باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة "
( ج2 / ص 213-216 ) - فتح الباري " :
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَعْلَمَ وَالْأَفْضَلَ أَحَقُّ مِنَ الْعَالِمِ وَالْفَاضِلِ وَذِكْرُ الْفَضْلِ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ
( 2 ) قَوْلُهُ وَقَالَ عُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ إِلَخْ قَالَ الْكرْمَانِي الْفرق بَين رِوَايَة الزبيدِيّ وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى وَبَيْنَ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَمَعْمَرٍ أَنَّ الْأُولَى مُتَابَعَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُقَاوَلَةٌ اه وَمُرَادُهُ بِالْمَقَاوَلَة ِ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِصِيغَةِ قَالَ وَلَيْسَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ صِيغَةُ مُقَاوَلَةٍ وَإِنَّمَا السِّرُّ فِي تَرْكِهِ عَطْفُ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ وَمَعْمَرٍ على رِوَايَة يُونُس وَمن تَابَعَهُ أَنَّهُمَا أَرْسَلَا الْحَدِيثَ وَأُولَئِكَ وَصَلُوهُ أَيْ أَنَّهُمَا خَالَفَا يُونُسَ وَمَنْ تَابَعَهُ فَأَرْسَلَا الْحَدِيثَ فَأَمَّا رِوَايَةُ عُقَيْلٍ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَأما معمر فَاخْتلف عَلَيْهِ فَرَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَنهُ مُرْسلا كَذَلِك أخرجه بن سَعْدٍ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ مَوْصُولًا
" باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته "
( 1 ) قَوْلُهُ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرو بن عَوْف أَي بن مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ وَالْأَوْسُ أَحَدُ قَبِيلَتَيِ الْأَنْصَارِ وَهُمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَوْسِ فِيهِ عِدَّةُ أَحْيَاءٍ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِقُبَاءٍ مِنْهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَبَنُو ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالسَّبَبُ فِي ذَهَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ مَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ قَالَ وَقَعَ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَلَامٌ وَلِلْمُؤَلِّفِ فِي الصُّلْحِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ
( 2 ) وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لِبِلَالٍ إِنْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَنَحْوُهُ لِلطَّبَرَانِيّ ِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
( 3 ) قَوْلُهُ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ أَيْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَفْظُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورُ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَفِي رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَاسْتَفْتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ وَهِيَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ حَيْثُ امْتَنَعَ أَبُو بَكْرٍ هُنَا أَنْ يَسْتَمِرَّ إِمَامًا وَحَيْثُ اسْتَمَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لَمَّا أَنْ مَضَى مُعْظَمُ الصَّلَاةِ حَسُنَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَمَّا أَنْ لَمْ يَمْضِ مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرُ لَمْ يَسْتَمِرَّ
( 4 ) وَكَذَا وَقَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَيْثُ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي صَلَاتِهِ إِمَامًا لِهَذَا الْمَعْنَى وَقِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ
( 5 ) قَوْلُهُ فَصَفَّقَ النَّاسُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ قَالَ سَهْلٌ أَتَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَرَادُفِهِمَا عِنْدَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ
( 6 ) قَوْلُهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْحَمْدِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ شُكْرًا لله وَرجع الْقَهْقَرِي وَادّعى بن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِالشُّكْرِ وَالْحَمْدِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ تَلَفَّظَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ مَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ يَا أَبَا بَكْرٍ لِمَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ وَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ قَالَ رَفَعْتُ يَدَيَّ لِأَنِّي حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَيْتُ مِنْكَ زَادَ الْمَسْعُودِيُّ فَلَمَّا تَنَحَّى تَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَوْلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْحَمَّادَيْنِ وَالْمَاجِشُونِ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا حَصَلَ عَلَيْهِمْ لِكَثْرَتِهِ لَا لِمُطْلَقِهِ
|( 7 ) وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِإِمَامَيْنِ أَحَدُهمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَأَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ إِذَا غَابَ يَسْتَخْلِفُ غَيْرَهُ وَأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ نَائِبُهُ فِي الصَّلَاةِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ أَوْ يَؤُمَّ هُوَ وَيَصِيرُ النَّائِبُ مَأْمُومًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَلَا يُبْطِلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَلَاة أحد من الْمَأْمُومين وَادّعى بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُوقِضَ بِأَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْد الشَّافِعِيَّة الْجَوَاز وَعَن بن الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يُحَدِّثُ فَيَسْتَخْلِفُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَخْرُجُ الْمُسْتَخْلِفُ وَيُتِمُّ الْأَوَّلُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ