تحوّل الصدقة
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله r وبرمة على النار فقُرِّب إليه خبز وأدم من أدم البيت فقال:"ألم أر البرمة؟!". فقيل: لحم تُصدِّق به على بريرة ـــ مولاة لعائشة رضي الله عنها ـــ، وأنت لا تأكل الصدقة. فقال r :"هو عليها صدقة ولنا هدية". متفق عليه .
وعن أم عطية رضي الله عنها قالت:"بعث إلي رسول الله r بشاة من الصدقة، فبعثت إلى عائشة منها بشيء؛ فلما جاء رسول الله r قال:"هل عندكم من شيء؟" فقالت: لا، إلا أن نسيبة بعثت إلينا من الشاة التي بعثتم بها إليها. فقال:"إنها قد بلغت محلها". متفق عليه.
وعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن رسول الله r دخل عليها فقال:"هل من طعام؟". فقالت: لا والله ما عندنا طعام إلا عظم من شاة أعطيتها مولاتي من الصدقة. فقال:"قدميها فقد بلغت محلها". رواه مسلم.
فدلّت هذه الأحاديث على أن الصدقة إذا صرفت لمستحقها فإنها تكون ملكا من أملاكه ولا حرج بعد ذلك مما لو أعطى منها الهاشمي على وجه الهدية والصلة مما يجوز له الأخذ منه، وذلك لأن هذه الصدقة بأخذ مستحقها لها تحوّلت من كونها صدقة وصارت شيئاً آخر، إلا إذا نوى بها صاحبها الذي أخذها إخراجها على وجه الصدقة فعند ذلك لا يجوز للهاشمي الأخذ منها على ما قد سبق بيانه .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :" قوله: " قربيه، فقد بلغت محلها". هو بكسر الحاء أي زال عنها حكم الصدقة وصارت حلالا لنا".أهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار): "قوله: "بلغت محلها" أي إنها لما تصرفت فيها بالهدية لصحة ملكها لها انتقلت عن حكم الصدقة فحلت محل الهدية وكانت تحل لرسول الله r بخلاف الصدقة كما تقدم كذا قال ابن بطال.
ثم قال رحمه الله: "وفي الحديثين أيضا دليل على أنه يجوز لمن تحرم عليه الصدقة الأكل منها بعد مصيرها إلى المصرف وانتقالها عنه بهبة أو هدية أو نحوها". أهـ .

من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)