تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 121

الموضوع: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

  1. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وَهُوَ مَذمومٌ﴾ [القلم: 49]

    *قوله {لَولا أَن تَدارَكَهُ}:* أَدْرَكَتْهُ.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال الواحدي في الوجيز، والجلال المحلي في الجلالين: أدركه.

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: ويقال: تداركه الله تعالى برحمته: أي أدركه، وتداركته رحمة ربه {لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّه}.

    *قوله {نِعمَةٌ}:* أي رحمة.

    يعني لولا أن أدركه الله برحمته؛ بأن ألهمه التوبة ووفقه إليها وقبلها منه، أي وفق يونس - عليه السلام -. كما وفق أباه آدم من قبل، قال تعالى {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.

    فرحمة الله أجل النعم. ونظيرتها قوله تعالى {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}: وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي: أي ولولا رحمة ربي بي لكنت من المشهدين عذاب جهنم.

    قال سراج الدين النعماني في اللباب: {ولولا*نعمة*ربي} أي*رحمة*ربي، وإنعامه علي بالإسلام.

    قال الكفوي في الكليات: {لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَة}: يعني توفيق التوبة وقبولها.

    قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {ولولا*نعمة*ربي*ل كنت*من المحضرين} أي:*ولولا*رحمة*رب ي*لكنت*من المحضرين*النار أي: الذين دخلوا النار.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {لولا أن تداركه نعمة من ربه} فتاب.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ}: رحمة.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل، والواحدي في الوجيز.

    قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: {لَولا أَن تَدارَكَهُ}: ولكن تدار كه نعمة. يعني رحمة من ربه.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: ثم قال تعالى: {لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ. . .}: أي رحمة فرحمه.*

    قال السمرقندي في بحر العلوم: {لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ} يعني: لولا النعمة والرحمة التي أدركته من الله تعالى.

    قال الزمخشري في الكشاف: ونعمة ربه: أن أنعم عليه بالتوفيق للتوبة وتاب عليه.

    قال القاسمي في محاسن التأويل: {لولاأن*تداركه*ن مة*من*ربه}*وهو قبول توبته ورحمته، وتضرعه وابتهاله.

    *قوله {لَنُبِذَ}:* لطُرِحَ، ولألقيَ، ولترك، ولرمي به من بطن الحوت. وأصل النبذ: الطرح والالقاء، والترك، والرمي. تقول: نبذت كلامي: أي تركته.

    ومنه ما رواه الشيخان من حديث ابن عمر، وفيه: وَاللهِ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا*فَنَبَذ *النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أي فطرح، وألقى الناس خواتيمهم وكانت من ذهب.

    ومنه ما رواه الشيخان، من حديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: هَلْ سَأَلْتَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا يُكْرَهُ*أَنْ*يُ نْتَبَذَ*فِيهِ فَقَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا*نَهى*النّ َبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ*أَنْ*ي ُنْتَبَذَ*فِيهِ قَالَتْ: نَهَانَا فِي ذَلِكَ، أَهْلَ الْبَيْتِ،*أَنْ* نَنْتَبِذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ*

    قال اليفرني في الاقتضاب قوله: "نهى أن ينتبذ". [النبذ] أصله:الطرح*والرم ي والترك.

    قال الطبري في تفسيره: وأما*النبذ*فإن أصله في كلام العرب*الطرح، ولذلك قيل للملقوط: المنبوذ؛ لأنه مطروح مرمي به، ومنه سمي النبيذ نبيذا، لأنه زبيب أو تمر يطرح في وعاء ثم يعالج بالماء.*

    قال أبو الربيع سليمان بن بنين*في اتفاق المباني واختلاف المعاني: والنبذ*الطرح.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ}: لينبذن*في الحطمة: أي*ليلقين*هذا الذي جمع مالا فعدده في الحطمة وهي اسم صفة من أسماء النار لأنها تحطم من فيها.
    قاله ابن كثير في تفسيره.

    ومنه {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ}: أي*ألقيناهم*ي اليم وهو البحر هو مليم أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
    قاله ابن كثير في تفسيره.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ومعنى (نبذناهم)*ألقينا م، وكل شيء ألقيته تقول فيه قد نبذته. ومن ذلك نبذت النبيذ، ومن ذلك تقول للملقوط منبوذ لأنه قد رمي به.

    ومنه {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي}: فنبذتها: أي*طرحتها*في العجل.
    قاله القرطبي في تفسيره.

    ومنه {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}: اطرح إليهم عهدهم.
    قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

    قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: أي ألق عهدهم إليه، وآذنهم بالحرب ولا تأخذهم على غرة.

    ومنه {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}: {فنبذوه وراء ظهورهم}: أي رموه وطرحوه.*
    قاله السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.

    قال أبو السعود في تفسيره: {فنبذوه}*النبذ*ال رمي*والإبعاد أي طرحوا ما أخذ منهم من الميثاق الموثق بفنون التأكيد وألقوه.

    قال الزبيدي في تاج العروس: (النَّبْذُ: طَرْحُكَ الشيْءَ) مِن يدِك (أَمامَك أَو وَرَاءَك، أَو عَامٌّ) ، يُقَال: نَبَذَ الشيْءَ، إِذا رَمَاه وأَبْعَدَه، ومنه الحديث (فنبذ خاتمه) أي ألقاه من يده، وكل طرح نبذ. ونبذ الكتاب وراء ظهره: ألقاه.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى*{لَنُبِذَ}: لطرح بالفضاء من بطن الحوت.
    قاله الواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره.

    إلا أن الواحدي قال: لطرح حين ألقاه الحوت.

    قال مجير الدين العليمي في تفسيره: لأُلقي*من*بطن الحوت.

    قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: لألقي بوجه الأرض.

    *قوله {بِالعَراءِ}:* أي بالأرض الفضاء، أي الصحراء.

    وسميت " بالعراء " لأنها عارية، أي خالية من الشجر، ونحوه مما يستر. ونبه على العراء، لأنها أرض مهلكة.

    قال الطبري في تفسيره: {لنبذ بِالعَراءِ}: وهو الفضاء من الأرض.

    قال القرطبي في تفسيره: والعراء: الأرض الواسعة الفضاء التي ليس فيها جبل ولا شجر يستر.

    قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والعَراء:*الأرضُ الفضاءُ التي لا يُسْتَتَرُ فيها بشيء. والجمع: أعْراء.

    قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: والعَراءُ بالمد: الفضاء لا سِتر به. قال الله تعالى: (لَنُبِذَبالعرا ).

    قال الهروي في تهذيب اللغة: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِنَّمَا قيل لَهُ عَرَاء لِأَنَّهُ لَا شجر فِيهِ وَلَا شَيْء يغطيه. وَقيل: إِن*العَراءوَجه* الأَرْض*الْخَال ي وَأنْشد:
    ورفعتُ رجلا لَا أَخَاف عِثَارها
    ونبذت بِالْبَلَدِ*الع راءَ*ثِيَابِي.

    قال الألوسي في روح المعاني: (لنبذ*بالعراء) بالأرض الخالية*من الأشجار أي في الدنيا.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى*{لَنُبِذَ بِالعَراءِ} يعني: لطرح بالصحراء. والصحراء هي الأرض التي لا يكون فيها نخل ولا شجر، يوارى فيها.*
    قاله السمرقندي في بحر العلوم.

    قال الواحدي في الوجيز: {بالعراء} بالأرض الفضاء الواسعة لأنَّها خاليةٌ من البناء والإِنسان والأشجار.

    قال الشوكاني في فتح القدير: أي لألقي من بطن الحوت على وجه الأرض الخالية من النبات.

    *قوله {وَهُوَ}:* يعني يونس بن متى - عليه السلام -.
    *قوله {مَذمومٌ}:* أي ندعه مذموماً، بعد أن طرح وألقي بالعراء(1)، ولكنه نبذ غير مذموم، ودليليه ما بعده {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.

    وقوله {فَنَبَذناهُ بِالعَراءِ وَهُوَ سَقيمٌ۝وَأَنبَت نا عَلَيهِ شَجَرَةً مِن يَقطينٍ}: فلو أن الله ذبذه مذموما لما قال: وأنبتنا عليه شجرة من يقطين.

    وكل هذا من آثر رحمة الله ونعمته عليه، وفيه أن الأنبياء كغيرهم يفتقرون إلى رحمة الله وعفوه بلا ريب.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {وهو مَذمومٌ}: أي يذم:، ويلام بالذنب الذي أذنبه ويطرد من الرحمة. والجملة في محل نصب على الحال من ضمير نبذ.
    قاله الشوكاني في فتح القدير.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: {وَهُوَ مَذْمُومٌ} يعني: يذم ويلام. ولكن كان رحمة من الله تعالى، حيث نبذ بالعراء*وهو سقيم وليس بمذموم.

    قال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور: {لنبذ*بالعراء وهو مذموم:} غير مغفور له، فلما سبقت الرحمة، وغفرت له الزلة نبذ بالعراء وهو سقيم غير مذموم.

    قال القرطبي في تفسيره: (لنبذ*بالعراء*وه *مذموم) أي لنبذ*مذموما ولكنه نبذ سقيما غير مذموم.*

    *قال النسفي في مدارك التنزيل: {وهو*مذموم} معاتب بزلته لكنه رحم فنبذ غير*مذموم.

    قال الفراء في معاني القرآن: وقوله:*{لَوْلا*أَ نْ*تَدارَكَهُ*نِ عْمَةٌ*مِنْ*رَبّ ِهِ*لَنُبِذَبِا ْعَراء} حين نبذ- وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: والمعنى أنه قد نبذ*بالعراء*وهو غير مذموم، ويدل على ذلك أن النعمة قد شملته.

    قال الواحدي في البسيط: ولكن ربه منَّ عليه فنبذ*بالعراء*وهو *سقيم، وليس بمذموم*للنعمة التي تداركه.

    قال العليمي في تفسيره: {وَهُوَ مَذْمُومٌ} يُذم ويلام بالذنب، ولكنه رُحم، فُنبذ غيرَ مذموم.

    قال السمعاني في تفسيره: وَقَوله: {وَهُوَ*مَذْمُوم } أَي: نبذ غير*مَذْمُوم، وَلَوْلَا رَحْمَة ربه لَكَانَ*مذموما.
    *
    قال*البغوي في تفسيره: {لَنُبِذَ*بِالْع َراءِ}، لَطُرِحَ بِالْفَضَاءِ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ.

    قال الزمخشري في الكشاف: وقد اعتمد في جواب «لولا» على الحال، أعنى قوله*وهو*مذموم يعنى أن حاله كانت على خلاف الذم حين نبذ*بالعراء، ولولا توبته لكانت حاله على الذم.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: {لَنُبِذَ*بالعرآ ء*وَهُوَ مَذْمُومٌ}: أي: لولا أن الله رحمه وسمع دعاءه من بطن الحوت فأجابه لطُرِحَ بالفضاء من الأرض وهو مذموم.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: (لنبذ*بالعراء*وه *مذموم) هو جواب لولا، والمنفي هو الذم لا نبذه*بالعراء، فإنه قد قال في الصافات فنبذناه*بالعراء* فالمعنى لولا رحمة الله*لنبذ*بالعرا ء*وهو*مذموم، لكنه نبذوهو*غير مذموم.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):

    ﴿لَولا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعَراءِ وَهُوَ مَذمومٌ﴾ [القلم: 49].
    لولا أن رحمة الله أدركته لنبذه الحوت إلى أرض خلاء وهو مَلُوم.
    .......................
    (1): قال الماوردي في النكت والعيون: {وهو مذموم} فيه وجهان: أحدهما: بمعنى مليم. الثاني: مذنب، قاله بكر بن عبد الله، ومعناه أن ندعه مذموماً.
    ....................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*
    *

  2. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿فَاجتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحينَ﴾ [القلم: 50].

    *قوله {فَاجتَباهُ رَبُّهُ}:* أي فاختاره، واصطفاه. يعني: صحاب الحوت، يونس - عليه السلام -.

    وأصل الاجتباء: الاختيار، والاصطفاء.

    قال الجرجاني في درج الدرر: و(الاجتباء):*الاخ تيار، أصله من اجتبيت الماء، إذا حصلته لنفسك.

    قال الفارابي في معجم ديوان الأدب: الاجتباء:*الاصطف اء.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان، والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: الاجتباء:*الاختي ار*والاصطفاء.

    إلا أن الشنقيطي قال: الاجتباء*في اللغة العربية معناه*الاختيار، والاصطفاء.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}: أي لولا اخترتها، واختلقتها من عندك؛ تعريضا منهم - قاتلهم الله - بأنه يختلق القرآن.

    قال الطبري في تفسيره: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}: هلا اخترتها واصطفيتها.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي هلا اخترت لنا آية من عندك. قال الله: {قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي}.

    قال الهرري في حدائق الروح الريحان: {لولا*اجتبيتها}: أي: هلا*اصطفيت تلك الآية واخترعتها وأنشأتها من عند نفسك، كما اخترعت واختلقت ما قبلها.

    ومنه {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}: أي يختارك.
    قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه.

    إلا أن الزجاج قال: معناه: يختارك ويصطفيك.

    قال الشوكاني في فتح القدير: أي ومعنى*الاجتباء:* لاصطفاء، وهذا يتضمن الثناء على يوسف وتعديد نعم الله عليه.

    ومنه {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}: يقول:*الله يصطفي*إليه من يشاء من خلقه، ويختار لنفسه وولايته من أحب.
    قاله الطبري في تفسيره.

    ومنه {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاء}: يَجْتَبِي: يصطفي*ويختار.
    قاله السمين الحلبي في الدر المصون.

    ومنه {وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِ مْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاه ُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: ومعنى قوله: (واجتبيناهم): مثل*اخترناهم، وهو مأخوذ من جبيت الماء في الحوض إذا جمعته.
    قاله للزجاج في معاني القرآن.

    قال البغوي في تفسيره: واجتبيناهم، اخترناهم*واصطفي اهم، وهديناهم، أرشدناهم، إلى صراط مستقيم.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {فَاجتَباهُ رَبُّهُ}: أَي: اصطفاه وَاخْتَارَهُ.
    قاله الطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره.

    إلا أن الطبري قال: يعني: اصطفاه، واختاره لنبوته.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: {فَاجْتَباهُ} معناه: اختاره واصطفاه.*

    *{فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين}:* أي من المرسلين.

    يعني: فصيره رسولا تارة أخرى، وأعاد إليه النبوة. دل عله فعل "جعل"، فالجعل هنا بمعنى التصيير؛ كما في قوله {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}: أي صيرناه.

    فقوله تعالى {فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين}: أي صيره نبيا رسولا إلى قومه، بعدما اقترف ما يستوجب حرمانه منها، فولو شاء الله لحرمه النبوة بمخالفته، ولكنه تمنن عليه، وتداركه، وخلصه من الذم. قال الله {وَأَرسَلناهُ إِلى مِائَةِ أَلفٍ أَو يَزيدونَ}: أي أرسلناه بعد المخالفة، والتوبة منها إلى قومه مرة أخرى إلى، وبدليل ما بعده {فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُم ْ إِلَى حِينٍ}، ونبه على إثبات الرسالة له بقوله {فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين}: أي من المرسلين.

    قال الهرري في حدائق الروح والريحان: وقوله: {فاجتباه ربه} معطوف على مقدر، أي: فتداركته نعمة ورحمة من ربه، فاصطفاه وجمعه*إليه، وقربه بالتوبة عليه بأن*رد*إليه*الوح ، وأرسله إلى مئة ألف أو يزيدون.

    قلت: وحكى جمع من أهل العلم، من أرباب التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى (فجعله من الصالحين): قال: رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ الْوَحْيَ وَشَفَّعَهُ فِي قَوْمِهِ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين}: يعني*من*المرسلين .
    قال الطبري في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم.

    زاد الطبري: العاملين بما أمرهم بهربهم، المنتهين عما نهاهم عنه.

    قال الزمخشري في الكشاف، وأبو حيان في البحر المحيط، والجلال المحلي في الجلالين، ومجير الدين العليمي في تقسيره، وإلايجي الشافعي في جامع البيان: أي الأنبياء.

    إلا أن الزمخشري قال: أي*من*الأنبياء.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: {فَجَعَلَهُ*مِنَ *الصالحين}: أي اختاره للنبوّة*فجعله*صا لحاً، أي رفعه للعمل الصالح.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: قوله تعالى: {فاجتباه ربه*فجعله*من الصالحين}: بينه تعالى بقوله: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين}.

    قلت (عبدالرحيم): ويشهد له أمران:

    الأول: نص القرآن على رسالته، كما في قوله تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}: والشاهد قوله (ويونس).

    الأمر الثاني: مما يشهد أن المراد بالاجتباء، والصلاح الرسالة في قوله (فاجتباه ربه فجعله من الصالحين) قوله تعالى - على لسان نبيه سليمان -: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}:
    قال الطبري في تفسيره: مع عبادك الصالحين الأنبياء والمؤمنين.

    وقال - في الاجتباء - {وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِ مْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاه ُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: واجتبيناهم*أي: اخترناهم*للرسال .
    قاله ابن عجيبة في البحر المديد.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {واجتبيناهم}: استخلصناهم*للنب ة.

    قال*أبو السعود في تفسيره، والقاسمي في محاسن التأويل: {واجتبيناهم}*للن وة والكرامة.

    انتهى*

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: {فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين}: هذا تخليص له من الذم.

    قلت (عبدالرحيم): يشير - رحمه الله - إلى قوله تعالى {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ}: يعني لولا أن أدركته رحمة من ربه لنبذ مذموما، ولكنه نبذ غير مذموم، فبهذا عافاه، وخلصه الله من الذم.

    انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
    .....................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  3. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.* *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى

    ﴿الحاقَّةُ﴾ [الحاقة: 1].

    *قوله {الحاقَّةُ}:* يعني القيامة. أي: القيامة هي الحاقة.

    سميت بالحاقة: لأن فيها حواق الأمور كلها؛ فهي تُثْبِتُ وتوجبُ، وتحقُ الحقَ الذي تنازع فيه أهل الدنيا، تحق ما تنازعوا وتخاصموا فيه في ربهم، وتوجب الحق لأهله، وتحق الجنة لأهلها، والنار لأهلها، وتحق الحق كله، ويتحقق فيه الثواب، والعقاب. فليس يوم القيامة إلا الحق والعدل؛ فهي حق في وقوعها، وتحق ما يجب احقاقه. أي أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها. (1)

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: قال الفراء: " إنما قيل لها حاقة: لأن فيها حواق*الأمور*والث واب. و "الحقة": حقيقة الأمر. يقال: لما عرفت الحقة مني هربت. وهي مثل الحاقة".

    قال الواحدي في البسيط، والفخر الرازي في التفسير الكبير : {الحاقة}: أجمعوا على أن المراد بها القيامة.

    إلا أن الرازي قال: أجمعوا على أن الحاقة هي القيامة.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {الحاقة}: يقول تعالى ذكره: الساعة الحاقة. التي تحق فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال.
    قاله الطبري في تفسيره.

    قال ابن كثير في تفسيره: الحاقة من أسماء يوم القيامة لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد ولهذا عظم الله أمرها.

    قال القاسمي في محاسن التأويل: " الحاقة " أي الساعة الحاقة التي تحق فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال. من قولهم: حق عليه الشيء، إذا وجب.

    قال الشوكاني في فتح القدير: قوله: الحاقة هي القيامة لأن الأمر يحق فيها، وهي تحق في نفسها من غير شك.

    قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: {الحاقة}: يعني: القيامة، سميت بذلك لأن فيها حواق الأمور. أي صحائح الأمور.

    إلا أن ابن الجوزي قال: {الحاقة}: القيامة فيها حواق الأمور.

    قال الواحدي في الوسيط، والسمعاني في تفسيره: وسميت بذلك لأنها ذات الحواق من الأمور.

    زاد الواحدي: وهي الصادقة الواجبة الصدق، وجميع أحكام القيامة صادقة واجبة الوقوع والوجود.

    زاد السمعاني: أي حقائقها.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: سميت*بالحاقة؛ لأنه يحق فيها وعد الله بالبعث والجزاء.

    قال السعدي في تفسيره: {الحاقة} من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله: {الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة} فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وروي ذلك عن ابن عباس وأصحابه وهو الذي درج عليه المفسرون فلقب بذلك «يوم القيامة» لأنه يوم محقق وقوعه، كما قال تعالى: وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه [الشورى: 7] ، أو لأنه تحق فيه الحقوق ولا يضاع الجزاء عليها، قال تعالى ولا تظلمون فتيلا [النساء: 49] وقال: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة: 7- 8] .
    وإيثار هذه المادة وهذه الصيغة يسمح باندارج معان صالحة بهذا المقام فيكون ذلك من الإيجاز البديع لتذهب نفوس السامعين كل مذهب ممكن من مذاهب الهول والتخويف بما يحق حلوله بهم.

    ...................

    (1): قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: واختلفوا في معنى الحاقة على وجوه: أحدها: أن الحق هو الثابت الكائن، فالحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها وثانيها: أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها وثالثها: أنها ذوات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق، والثواب والعقاب وغيرهما من أحوال القيامة أمور واجبة الوقوع والوجود فهي كلها حواق ورابعها: أن الحاقة بمعنى الحقة والحقة أخص من الحق وأوجب تقول: هذه حقتي أي حقي، وعلى هذا الحاقة بمعنى الحق، وهذا الوجه قريب من الوجه الأول وخامسها: قال الليث: الحاقة النازلة التي حقت بالجارية فلا كاذبة لها وهذا معنى قوله تعالى: ليس لوقعتها كاذبة، [الواقعة: 20] وسادسها: الحاقة الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى وهي القيامة وسابعها: الحاقة هو الوقت الذي يحق على القوم أن يقع بهم وثامنها: أنها الحق بأن يكون فيها جميع آثار أعمال المكلفين فإن في ذلك اليوم يحصل الثواب والعقاب ويخرج عن حد الانتظار وهو قول الزجاج وتاسعها: قال الأزهري: والذي عندي في الحاقة أنها سميت بذلك لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي تخاصم كل مخاصم وتغلبه من قولك: حاققته فحققته أي غالبته فغلبته وفلجت عليه وعاشرها: قال أبو مسلم: الحاقة الفاعلة من حقت كلمة ربك.
    .....................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.* *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  4. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿مَا الحاقَّةُ﴾ [الحاقة: 2].

    *قوله {مَا الحاقَّةُ}:* تقديره: الحاقة أي شيء هي؟!.

    والتكرير، والاستفهام هنا للتهويل والتخويف، والتعظيم، والتفخيم. كأنه يقول: ما كنهها؟، أي شيء هذه القيامة إذا وقعت؟.

    قال الماوردي في النكت والعيون: وقوله {ما الحاقة} تفخيماً لأمرها وتعظيماً لشأنها.

    قال مجير الدين العليمي في تفسيره: {ما*الحاقة} استفهام تعجيب؛ تفخيما لشأنها، التقدير:*الحاقة* ي شيء هي؟!.

    قال النحاس في إعراب القرآن: {ما الحاقة} مبتدأ وخبره وهما خبر عن الحاقة، وفيه معنى التعظيم. والتقدير: الحاقة ما هي؟ إلا أن إعادة الاسم أفخم، وكذا {وما أدراك ما الحاقة}.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: ومعنى الكلام أنه على التعظيم، والتقدير: الساعة الحاقة: أي: شيء هي!، ما أعظمها وأجلها وأشدها.

    قال الشوكاني في فتح القدير: قوله:*ما*الحاقة*ع لى أن «ما» الاستفهامية مبتدأ ثان وخبره «الحاقة» ، والجملة خبر للمبتدأ الأول، والمعنى: أي شيء هي في حالها أو صفاتها.

    قال القصاب في النكت: قوله - تعالى -: (الحاقة (١) ما الحاقة (٢) وما أدراك ما الحاقة (٣). وارد - والله أعلم - على الاختصار، كأنه ينبه على عظم ما في الحاقة من الأهوال، والشدائد لا على نفس الاسم، ويعظه بما فيها يومئذ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {مَا الحاقَّةُ}: يقول: أي شيء الساعة الحاقة.
    قاله الطبري في تفسيره.

    قال الواحدي في البسيط: قوله: {ما} حديث تفخيم وتهويل.

    قال البغوي في تفسيره: {ما الحاقة}: هذا استفهام معناه التفخيم لشأنها، كما يقال: زيد ما زيد، على التعظيم لشأنه.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: قوله تعالى: {الحاقة ما الحاقة} وهو اسم من أسماء القيامة، ومعناه القيامة ما القيامة؟ تعظيما لأمرها.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {ما الحاقة} مذكور على وجه التعظيم والتفخيم.
    قال امرؤ القيس: (فدع عنك نهبا صيح في حجراته ... ولكن حديث ما حديث الرواحل) فما للاستفهام، وهو مذكور في هذا الموضع لتعظيم أمر الرواحل. كذلك هاهنا.

    قلت (عبدالرحيم): ونظيرتها قوله تعالى: {ما أصحاب الميمنة} قال جميع أهل المعاني (ما) هاهنا تفخيم لقصتهم وتعظيم لشأنهم وتعجيب منهم، كما تقول: زيد ما زيد؟ أي: أي شيء هو؟ للتعجب منه، وهذا كقوله: {الحاقة (1) ما الحاقة} [الحاقة: 1، 2] و {القارعة (1) ما القارعة} [القارعة: 1، 2].
    قاله الواحدي في البسيط.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {ما*الحاقة} مبتدأ وخبر وهما*خبر*الحاقة والأصل*الحاقة*ما *هي أي شيء هي تفخيم الشأنها وتعظيما*لهو لها أي سقها أن يستفهم عنها لعظمها فوضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التهويل.

    قال السعدي في تفسيره: فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما*كرره من قوله: {الحاقة*ما*الحاق *وماأدراك*ما*الح اقة} فإن لها شأنا عظيما*وهولا جسيما، ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {القارِعَةُ * مَا القارِعَةُ}: مَا*الْقارِعَةُ: تهويل وتعظيم.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وما*استفهامية، والاستفهام مستعمل في التهويل على طريقة المجاز المرسل المركب لأن هول الشيء يستلزم تساؤل الناس عنه.

    ومنه {وَالمُؤتَفِكَة أَهوى۝فَغَشّاها ما غَشّى}: فَغَشّاها ما غَشّى: أي علاها من العذاب والحجارة ما علاها. والتكرير للتهويل، والتعظيم.

    قال الشوكاني في فتح القدير: وفي هذه العبارة*تهويل*لل أمر الذي غشاها به وتعظيم له.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {ما*غشى}*تهويل*وت ظيم لما*صب عليها من العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود.

    قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: {فغشاها*ما*غشى}: فيه*تهويل*للعذاب الذي حل بهم، لما*قلبها جبريل عليه السلام أتبعت حجارة*غشيتهم.

    ومنه {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}: ابهام على جهة التفخيم، والتعظيم.
    قاله ابن عطية في المحرر الوجيز.

    قال القرطبي في تفسيره: تفخيم*للوحي الذي*أوحي*إليه.*

    قال القاسمي في محاسن التأويل: وفيه*تفخيم*للموح ى به، إذ الإبهام يفيد التعظيم، كأنه أعظم من أن يحيط به بيان.

    ومنه {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}: فغشيهم من اليم*ما*غشيهم: أي علاهم وأصابهم*ما*علاهم وأصابهم، والتكرير للتعظيم والتهويل، كما*في قوله:الحاقة*ما*ا حاقة.
    قاله الشوكاني في فتح القدير.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: قوله {فغشيهم من اليم ما غشيهم} يدل*على*تعظيم*ال مر*وتفخيم*شأنه، ونظيره في القرآن قوله: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} وقوله: {والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى}، وقوله: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} واليم: البحر. والمعنى: فأصابهم من البحر ما أصابهم وهو الغرق، والهلاك المستأصل.
    .................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  5. افتراضي

    *البسيط في معاني وغريب القرآن:*

    - كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى
    ﴿إِنّا لَمّا طَغَى الماءُ حَمَلناكُم فِي الجارِيَةِ﴾ [الحاقة: 11].

    *قوله {إِنّا}:* بقدرتنا وفضلنا عليكم.

    ولفظ الجمع للتعظيم.
    كما قال: {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ}، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. وقوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

    *قوله {لَمّا}:* أي حينما.

    ومنه قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ}:
    أي: وأظهروا الندامة حينما عاينوا العذاب، والإسرار هنا: بمعنى الإظهار، وهو من الأضداد. وسيأتي تفصيله لاحقا - إن شاء الله -.

    قال صديق حسن خان في فتح البيان: (لَمَّا): ظرف بمعنى: حين أي حين.

    ومنه {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}: لَمَّا صَبَرُوا: أي حين صبروا جعلناهم أئمة.
    قاله النحاس في إعراب القرآن.


    *قوله {طَغَى}:* أي علا، وكثر.

    وأصله من الطغيان، أي: تجاوز الحد. ومنه قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} أي: بالصيحة الطاغية التي تجاوزت حد الصيحات.

    فقوله تعالى: {طَغَى}: يعني: تجاوز الحد فارتفع فوق كل شيء؛ حتى صار أمثال الجبال، وتصديقه: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}.
    يقال: طغى السيلُ: إذا جاء بماء عظيم.

    ومما يدلك على كثرة وعظم الماء وطغيانه أن الله وصف ما قضى به من الطوفان والغرق كربا عظيما، قال الله: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}: قال الطبري في تفسيره: يعني بالكرب العظيم: العذاب الذي أحل بالمكذبين من الطوفان والغرق، والكرب: شدة الغم.

    قال الكفوي في الكليات: الطغيان: هو تجاوز الحد الذي كان عليه من قبل، وعلى ذلك: {لما طغى الماء}.

    قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: وطغيان القلم: تجاوزه حد الاستقامة.


    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: {كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}: قال الطبري في تفسيره: أي يتجاوز حدّه.


    ومنه: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}: قال الماوردي في النكت والعيون: {في طغيانهم} يعني تجاوزهم في الكفر، والطغيان مجاوزة القدر.

    انتهى. وقد سبق بيانه بإفاضة - بحمد الله - عند تأويل قوله: { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}.


    فمعنى قوله تعالى: {طَغَى الماءُ}: أَي علا.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغيرهم.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: طَغَى الْماءُ عبارة عن كثرته.

    قال يحيى بن سلام في التصاريف: {إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء} يعني لمّا كثر وارتفع.

    قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إنا لما كثر الماء فتجاوز حدّه المعروف، كان له، وذلك زمن الطوفان.

    *قوله {الماءُ}:* الكثير الذي نزل من السماء، والذي تفجَّر من الأرض.

    وتصديقه: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)}: أي حملناه على سفينة ذات ألواح ومسامير.


    *قوله {حَمَلناكُم}:* أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {حملناكم} يعني: نوحا ومن معه الذين من ذريتهم.


    قلت (عبدالرحيم): فيه مسألتان:


    المسألة الأولى:

    قوله تعالى: {حَمَلناكُم}: تقديره: حملنا آباءكم؛ وأنتم في أصلابهم. فالخطاب للشاهد والمراد به الغائب، ونظيرتها قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ}: يعني: نجينا آباءكم زمان فرعون. وأضيف إلى الأحياء لأنهم منهم، أي من الذين نجاهم الله زمان فرعون.

    قال القرطبي في تفسيره: " والخطاب للموجودين والمراد من سلف من الآباء كما قال" إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية" : أي حملنا آباءكم وقيل إنما قال" نجيناكم" لأن نجاة الآباء كانت سببا لنجاة هؤلاء الموجودين. ا. ه

    ونظيرتها: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ : أي فلما قتل آباءكم هؤلاء الأنبياء، لان المخاطبين لم يباشروا القتل بأنفسهم، إنما كان أباؤهم في الزمن الغابر.

    ونظيرتها: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}: أي وما كان الله ليضيع إيمانهم، أي صلاة إخوانكم الذين ماتوا قبل أن تحول القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام.

    قال الواحدي في البسيط: وإنما أضيف إلى الأحياء، لأن الذين ماتوا على القبلة الأولى كانوا منهم. فقال: (إيمانكم) وهو يريد: إيمانهم، لأنهم داخلون معهم في الملة. وهو كقولك للقوم: قد قتلناكم وهزمناكم، يريد: قتلنا منكم، فيواجههم بالقتل وهم أحياء.

    قال القصاب في النكت: فمعنى قوله تعالى: {حَمَلناكُم}: أي حملنا من أنتم من نسلهم، ومن كانوا آباءكم، لأن الجارية - وهي السفينة - لم يحُمل فيها محمد، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الموجودون عند نزول الآية، وقد حقق ذلك.

    المسألة الثانية:

    فإن قلت: ما وجه الامتنان في قوله تعالى: ﴿إِنّا لَمّا طَغَى الماءُ حَمَلناكُم فِي الجارِيَةِ﴾؟

    فالجواب: أن الله أهلك أهل الأرض كلهم أجمعين زمان الطوفان، إلا من ركب مع نوح في السفينة، ولم يجعل الله نسلا لأحد ممن كان مع نوح إلا أولاده الثلاثة.

    فلولا أن الله أنجى نوحا ومن معه لما كنتم في هذا الوجود، ألا تر أن الله قال: {ثُمَّ بَعَثناكُم مِن بَعدِ مَوتِكُم لَعَلَّكُم تَشكُرونَ}، فالحياة التي وهبها الله نعمة عظمى، ومنة كبرى من الله سبحانه، ملعون من أتلفها بغير حق.

    كما أن الله جعل الناس كلهم من ذرية نوح - عليه السلام - فحسب بعد مهلك قومه، فلم يجعل الله نسلا ولا عقبا من غيرهم، لذا يسمى نوح "أبو البشرية الثاني"، ولذا نادى الله بني إسرائيل وغيرهم ممتنا ومذكرا لهم بهذه النعمة، فقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}: ذُرِّيَّةَ: منصوبة على النداء، يعني: يا ذرية من حملنا مع نوح في السفينة.

    ولأجله شرعَ اللهُ لنا ذكراً نذكر الله به، عند الاستيقاظ من النوم، اعترافا بنعمته، وثناءا عليه، أعني ما رواه مسلم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وفيه: وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور».
    فعلى العبد أن يحمد ربه في أمره عامة، وعندما يرد الله عليه روحه خاصة، فكم ممن اضطجع ثم سلبت روحه.


    فإن قلت: ما الدليل على أن الله أهلك الأرض كلهم أجمعين زمان نوح - عليه السلام -، عدا من ركب معه في السفينة؟. وما الدليل أن الله لم يجعل نسلا ممن ركب معه إلا لبنيه الثلاثة؟.

    فجواب الأول: قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاه وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ}، قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني من بقي ممن لم يركب السفينة.

    قال البقاعي في نظم الدرر: {الباقين} أي من بقي على الأرض ولم يركب معه في السفينة.

    ودليل الثاني: قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}: قال الطبري في تفسيره: وقوله (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ) يقول: وجعلنا ذريّة نوح هم الذين بقوا في الأرض بعد مَهْلِك قومه، وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلِك نوح إلى اليوم إنما هم ذرية نوح، فالعجم والعرب أولاد سام بن نوح، والترك والصقالبة والخَزَر أولاد يافث بن نوح، والسودان أولاد حام بن نوح، وبذلك جاءت الآثار، وقالت العلماء. ا. ه.

    قال البغوي في تفسيره: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ): وأراد أن الناس كلهم من نسل نوح.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ): وقد فني غيرهم.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ): أهل الأرض كلهم من ذرية نوح.

    قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ}: قد بينا أن الناس من نسل نوح عليه السلام ولم يبق أحد من نسل غيره.

    قال الواحدي في الوجيز: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ): لأن الخلق كلهم أهلكوا، إلا من كان معه في سفينته وكانوا من ذريته.

    قال يحيى بن سلام في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ): فالناس كلهم ولد سام وحام ويافث.

    وسيأتي مزيد بحث عند تعرضنا لتأويل هذه الآيات (إن شاء الله).

    *قوله {فِي الجارِيَة}:* الجارِيَة: يعني السفينة، التي أمره الله أن يصنعها: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}، و"الجارية: مفرد. والجمع: الجواري.


    والمعنى: لما علا الماء وكثر فكان الغرق محتوما حملناكم حملنا آباءكم في السفينة، مع نوح - عليه السلام - فنجوا من الغرق. ولولا أن الله نجاهم لما بقي لهم نسل ولا عقب، لذا كانت آية عظيمة ونعمة جسيمة، قال الله {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.


    وسمى الله السفينة "بالجارية": لأنها تجري بسرعة على الماء الذي من شأنه الإغراق بيسر وخفة ونشاط كالجارية الشابة من شأنه الإغراق. وذلك مع عظم حجم السفينة، وتصديقه {فَالْجَارِيَات يُسْرًا}.

    وكل ذلك تفضلا منه - سبحانه -، ولو شاء لأمسكها، أي أمسك السفن، ولما سخّر البحر والريح لتجري، كما قال: ﴿وَمِن آياتِهِ الجَوارِ فِي البَحرِ كَالأَعلامِ۝إِن يَشَأ يُسكِنِ الرّيحَ فَيَظلَلنَ رَواكِدَ عَلى ظَهرِهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ۝أَو يوبِقهُنَّ بِما كَسَبوا وَيَعفُ عَن كَثيرٍ﴾ [الشورى: 32-34].

    قال الفراء في معاني القرآن: «فَالْجارِياتِ يُسْراً»، وهى السفن تجرى ميسّرة.

    قال ابن قتيبة في غريب القران: فَالْجارِياتِ يُسْراً أي السفن تجري في الماء جريا سهلا.

    قال القرطبي في تفسيره: وواحد الجواري جارية، قال الله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية}. سميت جارية لأنها تجري في الماء. والجارية: هي المرأة الشابة، سميت بذلك لأنها يجري فيها ماء الشباب.


    انتهى


    فمعنى قوله تعالى {حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية}: يعني في السّفينة
    قاله يحيى بن سلام في التصاريف، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوسيط، وغيرهم جمع.

    إلا أن ابن أبي زمنين قال: يعني: السفينة.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله: {حملناكم في الجارية}: يقول: حملناكم في السفينة التي تجري في الماء.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {حملناكم في الجارية} أي: السفينة، وجمعها الجواري وهي السفن.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}: قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: سفن فِي الْبَحْر كالجبال.

    قال الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: قوله: {ومن آياته الجوار}: يعني السفن، الواحدة: جارية.

    انتهى

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):

    ﴿إِنّا لَمّا طَغَى الماءُ حَمَلناكُم فِي الجارِيَةِ﴾ [الحاقة: 11].
    إنا لما تجاوز الماء حدَّه في الارتفاع حملنا من كنتم في أصلابهم في السفينة الجارية التي صنعها نوح عليه السلام بأمرنا، فكان حَمْلاً لكم.
    ..................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.* *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  6. افتراضي

    *الوجيز في معاني وغريب القرآن:*

    - كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى
    ﴿لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ [الحاقة: 12].

    *قوله {لِنَجعَلَها}:* أي لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا من إغراق قوم نوح ونجاة من حملنا معه.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: والضمير في (لنجعلها): عائد على الفعلة أي من يذكرها ازدجر.

    *قوله {لَكُم}:* أيها الناس.
    قاله الخطيب الشربيني في السراج المنير.

    *قوله {تَذكِرَةً}:* أَي: عبرة وعظة.
    قاله الطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير، والنسفي في مدارك التنزيل، وإلايجي الشافعي في جامع البيان، وغيرهم.

    إلا أن قال الطبري قال: يعني عبرة وموعظة تتعظون بها.

    *قوله {وَتَعِيَها}:* وتحفظها.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب،وغيرهم.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وعى: الوَعْيُ: حفظ الحديث ونحوه.


    *قوله {أُذُنٌ}:* من شأنها أن تعي المواعظ.
    قاله أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى: {أُذُنٌ}: يعني صاحبها. كقولك: يد سارقة، تعني أن صاحبها سارق. ونظيرتها قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}: قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: وإنما يعني صاحبها.

    قال الطبري في تفسيره: ووصف الناصية بالكذب والخطيئة، والمعنى لصاحبها.

    *قوله {واعِيَة}:* حافظة لما تسمع.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: والأذن الواعية: هي التي تفهم ما تسمع وتحفظه.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله: {وتعيها أذن واعية}: يعني حافظة عقلت عن الله ما سمعت.
    ...........................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  7. افتراضي

    *معاني وغريب القرآن، والحديث:*

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. +966509006424*

    قوله تعالى
    {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} الحاقة: (17).

    *قوله {وَالْمَلَكُ}:* أي والملائكة. أفرد وأراد الجمع.

    و " الملك " اسم جنس؛ فيشمل الواحد والجميع.

    والعرب تجتزئ بالواحد عن الجماعة، نص عليه ابن زنجلة في حجة القراءات.

    قال ابن كثير في تفسيره: {والملك على أرجائها}: الملك: اسم جنس، أي: الملائكة على أرجاء السماء.

    قال الواحدي في البسيط: فـ (الملك) اسم الجنس يقع على الواحد والجمع.

    قال علي بن فَضَّال في النكت في القرآن الكريم: {والملك}: واحد ويراد به الجماعة؛ لأنه جنس، ولا يجوز أن يكون واحداً بعينه.

    قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: {وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها}، في موضع: «والملائكة» .

    قلت (عبدالرحيم): ونظيرتها قوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}: إِمَامًا: أي أئمة.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: (واجعلنا للمتقين إماما) أي قدوة يقتدي بنا المتقون، فإمام مفرد يراد به الجنس.

    وقوله: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}: أي الأطفال.

    قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (أو الطفل) اسم جنس بمعنى الجمع، والدليل على ذلك نعته ب"- الذين".

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {أو الطفل} يريد الأطفال. يدلك على ذلك قوله: {الذين لم يظهروا على عورات النساء} أي لم يعرفوها ولم يفهموها.

    وقوله: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا}: أي الغرف، كما قال: { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ}.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والتعريف في الغرفة تعريف الجنس فيستوي فيه المفرد والجمع مثل قوله تعالى: {وأنزلنا معهم الكتاب} فالمعنى: يجزون الغرف، أي من الجنة، قال تعالى: وهم في الغرفات آمنون.

    وقوله: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}: أي: إن الناس.

    قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: والإنسان بمعنى:*الناس*هاه ا.

    وقوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}: أي: المفسدين من المصلحين، وكذا قول العرب: أهلك الناس الدينار والدرهم، أي: الدنانير والدراهم.
    قاله ابن فَضَّال في النكت في القرآن.

    وقوله (قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ): ضَيْفِي: أي ضيوفي.

    قال القرطبي في تفسيره: أي*أضيافي.

    قال الأخفش الأوسط في معاني القرآن: فاستغنى بالواحد عن الجمع.

    ومنه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ}: معناه: أنهار.
    قاله الفراء في معاني القرآن.

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: وهو اسم جنس ويقوم مقام الأنهار وهذا هو الظاهر الأصح.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: والمفرد إن كان اسم جنس يكثر في كلام العرب إطلاقه مرادا به الجمع كقوله تعالى: (إن المتقين في جنات ونهر) يعني «وأنهار» بدليل قوله: (فيها أنهار من ماء غير آسن).

    ومنه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}: أي رفقاء، والعرب تلفظ بلفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع.
    قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.

    وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}: أي أطفالا، فهو اسم جنس.
    قاله القرطبي في تفسيره.



    قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان: الطفل اسم الجنس، يتناول الواحد والكثير.

    قلت: هذا: ويطلق الجمع ويراد به الفرد، قال الله: {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين}: قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: قال الشيخ أبو عمر: سنين بمعنى: سنة، وهذا لفظ جمع بمعنى واحد، كما جاء لفظ الواحد.

    انتهى.

    فقوله تعالى (وَالْمَلَكُ): يريد " والملائكة ".
    قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، وغيره.

    قال النحاس في إعراب القرآن: {الْمَلَكُ}: يعني الملائكة، لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك.

    قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: لأن الواحد بما هو واحد لا يمكن أن يكون*
    على*أرجائها*في وقت واحد، بل في أوقات.


    *قوله {عَلَى أَرْجَائِهَا}:* أي على أرجاء السماء.

    مفردها: " رجا. وتثنيتها: رجوان.
    والأرجاء: الجوانب، والأطراف،والنوا حي. ومنه قولهم: أَرْجَاءِ الْمَعْمُورَةِ: يعني جوانب الأرض ونواحيها.
    ومنه منكبا الرجل: أي طرفاه، وجانباه.

    والمعنى: والملائكة على نواحيها، وجوانبها، وأطرافها.

    قال الأصفهاني في إعراب القرآن: الأرجاء: الجوانب، واحدها " رجا.

    قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: و (الرجا) مقصور ناحية البئر وحافتاها وكل ناحية رجا وهما رجوان والجمع (أرجاء).



    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {عَلَى أَرْجَائِهَا}: يعني نواحيها بلغة هذيل.
    قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وذكره عبدالله بن حسنون في اللغات في القرآن.


    قال الطبري في تفسيره: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا) يقول تعالى ذكره: والملك على أطراف السماء حين تشقق وحافاتها.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وابو بكر السجستاني في غريب القران: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} أي على جوانبها ونواحيها.

    قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: {على أرجائها} أَي: على نَوَاحِيهَا، وَاحِدهَا: رجا، وَيكْتب بِالْألف، لَان تثنيته: رجوان.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وضمير { أرجائها } عائد إلى { السماء}، والمعنى : أن الملائكة يعملون في نواحي السماء ينفّذون إنزال أهل الجنة بالجنة وسَوق أهل النار إلى النار.

    *قوله {وَ}:* الملك.

    *قوله {يَحْمِلُ}:* أي يرفع. أقدرهم الله على حمله.

    والحمل: الرفع. ومنه قوله تعالى:{وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة}: أي رفعت. وقد سبق تأويله.

    ومنه: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}: قال الشوكاني في فتح القدير: أي رفعناكم*فوق الماء حال كونكم*في السفينة.


    *قوله {عَرْشَ رَبِّكَ}:* الذي هو أعظم المخلوقات على الإطلاق، والذي استوى عليه الرحمن؛ استواء يليق به.

    *قوله {فَوْقَهُمْ}:* تأكيد، لأن العرش يعلوهم، ولا يكون إلا فوقهم.

    وفائدة التأكيد: الإخبار أن العرش يعلوهم، فقد تجد من يحمل شيئا لكنه ليس فوقه، كأن يكون بمحاذاته أو دونه. ولذا أكد بقوله: {فَوْقَهُمْ}، وفيه إشارة إلى عظم خلقتهم. - فسبحان الله -. وقد روى أبو داود (4727) من حديث جابر بن عبد الله، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، قال: " أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ ملائكةِ الله من حَمَلة العرش: إن ما بين شَحمةِ أذُنِه إلى عاتِقِه مَسيرةُ سبع مئةِ عام" (1).

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويتعلق { فوقَهم } ب { يحمل عرش ربّك } وهو تأكيد لما دّل عليه يحمل من كون العرش عالياً فهو بمنزلة القيدين في قوله : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه } [ الأنعام : 38 ] .

    قلت (عبدالرحيم): ونظيرتها قوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}: تأكيد، لأن السقف لا يسقط إلا من فوق، أي من علو.

    ومنه قوله: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}: تأكيد، ولأن الكتابة لا تكون إلا باليد.

    *قوله {يَوْمَئِذٍ}:* يوم القيامة.

    *قوله {ثَمَانِيَةٌ}:* أملاك؛ من الملائكة المقربين.

    وتصديقه: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ }: قال البغوي في تفسيره: {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ }: وهم حملة العرش.
    ...........................
    (1): صححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 151.
    ......................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة. المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ أرسل " اشتراك " إلى: +966509006424*

  8. افتراضي

    *معاني وغريب القرآن، والحديث*:

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة. المصري، المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿قُطوفُها دانِيَةٌ﴾ [الحاقة: 23].

    *قوله {قُطوفُها}:* ثمرها.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

    قال القاسمي في محاسن التأويل: (قطوفها) جمع قطف بكسر القاف، وهو ما يقطف من ثمرها.
    قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: قطف: القطف: اسم الثمار المقطوفة، والجميع القطوف.

    *قوله {دانِيَةٌ}:* أي قريبة.

    والمعنى: ثمر هذه الجنة قريب متناول، مسخر مذلل؛ يناله كل أحد، وعلى كل حال كان قاعدا أو قائما.

    وتصديقه قوله تعالى: (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا): قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {وذللت قطوفها تذليلا} أي: أدنيت قطوفها إليهم.

    قال القرطبي في تفسيره: وذللت أي سخرت لهم قطوفها أي ثمارها*تذليلا*أي *تسخيرا، فيتناولها القائم والقاعد والمضطجع، لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك.

    وأصل الدنو: القرب. و دَنَا منه ودنا إِليه دنواًّ: أي قرب (1). وَمنه سميت السَّمَاءُ الدُّنْيا: لقُرْبها مِنْ ساكِني الأَرْضِ (٢).

    ومنه قوله تعالى: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى): يقول: فكان جبرائيل من محمد - صلى الله عليه وسلم - على قدر قوسين، (أو أدنى من ذلك)، يعني: أو أقرب منه.
    قاله الطبري في تفسيره.

    ومنه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ}: السَّمَاءَ الدُّنْيَا: هي القريبة منا.
    قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

    ومنه: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا}: أي ظل الأشجار في الجنة قريبة من الأبرار.
    قاله القرطبي في تفسيره.

    ومنه: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: أي: ثمرها قريب إليهم، متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا.
    قاله ابن كثير في تفسيره.

    ومنه: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ): الدنيا:*هي*القري ة*أي*العدوة*التي من جهة المدينة، فهي أقرب لجيش المسلمين من العدوة*التي من جهة مكة.
    قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

    ومنه: (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ): في أدنى الأرض:
    أي أقرب أرض الشام إلى أرض فارس.
    قاله البغوي في تفسيره.

    ومنه: (ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا):

    ومنه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ): ذَلِكَ أَدْنَى: أقرب.
    قاله الجلال المحلي في الجلالين.

    ومنه: (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ ولا يحزن): ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ ولا يحزن: أي التخيير الذي خيرتك في صحبتهن أقرب إلى رضاهن وأطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمن أن ذلك من الله عز وجل.
    قاله البغوي في تفسيره.

    ومنه: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا):
    أي ذلك أقرب من الإتيان بالشهادة على وجهها، وأقرب إلى أن يخافوا.
    قاله الزجاج في معاني القرآن.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {قطوفها دانية}: يقول: ما يقطف من الجنة من ثمارها دان قريب من قاطفه.

    قال القاسمي في محاسن التأويل: أي قريبة سهلة التناول.

    قال السعدي في تفسيره: {قطوفها دانية} أي: ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة، سهلة التناول على أهلها، ينالها أهلها قياما وقعودا ومتكئين.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):

    ﴿قُطوفُها دانِيَةٌ﴾ [الحاقة: 23].
    ثمارها قريبة ممن يتناولها.
    ......................
    (1): شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم للحميري.
    .....................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة. المصري، المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  9. افتراضي

    *معاني وغريب القرآن، والحديث:*

    *جمعه ورتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة. المصري، المكي. +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿وَلَم أَدرِ ما حِسابِيَه﴾ [الحاقة: 26].

    *قوله {و}:* يا ليتني.

    عطف على قوله: {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ}: يعني: هذا الذي أعطي كتابه بشماله يقول: يا ليتني لم أعط كتابي، ويا ليتني لم أعلم أي شيء حسابي.

    قال الصافي في الجدول في إعراب القرآن: (الواو) عاطفة.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويجوز أن يكون عطفاً على التمني، أي: يا ليتني لم أدر مَا حسابيَه، أي لم أعرِف كنه حسابي ، أي نتيجته، وهذا وإن كان في معنى التمني الذي قبله فإِعادته تكرير لأجْل التحسر والتحزن.

    *قوله{لَم}:* حرف نفي وقلب وجزم.
    قاله محيي الدين درويش في إعراب القرآن.

    *قوله {أَدرِ}:* فعل مضارع مجزوم بلم (1)، ومعناه: أعلم، وأعرف. والدراية: العلم، والمعرفة.

    تقول: أدري، ودريت: أي علمت. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}: أي وما أعلم. و"إن": بمعنى ما.

    ومنه قوله: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}: يقول: وما تعلم نفس حي بأي أرض تكون منيتها.
    قاله الطبري في تفسيره.

    ومنه: {وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}: أي وما يعلمك.
    قاله القرطبي في تفسيره.

    قال في المفاتيح شرح المصابيح (الدراية): العلم، من (درى يدري).

    قال الصاحب بن عباد في المحيط في اللغة: دَرى: عَلِمَ. وفَعَلَ ذاكَ من غَيْرِ دِرْيَةٍ. ويقولون: لا أدْرِ.

    قال الحميري في شمس العلوم: [دَرَيْتُ] بالشيء: إِذا علِمْتُهُ دَرْيَةً ودَرياناً ودِرايَةً.

    قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: [درى] دَرَيْتُهُ ودَرَيْتُ به دَرْياً ودُرْيَةً ودِرْيَةً ودِرايَةً، أي علمت به.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات: (درى): الدراية:*المعرفة *المدركة بضرب من الحيل، يقال: دريته، ودريت به، درية، نحو: فطنة، وشعرة.

    *قوله {ما}:* اسم استفهام، ومعناه هنا: التعظيم والتهويل.

    قال الدعاس في اعراب القران: «ما» اسم استفهام مبتدأ.

    قال محيي الدين درويش في إعراب القرآن وبيانه: (ما) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، و(حسابيه) خبرها والهاء للسكت والجملة سدّت مسدّ مفعولي أدر المعلقة عن العمل بالاستفهام ومعنى الاستفهام التعظيم والتهويل.

    *قوله {حِسابِيَه}:* أصله: حسابي. والهاء للوقف، أي: السكت. وقد سبق بيانه.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وقوله عزّ وجلّ: {وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ}، {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ}، فالهاء فيها للوقف، نحو: {مالِيَهْ وسُلْطانِيَهْ}.

    قال الدعاس في إعراب القرآن: «حِسابِيَهْ»: خبر، والياء مضاف إليه، والهاء للسكت.

    قال الصافي في إعراب القرآن: (حسابيه) ، مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم، و (الياء) مضاف إليه، و (الهاء) للسكت لا محلّ لها.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {وَلَم أَدرِ ما حِسابِيَه}: يعني: لم أعلم ما حسابي.
    قاله السمرقندي في بحر العلوم، والنسفي في مدارك التنزيل.

    إلا أن النسفي قال: أي يا ليتني لم أعلم ما حسابي.

    قال الطبري في تفسيره: {وَلَم أَدرِ ما حِسابِيَه}: يقول تعالى ذكره: وأما*من أعطي يومئذ كتاب أعماله بشماله، فيقول: يا ليتني لم أعط كتابيه، (ولم*أدر*ما*حسابي ه): يقول:*ولم أدر*أي*شيء*حسابي .

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):
    ﴿وَلَم أَدرِ ما حِسابِيَه﴾ [الحاقة: 26].
    ويا ليتني لم أعرف أي شيء يكون حسابي.
    ............................
    (1): قاله محيي الدين درويش في إعراب القرآن وبيانه.
    ............................

    *جمعه ورتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة. المصري، المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  10. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة - المصري المكي -،
    إلى من يطلع عليه من إخوانه المسلمين - حفظهم الله بالإسلام -:
    سلام عليكم؛ أما بعد:

    فيمكنكم متابعة منشوراتي في مجموعتي "معاني وغريب القرآن" - واتساب، عبر الرابط أدناه:

    علما بأن المجموعة للمتابعة فقط، إلا من وجد خطأ في التفسير فليصحح على الملأ، نصحا لله ولكتابه:

    https://chat.whatsapp.com/ALSUECMBbH1A7WNeTp1eT9

    والسلام عليكم السلام ورحمة.

    عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. +966509006424

  11. افتراضي

    *"معاني وغريب القرآن"*

    جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة؛ المصري المكي.

    قوله تعالى:
    ﴿لِلكافِرينَ لَيسَ لَهُ دافِعٌ﴾ [المعارج: 2].

    *قوله {لِلكافِرينَ}:* أي قل هو للكافرين وحدهم، دون المؤمنين (١).

    ولما سأل هذا الشقي عن عذاب الله الواقع، كما قال: ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ [المعارج: 1]، قال الله ردا عليه بقوله: ﴿لِلكافِرينَ لَيسَ لَهُ دافِعٌ﴾ [المعارج: 2].

    قال ابن الجوزي في زاد المسير: فقوله عز وجل: «للكافرين» جواب للسؤال، كأنه لما سأل: لمن هذا العذاب؟ قيل: للكافرين.

    قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن يقول: هو للكافرين خاصة دون المؤمنين.

    فمعنى قوله تعالى: {لِلكافِرينَ}: يعني: على الكافرين.
    قاله الطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره.
    إلا أن الطبري قال: يقول: واقع على الكافرين.

    قال الزجاج في معاني القرآن: أي يقع بالكافرين.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: واللام لشبه الملك، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } [ البقرة : 24 ] .

    قلت (عبدالرحيم): وكما في صحيح مسلم (185)، من حديث أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، ...».

    فائدة:

    قال القيرواني في النكت في القرآن الكريم (في معاني القرآن الكريم وإعرابه): وقيل: (اللام) في قوله: {لِلْكَافِرِينَ} بمعنى (على) أي: واقع على الكافرين، وقال الفراء: هي بمعنى (الباء) أي: بالكافرين واقع، وهو قول الضحاك.

    *قوله {لَيسَ لَهُ}:* لهذا العذاب.

    *قوله {دافِعٌ}:* مانع، وراد.

    يريد: ليس لهذا العذاب إذا نزل وحان وقته رادّ ولا مانع وحام، كما قال: ﴿وَلَئِن أَخَّرنا عَنهُمُ العَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعدودَةٍ لَيَقولُنَّ ما يَحبِسُهُ أَلا يَومَ يَأتيهِم لَيسَ مَصروفًا عَنهُم وَحاقَ بِهِم ما كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ﴾ [هود: 8]،
    وكما قال: ﴿وَيَستَعجِلون كَ بِالعَذابِ وَلَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعدَهُ وَإِنَّ يَومًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ﴾ [الحج: 47].

    قال الزمخشري في الكشاف: {ليس له دافع}: من جهته إذا جاء وقته وأوجبت الحكمة وقوعه.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: وقوله {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ}: أي ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله رادٌّ يرده عنهم.

    قال ابن كثير في تفسيره: {ليس له دافع}: أي لا دافع له إذا أراد الله كونه.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله تعالى: {ليس له دافع} أي: لا يدفع العذاب على الكافرين أحد، ولا يمنعه منهم.

    قلت (عبدالرحيم): وتصديقه: ﴿...وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ﴾ [الرعد: 11].

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {دافِع}: راد.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل.

    قال البغوي في تفسيره: {دافع}: مانع.

    قال الراغب في المفردات: حام.

    قال الإيجي الشافعي في جامع البيان، والعليمي في فتح الرحمن: {لَيسَ لَهُ دافِع}: يرده.

    قلت (عبدالرحيم): ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِن يُرِدكَ بِخَيرٍ فَلا رادَّ لِفَضلِهِ}: قال السمرقندي في بحر العلوم: {فَلا رادَّ لِفَضلِه}: يعني: لا مانع لعطائه.

    المعنى الاجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير":

    ﴿لِلكافِرينَ لَيسَ لَهُ دافِعٌ﴾ [المعارج: 2].
    للكافرين بالله، ليس لهذا العذاب من يرده.
    ...................
    (١): قال البغوي في تفسيره: أي هو للكافرين.

  12. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿وَتَكونُ الجِبالُ كَالعِهنِ﴾ [المعارج: 9].

    *قوله {وَ}:* يوم.

    *قوله {تَكونُ}:* تصير.

    *قوله {الجِبالُ}:* الرواسي العظام، والتي كانت للأرض كالأوتاد، والتي كانت يضرب بها المثل في الثبات (١).

    قال البقاعي في نظم الدرر: {وتكون الجبال}: التي هي أشد الأرض وأثقل ما فيها.

    *قوله {كَالعِهنِ}:* كالصوف، جمع عهنة، ويقال عهون (٢).

    قال الهروي في تهذيب اللغة، وابن فارس في مجمل اللغة، والحميري في شمس العلوم، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن: العهن: الصوف المصبوغ.

    إلا أن الهروي قال: المصبوغ ألوانا.

    قال مكي في النهاية: وأهل اللغة على أنه لا يقال (للصوف) " عهن " حتى يكون مصبوغا (٣).

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}: يقول: وتكون الجبال كالصوف.

    قال الماوردي في النكت والعيون: والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع (٤).

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وَتَكون الْجبَال كالعهن}: كَالصُّوفِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ أَضْعَفُ الصُّوفِ، وَهِي فِي حرف ابْن مَسْعُود (كالصوف الْأَحْمَر المنفوش)

    قال الواحدي في الوسيط: {وتكون الجبال كالعهن}: كالصوف الأحمر في خفتها، وسيرها.

    قال الزمخشري في الكشاف: {كَالْعِهْنِ}: كالصوف المصبوغ ألوانا، لأنّ الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، فإذا بست وطيرت في الجو: أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.

    قال جلال الدين المحلي في الجلالين: {وتكون الجبال كالعهن}: كالصوف في الخفة والطيران بالريح.

    قال ابن كثير: وهذه الآية كقوله تعالى : ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [ القارعة : 5 ].

    قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر .
    ووجه الشبه بالعهن تفرق الأجزاء كما جاءت في آية القارعة: {وتكون الجبال كالعهن المنفوشِ}: فإيثار العهن بالذكر لإِكمال المشابهة لأن الجبال ذات ألوان قال تعالى : {ومن الجبال جُدد بيضٌ وحُمْرٌ مختلف ألوانها}: وإنما تكون السماء والجبال بهاته الحالة حين ينحلّ تماسك أجزائهما عند انقراض هذا العالم والمصيرِ إلى عالم الآخرة.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):
    ﴿وَتَكونُ الجِبالُ كَالعِهنِ﴾ [المعارج: 9].
    وتكون الجبال مثل الصوف في الخِفَّة.
    ....................

    (١): قال السعدي: فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟.

    (٢): انظر: إعراب القرآن للنحاس، ومعاني القرآن للأخفش الأوسط.

    (٣): وهو قول البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والشوكاني في تفسيره.

    (٤): قال القرطبي في تفسيره: والمعنى أنها تلين بعد الشدة ، وتتفرق بعد الاجتماع . وقيل : أول ما تتغير الجبال تصير رملا مهيلا ، ثم عهنا منفوشا، ثم هباء منبثا.

  13. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿وَلا يَسأَلُ حَميمٌ حَميمًا﴾ [المعارج: 10].

    *قوله {وَ}:* في ذلك اليوم.

    *قوله {لا يَسأَلُ}:* عن الحال. من قولك: سألت زيداً، أي: سألته عن حاله وأمره (١)، ومنه قولهم: سألت عنك، أي عن حالك.

    وقرأ الأكثرون: «يسأل» بفتح الياء. والمعنى: لا يسأل قريب عن قرابته، لاشتغاله بنفسه (٢). وقُرِىءَ على البناء للمفعول، أي: لا يُطلبُ من حميم حميمٌ، أولا يسألُ منْهُ حالة (٣)ٌ.

    قال الطبري في تفسيره: والصواب من القراءة عندنا فتح الياء، بمعنى: لا يسأل الناس بعضهم بعضا عن شأنه.

    *قوله {حَميمٌ}:* قريب.

    و"الحميم": القريب والصديق، والولي، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}:
    قال القاسمي في محاسن التأويل: أي صديق أو قريب {حَمِيمٌ}: أي شديد الولاء.
    وأصل*الحميم الماء الشديدة حرارته. كنى به عن الولي المخلص في وده، لما يجد في نفسه من حرارة الحب والشوق والاهتمام نحو مواليه (٤).

    *قوله {حَميماً}:* قريبا.

    وخص "الأقرباء" بالذكر: لأنهم كانوا في الدنيا، يسألون عن أحوال بعض، سيما إذا ألمت بهم الملمات؛ ليقوموا بما ينبغي القيام به، من دفع ضر أو جلب منفعة، أما في الآخرة ف/ {فَلا أَنسابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَساءَلونَ} [المؤمنون: 101]، يذهلون عن السؤال عن أقربائهم لشدة الأهوال، وعظيم ما حل بهم وأشغلهم، وكما قال: {تذهل كل مرضعة عما أرضعت}.

    قال كراع النمل في المُنَجَّد في اللغة: والحَميم: الماء الحارُّ. والحَميم: القريب. والحَمِيْمَة - بالهاء -: كِرامُ المالِ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}: أي لا يسأل ذو قرابة عن قرابته.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله: {ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم}: يقول تعالى ذكره: ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه لشغله بشأن نفسه.

    قال الطاهر ابن عاشور: ومعنى {ولا يسأل حميم حميماً}: لشدة ما يعتري الناس من الهول فمن شدة ذلك أن يرى الحميم حميمه في كرب وعناء فلا يتفرغ لسؤاله عن حاله لأنه في شاغل عنه، فحذف متعلق: {يسأل}: لظهوره من المقام ومن قوله: {يبصرونهم}: أي يبصر الأخلاء أحوال أخلائهم من الكرب فلا يسأل حميم حميماً ، قال كعب بن زهير :
    وقال كل خليل كنتُ ءآمُله ... لا أُلْهِيَنَّك إِني عنك مشغول.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: وقد بين تعالى موجب ذلك وهو اشتغال كل إنسان بنفسه، كما في قوله تعالى: {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}، وكل يفر من الآخر يقول: نفسي نفسي، كما في قوله تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}. وقد جاء ما هو أعظم من ذلك في حديث الشفاعة؛ كل نبي يقول: نفسي نفسي، وجاء قوله تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت}، وليس بعد ذلك من فزع إلا المؤمنون: {وهم من فزع يومئذ آمنون}، جعلنا الله تعالى منهم. آمين.
    .............................

    (١): قال الواحدي في البسيط: فقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}: من قولك: سألت زيداً، أي: سألته عن حاله وأمره.
    ويجوز أن يكون المعنى: لا يَسْأل عن حميمه، فيُحذف الجار، ويوصل الفعل.
    (٢): زاد المسير لابن الجوزي.
    (٣): تفسير أبي السعود.
    (٤): البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي.

  14. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11].

    *قوله {يُبَصَّرُونَهُ ْ}:* أي: يعرفونهم، ويرونهم.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وتقول: بصر فلان بالشيء، وبصرته به أريته إياه ومنه قول الشاعر: [الوافر]
    إذا بصرتك البيداء فاسري*...*وأما الآن فاقتصدي وقيلي.

    وقال الرازي في مختار الصحاح: التبصير: التعريف والإيضاح.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: ﴿قالَ بَصُرتُ بِما لَم يَبصُروا بِهِ فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسولِ فَنَبَذتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَت لي نَفسي﴾ [طه: 96]:
    قال النعماني في اللباب، والقاسمي في محاسن التأويل: أي*عرفت*أن الذي أنتم عليه ليس بحق.

    فائدة:

    قال ابن الجوزي في زاد المسير: وقرأ*قتادة، وأبو المتوكل، وأبو عمران «يبصرونهم» بإسكان الباء، وتخفيف الصاد، وكسرها.

    قلت (عبدالرحيم): والتشديد أبلغ، وله فوائد:

    منها: المبالغة في شدة المعرفة.

    الثاني: درأً للوهم الذي يعتري المنشغل، وعدم الإلتباس (١). والمعنى: يعرفون أقربائهم في المحشر، معرفة تامة لا التباس فيها؛ ومع ذلك يفر بعضهم من بعض لشغل كل امرء بنفسه، كما قال: ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ۝وَأُمِّه ِ وَأَبيهِ۝وَصاحِ بَتِهِ وَبَنيهِ۝لِكُلّ ِ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ﴾ [عبس: 34-37].

    قال القاسمي في محاسن التأويل: وفيه تنبيه على أن المانع من هذا السؤال هو الاندهاش مما نزل، لا احتجاب بعضهم من بعض.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى:*{يُبَصَّر ونَهُمْ}: أي يعرف الحميم حميمَه حتى يَعْرِفَه، وهو مع ذلك لا يسأل عن شأنه، ولا يكلِّمه اشتغالاً بنفسه.
    قاله ابن الجوزي في زاد المسير.

    *قوله {يَوَدُّ}:* يتمنى، ويحب.

    قال الراغب في المفردات: ودد: الود:*محبة*الشيء وتمني كونه.

    قال الزبيدي في تاج العروس: [ودد]:*الود، والوداد: الحب والصداقة، ثم استعير للتمني.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه: ﴿...وَدَّ الَّذينَ كَفَروا لَو تَغفُلونَ عَن أَسلِحَتِكُم وَأَمتِعَتِكُم فَيَميلونَ عَلَيكُم مَيلَةً واحِدَةً﴾ [النساء: 102]:
    قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: {ود}: تمنى وأحب.

    ومنه: ﴿وَلَتَجِدَنَّ ُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ﴾ [البقرة: 96]:
    قال القرطبي في تفسيره: ومعنى*يود:*يتمنى. *

    ومنه: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}:
    قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني*تتمنى*النفس *أن تكون*بينها، وبين ذلك العمل أجلا بعيدا، كما بين المشرق والمغرب، ولم تعمل ذلك العمل قط.

    ومنه: ﴿ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَلَا المُشرِكينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم وَاللَّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾ [البقرة: 105]:
    قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى:"*ما*يود" أي*ما*يتمنى.

    ومنه: ﴿يَومَئِذٍ يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا وَعَصَوُا الرَّسولَ لَو تُسَوّى بِهِمُ الأَرضُ وَلا يَكتُمونَ اللَّهَ حَديثًا﴾
    [النساء: 42]:
    قال الطبري في تفسيره: يقول:*يتمنى*الذي *جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله، "لو تسوى بهم الأرض"..

    ومنه: ﴿يَحسَبونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبوا وَإِن يَأتِ الأَحزابُ يَوَدّوا لَو أَنَّهُم بادونَ فِي الأَعرابِ يَسأَلونَ عَن أَنبائِكُم وَلَو كانوا فيكُم ما قاتَلوا إِلّا قَليلًا﴾ [الأحزاب: 20]:
    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: معنى "يودوا" يتمنوا، و"بادون": خارجون*في*البادي ة.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى:*{يود المجرم}: يتمنى المشرك.
    قاله البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والعليمي في فتح الرحمن، وغيرهم.

    قال ابن الجوزي في زاد المسير: قوله عز وجل:*{يود*المجرم}: *يعني: يتمنى المشرك لو قبل منه هذا الفداء يومئذ ببنيه.

    *قوله {الْمُجْرِمُ}:* الكافر، والمشرك (٢).

    قال الماوردي في النكت والعيون: والمجرم هو الكافر.

    قلت (عبدالرحيم): ولفظ "المجرم" في التنزيل، يطلق ويراد به الكافر والمشرك؛ وتصديق ذلك في التنزيل كثير، من ذلك قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}: الْمُجْرِمُونَ: أي الكافرون، لأنه لا يكذب بجهنم إلا كافر.

    ومنه: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}:
    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {لا*بشرى*يومئذ للمجرمين}: للمشركين*بالجنة.

    ومنه: { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُ مْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ}:
    قال النسفي في مدارك التنزيل: {وكنتم*قوما*مجرم ن}*كافرين.

    ومنه: {إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِين َ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ }:
    قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: نفعل*بالمجرمين): بالمشركين.

    ومنه: ﴿كَذلِكَ سَلَكناهُ في قُلوبِ المُجرِمينَ﴾
    [الشعراء: 200]: قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني:*المشركين*م ازاة لهم، أي طبع على*قلوبهم، وسلك*فيها التكذيب.

    ومنه: ﴿إِنَّهُ مَن يَأتِ رَبَّهُ مُجرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَموتُ فيها وَلا يَحيى﴾ [طه: 74]:
    قال الجلال المحلي في الجلالين: قال تعالى {إنه*من*يأت*ربه*م رما}:*كافرا*كفرع ن.

    ومنه: ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ﴾ [يونس: 82]:
    قال العليمي في فتح الرحمن: {ولو*كره*المجرمو }:*المشركون.

    ومنه: ﴿قُل أَرَأَيتُم إِن أَتاكُم عَذابُهُ بَياتًا أَو نَهارًا ماذا يَستَعجِلُ مِنهُ المُجرِمونَ﴾ [يونس: 50]:
    قال البغوي في تفسيره: أي: ماذا*يستعجل*من الله المشركون.*

    *قوله {لَوْ}:* بمعنى أن.
    قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

    *قوله {يَفْتَدِي}:* يستنقذ نفسه.

    يقال: فدى فلان نفسه: أي استنقذها (٣).

    *قوله {مِنْ عَذَابِ}:* الله إياه (٤).

    *قوله {يَوْمِئِذٍ}:* يوم القيامة.

    *قوله {بِبَنِيهِ}:* أجمعين، والذين كان لأجلهم يقتحم المآثم والمخاطر.

    والتنصيص على "البنين" للإشارة إلى أهمية شأنهم في الحياة. انتهى

    قال الماوردي في النكت والعيون: يعني يفتدي من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر.

    قال الواحدي في الوسيط: لشدة ما يرى، يتمنى أن لو قبل منه أولاده فداء وأعزته، وهو قوله: {وصاحبته وأخيه وفصيلته} [المعارج: 12-13] عشيرته الأقربين، التي تئويه تضمه، ويأوي إليها، يقول الله تعالى: يود لو يفتدي بهذه الأشياء.
    ثم ينجيه ذلك الفداء.

    المعنى الإجمالي للآية، من "كتاب المختصر في التفسير"

    ﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11]:
    يشاهد كل إنسان قريبه لا يخفى عليه، ومع ذلك لا يسأل أحد أحدًا لهول الموقف، يودّ من استحق النار أن يقدم أولاده للعذاب بدلاً منه.
    .............................. ....
    (١):*قال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: ما موقع "يبصرونهم"؟ قلت: هو كلام مستأنف، كأنه لما قال {وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}: قيل: لعله لا يبصره، فقيل:*يبصرونهم، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم.

    (٢): سلف وقد بينت أن الكفر والشرك بمعنى واحد.

    (٣): وفي المعجم الوسيط: [ف د ي]: فدى*يفدي، افد،*فدى*وفداء*و دى، فهو فاد، والمفعول مفدي
    •*فدى*فلانا:
    -*استنقذه وخلصه مما كان فيه بماله أو بنفسه "فداه بنفسه/ بماله/ بروحه- فدت المرأة نفسها من زوجها: أعطته مالا حتى تخلصت منه بالطلاق- فداك أبي وأمي- {فإما منا بعد وإما*فدى} [ق]- {فإما منا بعد وإما*فداء}: أخذ مقابل لإطلاق الأسير".

    (٤): قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: "يود الكافر*يومئذ*ويت منى أنه يفتدي*من*عذاب*ال ه إياه ذلك اليوم..."

  15. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿وَصاحِبَتِهِ وَأَخيهِ۝وَفَصي لَتِهِ الَّتي تُؤويهِ﴾ [المعارج: 12-13].

    *قوله {وَ}:* عطف.

    *قوله {صاحِبَتِهِ}:* يريد: ويفادي نفسه بصاحبته مع بنيه؛ الذين سلف ذكرهم في قوله: ﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11]،
    يريد: يعرف القريب قريبه معرفة جيدة، ثم ينشغل عنهم، بل يتمنى الافتداء بهم جميعا؛ فكيف يهتم بهم ويسأل عن حالهم (١)؟.

    والصاحبة: الزوجة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَبِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَالجارِ ذِي القُربى وَالجارِ الجُنُبِ ...﴾ [النساء: 36]،
    قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: و {الصاحب بالجنب}: أَي: الزَّوْجَة، والصاحب بالجنب - أَيْضا: الْجَار الملاصق (٢).

    ومنه: ﴿وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ [الجن: 3]. قال الطبري في تفسيره: وقوله: (ما اتخذ صاحبة) يعني زوجة.

    قوله: ﴿بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنّى يَكونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَم تَكُن لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [الأنعام: 101].
    قال القرطبي في تفسيره: (ولم تكن له صاحبة) أي زوجة.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {وصاحبته}: يعني: زوجته.
    قاله الماوردي في النكت والعيون، والبغوي في تفسيره، وغيرهم جمع.

    قلت (عبدالرحيم): وخصت الصاحبة بالذكر في الآية الكريمة، لشدة الترابط بين الرجل وامرأته، وشدة الوثاق والمحبة؛ ففيها إشارة إلى أنه: ينبغي أن تشتد وتقوى الصلة بين الرجل وزوجته، ولتكن هي محلا لينزلها الزوج ما يزل به من النوازل؛ كما كان من النبي مع خديجة، لما نزل به ما نزل من أمر الوحي (٣).

    قال القاسمي في محاسن التأويل: {وصاحبته}: أي التي هي أحب إليه.

    *قوله { وَأَخيهِ}:* أي الذي يستعين به في النوائب.
    قاله القاسمي في محاسن التأويل.

    *قوله {وَفَصيلَتِهِ}:* عشيرته الأدنون.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

    قال الزجاج في معاني القرآن: معناه: أدنى قبيلته منه.

    قال الطبري في تفسيره: {وفصيلته}، وهم عشيرته التي تؤويه، يعني التي تضمه إلى رحله، وتنزل فيه امرأته، لقربة ما بينها وبينه.

    قال النحاس في إعراب القرآن: والجمع فصائل وفصل وفصلان.

    قال الفخر في تفسيره: المراد من الفصيلة المفصولة، لأن الولد يكون منفصلا من الأبوين.

    قال ابن عطية في المحرر: والفصيلة في هذه الآية قرابة الرجل الأدنون، مثال ذلك بنو هاشم مع النبي صلى الله عليه وسلم، والفصيلة في كلام العرب: أيضا الزوجة، ولكن ذكر الصاحبة في هذه الآية لم يبق في معنى الفصيلة إلا الوجه الذي ذكرناه.

    فائدة:

    قال في مختار الصحاح: إن العرب على ست طبقات: شعب، وقبيلة، وعمارة، وبطن، وفخد، وفصيلة، وما بينها من الآباء يعرفها أهلها.

    *قوله {الَّتي}:* دون غيرهم.

    *قوله {تُؤويه}:* أي تضمه.
    قاله الجلال المحلي في الجلالين، والسيوطي في معترك الأقران.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قول الله تعالى: ﴿وَلَمّا دَخَلوا عَلى يوسُفَ آوى إِلَيهِ أَخاهُ قالَ إِنّي أَنا أَخوكَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَعمَلونَ﴾ [يوسف: 69]،
    قال ابن أبي زمنين في تفسيره، واين جزي الغرناطي في التسهيل، والسنين الحلبي في عمدة الحفاظ: {آوى إِلَيهِ أَخاه}: أي ضمه.

    زاد السمين: في مأواه.

    قال الحوفي في في البرهان في علوم القرآن: {آَوَى}: يقال: أوى فلانٌ فلاناً، إذا ضمه إليه.

    ومنه: ﴿تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ ...﴾ [الأحزاب: 51]،
    قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: {وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ}: أي تضم.

    إلا أن أبا بكر قال: "تُؤوي إِلَيك": تضم إليك.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {التي تؤويه}: أي تضمه إليها عند الشدائد وتحميه، لأنه أقرب الناس إليها وأعزهم عليها فهم أعظم الناس حقاً عليه وأعزهم لديه.
    قاله البقاعي في نظم الدرر.

    قال الزمخشري في الكشاف: {تُؤْوِيهِ}: تضمه انتماء إليها، أو لياذا بها في النوائب.

    قال الماوردي في النكت والعيون، والبغوي في تفسيره، والعليمي في فتح الرحمن: {الَّتي تُؤويه}: التي يأوي إليها.

    إلا أن العليمي قال: {الَّتِي تُؤْوِيهِ}: ويأوي إليها.

    وزاد الماوردي: في خوفه.

    قال ابن في زاد المسير: ومعنى تؤويه تضمه، فيود أن يفتدي بهذه المذكورات ثم ينجيه من ذلك الفداء...

    *قوله {وَأَخيهِ}:* هو الأخ المعروف. يريد: ويفتدي بأخيه، الذي كان يغيثه وينجده، ويغضب له ويحميه.

    قال الواحدي في الوسيط: يقول الله تعالى: يود لو يفتدي بهذه الأشياء. ثم ينجيه ذلك الفداء.

    قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا} أي: لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض، وبأعز ما يجده من المال، ولو بملء الأرض ذهبا، أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به، ولا يقبل منه.
    ...........................

    (١): قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) أي: هو بحيث يتمنى الافتداء بأقرب الناس فضلاً عن أن يهتم بحاله، ويسأل عنه.

    (٢): قال ابن الجوزي في زاد المسير: وفي الصاحب بالجنب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الزوجة، قاله علي، وابن مسعود، والحسن، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى. والثاني: أنه الرفيق في السفر، قاله ابن عباس في رواية مجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن قتيبة. وعن سعيد بن جبير كالقولين. والثالث: أنه الرفيق، رواه ابن جريج، عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. قال ابن زيد: هو الذي يلصق بك رجاء خيرك. وقال مقاتل: هو رفيقك حضرا وسفرا. وفي ابن السبيل أقوال قد ذكرناها في (البقرة) .

    (٣): وفي الحديث: .... فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: «زملوني زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: «أي خديجة، ما لي» وأخبرها الخبر، قال: «لقد خشيت على نفسي»، قالت له خديجة: كلا أبشر، فوالله، لا يخزيك الله أبدا، والله، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، ...». شطر من حديث رواه مسلم برقم (١٦٠).

  16. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿كَلّا إِنَّها لَظى﴾ [المعارج: 15]

    *قوله {كَلّا}:* ردع وزجر، وتنبيه، ونفي، واستنكار (١).

    يريد: لا يكون الأمر كما يتمنى ويحب هذا الكافر (٢)؛ فلا ينجيه من عذاب الله شيء، ولو افتدى بأهل الأرض جميعا، فالعذاب نازل به لا محالة؛ كما قال: ﴿تَرَى الظّالِمينَ مُشفِقينَ مِمّا كَسَبوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِم ...﴾ [الشورى: 22]، قال النسفي في مدارك التنزيل: {وَهُوَ*وَاقِعٌ* ِهِمْ}: نازل*بهم*لا*محال *أشفقوا أو لم يشفقوا.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {كَلَّا}: أي: ليس الأمر على يتمنون، ولا يفيدهم من عذاب الله شيء.
    قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {كَلاَّ}: ردع للمجرم عن الودادة وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب.

    *قوله {إِنَّها}:* أي النار الموعود بها المجرم.
    قاله القاسمي في محاسن التأويل.

    *قوله {لَظى}:* يصف النار وشدة حرها بأنها لظى؛ أي لهب خالص (٢).
    و"لظى": اسم من أسماء جهنم (٣).
    سميت بذلك: لأنها أشد النيران (٤).
    وتقدير الكلام: العقوبة التي استوجبها "لظى" (٥).

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات: لظى: اللَّظَى: اللهب الخالص.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: و"لظى" علم لجهنم مشتق من اللظى، بمعنى: اللهب.

    قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان: والالتظاء: الاتقاد.

    قال ابن الجوزي في زاد المسير: هو يتلظى، أي: يتلهب ويتوقد. وكذلك النار تتلظى يراد به هذا المعنى. وأنشدوا:
    جحيما تلظى لا تفتر ساعة ... ولا الحر منها غابر الدهر يبرد.

    قال ابن عطية في المحرر: وفي هذا اللفظ تعظيم لأمرها وهولها.

    قلت (عبدالرحيم): وفائدة الإخبار بأنها "لظى" يفيد: أنه لا شيء فيها غير اللهب؛ لا كما يكون في نار الدنيا المشتملة على الدخان - مثلا -، أو غيره مما يحجزها عن المحترق؛ حتى الحجارة التي هي وقودها لهب يحرق (٦).
    فإن قلت: يرد عليه قوله تعالى: ﴿انطَلِقوا إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: 30]: يعني: سيروا إلى ظل من دخان النار مفترق ثلاث فرق. قلت: هذا قبل أن يقذفوا في النار، فإذا ألقوا فيها لم يعاينوا إلا اللهب الخالص. أما قبل دخولها فإنهم يرون الدخان المتصاعد من جهنم - أعاذنا الله -. قال الجرجاني في درج الدرر: {إِنَّها لَظى (15) نَزّاعَةً لِلشَّوى}: لهب النّار.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير":

    ﴿كَلّا إِنَّها لَظى﴾ [المعارج: 15]:
    ليس الأمر كما تمنّى هذا المجرم، إنها نار الآخرة تلتهب وتشتعل.
    ............................

    (١): في معجم اللغة العربية المعاصرة:
    كلاَّ [كلمة وظيفيَّة]:
    - حرف يفيد الردع والزجر والاستنكار، يجوز الوقوف عليه، والابتداء بعده " {كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}: زجر لمن كفر- {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}: لتنتهوا عن هذا القول".
    - حرف يفيد النفي، عكسه بلى "هلاّ فعلت كذا؟ كلاّ- يقول نعم وأقول كَلاّ" ° كلاَّ وألف كَلاَّ: نفي باتٌّ.
    - حرف جواب بمعنى حقًّا، يفيد التحقيق، ويكون قبل القسم " {وَمَا هِيَ إلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ. كَلاَّ وَالْقَمَرِ}".
    - حرف للتنبيه والاستفتاح إذا لم يسبقه في القول ما يقتضي الزجر أو النفي " {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} - {رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ} - {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} ".

    (٢): قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {إنها لظى}: يصف النار وشدة حرها.

    (٢): قال السمرقندي في بحر العوم: وقال أهل اللغة: {كلا}: ردع وتنبيه يعني: لا يكون كما تمنى.

    (٢): قاله القاسمي في محاسن التأويل.

    (٣): قال الطبري في تفسيره، وعلي بن فَضَّال في النكت، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم: "لظى": اسم من أسماء جهنم.

    (٤): قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: ولَظى اسمُ جَهَنَّمَ غيرُ مَصْرُوفٍ سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّها أَشَدُّ النِّيرانِ وفي التَّنْزِيلِ {كلا إنها لظى نزاعة للشوى} المعارج 15 16 وقد لَظِيَت النّارُ لَظًى والْتَظَتْ أَنْشَد ابنُ جِنِّي
    (وبَيَّنَ للوُشاةِ غداةَ بانَتْ ... سُلَيْمَى حَرَّ وَجْدِي والْتِظايَهْ).
    وقال أبو عمرو الداني في الفرق بين الضاد والظاء فى كتاب الله عز وجل وفى المشهور من الكلام: ويقال: إنّما سمّيت لظى للصوقها الجلد. ومنه: حيّة تتلظّى، من توقّدها وخبثها.

    (٥): قال السمرقندي في بحر العلوم: ثم استأنف الكلام، فقال: {كلا إنها لظى}: يعني: النار والعقوبة لظى اسم من أسماء النار.

    (٦): قال الله: ﴿...فَاتَّقُوا النّارَ الَّتي وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ أُعِدَّت لِلكافِرينَ﴾ [البقرة: 24].

  17. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    *قوله {نَزَّاعَةً}:* أي قلّاعة. والتشديد للبالغة، والتكثير (١).

    والمعنى: تقلع وتكشط (٢) الجلد من مكانه؛ تبريه بريا حتى تنسفه، وتفرقه ولا تترك منه شيئا (٣)، يعني جهنم - أعاذنا الله منها -.

    قال أبو موسى المديني في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، والواحدي في الوسيط: والنزع: القلع.

    إلا أن الواحدي قال: النزع: قلع الشيء من مكانه.

    قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط: نَزَعَه من مكانِه يَنْزِعُه: قَلَعَه.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: {وَالنَّازِعَات غَرْقًا}: لأنها تقلع أرواح الكفرة بشدة.
    قاله السمين الحلبي في الدر المصون.

    ومنه: {تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن جزي الغرناطي في التسهيل: {تَنْزِعُ النَّاسَ}: أي تقلَعُهم من مواضعهم.

    قال البغوي في تفسيره: تقلعهم، ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {نزاعة للشوى}: قلّاعة للأطراف. تكشط الجلد عن الوجه وعن العظم.
    قاله القشيري في تفسيره.

    قال ابن أبي ومنين في تفسيره: {نزاعة}: يعني: أكالة.

    *قوله: {لِلشَّوَى}:* مفردها: شواة. وهي: جلدة الرأس. يقال: سمعت كذا فاقشعرت منه شواتي: يعني جلدة رأسي (٤).

    وخصت جلدة الرأس بالذكر، لغلظها وقوة التصاقها بعظم الرأس؛ ففي الآية إعجاز.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {نَزَّاعَةً لِلشَّوى}: لجلدة الرأس.
    قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.

    قال الجرجاني في درج الدرر: {لِلشَّوَى}: واحدتها شواة وهي جلدة الرأس خاصة.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يريد: جلود الرءوس.

    قال الواحدي في الوجيز: يعني: جلود الرأس تقشرها عنه.

    قال البقاعي في نظم الدرر: {نزاعة للشوى}: أي هي شديدة النزع لجلود الرؤوس بليغته فما الظن بغيره من الجلد.

    المعنى الاجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير":

    ﴿نَزّاعَةً لِلشَّوى﴾ [المعارج: 16]:
    تفصل جلدة الرأس فصلاً شديدًا من شدة حرّها واشتعالها.
    .............................. ......

    (١): قال علي بن فضّال في النكت: والنزع: الاقتلاع، وقيل: {نَزَّاعَةً} للتكثير، ...

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والنزاعة: مبالغة في النزع وهو الفصل والقطع.

    وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: ن ز ع
    نَزّاع [مفرد]: صيغة مبالغة من نزَعَ/ نزَعَ إلى: " {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى. نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}: قلاّعة للأطراف أو جلد الرأس".

    قال ابن فورك في تفسيره : الكشط: القلع عن شدة الفراق كَشَطَ جلدة الرأس يكشطها كشطاً إذا قلعها، فقلع السّماء عن مكانها على شدة وثاقاها في اعتمادها كقلع جلدة الرأس عن مكانها.

    (٢): قال ابن منظور في اللسان: والنسف: القلع.

    (٣): قال النسفي في مدارك التنزيل: {للشوى} لأطراف الإنسان كاليدين والرجلين أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنزعها نزعاً فتفرقها ثم تعود إلى ما كانت.

    وقال ابن كثير في تفسيره: وقال الضحاك: تبري اللحم والجلد عن العظم، حتى لا تترك منه شيئا.

    (٤): قال الزمخشري في أساس البلاغة: ش و ي: سمعت كذا فاقشعرت منه شواتي: جلدة رأسي.

  18. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿تَدعو مَن أَدبَرَ وَتَوَلّى﴾ [المعارج: 17].

    *قوله {تَدعو}:* أي تنادي. والدعاء: النداء بصوت مسموع عال (١).

    يريد: تنادي جهنم إلى نفسها (٢)؛ بصوت مخيف عال قبيح، كما قال: ﴿إِذا أُلقوا فيها سَمِعوا لَها شَهيقًا وَهِيَ تَفورُ﴾ [الملك: 7]، يعني: إذا طُرحوا في النار سمعوا صوتًا قبيحًا شديدًا؛ من شدة غليانها.

    قال أبو الحسن الرماني في النكت في إعجاز القرآن: {شهيقا}: حقيقته صوتا فظيعا كشهيق الباكي، والاستعارة أبلغ منه وأوجز، والمعنى الجامع بينهما قبح الصوت.

    قال الزجاج في معاني القرآن: وقوله عزَّ وجلَّ: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}: وهو أقبح الأصوات وهو كصوت الحمار.

    انتهى

    قال الأزدي في جمهرة اللغة: والنِّداء: نِداء الصَّوْت، وَهُوَ بُعْدُ مَدَاه. وَأنْشد: (فَقلت ادْعي وأدَعُوَ إنأنْدَى ... لصوتٍ أَن يناديَ داعيانِ) أَي أبْعَد لمداه.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: ﴿لا تَدعُوا اليَومَ ثُبورًا واحِدًا وَادعوا ثُبورًا كَثيرًا﴾ [الفرقان: 14]،
    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والدعاء: النداء بأعلى الصوت.

    ومنه: ﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر﴾ [القمر: 10]،
    قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني نادى ربَّه.

    ومنه: ﴿قُل إِنَّما أُنذِرُكُم بِالوَحيِ وَلا يَسمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنذَرونَ﴾ [الأنبياء: 45]،
    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {ولا يسمع الصم الدعاء}: يعني: النداء.

    ومنه: ﴿يَومَ يَدعوكُم فَتَستَجيبونَ بِحَمدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لَبِثتُم إِلّا قَليلًا﴾ [الإسراء: 52]،
    قال القرطبي في تفسيره: الدعاء: النداء إلى المحشر بكلام تسمعه الخلائق.

    ومنه: ﴿إِن تَدعوهُم لا يَسمَعوا دُعاءَكُم وَلَو سَمِعوا مَا استَجابوا لَكُم وَيَومَ القِيامَةِ يَكفُرونَ بِشِركِكُم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثلُ خَبيرٍ﴾ [فاطر: 14]،
    قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني يوم يناديكم إِسرافيل.

    ومنه: ﴿الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إِسماعيلَ وَإِسحاقَ إِنَّ رَبّي لَسَميعُ الدُّعاءِ﴾ [إبراهيم: 39]، لَسَميعُ الدُّعاءِ: أي لمجيب النداء.

    ومنه: ﴿فَتَوَلَّ عَنهُم يَومَ يَدعُ الدّاعِ إِلى شَيءٍ نُكُرٍ﴾ [القمر: 6]،
    قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني نادى ربَّه: يعني ينادي المنادي.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {تَدعو}: تنادي: قَول ثَعْلَب.
    قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

    قال القشيري في تفسيره: قوله جل ذكره: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى}: تقول جهنم للكافر والمنافق: يا فلان ... إليّ إليّ.

    قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى}: أي: تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها، وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها، فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق، ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب.

    قلت (عبدالرحيم): ونداء جهنم وكلامها على الحقيقة؛ فهي تتكلم بصوت مسموع؛ كما قال: ﴿يَومَ نَقولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتَلَأتِ وَتَقولُ هَل مِن مَزيدٍ﴾ [ق: 30]، وهذا نص صريح، في أنها تتكلم وتطلب الزيادة. وذلك على الله سهل يسير.

    وفي الحديث: «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ، بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِ ينَ» (٣).

    وكذلك تبصر - جنهم - من وكلت بهم؛ ممن حق عليهم العذاب، قال الله: ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ [الفرقان: 12]، فقوله: {إِذا رَأَتهُم}: يعني: إذا أبصرتهم.

    فيوم القيامة يشخص بصر الكافر لما يرى من العجائب التي كان يكذب بها في الدنيا، فالذي أنطق جوارج الإنسان يوم القيامة، قادر أن ينطق جهنم؛ قال الله: ﴿وَقالوا لِجُلودِهِم لِمَ شَهِدتُم عَلَينا قالوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذي أَنطَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ خَلَقَكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [فصلت: 21].

    *قوله {مَن أَدبَرَ}:* عن الإيمان.
    قاله البغوي في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم.

    قال الأزدي في جمهرة اللغة: والإدبار: خلاف الإقبال.

    *قوله {وَ}:* تدعو من:

    *قوله {تَوَلّى}:* أعرض.
    قاله الواحدي في الوجيز، وأبو السعود في تفسيره، وغيرهم.

    إلا أن أبا السعود قال: أعرض عن الطاعة.

    قال الأزدي في تهذيب اللغة: و (التَّوَلِّي) يكون بِمَعْنى: الْإِعْرَاض، وَيكون بِمَعْنى: الاتّباع.

    قلت (عبدالرحيم): ومن الأول، قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى﴾ [عبس: 1]،
    قال الطبري في تفسيره: (وتولى) يقول: وأعرض.

    ومنه: ﴿وَأَن أَلقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهتَزُّ كَأَنَّها جانٌّ وَلّى مُدبِرًا وَلَم يُعَقِّب يا موسى أَقبِل وَلا تَخَف إِنَّكَ مِنَ الآمِنينَ﴾ [القصص: 31]،
    قال القاسمي في محاسن التأويل: ولى مدبرا أي أعرض بوجهه عنها. جاعلا ظهره إليها.

    ومنه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال: (20)،
    قال ابن الجوزي في زاد المسير: ومعنى التولِّي: الإِعراض عن طاعة الله ورسوله.

    ومنه: ﴿أَفَرَأَيتَ الَّذي تَوَلّى﴾ [النجم: 33]، قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: أعرض عن الحق، وهو الوليد بن المغيرة، ومن كان في مثل حاله.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {أَفَرَأَيْتَ الذى تولى}: أعرض عن الإيمان.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) يقول: تدعو لظى إلى نفسها من أدبر في الدنيا عن طاعة الله، وتولى عن الإيمان بكتابه ورسله.
    قاله الطبري في تفسيره.

    قال البغوي في تفسيره: تدعو، النار إلى نفسها، من أدبر، عن الإيمان، وتولى، عن الحق فتقول إلي يا مشرك إلي يا منافق إلي إلي.

    قال ابن عطية في المحرر: وقوله تعالى: {تدعوا من أدبر وتولى}: يريد الكفار.

    نكتة:

    فإن قلت: لم جمع بين التولي والإدبار، مع أنه من الممكن أن يكتفى بأحدهما؟.

    قيل: جمع بين الإدبار والتولي مبالغة في كفرهم وعنادهم، والتنبيه على كفرهم بقلوبهم وجوارحهم؛ كما قال: ﴿الَّذينَ كَفَروا وَصَدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعمالَهُم﴾ [محمد: 1]،
    فجمع بين كفرهم وصدهم.

    فجمع بين التولية والإدبار في قوله تعالى: {أدبر وتولى}: لإفراطهم وابعادهم عن الحق، وتكلفهم النفور منه والإعراض عنه؛ فهم أدبروا عن الإيمان بقلوبهم بالتكذيب، وتكلفوا الإعراض عن العمل بمقتضاه بجوارحهم؛ كما قال عنهم: ﴿قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ۝وَل َم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ۝وَكُن ّا نَخوضُ مَعَ الخائِضينَ۝وَكُ نّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدّينِ﴾ [المدثر: 43-46]، فجمعوا بين كفر التكذيب بقلوبهم، وبين الكفر بالجوارح من ترك الصلاة وإطعام المسكين.

    وكما أخبر عن تكذيب قوم نوح؛ ﴿كَذَّبَت قَبلَهُم قَومُ نوحٍ فَكَذَّبوا عَبدَنا وَقالوا مَجنونٌ وَازدُجِرَ﴾ [القمر: 9]، فالتكذيب عمل القلب، والقول عمل الجوارح، بل كان من فرط اعراضهم بالجوارح، ما أخبر عن قيل نوح - عليه السلام -: ﴿وَإِنّي كُلَّما دَعَوتُهُم لِتَغفِرَ لَهُم جَعَلوا أَصابِعَهُم في آذانِهِم وَاستَغشَوا ثِيابَهُم وَأَصَرّوا وَاستَكبَرُوا استِكبارًا﴾ [نوح: 7].

    وقال: ﴿فَما لَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضينَ۝كَأَن َّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ﴾ [المدثر: 49-50].،
    قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: أي: كأنهم في نفارهم عن الحق حمر وحشية فرت مِنْ مَنْ يصيدها، أو من الأسد. انتهى

    قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: التولي: الإعراض المتكلف بما يفهمه التفعل. ذكره الحرالي.

    قال الكفوي في الكليات: والإعراض: الانصراف عن الشيء بالقلب قال بعضهم: " المعرض والمتولي يشتركان في ترك السلوك، إلا أن المعرض أسوأ حالا، لأن المتولي متى ندم سهل عليه الرجوع والمعرض يحتاج إلى طلب جديد، وغاية الذم الجمع بينهما ".

    ولله در ابن كثير - رحمه الله -، حيث قال في قوله تعالى: {أدبر وتولى}: أي: كذب بقلبه، وترك العمل بجوارحه.

    قال الرازي في تفسيره: وقوله: {من أدبر وتولى}: يعني من أدبر عن الطاعة وتولى عن الإيمان.
    وجمع المال فأوعى أي جعله في وعاء وكنزه، ولم يؤد الزكاة والحقوق الواجبة فيها فقوله: أدبر وتولى إشارة إلى الإعراض عن معرفة الله وطاعته.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير"

    ﴿تَدعو مَن أَدبَرَ وَتَوَلّى﴾ [المعارج: 17]
    تنادي من أعرض عن الحق، وأبعد عنه ولم يؤمن به ولم يعمل.
    ............................

    (١): قال العسكري في معجم الفروق اللغوية: الفرق بين الدعاء والنداء أن النداء هو رفع الصوت بما له معنى والعربي يقول لصاحبه ناد معي ليكون ذلك أندى لصوتنا أي أبعد له والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه يقال دعوته من بعيد ودعوت الله في نفسي ولا يقال ناديته في نفسي وأصل الدعاء طلب الفعل دعا يدعو وادعى ادعاء لأنه يدعو إلى مذهب من غير دليل وتداعى البناء يدعو بعضه بعضا إلى السقوط والدعوى مطالبة الرجل بمال يدعو إلى أن يعطاه وفي القرآن تدعو من (أدبر من أدبر تولى) أي يأخذه العذاب كأنه يدعوه إليه.

    (٢): قال البغوي في تفسيره: {تدعوا} أي: النار إلى نفسها.

    (٣): رواه الترمذي في سننه (٢٥٧٤)، من حديث أبي هريرة مرفوعا، وذكره الالباني في الصحيحة برقم (512).

  19. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿وَجَمَعَ فَأَوعى﴾ [المعارج: 18].

    *قوله {وَ}:* تدعو من (١). يريد: وتدعو "لظى" من:

    *قوله {جَمَعَ}:* يعني: جمع المال؛ كما قال: ﴿الَّذي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ﴾ [الهمزة: 2]، قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {الذي جمع مالا وعدده} أي: جمعه بعضه على بعض، وأحصى عدده.

    قال الراغب الأصفهاني في النفردات: "جمع": الجَمْع: ضمّ الشيء بتقريب بعضه من بعض، يقال: جَمَعْتُهُ فَاجْتَمَعَ، وقال عزّ وجل: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة/ 9] ، {وَجَمَعَ فَأَوْعى} [المعارج/ 18].

    انتهى

    فقوله: {جَمَعَ}: المال.
    قاله البغوي في تفسيره، الماوردي في النكت والعيون، وابن أبي زمنين في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم جمع.

    إلا أن ابن أبي زمنين قال: يعني: جمع المَال فأوعاه.

    *قوله {فَأَوعى}:* أي فحفظه في أوعية.

    والمعنى: تدعو لظى إليها من أدبر وتولى، وجمع المال فأوعاه، ولم يؤد حق الله فيه.

    قال الرازي في تفسيره: فأصل الكلمة من الوعاء، فيقال: أوعيت الشيء أي جعلته في وعاء.

    قال الراغب في المفردات: والإِيعَاءُ: حفظ الأمتعة في الوِعَاءِ.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: يقال: أوعيت المال وغيره إذا جمعته في وعاء.

    قال البقاعي في نظم الدرر: والوعي: الحفظ في النفس، والإيعاء: الحفظ في الوعاء.

    قلت (عبدالرحيم): ومن الأول قوله تعالى: ﴿لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ [الحاقة: 12]، قال الطبري في تفسيره: وقوله: (وَتَعِيَهَا*أُذ ُنٌ*وَاعِيَةٌ): يعني:*حافظة،*عقل عن الله ما سمعت.

    قال ابن الهائم في التبيان في غريب القرآن: أي تحفظها*أذن*حافظة ، من قولك: وعيت العلم، إذا حفظته.

    ومن الثاني: قوله تعالى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوعِيَتِهِم قَبلَ وِعاءِ أَخيهِ ثُمَّ استَخرَجَها مِن وِعاءِ أَخيهِ ...﴾ [يوسف: 76].

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {وجمع فأوعى}: يقول: وجمع مالا فجعله في وعاء، ومنع حق الله منه، فلم يزكِ، ولم ينفق فيما أوجب الله عليه إنفاقه فيه.
    قاله الطبري في تفسيره.

    قال الفراء في معاني القرآن: فلم يؤد منه زكاة، ولم يصل رحما.

    قال القرطبي في تفسيره: فكان جموعا منوعا.

    تنبيه:

    قلت (عبدالرحيم): لا يعاب على المرء مجرد جمع المال، ولأنه مما جبلت عليه النفوس؛ فالآية تشير إلى فرط بخله وحرصه وطول أمله واعراضه عن الآخرة، وهذا شأن الكفار؛ كما قال: ﴿ذَرهُم يَأكُلوا وَيَتَمَتَّعوا وَيُلهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوفَ يَعلَمونَ﴾ [الحجر: 3].

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل، في قوله تعالى: {وجمع فأوعى}: وهذه إشارة إلى قوم من أغنياء الكفار جمعوا المال من غير حله ومنعوه من حقه.

    قال الرازي في التفسير الكبير: وقوله: {وجمع فأوعى}: إشارة إلى حب الدنيا، فجمع إشارة إلى الحرص، وأوعى إشارة إلى الأمل، ولا شك أن مجامع آفات الدين ليست إلا هذه.

    قال أبو السعود في تفسيره: تشاغل به عن الدين، وزهى باقتنائه حرصا وتأميلا.
    ..........................

    (١): قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي: وتدعو من جمع مالاً فجعله في وعائه ومنع حق الله منه. ومعنى " أوعى ": أحاط بِمَنْعِ المَالِ وحِفْظِه، ومنه: وَعيْت العلم، وأذنٌ واعيةٌ.

  20. افتراضي رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

    *"معاني وغريب القرآن"*

    - جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

    قوله تعالى:
    ﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا﴾ [المعارج: 19].

    *قوله {إِنَّ}:* توكيد للجملة (١).

    *قوله {الْإِنْسَانَ}:* في معنى: الناس (٢).
    لأن الإنسان هنا: اسم جنس، يقع على الواحد والجميع؛ وبدليل ما بعده {إلا المصلين}؛ فاستثنى من الناس المصلين. ونظير ذلك قوله تعالى: {خَلَقَ*الإنسان* ِنْ*عَلَقٍ}: قال الماوردي في النكت والعيون: يريد بالإنسان جنس الناس كلهم،*خلقوا*من*ع ق*بعد النطفة.

    قال الطبري في تفسيره: {إِنَّ الإِنسانَ}: الكافر.

    قال الرازي في تفسيره: قال بعضهم: المراد بالإنسان هاهنا الكافر، وقال آخرون: بل هو على عمومه، بدليل أنه استثنى منه إلا المصلين.

    *قوله {خُلِقَ}:* ولم يقل "خلقناه"؛ ليفيد استعمال الأدب مع الله، مع أنه هو الذي خلق وركب فيه هذه الأخلاق. ونحوه: ﴿وَإِذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفينِ﴾ [الشعراء: 80]، فلم يقل: أمرضني؛ تأدبا.
    قال القشيري في تفسيره: لم يقل: وإذا أمرضنى لأنه حفظ أدب الخطاب (٣).

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {وإذا مرضت}: هو استعمال أدب، وإلا فالممرض والشافي هو الله تعالى بإجماع أهل الدين.

    *قوله {هَلُوعًا}:* الْهَلُوعُ: فَعُولٌ مِنَ الْهَلَع،ِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ (٤).

    قال الطبري في تفسيره: والهلع: شدة الجزع مع شدة الحرص والضجر.

    قال ابن سيدة في المخصص: والهلع: شدة الحرص وقلة الصبر. ورجل هلع وهالع وهلوع وهلواع هلواعة.

    قال الحميري في شمس العلوم: [الهلوع]: الجزوع.

    قال القرطبي في تفسيره: والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه ... والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي .

    قال الألوسي تفسيره: الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير من قولهم ناقة هلوع سريعة السير.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا﴾
    [المعارج: 19]، ضجورا، شحيحا، جزوعا، من الهلع وهو: شدة الحرص، وقلة الصبر، والمفسرون يقولون: تفسير الهلوع: ما بعده، وهو قوله: ﴿إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا۝وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا﴾ [المعارج: 20-21]، إذا أصابه الفقر لا يصبر، ولا يحتسب، وإذا أصابه المال منعه من حق الله.
    قاله الواحدي في الوسيط.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلباً عن الهلع فقال قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه والشر الضر والفقر والخير السعة والغنى أو المرض والصحة.
    .............................. ....

    (١): قال ابن سيده في المخصص: وَمعنى "إنَّ" توكيد.

    (٢): قال الزجاج في معاني القرآن: الإنسان ههنا في معنى "الناس".

    (٣): قال ابن عطية في المحرر: فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند المرض إلى لنفسه، إذ هو معنى نقص ومصيبة، وهذا المنزع يطرد في فصاحة القرآن كثيرا.

    (٤): قاله الشنقيطي في أضواء البيان.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •