تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 121

الموضوع: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

  1. افتراضي

    قوله تعالى
    ﴿تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيظِ كُلَّما أُلقِيَ فيها فَوجٌ سَأَلَهُم خَزَنَتُها أَلَم يَأتِكُم نَذيرٌ﴾ [الملك: 8].

    *قوله {تَكادُ}:* تقرب. و"كاد" من أفعال المقاربة.

    ومنه قوله تعالى (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ): قال السمعاني في تفسيره: وتكاد*أي:*تقرب

    *قوله {تَمَيَّزُ}:* أي تمزق. يعني: تتقطع، وتتشق.

    وأصل"تميز": تتميز. أدغمت إحدى التاءين في الأخرى للتخفيف؛ كما في قوله ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ): لِتَعَارَفُوا: أي لتتعارفوا.

    قال السمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: والأصل: لتتعارفوا، فحذف إحدى التاءين.

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: وتميز من الغيظ: تقطع.

    مجد الدين أبو السعادات في النهاية: يقال*قد*انشق*فلا *من الغضبوالغيظ، كأنه امتلأ باطنه منه حتى*انشق. ومنه قوله تعالى تكاد تميز من الغيظ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى (تَمَيَّزُ): تمزق. بلغة قريش.
    قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وحكاه عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي تنشق غيظا على الكفار.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    بارك الله فيكم،

    وفي تفسير ابن كثير رحمه الله (4/468):
    وقوله : (تكاد تميز من الغيظ) أي : تكاد ينفصل بعضها من بعض ، من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم.




    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. افتراضي

    قوله تعالى
    ﴿فَاعتَرَفوا بِذَنبِهِم فَسُحقًا لِأَصحابِ السَّعيرِ﴾ [الملك: 11].

    *قوله {فَسُحقًا}:* أي فبعدا. والسحيق: البعيد.

    قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والسحق:* البعد. ولغة أهل الحجاز: بعد له وسحق، يجعلونه اسما، والنصب على الدعاء عليه، أي أبعده الله وأسحقه.

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: السحق:*البعد، يقال:*بعدا*له وسحقا.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {فَسُحقًا}: أي بعدا.

    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وابن الهائم في التبيان تفسير غريب القرآن، والكفوي في الكليات، وغيرهم جمع.

    إلا أن الكفوي قال: فبعدا.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {فَسُحقًا}: أي بعدا. ومنه قوله تعالى {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}: سَحِيقٍ: أي بعيد.

    قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وأبو السجستاني في غريب القرآن، وأبو علي الفارسي في الحجة للقراء السبعة، والهروي في الغريبين في القرآن والحديث، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن، والسيوطي في معترك الأقران، وغيرهم جمع.

    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  4. افتراضي

    قوله تعالى
    ﴿أَأَمِنتُم مَن فِي السَّماءِ أَن يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فَإِذا هِيَ تَمورُ﴾ [الملك: 16].

    *قوله {أَأَمِنتُم مَن فِي السَّماء}:* يعني نفسه - جل ذكره -. وهذا من أعظم الأدلة، وأبينها أن الله في السماء. والنصوص في هذا متواترة.

    *قوله {يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ}:* يغيّبكم فيها.

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: فالغرق تغييب تحت الماء، كما أن الخسف تغييب تحت التراب.

    قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: فإذا تدور بكم إلى الأرض السفلى.

    *قوله {تَمورُ}:* تضطرب، أي يحركها عند الخسف حتى يلقيهم إلى أسفل، والأرض تعلو عليهم.
    قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

    قال القرطبي في تفسيره: أي تذهب وتجيء. والمور : الاضطراب بالذهاب والمجيء.

    قال البغوي في تفسيره: والمعنى: أن الله تعالى يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تلقيهم إلى أسفل، تعلو عليهم وتمر فوقهم. يقال: مار يمور، أي: جاء وذهب.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {تَمورُ}: تدور، وتضطرب، وتتحرك. ومنه قوله تعالى {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا}: قال الفراء في معاني القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن : تدور بما فيها.

    زاد الفراء: وتسير الجبال عن وجه الأرض: فتستوي هي والأرض.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  5. افتراضي

    قوله تعالى
    {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} الملك (17).

    *قوله {حَاصِبًا}:* حجارة.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والنحاس في معاني القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الغريب في تفسير الغريب، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم.

    إلا أن ابن قتيبة قال: يعني: الحجارة.

    وقال النحاس: وهي الحجارة.

    قلت (عبدالرحيم): ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ): حَاصِبًا: حجارة.
    قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، والنحاس في إعراب القرآن.

    زاد أبو عبيدة: والحاصب أيضا يكون من الجليد قال الفرزدق:
    مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصب كنديف القطن منثور.
    على عمائمنا يلقى وأرحلنا ... على زواحف تزجى مخّهارير.

    وزاد النحاس: تحصبهم.


    وزاد السمرقندي: من فوقهم إلا آل لوط نجيناهم بسحر يعني: وقت السحر.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  6. افتراضي

    *تفسير غريب القرآن - كتبه عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} الملك (22).

    *قوله {مُكِبًّا}:* ساقطا، وواقعا، ومنحنيا، ومنقلبا على وجهه.

    والمعنى: يمشي يوم القيامة منكس الهيئة؛ بخلاف هيئته السوية التي كان يمشي عليها الدنيا على قدميه، أما الآن فهو يمشي على وجهه؛ جزاءَ كفره.

    ونحوه قوله تعالى {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}: يعني يجرون في النار على وجوههم.

    وروى البخاري (4760)، ومسلم (2806)؛ من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».

    قال الزبيدي في تاج العروس: وأَكَبَّ الرَّجُلُ، إِكباباً: إِذا نَكَّسَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيز: {أَفَمَن يَمْشِى مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ}.

    قال ابن بطال الركبي في النظم المستعذب في* تفسير غريب ألفاظ المهذب: "المكب" هو: الواقع على وجهه، والمستلقى: الواقع على قفاه.

    قال ابن منظور في لسان العرب: والفارسُ يَكُبُّ الوَحْشَ إِذا طَعَنَهَا فأَلقاها عَلَى وُجُوهِهَا.

    وقال أيضا - في اللسان -: وَرَجُلٌ مُكِبٌّ ومِكْبابٌ: كَثِيرُ النَّظَر إِلى الأَرض.

    قال ابن سيده في المحكم في المحيط الاعظم: وَرجل مكب، ومكباب: كثير النّظر إِلَى الأَرْض، وَفِي التَّنْزِيل: (أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه) .

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: والإِكْبَابُ: جعل وجهه مَكْبُوباً على العمل.

    قال الفيومي في المصباح المنير: كببت الإناء كبا من باب "قتل" قلبته على رأسه وكببت زيدا كبا أيضا ألقيته على وجهه فأكب.

    وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: أكبَّ على وجهه: سقَط، انقلب، انحنى " {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: منقلبًا على وجهه مُتغيِّرًا في مِشْيَته، أو منكّس الرأس، لا يرى ما حوله".

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {مُكِبًّا}: ساقطا.
    قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والنسفي في مدارك التنزيل.

    زاد نجم الدين: كببته على وجهه فأكبّ.

    وزاد النسفي: على وجهه يعثر كل ساعة ويمشي معتسفاً.

    وقال الجلال المحلي في الجلالين، والخطيب الشربيني في السراج المنير: {مُكِبًّا}: واقعا.

    قال الطبري في تفسيره: (مكبا على وجهه) لا يبصر ما بين يديه، وما عن يمينه وشماله.

    قال الماوردي في النكت والعيون: هذا مثل ضربه اللَّه تعالى للهدى والضلالة, ومعناه ليس من يمشي مُكباً على وجهه ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله. كمن يمشي سوياً معتدلاً ناظراً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: {مُكباً} أطلق على غير السوي وهو المنحني المطاطىء يتوسم الآثار اللائحة من آثار السائرين لعله يعرف الطريق الموصلة إلى المقصود .
    .............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  7. افتراضي

    قوله تعالى
    ﴿قُل هُوَ الَّذي ذَرَأَكُم فِي الأَرضِ وَإِلَيهِ تُحشَرونَ﴾ [الملك: 24].

    *قوله {ذَرَأَكُم}:* خلقكم.

    قال البَندنيجي في التقفية في اللغة، والجرجاني في درج الدرر: والذرء: الخلق.

    زاد البَندنيجي: والله هو الذاريء.

    قال الأزدي في جمهرة اللغة: الذرء: مصدر ذرأ الله*الخلق*يذرؤه م ذرءا، وقد يترك الهمز فيقال: الذرو. قال أبو بكر: ثلاثة أشياء تركت العرب الهمز فيها، وهي الذرية من ذرأ الله*الخلق*والنب ي صلى الله عليه وسلم لأنه من النبأ، مهموز، والبرية من برأ الله*الخلق، وقال قوم: الخابية من خبأت الشيء.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى (ذَرَأَكُم): خلقكم.
    قاله يحيى بن سلام في تفسيره، والطبري في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وغيرهم.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا): أي:*مما خلق*من الحرث وهو الزرع. والأنعام الإبل والبقر والغنم.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

    ومنه (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ): ذَرَأْنَا لِجَهَنَّم: أي خلقنا لجهنم.
    قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

    ومنه (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ): وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ: أي ما*خلق*لكم.
    قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والأخفش الأوسط في معاني القرآن.

    زاد الأخفش: وبث لكم.

    ومنه (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ): يَذْرَؤُكُمْ فِيه: أي يخلقكم.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

    زاد ابن قتيبة: في الرحم أو في الزوج.

    *قوله {تُحشَرونَ}:* تجمعون. والحشر: الجمع.

    قال ابن فارس في مجمل اللغة: الحشر:*الجمع*مع سوق، وكل جمع حشر.
    والعرب تقول: حشرت السنة مال بني فلان كأنها جمعته وأتت عليه.
    قال [رؤبة] :
    وما نجا من حشرها المحشوش.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {وإليه*تحشرون}: أي*تجمعون*يوم القيامة من قبوركم لموقف الحساب.
    قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: تجمعون*يوم القيامة بعد تفرقكم.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  8. افتراضي

    قوله تعالى
    ﴿بِأَييِكُمُ المَفتونُ﴾ [القلم: 6].

    *قوله {المَفتونُ}:* أي المجنون.*والفتنة في هذا الموضع بمعنى: الجنون.

    قال الأزهري الهروي في تهذيب اللغة: والفتنة الجنون، وكذلك الفتون.

    قال الزجاج في معاني القرآن: معنى المفتون: الذي قد فتن بالجنون.

    قال الخضيري في السراج في بيان غريب القران: {بأييكم المفتون}: في أي الفريقين. الفتنة، والجنون؟.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {الْمَفْتُونُ}: المجنون.
    قاله يحيى بن سلام في التصاريف، والفراء في معاني القرآن، والطبري في تفسيره(1)، وأبو حيان الاندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وغيرهم.

    إلا أن الفراء قال: المفتون هاهنا بمعنى: الجنون.

    وزاد أبو حيان: والباء زائدة.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: {والمفتون}: اسم مفعول وهو الذي أصابته فتنة، فيجوز أن يراد بها هنا الجُنون فإن الجنون يعدّ في كلام العرب من قبيل الفتنة*(يقولون للمجنون : فَتَنَتْهُ الجن)*ويجوز أن يراد ما يصدق على المضطرب في أمره المفتون في عقله حيرة وتقلقلاً ، بإيثار هذا اللفظ ، دون لفظ المجنون من الكلام الموجَّه أو التورية ليصح فرضه للجانبين.

    قال الأخفش الأوسط في معاني القرآن: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} يريد "أيُّكُمْ المَفْتُون".
    ..............................

    (1): قال الطبري في تفسيره: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: بأيكم الجنون، ووجه المفتون إلى الفتون بمعنى المصدر، لأن ذلك أظهر معاني الكلام، إذا لم ينو إسقاط الباء، وجعلنا لدخولها وجها مفهوما.
    ......................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  9. افتراضي

    قوله تعالى
    {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} القلم (9).

    *قوله {تُدْهِنُ}:* تداهن، وتلين في دينك. وليس لك ذلك لأنك على الحق المبين.

    *قوله {فَيُدْهِنُونَ}:* فيداهنون، ويَلينون. لأنهم ليسوا على شيء.

    وفيه بيان حال، ومنزلة من يعبد الله بالتوحيد، ومن يعبد غيره بالإشراك؛ لأن أهل التوحيد (أشد حبا لله)، لايتركون، ولا يداهنون في إيمانهم؛ بخلاف أهل الكفر، فهم مع محبتهم لآلهتهم* يداهنون، ويتنازلون؛ قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: المداهنة هي الملاينة والمداراة فيما لا ينبغي.

    قال ابن فارس في مقاييس اللغة: الإدهان، من المداهنة، وهي المصانعة. داهنت الرجل، إذا واربته وأظهرت له خلاف ما تضمر له.

    قال الخليل بن احمد الفراهيدي في العين: والإدهانُ: اللِّينُ والمُصانَعةُ. قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} أي: تَلينُ لهم فَيلينُونَ. والمُداهِنُ: المُصانِعُ المُواربُ، قال زهير:
    وفي الحِلْمِ إدهانٌ وفي العَفْوِ دُرْبةٌ ... وفي الصِّدْقِ مَنْجاةٌ منَ الشَّرِ فاصْدُقِ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ}: تلاين، وتصانع.
    قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي تُدَاهن وتَلين لهم في دينك {فَيُدْهِنُونَ}: فيَلينون في أديانهم.

    قال الجرجاني في درج الدرر: {ودوا لو تدهن فيدهنون:} أي: يحبون أن تكف عن ذكر آلهتهم وكفرهم، فيكفوا عنك.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وابن الجوزي في تذكرة الأريب: أي: ودوا لو تصانعهم في الدين فيصانعونك.

    إلا أن ابن الجوزي قال: تصانعهم في دينك فيصانعون في دينهم.

    قال الطبري في تفسيره: ود هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك، كما قال جل ثناؤه: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) وإنما هو مأخوذ من الدهن شبه التليين في القول بتليين الدهن.

    المعنى الإجمالي للآية؛ من كتاب (المختصر في التفسير):
    ﴿وَدّوا لَو تُدهِنُ فَيُدهِنونَ﴾ [القلم: 9]
    تمنّوا لو لاَيَنْتَهم ولاَطَفْتَهم على حساب الدين، فيلينون لك ويلاطفونك.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  10. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} القلم (10).

    *قوله {حَلَّافٍ}:* كثير الحلف بالباطل.

    و " حَلَّافٍ" صيغة مبالغة. ومثله قوله تعالى (وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ): خَتَّارٍ: كثير الختْر؛ أي الغدر. والختْر: أقبح الغدر.

    ومثله (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): قال الصافي في الجدول في إعراب القرآن:(حمالة) ، مؤنث حمال*صيغة*مبالغة *اسم الفاعل من الثلاثي حمل، وزنه فعالة.

    قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن: وأما "فعال" فنحو غفار ومنان وتواب ووهاب {فعال لما يريد} {علام*الغيوب} ونحو: {لكل صبار شكور} ونحو: {نزاعة للشوى}. انتهى

    قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: ورجل*حلاف*وحلافة *كثير*الحلف.*

    قال السمرقندي في بحر العلوم: والحلاف: مكثار الحلف.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {حَلَّافٍ}: كثير الحلف.
    قاله الواحدي في الوجيز، والجرجاني في درج الدرر، والبغوي في تفسيره، وغيرهم.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القران: والحَلِفُ أصله اليمين الذي يأخذ بعضهم من بعض بها العهد، ثمّ عبّر به عن كلّ يمين.

    *قوله {مَهِينٍ}:* بمعنى: مهان. أي حقير، ذليل.

    ومع كونه حقيرا، إلا أنه شديد الفجور، والاعتداء، قد عظُم إثمه. دل عليه ما بعده {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}: فهو في الدنيا " عتل "، عند الله مهين حقير؛ أهانه الله بكفره (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ).

    قال الكفوي في الكليات: العتل: كل شديد عند العرب فهو عتل، أصله من (العتل) وهو الدفع بالعنف.

    قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: الفظّ الغليظ الكافر.

    قال الزبيدي في تاج العروس: والمَهِينُ الرّجُلُ الفاجِرُ، وَبِه فَسَّرَ الفرَّاءُ قوْلَه تَعَالَى: {كلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ} .

    قال الفراء في معاني القرآن: المهين: هاهنا: الفاجر.

    قال ابن منظور في اللسان: مِنَ المَهانة الحَقَارة والصُّغْر.

    انتهى

    فمعني قوله تعالى {مَهِينٍ}: حقير.
    قاله الواحدي في الوجيز، والجرجاني في درج الدرر، والنسفي في مدارك التنزيل، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم.

    إلا أن النسفي قال: {مّهِينٍ} حقير في الرأي والتمييز من المهانة وهي القلة والحقارة أو كذاب لأنه حقير عند الناس.

    وزاد الجرجاني: عند الله أو عند الناس.

    وزاد السمعاني: ومعناه هاهنا: قلة الرأي والتمييز.

    تنبيه:

    قلت (عبدالرحيم): لا يذم المسلم إذا أكثر من الحلف بالله؛ لطالما كان صادقا؛ لكن ترك ذلك أحسن إلا عند الحاجة؛ لأنه لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - كثرة الحلف، وإنما كان يحلف إذا دعت الحاجة.

    هذا ولا ينبغي الإعراض مطلقا عن الحلف بالله بحجة أن الله ذم الحلّاف؛ فهذا ليس بصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كانوا يحلفون ولا ريب؛ فخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يحلف من غير أن يستحلف، وهو الصادق المصدوق.

    ولو كان المقام مقام بسط لذكرت حكم الحلف بالتفصيل؛ لأن النصوص في هذا الباب كثيرة جدا؛ لكن اكتفي بهذه الإشارة - نفع الله بها -.
    ..............................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  11. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَميمٍ﴾ القلم: 11].

    *قوله {هَمّازٍ}:* صيغة مبالغة. يعني: كثير الهمز.

    والهماز: العيّاب، والطعان؛ الذي يعيب، ويطعن في الناس؛ في خلقتهم، وأخلاقهم؛ لا يكاد يسلم منه غائب، أو حاضر.

    قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: {هماز} أي:*كثير*العيب للناس في غيبتهم.*

    قال النحاس في إعراب القرآن: هماز من همزه إذا عابه وأصل الهمز الغمز.

    قال ابن الهائم في التبيان: الهمّاز: العيّاب.

    وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: هَمّاز [مفرد]: صيغة مبالغة من همَزَ: هُمَزة؛ عيّاب طعّان في أعراض الناس " {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} ".

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {هَمّازٍ}: عياب.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، وابن الجوزي في تذكرة الأريب بما في القرآن من الغريب، والكفوي في الكليات، والألوسي في روح المعاني، وأبو السعود في تفسيره، وغيرهم.

    زاد الألوسي، وأبو السعود: طعان.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ): {لكل*همزة} أي الذي*يعيبالناس*م ن خلفهم {لمزة} أي من يعيهم مواجهة.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل.

    قال السعدي في تفسيره: فالهماز: الذي*يعيب*الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله.

    *قوله {مَشّاءٍ}:* مَشّاءٍ: صيغة مبالغة. يعني: كثير المشي.

    قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، والخطيب الشربيني في السراج المنير: {مَشّاءٍ}: كثير المشي.

    *قوله {بِنَميم}:* بنميمة. يقال: نميم، ونميمة: بمعنى واحد.

    قال الراغب في المفردات: " نم " النَّمُّ: إِظْهَارُ الحَدِيثِ بِالوِشَايَةِ، والنَّمِيمَةُ الوِشَايَةُ، ورَجُلٌ نَمَّامٌ.

    انتهى

    فمعني قوله تعالى {مَشّاءٍ بِنَميم}: أي كثير المشي بالنميمة.
    قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل، والسيوطي في معترك الأقران، وغيرهم.

    زاد ابن جزي: يقال: نميم ونميمة بمعنى واحد.
    .........................

    كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  12. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿عُتُلٍّ بَعدَ ذلِكَ زَنيمٍ﴾ [القلم: 13].

    *قوله {عُتُلٍّ}:* غليظ، جاف، فظ، قاسي القلب؛ قد بلغ الغاية في الجفاء، والغلظة.

    ولما كان هذا طبعه سلط الله عليه ملائكة غلاظا شدادا في الآخرة؛ (جزاء وفاقا)، كما قال تعالى (عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ): ما يؤمرون به في كل أمر، ومن تعذيب أهل النار بألوان وأشكال العذاب؛ الذي جاء نعته في القرآن.

    وفي الصحيحين، من حديث حارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مَتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ.

    قال الأزدي في جمهرة اللغة: رجل جواظ: جاف غليظ.

    قال الخطابي في معالم السنن: وعتلة معناها الشدة والغلظة، ومنه قولهم رجل عتل أي شديد غليظ ومن صفة المؤمن اللين والسهولة.


    قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: {عتل}: غليظ، وهو الشديد من كل شيء.

    قال عبدالقادر بن ملا حويش في بيان المعاني: (عتل) فظ غليظ شديد لا ينقاد إلى الخير.

    قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: العتل: الفظ الكافر هنا.

    قال الزمخشري في الكشاف: " عتل" غليظ جاف، من عتله: إذا قاده بعنف وغلظة.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ): فَاعْتِلُوهُ: فادفعوه، وسوقوه، وقودوه بالعنف، والغلظة والشدة إلى وسط النار.

    قال الواحدي في الوجيز: سوقوه سوقا بالعنف.

    قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: قودوه بالعنف.

    وقال الجرجاني في درج الدرر: فادفعوه بشدة.

    *قوله {بَعدَ ذلِكَ}:* أي مع ذلك، يريد مع ما وصفناه به.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: وقوله: {بعد ذلك} أي بعد ما ذكرنا من عيوبه.

    *قوله {زَنيم}:* دعي؛ ابن زنى.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: (زَنِيمٍ) أي ولد*زنا.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: والزنيم: الدعي.

    قال الطبري في تفسيره: والزنيم في كلام العرب: الملصق بالقوم وليس منهم.

    قال نافع بن الأزرق في مسائله لابن عباس - رضي الله عنهما -: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ*زَنِيمٍ.
    قال:*زنيم: كزنمة الشاة، كذلك ولد الزناء.
    قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
    قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
    زنيم*تداعته الرّجال زيادة*...*كما زيد في عرض الأديم الأكارع.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن:
    " زنم" الزَّنِيمُ*والْ َزَنَّمُ: الزّائد في القوم وليس منهم، تشبيها بِالزَّنمَتَيْن ِ من الشّاة، وهما المتدلّيتان من أذنها، ومن الحلق، قال تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ} [القلم/ ١٣] ، وهو العبد زلمة وزَنْمَةً، أي: المنتسب إلى قوم معلّق بهم لا منهم، وقال الشاعر:
    فأنت زَنِيمٌ نيط في آل هاشم*...*كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد.

    ...................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424

  13. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿فَأَصبَحَت كَالصَّريمِ﴾ [القلم: 20].

    *قوله {فَأَصبَحَت}:* أي فصارت.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {فَأَصْبَحَتْ} فصارت الجنة.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ): أَصْبَحَ مَاؤُكُم: أي صار ماؤكم.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: صار*ماؤكم غائرا، لا تناله الأيدي ولا الدلاء.

    ومنه (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ): فَأَصْبَحَ: صار، وكان.
    قاله الجرجاني في درج الدرر.

    ومنه (فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ): فَأَصْبَحَ: صار النبات (هشيما) يابسا متفرقا أجزاؤه.
    قاله الجلال المحلي في الجلالين.

    قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير: {فَأَصْبَحَ} أي*صار*ولا يراد تقييد الخبر بالصباح فهو كقوله:
    أصبحت لا أحمل السلاح ولا*...*أملك رأس البعير إن نفرا.

    *قوله {كَالصَّريم}:* كالليل المظلم؛ الشديد السواد، الشديد الظلمة.

    ويحتمل: أن يكون " كالصريم" بمعنى: الذاهب الهالك الذي لم يبق فيه ثمر؛ أو التراب الأسود؛ وبرهانه على نحو ما سترى. وإيثار كلمة الصريم هنا لكثرة معانيها وصلاحية جميع تلك المعاني.

    والصريم: الليل، والنهار، و الصريم: المصروم: أي المقطوع؛ فهو فعيل بمفعول. وهو من الأضداد.

    قال ابن فارس في مجمل اللغة: صرم: الصريم: الليل.

    قال ابن منظور في اللسان: والصَّريمُ: الصبحُ لِانْقِطَاعِهِ عَنِ اللَّيْلِ. والصَّريم: الليلُ لِانْقِطَاعِهِ عَنِ النَّهَارِ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ صَريمٌ وصَريمةٌ.

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: [الصريم]:*الليل، قال الله تعالى: {فأصبحت كالصريم} أي احترقت فاسودت. وقيل: كالشيء*المقطوع*ا لمصروم.
    والصريم: المصروم، يقال: ثمر صريم.
    والصريم*أيضا: الصبح، وهو من الأضداد.

    قال الرازي في مختار الصحاح: و (الصريم) الليل المظلم. والصريم أيضا الصبح وهو من الأضداد.

    قال أبو بكر الأنباري في الزاهر في معاني كلمات الناس: وقال أبو عبيدة: الأصل في*الصريم:المصرو م، فصرف عن: مفعول، إلى: فعيل؛ كما قالوا: قتيل وجريح.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}: كالليل المسود.
    قاله الفراء في معاني القرآن، والقشيري في لطائف الإشارات.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي فأصبحت كالليل سوادا.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي سوداءَ كالليل مُحْتَرِقَةً.

    قال السمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره: {فأصبحت كالصريم}: أي: كالليل المظلم.

    إلا أن السمرقندي قال: يعني: صارت الحديقة كالليل المظلم.

    وزاد الواحدي: سوداء.

    وزاد البغوي: الأسود.

    قال الجلال المحلي في الجلالين: {فأصبحت كالصريم} كالليل الشديد الظلمة أي سوداء.

    قال أبو حيان في البحر المحيط: والصريم: الرماد الأسود بلغة خزيمة، وعنه أيضا: الصريم رملة باليمن معروفة لا تنبت، فشبه جنتهم بها.

    وقال ابن أبي زمنين في تفسيره: {فأصبحت كالصريم} الصريم بمعنى المصروم، وهو الهالك الذاهب.

    قال مجير الدين العليمي في تفسيره: {فأصبحت كالصريم} أي: المصرومة؛ لهلاك ثمرها، وكل شيء قطع من شيء فهو صريم.

    قال أبو السعود في تفسيره: {فأصبحت كالصريم} كالبستان الذي صرمت ثماره بحيث لم يبق منها شيء فعيل بمعنى مفعول وقيل كالليل أي احترقت فاسودت وقيل كالنهار أي يبست وابيضت سميا بذلك لأن كلا منهما ينصرم عن صاحبه وقيل الصريم الرمال.

    قال الزمخشري في الكشاف: {فأصبحت كالصريم} كالمصرومة لهلاك ثمرها. وقيل:
    الصريم الليل، أى. احترقت فاسودت. وقيل: النهار أى: يبست وذهبت خضرتها. أو لم يبق شيء فيها، من قولهم: بيض الإناء، إذا فرغه.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} فيه أربعة أقوال: الأول أصبحت كالليل لأنها اسودّت لما أصابها، والصريم في اللغة الليل الثاني أصبحت كالنهار لأنها ابيضت كالحصيد ويقال: صريم لليل والنهار. الثالث أن الصريم: الرماد الأسود بلغة بعض العرب الرابع أصبحت كالمصرومة أي المقطوعة.

    قال أبو عبيد الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: (صرم) قوله تعالى: {فأصبحت كالصريم} أي سوداء كالليل المظلم، وهم يقولون لليل صريم، وللنهار صريم، ويقال لهما الأصرمان، لأن كل واحد منهما ينصرم على صاحبه والأصرمان الغراب والذئب، ويقال: كالصريم*كالشيءا مصروم*الذي لا شيء فيه ذهب بما فيها.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وقيل الصريم: الرماد الأسود بلغة جذيمة أو خزيمة. وقيل الصريم: اسم رملة معروفة باليمن لا تُنبت شيئاً. وإيثار كلمة الصريم هنا لكثرة معانيها وصلاحية جميع تلك المعاني لأن تراد في الآية.
    .................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  14. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)} القلم.

    *قوله {فَتَنَادَوْا}:* نادى بعضهم بعضا. يعني: أصحاب الجنة. وهم لا يشعرون بما حل ببستانهم بالليل.

    قال السمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: {فتنادوا مصبحين} أي: نادى بعضهم بعضا عند الصباح.

    إلا أن البغوي قال: لما أصبحوا.

    قال الماوردي في النكت والعيون، والنسفي في مدارك التنزيل: {فتنادَوْا مُصبِحينَ} أي دعا بعضعهم بعضاً عند الصبح.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «تنادوا» معناه: دعا بعضهم بعضا إلى المضي لميعادهم.

    *لطيفة:*

    قلت (عبدالرحيم): فإن قلت: قد نادى أهل الجنة بعضهم بعضا، والنداء لا يكون إلا بصوت مرتفع، فكيف وقد أخفوا كلامهم وتسّار بعضهم بعضا الحديث، فقد قال الله بعدها (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (*) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}: يتخافتون: أي يتسارون. والتخافت: الكلام المخفي؟.

    فالجواب: أنهم نادى بعضهم بعضا قبل أن ينطلقوا، ثم تساروا الحديث بعد انطلاقهم ومضيهم إلى ما عزموا عليه من قطع الزرع.

    قال أبو هلا العسكري في معجم الفروق اللغوية: الفرق بين النداء والدعاء: أن النداء هو رفع الصوت بما له معنى والعربي يقول لصاحبه نادِ معي ليكون ذلك أندى لصوتنا أي أبعد له، والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه يقال دعوته من بعيد ودعوت الله في نفسي ولا يقال ناديته في نفسي، وأصل الدعاء طلب الفعل دعا يدعو وادعى ادعاء لأنه يدعو إلى مذهب من غير دليل، وتداعى البناء يدعو بعضه بعضا إلى السقوط، والدعوى مطالبة الرجل بمال يدعو إلى أن يعطاه، وفي القرآن {تدعو من أدبر وتولى} أي يأخذه بالعذاب كأنه يدعوه إليه.

    *قوله {مُصْبِحِينَ}:* بعد أن أصبحوا.
    قاله الطبري في تفسيره.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {فتنادوا مصبحين} حين أصبحوا.

    *قوله {أَنِ}:* أي بأن.

    *قوله {اغْدُوا}:* أي أقبلوا، واقصدوا، واخرجوا في الغداة؛ أي البكور.

    والغَدَاةُ: ما بين الفجر وطلوع الشمس. والجمع: غَدَوات. (1)، وفي الحديث: " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا ". (2).

    ومنه قوله تعالى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ): قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: خرجت من أول النهار.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني خرجت من منزلك بالصباح.

    قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والبُكَرُ: جمع البُكْرَة وهي الغداة. والتّبكيرُ والبُكور والابتكار: المضي في ذلك الوقت.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى: {أَنِ اغدوا} باكرو.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل.

    قال القاسمي في محاسن التاويل: {أن اغدوا} أي اخرجوا غدوة.

    قال مجير الدين العليمي في تفسيره: {أن اغدوا} أي: أقبلوا.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {أن اغدوا على حرثكم} أي: اقصدوا حرثكم.

    *قوله {عَلَى حَرْثِكُمْ}:* حَرْثِكُمْ: أي زرعكم.
    قاله القاسمي في محاسن التاويل.

    قال الخطيب الشربيني في السراج المني: {على حرثكم} ، أي: محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: {أن اغدوا على حرثكم} يعني: اخرجوا بالغداة، جذوا زروعكم وصرام نخيلكم.

    قال البغوي في تفسيره: أن اغدوا على حرثكم يعني الثمار والزروع والأعناب.

    قال الطبري في تفسيره: (أن اغدوا على حرثكم) وذلك الزرع.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يعني الزرع.

    ومنه {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}: الْحَرْثِ: الزرع.
    قاله ابن الجوزي في تذكرة الاريب.

    ومنه (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}: الْحَرْثِ: البساتين والمزارع.
    قاله ابن الهائم في التبيان.

    ومنه {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ}: الْحَرْثِ: الزرع.
    قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القران.

    قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: حرث: إصلاح الأرض، وإلقاء البذر فيها ويسمى الزرع الحرث أيضا.

    *قوله {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ}:* إن كنتم تريدون صِرامه: أي قطعه.

    لأن معنى قوله* {صَارِمِينَ}:* أي قاطعين، وحاصدين. وأصل الصرم: القطع.

    يعني: قاطعين: زرعكم، وثماركم؛ قبل انتشار المساكين. وقد قطعها الهلاك قبل أن يقطعوا الثمار (جزاء وفاقا).

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: [صَرَم]: الصَّرْم: القطع، يقال: صرمه صَرْماً وصُرْما. وصَرَم النخل: جَذَّه.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: " صرم ": الصَّرْمُ: القطيعة، والصَّرِيمَةُ: إحكام الأمر وإبرامه.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى { صَارِمِينَ}: قاطعين.
    قاله الواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، والكفوي في الكليات، والسمعاني في تفسيره، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، والإيجي الشافعي في جامع البيان، وغيرهم.

    زاد الواحدي، والايجي: الثَّمر.

    وزاد البغوي: للنخل.

    وزاد السمعاني: يقال في العنب الصرام، وفي الزرع الحصاد.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: {إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ} أي حاصدين لثمرتها.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: {إن كنتم صارمين} يعني: إن أردتم أن تصرموها قبل أن يحضرها المساكين.

    قال الماوردي في النكت والعيون: {إن كنتم صارمين} أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي إن كنتم عازمين على صرام النخل.
    ..................

    (1): أنظر معجم اللغة العربية المعاصرة.

    (2): رواه احمد 205 ، وابن ماجة 4164 ، والترمذي 2344، وغيرهم، وصححه الالباني في الصحيحة رقم (310)، وصححه في صحيح الجامع رقم (5254).

    (3): قال ابن قتيبة في غريب الحديث: وأصل الصرم: القطع.
    .......................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  15. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)} القلم.

    *قوله {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}:* أَوْسَطُهُمْ: أعدلهم. بلغة قريش.
    قاله أبو عُبيد القاسم بن سلاّم في لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم، وحكاه عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

    فقوله تعالى {أَوْسَطُهُمْ}: أعدلهم.
    قاله الطبري في تفسيره، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه، والسمرقندي في بحر العلوم، ومكي في الهداية الى بلوغ النهاية، وابن أبي زمنين في تفسيره، والجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم.

    زاد السمرقندي: وأعقلهم.

    وزاد الجرجاني: قولًا.

    وزاد السمعاني: وأعقلهم وأفضلهم.

    وزاد النسفي: وخيرهم.

    قلت (عبدالرحيم): قول الله - جل ذكره - {أَوْسَطُهُمْ}: يعني أعدلهم. ومنه قوله تعالى - في كفارة اليمين - {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ): مِنْ أَوْسَطِ: يعني من أعدله؛ لا هو من أعلاه، ولا هو من أدناه.

    قال الطبري في تفسيره: يعني تعالى ذكره بقوله:" من أوسط ما تطعمون أهليكم"، من أعدله.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي: من أعدل ذلك.

    قال الشوكاني في فتح القدير: المراد بالوسط هنا المتوسط بين طرفي الإسراف والتقتير، وليس المراد به الأعلى كما في غير هذا الموضع: أي أطعموهم من المتوسط مما تعتادون إطعام أهليكم منه، ولا يجب عليكم أن تطعموهم من أعلاه، ولا يجوز لكم أن تطعموهم من أدناه.

    ومنه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}: أي عدلا.
    قاله يحيى بن سلام في التصاريف، والفراء في معاني القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وبيان الحق النيسابوري في باهر البرهان في معانى مشكلات القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والكفوي في الكليات، وابن الهائم في التبيان.

    إلا أن ابن الهائم قال: {وَسَطاً}: أي عدلا خيارا بلغة قريش.

    وقال يحيى بن سلام: يعني عدلا بين النَّاس، يعني المسلمين.

    وزاد ابن قتيبة، السجستاني: خيارا.

    وزاد بيان الحق: قد اعتدلت أموركم فلا إفراط ولا تفريط.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {أَوْسَطُهُمْ}: أعدلهم.
    قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

    زاد السجستاني: وخيرهم.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي خيرُهم فعلا، وأَعْدلُهم قولا.

    قال الواحدي في البسيط: {قال أوسطهم} هو يعني أعدلهم في قول جميع المفسرين.

    *قوله {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ}:* لما أقسمتم على قطع ثمار الجنة في الصباح. إشارة إلى قوله {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَ ا مُصْبِحِينَ}.

    *قوله {لَوْلَا}:* أي هلّا.
    قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وغيره.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: حرف تحضيض .*

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّو نَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ}: لولا، هلا، ينهاهم الربانيون والأحبار، يعني: العلماء.
    قاله البغوي في تفسيره.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {لولا} هلا وهو تخصيض.

    ومنه {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا}: لَوْلَا أُنْزِلَ: هلا أنزل.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ومعنى لولا: هلا وتأويل هلا الاستفهام.

    ومنه {قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}:* لَوْلَا: هلا. قاله الواحدي في الوجيز.

    ومنه - عن طائفة من الناس ذمها - {وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}: {لَوْلَا} هلا.
    قاله الجرجاني في درج الدرر.

    ومنه {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ}: لَوْلَا نُزِّلَتْ: هلا نزلت سورة لنستبشر بها، وتحثنا على الجهاد في سبيله، ونتقرب بها الى الله بمعرفة حدوده، واحكامه.

    قال القرطبي في تفسيره: ومعنى" لولا" هلا.

    *قوله {تُسَبِّحُونَ}:* تستثنون. أي تقولون: إن شاء الله. قال ذلك منكرا عليهم ترك الاستثناء.

    قال القرطبي في تفسيره: وكان استثناؤهم تسبيحا.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله:*( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ )*يقول: هلا تستثنون إذ قلتم لَيَصْرِمُنَّهَ ا مُصْبِحِينَ فتقولوا إن شاء الله.

    قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وحمل ذلك على الاستثناء، وهو أن يقول: إن شاء الله، ويدلّ على ذلك قوله: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ.

    قال البقاعي في نظم الدرر: وأقل التسبيح الاستثناء عند الإقسام شكاً في قدرة الإنسان وإثباتاً لقدرة الملك الديان استحضاراً لعظمته سبحانه وتعالى.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {تسبحون} تستثنون.
    قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: " لولا تسبحون " يعني: هلا تستثنون في أيمانكم.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {ألم أقل لكم لولا تسبحون} أي: هلا قلتم إن شاء الله تعالى.

    قال السعدي في تفسيره: {ألم أقل لكم لولا تسبحون} أي: تنزهون الله عما لا يليق به، ومن ذلك، ظنكم أن قدرتكم مستقلة، فلولا استثنيتم فقلتم: {إن شاء الله} وجعلتم مشيئتكم تابعة لمشيئتة الله، لما جرى عليكم ما جرى.

    وقال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل - عند قوله تعالى -:{لَوْلا تُسَبِّحُونَ} أي تقولون: سبحان الله وقيل: هو عبارة عن طاعة الله وتعظيمه، وقيل: أراد الاستثناء في اليمين كقولهم: إن شاء الله. والأول أظهر لقولهم بعد ذلك سبحان ربنا. والمعنى أن هذا الذي هو أفضلهم كان قد حضهم على التسبيح.

    سؤال:
    فإن قلت: كيف سمي التسبيح استثناءً؟

    قال الواحدي في الوسيط: وسمى الاستثناء تسبيحا، لأنه تعظيم الله، وإقرار بأنه لا يقدر أحد أن يفعل شيئا إلا بمشيئة الله تعالى.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ} هلا تستثنون إذ الاستثناء التسبيح لالتقائهما في معنى التعظيم لله لأن الاستثناء تفويض إليه والتسبيح تنزيه له وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم.

    قال الشوكاني في فتح القدير: وسمي الاستثناء تسبيحا لأنه تعظيم لله وإقرار به، وهذا يدل على أن أوسطهم كان أمرهم بالاستثناء فلم يطيعوه.

    فائدة:

    " التسبيح في القرآن على وجوه: قد ورد بمعنى الصلاة، قال الله تعالى: {فلولا أنه كان من المسبحين} أي: من المصلين.
    وورد بمعنى الاستثناء، قال الله تعالى: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} أي: تستثنون.
    وورد بمعنى التنزيه. وهو قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده} ، وورد في الخبر بمعنى النور، وهو في الخبر الذي قال: " لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره " أي: نور وجهه ".
    قاله السمعاني في تفسيره.

    *قوله {قَالُوا}:* على الفور؛ نادمين، وراجعين.

    قال البقاعي في نظم الدرر: من غير تلعثم، بما عاد عليهم من بركة أبيهم.

    *قوله {سُبْحَانَ رَبِّنَا}:* أي تنزه وتبرأ ربنا.

    والمعنى: تنزه ربنا، وتبرأ من أن يكون ظالما لنا فيما أنزل بنا، بأن جعل جنتنا كالصريم (الليل المسود).

    قال البقاعي في نظم الدرر: {سبحان ربنا} أي تنزه المحسن إلينا التنزيه الأعظم عن أن يكون وقع منه فيما فعل بنا ظلم.

    قال الواحدي في الوجيز: {قالوا سبحان ربنا} نزَّهوه عن أن يكون ظالماً وأقرُّوا على أنفسهم بالظُّلم فقالوا: {إنا كنا ظالمين}.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {قَالُواْ سبحان رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظالمين} فتكلموا بعد خراب البصرة بما كان يدعوهم إلى التكلم به أولاً وأقروا على أنفسهم بالظلم في منع المعروف وترك الاستثناء ونزهوه عن أن يكون ظالماً.

    *قوله {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}:* لأنفسنا؛ بقصدنا السيء وما عزمنا عليه من منع المساكين، فالظلم والحيف منا، ولا يظلم ربنا أحدا. { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.

    قال البقاعي في نظم الدرر: {ظالمين} أي راسخين في إيقاعنا الأشياء في غير مواقعها حيث لم نعزم عزماً جازماً على ما كان يفعل أبونا من البر، ثم حيت حلفنا على ترك ذلك ثم حيث لم نرد الأمر إلى الله بالاستثناء حيث حلفنا فإن الاستثناء تنزيه الله عن أن يجري في ملكه ما لا يريد.
    ...................

    *كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  16. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ} القلم (30).

    *قوله {فَأَقْبَلَ}:* فأخذ، وشرع.

    قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم، والفيروزآبادي في القاموس المحيط، والكفوي في الكليات: وقبل على الشيء، وأقبل:*لزمه*وأخذ* فيه.

    *قوله {بَعْضُهُم ْعَلَى بَعْضٍ}:* يعني أصحاب الجنة.

    *قوله { يَتَلَاوَمُونَ}: * من الملاومة، والتَّلاوم؛ وهو اللوم والعتاب.

    والمعنى: يلوم بعضهم بعضا؛ على ما عزموا عليه من منع للمساكين.

    وهذا دأب من اجتمعوا على شر، يلوم بعضهم بعضا بعد نزول العذاب، كما في قوله تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ): قال السمعاني في تفسيره: يعني لا تعودوا بالملامة علي، وعودوا بالملامة على أنفسكم.

    قال الراغب الأصفهاني المفردات في غريب القرآن: والتَّلاوُمُ: أن يلوم بعضهم بعضا.

    قال الفارابي في معجم ديوان الأدب، والجوهري في الصحاح تاج اللغة: والْمُلاوَمةُ: أنْ تلوم رجلاً ويلومَكَ.

    قال الخطابي في غريب الحديث: الملاومة، اللوم، يتلاومون.

    وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: تلاومَ يتلاوم، تلاوُمًا، فهو مُتَلاوِم.
    • تلاوم القومُ: لام بعضُهم بعضًا، عاتب بعضهم بعضًا " {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ} ".

    قال ابن عطية في المحرر: يَتَلاوَمُونَ معناه: يجعل كل واحد اللوم في حيز صاحبه، ويبرئ نفسه.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {يَتَلَاوَمُونَ} : يلوم بعضهم بعضا.
    قاله الكفوي في الكليات، وبه قال مقاتل بن سليمان في تفسيره، والطبري في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، والزمخشري في الكشاف، والفخر الرازي في التفسير الكبير، وابن جزي الغرناطي في التسهيل، وأبو السعود في تفسيره، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.

    إلا أن قال الطبري: وقوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم.

    زاد الزمخشري: لأن منهم من زين، ومنهم من قبل، ومنهم من أمر بالكف وعذر ومنهم من عصى الأمر، ومنهم من سكت وهو راض.

    وزاد الفخر الرازي: يقول: هذا لهذا أنت أشرت علينا بهذا الرأي، ويقول: ذاك لهذا أنت خوفتنا بالفقر، ويقول الثالث لغيره: أنت الذي رغبتني في جمع المال فهذا هو التلاوم.

    وزاد مقاتل بن سليمان: في منع حقوق المساكين.

    وزاد البغوي: في منع المساكين حقوقهم.

    وزاد الواحدي: بما فعلوا من الهرب من المساكين ومنع حقهم.

    وزاد ابن جزي الغرناطي: على ما كانوا عزموا عليه من منع المساكين.

    قال القرطبي في تفسيره: أي يلوم هذا هذا في القسم ومنع المساكين، ويقول: بل أنت أشرت علينا بهذا.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون} أي: يلوم بعضهم بعضا، فيقول هذا لذاك: أنت فعلت والذنب لك، ويقول ذلك لصاحبه مثله.

    قال الفراء في معاني القرآن: وقوله: {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون}: يقول بعضهم لبعض: أنت الذي دللتنا، وأشرت علينا بما فعلنا. ويقول الآخر: بل أنت فعلت ذلك، فذلك تلاومهم.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ): أي غير فاعلين ما يلامون عليه.
    قاله السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.

    ومنه {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}: أي أقسم بالنفس التي تلوم صاحبها يوم القيامة؛ على فعل الشر لما فعلت، وعلى ترك الازدياد من الخير لما لم تزدد.

    قال ابن قتيبة في غريب القران: (وَالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) أي تلومُ نفسَها يوم القيامة.

    قال ابن الهائم في التبيان: اللَّوَّامَةِ: ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها يوم القيامة إن كانت عملت خيرا هلّا ازدادت منه، وإن كانت عملت سوءا لم عملته؟.

    ومنه {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}: أي فعل ما يلام، ويعاتب عليه.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: وهو مليم: قد أتى بما يلام عليه،يقال: ألام الرجل فهو مليم، إذا أتى بما يجب أن يلام عليه.

    ومنه - حكاية عن امرأة العزيز - (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ): الملامة هو الوصف بالقبيح على وجه التحقير.
    قاله السمعاني في تفسيره.
    ......................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  17. افتراضي

    [9/19 5:05 م] عبدالرحيم آل حمودة.: بسم الله الرحمن الرحيم
    سلام عليكم؛ أما بعد:

    فأحيطكم علما بأنني جعلت أعضاء المجموعة كلهم مشرفين؛ فليضيفوا إخوانهم المسلمين، بعد أن يعلموهم أن المجموعة للمتابعة فقط. عسى أن يكتب الأجر، ويعم النفع. وأذكر بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من*دعا*إلى*هدى، كان له*من*الأجر مثل أجور*من*تبعه، لا ينقص ذلك*من*أجورهم شيئا...» (شطر من حديث رواه مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله).

    عبدالرحيم آل حمودة +966509006424
    [9/19 8:31 م] عبدالرحيم آل حمودة.: *" معاني وغريب القرآن "*

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿قالوا يا وَيلَنا إِنّا كُنّا طاغينَ﴾ [القلم: 31].

    *قوله {قالوا}:* بأجمعهم. يعني أصحاب الجنة.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) يعني: جعل يلوم بعضهم بعضا لصنيعهم ذلك،*ثم قالوا*بأجمعهم: (يا ويلنا إنا كنا طاغين).*

    *قوله {يا وَيلَنا}:* وَيلَنا: هلا كنا.
    قاله الجلال المحلي في الجلالين.

    قال الأزهري الهروي في تهذيب اللغة: والويل: كلمة تقال لكل من وقع في عذاب أو هلكة.

    *قوله {إِنّا كُنّا}:* بقصدنا، وعزمنا على منع المساكين، وتركنا الاستثناء، والتسبيح.

    *قوله {طاغين}:* متجاوزين حدود الله، حين لم نصنع ما يجب علينا صنعه. سيما وقد بالغوا في عزمهم على منع المسكين، كما بين ربنا في مطلع قصتهم.

    وأصله من الطغيان: وهو مجاوزة الحد، والقدر. يقال: طغى السيل، إذا جاء بماء كثير.
    ومنه الطاغوت، وهو كل ذي طغيان فعبد من دون الله، راضيا أو آمرا، ومن ذلك سمي طاغوتا لمجاوزته الحد، وما ليس له.

    ومنه قوله تعالى {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}: أي بسبب طغيانها؛ يعني بتجاوزها الحد؛ إذ كان يجب عليهم الإيمان بعدما رأوا الحق عيانا.

    قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (طغى) الطاء والغين والحرف المعتل أصل صحيح منقاس، وهو مجاوزة الحد في العصيان. يقال: هو طاغ. وطغى السيل، إذا جاء بماء كثير.

    قال الخليل بن احمد الفراهيدي في العين: وكل شيء يجاوز القدر فقد طَغَى مثلَ ما طَغَى الماءُ على قَوْمِ نُوْحٍ، وكَمَّا طغتِ الصَّيحةُ على ثَمُودَ.

    قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: الطغيان: تجاوز الحد في العصيان. وقال الحرالي: إفراط الاعتداء في حدود الأشياء ومقاديرها. وطغيان القلم: تجاوزه حد الاستقامة.

    قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: الطغيان: تجاوز الحد من كل شيء.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى): ما تجاوز بصره ما أمره الله أن ينظر؛ فقد نظر إلى ما أمر به، ولم يجاوزه. وهذا في معراج النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وما طغى}: ما زاد ولا جاوز.

    ومنه (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى): كلا: يعني حقا. أي إنه يطغى؛ يتجاوز الحد.

    قال الطبري في تفسيره: أي يتجاوز حده.
    وقال في موطن آخر من تفسيره: يقول: إن الإنسان ليتجاوز حده، ويستكبر على ربه، فيكفر به، لأن رأى نفسه استغنت.

    ومنه (فَأَمَّا مَنْ طَغَى وآثر الحياة الدنيا): قال ابن عطية في المحرر: طغى معناه: تجاوز الحدود التي ينبغي للإنسان أن يقف عندها بأن كفر وآثر الحياة الدنيا على الآخرة لتكذيبه بالآخرة.

    ومنه (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ): لِلطَّاغِينَ: المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي.
    قاله السعدي في تفسيره.

    ومنه (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى): أشد طغيانا، أي أشد تجاوزا للحد من غيرهم؛ لأنهم كفروا بعد أن دعاهم ألف سنة إلا خمسين، وهم وأول قوم كفروا برسول، وهو نوح عليه السلام، وليس لهم سلف في ذلك.

    قال البغوي في تفسيره: لطول دعوة نوح إياهم، وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب.

    ومنه (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى): تجاوز الحد في ادعاء أنه إله.

    قال النسفي في مدارك التنزيل، ومجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسر القرآن: تجاوز الحد في الكفر.

    زاد النسفي: والفساد.

    ومنه (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ): ما أوقعته في الطغيان.
    قاله الكفوي في الكليات.

    قال الطبري في تفسيره: يقول: ما أنا جعلته طاغيا متعدّيا إلى ما ليس له، وإنما يعني بذلك الكفر بالله.

    ومنه (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى): أي يتجاوز الحد فيما لا ينبغي له أن يفعله فينا.

    قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: أي: يتجاوز الحد في الإساءة علينا.

    قال الحميري في شمس العلوم: أي يتجاوز الحد في عقابنا ويجور.

    ومنه (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ): لما تجاوز الماء الحد فأغرق؛ حملنا آباءكم في السفينة.

    قال الراغب الأصفهاني في تفسيره: أي تجاوز الحد الذي كان عليه من قبل.
    أي: تجاوز حده حتى علا على كل شيء في زمن نوح.

    ومنه (كذبت ثمود بطغواها): قال الطبري: يقول: كذبت ثمود بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح عليه السلام، فكان ذلك العذاب طاغياً، طغى عليهم، كما قال جل ثناؤه: (فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية).

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين} متجاوزين حدود الله.
    قاله البيضاوي في تفسيره، وأبو السعود في تفسير، والإيجي الشافعي في جامع البيان، وإسماعيل حقي الخلوتي في روح البيان، والقاسمي في محاسن التأويل.

    إلا أن القاسمي قال: أي متجاوزين حدود الله تعالى في تفريطنا وعزمنا السيئ.

    وقال الإيجي: متجاوزين الحد.

    قال ابن كثير في تفسيره: أي اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا.

    قال الشوكاني في فتح القدير: أي: عاصين متجاوزين حدود الله بمنع الفقراء وترك الاستثناء.

    قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي*مجاوزين*الحدو د فيما فعلنا من التقاسم على منع الفقراء وعلى جذها في الصباح من غير استثناء فعل القادر، وكان ذلك إن كان لا بد لنا منه ممكنا بغير قسم ولا إخفاء من الغير ولا مخافتة حال السير بأن يقال للفقراء: يفتح الله، ونحو ذلك من الكلام.

    قال السعدي في تفسيره: أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.

    قال الواحدي في الوجيز، والنسفي في مدارك التنزيل، وسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: {قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين} بمنع حقِّ الفقراء وترك الاستثناء.

    إلا أن سراج الدين قال: أي عاصين بمنع حق الفقراءِ، وترك الاستثناء.

    قال ابن عرفة في تفسيره: ظلموا أنفسهم بقسمهم وعدم استثنائهم، وطغوا على المساكين بعزمهم على منعهم من عادتهم.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله: {يا ويلنا إنا كنا طاغين} [القلم: ٣١] يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مبعدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.

    قال مكي في الهداية الى بلوغ النهاية: فندموا على ما فعلوا فأبدلهم الله خيرا منها.

    وقال البغوي في تفسيره: في منعنا حق الفقراء.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ثم أجمعوا على أنهم طغوا، أي تعدوا ما يلزم من مواساة المساكين.

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: {قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين} والمراد أنهم استعظموا جرمهم.
    ......................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  18. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿كَذلِكَ العَذابُ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَكبَرُ لَو كانوا يَعلَمونَ﴾ [القلم: 33].

    *قوله {كَذلِكَ}:* المشار إليه، وهو ما حل بأصحاب الجنة، وما نزل مثله بقريش؛ لأن الكلام راجع إلى قوله تعالى (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة)، يعني: إنا اختبرنا قريشا كما اختبرنا أصحاب الجنة.

    وذلك لما تحالفت قريش، وتقاسموا على منع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من إيصالها للناس، ابتلاهم الله بما أنزل بهم، من القحط، والجوع، والشدائد، لعلهم يرجعون.

    وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قَالَ: «إِنَّمَا كَانَ هذَا، لأَنَّ قرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنينَ كَسِنِي*يُوسُفَ فَأَصَابَهَمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشى النَّاسَ هذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)...» الحديث.

    قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: " كذلك ": يعني هكذا.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمشار إليه باسم الإشارة هو ما تضمنته القصة من تلف جنتهم وما أحسوا به عند رؤيتها على تلك الحالة ، وتندمهم وحسرتهم.

    *قوله {العَذابُ}:* في الدنيا، بالهلاك، والشدائد والمحن.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {كذلك*العذاب} أي:*كذلك*عذاب الدنيا.

    قال الزمخشري في الكشاف: (كذلك*العذاب)*مثل ذلك*العذاب*الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {كذلك*العذاب} أي مثل ذلك*العذاب*الذي ذكرناه ممن عذاب الدنيا لمن سلك سبيلهم.

    قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (كذلك*العذاب) أي عذاب الدنيا وهلاك الأموال.

    قال البغوي في تفسيره: (كذلك*العذاب) ، أي كفعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: قال الله تعالى:*(كذلك العذاب)*يعني: هكذا عذاب الدنيا لمن منع حق الله تعالى.

    قال الطبري في تفسيره: قوله تعالى ذكره {كذلك*العذاب} يقول جل ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا.

    قال أبو حيان في البحر المحيط: (كذلك*العذاب): هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم في أمر قريش.

    قال مجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسر القرآن: {العذاب} الذي نعذب به أهل مكة بالقتل والأسر والهزيمة في الدنيا؛ لشركهم وكفرهم، وهو راجع إلى قوله: {إنا بلوناهم}.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {كذلك*العذاب} أي: هكذا كان*العذاب؛ كما قصصته عليكم يعني: ما عذبهم به من إهلاك جنتهم.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: قال تعالى: {كذلك*العذاب}. أي: كفعلنا بجنة هؤلاء فعلنا بمن كفر وخالف أمرنا في عاجل الدنيا.

    قال ابن كثير في تفسيره: قال الله تعالى:*(كذلك*العذ اب)*أي هكذا عذاب من خالف أمر الله وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة الله كفرا.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله تعالى:*(كذلك*العذ اب)*ابتداء مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر قريش، والإشارة بذلك إلى*العذاب*الذي نزل بالجنة، أي ذلك*العذاب، هو*العذاب*الذي ينزل بقريش بغتة، ثم عذاب*الآخرة*بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا، وقال كثير من المفسرين:العذاب* النازل بقريش المماثل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين، حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود.

    *قوله {وَلَعَذابُ الآخِرَةِ}:* في نار جهنم.

    *قوله {أَكبَرُ}:* أشق، وأشد، وأعظم من صنوف العذاب الذي ينزل في الدنيا، لأنه ينقطع بالموت، أما في جهنم (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا).

    وقال تعالى (لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ).

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {ولعذاب*الآخرة*أ بر} من عذاب الدنيا.

    قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني أعظم مما أصابهم إن لم يتوبوا فى الدنيا.

    قال الطبري في تفسيره: ولعذاب*الآخرة أكبر*يعني عقوبة*الآخرة*بمن عصى ربه وكفر به،*أكبر*يوم*الق امة من عقوبة الدنيا وعذابها.*

    *قوله {لَو كانوا يَعلَمون}:* شدته، ودوامه، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ).

    قال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور: لو*كانت قريش تعلم.

    قال ابن الجوزي في زاد المسير: (لو كانوا يعلمون) يعني: المشركين.

    قال مجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسر القرآن: {ولعذاب*الآخرةأك بر} أعظم منه وأشد.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: (أي*لو*لكانوا*يعل مون) أن عقوبة*الآخرة أعظم من عقوبة الدنيا.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {لو*كانوايعلمون} لعلموا أن عذاب*الآخرة*أكبر *من عذاب الدنيا.

    قال سراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: قوله: {كذلك*العذاب} . مبتدأ وخيره مقدم، أي: مثل ذلك*العذاب*عذاب الدنيا وأما عذابالآخرة*فأكب منه {لو كانوا يعلمون} .

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: واعلم أن المقصود من ذكر هذه القصة أمران:
    أحدهما: أنه تعالى قال: أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين [القلم: ١٤، ١٥] والمعنى: لأجل أن أعطاه المال والبنين كفر بالله كلا: بل الله تعالى إنما أعطاه ذلك للابتلاء، فإذا صرفه إلى الكفر دمر الله عليه بدليل أن أصحاب الجنة لما أتوا بهذا القدر اليسير من المعصية دمر الله على جنتهم فكيف يكون الحال في حق من عاند الرسول وأصر على الكفر والمعصية والثاني: أن أصحاب الجنة خرجوا لينتفعوا بالجنة ويمنعوا الفقراء عنها فقلب الله عليهم القضية فكذا أهل مكة لما خرجوا إلى بد حلفوا على أن يقتلوا محمدا وأصحابه، وإذا رجعوا إلى مكة طافوا بالكعبة وشربوا الخمور، فأخلف الله ظنهم فقتلوا وأسروا كأهل هذه الجنة.
    ثم إنه لما خوف الكفار بعذاب الدنيا قال:ولعذاب*الآخر ة*أكبر لو كانوا يعلمون وهو ظاهر لا حاجة به إلى التفسير.
    .................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  19. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} 32: القلم.

    *قوله {عَسَى رَبُّنَا}:* عَسَى: تحقيق، وواجب - على ما سيأتي بيانه - بعون الله -.

    *قوله {أَنْ يُبْدِلَنَا}:* أي يبدل لنا.
    قاله الصُحاري في الابانة في اللغة العربية.

    قال أبو السعود في تفسيره: {عسى ربنا أن يبدلنا} وقرئ بالتشديد، أي يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة.

    *قوله {خَيْرًا مِنْهَا}:* يعني خيرا من جنتنا التي هلكت.
    قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره.

    قال الطبري في تفسيره:
    يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق ما خيرا من جنتنا.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا) فيه مسائل:

    الأولى: قد أبدلهم الله جنة خيرا منها.

    فإن قلت: ما الدليل على ما ذكرت ولم يذكر في الآية أن الله أبدلهم خيرا منها؟

    قلت: بل ذُكر، لأن " عسى ": في القرآن تحقيق، وواجب.

    قال القرطبي في تفسيره: و" عسى" من الله واجبة في جميع القرآن إلا قوله تعالى:" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله.

    قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: وعسى من الله عز وجل في كل القرآن أجمع واجبة.

    قلت: ومن ذلك قوله تعالى {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا}: أي واجب وقوعه قريبا.

    قال يحيى بن سلام في تفسيره: وعسى*من الله واجبة، وكل ما هو آت قريب.

    قال الطبري في تفسيره: وإنما معناه: هو قريب، لأن*عسى*من*الله واجب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت*أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى» لأن*الله تعالى كان*قد أعلمه*أنه قريب مجيب.

    قال الألوسي في روح المعاني: قل*لهم*عسى*أن*يكو ن ذلك*قريبا*فإن*ما هو محقق إتيانه قريب.
    *
    ومنه {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}: وقد بعثه الله مقاما محمودا.
    ففي صحيح البخاري (4718) قال عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: يَقُولُ: " إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقَامَ المَحْمُودَ ".

    قال الأخفش الأوسط في معاني القرآن: وقال {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} و {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ} فيقال "عَسَى" من الله واجبه والمعنى أنَّكَ لو علمت من رجل انه لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه فقال لك "عسى أنْ أُكَافِئَكَ" استنبت بعلمك به أنه سيفعل الذي يجب اذ كان لايدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه.

    ومنه {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}: فعسى أن يكون من المفلحين: يعني حقا هو من المفلحين، فإذا لم يكن هؤلاء هم أهل الفلاح فمن؟!.

    قال الطبري في تفسيره: يقول: فهو من المنجحين المدركين طَلِبتهم عند الله، الخالدين في جنانه، وعسى من الله واجب.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: أي فعسى أن يفلح عند الله وعسى من الكرام تحقيق.

    قال يحيى بن سلام في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهما: {فعسى أن يكون من المفلحين} وعسى من الله واجبة.

    ومنه (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ): وقد تحقق ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه رضي الله عنهم أجمعين.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: وقوله: (فعسى الله أن يأتي بالفتح) أي فعسى الله أن يظهر المسلمين. و" عسى " من الله جل وعز واجبة.

    انتهى

    قلت (عبدالرحيم): فقد أبدلهم الله خيرا منها، ولا ريب، وأستأنس بما ذكره البغوي في تفسيره، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وإن كان الأثر يحتاج إلى تحقيق، لكنه مجرد استئناس، حيث قال البغوي - رحمه الله -: قال عبد الله بن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا واحدا.

    وقال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: {عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها} يحتمل أنهم طلبوا البدل في الدنيا، أو في الآخرة. والأول أرجح لأنه روي عن ابن مسعود أن الله أبدلهم جنة يحمل البغل منها عنقودا.

    وقال السمعاني في تفسره: وفي بعض التفاسير: أن الله تعالى قبل توبتهم وأعطاهم جنة خيرا منها. والله أعلم.

    وقال النسفي في مدارك التنزيل: عن مجاهد تابوا فأبدلوا خيراً منها وعن ابن مسعود رضي الله عنه بلغني أنهم أخلصوا فأبدلهم بها جنة تسمى الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً.

    الثانية:

    لا ريب أن قوله تعالى {عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها} من كلام أصحاب الجنة، وبدليل السياق. ومن غرائب التفاسير ما ذكره برهان الدين الكرماني في غرائب التفسير وعجائب التأويل - حيث قال: الغريب: هذا من كلام المساكين. أي عسى أن يرزقا خيرا من جنتهم.

    الثالثة:

    فيه الحث على الرجوع الى الله، والخضوع والتذلل إليه، سيما عند المحن والشدائد، فقد ذم الله حال قوم حين نزل بهم العذاب { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}: ولكنهم تَجَلَّدُوا.

    قال الطبري في تفسيره: (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ) يقول: فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه، وينيبوا إلى طاعته (وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) يقول: وما يتذللون له.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وقال الواحدي في الوجيز: {فما استكانوا لربهم}: ما تواضعوا.

    الرابعة:

    أن كل من نزل به عذاب إذا رجع وأناب إلى ربه واعترف بذنبه، عوضه الله خيرا مما هلك عنه، فكم من نعمة سلبت وأيقن العبد ذهابها بسبب معاصيه، فإذا تدارك بالتوبة النصوح استدعى من الله ما هو أهله وأولى به فلا منتهى لكرمه وجوده - تبارك وتعالى -.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {عسى ربنا أن يبدلنا} أي يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة.
    قاله الألوسي في روح المعاني.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها} هذا إخبار عن توبتهم وندامتهم، وسؤالهم من الله تعالى أن يبدلهم بجنتهم خيرا منها فيعطوا حق المساكين.

    *قوله {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا}:* وحده.

    *قوله {رَاغِبُونَ}:* نريد، ونطلب، ونرجو ما عنده؛ من خير الدنيا والآخرة.

    قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: [رغب] رغبت في الشيء، إذا أردتَه، رغبةً ورَغَباً بالتحريك.

    قال ابن فارس في مقاييس اللغة: معجم مقاييس اللغة (رغب) الراء والغين والباء أصلان: أحدهما طلب لشيء والآخر سعة في شيء.
    فالأول الرغبة في الشيء: الإرادة له. رغبت في الشيء. فإذا لم ترده قلت: رغبت عنه.

    قال الصُحاري في الابانة في اللغة العربية: وقولهم: رَغِبَ فلانٌ إلى فلانٍ في كذا أي طلب إليه. والرَّغْبَةُ: الطلبُ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {راغبون}: راجين مما عنده.
    قاله السمرقندي في بحر العلوم.

    قال الطبري في تفسيره: يقول: (إنا إلى ربنا راغبون) في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلكت خيرا منها.

    قلت (عبدالرحيم): فيه مسألتان:

    الأولى:

    قوله تعالى {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}: أي راغبون إليه وحده، لا إلى غيره. لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. وأصل الكلام: إنا راغبون إلى الله.

    ونظيرتها قوله تعالى (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ): قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي اجعل رغبتك إلى الله وحده.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: قدم الجار والمجرور ليدل علىالحصر*أي لا ترغب إلا إلى*ربك*وحده.

    قال الزمخشري في الكشاف: واجعل رغبتك إليه خصوصا، ولا تسأل إلا فضله متوكلا عليه.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: أمر بالتوكل على الله تعالى، وصرف وجه الرغبات إليه لا إلى سواه.

    ومنه (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ): أي على الله وحده.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وتقديم*المجرور في قوله:*(وعلى*الله فليتوكل المؤمنون) مؤذن بالحصر وأنهم لا يرجون نصرا من غير*الله*تعالى لضعفهم وقلة ناصرهم. وفيه إيماء إلى أنهم واثقون بنصرالله.

    الثانية:

    فيه: أن العبد اذا ابتلي بما يجتاح ما عنده ألّا يتطلع إلى ما في أيدي الناس، ألا يتطلع إلى غير الله فلينزله مصيبته؛ فهو وحده يكفيه،دل عليه قوله {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}: أي إنا إلى ربنا وحده، لا إلى غيره راغبون.

    ونحوه {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ}: قال القاسمي في محاسن التأويل: حسبما نرجو ونؤمل إنا إلى الله راغبون أي في أن يغنمنا ويخولنا فضله. والجواب محذوف بناء على ظهوره.

    قال رشيد رضا في المنار: إنا إلى الله راغبون لا نرغب إلى غيره في شيء؛ لأن بيده ملكوت كل شيء، فإليه نتوجه، ومنه نرجو أن يبسط لنا في الرزق بما يوفقنا له من العمل، ويهبه لنا من النصر - لكان خيرا لهم.

    قال الواحدي في البسيط: {عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون}، وفي هذا*إشارة إلى أنهم لما بلوا بذهاب ما لهم تذكروا فرجعوا إلى الله تعالى بالرغبة. وهو وعظ لأهل مكة بالتذكير والرجوع إلى الله تعالى. فلما بلاهم بالجدب حين دعا عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها سنين كسنى يوسف".
    .......................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

  20. افتراضي

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

    قوله تعالى
    {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} القلم (38).

    *قوله {إِنَّ}:* بمعنى " أن " بالفتح.

    قال القرطبي في تفسيره: والمعنى أن لكم (بالفتح) ولكنه كسر لدخول اللام؛ تقول: علمت أنك عاقل (بالفتح)، وعلمت إنك لعاقل (بالكسر).

    قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: وكسر الهمزة وكان حقها الفتح لولا اللام لأن ما بعدها هو المدروس، ويجوز أن تكون الجملة حكاية للمدروس وأن تكون استئنافية.

    *قوله {لَكُمْ}:* يعني المشركين الذي جعلوا المسلمين كالمجرمين، وزعموا أن لهم ما للمؤمنين.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي أعندكم كتاب من الله عز وجل أن لكم لما تخيرون.

    *قوله {فِيهِ}:* في ذلك الكتاب. اشارة الى قوله* {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}.

    *قوله {لَمَا}:* بمعنى "ما"، واللام زائدة.

    قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {لما تخيرون}: أي ما تخيرون، واللام صلة.

    *قوله {تَخَيَّرُونَ}:* أي تتخيرون لأنفسكم.

    والمعنى: هل وجدتم في هذا الكتاب ما تمنيتم واخترتم لأنفسكم.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: وتخيرون*معناه تختارون لأنفسكم.

    قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: هل لكم من الله كتاب تقرءون*فيه*أن ما تشتهونه وتختارونه لكم؟!.

    قال أبو بكر الجزائري في أيسر التفاسير: أي فوجدتم في الكتاب الذي تقرأون أن لكم فيه ما تختارونه.

    *فائدة:*

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و {تخيرون} أصله تتخيرون بتاءين، حذفت إحداهما تخفيفاً.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {تخيرون} أصله تتخيرون، وإنما حذفت إحدى التاءين تخفيفا.

    ونظير ذلك في التنزيل كثير، من ذلك قوله تعالى (أَمّا مَنِ استَغنى۝فَأَنتَ لَهُ تَصَدّى): تَصَدّى: أي تتصدى. يعني: تتعرض له وتقبل عليه ليسلم.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: فالأصل تَتصَدَّى، ولكن حذفت التاء الثانية لاجتماع تاءين.

    قال أبو السعود في تفسيره: (فَأَنتَ لَهُ*تصدى) أي تتصدَّى*وتتعرضُ بالإقبالِ عليهِ والاهتمامِ بإرشادِه واستصلاحِه.

    ومنه (وَأَمّا مَن جاءَكَ يَسعى۝وَهُوَ يَخشى۝فَأَنتَ عَنهُ تَلَهّى): تَلَهّى: أي تتلهى. يعني: تنشغل عنه بغيره وتعرض عنه.

    قال القرطبي في تفسيره: وأصله تتلهى، يقال: لهيت عن الشيء ألهى: أي تشاغلت عنه. والتلهي: التغافل.

    ومنه (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا): تَلْقَفْ: أي تتلقف. يعني: تبتلع وتلتهم بسرعة هائلة.

    قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: وأصل تلقف تتلقف حذفت إحدى التاءين.

    ومنه {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}: تُسَاقِطْ: أي تتساقط.

    قال الشنقيطي في أضواء البيان: وأصله: تتساقط؛ فحذفت إحدى التاءين.

    قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {تساقط عليك رطبا} أي: تتساقط، فأدغمت إحدى التاءين في الأخرى.

    ومنه (وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): لِتَعَارَفُوا: أي لتتعارفوا.

    قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: والمعنى: لتعارفوا لا لتفاخروا، والأصل: لتتعارفوا فحذفت إحدى التاءين.

    ومنه { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ }: أي تتفتح وأصله تتشقق فحذفت إحدى التاءين.
    قاله أبو السعود في تفسيره.

    ومنه (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ): تَوَفَّاهُمُ: أي تتوفاهم.

    قال السمعاني في تفسيره: وأصله: تتوفاهم، فأدغمت إحدى التائين تخفيفا.

    ومنه {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ}: تَزَاوَرُ: أي تتزاور. يعني: تميل.

    قال ابن عطية في المحرر: وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «تزاور» بتخفيفها بتقدير تتزاور فحذفت إحدى التاءين.

    ومنه (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ): تُمْسِكُوا: أي تتمسكوا.

    قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: والأصل تتمسكوا من قولك تمسكت بالشيء إذا أنت لم تخله من يدك أو إرادتك، فحذفت إحدى التاءين.

    ومنه (لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ): تَقَطَّعَ: أي تتقطع، فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
    قاله البغوي في تفسيره.

    ومنه {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ}: فإن تولوا أي: تتولوا فحذفت إحدى التاءين.
    قاله الشوكاني في فتح القدير.

    ومنه {فَأَنْذَرْتُكُ ْ نَارًا تَلَظَّى}: أي تتلظى، فحذفت إحدى التاءين.
    قاله السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.

    انتهى

    فمعنى قوله تعالى {لما تخيرون} تختارون وتشتهون.
    قاله البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والثعلبي في تفسيره، والواحدي في البسيط، وابن الجوزي في زاد المسير، وأبو السعود في تفسيره، والشوكاني في فتح القدير.

    إلا أن الشوكاني قال: ومعنى*تخيرون: تختارون وتشتهون.

    وزاد الواحدي: أي أعندكم كتاب من الله بهذا.

    قال السمرقندي في بحر العلوم: إن لكم فيه لما تخيرون يعني: في الكتاب مما تتمنون.

    قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: ومعنى الآية: هل لكم كتاب، من عند الله تدرسون فيه*أن لكم ما تختارونه لأنفسكم.

    قال الطبري في تفسيره: وقوله: {إن لكم فيه لما تخيرون} يقول جل ثناؤه: إن لكم في ذلك الذي تخيرون من الأمور لأنفسكم، وهذا أمر من الله، توبيخ لهؤلاء القوم وتقريع لهم فيما كانوا يقولون من الباطل، ويتمنون من الأماني الكاذبة.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: وهذا توبيخ وتقريع لهم لما كانوا يتقولون من الكذب.

    المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):

    ﴿إِنَّ لَكُم فيهِ لَما تَخَيَّرونَ﴾ [القلم: 38]
    إن لكم في ذلك الكتاب ما تتخيرونه لكم في الآخرة.
    ........................

    *كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.*
    *للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •