وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ : يعني براً وتحنناً عليهما . ([1])

وفيهما قولان :
أحدهما : أنها عامة وإن جاءت بلفظ خاص والمراد به جميع الناس ، قاله ابن كامل .

الثاني : خاص في سعد بن أبي وقاص وُصي بأبويه ؛ واسم أبيه مالك واسم أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية ، حكاه النقاش . ([2])


حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ
لله على العبد نعمة الابتداء بالخلق ونعمة الإبقاء بالرزق أي صارت بقدرة الله سبب وجود فإنها حملته وبرضاه حصل التربية والبقاء. ([3])


فيه ثلاثة أوجه
: أحدها : معناه شدة على شدة ، قاله ابن عباس .
الثاني : جهداً على جهد . قاله قتادة .
الثالث : ضعفاً على ضعف ، قاله الحسن وعطاء ([4])
الضعف
. ثم فيه على هذا التأويل ثلاثة أوجه :
أحدها : ضعف الولد على ضعف الوالدة ، قاله مجاهد .

الثاني : ضعف نطفة الأب على نطفة الأم ، قاله ابن بحر .
الثالث : ضعف الولد حالاً بعد حال فضعفه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً سوياً ثم مولوداً ثم رضيعاً ثم فطيماً ، قاله أبو كامل .
ويحتمل رابعاً : ضعف الجسم على ضعف العزم ([5])

وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
«وفصاله» قرأ الجَحْدِرِيُّ وقتادةُ وأبُو رَجَاء والحسنُ «وفَصْلُهُ» دون ألف - أي وفِطامُهُ في عامين. ([6])


يعني بالفصال الفطام من رضاع اللبن .
واختلف في حكم الرضاع بعد الحولين هل يكون في التحريم كحكمه في الحولين على أربعة أقاويل :
أحدهما : أنه لا يحرم بعد الحولين ولو بطرفة عين لتقدير الله له بالحولين ولقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لاَ رَضَاعةَ بَعْدَ الحَولَينِ ) وهذا قول الشافعي .
الثاني : أنه يحرم بعد الحولين بأيام ، وهذا قول مالك .
الثالث : يحرم بعد الحولين بستة أشهر استكمالاً لثلاثين شهراً لقوله : ) وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً ( " [ الأحقاف : 15 ] قاله أبو حنيفة .
الرابع : أن تحريمه غير مقدر وأنه يحرم في الكبير كتحريمه في الصغير ، وهذا قول بعض أهل المدينة . ([7])

أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
أي اشكر لي النعمة ولوالديك التربية . وشكر الله بالحمد والطاعة وشكر الوالدين بالبر والصلة ، قال قتادة : إن الله فرق بين حقه وحق الوالدين وقال اشكر لي ولوالديك . ([8])
إِلَيَّ الْمَصِيرُ:
يعني إلى اللَّه المرجع فيجازي المحسن بالجنة والمسيء بالنار . وقدروى عطاء عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( رِضَا الرَّبِّ مِن رِضَا الوَالَدِ وَسَخَط الرَّبِّ مَن سَخَط الوَالِدِ ) .
([9])
قال سفيان بن عيينة في هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين في أَدْبَار الصَّلَوَاتِ الخَمْس فقد شكر الوالدين. ([10])


الفوائد
- الله تعالى يوصينا ببر والدينا
- عدّد الله -عز وجل- ذلك ليبين وجوب حق الوالدة بما لزمها من التعب والنصب في الولادة([11])
- شكر الله على نعمائه فرض وكذلك شكر الوالدين ببرهما
- جزاء البر في الدنيا والآخرة فالجزاء من جنس العمل ، بروا آباءكم تبركم أبناؤكم
- قال ابن عطية في تفسيره : " ذكر الله الأم في هذه الآية في أربع مراتب ، والأب في مرتبة واحدة ، وجمعهما الذكر في قوله تعالى { بوالديه } ، ثم ذكر الحمل للأم ، ثم الوضع لها ، ثم الرضاع الذي عبر عنه بالفصال ، وهذا يناسب ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعل للأم ثلاثة أرباع البر ، ووللأب الربع ، وذلك حين جاءه الرجل فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك .


([1])النكت والعيون 4/334

([2])النكت والعيون 4/334

([3])اللباب 15/445

([4])النكت والعيون 4/334

([5])النكت والعيون 4/334

([6])اللباب 15/446

([7])النكت والعيون 4/334-335

([8])النكت والعيون 4/334-335، التفسير البسيط 18/105

([9])النكت والعيون 335/336

([10])اللباب 15/446

([11])التفسير البسيط 18/104