القاف القرآنية التي نسمعها اليوم من مجيدي قراءة القرآن صوت لهوي شديد مهموس ، والقاف التي وصفها سيبويه صوت شديد مجهور، ويفهم من كلام بروكلمان عن تطور القاف المهموسة إلى مجهورة أن المهموسة قد اختفت واندثرت [1] وقد ذهب برجشتراسر إلى ان القاف القديمة كانت مجهورة ولكنه أكد في الآن نفسه أن القاف المهموسة مازالت مسموعة ولم تندثر[2] .
وقد ذهب الدكتور جبل إلى أن النطق الصحيح والفصيح للقاف أن تنطق مجهورة ، فيكون في جرس صوتها شبه ما من القاف البدوية ، لكنها ينبغي أن تخرج من أقصى اللسان والحنك ، أما القاف الشائع نطقها الآن في قراءتنا فهي مهموسة فليست صحيحة .[3]
والواضح الجلي أن علماء التجويد نقلوا وصف سيبويه دون أن يلتفتوا إلى أن ثمة فرقا بين الوصف الذي نقلوه عن سيبويه وبين أدائهم لهذا الصوت ، ويمكننا أن نتابع بعض المعالم الأساسية في هذا الموضوع على النحو الآتي:
1- محاولة المنادين بتحقيق نطق القاف مجهورة كما وصفها سيبويه [4] أدى إلى نطق الصوت كما لو كان جيما قاهرية (g ) ، ومعلوم أن الجيم القاهرية ليست من مخرج القاف . قال ابن الجزري عن مخرج القاف : " أقصى اللسان من أسفل مخرج القاف من اللسان قليلاً وما يليه من الحنك- وهو للكاف، وهذان الحرفان يقال لكل منهما لهوى، نسبة إلى اللهاة وهي بين الفم والحلق.[5]
2- وهذا دفع بعض المحققين إلى نطق القاف غينا لكون الغين مجهورة وقريبة من اللهاة !! ولكن سرعان ما تبين لهم أن الغين رخوة والقاف شديدة!! فتراجع بعضهم إلى مربع الجيم القاهرية!! والتي يسميها البعض: القاف اليمنية ،ويطلق عليها علماء الأمة القدامى : القاف المعقودة.
3-لا يساورنا شك من خلال مناقشات اللغويين لإبدال القاف كاف ومناقشات القراء في إدغام القاف في الكاف أنهم يتحدثون عن القاف القرآنية الشديدة المهموسة ، ويمكننا أن نلحظ ذلك في قول الفراء عند تفسير قوله (جل وعز):(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ ) ( التكوير : 11): نزعت وطويت ، وفى قراءة عبد اللّه : «قشطت» بالقاف ، وهما لغتان ، والعرب تقول : (القافور) و(الكافور) ، و(القفّ والكفّ) إذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في اللغات[6].
وهذا لا يعني أن الحرفين يمثلان وحدة صوتية واحدة وإنما يعني أن المعاقبة بين الحرفين واقعة عند بعض العرب ، وأن ذلك ليس مجهولا عند العرب ، أما من لا يستطيع أن ينطق بالقاف ويأتي بها كافا مطلقا فقد عدّ ذلك الجاحظ من قبيل اللكنة وممن ابتلي بها وذكره الجاحظ في البيان والتبيين :"أبو مسلم صاحب الدعوة وكان جيد الألفاظ جيد المعاني وكان إذا أراد أن يقول : (قلت له) ، قال: ( كلت له.)[7]
وهذا أيضا يشهد للقاف القرآنية المسندة التي ينطقها أئمة القراء حتى يومنا هذا ؛ إذ لا يتصوّر أن من ينطقها(g) : أي : (جاف) سوف تأتي لكنته بها (كاف) ، وإنما المتصوّر أن من ينطقها ( قاف ) تكون لكنته بها ( كاف ) .
4- وصف ابن الجزري للقاف بأنه أصل حروف القلقلة " لأنه لا يقدر أن يؤتى به ساكناً إلا مع صوت زائد لشدة استعلائه"[8]. ينطبق على القاف القرآنية شديدة الاستعلاء أما القاف اليابسة المجهورة التي يدندن حولها أرباب التحقيق والتحرير فإنها دون ذلك.
5 -كما تأكد لدينا من خلال إدغام القاف في الكاف إدغاما كاملا أن القاف المدغمة ليست اليابسة المجهورة إذ لو كانت كذلك لأدغمت الضعيف في القوي كما هو شائع في باب الإدغام ؛ فالأقوى يبتلع الأضعف ولكن الذي حدث أن القاف هي التي أدغمت في الكاف وقد وردت به القراءة القرآنية ،قال ابن الجزري عند حديثه عن إدغام القاف في الكاف :وذلك " إذا تحرك ما قبل القاف وكان بعد الكاف ميم جمع نحو :(خلقكم، رزقكم، صدقكم واثقكم، سبقكم"[9] وقوله : "أجمع رواة الإدغام عن أبي عمرو أن إدغام القاف في الكاف إدغاماً كاملاً يذهب معه صفة الاستعلاء ولفظها ،وليس بين أئمتنا في ذلك خلاف ، وبه ورد الأداء وصح النقل ، وبه قرأنا وبه نأخذ ولم نعلم أحداً خالف في ذلك".[10]
6- كما تأكد لدينا من خلال ما طرحه مكي بن أبي طالب في الرعاية من ضرورة التحفظ عند نطق القاف وبيانها إذا جاء بعدها كاف أو قبلها لئلا يشوبها شيء من لفظ الكاف لقربها منها ، أو يشوب الكاف شيء من لفظ القاف[11] – أن الحديث هاهنا متجه للقاف القرآنية الخالصة .
7 -كما تأكد لدينا من خلال تعجب ابن عربي (ت:638هـ ) من شيوخ المغرب أنهم لا يعقدون القاف(لا ينطقون بها مجهورة ) على الرغم من أنها منقولة من العرب ، ويتمسكون بالقاف الخالصة ( القاف القرآنية المهموسة ) وحدها ، أن مزعمة التطور والتغيير ليس لها وجود إذ القاف الخالصة هي المستعملة عند شيوخ القراءة في عهد ابن عربي ، وهؤلاء الشيوخ أخذوها عن شيوخهم مسندة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) .
وإليكم نص ابن عربي القاطع في دلالته على فصاحة القاف الخالصة المهموسة :" فأما شيوخنا في القراءة فإنهم لايعقدون القاف ، ويزعمون أنهم هكذا أخذوها عن شيوخهم وشيوخهم عن شيوخهم في الأداء إلى أن صلوا إلى العرب أهل ذلك اللسان وهم الصحابة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم )كل ذلك أداء، وأما العرب الذين لقيناهم ممن بقي على لسانه ما تغير كبنى فهم فإني رأيتهم يعقدون القاف وهكذا جميع العرب فما أدري من أين دخل على أصحابنا ببلاد المغرب ترك عقدها في القرآن !! [12]
وقد يزعم المنادون بالتحقيق والتحرير أن ابن عربي هذا صوفي ضال ، قلنا : إن الرجل ينقل لنا واقعة حال في حقبة تاريخية لا علاقة لها بالعقيدة أو التصوف!!
ومهما يكن من أمر فإن ابن خلدون نفسه يشير في المقدمة إلى ما أشار إليه ابن عربي وهو يحدثنا عن وجود أكثر من صورة نطقية في عصره ببلاد المغرب لصوت القاف :
· قاف أهل الأمصار: التي من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى.
· ما ينطقون به من مخرج الكاف، وإن كان أسفل من موضع القاف وما يليه من الحنك الأعلى .( وهذه تنطبق على القاف التي كالكاف وقد وردت بها قراءة ابن مسعود وعرضنا لها سابقا) .
· قاف متوسطة بين الكاف والقاف . وهي القاف المعقودة اليابسة ،ويذكر (ابن خلدون ) أن هذه القاف المتوسطة هي الشائعة، وهي علامة على الجيل العربي لعهده ، من بين الأمم والأجيال، وبها يتميز العربي الصريح من الدخيل في العربية والحضري.ثم يستنتج (ابن خلدون ) أنها لغة مضر بعينها، فلم يبتدعها هذا الجيل، بل هي متوارثة فيهم متعاقبة .
وإليكم ذلك النص االقاطع من تاريخ ابن خلدون أنقله كاملا لأهميته : "ومما وقع في لغة هذا الجيل العربي لهذا العهد حيث كانوا من الأقطار شأنهم في النطق بالقاف ، فإنهم لا ينطقون بها من مخرج القاف عند أهل الأمصار كما هو مذكور في كتب العربية أنه من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى وما ينطقون بها أيضا من مخرج الكاف وإن كان أسفل من موضع القاف وما يليه من الحنك الأعلى كما هي بل يجيئون بها متوسطة بين الكاف والقاف وهو موجود للجيل أجمع حيث كانوا من غرب أو شرق حتى صار ذلك علامة عليهم من بين الأمم والأجيال مختصا بهم لا يشاركهم بها غيرهم حتى إن من يريد التقرب والانتساب إلى الجيل والدخول فيه يحاكيهم في النطق بها ،وعندهم أنه إنما يتميز العربي الصريح من الدخيل في العروبية والحضري بالنطق بهذه القاف ،ويظهر بذلك أنها لغة مضر بعينها فإن هذا الجيل الباقين معظمهم ورؤساؤهم شرقا وغربا في ولد منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان من سليم بن منصور ومن بني عامر ابن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور وهم لهذا العهد أكثر الأمم في المعمور وأغلبهم وهم من أعقاب مضر وسائر الجيل منهم في النطق بهذه القاف".[13]
إن هذا النص يمثل وثيقة تاريخية تثبت أن القاف القرآنية الخالصة المهموسة التي نبذها بعض القراء المعاصرين كانت هي السائدة في عصر ابن عربي وابن خلدون في أداء أئمة القراءة وأن القاف المعقودة كانت هي السائدة في أداء العامة وأن الرجلين ينافحان لإثبات أن القاف المعقودة يجب أن تحترم !! ويعجبان لإعراض القراء عنها ولعدم نقلها بطريق متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
8- كان حريا أن يلتفت أساتذة اللغة ومشايخ القراءات أن مخالفات سيبويه المتعددة لما وردت به القراءة القرآنية يدل على أن الرجل كان له منهج يعتمد على وصف اللهجات العربية في بيئات لغوية لها خصوصيتها الزمانية والمكانية , وأن الرجل أقام قواعده ومفهومه للفصاحة على الشائع من هذه اللهجات وخصوصا لهجة أهل الحجاز .ويبدو أن تمسك بعض العرب بقراءة القرآن بهذه اللهجات هو الذي ورط سيبويه وطمأنه على سلامة منهجهه !!
9- ويمكننا أن نلاحظ أيضا من خلال ترجمة أبي حيان الأندلسي أنه كان ينطق بالقاف المعقودة المجهورة كما هي في لهجة أهل الأندلس ولكنه مع ذلك لا ينطق بها في القرآن إلا فصيحة . [14]
10- ولذلك رأى الفقهاء أن القاف المعقودة المجهورة قاف الأميين والعامة وأنه لا تجوز قراءة القرآن بها . ومن هنا استقرّ العرف الفقهي على كراهية قراءة القرآن الكريم بالقاف المعقودة لكون القراءة لم تأت مسندة بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم من خلال شيوخ القراءة ،ومن هنا أشار الشيخ زكريا الأنصاري إلى أنه لو نطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف صحَّ مع الكراهة ، وقال النووي في المجموع فيه نظر لأنه لم يأت بهذا الحرف ورجّح عندئذ إعادة الصلاة للمأموم إذا كان قارئا يحسن القراءة متابعا في ذلك البغوي وغيره لكون الشافعي قد نصّ أنه لا تجوز صلاة قارئ خلف أميّ.[15]
وموقف النووي يبين بجلاء أن الأميّ العاجز عن الإتيان بالقاف الخالصة وضاق وقت التعلم لزمه أن يصلي ويقضي ،وصلاة مثله خلفه صحيحه أما القارئ فإنه لا يجوز له أن يكون مأموما لأميّ.
11- وهذه مسألة مهمة ينبغي أن يدركها اليمنيون على الخصوص ؛ لأنني رأيت بعض طلبة العلم اليمنيين يتساهلون في ذلك ،ويقرؤون بالقاف المعقودة مع مقدرتهم على الإتيان بالخالصة معتقدين أن ذلك يجزئ في قراءة الفاتحة ، وقد غفلوا عن أن ذلك معفو عنه في حق من لا يستطيع الإتيان بالخالصة المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من العامة والأميين .
أما من يقول : بأن نطق القاف جاف لحن لا يغير المعنى فهذا وهم منه فيه نظر ؛ "لِأَنَّ تَغْيِيرَ الْمَعْنَى ليس الْمُرَادُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ رَفْعَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ من أَصْلِهِ بَلْ أَنْ يَصِيرَ وَضْعُ الْكَلِمَةِ لَا يُفْهِمُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ بِتَمَامِهِ".[16]والمعتمد أنه متى تعمد الإبدال ضر وإن لم يغير المعنى لأن الكلمة حينئذ صارت أجنبية.
12- أما ما جاء في بغية المسترشدين من مساواة المعقودة بالخالصة وأن الصلاة بها صحيحة وأن مذهب السلف من السادة العلويين والجمهور عند السادة الشافعية القراءة بها وأن صاحب القاموس أشار إلى أنها لغة فصيحة وأن العمل في المسائل الخلافية عند السادة العلويين يتبع ما عليه سلفهم وإن كان مرجوحا لتقواهم[17] – فمحل نظر للأسباب الآتية :
= الواضح الجلي المعمول به في المذهب أنه لا يجوز القراءة بلغة العامة وإنما القراءة تتم بعربية القرآن المنقولة من خلال أئمة القراءة المتسلسلين إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
= المعروف أن السادة العلويين الحضرميين يقرأون بالقاف المعقودة لأنها لغة أهل حضرموت التي ألفوها ، ولم يزعم أحد منهم أنه تلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم.
= الزعم بأن صاحب القاموس أشار إلى أنها لغة فصيحة أمر فيه غير قليل من التسرع لأن صاحب القاموس لم يتحدث عن القاف المعقودة صراحة وإنما كان يتحدث عن أن :"الكحْط : لغة في القَحْط فَصيحة [18] والاستشهاد بهذا غير واضح لأن كلام صاحب القاموس يحتمل أن إبدال الكاف من القاف الخالصة في كلمة القحط لغة فصيحة ، كما أنه يحتمل كذلك أن إبدال القاف المعقودة (والتي كانت ترسم قديما في الكتابة كافا) من القاف الخالصة في كلمة القحط لغة فصيحة .والذي يتوجه إليه كلام صاحب القاموس جعل الإبدال هاهنا بين الكاف والقاف وهذا يرجحه إثبات الفراء الإبدال بين الكاف والقاف في (كشطت )في قراءة ابن مسعود وقد سبق بيانه آنفا في مقدمة المبحث .
وإذا افترضنا أن صاحب القاموس كان يتحدث عن القاف المعقودة _ وهو افتراض ضعيف _ فإن هذا لا دلالة فيه على كون الإبدال مطلقا في جميع كلم العربية فصيحا!!
= إخراج المسألة في صورة راجح ومرجوح ليس له وجه هاهنا لأن محرر المذهب الإمام النووي ومعه كوكبة من الفاقهين الربانيين يسروا على العامة والأميين ولم يحملوهم فوق طاقتهم ، والخلاف عندئذ متجه فيمن يستطيع التفريق ولكنه لم يأت به تكاسلا أو سهوا لعدم اعتياده ،وهذا فيه قولان : عدم الإجزاء ، والصحة مع الكراهة .
أما من يلتزم بنطق الأميين والعامة في قراءة القرآن مع مقدرته على الإتيان بالفصيح المنقول عن سيد الخلق ويتبنى ذلك ويدعو إليه مكابرة أو ميلا إلى عصبية فإن الصلاة وراءه وتكثير سواده فتنة !! [19]
13- بقي أن نشير إلى أن هذه القاف القرآنية الخالصة لها مكانتها في اللهجات العربية في شبه الجزيرة العربية صحيح أنها ليس لها وجود في المملكة العربية السعودية في العصر الحديث ولكنها "تنطق كما ينطقها مجودي القرآن اليوم مقلقلة في مناطق من (خولان) صنعاء" [20] كما أنها توجد في (تعز) في اليمن الشقيق.
14-والمهم في ذلك كله أن يدرك القارئ أن القاف الخالصة لم تكن هي وحدها الشائعة قديما وأن المعقودة لم تخترع اختراعا ، قال أبو حيان : وأما القاف المعقودة فقد قال السيرافي عنها : رأينا من يتكلم بالقاف بينها وبين الكاف، قال أبو حيان وهي الآن غالبة على لسان من يوجد في البوادي من العرب ، حتى لا يكاد عربي ينطق إلا بالقاف المعقودة ، لا بالقاف الخالصة الموصوفة في كتب النحويين ، والمنقولة عن وصفها الخالص على ألسنة أهل الأداء من أهل القرآن [21].
15- والفيصل في هذا كله أن يعلم طالب العلم أن جهر القاف هو سبب المشكلة لأن المجهورة تنطبق على اليمنية أو المعقودة أو اليابسة (سمّها ما شئت) ؛ أما من يقولون: " إن المجهورة ليست المعقودة لكون المعقودة كافا مجهورة ومخرج الكاف ليس من مخرج القاف فهؤلاء واهمون .
لأن المعقودة هي المجهورة نفسها كل ما في الأمر أن القاف المعقودة وإن كانت من مخرج الكاف إلا أن جهرها مع اقترابها من موقع اهتزاز الأحبال الصوتية في أقصى الحلق يجعلك تشعر بأنها أقرب إلى الحلق من الكاف وهذا واضح من خلال التجربة الذاتية ومن هنا جعلها سيبويه أعمق من الكاف قليلا .
فما يشنشن به بعض المعاصرين من أن الحرف قد اندثر وليس له وجود هذر لا قيمة له ، وما يحاوله بعض المتحذلقين من نطق الحرف مجهورا من مخرج القاف الخالصة المهموسة فينطق به وكأنه يتقيأ أداء ساذج لا يعقل أن ينطق به بشر نطقا طبيعيا منسجما مع التسلسل الصوتي لأصوات الكلمة .
إن عظمة القرآن في اختيار البنية الصوتية التي تؤكد على الوضوح والبيان و الانسجام الصوتي يعد مبحثا من مباحث الإعجاز البياني التي لم تدرس بعد ؛ فاختيار أصوات القرآن كان عملا إعجازيا أساء أرباب التحقيق والتحرير التعامل معه.


[1] - فقه اللغات السامية لكارل بروكلمان ( مرجع سابق) : ص48

[2] - التطور النحوي للغة العربية ( مرجع سابق ): ص17

[3] - تحقيقات في التلقي والأداء ( مرجع سابق) ص 130

[4] - يسميها شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري قاف العرب و المراد بالعرب أجلافهم وأما الفصحاء منهم فلا ينطقون بذلك ، كما أنه أطلق على القاف القرآنية القاف الخالصة .يطالع في ذلك : حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ( بيروت : دار الفكر د.ت) (ج 1 / ص 346)

[5] - النشر في القراءات العشر :(ج 1 / ص 226) وابن الجزري في تحديد المخرج لم يخالف سيبويه وإنما نقل ذلك التحديد من الكتاب لسيبويه ، ونصه عند سيبويه :" ومن أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف ومن أسفل من موضع القاف من اللسان قليلاً ومما يليه من الحنك الأعلى مخرج الكاف". كتاب سيبويه ج 4/ ص 433 وواضح من هذا أن سيبويه لم يذكر أنها لهوية ويبدو أن ابن الجزري أكمل ذلك من كتاب العين للخليل بن أحمد ونصه عند الخليل : "القاف والكاف لهويتان ". العين ج 1 / ص 58

[6] - أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء : معاني القرآن للفراء، تحقيق : محمد على النجار وآخران ( القاهرة : الدار المصرية للتأليف والترجمة ): ج 1 / ص 150، وهذه المعاقبة بين الكاف والقاف تثبت من جهة أخرى أن المزعمة العريضة التي تدعو إلى تحويل صوت القاف القرآنية إلى جاف أو غاف لأنها مجهورة في العربية القديمة ومهموسة في العربية الحديثة في حاجة إلى إعادة نظر .

[7] - البيان والتبيين : (مرجع سابق ) ص 53

[8] - النشر في القراءات العشر : (ج 1 / ص 229)

[9] - المرجع السابق : (ج 1 / ص 326)

[10] - النشر في القراءات العشر : (ج 1 / ص 342)

[11] - الرعاية : ص 171

[12] - الفتوحات المكية في معرفة الأسرار الملكية محيي الدين بن علي بن محمد الطائي الخاتمي دار النشر : دار إحياء التراث العربي - لبنان - 1418هـ- 1998م ) ج 2 / ص 662

[13] - عبد الرحمن بن خلدون : تاريخ ابن خلدون ( بيروت: دار الفكر 2001 )ج 1 / ص 768ومابعدها )



[14] - يطالع ذلك في: نفح الطيب 2/541 والوافي بالوفيات 5/176 ونكت الهميان في نكت العميان 1/118

[15] - يطالع ذلك في: أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج1/151 والإقناع للشربيني 1/134 ونهاية المحتاج 1/481 والمجموع للنووي 4/235

[16] - الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي: (ج 1 / ص 142)

[17] - بغية المسترشدين : عبد الرحمن بن محمد بن حسين بن عمر باعلوي (بيروت : دار الكتب العلمية 2005) ص 84

[18] - القاموس المحيط :ص 884

[19] - من المهم أن يعلم القارئ أن السادة العلويين الحضرميين ليسوا سواء في ذلك فقد سمعت بأذني رأسي الفقيه اليمني الأصولي الحبيب عمر الجيلاني في شرحه للمقدمة الحضرمية يفتي بقول ابن حجر الهيتمي في أن القراءة بالقاف المعقودة لا تجزئ .

[20] -دراسات في لهجات شمال وجنوب الجزيرة العربية : أحمد حسين شرف الدين (الرياض : مطابع الفرزدق 1404) ص30

[21] - ارتشاف الضرب من لسان العرب : أبو حيان الأندلسي ، تحقيق رجب عثمان محمد (القاهرة مكتبة الخانجي 1998) ج1/ ص16