الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين. أما بعد:
أحدثكم اليوم عن نوع من الغلو قليلا ما ينتقد وهو الغلو في التعامل مع المرأة و الذي لامسته في كثير من الشباب حديثي الالتزام لا سيّما العزّاب منهم تجدهم يتعاملون معها بحزازية مفرطة و هم ينتقدونها باستمرار بل و لأتفه الاسباب فلربما اذا ما مرت اخت محتشمة فضلا عن متبرجة مرة قريبا منه و لو افتراضيا كمن تمر بمنشوره فتضع اعجابا ...تراه ينقبض ثم يهتز و ينتفض كمن صعقه الكهرباء ثمّ ينقلب متاففا أف أف يا سبحان الله...فمابالك لو كتبت تعليقا لثارت ثائرته فأشبعها سبا و لعنا و خصّها بمنشور يشهّر بها فيه فتراه يزايد مزايدة صانعي الأفلام يصورفيها نفسه البطل الهمام فارس الأحلام الذي تلاحقه نساء العالم ليظفرن بالزواج منه و في الحقيقة هو قد تجاوز حده و أخذته نشوة العزّ بالاثم حيث حوّل الموضوع و من ثمّة اختزله في ملاحقة أنثى له من أجل زواج ...وممّا يزيده عزا بهذا الاثم تفاعل مرضى القلوب سفهاء الأحلام من حوله الذين استخف عقولهم فأعانوه انّهم في غمرتهم يعمهون فلايدرون أنّ أمهاتهم و جداتهم و أخواتهم و عمّاتهم و خالاتهم...قبل الكل يظلمون والله انّ هذا غلو ما بعده غلو .
هل هكذا يصنع بوصيّة النبيّ صلى الله عليه و سلّم؟! أم هكذا عاملهن النبيّ صلى الله عليه و سلّم؟!...
لا أجد لكل هذه الاسئلة إجابة غير أنّ هذا الشاب باعتباره عيّنة قبل التزامه كان شديد القرب منهنّ و ربمّا الى حدّ الانغماس فيهن و لا أكون مبالغا أذا ما قلت منذ مرحلة رياض الأطفال الى مرحلة ما بعد الجامعة و حين توبته من هذا الاختلاط المذموم وجد نفسه مستقطبا من خطاب دعويّ ساذج و سطحي لتيّار مغال في ظاهريته يظنّ من خلالها أنّ التأسيس لمعاملة المرأة محرما له كانت أو أجنبيّة عنه يكون منطلقها تكريس دونيتها بالتركيز و الدندنة حولها بعبارات محددّة مجتزئة و مخرجة من سياقها لا تمت لمكانة المرأة في الاسلام بصلة من ذلك : عورة خطيئة, فتنة, ناقصات عقل و دين...و لم يكلفوا أنفسهم و لو بحثها على مضض و كلّ هذا كفيل بأن ينشأ و يكوّن عند هؤلاء الشباب خلفية مخالفة لما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم ومن كل جوانبها تجعلهم يزدرون بها النساء قاطبة ابتداءا من أمهاتهم اللاتي أنجبنهم...وصولا للأجنبيّات المتبرجات من باب أولى وهذا في نظري أرضية خصبة لانبات العنف ضد المراة و الله المستعان.
ملاحظة : من الموافقات العجيبة أنّي منذ مدّة والموضوع يشغلني لكنّي اتردد في الكتابة فيه و أسوّف ذلك الى أن وفقني الله ليلة 8 مارس 2017 لكتابته و قبل ان انتهي منه و انا اقلب صفحات النات وجدت انّ ذلك يصادف الاحتفال باليوم العالمي للمراة فربّما كان الوقت أدعى لاثارة مثل هذه المواضيع و مباحثتها بالرغم من أنّي لست ممن يحبذ هذه المناسبات لأنّ المرأة لابدّ ان نحتفي بها جميعا سائر أيّام السنة لكن لابأس أن تغتنم مثل هذه الفرص لتعريف الناس بقضاياها و الله تعالى أعلم.