إن تعلقت به عبادة تختص به كرباط لزم وإلا فلا، وذكر عن محمد بن مسلمة المالكي أنه يلزم في مسجد قباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت*
    ( ج3/ ص 86)
    ال الكرماني‏:‏ وقع في هذه المسألة في عصرنا في البلاد الشامية مناظرات كثيرة وصنف فيها رسائل من الطرفين، قلت‏:‏ يشير إلى ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره على الشيخ تقي الدين بن تيمية وما انتصر به الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغيره لابن تيمية وهي مشهورة في بلادنا، والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية، ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب‏.‏

    ( ج3/ ص 87)
    وروي البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه ‏"‏ الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة ‏"‏ قال البزار إسناده حسن‏.‏
    ( ج3/ ص 88)
    قد أوهم كلام المقري أبي بكر النقاش في تفسيره خلاف ذلك فإنه قال فيه‏:‏ حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة انتهى‏.‏
    ( ج3/ ص 89)
    ومن فضائل مسجد قباء ما رواه عمر بن شبة في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص قال ‏"‏ لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل‏"‏‏.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •